الإصحاح الحادى عشر

 

الآيات
(متى 1-6):- + (لو18:7-23):-

(متى
1-6):-

ولما
اكمل يسوع أمره لتلاميذه الاثني عشر انصرف من هناك ليعلم ويكرز في مدنهم. أما
يوحنا فلما سمع في السجن بأعمال المسيح أرسل اثنين من تلاميذه. وقال له أنت هو
الآتي أم ننتظر آخر. فأجاب يسوع وقال لهما اذهبا واخبرا يوحنا بما تسمعان وتنظران.
العمي يبصرون والعرج يمشون والبرص يطهرون والصم يسمعون والموتى يقومون والمساكين
يبشرون. وطوبى لمن لا يعثر في.

(لو18:7-23):-

فاخبر
يوحنا تلاميذه بهذا كله. فدعا يوحنا اثنين من تلاميذه وأرسل إلى يسوع قائلا أنت هو
الآتي أم ننتظر آخر. فلما جاء إليه الرجلان قالا يوحنا المعمدان قد أرسلنا إليك
قائلا أنت هو الآتي أم ننتظر أخر. وفي تلك الساعة شفى كثيرين من أمراض وأدواء
وأرواح شريرة ووهب البصر لعميان كثيرين. فأجاب يسوع وقال لهما اذهبا واخبرا يوحنا
بما رأيتما وسمعتما أن العمي يبصرون والعرج يمشون والبرص يطهرون والصم يسمعون
والموتى يقومون والمساكين يبشرون.

فلما
سمع فى السجن =
راجع (مت 3:14-12)

ويوحنا
المعمدان أدرك أنه سوف يستشهد، فأرسل تلاميذه للسيد المسيح ليلمسوا بأنفسهم من هو
المسيح، هو أراد تحويل تلاميذه حتى لا يقاوموا المسيح فيما بعد بل يتتلمذوا له.
وسؤال يوحنا أنت هو الآتى (أى المسيح المنتظر) أم ننتظر آخر. كان
هذا السؤال ليس عن شك فى المسيح، فمن عرف المسيح وهوفى بطن أمه (لو 44:1) ورأى
حمامة تحل عليه يوم عماده (يو 29:1-34). فمن شهد للمسيح كل هذه الشهادات أيعود
ويشك فيه! قطعاً لا. ولكن كان السؤال لأجل أن يؤمن تلاميذه بالمسيح. خصوصاً أن
الغيرة كانت قد بدأت فى قلوب تلاميذ المعمدان من نجاح خدمة المسيح (يو 26:3).
خصوصاً أنه واضح من (يو 35:1-37) أن المعمدان كان يشهد لتلاميذه عن المسيح ليتبعوه
كما تبعه هنا يوحنا وأندراوس.

وحين
سأل تلاميذ المعمدان السيد المسيح أجابهم بأن العمى يبصرون والصم يسمعون
وكأنه يقول لهم لقد تحققت النبوات فىَّ (اش 5:35 +1:61).
والسيد حذر التلميذان من أن يستمر شكهم فيه بعد أن سمعوا ما سمعوه ورأوا مارأوه= طوبى
لمن لا يعثر فىّ
وربما كان قصد السيد المسيح لاتشكا فىّ بالذات إذا رأيتمونى
معلقاً على عود الصليب، أو معرضاً لإهانات اليهود. ويعثر فىَّ تعنى عدم
الإيمان بى.المساكين= ليس فقط الفقراء والضعاف بل المساكين بالروح أى
المتضعين.

الآيات
(متى 7-11) – (لو24:7-28)

وبينما
ذهب هذان أبتدأ يسوع يقول للجموع عن يوحنا ماذا خرجتم إلى البرية لتنظروا اقصبة
تحركها الريح. لكن ماذا خرجتم لتنظروا اانسانا لابسا ثيابا ناعمة هوذا الذين
يلبسون الثياب الناعمة هم في بيوت الملوك. لكن ماذا خرجتم لتنظروا أنبيا نعم أقول
لكم وافضل من نبي. فان هذا هو الذي كتب عنه ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ
طريقك قدامك. الحق أقول لكم لم يقم بين المولودين من النساء اعظم من يوحنا
المعمدان ولكن الأصغر في ملكوت السماوات اعظم منه.

(لو24:7-28):-

فلما
مضى رسولا يوحنا أبتدأ يقول للجموع عن يوحنا ماذا خرجتم إلى البرية لتنظروا اقصبة
تحركها الريح. بل ماذا خرجتم لتنظروا اانسانا لابسا ثيابا ناعمة هوذا الذين في
اللباس الفاخر والتنعم هم في قصور الملوك. بل ماذا خرجتم لتنظروا أنبيا نعم أقول
لكم وافضل من نبي. هذا هو الذي كتب عنه ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ
طريقك قدامك. لأني أقول لكم انه بين المولودين من النساء ليس نبي اعظم من يوحنا
المعمدان ولكن الأصغر في ملكوت الله اعظم منه.

حتى
لا يظن أحد أن يوحنا المعمدان يشك فى المسيح، فلقد شهد له هنا السيد المسيح. وكانت
شهادة المسيح عن المعمدان بعد أن مضى تلاميذه حتى لا يكون كلام المسيح عنه تملقاً
له أو لهما. عموماً كان قول المسيح أنه ليس بقصبة تحركها الريح= يعنى أن
يوحنا لن يتأثر بالمديح كما أنه لا يتأثر بالذم. فلقد تعرض يوحنا لكثير من المديح
من الناس ولكثير من الألم من هيرودس ولكن لم يتزعزع لا من هذا ولا من ذاك. وأيضاً
لأنه ليس قصبة تحركها الريح فهو لم يستجيب لحروب الأرواح النجسة ولا لأى تعليم
غريب، بل ظل على طهارته شاهداً للحق لا يتزعزع عنه يحيا حياة خشنة، ويرتدى لباساً
خشناً، إذ كان رداؤه من شعر الإبل. والقصبة فارغة أما يوحنا فمملوء من الروح لذلك
لم يهتز من أفكار العالم الشريرة.

وأفضل
منى نبى=

فلا يوجد نبى تنبأ آخر عن مجيئه. الوحيد الذى جاءت عنه نبوات من أنبياء العهد
القديم (غير المسيح طبعاً ) هو يوحنا المعمدان (ملا 1:3 + أش 3:40). وتنبأ ملاك
بولادته (لو 13:1) وإمتلأ بالروح من بطن أمه (لو 15:1 + لو 44:1). وكل الأنبياء
تنبأوا عن المسيح، أما يوحنا فأعد له الطريق مباشرة. كل الأنبياء أشتهوا أن يروا
المسيح ولم يروه، أما يوحنا فرآه.

لم
يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان=
هو الأعظم
لأنه إستحق ان يعمد المسيح. وهو شهد للحق حتى الموت. وحينما أتى له تلاميذه
ليثيروه ضد نجاح عمل المسيح وذيوع شهرته بينما أن المعمدان هو الذى عمده، قال
قولاً عظيماً " ينبغى أن هذا يزيد وإنى أنا أنقص " (يو 30:3). وكل
الأنبياء تنبأوا عن المسيح ولم يروه، أماّ يوحنا فرآه وعمّده وشهد لهّ، وهو وحده
أدرك سر الثلاثة الأقانيم يوم المعمودية. وأضف لهذا ما قيل فى تفسير أنه أفضل من
نبى، وأنه عاش ناسكاً زاهداً مثل إيليا. وكما لم يهاب إيليا آخاب وإيزابل، لم يهاب
يوحنا المعمدان هيرودس وهيروديا.

هأنذا
أرسل أمام وجهك=
هى نبوة ملاخى عن المعمدان (ملا 1:3) ولكن لاحظ قول ملاخى
فيهيىء الطريق أمامى= والمتكلم هنا هو بهوة وقول متى يهيىء طريقك قدامك=
وهذه عن السيد المسيح. فبمقارنة الآيتين نسنتج بسهولة أن المسيح يسوع هو يهوة
نفسه.

ولكن
الأصغر فى ملكوت السموات أعظم من يوحنا المعمدان
= ملكوت السموات يبدأ
هنا على الأرض بالمعمودية ندخله وبالتوبة نثبت فيه، فهو موت مع المسيح وقيامه
معهُ. وبالمعمودية نصير أولاداً لله، وليس أولاداً للرجال أو للنساء (يو 12:1،13).
أماّ يوحنا مثله مثل من سبقوه تنسب ولادته لإمرأة. لذلك قال المسيح عنه لم يقم
بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا..
أما الأصغر فى ملكوت السموات أعظم
منه=
يعنى أن المولود من الله بالمعمودية، ويحية حياة التوبة، فى إتضاع = الأصغر
( فالاصغر تشير للإتضاع ) هو أعظم من المعمدان. فيوحنا كان له كل بر الناموس. ولكن
أولاد الله بالمعمودية خصوصاً المتضعين، قد تبرروا بدم المسيح وهم ثابتين فى
المسيح، هؤلاء أعظم من أى شخص كان له بر الناموس. والمسيح هنا لا ينقص من مكانة
الأنبياء، وإنما أراد أن يظهر ما فى الحياة الإنجيلية من سمو أعظم بكثير من سمو
الحياة الناموسية. فخلال الناموس مهما جاهد الإنسان يبقى من مواليد النساء، أما
عطية الله فى العهد الجديد فترفعنا فوق اللحم والدم لننال البنوة لله. وهناك رأى
للقديس يوحنا فم الذهب أن الأصغر فى ملكوت السموات هو المسيح نفسه لأنه أصغر من
المعمدان سناً.

ما
سبق كان عن يوحنا المعمدان وهو على الأرض. ولكن بعد أن فتح السيد المسيح الفردوس
للبشر، ودخل أباء وأبرار العهد القديم ودخل معهم أبرار العهد الجديد كان هناك
كلاماً آخر، فالكنيسة المقدسة تضع ترتيب السمائيين هكذا مريم العذراء أولاً ثم
الملائكة ثم يوحنا المعمدان ثم الشهداء ثم القديسين والأبرار. أى أن يوحنا
المعمدان تضعه الكنيسة على رأس كل المؤمنين فى السماء من البشر ما عدا القديسة
العذراء مريم التى حملت الله إلهنا فى بطنها.

 

مت(12:11،13)
+ (لو 16:16):-

(مت12:11،13):-

ومن
أيام يوحنا المعمدان إلى الآن ملكوت السماوات يغصب والغاصبون يختطفونه. لان جميع
الأنبياء والناموس إلى يوحنا تنبأوا.

(لو
16:16):-

كان
الناموس والأنبياء إلى يوحنا ومن ذلك الوقت يبشر بملكوت الله وكل واحد يغتصب نفسه
إليه.

هنا
نرى سبباً آخر لعظمة يوحنا المعمدان، إذ بتعليمه ومناداته بالتوبة جعل الكثيرين
يجاهدون ويتوبون فيغتصبون ملكوت السموات فمنذ ظهور يوحنا المعمدان منادياً بدعوة
التوبة واليهود يتزاحمون عليه ويقدمون توبة فى جهاد وتغصب، وإعتمدوا على يديه
وغيروا سيرتهم ونبذوا خطيتهم فبهذا هم يغتصبون ملكوت السموات.

كان
يوحنا المعمدان نهاية للعهد القديم، وبه يبدأ العهد الجديد، به إنتهت رسالة
الأنبياء، ومن يوم إبتدأ خدمته فى تعميد التائبين بدأت خدمة ملكوت السموات، لأن
هؤلاء التائبين صاروا مستعدين لقبول المسيح، بل مستعدين أيضاً لمعرفته. فالتوبة
تنقى القلب، والقلب النقى يعاين الله أى يعرف المسيح ومن يقبل المسيح مجاهداً
غاصباً نفسه على ترك الخطية، أيضاً غاصباً نفسه على الإلتصاق بالله يكون له ملكوت
السموات. فملكوت السموات هو عطية الله المجانية لكنها لا تقدم للمتهاونين
المتراخين.

المعمدان
بواسطة إعداد القلوب بالتوبة والعودة إلى الله جعل إشتياق الناس يهتاج لدخول ملكوت
المسيا الذى أعلن عنه، وهذا صاحبه جهاد وعبادة وتقوى وتغصب.

ما
هو الجهاد؟
نسمع بولس الرسول يقول جاهدت الجهاد الحسن.. فما هو هذا
الجهاد. الجهاد يبدأ بالتغصب. فالخاطىء يميل لعدم ترك الخطية وعليه أن يغصب
نفسه فلا يذهب لأماكن الخطية، من له عين تشتهى. عليه أن يجاهد بأن يغصب نفسه وذلك
بأن يضع عينه فى التراب. وهذا هو الجهاد السلبى ولكن هناك أيضاً الجهاد الإيجابى
فالجسد متكاسل محب لإرضاء لَذّاتهُ. ومن يريد أن يجاهد يغصب نفسه على الوقوف
والجهاد فى الصلاة، والإمتناع عن الأكل اللذيذ والصوم فترات طويلة. ومن يجاهد
غاصباً نفسه تنسكب عليه النعمة فيجد لذة فى صلبه لأهوائه. وشهواته، ويجد لذة فى
صلواته وفى أصوامه وميطانياته. وبهذا يغتصب ملكوت السموات. وإن كنا لا نغصب أنفسنا
ستملك علينا الخطايا والشهوات وتسود علينا فنخرج من ملكوت السموات.

لأن
جميع الأنبياء والناموس إلى يوحنا…. =
الناموس والأنبياء كانا
يتنبآن عن المسيح ومجيئه، وكانا يكلمان اليهود عن الطقوس والفرائض القديمة.

أماّ
يوحنا المعمدان فقد بدأ فعلاً الإستعداد لنشر هذا الملكوت السماوى فى العالم. لقد
إنتهى عصر طقوس الناموس التى كانت تشير للمسيح فالمسيح نفسه أتى، وها هى النبوات
قد تحققت، وبدأ تأسيس ملكوت الله. كان هذا بدءاً من يوحنا المعمدان وحتى الآن.
والطريق لدخول هذا الملكوت هو نعمة الله، ولكننا لا نأخذ ولا نحصل على هذه النعمة
ما لم نغصب أنفسنا ونجاهد.

 

مت(14:11،15):-

وأن
أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي. من له أذنان للسمع فليسمع.

إن
أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتى:-

لنفهم
هذه الآية نرجع إلى نبوة ملاخى وسنجد نبوتين :

1. هاأنذا
أرسل ملاكى فيهىء الطريق أمامى ويأتى بغتة إلى هيكله السيد الذى تطلبونه وملاك
العهد الذى تسرون به ( ملا 1:3).

2. هاأنذا
أرسلُ إليكم إيليا النبى قبل مجىء يوم الرب اليوم العظيم والمخوف فيرد قلب الأباء
على الأبناء (ملا 5:4،6) وواضح أن الآية الأولى هى عن مجئ يوحنا المعمدان كسابق
للمسيح، أى قبل مجىء المسيح الأول فى تجسده. والآية الثانية تشير لمجىء إيليا
النبى قبل المجىء الثانى للمسيح( مجىء إيليا هذا نجده فى رؤ 3:11-12) ولكن بالنسبة
لليهود فهم ما كانوا يدرون أن هناك مجىء أول ومجىء ثانٍ للمسيح فخلطوا بين
النبوتين، وفهموا أن الملاك الذى يهيىء الطريق أمام المسيا والمذكور فى (ملا 1:3)
هو نفسه إيليا المذكور فى (ملا 5:4) لذلك فحين رأى التلاميذ المسيح فى مجد عظيم
على جبل التجلى آمنوا أنه المسيا المنتظر لكنهم تشككوا بسبب هذا المفهوم الخاطىء،
فسألوا السيد المسيح " فلماذا يقول الكتبة أن إيليا ينبغى أن يأتى أولاً (مت
10:17) والمسيح لم يرضى أن يكشف حقيقة المجىء الأول والمجىء الثانى فى ذلك الوقت،
فأشار إشارة غامضة أن إيليا قد جاء.. (مت 12:17) وهم فهموا أنه قال لهم عن يوحنا
المعمدان. وهنا فى هذه الآية يقول لهم السيد إن أردتم أن تقبلوا (تقبلونى
على أننى المسيح المنتظر). ولكن كل مشكلتكم أن إيليا لم يأتى بعد، فالمعمدان الذى
نتحدث عنه هو السابق للمجىء الأول والذى أتى بروح إيليا =فهذا هو إيليا المزمع
أن يأتى.
فالمعمدان له نفس قوة وشجاعة إيليا أمام الملوك، وله نفس زهد وتقشف
إيليا. وكلاهما مملوء من الروح القدس.

من
له أذنان للسمع فليسمع=
من كانت له الأذنان الداخليتان القادرتان على
سماع الأمور الروحية وإدراكها سيدرك ما أقوله عن المعمدان وإيليا والأهم أنه سيفهم
أننى المسيح المنتظر فيؤمن بى.

 

(مت
16:11-19 + لو 29:7-35)

(مت
16:11-19):-

وبمن
أشبه هذا الجيل يشبه أولادا جالسين في الأسواق ينادون إلى أصحابهم. ويقولون زمرنا
لكم فلم ترقصوا نحنا لكم فلم تلطموا. لأنه جاء يوحنا لا يأكل ولا يشرب فيقولون فيه
شيطان. جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب فيقولون هوذا إنسان أكول وشريب خمر محب
للعشارين والخطاة والحكمة تبررت من بنيها.

(لو
29:7-35):-

وجميع
الشعب إذ سمعوا والعشارون برروا الله معتمدين بمعمودية يوحنا. وأما الفريسيون
والناموسيون فرفضوا مشورة الله من جهة أنفسهم غير معتمدين منه. ثم قال الرب فبمن
أشبه أناس هذا الجيل وماذا يشبهون. يشبهون أولادا جالسين في السوق ينادون بعضهم
بعضا ويقولون زمرنا لكم فلم ترقصوا نحنا لكم فلم تبكوا. لأنه جاء يوحنا المعمدان
لا يأكل خبزا ولا يشرب خمرا فتقولون به شيطان. جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب فتقولون
هوذا إنسان أكول وشريب خمر محب للعشارين والخطاة. والحكمة تبررت من جميع بنيها.

فى
لوقا 29:7،30 نجد موقفين لمن سمع دعوة يوحنا المعمدان.

1.  الشعب
البسيط برروا الله.. معتمدين = أى معترفين أن الله بار ولا يخطئ، إنما هم
المخطئين المحتاجين لتوبة ومعمودية. والذى يبرر الله فى كل جيل يعترف بفضل الله
عليه وأن كل أعماله وعطاياه هى كريمة وأن كل شر يقع عليه هو يستحقه لأجل خطاياه،
وأن الله لم يخطئ فى أحكامه. مثل هؤلاء ينسبون كل خير لله وينسبون كل شر لأنفسهم
لذلك فهذه الفئة الأولى شعروا بخطاياهم وببر الله وكانت علامة توبتهم هى
معموديتهم. وهم برروا الله أيضاً إذ قبلوا ملاكه الذى أرسله، وقبلوا كلامه ودعوته
(ملاكه أى يوحنا المعمدان).

2.  الفريسيون
والناموسيون =
هؤلاء مشكلتهم أنهم يشعرون ببرهم الذاتى، مثل
هؤلاء لا يشعرون بإحتياجهم لله. كبرياؤهم يعميهم فلا يروا ولا يسمعوا فلا يفهموا
ولا يدركوا. فرفضوا مشورة الله من جهة أنفسهم. هؤلاء لا يشعروا بخطاياهم إذ
هم عميان، وبالتالى لا يشعرون بإحتياجهم للتوبة لذلك رفضوا معمودية يوحنا، بل
قالوا عنه كلاماً سيئاً علَّقَ عليه السيد المسيح فى الأيات التالية. والمتكبر فى
كل جيل يرفض الإعتراف بخطيته، إذ هو نظر نفسه بار دائماً، ولا يفكر فى التوبة،
وبالتالى لا يبرر الله إذا أراد الله أن يؤدبه، وسيرفض مشورة الله من جهته، ويرفض
تأديب الله (عب 8:12). لذلك فمثل هؤلاء لا يميزون رجال الله مثل المعمدان ولن
يعرفوا الله ولا مسيحه. هؤلاء رفضوا المعمدان إذ كان يحيا فى زهد ورفضوا المسيح إذ
عاش ببساطة والحقيقة أنهم سيرفضون كل من يأتى مرسلاً من الله، فهم رافضين لله.
ومعنى المثل الذى قاله المسيح:-

كانت
هذه لعبة يقوم بها الأطفال الصغار. وهم ينقسمون إلى فريقين فريق يمثل دور الفرح أى
حفلة عُرس. فيقوم الفريق الأخر بالرقص والزمر. ثم يقوم فريق بتمثيل دور جنازة
فيبدأ الفريق الأخر يحزن ويولول. ولكننا هنا أمام أولاد متمردين فالفريق الذى يمثل
دور الفرح يقابل بصمت، أى لا تتجاوب حركاتهم مع نغمات وحركات الفريق الذى يقابلهم.
والمسيح بهذا يشير للفريسيين، الذى ارسل الله لهم يوحنا المعمدان زاهداً ليجذبهم
بالتوبيخ والحزن للتوبة فقالوا فيه شيطان ورفضوا التوبة، جاءهم المسيح فى
ود ومحبة شافياً أمراضهم عارضاً عليهم المحبة والصداقة الإلهية، فرفضوه أيضاً
وقالوا عنه أكول وشريب خمر. فحينما تفسد بصيرة إنسان الداخلية يستطيع أن
يجد لنفسه كل المبررات لرفض العمل الإلهى، فلا يحتمل حب الله وحنانه ولا يتقبل
تأديباته، لا تجتذبه الكلمات الإلهية الرقيقة كما لا تردعه التهديدات.

الحكمة
تبررت من جميع بنيها=
الله لم يترك نفسه بلا شاهد، لأنه يعلم الذين
له. فإذا كان الفريسيون قد رفضوا مشورة الله من جهة أنفسهم، فإن للحكمة أبناءها.
والله له أولاده الذين يبررونه (مثل الذين إعتمدوا من يوحنا) فإذا كان أعداء
الحكمة يسفهونها فإن أبنائها يبررونها، مثل هؤلاء الذين برروا الله معتمدين من
يوحنا. والحكمة هنا هى التدبير الإلهى الذى دبر إرسال يوحنا المعمدان ثم تجسد
المسيح لأجل خلاص البشرية هذه الحكمة ظهرت بارة لا غبار عليها فى نظر بنيها أى
جماعة شعب الله الذين رحبوا بيوحنا والمسيح وتابوا.

وحتى
الآن فأولاد الله فى كل جيل يبررون الله فى كل تصرفاته، بلا تذمر يقبلون ما يحكم
به، ناسين أى ضرر أو شر لخطاياهم والعكس فالأبرار فى أعين أنفسهم يرفضون دائماً
أحكام الله قائلين " لماذا يارب تفعل كذا وكذا.. " ولنلاحظ أن الله
كثيراً ما يسمح ببعض التأديبات كجزء من خطة الخلاص لكن هناك من يرفضها. أماّ أبناء
الله حقيقة فهم يقبلون أحكامه ويبررونه فيها.

 

(آيات
20-24 + لو 12:10-16):-

(لو
12:10-16):-

وأقول
لكم انه يكون لسدوم في ذلك اليوم حالة اكثر احتمالا مما لتلك المدينة. ويل لك يا
كورزين ويل لك يا بيت صيدا لأنه لو صنعت في صور وصيدا القوات المصنوعة فيكما
لتابتا قديما جالستين في المسوح والرماد. ولكن صور وصيدا يكون لهما في الدين حالة
اكثر احتمالا مما لكما. وأنت يا كفرناحوم المرتفعة إلى السماء ستهبطين إلى
الهاوية. الذي يسمع منكم يسمع مني والذي يرذلكم يرذلني والذي يرذلني يرذل الذي
أرسلني.

كما
نفهم أن هذه الأيات فى إنجيل متى (20-24) بمقارنتها بنظيرتها فى إنجيل لوقا. قد
قالها السيد المسيح فى عقب إرسالية السبعين رسولاً. وملخص القول الذى يسمع منكم
يسمع منى
لو 16:10 ومن يرذلكم يرزلنى ويا ويل من يرذل رسل المسيح فهو
بهذا يرذله، أيضاً هو يرذل الآب السماوى. والذى يرذلنى يرذل الذى أرسلنى. ويل
لكِ يا كورزين ويلٌ لك يا بيت صيدا =
كورزين وبيت صيدا غرب بحر الجليل.
وكورزين مدينة فى الجليل بجوار بيت صيدا وكفر ناحوم. وبيت صيدا هى على بحيرة طبرية
أى فى الجليل. وبيت صيدا اى بيت صيد السمك. وصور وصيدا هما مدينتين
فينيقيتين وثنيتين على البحر المتوسط. والمعنى أن السيد المسيح بالرغم من عمله
معجزات كثيرة فى كورزين وبيت صيدا رفضوه فالويل لهم. ومما يحزن قلب الله جحود
أولاده بالرغم مماّ يقدمه لهم والسيد يقول أن هذه العطايا لو قدمت للغرباء لتابوا
وأكرموا الله. ويلٌ لكِ يا كورزين = إن الذى يعرف كثيراً ويخطئ يضرب أكثر.
لذلك فعقوبة سدوم أخف من عقوبة كورزين وبيت صيدا. ولنلاحظ أن سدوم رفضت ملاك الله
بينما أن كورزين رفضت الله نفسه.

لو
12:10 فى ذلك اليوم =
يوم خراب أورشليم أولاً ثم يوم الدينونة. ففى
حرب تيطس ضد أورشليم سنة 70م كانت كورزين وكفر ناحوم من المدن التى ضربت بشدة
وكانت الجثث تملأ الشوارع وليس من يدفن = وأنت يا كفر ناحوم.. ستهبطين إلى
الهاوية
آية (15) من هنا نفهم أن هناك درجات فى العذاب الأبدى، كما أن هناك
درجات فى المجد الأبدى (1كو 41:15) * هى مرتفعة إلى السماء = لأنها مبنية
على ربوة عالية

 

(مت
25:11-30 + لو 21:10-24):-

(مت
25:11-30):-

في
ذلك الوقت أجاب يسوع وقال أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن
الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال. نعم آيها الآب لان هكذا صارت المسرة أمامك. كل
شيء قد دفع إلى من أبى وليس أحد يعرف الابن إلا الآب ولا أحد يعرف الآب إلا الابن
ومن أراد الابن أن يعلن له. تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا
أريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة
لنفوسكم. لان نيري هين وحملي خفيف.

(لو
21:10-24):-

وفي
تلك الساعة تهلل يسوع بالروح وقال أحمدك أيها الآب رب السماء والأرض لأنك أخفيت
هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال نعم أيها الآب لان هكذا صارت المسرة
أمامك. والتفت إلى تلاميذه وقال كل شيء قد دفع إلى من أبى وليس أحد يعرف من هو
الابن إلا الآب ولا من هو الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له.والتفت إلى
تلاميذه على انفراد وقال طوبى للعيون التي تنظر ما تنظرونه. لآني أقول لكم أن
أنبياء كثيرين وملوكا أرادوا أن ينظروا ما انتم تنظرون ولم ينظروا وأن يسمعوا ما
انتم تسمعون ولم يسمعوا.

فى
ذلك الوقت=
نفهم من إنجيل لوقا أن السيد قال هذه الكلمات بعد ما رجع
الرسل السبعون وأخبروه بخضوع الشياطين لهم بإسمه. هذا ما جعل يسوع يتهلل
بالروح،
فهو أتى لهذا وهاهو يرى نجاح رسالته تهلل يسوع بالروح = هناك
من يتهلل بالجسد أى يفرح بملذات العالم ولكن يسوع يتهلل بالروح، فما يفرحه هو الروحيات.
وهنا نراه يتهلل أى يبتهج بنجاح الإنجيل، وخضوع الشياطين بإسمه لرسله. ولم يذكر فى
كل الإنجيل أن يسوع تهلل سوى فى هذا الموضع، فهو يتهلل فقط لأن الخطاة فازوا
بالخلاص.

أحمدك = ليست
بمعنى الشكر على إحسان، بل إعلان الرضا عن المشهورة الإلهية، وكأنه يقول لأبيه
حسناً فعلت إذ أعلنت الإنجيل لهؤلاء السبعين وحجبتها عن المتعجرفين، وحرفياً تعنى
أعترف لك. ومن المهم أن نقارن المناسبة التى قيلت فيها هذه الأيات فى كلا
الإنجيلين. فمتى يذكرها عقب تقسيم المؤمنين أو الناس عموماً إلى فئتين:- الأولى هم
من يبرون الله وهم الذين يفرحون بإحكام وحكمة الله والثانية هم من يرفضون مشورة
الله أمثال الفريسيين وكفر ناحوم وكورزين.. الخ. ومعنى كلام السيد المسيح هنا أن
حكمة الله تُعلن لمن يؤمن بالمسيح ويقبله ويبرر الله ويتصرف فى بساطة قلبه بإتضاع
= أعلنتها للأطفال. أما من يرفض مشورة الله، لأنه حكيم فى عينى نفسه يسلك
بلا تواضع فلن يفهم مشورة الله وحكمته ولن يفرح بها = أخفيت هذه عن الحكماء
والفهماء=
أى الحكماء فى أعين أنفسهم.

أماّ
فى إنجيل لوقا فلقد وردت هذه الأيات فى عقب نجاح إرسالية السبعين رسولاً وخضوع
الشياطين لهم، ومن هذا نفهم أن الشياطين لا تخضع سوى للمتضعين وليس للمتكبرين.

أخفيت
هذه=
حكمتك
ومشورتك وتدبيراتك فيما يخص الخلاص سواء على المستوى العام للناس كلها أو تدبير
الله للشخص نفسه.

الأطفال=
من
يقبل المسيا فى بساطة قلب ويحمل صليبه فى إتضاع، هو من يرتمى فى حضن أبيه، لا
ينتقم لنفسه بل يشكو لأبيه، إطمئنانه وقوته هو ابوه السماوى، يجد لذته فى حضنه،
هؤلاء يدخل بهم السيد إلى معرفته. لذلك إختار المسيح تلاميذه من البسطاء (1كو
18:3) الحكماء والفهماء= هؤلاء متثقلين بالأنا، فلا يقدرون أن يدخلوا طريق
المعرفة الإلهية الحقة. ولنلاحظ أن الله لم يقل أعلنتها للجهلاء والأغبياء، بل
للأطفال، فالأطفال هم البسطاء المتضعين، ولكنهم فى الحقيقة مملوئين حكمة وفهم،
هؤلاء يعطيهم الله. من يعترف أنه جاهل يعطيه الله حكمة وفهم قلب. وهذه هى مسرة
الآب أن يعطى حكمة للمتضعين كل شئ قد دُفع إلىّ من أبى = يقول هذا حتى لا
يظن التلاميذ أن كل سلطان المسيح هو فى إخراج الشياطين. وقول المسيح هنا يفيد
مساواته للآب فى الجوهر. وأنه صار وارثاً لكل شئ (عب 2:1). طبعاً وارثاً لكل شئ
بجسده، فكل مجد وكل سلطان صار لجسد المسيح هو لحساب كنيسته جسده (يو 22:17+ أف
30:5 + أف 12:4). ولكن لا يصح أن نقول أن المسيح بلاهوته صار وارثاً، فهو والآب
واحد فى الجوهر الإلهى.

ليس
أحد يعرف الإبن إلاّ الآب =
الإبن بطبيعته الإلهية غير المحدودة لا يعلمها
سوى الله غير المحدود. وبنفس المفهوم = ولا من هو الآب إلاّ الإبن فالآب
يعرف الإبن والإبن يعرف الآب خلال وحدة الجوهر، وهذه المعرفة غير متاحة
لمخلوق سواء ملاك أو إنسان.

ومن
أراد الإبن أن يعلن له =
لهذا تجسد المسيح حتى يعلن لنا الآب، فإذ
كان الله محتجب عن الإنسان، والإنسان غير قادر على الإقتراب منه، بل حين أراد الله
أن يظهر لبنى إسرائيل إرتعبوا مماّ حدث، وطلبوا من موسى أن لا يظهر لهم الله ثانية
حتى لا يموتوا، بل أن موسى نفسه إرتعب (عب 18:12-20 + تث 15:18-19). فكان تجسد
المسيح هو ليعلن الله الآب، ولهذا قال المسيح من رأى فقد رآنى الآب (يو 9:14).
فالمسيح حين أقام موتى كان يعلن إرادة الآب فى أن يعطينا حياة وحين فتح أعين عميان
كان يعلن إرادة الأب أن تكون لنا بصيرة روحية بها نراه وهكذا. وحين صُلبَ رأينا
محبة الله الذى بذل إبنه الوحيد عنا وحين تجسد وقبل الإهانة رأينا تواضعه العجيب.
إذاً جاء الإبن يحمل طبيعتنا لكى يدخل بنا إلى المعرفة الإلهية. حملنا فيه حتى
نقدر أن نعاين ما لا يُرى ونُدرك ما لا يُدرك. وليس هناك سوى طريق واحد لندرك به
الله ونتعرف عليه، وهذا الطريق هو الإتحاد بالإبن.

وكلمة
يعرف تعنى فى لغة الكتاب المقدس " الوحدة أو الإتحاد "

فحين
يقول " عرف آدم حواء امرأته " (تك 1:4) فهذا يعنى أنهما صارا جسداً
واحداً، أى إتحد بها جسدياً وهذه المعرفة أو هذا الإتحاد يكون له ثمر. فلقد أنجبت
قايين، لذلك يقول " وعرف أدم حواء امرأته فحبلت وولدت قايين "

وهكذا
قيل هنا " ليس أحد يعرف الإبن إلا الآب ولا أحد يعرف الآب إلا الإبن "
لأنهما فى وحدة. هما واحد.

وهذه
تساوى تماماً " أنا فى الآب والآب فىَّ " (يو 10:14) وتساوى " أنا
والآب واحد " (يو 30:10)

وبنفس
المفهوم حين يقول " لا أحد يعرف الآب إلا الإبن ومن أراد الإبن أن يعلن له
" فهذا يعنى أن المسيح يعطينا أن نتحد به. فالمعرفة تعنى أتحاد يعطى حياة،
فالمسيح يوحدنا فيه لنكون أحياء فهو الحياة.

ونفهم
هذا من قول بولس " وأوجد فيه…… لأعرفه…… " (فى 9:3-10) فالثبات
فيه والإتحاد به يعنى معرفته. وهذا معنى " وهذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك
أنت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذى أرسلته " (يو 3:17). والإتحاد به
أشار إليه المسيح فى صلاته الشفاعية (يو 21:17-26).

والاتحاد
به له شروط

1)
الإيمان به     2) المعمودية التي تعطي إستنارة 3) حلول الروح القدس الذي يشهد
للإبن وللآب 4) القداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب (عب14:12) وهذه تحتاج لتوبة
مستمرة. ومن يحيا في طهارة يثبت في المسيح. 5) تكون لنا الأعمال الصالحة التي تمجد
إسم الله ومن يوفي هذه الشروط يريد الإبن أن يعلن له الآب= ومن أراد الإبن أن
يعلن لهُ.
فالإبن يود لو أعلن الآب للجميع. ولكنه لا يعلن الآب سوى لمن يستحق
بإيمانه العامل بمحبة، وبتمتعه بأسرار الكنيسة. تعالوا إلىّ يا جميع
المتعبين..=
هم المتعبين من الخطايا والمثقلين بحملها وأيضاً المتعبين من آلام
العالم. وهذه الآية تشير أن المسيح يريد أن يعلن الآب للكل. ولكن خطايانا تمنعنا
من هذا. والحل هو أيضاً أن نلجأ للمسيح ليحمل عنا خطايانا ويريحنا من أتعابنا. ومن
يقبل للمسيح طالباً غفران خطاياه، فمثل هذا يريد المسيح أن يعلن له الآب. فأريحكم=
هي ليست وعد بان يزيل المسيح الآلام بل يعطي الراحة خلالها.

ولاحظ
أن الخطية هي حمل ثقيل. وحين يغفر المسيح يرفع هذا الحمل فيبطل وخز الضمير، ونكتشف
محبة الآب وحنوه من نحونا. وسنشتاق لمحبة الآب بالأكثر فنقول للإبن عن الآب مع
عروس النشيد "ليقبلني بقبلات فمه" (نش2:1) أي ليعلن لي محبته أكثر
فأكثر.

 

(مت 11 : 29-30):-

المسيح
يدعو الخطاة أن يأتوا إليه ليريحهم، ويدعو المتألمين والمضطهدين أن يأتوا إليه
فيريحهم (آية28) وهنا سيتساءل البعض كيف أستطيع أن أتخلص من خطيتي المحبوبة، كيف
أستطيع أن أنفذ هذه الوصية الصعبة التي أرى إستحالة تنفيذها، كيف يحمل عني المسيح
هماً أعاني منه من إضطهاد واقع علىَّ؟ كيف يعزيني المسيح وأنا متألم خائف من مرض
خطير أعاني منه.؟ والمسيح يرد إحملوا نيري= والنير هو العصا التي تربط
ثورين إلى المحراث. ولكن تصور أننا ربطنا حملاً صغيراً مع ثور بنير واحد، فالذي
سوف يحمل كل الحمل هو الثور. وهذا ما يدعوني إليه المسيح، أرتبط بي، تعال إلىّ
وسوف ترى أنك ستكون قادراً على تنفيذ الوصية، وستجد تعزية فأنا الذي سأعمل كل شئ
حقيقة، وبدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئاً (يو5:15). ويقول بولس الرسول أستطيع كل
شئ في المسيح الذي يقويني (في13:4). تصوَّر معي أنني طلبت منك أن تحمل رجلاً
ثقيلاً جداً يقف في البحر وأنت لا تعلم شيئاً عن قانون الطفو. ستقول لي لا يمكنني
حمله. ولكن لو تقدمت لتحمله ستجده خفيفاً جداً بسبب قوة حمل الماء الخفية له. إذاً
تعال للمسيح بأن تحاول أن تنفذ الوصية وستجد هذا سهلاً جداً، لأنه عملياً فالمسيح
هو الذي يقوم بالعمل. ولكنه لن يقوم بالعمل إلاّ إذا تقدمت وحاولت، حينئذ ستكتشف
قوة المسيح الخفية التي لا يكتشفها إلاّ كل من حاول. تقدم بإيمان وحاول فنيره هين
وحمله خفيف (رو5:10-11).

وهناك
شرط آخر أن نتعلم من المسيح الوداعة والتواضع= تعلموا مني فمن يحاول تنفيذ
الوصية ومن يتعلم من المسيح سيدخل طريق المعرفة الحقيقية للآب، وإكتشاف محبته
الفاخرة= فتجدوا راحة لنفوسكم.

(لو10 : 23-24):-

طوبى
للعيون التي تنظر ما تنظرونه=
هؤلاء التلاميذ الذين عاشوا بإتضاع ورأوا المسيح
وعرفوه فعرفوا الآب ومحبته هم أفضل من قديسي العهد القديم الذين آمنوا بالمسيح
وتنبأوا عنه لكنهم لم يروه، هم عاشوا في الظلال ولكن التلاميذ رأوا المسيح حقيقة.
ولا نقصد بالرؤية رؤية جسدية فالفريسيين رأوه ولم يؤمنوا به ولا قبلوه. أمّا رؤية
التلاميذ فكانت رؤية حقيقية إذ عرفوا المسيح وآمنوا به. والسبب كبرياء الفريسيين
وبساطة التلاميذ لذلك قال المسيح في (مت29:11) تعلموا مني فإني وديع ومتواضع. وهذه
الآية هي التي نصليها دائماً في أوشية الإنجيل، فالآن نحن بالإنجيل نرى ونسمع
المسيح الذي إشتهى أباء العهد القديم أن يروه ويسمعوه فلم يروا ولم يسمعوا. فإننا
كلما نسمع كلمات الإنجيل نتأمل شخص المسيح فنعرفه، فالكتاب المقدس هو كلمة الله
المكتوبة التي تكشف المسيح كلمة الله. قارن أيضاً أوشية الإنجيل بالآية (مت17:13).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد قديم سفر المزامير Psalms 26

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي