الإصحَاحُ
الْعَاشِرُ

 

ضحية المسيح مفعولها أبدي

وَشَرِيعَةُ
مُوسَى هِيَ مُجَرَّدُ ظِلٍّ لِلْبَرَكَاتِ الْجَدِيدَةِ, فَهِيَ لَيْسَتِ
الْحَقِيقَةَ نَفْسَهَا. وَحَسَبَ الشَّرِيعَةِ, تُقَدَّمُ الضَّحَايَا
بِاسْتِمْرَارٍ سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ. وِلَكِنَّ الشَّرِيعَةَ لا تَقْدِرُ أَنْ
تَجْعَلَ الَّذِينَ يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إِلَى اللهِ كَامِلِينَ.
Ž2لأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مُمْكِنًا, لَكَانَ تَوَقَّفَ
تَقْدِيمُهَا, لأَنَّ الَّذِينَ يُقَدِّمُونَهَا يَكُونُونَ قَدْ صَارُوا
طَاهِرِينَ تَمَامًا, وَبِذَلِكَ لا يَشْعُرُونَ بِذَنْبٍ. Ž3لَكِنَّ
الْحَقِيقَةَ هِيَ أَنَّ هَذِهِ الضَّحَايَا تُذَكِّرُ النَّاسَ بِذُنُوبِهِمْ
سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ. Ž4لأَنَّ دَمَ الثِّيرَانِ وَالْجِدَاءِ لا
يُمْكِنُ أَنْ يُزِيلَ الذُّنُوبَ.

 

Ž5لِهَذَا,
لَمَّا جَاءَ الْمَسِيحُ إِلَى الْعَالَمِ, قَالَ لِلهِ: "أَنْتَ لا تُرِيدُ
ضَحِيَّةً وَلا قُرْبَانًا, لَكِنَّكَ أَعْدَدْتَ لِي جِسْمًا بَشَرِيًّا,
Ž6أَنْتَ لا تُسَرُّ بِقُرْبَانٍ يُحْرَقُ, وَلا بِقُرْبَانِ
التَّكْفِيرِ عَنِ الذَّنْبِ. Ž7فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ, اللهُمَّ إِنِّي
جِئْتُ لأَعْمَلَ مَشِيئَتَكَ, كَمَا قَالَ الْكِتَابُ عَنِّي فِي صُحُفِهِ."

 

Ž8فَأَوَّلاً
قَالَ إِنَّ اللهَ لا يُرِيدُ ضَحَايَا وَلا قَرَابِينَ, وَلا قُرْبَانًا
يُحْرَقُ, وَلا قُرْبَانَ التَّكْفِيرِ عَنِ الذَّنْبِ, وَهُوَ لا يُسَرُّ بِهَا,
مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ تُقَدَّمُ حَسَبَ الشَّرِيعَةِ. Ž9ثُمَّ قَالَ:
"لَبَّيْكَ, إِنِّي جِئْتُ لأَعْمَلَ مَشِيئَتَكَ." فَهُوَ بِذَلِكَ
يَلْغِي الْقَدِيمَ, وَيُؤَسِّسُ الْجَدِيدَ. Ž10فَنَحْنُ أَصْبَحْنَا
مُخَصَّصِينَ لِلهِ لأَنَّ عِيسَى الْمَسِيحَ عَمِلَ مَشِيئَةَ اللهِ بِأَنْ
قَدَّمَ جِسْمَهُ ضَحِيَّةً مَرَّةً وَاحِدَةً.

 

Ž11وَكُلُّ
حَبْرٍ, كَانَ يَقِفُ وَيَقُومُ بِخِدْمَتِهِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ, وَيُقَدِّمُ
نَفْسَ الضَّحَايَا مَرَّةً بَعْدَ الأُخْرَى, مَعَ أَنَّهَا لا يُمْكِنُ أَنْ
تُزِيلَ الذُّنُوبَ. Ž12أَمَّا هَذَا الْحَبْرُ, فَإِنَّهُ قَدَّمَ
ضَحِيَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأَبَدِ عَنْ كُلِّ الذُّنُوبِ, ثُمَّ جَلَسَ عَنْ
يَمِينِ اللهِ, Ž13مُنْتَظِرًا حَتَّى يَضَعَ اللهُ أَعْدَاءَهُ تَحْتَ
قَدَمَيْهِ. Ž14وَبِهَذِهِ الضَّحِيَّةِ الْواحِدَةِ, أَكْمَلَ
الْصَّالِحِينَ إِلَى الأَبَدِ.

Ž15وَالرُّوحُ
الْقُدُّوسُ أَيْضًا يَشْهَدُ لِهَذَا. فَأَوَّلا يَقُولُ:
Ž16"هَذَا هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أَعْمَلُهُ مَعَهُمْ بَعْدَ
ذَلِكَ الْوَقْتِ, هَذَا كَلامُ اللهِ: أَضَعُ شَرِيعَتِي فِي قَلْبِهِمْ,
وَأَكْتُبُهَا فِي فِكْرِهِمْ." Ž17ثُمَّ يَقُولُ: "وَلَنْ
أَذْكُرَ ذُنُوبَهُمْ وَآثَامَهُمْ فِيمَا بَعْدُ." Ž18وَحَيْثُ
تُوجَدُ مَغْفِرَةٌ لِهَذِهِ, فَلَيْسَ هُنَاكَ حَاجَةٌ إِلَى ضَحِيَّةٍ أُخْرَى
عَنِ الْخَطِيئَةِ.

 

اثبتوا في الإِيمان

Ž19فَنَحْنُ
الآنَ يَا اِخْوَتِي, نَقْدِرُ أَنْ نَدْخُلَ بِثِقَةٍ إِلَى المَقْدِسِ
الْحَقِيقِيِّ الْسَّمَائِيِّ بِدَمِ الْمَسِيحِ. Ž20وَذَلِكَ
بِوَاسِطَةِ هَذَا الطَّرِيقِ الْجَدِيدِ الْحَيِّ الَّذِي فَتَحَهُ لَنَا خِلالَ
السِّتَارَةِ, أَيْ جِسْمِهِ الْبَشَرِيِّ. Ž21وَلَنَا أَيْضًا حَبْرٌ
أَعْلَى عَلَى بَيْتِ اللهِ. Ž22فَيَجِبُ أَنْ نَتَقَرَّبَ إِلَى اللهِ
بِقَلْبٍ مُخْلِصٍ وَإِيمَانٍ وَاثِقٍ, وَقَدْ تَطَهَّرَتْ قُلُوبُنَا بِالدَّمِ,
وَتَحَرَّرَتْ ضَمَائِرُنَا مِنَ الذَّنْبِ, وَغُسِلَتْ أَجْسَامُنَا بِمَاءٍ
نَقِيٍّ. Ž23يَجِبُ أَنْ نَسْتَمِرَّ فِي إِعْلانِ رَجَائِنَا بِلا
تَرَدُّدٍ, لأَنَّ اللهَ أَمِينٌ يُنَفِّذُ مَا وَعَدَ بِهِ. Ž24يَجِبُ
أَنْ نَهْتَمَّ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ, وَنَحُثَّ بَعْضُنَا بَعْضًا عَلَى
الْمَحَبَّةِ وَعَمَلِ الْخَيْرِ. Ž25وَلا تَنْقَطِعُوا عَنِ
اجْتِمَاعِكُمْ كَمَا تَعَوَّدَ الْبَعْضُ. بَلْ شَجِّعُوا بَعْضُكُمُ بَعْضًا
عَلَى الْحُضُورِ, خَاصَّةً أَنَّكُمْ تَرَوْنَ أَنَّ يَوْمَ رَبِّنَا يَقْتَرِبُ.

 

عقاب المرتدين

Ž26إِنْ
كُنَّا بَعْدَمَا عَرَفْنَا الْحَقَّ, نَرْتَكِبُ الْخَطِيئَةَ عَنْ قَصْدٍ, فَلا
تُوجَدُ ضَحِيَّةٌ تُكَفِّرُ عَنِ ذُنُوبِنَا. Ž27بَلْ نَنْتَظِرُ
بِفَزَعٍ يَوْمَ الدِّينِ وَالنَّارَ الرَّهِيبَةَ الَّتِي تُحْرِقُ أَعْدَاءَ
اللهِ. Ž28مَنْ خَالَفَ شَرِيعَةَ مُوسَى, كَانَ يُقْتَلُ بِلا رَحْمَةٍ
إِذَا شَهِدَ ضِدَّهُ اثْنَانِ أَوْ ثَلاثَةٌ. Ž29إِذَنْ فِي
رَأْيِكُمْ, كَمْ يَكُونُ الْعِقَابُ أشَدَّ لِمَنْ دَاسَ ابْنَ اللهِ تَحْتَ
رِجْلَيْهِ, وَاعْتَبَرَ دَمَ الْعَهْدِ الَّذِي طَهَّرَنَا كَأَنَّهُ بِلا
قِيمَةٍ, وَسَبَّ الرُّوحَ وَاهِبَ النِّعْمَةِ؟ Ž30فَنَحْنُ نَعْرِفُ
مَنِ الَّذِي قَالَ: "أَنَا أَنْتَقِمُ, أَنَا أُجَازِي." وَقَالَ
أَيْضًا: "رَبُّنَا سَيُحَاكِمُ شَعْبَهُ." Ž31فَالْوَيْلُ
لِمَنْ يَقَعُ فِي يَدَيِ اللهِ الْحَيِّ.

 

Ž32تَذَكَّرُوا
مَا حَدَثَ مَعَكُمْ فِي الأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ. فَبَعْدَمَا أَشْرَقَ
عَلَيْكُمُ النُّورُ, قَابَلْتُمْ مَعَارِكَ صَعْبَةً وَتَأَلَّمْتُمْ,
لَكِنَّكُمْ ثَبَتُّمْ. Ž33فَمِنْ جِهَةٍ تَعَرَّضْتُمْ لِلشَّتَائِمِ
وَالاضْطِهَادِ, وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى شَارَكْتُمُ الَّذِينَ لاقَوْا هَذِهِ
الْمُعَامَلَةَ السَّيِّئَةَ. Ž34أَنْتُمْ تَأَلَّمْتُمْ مَعَ
الْمَسْجُونِينَ, وَلَمَّا أَخَذُوا مِنْكُمْ كُلَّ مُمْتَلَكَاتِكُمْ,
اِحْتَمَلْتُمْ بِفَرَحٍ, لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ تَمْلِكُونَ
مَا هُوَ أَفْضَلُ وَأَبْقَى. Ž35إِذَنْ لا تَفْقِدُوا ثِقَتَكُمْ,
فَإِنَّ لَهَا جَزَاءً عَظِيمًا. Ž36أَنْتُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى
الصَّبْرِ لِكَيْ تَعْمَلُوا إِرَادَةَ اللهِ, وَتَنَالُوا مَا وَعَدَكُمْ بِهِ.

 

Ž37بَعْدَ
فَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ جِدًّا سَيَأْتِي الَّذِي نَنْتَظِرُهُ وَلا يَتَأَخَّرُ.
Ž38الصَّالِحُ بِوَاسِطَةِ الإِيمَانِ يَحْيَا, أَمَّا إِنِ ارْتَدَّ
فَلَنْ أَرْضَى عَنْهُ. Ž39وَنَحْنُ لَسْنَا مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ
الْهَالِكِينَ, بَلْ مِنْ أَهْلِ الإِيمَانِ النَّاجِينَ.