الإصحَاحُ
الْخَامِسُ عَشَرَ

 

– خطب
المسيح الوداعية: يوحنا 31:13-33:16

 

آية
(1): "أنا الكرمة الحقيقية وأبي الكرام."

إبتداء
من هذا الإصحاح يتكلم المسيح وحده والتلاميذ يسمعون. الكرمة الحقيقية= هذه
في مقابل الكرمة التي لم تثبت وهي إسرائيل (مز8:80-13+ أش1:5-7). والكرمة هي تعبير
عن الكنيسة جسد المسيح (أش2:27-5). وحقيقية أي لا تفسد ولا تزول. لكن إسرائيل ليست
حقيقية لأنها فسدت وإنتهت وتشبيه الكنيسة بالكرمة فالكرمة تعطي الخمر رمز الفرح
والكنيسة بثمرها تفرح الله.

المسيح
هنا يتحدث عن إتحاده بتلاميذه وكنيسته وأنه كإتحاد الكرمة بالأغصان. فهو إتحاد
وثيق، فالإبن صار يحمل المؤمنين الذين ثبتوا فيه يعطيهم جسده ودمه طعاماً وشراباً
كعصارة تجعل الكرمة حية. ورفع عنهم خطاياهم ليقدمهم لله الآب الكرام. هذه الكرمة
قال عنها داود.. (مز14:80-19) (نبوة ربطت بين الكرمة وإصلاحها والإبن) وقال عنها
بولس الرسول .. (أف17:1-23) فالله الآب هو الذي يدعونا لمعرفته وإلى ميراثه وقدرته
وقوته وهو الذي أقام المسيح رأساً لهذه الكرمة وهو يثبت الأعضاء حسب عمل شدة قوته
في المسيح (يو12:17+ يو37:6،44). والعمل قطعاً هو عمل مشترك بين الآب والإبن
(يو4:17). فهنا الإنسان يتحد بالمسيح بسر إلهي ليصير عضواً حياً في المسيح على
مستوى الغصن في الكرمة. والآب هو الذي أرسل إبنه ليكون سبب حياة للمؤمنين= أبي
الكرام=
المسيح بسبب إنسانيته إتحد بالكرمة أما الآب فهو متميز عنها. الآب هو
حارس هذا الإتحاد والثبوت. وهذه الكرمة حقيقية لها صفة البقاء والخلود وعدم
التغيير والفساد كما حدث للكرمة اليهودية. هذه الكرمة الجديدة (الكنيسة) بدأت بغصن
(المسيح) (أش1:11) ويتفرع منه أغصان كثيرة (المؤمنين المعمدين) ليكونوا الكرمة.

 

آية
(2): "كل غصن في لا يأتي بثمر ينزعه وكل ما يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر
أكثر."

الثمار
هي الإيمان والرجاء والمحبة والشهادة للمسيح وثمار الروح القدس فينا (غل22:5،23)
وأعمال حسنة تمجد الله وتنفع الآخرين. والآب ينزع الغصن عديم الثمر (أش1:5-6).
فالآب يطلب الثمر وعلى أساس الثمر يتعامل مع الأغصان. وهو ينزع الغصن عديم الثمر
لأنه يعطل نمو الكرمة فهو يأخذ من عصير الكرمة دون فائدة بل يحرم الغصن المثمر.
وما يأتي بثمر ينقيه على المستوى الروحي من كل نجاسة وشهوة بالتجارب. فالتنقية
تأديب. أو ينقيه بالكلمة فهي سيف ذو حدين. وهذا ما نراه في شوكة بولس الرسول. إذاً
فالله لا يريد ثمراً وكفى بل يريد ثمر كثير. كل غضن فيّ= فلا يمكن فصل
المؤمنين عن المسيح (أف30:5). بل إن شرط حياتنا هو إتحادنا بالمسيح.

 

آية
(3): "أنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به."

حتى
لا يتساءل التلاميذ هل نحن من الأغصان التي تقطع أو التي تنقى قال لهم الرب= أنتم
الآن أنقياء=
أي أن المسيح يراهم مثمرين، فهو أتم عمله معهم بتعاليمه وكلمته
الحية الفاحصة والبانية والمبكتة والمعزية والتي تستعلن الحق الإلهي. وهذا الكلام
قيل بعد خروج يهوذا. ونلاحظ أن المسيح بكلامه ينقي وفي الآية السابقة نجد الآب
ينقي بالتجارب النافعة. وكلمة المسيح سيف ذو حدين، بحدها الأول تنقي وتقدس فتحيي
وكأنها تَلِدْ الإنسان من جديد (1بط23:1) وبحدها الثاني تدين (يو22:5+ 48:12) فإن
لم تأتي كلمة الله بثمر تكون هذه الكلمة للدينونة (رؤ12:2،16+ عب12:4) وكلما نهتم
بكلمة الله في حياتنا نزداد نقاوة. فكلمة الله حية وفعالة ولها قوة على التنقية.
لذلك فالكنيسة تنصح الشعب بعدم التناول لمن لم يسمع الإنجيل. فكلمات الإنجيل تعطي
نقاوة يحتاجها المتناول. بسبب الكلام= كل تعاليم الرب لهم لكن إستمرار
النقاوة متوقف على شركتهم معه أي إستمرار ثباتهم في المسيح.

 

آية
(4): "اثبتوا في وأنا فيكم كما أن الغصن لا يقدر أن يأتي بثمر من ذاته أن لم
يثبت في الكرمة كذلك أنتم أيضاً أن لم تثبتوا في."

اثبتوا
فيّ وأنا فيكم

اثبتوا
فيّ=
الله
خلق آدم. ومن جنب آدم خلقت حواء. والأولاد هم جزء من آدم وجزء من حواء. لذلك
فالخليقة كلها الآن هي أجزاء من آدم ولكنها خليقة ميتة فآدم رأسها ميت.

جاء
المسيح ليكون جسد ثانٍ حي هو رأسه وكلنا ينتمي لهذا الجسد بالمعمودية. ويكون في
المسيح.

وأنا
فيكم=
المسيح
مات وقام. وأنا أموت مع المسيح وأقوم متحداً به في المعمودية (رو3:6-5) وحين أتحد
به تكون لي حياته "لي الحياة هي المسيح" (في23:1) "مع المسيح صلبت
فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ" (غل20:2) وحين تكون لي الحياة هي المسيح
فهو يستخدم أعضائي كآلات بر (رو13:6) وإذا كنت ثابتاً في المسيح. ولي حياة المسيح
فأنا غصن مثمر.

 

وحياة المسيح فيّ تعطيني قوة لأثبت في
المسيح وأثمر وهذا ينطبق على مثال الكرمة فكل غصن هو في الكرمة = إثبتوا
فيّ.

والعصارة الحياة تسرى في كل
غصن= وأنا فيكم.

المسيح
أعطانا جسده ودمه لنثبت فيه، ومن يتناول بإستحقاق (في حالة توبة صادقة) يثبت فيه.
ومن يثبت فيه يقدسه ويعطيه حياة ويكون له ثمر. فالغصن لا يمكن أن يأتي بثمر إن لم
يكن ثابتاًَ في الكرمة. إذاً فلنلتصق بالله كل حياتنا. والمسيح هو منبع الثمر
والروح القدس هو الذي يوصِّل ثمر بر المسيح (1يو27:2) أي أن الروح القدس (المسحة)
يعلمنا أن نثبت في المسيح. اثبتوا فيّ= وصية من المسيح لنا وهو يعطي مع
وصاياه قوة للتنفيذ. وأنا فيكم= هذه تعني إقبلوا ثبوتي فيكم، أي علينا أن
نفتح قلوبنا ليدخلها المسيح ليعمل (أف14:3-17). وثبوت المؤمن في المسيح شرط لازم
لثبوت المسيح في المؤمن. وثبوت المسيح في المؤمن هو نتيجة طبيعية لثبوت المؤمن في
المسيح من يثبت في المسيح بأعماله وتوبته ومحبته يثبت فيه المسيح بأن يمنحه نعمته
ويملأه من روحه. ومعنى الآية أن المسيح يقول إعطوني الفرصة لأثبت فيكم. فالثبات في
المسيح يستلزم [1] عمل المسيح [2] إرادة الإنسان.

 

آية
(5): "أنا الكرمة وأنتم الأغصان الذي يثبت في وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير
لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً."

الرب
يشير أنه مصدر الحياة الحقيقية، نستمدها منه بصفة ثابتة ونستمد منه كياننا، وبذلك
نحقق تدبير الله فيكون لنا ثمار. ولنلاحظ أننا لا يمكن بدونه أن نفعل شئ فالثمر هو
من سخاء الكرمة وليس من صنع الغصن= بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً وأيضاً
علينا ألاّ نظن أننا ضعفاء غير قادرين فمن يثبت فيه لا يعود ضعيفاً "أستطيع
كل شئ في المسيح الذي يقويني" وكل عمل خارج الثبات فيه لا قيمه له. كيف نثبت
في المسيح [1] النقاوة (فبدون القداسة لا يرى أحد الرب عب14:12) [2] ممارسة
الأسرار [3] دراسة كلمة الله بإستمرار [4] جهادي (أ) سلبي (نموت عن الخطية رو11:6)
(ب) إيجابي (صلاة / صيام..) [5] قبول الصليب.

 

آية
(6): "إن كان أحد لا يثبت في يطرح خارجاً كالغصن فيجف ويجمعونه ويطرحونه في
النار فيحترق."

هنا
إنذار مخيف لمن هو غير ثابت في الكرمة، فهذا سينفصل عنها فيجف. من ليس له ثمار
سيقطع ويحرق (ربما أشار المسيح إلى بعض الأغصان التي قطعوها إستعداداً لحرقها)
(الغصن الذي يقطع من الكرمة لا فائدة له إطلاقاً لذلك يحرقونه، فغصن الكرمة ضعيف
جداً لا يصلح لشئ. والغصن مهما كان جمال أوراقه، إن لم يكن له ثمار يقطعونه
(الأوراق هنا إشارة للبر الذاتي مثل شجرة التين التي لعنها المسيح). ولكن متى يجف
الغصن؟ هذا يحدث إن وُجِدَ حاجز فليني يمنع وصول العصارة، وهذا الحاجز هو الخطية
التي تعيش فينا أو من حوّل نعمة الله التي فيه إلى مجد دنيوي. والملائكة هم الذين
يجمعون ويطرحون في النار.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد جديد إنجيل لوقا عبد المسيح 23

 

آية
(7): "إن ثبتم في وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم."

هذه
عكس الآية السابقة، هنا نرى بركات الثبات في المسيح أي إستجابة الصلاة. هنا نرى
الوعد الثمين لمن يثبت في الكرمة. وثبت كلامي فيكم= هنا نرى المسيح يضع
كلامه مكان شخصه. وهذا يعني تصديق وعد المسيح بكل ما أوتينا من إرادة وفكر وقلب
فالله يستجيب لنا مهما طلبنا والله يستجيب بثلاث طرق [1] فوراً [2] في ملء الزمان
(بعد مدة) [3] لا يستجيب لو طلبي ليس لمصلحتي فهو لم يستجيب لبولس ورفض شفاءه
ولكنه لابد وأن يستجيب. وأن يكون لنا الحاسة السمعية الروحية فنستطيع أن نميز
صوته. والمسيح يخاطبنا وسط كل أحداث اليوم من خلال كل ما نسمع ونرى. تطلبون= إذا
كنا نستطيع أن نميز صوته فحينئذ لن نطلب إلاّ ما هو حسب إرادته ومشيئته (1يو14:5)
"أطلبوا أولاً ملكوت الله" (لو31:12). ما تريدون= من ثبت في
المسيح تصبح إرادته الحرة حسب حرية البنين لا العبيد والإبن لا يطلب سوى ما
يَسُّرْ أباه. بل سيكون لمن يثبت في المسيح تماثل في الإرادة والمسرة معه
(أف20:3). ولنلاحظ أن خلاصة المسيحية هي الحياة مع المسيح.

 

آية
(8): "بهذا يتمجد أبي أن تأتوا بثمر كثير فتكونون تلاميذي."

بهذا=
بثبوتي فيكم
وثبوتكم فيّ وثبوتكم في كلامي، هذا ينشئ إستجابة لصلواتكم كونها تتفق مع إرادة
الآب السماوي. أن تأتوا بثمر كثير فتكونون تلاميذي= لقد صلب المسيح ليأتي
بثمر هو إيمان البشر (يو24:12) وعمل التلاميذ أن يكملوا عمل المسيح (مت19:28).
والثمار الكثيرة تمجد الآب (1بط9:1 + مت16:5) وكل هذا يحدث إن ثبتنا في كلام
المسيح أي صدقناه وعشنا به كلمة كلمة.

 

آية
(9): "كما احبني الآب كذلك أحببتكم أنا اثبتوا في محبتي."

المسيح
حين أراد أن يشرح مقدار محبته للبشر شبهها بمحبته للآب وهذه محبة لا نهائية لأن
الله محبة والله غير متناهي فالأصل في المحبة هو محبة الآب للإبن. والمسيح أوصل
لنا بمجيئه في الجسد محبة الآب. هنا يشرح المسيح سر ثبات الغصن (المؤمن) في الكرمة
(المسيح) وهذا السر هو الحب. فالآب يحب الإبن، حب يتوحد فيه المحب بالمحبوب
فيكونان ذاتاً واحدة وكياناً واحداً، الحب هو سر الوحدة القائمة بين الآب والإبن.
وهكذا أحبنا المسيح حباً بلغ من قوته أن يجعلنا معه في إتحاد كامل يحيا فينا ونحيا
فيه ومعه وبه وله. فحب المسيح لنا هو سر الإلتحام أو الوحدة التي جاء إبن الإنسان
ليؤسسها مع بني الإنسان لحساب الله (يو23:17) ومحبته لنا قائمة على أن هذا هو طبعه
فهو يحب الآب والآب يحبه فالله محبة. وتظهر فاعلية هذه المحبة في محبتنا له وفي
محبتنا لبعضنا البعض (آية12) لكن السؤال الموجه لنا هو هل نقبل هذه المحبة ونبادله
حباً بحب وهل نثبت في هذه المحبة. وفي (15:15) "لكني قد سميتكم أحباء لأني
أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي. هنا أعلمتكم لا تعني المعرفة والفلسفة بل هي توصيل
أسرار الآب ومحبته لنا. فالإبن الضال حين عاد لم يتعرف على إبيه على مستوى الفكر
إنما على مستوى الأحضان والقبلات (يو26:17). محبة المسيح للآب هي محبة فائقة
للطبيعة ولأفكارنا ولكن المسيح يعطينا أن نتذوقها فنفرح بأبوة الآب لنا. كذلك
أحببتكم أنا=
المسيح ظهرت محبته لنا في بذله نفسه على الصليب. ولولا هذه
المحبة ما كنا قد فهمنا محبة الآب للإبن ولا محبة الإبن لنا. والمسيح بمحبته لنا
ضمنا في بنوته الرفيعة القدر والمجد (1يو1:3،2) وهنا نرى ما سنحصل عليه لذلك
يشجعنا أن إثبتوا في محبتي بأن نصدق دعوته ونقبلها ونستمر فيها ونقيم في
محبة له ولكل أحد. ونبادله حباً بحب ويكون هذا بأن نحفظ وصاياه وكلما نكتشف محبته
نحبه. ومن يحفظ وصاياه يكتشف أعماقها. الوصية لا تشرح ولا تفلسف بل تنفذ بلا فحص
ومن ينفذها يكتشف معناها.

 

آية
(10): "أن حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي كما أني أنا قد حفظت وصايا أبي واثبت
في محبته."

هنا
نرى كيف نثبت في محبته (آية9) حفظتم= سهرتهم على تنفيذها متشبثين بالوعد. حفظت
وصايا أبي=
بالتجسد والفداء (في5:2-8). وبولس هنا يطلب عن نتعلم الطاعة كما
أطاع المسيح نفسه. وهكذا أطاع بولس نفسه وإحتمل الآلام (2كو23:11-26). بل إحتمل
شوكة الجسد التي كان الله ينقيه بها ليأتي بثمر أكثر. إن حفظتم وصاياي تثبتون
في محبتي
هذه خبرة عملية يختبرها من يحفظ الوصية. فمن أحب الإبن بحفظ وصاياه
يشعر بمحبة الآب وهذه المحبة لا توصف (27:16) وأهم وصية للمسيح هي المحبة (آية12).
عموماً من يحفظ وصايا المسيح حتى ولو بالتغصب (فهذا هو الجهاد) يبدأ في الحب.
وبالإصرار على حفظ الوصايا يشتعل الحب في داخل القلب فيثبت الإنسان في المحبة
لدرجة أن يضحي ويبذل. وهذه هي المحبة الكاملة التي تطرح الخوف إلى خارج. ومن يحب
محبة كاملة يكون مستعداً لقبول أي ألم من أجل الذي مات لأجلنا.

 

آية
(11): "كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم ويكمل فرحكم."

كلمتكم
بهذا= بهذا=
هو
سر الكرمة الذي شرحه، وثباتنا فيه بالمحبة وطاعة وصاياه يجعله يفرح ويعطينا أن
نفرح بان يدخل فرحه هو فينا. حتى لا نتصور أن حفظنا للوصايا حتى تثبت فينا محبة
الله فيه إرهاق وتضحية منا وتثقيلاً علينا يشرح الرب هنا أن الثبوت في المحبة هو
سر الفرح الكامل. والطريق للفرح الكامل إذن هو أن نثبت في الإيمان وفي كلام الرب
بأن نصدقه وننفذه فنثبت في محبته أي نكتشفه هو ونحبه وهنا يكون الفرح (1يو3:2-6). يثبت
فرحي فيكم=
فرح المسيح كامل. ويكمل فرحكم= فرح التلاميذ والمؤمنين
يحتاج إلى تكميل. فالمسيح يسكب فرحه في القلب ونحن نأخذ ليكمل فرحنا. فرحه وجد
موضعاً فينا. وهذا هو طلب المسيح أن نفرح فهو يطلب أن نثبت فيه ونطيع وصاياه
لنفرح. (ولاحظ أنه سبق وأعطاهم السلام والآن الفرح) وأهم فرح يفرح به الإنسان
الخلاص الذي قدمه المسيح، هو حياة جديدة نرى فيها الرب من هنا على الأرض.

 

آية
(12): "هذه هي وصيتي أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم."

ما
سبق كان عن محبتنا لله وهذه تناظر وصايا اللوح الأول. وابتداء من هنا نجد المحبة
للإنسان وهذه تناظر وصايا اللوح الثاني. ووصية المسيح أن نحب بعضنا كما أحبنا هو
فالمحبة هي التي تجعل فرحنا كاملاً. ومحبته هي:-

1-   
كما
أحبه الآب= أي محبة إلهية وليست محبة جسدانية أو عاطفية.

2-   
أحبنا
ونحن خطاة= هكذا ينبغي أن نحب من هم أضعف منا.

3-   
أحبنا
ونحن أعداء= هكذا ينبغي أن نحب أعدائنا.

4-   
أحبنا
حتى الصليب= هكذا ينبغي أن نحب حتى الموت.

5- 
محبة
باذلة= هكذا ينبغي أن نحب بلا أنانية، لا نطلب شيئاً في مقابل محبتنا لإخوتنا،
محبة الله أنه يعطي بسخاء ولا يعير، هكذا علينا أن نعمل فالمحبة روح كل الوصايا
فأنا لا أسرق ولا أقتل.. الخ لأنني أحب. هي محبة من نوع غير محبة الأرضيين
النفعية.

ومن
يحب فقد وُلِدَ من الله (1يو7:4). ومن يحب فقد إنفتح قلبه على عمل ذبيحة الصليب
وهذا هو أساس ميلاد الخليقة الجديدة. والمسيح إحتمل كل الآلام ليستعلن لنا محبة
الآب (يو16:3). ومحبة الآب هذه لا تسكن في قلوب، ولا تعمل في قلوب ليس لها صفة
المحبة. فالمحبة الإلهية لا تعمل إلاّ في مجال المحبة. هذه المحبة تحمي الكنيسة من
الشر والفساد. وصيتي= هي وصية المسيح في حديث الوداع الأخير قبل الفراق
(مت44:5) ووصية المسيح أن نحب أعدائنا لا مثيل لها في أي مكان في الدنيا ولا في أي
دين، هي وصية مستمدة من صليب المسيح (رو10:5). والمسيح حين يعطي أمراً أو وصية
يعطي معها الإمكانية على التنفيذ فهو يبني أوامره بناءً على ما عمله هو وما سيعمله
فينا وما هو مستعد أن يفعله في كل من يؤمن به فبدونه لا نقدر أن نفعل شيئاً
(آية5).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كتاب الحياة عهد قديم سفر التكوين 16

 

آية
(13): "ليس لأحد حب اعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه."

هنا
نرى غاية المحبة أن يضع الإنسان نفسه عن الآخرين. هي محبة مضحية، وهذا ما عمله
المسيح هذه الليلة (1يو16:3). لأجل أحبائه= لم يقل لأجل من يحبونه فهو لا
يقصد القديسين. فالمسيح وضع نفسه لأجل كل الناس لأنه هو الذي يحبهم. فهو أتى لأجل
الخطاة الذين كانوا أعدائه (رو10:5 + غل20:2) فالمسيح مات عن شاول الطرسوسي الذي
كان عدواً له وحوَّله إلى إنسان يحبه حقاً. وهكذا ينبغي أن نفعل مع كل إنسان حتى
لو لم نكن نحبه أو لم يكن يحبنا.

 

آية
(14): "أنتم أحبائي إن فعلتم ما أوصيكم به."

هنا
المسيح يرفع درجة المؤمن الذي يحفظ الوصايا لدرجة إبراهيم (يع23:2 + إش8:41) أحبائي=
هنا جاءت في اليونانية "خلاني" "من خل" وهذه قيلت عن
إبراهيم. والخل كل شئ مكشوف أمامه.

 

آية
(15): "لا أعود اسميكم عبيداً لأن العبد لا يعلم ما يعمل سيده لكني قد سميتكم
أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي."

السيد
يكشف أسراره لأحبائه لا لعبيده. والمسيح كشف لنا تدابير الآب التي هي أيضاً
تدابيره ولا أحد يعرف قلب الآب سوى الإبن. ولذلك لم يخفي الله عن إبراهيم ما هو
فاعله (تك17:18) وما الذي أعلنه المسيح لأحبائه؟ هو أعلن لهم محبة الآب وأعلن لهم
الآب فهو وحده الذي يعرف الآب (يو18:1). والذي رأي المسيح فقد رأى الآب، هو يعلن
ما يمكن أن ندركه والعبد يطيع إما عن خوف أو طلباً في أجرة أو فائدة. أما الإبن فيطيع
عن حب.

 

آية
(16): "ليس انتم اخترتموني بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم
ثمركم لكي يعطيكم الآب كل ما طلبتم باسمي."

ليس
أنتم إخترتموني=

دعوتهم هي دعوة إلهية لأجل محبته لهم. وهذا ما يعطيهم الحافز لإحتمال الآلام في
خدمتهم أن الله يحبهم ويثق فيهم (هذه الآية موجهة للخدام). ولنلاحظ أن الله دائماً
هو صاحب المبادرة في كل ما يمت إلى الإنسان من الخيرات السماوية. فهو الذي بادر
وأتى ليجعلهم أبناءً بدلاً من عبيد ويعطيهم المجد الذي له (22:17) ويعطيهم الفرح
هنا. والله يختارني وأنا أقبل هذا الإختيار وأختار الله تاركا العالم. ولكن لنلاحظ
أن قول الرب إخترتكم= هذه لا تخص الخلاص بل إخترتكم للرسولية= لتأتوا
بثمر.
إذاً ليس لهم فضل في أن يكونوا رسلاً بل الفضل للمسيح في إختيارهم، فهو
صاحب المبادرة. هو الذي يعرف ظروفهم ومواهبهم وضعفاتهم. ولكن هذا لا يمنع أنهم هم
لابد أن يقبلوا الدعوة.

لتذهبوا=
الله
إختارهم كتلاميذ لا كشرف لهم فقط بل ليدعوا العالم بكرازتهم. ويكونوا سفراء له.
فالكنيسة ستبنى على أساس الإيمان الذي سيكرزوا به. فالثمر المطلوب هو إيمان كل
العالم بالمسيح فيكون لهم حياة. يدوم ثمركم= الإثمار مستمر في الكنيسة وخدامها
وخدمتها للعالم كله حتى نهاية الدهر. يعطيكم الآب كل ما طلبتم بإسمي= المسيح
هو المتكفل بأن يعطيهم الآب كل ما يطلبونه ويحميهم من مخاطر الكرازة ويضمن لهم
الثمر الكثير. ولنلاحظ أن الثمر الكثير وإستجابة الصلاة نتيجتان لثباتنا في
المسيح. ولاحظ أنهم حينما يجاهدون ويكرزون بالمسيح يستجيب الله لصلواتهم إذ هم
أمناء. فيعطيهم ما يطلبونه فيزداد ثمرهم. فلا ثمر بدون صلاة ولا ثبات بدون صلاة
وبدون محبة (آية17).

 

الآيات
(17،18): "بهذا أوصيكم حتى تحبوا بعضكم بعضاً. أن كان العالم يبغضكم فاعلموا
انه قد ابغضني قبلكم."

في الآيات
(18-27) نرى المواجهة مع العالم الذي يجهل الآب والإبن وعداوة العالم لكنيسة
المسيح والمسيح نفسه وعلى التلاميذ أن يكملوا الصراع الذي بدأه العالم مع المسيح. أبغضني
قبلكم=
أي سيبغضكم العالم، بسبب إيمانكم بي. والمقصود بالعالم، روح الشر الذي
في العالم. أما العالم الذي خلقه الله فقيل عنه "هكذا أحب الله العالم".
ولكن الروح القدس سوف يؤازرهم ويقدم المعونة في وقتها (1يو3:1 + 1بط12:4-19). ولكن
المسيح يؤكد ويكرر على ضرورة المحبة بيننا لنستطيع أن نواجه العالم. والعالم يكره
المسيح لأن قداسته تفضح شرورهم. وهكذا الكنيسة التي فيها الحب يكرهها العالم.
محبتنا لبعضنا البعض درع نواجه به كراهية العالم لنا. فمن خلال محبتنا يعمل الله
فينا ويعطينا قوة ومعونة وتعزية. ولو كرهنا العالم فنحن لا نكره أحد ولا نعادي
أحد. بل نصلي لأجل الجميع ونحب الجميع. ومحبتنا تجعل المسيح يسكن فينا وهذا هو
الدرع الذي يجعلنا نحتمل إضطهاد العالم. لكن لنعلم أن الشيطان الذي يسود العالم
سيجعل العالم يكرهنا.

 

آية
(19): "لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته ولكن لأنكم لستم من العالم
بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم."

(قارن
مع 2تي12:3). الشيطان رئيس العالم لا يحتمل أن يهرب أحد من تحت سلطانه ويتركه.
وحينما يحدث هذا ويدخل أي مؤمن في الكرمة سواء بالإيمان أو بالتوبة يهيج الشيطان
العالم ضده. وهذا ما حدث في بدء الكنيسة وما يحدث لكل تائب حتى الآن. ولكن هذا
الهيجان وهذه البغضة ضد المؤمنين هي علامة ثبات في المسيح ورجاء لنا أننا على
الطريق الصحيح. على شرط أن لا نكون نحن سبباً في هذه البغضة. العالم يحب خاصته=
الذين أصبحوا عبيداً له يعلمون لحسابه (44:8). فلا أحد يحارب الذين له وهذا
غير محبة المسيح الباذلة. فمحبة العالم لخاصته هي محبة أنانية فيها يستعبد العالم
خاصته كما يستعبد المال الناس. ولاحظ أن المسيح يكرر كلمة العالم في هذه الآية
5مرات للتنبيه على خطورة هذا العدو. فالعالم يرفضنا لكن هذا لا يهم فنحن لسنا من
العالم بل من فوق بعد أن إختارنا المسيح.

 

آية
(20): "اذكروا الكلام الذي قلته لكم ليس عبد اعظم من سيده إن كانوا قد
اضطهدوني فسيضطهدونكم وأن كانوا قد حفظوا كلامي فسيحفظون كلامكم."

حفظوا
كلامي=
إحترموا
كلامي. وهذا لم يحدث. وسفر الأعمال شاهد كيف قاوم اليهود كرازة الرسل وكلام
المسيح. هذا النص وارد في (يو16:13). والمسيح أسمانا بنين وأحباء فلماذا يعود
ويسمينا عبيد؟! المسيح يسمينا أبناء ولكن علينا أن نسمى أنفسنا عبيد، علينا أن
ندرك في أنفسنا أننا عبيد.. "متى فعلتم كل ما أمرتم به فقولوا إننا عبيد
بطالون" (لو10:17). ولذلك كان التلاميذ يفتخرون بأنهم عبيد ومنهم من كان
قريباً للمسيح بالجسد وحتى بهذا لم يفتخر بل إفتخر بأنه عبد للمسيح (رو1:1 +
2بط1:1 + يع1:1 + يه1). فالمسيح وهو الله فعل هذا وغسل أرجل تلاميذه وقبل الشتائم
والإهانات فهل نطلب نحن الأكاليل، هو تواضع فهل نرتفع. هو وضع نفسه في المقدمة
كنموذج لنا. ومن يظن في نفسه أنه عبد لن ينتفخ ويتكبر بل وسيشعر في نفسه أنه لا شئ
ولا يستحق شئ ولن يختلف مع الله إذا لم يعطه شئ، لسان حاله يقول "اللهم
إرحمني أنا الخاطئ" "وخطيتي أمامي في كل حين" وكل ما تعطيه لي يا
رب أنا لا أستحقه بل هو من رحمتك وحنانك. ومن يحب الله محبة حقيقية يشتهي أن يكون
له عبدا أي أن يسود الله علي حياته ويكون هو وكل ما يملك ملكاً له (خر5:21،6) وهذا
ما قيل عن المسيح نفسه (مز6:40 + عب5:10) ومعنى كلام السيد أننا سنتألم لأجله،
وهذا جزء من معركة النور مع الظلمة. آلامنا هي شركة في آلام المسيح ونحن لسنا أفضل
منه حتى لا نتألم. بل أن آلامنا حقيقة هي موجهة ضده. فالإضطهاد الواقع علينا هو
بسببه. وإن كان هو قد تألم فهذا سيحدث لنا.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس يسوعية كاثوليكية عهد قديم سفر يشوع بن سيراخ 39

 

آية
(21): "لكنهم إنما يفعلون بكم هذا كله من اجل اسمي لأنهم لا يعرفون الذي
أرسلني."

سلا
الإضطهاد ضد الكنيسة هو إرتباطها بالمسيح (أع40:5،41 + 1بط14:4). لأجل إسمي= طوبى
لمن يضطهد لأجل إسم المسيح، فالآلام مع المسيح هي شركة مجد. هي يضطهدونكم لأن إسمي
فيكم. فالمسيح فتح الباب لكل إنسان ليعود إلى أحضان الآب ويخرج من سلطان الشيطان
والظلمة. لذلك يكره العالم إسم المسيح أمّا أبناء الله فيدركون أنه سر قوتهم. لأنهم
لا يعرفون الذي أرسلني=
هم يتصورون أنهم يعرفون الله ولكنهم حقيقة لا يعرفوه
ولا يعرفون أن الآب هو الذي أرسل الإبن ليجمع فيه أبناء الله. ومعرفة الله الآب
مقصورة على من يقبل الإبن وفدائه فتكون له حياة. والذي لا يعرف الإبن يستحيل عليه
معرفة الآب ومن لا يعرف الآب حقيقة لا يعرف الإبن فهو إبنه. وبالتالي فهو يجدف على
الآب والإبن دون أن يدري. ودون أن يدري يسئ إلى نفسه (لو34:23). هذا كله= الإضطهاد
حتى القتل والتعيير والإحتقار.

 

آية
(22): "لو لم اكن قد جئت وكلمتهم لم تكن لهم خطية وأما الآن فليس لهم عذر في
خطيتهم."

العالم
ليس له عذر في إضطهاده للمسيح ولكنيسته، فهو قد جاء وجعل معرفة الآب ظاهرة لكل
إنسان. هو جعل معرفة الآب ظاهرة بأقواله وأعماله. واليهود كان يجب أن يدركوا قبل
غيرهم أن المسيح فيه تحقيق كل النبوات، ولذلك آمن الكثيرون وسيكونون سبب دينونة
لمن لم يؤمن، فمن لم يؤمن أثبت أنه قد أسلم نفسه للشيطان وقد إنحاز لشهواته. لم
تكن لهم خطية=
لذلك برفضهم المسيح وصلبهم له بدون وجه حق كانوا بلا عذر بل
صلبوه بحقد مجنون. فهو جاء بنفسه وأظهر حبه فلماذا الرفض؟ والإنسان مسئول على قدر
ما يعرف، وهم رأوه وعرفوه فصارت لهم خطية إذ رفضوه وهي = أبغضوني أنا وأبي.

 

آية
(23): "الذي يبغضني يبغض أبي أيضاً."

قارن
مع (1يو23:2) هنا نرى ببساطة أن الآب والإبن هم واحد. فما يصيب الإبن يصيب الآب،
ومن أبغض الإبن فقد أبغض الآب.

 

آية
(24): "لو لم اكن قد عملت بينهم أعمالاً لم يعملها أحد غيري لم تكن لهم خطية
وأما الآن فقد رأوا وابغضوني أنا وأبي."

أعمال
المسيح المملوءة حباً وقوة إعجازية كانت تنطق بأن الآب الحال فيه هو يعمل الأعمال
(يو10:14). فالآب عن طريق أعمال المسيح يقترب للإنسان لذلك فلا عذر لمن لا يؤمن
وقارن مع (1يو1:1-4). فأعمال المسيح كان فيها خلقة وبسلطانه الشخصي.

 

آية
(25): "لكن لكي تتم الكلمة المكتوبة في ناموسهم أنهم أبغضوني بلا سبب."

أبغضوني
بلا سبب=
فالمسيح
لم يؤذ أحد ولا أساء لأحد. (مز19:35 + 4:69). وكون أن الناموس يتنبأ عماّ حدث
للمسيح بالتفصيل فهذا فيه إعلان بأن خطة الفداء أزلية. (لاحظ أن بيلاطس لم يجد فيه
علة تستوجب الموت).

 

الآيات
(26،27): "ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من
عند الآب ينبثق فهو يشهد لي. وتشهدون أنتم أيضاً لأنكم معي من الابتداء."

إزاء
أضطهاد العالم للكنيسة نجد الله يُرسل الروح القدس للكنيسة كقوة إلهية جبارة تشهد
وتدعو سراً القلوب الأمينة التي تقبل الله (1كو3:12) وهو يقنع ويشجع ويعزي ويعطي
كلمة للإقناع بقوة وسط هذه الضيقات. وبدونه لا نقدر على مواجهتها. أرسلهُ أنا= أي
حينما أتمم عملي بالصليب ثم بالإنطلاق إلى الآب لأتمجد أُرْسِلْ الروح القدس
للكنيسة. وكون المسيح يُرسل الروح القدس ليعطينا الولادة الجديدة ويعيد تشكيلنا
فهذا العمل هو تكميل نهائي لعمل الخلقة الأولى التي إضطلع بها الكلمة سابقاً. وكون
أن المسيح يُرسل الروح القدس فهذا يثبت ألوهية المسيح (يو7:16) فقد قال سابقاً
"الذي سيرسله الآب بإسمي" (يو26:14) فكما يرسل الآب الروح القدس يرسله
الإبن أيضاً. روح الحق= الذي يشهد فينا للمسيح الحق (عكس الباطل الذي في
العالم). الروح يشهد للناس بالحقيقة الغائبة عنهم. والعكس نجده في (1يو3:4). من
عند الآب ينبثق=
الإنبثاق يعني أن الروح القدس يخرج من الآب بالطبيعة. كذلك
المسيح يخرج من عند الآب (27:16،28) فالآب هو المنبع. وتعبير الإنبثاق هو تعبير
خاص بالروح القدس. والفرق بين الولادة (للمسيح) والإنبثاق (للروح القدس) هو الفرق
بين خروج النور من الشمس وإنبعاث الحرارة منها. ونلاحظ أنه لا توجد فوارق زمنية
بين الآب المصدر والإبن المولود والروح المنبثق. فالحرارة والضوء كائنين مع الشمس منذ
وجودها. والآية صريحة أن الروح القدس ينبثق من الآب وليس من الآب والإبن. ولكن
نقول أن الإبن يرسل الروح لنا بعد أن أتم فدائه. هو يرسله من عند الآب بإسمه. يشهد
لي=
من خلال التلاميذ وكرازتهم وفي قلوب من يسمعهم وبتوجيه المؤمنين للقيام
بأعمال هي بحد ذاتها تصير شهادة للمسيح. فالروح القدس هو روح مناداة وإعلان ينطق
بالكلمة في الأفواه وفي القلوب، أفواه الكارزين وقلوب المستمعين. والروح القدس
أوحي للتلاميذ ليكتبوا الكتاب المقدس ليكون شاهداً للمسيح. يشهد لي= فالآب
يشهد للمسيح والمسيح يشهد للآب والروح يشهد للمسيح. وتشهدون= أي أن الروح
القدس يعطينا قوة لنشهد للمسيح الذي شهد له الروح داخلنا. ويعطينا قوة أن نحيا
بحسب الحق. (ولاحظ التغيير الذي حدث لبطرس والتلاميذ يوم الخمسين). وتشهدون
أنتم أيضاً=
كثمر لحلول الروح القدس فيهم يشهدوا لعمل المسيح فيهم. ويشهدوا
أنهم مسيحيين حتى سفك الدم. والشهادة تكون بسيرتنا فيظهر المسيح الذي يحيا فينا. لأنكم
معي من الأبتداء=
فالتلاميذ عاشوا مع المسيح منذ بداية عمله وخدمته وتعليمه
وكانوا شهوداً على كل كلمة وكل عمل. والمسيح هنا يتكلم عن رحلة الكرازة منذ يومها
الأول. والقديس متى والقديس لوقا تتبعا الأمور منذ بدايتها. والروح القدس علمهم ما
يكتبونه عن كل القصة منذ ولادة المسيح بل والبشارة به. ومرقس شهد بالروح القدس عن
كل القصة من بدء عمل الروح القدس في المعمدان. أمّا يوحنا فكشف له الروح القدس سر
البدء الأزلي، بل وكشف ليوحنا عن تفاصيل سرية جداً (راجع أع32:5، 21:1،22) +
(1يو1:1). ولنلاحظ أن الخادم الذي لم يعش مع المسيح ويختبره ويراه لا يستطيع أن
يشهد له وعنه. والروح القدس يعمل في الخادم المتكلم ليشهد للمسيح ويعمل في السامع
ليقبل الكلام.

ملحوظة: هناك من غَيَّرَ في قانون
الإيمان وقال عن الروح القدس أنه منبثق من الآب والإبن بزعم الوحدة والتساوي بين
الآب والإبن. ولكن الوحدة لا تمنع الأقنومية والتميز في الفعل. فالإبن مولود من
الآب والروح القدس منبثق من الآب. ولو كانت الوحدة تلغي الأقنومية لكنا نقول أن
الإبن مولود من الآب ومن الروح القدس. ولكن علينا أن لا نرتئي فوق ما ينبغي أن
نرتئي!! فالله أعلن في هذه الآية أن الروح القدس ينبثق من الآب فهل نترك لعقولنا
المحدودة فحص طبيعة الله بل وتغيير الآيات!!

المعزي= باراكليتوس

بارا= بجوار أي ملازم لشخص/ حاضر
معه/ قريب منه (ومنها
PARALLEL)

كليتوس= المدعو

فهو يطلب ليساعد، هو حاضر بالقرب من الإنسان
ليعينه ويعزيه ويسنده ويشهد للمسيح.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي