الإصحَاحُ
الثَّالِثُ وَالسِّتُّونَ

 

نصر وفداء

مَنْ
هَذَا الآتِي مِنْ أَدُومَ، بِثِيَابٍ حَمْرَاءَ مِنْ بُصْرَةَ؟ مَنْ هَذَا
اللابِسُ الْبَهَاءَ، السَّائِرُ بِعَظَمَةِ قُوَّتِهِ؟ هُوَ أَنَا الْمَوْلَى،
جِئْتُ لأُعْلِنَ انْتِصَارِي وَأَنِّي أُنَجِّي بَقُدْرَتِي. 2لِمَاذَا رِدَاؤُكَ
أَحْمَرُ وَثِيَابُكَ كَمَنْ دَاسَ مَعْصَرَةَ الْعِنَبِ؟ 3إِنِّي دُسْتُ
الْمَعْصَرَةَ وَحْدِي، وَلَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ آخَرُ. دُسْتُهُمْ فِي غَضَبِي
وَسَحَقْتُهُمْ فِي غَيْظِي، فَتَطَايَرَ دَمُهُمْ عَلَى ثِيَابِي، وَلَطَّخَ كُلَّ
مَلابِسِي. 4عَزَمْتُ عَلَى يَوْمٍ أَنْتَقِمُ فِيهِ، وَحَانَتْ سَنَةُ فِدَاءِ
شَعْبِي. 5رَأَيْتُ أَنَّهُ لا يُوجَدُ مُعِينٌ، وَأَفْزَعَنِي أَنَّهُ لا يُوجَدُ
سَنَدٌ، فَقَرَّرْتُ أَنْ أَمُدَّ ذِرَاعِي أَنَا وَأَنْتَصِرَ، وَأَيَّدَنِي فِي
ذَلِكَ غَيْظِي. 6فَدُسْتُ الشُّعُوبَ فِي غَضَبِي، وَأَسْكَرْتُهُمْ فِي غَيْظِي،
وَسَكَبْتُ دَمَهُمْ عَلَى الأَرْضِ.

7أَذْكُرُ
رَحْمَةَ اللهِ الْوَفِيرَةَ، وَأَعْمَالَهُ الَّتِي يَجِبُ أَنْ نُسَبِّحَهُ
عَلَيْهَا، كُلَّ مَا كَافَأَنَا اللهُ بِهِ، وَالْخَيْرَ الْعَظِيمَ الَّذِي
صَنَعَهُ مَعَ بَيْتِ يَعْقُوبَ، حَسَبَ رَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ الْوَفِيرَةِ.
8لأَنَّهُ قَالَ: "حَقًّا هُمْ شَعْبِي، أَبْنَاءٌ لا يَخُونُونَنِي."
لِذَلِكَ صَارَ مُنْقِذَهُمْ. 9لَمَّا تَضَايَقُوا، هُوَ أَيْضًا تَضَايَقَ.
وَجَاءَ بِنَفْسِهِ وَأَنْقَذَهُمْ. بِمَحَبَّتِهِ وَرَحْمَتِهِ فَدَاهُمْ،
وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ. 10وَلَكِنَّهُمْ
تَمَرَّدُوا وَأَحْزَنُوا رُوحَهُ الْقُدُّوسَ، فَتَحَوَّلَ إِلَى عَدُوٍّ لَهُمْ
وَحَارَبَهُمْ.

11ثُمَّ
تَذَكَّرُوا الأَيَّامَ الْقَدِيمَةَ، أَيَّامَ مُوسَى عَبْدِهِ وَقَالُوا:
"أَيْنَ الَّذِي أَصْعَدَ شَعْبَهُ مِنَ الْبَحْرِ، مَعَ رَاعِي غَنَمِهِ؟
أَيْنَ الَّذِي وَضَعَ رُوحَهُ الْقُدُّوسَ فِي وَسَطِهِمْ؟ 12الَّذِي أَرْسَلَ
قُوَّتَهُ الْجَلِيلَةَ لِتَسِيرَ عَنْ يَمِينِ مُوسَى؟ وَالَّذِي شَقَّ
الْمِيَاهَ أَمَامَهُمْ، لِيَصْنَعَ لِنَفْسِهِ اسْمًا أَبَدِيًّا؟ 13أَيْنَ
الَّذِي سَيَّرَهُمْ فِي الأَعْمَاقِ؟ فَكَانُوا كَفَرَسٍ فِي الْبَرِّيَّةِ
فَلَمْ يَعْثُرُوا! 14وَمِثْلَ قَطِيعٍ يَنْزِلُ إِلَى الْوَادِي، أَرَاحَهُمْ
رُوحُ اللهِ! وَبِهَذَا هَدَيْتَ شَعْبَكَ، لِتَصْنَعَ لِنَفْسِكَ اسْمًا
مَجِيدًا.

15تَطَلَّعْ
يَا رَبُّ مِنَ السَّمَاءِ، وَانْظُرْ مِنْ مَسْكَنِكَ الْمُقَدِّسِ الْجَلِيلِ.
أَيْنَ غَيْرَتُكَ وَقُدْرَتُكَ؟ هَلْ مَنَعْتَ عَنَّا لَهْفَةَ قَلْبِكَ وَرَحْمَتَكَ؟
16أَنْتَ أَبُونَا. مَعَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَعْرِفْنَا، وَيَعْقُوبَ لَمْ
يَعْلَمْ بِنَا، أَنْتَ يَا رَبُّ أَبُونَا، وَاسْمُكَ مُنْذُ الْقَدِيمِ هُوَ
فَادِينَا. 17يَا رَبُّ، لِمَاذَا تَرَكْتَنَا نَضِلُّ عَنْ طُرُقِكَ، وَقَسَّيْتَ
قُلُوبَنَا فَلا نَخَافُكَ؟ ارْجِعْ مِنْ أَجْلِ عَبِيدِكَ، الْقَبَائِلِ الَّتِي
هِيَ مِنْ نَصِيبِكَ. 18شَعْبُك امْتَلَكَ بَيْتَكَ الْمُقَدَّسَ فَتْرَةً
وَجِيزَةً، والآنَ دَاسَهُ أَعْدَاؤُنَا! 19نَحْنُ لَكَ مُنْذُ الْقَدِيمِ،
لَكِنَّنَا صِرْنَا كَمَنْ لَمْ تَحْكُمْ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، كَشَعْبٍ لا يُدْعَى
بِاسْمِكَ!"