الباب الثالث – الثالوث الأقدس إلهنا الواحد من الأزل وإلى الأبد


الفصل السابع


مزمور 6: 95-11 – الأقانيم كالله الواحد المجرب من إسرائيل

قال موسى النبي للشعب في التوراة

لماذا تجربون الرب (يهوه)؟

.. ودعا اسم الموضع

مسَّة (تجربة) ومريبة (مخاصمة)

.. من أجل تجربتهم للرب (يهوه) قائلين:

أفي وسطنا الرب (يهوه) أم لا؟

(خروج 2: 17و7) وعن ذلك قيل أيضاً

فجربوا وعصوا الله العلي (إيلوهيم إيليون)

(مزمور 56: 78) وأيضاً هلم نسجد ونركع ونجثو أمام الرب (يهوه) خالقنا، لأنه هو إلهنا (إيلوهيم)، ونحن شعب مرعاه وغنم يده. اليوم إن سمعتم صوته، فلا تقسوا قلوبكم، كما في مريبة، مثل يوم مسَّة في البرية، حيث جربني آباؤكم، اختبروني، أبصروا أيضاً فعلي. أربعين سنة مقت ذلك الجيل، وقلت:

هم شعب ضال قلبهم، وهم لم يعرفوا سبلي

. فأقسمت في غضبي:

لا يدخلوا راحتي

(مزمور 6: 95-11). وفي الإنجيل قيل في عبرانيين 3و4

لاحظوا رسول اعترافنا ورئيس كهنته

أي الرسول رئيس الكهنة المعترف به.


المسيح يسوع، حال كونه أميناً للذي أقامه

أي لله أبيه


كما كان موسى أيضاً في كل بيته

أي في كل بيت الله


فإن هذا

أي المسيح يسوع


قد حُسب أهلاً لمجد أكثر من موسى، بمقدار ما لباني البيت من كرامة أكثر من البيت

أي أن موسى من ضمن بيت الله الذي يُبنى أمّا المسيح فهو باني البيت المكون من أمثال موسى كما قال المسيح عن بنائه لمؤمني العهد الجديد

على هذه الصخرة أبنى كنيستي

(متى 18: 16) ومن قوله عن الكنيسة

كنيستي

، ومن قول رسوله بولس عنها أنها

بيت الله، الذي هو كنيسة الله الحي

(تيموثاوس الأولى 15: 3) يتبين أن المسيح هو الله صاحب البيت وبانيه

لأن كل بيت يبنيه إنسان ما، ولكن باني الكل هو الله

والمسيح هو الباني حسب ع 3 ومتى 18: 16. فيكون المسيح هو الله قطعاً ما دام هو الباني.


وموسى كان أميناً في كل بيته كخادمٍ، شهادة للعتيد أن يُتكلَّم به

أي الخادم للمسيح،

وأمّا المسيح فكابن

أي كابن مخدوم من خادمه الذي هو موسى

على بيته

وليس على بيت سيده كما كان موسى

وبيته نحن

أي بيت المسيح لأنه محور الكلام، والبيت بيته باعتباره الله الابن صاحب البيت بدليل أنه بانيه وسيد الخدم فيه، وإن كان مقاماً من الآب عليه. ويؤيد ذلك أن الابن الذي كان قديماً مستتراً كملاك الرب في عمود السحاب، والذي كان يتكلم باعتباره أنه الرب نزل مرة في سحابته وقال لهرون ومريم عن موسى

إن كان منكم نبي للرب (يهوه)، فبالرؤيا استعلن له. في الحلم أكلمه. وأمّا عبدي موسى فليس هكذا، بل هو أمين في كل بيتي
(عدد 5: 12-7)
إن تمسكنا بثقة الرجاء وافتخاره ثابتة إلى النهاية. لذلك كما يقول الروح القدس:

اليوم إن سمعتم صوته”
أي صوت المسيح لأنه محور الكلام فهاء الضمير في كلمة

صوته”
يشير بها الرسول إشارة مباشرة صريحة إلى المسيح بينما يشير بها داود النبي في مزمور 7: 95 إشارة مباشرة صريحة إلى

الرب إلهنا (يهوه إيلوهيم)”
فيكون المسيح، بلا جدال، هو

الرب إلهنا (يهوه إيلوهيم)

حسب أقوال رسل وأنبياء التوراة والإنجيل.

فلا تقسوا قلوبكم، كما في الإسخاط، يوم التجربة في القفر

إذن، فالمسيح هو إله إسرائيل الذي كان مجرباً منهم وساخطاً عليهم في البرية، كما قيل

ولا نجرب المسيح كما جرب أيضاً أُناس منهم فأهلكهم المهلك

(كورنثوس الأولى 9: 10) وكلمة

المسيح

حسب الحاشية، هي في نسخ أخرى

الرب

وهذا لأن المسيح هو

المسيح الرب (كيريوس)

وهي الترجمة اليونانية السبعينية للاسم العبراني

يهوه

(لوقا 11: 2)

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد قديم سفر صموئيل الأول 20


حيث جربني آباؤكم. اختبروني وأبصروا أعمالي أربعين سنة. لذلك مقت ذلك الجيل، وقلت: إنهم دائماً يضلون في قلوبهم، ولكنهم لم يعرفوا سبلي. حتى أقسمت في غضبي: لن يدخلوا راحتي

والذي يقول ذلك هو الروح القدس كما يقول الرسول في ع 7. إذن، فالروح القدس أيضاً، كالآب وكالابن، هو يهوه إله إسرائيل الذي كان مجرباً منهم وساخطاً عليهم في البرية. وهذا يؤيده أن موسى يقول لهم

من اليوم الذي خرجت فيه من أرض مصر حتى أتيتم إلى هذا المكان كنتم تقاومون الرب (يهوه)”
(تثنية 7: 9) بينما يقول لهم استفانوس

يا قساة الرقاب، وغير المختونين بالقلوب والآذان! أنتم دائما تقاومون الروح القدس. كما كان آباؤكم كذلك أنتم!

(أعمال 51: 7) فإذن، الروح القدس الذي كان يقاومه الأبناء هو الرب (يهوه) الذي كان يقاومه الآباء ولذلك قيل عنهم من جهته

أحزنوا روح قدسه فتحول لهم عدواً وهو حاربهم”
(إشعياء 10: 63).


انظروا أيها الإخوة، أن لا يكون في أحدكم قلب شرير بعدم إيمان في الارتداد عن الله الحي. بل عظوا أنفسكم كل يوم، ما دام الوقت يُدعى اليوم، لكي لا يُقسَّى أحد منكم بغرور الخطية. لأننا قد صرنا شركاء المسيح، إن تمسكنا ببداءة الثقة ثابتة إلى النهاية، إذ قيل: اليوم إن سمعتم صوته

أي صوت المسيح لأنه آخر من ذكر

فلا تقسّوا قلوبكم، كما في الإسخاط”
(عبرانيين 6: 3-15)

ومما يؤيد أيضاً أن المسيح هو الرب المطلوب سماع صوته الآن هو أنه المتكلم الواحد في اليومين، يوم إعطاء الناموس للدينونة ويوم تقديم النعمة للخلاص. نعم هو المتكلم الواحد في اليومين رغم الفترة الطويلة بينهما، لذلك يقول الرسول نفسه

فإذ بقي أن قوماً يدخلونها

أي يدخلون راحة الله

والذين بُشَّروا أولاً”
وهم تحت الناموس ببُشرى دخول كنعان

لم يدخلوا لسبب العصيان، يُعيَّن أيضاً يوماً قائلاً في داود:

اليوم

بعد زمان هذا مقداره، كما قيل

أو كما في قوله السابق


اليوم إن سمعتم صوته فلا تُقسّوا قلوبكم. لأنه لو كان يشوع قد أراحهم”
الراحة الحقيقية، إذ لم تكن كنعان نفسها إلا الراحة الرمزية، ومع ذلك لم يهنأوا بها لما أصابهم من حروب فيها وطرد منها.

لما تكلم بعد ذلك عن يوم آخر

(عبرانيين 6: 4-8) هو يوم بشارة الخلاص بالنعمة من الهلاك الأبدي بالإيمان بالرب يسوع كالله المخلص، اليوم الذي أشار إليه الرب يسوع نفسه لمّا أخذ سفر إشعياء النبي وقرأ فيه

روح الرب عليّ لأنه مسحني لأبشر المساكين
الخ

. راجع إشعياء 1: 61و2 وقال للسامعين

إنه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم

(لوقا 16: 4-21)، اليوم الذي إليه أشار الرسول بولس بعد ذلك في قوله

لا تقبلوا نعمة الله باطلاً

. لأنه يقول في إشعياء 8: 49

في وقت مقبول سمعتك، وفي يوم خلاص أعنتك. هوذا الآن وقت مقبول. هوذا الآن يوم خلاص”
(كورنثوس الثانية 1: 6و2)، والخلاص الأبدي المبشر به بالنعمة بالمباينة مع الهلاك الزمني المهدد به في الناموس. لذلك قيل

إن كانت الكلمة التي تكلم بها ملائكة

وهي الناموس. لأنه أعطي

مرتباً بملائكة في يد وسيط هو موسى

راجع غلاطية 19: 3

قد صارت ثابتة، وكل تعد ومعصية نال مجازاة عادلة

هي الرجم

فكيف ننجو نحن

أي أهل الوقت الحاضر

إن أهملنا خلاصاً هذا مقداره؟ قد ابتدأ الرب بالتكلم به

لأن الناموس بموسى أُعطي أمّا النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا. راجع يوحنا 17: 1. ولنلاحظ أن الذي ابتدأ بالتكلم بالخلاص في مجمع الناصرة حسب لوقا 4 الذي مر بنا هو يسوع. ويسميه هنا الرب، وهذه الكلمة كما قلنا هي
kioios
بأداة التعريف وهي ترجمة (يهوه)

ثم تثبَّت لنا من الذين سمعوا

وهم رسل المسيح الذين سمعوا منه (عبرانيين 2: 2و3) فالرب يسوع الذي ابتدأ بالتكلم بالخلاص في يوم الخلاص، وواصله على فم رسله، ويواصله الآن في إنجيله، هو الرب (يهوه) الذي قيل عنه هو طوال يومه هذا

اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسّوا قلوبكم

.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس أخبار سارة عربية مشتركة عهد قديم سفر المزامير 99

ويؤيد ذلك أكثر قول نفس الرسول عن الفرق بين اليومين

لأنكم لم تأتوا إلى جبل ملموس مضطرم بالنار

هو جبل سيناء يوم إعطاء الناموس.

وإلي ضباب وظلام وزوبعة، وهتاف بوق وصوت كلمات، استعفى الذين سمعوه من أن تزداد لهم كلمة، لأنهم لم يحتملوا ما أُمر به

لا ما وعد به، لأن الناموس أمر لا وعد.

وكان المنظر هكذا مخيفاً حتى قال موسى:

أنا مرتعب ومرتعد

. بل قد أتيتم إلى جبل صهيون

أي إلى النعمة. لأن جبل صهيون كجبل الهيكل وكهنته وذبائحه وغفراناته، هو رمز النعمة المخلصة في المسيح بذبيحة نفسه

وإلي وسيط العهد الجديد، يسوع، وإلي دم رشّ يتكلم أفضل من هابيل. اُنظروا أن لا تستعفوا من المتكلم

وليس من المتكلمين أي الرسل الذين تكلموا بالخلاص بعد المسيح، ولا من الكلام أي الإنجيل الذي فيه الكلام عن الخلاص، بل

من المتكلم

أي من الرب يسوع نفسه الذي ابتدأ بالكلام عن الخلاص وواصله بروحه في الرسل ويواصله الآن في الإنجيل. ولا يقول أيضاً، انظروا أن لا تستعفوا من المتكلمين كأن المتكلم في الناموس واحد والمتكلم في النعمة واحد آخر، بل قال

انظروا أن لا تستعفوا من المتكلم لأن المتكلم واحد في العهدين إذ أن الرب (يهوه) المتكلم بالدينونة في ناموس العهد القديم هو نفسه يسوع المتكلم بالخلاص في نعمة العهد الجديد.


لأنه إن كان أولئك

السامعون للناموس من فم الرب (يهوه)

لم ينجوا إذ استعفوا من المتكلم على الأرض

وهو الرب (يهوه) في إعطاء الناموس في جبل سيناء.

فبالأولى جداً لا ننجو نحن المرتدين عن الذي من السماء!

وهو الرب يسوع الذي من السماء جاء إلينا هنا على الأرض وكلمنا بنفسه عن خلاصه، وإذ صعد إلى حيث كان أولاً أخذ يواصل كلامه معنا من السماء بروحه على فم رسله الذين سمعوا منه، ثم الآن بواسطة إنجيله الذي بروحه أوحى به إليهم. ولئلا يتبادر إلى الذهن أن يهوه المتكلم بالناموس على الأرض هو غير يسوع المتكلم الآن بالنعمة من السماء للخلاص

الذي صوته زعزع الأرض حينئذ

أي في وقت إعطائه الناموس لموسى (عبرانيين 18: 12-26) فالرب يسوع المسيح، إذن، المتكلم الآن من السماء بالنعمة للخلاص هو بعينه يهوه الذي تكلم قديماً بالناموس لإسرائيل على الأرض ولكنهم قسوا قلوبهم ولم يسمعوا لصوته في الناموس، وهو بعينه يهوه المتكلم الآن من السماء بالنعمة للخلاص في يوم الخلاص الحالي، والذي قيل عنه في يومه الحالي هذا

اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسّوا قلوبكم

(مزمور 95 وعبرانيين 3و4).

هل تبحث عن  ئلة مسيحية يهوه ه

وخلاصة ما تقدم في المقابلة بين مزمور 95 وعبرانيين 3و4و12 هو أن الآب هو الله الذي البيت الروحي بيته ومقيم ابنه عليه، وأن الابن هو أيضاً الله الذي البيت بيته لأنه الله الباني له، والله الذي قيل عنه

اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسّوا قلوبكم

، وأن الروح القدس أيضاً هو الله الذي قاومه الآباء في الناموس، والأبناء في عهد النعمة وعليه قيل بعد ذلك عن هذا الإله الواحد المثلث الأقانيم

اُنظروا أيها الإخوة، أن لا يكون في أحدكم قلب شرير بعدم إيمان في الارتداد عن الله الحي

(عبرانيين 12: 3) ولأن كلا من الابن والروح القدس هو هذا الإله الحي كالآب قيل أيضاً

من خالف (أو رفض حسب الحاشية) ناموس موسى فعلى شاهدين أو ثلاثة شهود يموت بدون رأفة

الموت الزمني بالرجم

فكم عقاباً أشر

وما دام أشر من الموت رجماً فلا يكون هو طبعاً إلا العذاب الأبدي في الجحيم

تظنون أنه يُحسب مستحقاً من داس ابن الله، وحسب دم العهد الذي قدّس به دنساً، وازدرى بروح النعمة؟ فإننا نعرف الذي قال:

لي الانتقام، أنا أجازي، يقول الرب

. وأيضاً:

الرب يدين شعبه

. مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي!

(عبرانيين 28: 10-31) وإذ أن التعليق هو على الابن والروح القدس دون ذكر للآب ينتج أن الابن هو الرب الذي سيدين من داسه كابن الله المخلص بسفك دمه، وأن الروح القدس هو الرب الذي له النقمة لمن ازدرى به كروح النعمة. ومن ثم فكل منهما هو الله الحي الذي مخيف هو الوقوع في يديه كالآب تماماً.

ولذلك فالكلام بالسوء على أحدهما هو تجديف لأنه ليس على كائنات مخلوقة بل على الله ذاته كما قيل لليهود

اسم الله يُجدَّف عليه بسببكم

(رومية 24: 2) ولو أن الابن يلتمس العذر لمن يجدف عليه بعد تجسده لإمكانية اختفاء حقيقته الإلهية في حجاب جسده كاليهود الذين قيل عنهم

لو عرفوا لما صلبوا رب المجد

(كورنثوس الأولى 8: 2). أمّا التجديف على الروح القدس فغير قابل للغفران. لأن عدم تجسده لا يجعل عذراً للشك في لاهوته الذي أعلنه الكتاب واضحاً كما أعلن لاهوت الآب ولاهوت الابن. ومن ثم صار التجديف عليه رفضاً عمدياً لله. لذلك يقول الابن عنه

كل خطية وتجديف يغفر للناس، وأمّا التجديف على الروح فلن يغفر للناس. ومن قال كلمة على ابن الإنسان يُغفر له، وأمّا من قال على الروح القدس فلن يغفر له، لا في هذا العالم ولا في الآتي

(متى 31: 12و32).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي