الإصحاح
الثانى عشر
مقدمة:-
لماذا
يسمح الله بإستشهاد يعقوب على يد هيرودس ويرسل ملاكاً لينقذ بطرس؟ لكل إنسان عمل
معين خلقه الله ليؤديه أف 10:2. وبعد أن ينهى عمله يذهب للراحة فى السماء. ولسان
حال المسيحى المؤمن لى إشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح…. ولكن بقية الآية
مهمة…. لكن أن أبقى ألزم لأجلكم (فى 23:1،24) فيعقوب له إشتهاء أن ينطلق ولأنه
أتم عمله نقله الرب إلى الراحة، وبطرس كان له إشتهاء ان ينطلق ولكن بطرس كان مازال
أمامه عمل ليؤديه لذلك أخرجه الله من السجن. قليس هيرودس أو العالم هو الذى يتحكم
فى حياة أولاد الله، لكن الله الذى يسمح ويحدد متى نغادر العالم وبأى طريقة يو
19:21. هيرودس الملك= هو هيرودس أغريباس الحفيد الأكبر لهيرودس الكبير. وهو
إبن شقيقة هيرودس أنتيباس الذى قطع رأس يوحنا المعمدان. وكانت أمه من عائلة
المكابيين. لذلك كان له شعبية لأنه يجرى فى دمائه الدم اليهودى فالمعروف أن عائلة
هيرودس أنهم أدوميين. وهيرودس هذا تربى فى روما لذلك فهو على صلة وصداقة مع
كاليجولا الإمبراطور، الذى منحه لقب ملك، وملكه على ربعين. ثم أتى كلوديوس قيصر
بعد كاليجولا فأعطى لهيرودس اليهودية والسامرة وبهذا صارت مملكته كمملكة هيرودس
الكبير. وهذا الهيرودس كان يتودد لليهود كثيراً. لذلك بدأ إضطهاداً ضد الكنيسة، بل
بدأ بالرسل أنفسهم. وربما كان ذلك لأن الرسل فتحوا الباب للأمم. وهو حاول إسترضاء
اليهود بمراعاة الناموس الفريسى. وكان يقرأ التوراة فى الأعياد وإمعاناً فى هذه
السياسة قتل يعقوب وحاول قتل بطرس.
آية
(2) :-
فقتل
يعقوب أخا يوحنا بالسيف.
بذلك
صار يعقوب هو أول شهيد بين الرسل. ويقال أنه أثر فى رئيس السجن فأمن وإستشهد معه
(يوسابيوس). والآن بدأ الإضطهاد على يد السلطة المدنية. ويعقوب هذا هو إبن زبدى
أخو يوحنا
آية
(3) :-
وإذ
رأى أن ذلك يرضي اليهود عاد فقبض على بطرس أيضا وكانت أيام الفطير.
إمعاناً
فى إرضاء اليهود أراد هيرودس قتل بطرس المتقدم فى الرسل. وربما كان هيرودس يجامل
اليهود فى العيد كما كان بيلاطس يجاملهم ويطلق لهم سجين كل عيد. أيام الفطير = هى
7 أيام بعد الفصح لا يأكلون فيها خميراً، وفيها لا يقتلون أحداً لذلك كان لابد من
إنتهاء أيام الفطير لَيقتلوه لذلك حبسوه حتى تنتهى أيام الفطير.
آية
(4) :-
ولما
امسكه وضعه في السجن مسلما اياه إلى أربعة ارابع من العسكر ليحرسوه ناويا أن يقدمه
بعد الفصح إلى الشعب.
أربعة
أرابع = هم
أربعة نوبات يتناوبون الحراسة. وكل نوبة 4 عساكر. إثنين منهم يربطان بالسلاسل فى
يدى بطرس وإثنين حراسة على الباب.
آيات
(5-7) :-
فكان
بطرس محروسا في السجن وأما الكنيسة فكانت تصير منها صلاة بلجاجة إلى الله من
اجله.ولما كان هيرودس مزمعا أن يقدمه كان بطرس في تلك الليلة نائما بين عسكريين
مربوطا بسلسلتين وكان قدام الباب حراس يحرسون السجن. وإذا ملاك الرب اقبل ونور
أضاء في البيت فضرب جنب بطرس وأيقظه قائلا قم عاجلا فسقطت السلسلتان من يديه.
لقد
إستجيبت صلواتهم لأنها بحسب إرادة الله (1يو 5 : 14) ولأن الله مازال يرى أن لبطرس
عملاً يؤديه قبل أن يستشهد. وطبعاً فإن الملاك لم يره سوى بطرس. ولاحظ نوم بطرس فى
سلام بين العسكريين وهو يعلم أنه سيقتل.
آيات
(8-9) :-
وقال
له الملاك تمنطق والبس نعليك ففعل هكذا فقال له البس رداءك واتبعني. فخرج يتبعه
وكان لا يعلم أن الذي جرى بواسطة الملاك هو حقيقي بل يظن انه ينظر رؤيا.
إتبعنى
= ربما لأن
بطرس كان السجن غير ذى أهمية عنده. وهذا ما حدث مع بولس، إذ حينما إنفتحت أبواب
السجن لم يخرج بل ظل يسبح. وربما كان بطرس فى حالة ذهول وما يؤكد هذا أن الملاك
يرشده لما يفعل = تمنطق والبس نعليك فهو شبه نائم أو كمن فى حلم.
آية
(10) :-
فجازا
المحرس الأول والثاني وأتيا إلى باب الحديد الذي يؤدي إلى المدينة فانفتح لهما من
ذاته فخرجا وتقدما زقاقا واحدا وللوقت فارقه الملاك.
كان
بطرس فى الحبس الداخلى وهو الحبس المشدد، وكان ذلك لمن يخشى هروبهم وغالباً يكون
للمحكوم عليهم بالإعدام. إنفتح لهما من ذاته = من يتبع الله تفتح أمامه حتى
الأبواب الحديدية. فلا يستحيل على الرب شئ. وتقدما زقاقاً= حتى يخرج بطرس
من محيط الخطر وحتى تنتهى منه حالة الدهشه.
آية
(11) :-
فقال
بطرس وهو قد رجع إلى نفسه الان علمت يقينا أن الرب أرسل ملاكه وأنقذني من يد
هيرودس ومن كل انتظار شعب اليهود.
هنا
رجع بطرس لنفسه وإنتهت دهشته وحالة عدم التصديق فهو كان فى ذهول.
كل
إنتظار شعب اليهود
= الذين كانوا منتظرين رجمه كهدية فى العيد من هيرودس. وخلاص بطرس من السجن هنا هو
صورة مبسطة لما عمله المسيح إذ أخرجنا من حبس الشيطان والخطية لنسير فى نوره حتى
ينفتح باب الحديد وننطلق للسماء.
آيات
(12-17):-
ثم
جاء وهو منتبه إلى بيت مريم أم يوحنا الملقب مرقس حيث كان كثيرون مجتمعين وهم
يصلون. فلما قرع بطرس باب الدهليز جاءت جارية اسمها رودا لتسمع. فلما عرفت صوت
بطرس لم تفتح الباب من الفرح بل ركضت إلى داخل وأخبرت أن بطرس واقف قدام الباب.
فقالوا لها أنت تهذين وأما هي فكانت تؤكد أن هكذا هو فقالوا انه ملاكه. وأما بطرس
فلبث يقرع فلما فتحوا ورأوه اندهشوا. فأشار إليهم بيده ليسكتوا وحدثهم كيف أخرجه
الرب من السجن وقال اخبروا يعقوب والاخوة بهذا ثم خرج وذهب إلى موضع أخر.
ذهب
بطرس إلى مقر إجتماع الكنيسة ليُعلمهم بما حدث ثم ذهب لمكان بعيد عن عينى هيرودس
الذى كان مصمماً على قتله = ذهب إلى موضع أخر= ربما كان مصر(حيث كان مرقس
يبشرها ابط 13:5 حيث بابل هى بابيلون مصر القديمة ) والإخوة الكثوليك يقولون إن
الموضع الآخر هو روما حيث ذهب ليؤسس كرسى روما. وهذا مرفوض علمياً وتاريخياً.
أخبروا
يعقوب =
يعقوب هو أخو الرب وكاتب رسالة يعقوب ورئيس مجمع أورشليم (أع15). وهو غير يعقوب بن
زبدى أخو يوحنا الذى إستشهد بسيف هيرودس
ملاكه = ربما ملاكه الحارس فاليهود
يعتقدون أن لكل إنسان ملاك حارس. وربما يعنون أنه مات واستشهد وهذه هى روحه (لو 24
: 37).
آيات
(18-23) :-
فلما
صار النهار حصل اضطراب ليس بقليل بين العسكر ترى ماذا جرى لبطرس. وأما هيرودس فلما
طلبه ولم يجده فحص الحراس وأمر أن ينقادوا إلى القتل ثم نزل من اليهودية إلى
قيصرية وأقام هناك. وكان هيرودس ساخطا على الصوريين والصيداويين فحضروا إليه بنفس
واحدة واستعطفوا بلاستس الناظر على مضجع الملك ثم صاروا يلتمسون المصالحة لان
كورتهم تقتات من كوره الملك. ففي يوم معين لبس هيرودس الحلة الملوكية وجلس على
كرسي الملك وجعل يخاطبهم. فصرخ الشعب هذا صوت اله لا صوت إنسان. ففي الحال ضربه
ملاك الرب لأنه لم يعط المجد لله فصار يأكله الدود ومات.
الله
لم يمهل هذا الطاغية المتكبر المغرور كثيراً. بل مات ميتة شنيعة.
ساخطا
على الصوريين
= أهل صور وصيدا كانوا يحصلون على طعامهم من الجليل وهذا من أيام سليمان الملك
وحيرام ملك صور (امل 9:5) ومايليه. ولما غضب عليهم هيرودس لسبب ما منع قوافل
التجار من الذهاب إليهم فجاعوا.
يلبس
الحلة = حتى
يبهر الصوريين والصيداويين الذين جاءوا إليه ويستعرض أمامهم عظمته فيبهرهم
ويرهبهم. وجاءت القصة هنا فى سفر الأعمال مطابقة تماماً لما ذكره يوسيفوس المؤرخ
اليهودى. فى يوم معين = يقول يوسيفوس أنه يوم تكريم كلوديوس قيصر
(ربما يوم ميلاده أوجلوسه على العرش). وهيرودس هذا الذى مات هو والد دروسلا
وأغريباس الصغير وبرنيكى (أع 24:24 + 13:25 )
فصار
يأكله الدود
= يقول يوسيفوس أنه فى يوم لبس الحلة الملوكية الموشاة بالفضة وحين وقع عليها ضوء
الشمس، أثار مجده الملوكى الدهشة والرعب فصرخوا إرحمنا نحن نرفعك فوق البشر وأنت
لست من البشر، أما هو فإرتاح للإطراء ولم يردعهم على تملقهم المزيف. فداهمه ألم شديد
فى جوفه. حملوه على إثره إلى القصر ومات بعد خمسة أيام بعد مُلك دام 7 سنين. وكانت
عادة تأليه الحكام عند الرومان قد بدأت فى الإنتشار وذلك للأباطرة. ففى سنة 29 سمح
أغسطس قيصر بإقامة هياكل تكريماً له. وهنا نجد الشعب فى تملق واضح يؤله أغريباس
أيضاً. وهو يقبل هذا. ولكن كيف يقبل وهو اليهودى قارئ الناموس ولا يُرجع المجد
لله.
أية
(24):-
وأما
كلمة الله فكانت تنمو وتزيد.
كان
أغريباس ساهراً على خراب الكنيسة ولكن الله كان ساهراً على نموها. ومات أغريباس
ولكن الكنيسة إمتدت لكل العالم. بل نجد عبر التاريخ أن ذراع الرب تستعلن وسط
الضيقات.
أية
(25) :-
ورجع
برنابا وشاول من أورشليم بعدما كملا الخدمة وأخذا معهما يوحنا الملقب مرقس.
لقد
أغلقوا الهيكل فى وجه الرسل وإضطهدوا المسيحيين بل والرسل فى أورشليم. ولكن الله
يسمح بأن تمتد الكنيسة. ويصير هناك مركزاً جديداً للكنيسة فى إنطاكية ورسولاً
عظيماً سيمتد من إنطاكية لكل أوروبا هو بولس الرسول. ويبدو أن بولس وبرنابا أقاما
فى بيت مرقس.
هنا
نرى عودة برنابا وشاول من أورشليم إلى إنطاكية، بعد أن أكملوا خدمة فقراء أورشليم.
وجاء معهم مرقس ( مار مرقس كاروز ديارنا المصرية ) وكان هذا إيذاناً بإنطلاق
الكرازة للعالم كله. ومرقس هو إبن أخت برنابا (كو 10:4). فمريم أم مرقس هى أخت
برنابا وهى صاحبة العُليِة. وكون بولس وبرنابا يأخذان معهمامرقس فهذا غالباً كان
لإقامة برنابا وبولس فى علية مار مرقس مركز الكنيسة فى أورشليم حيث كان يجتمع الرب
مع تلاميذه.
وكانت
عودة بولس وبرنابا ومرقس لإنطاكية سنة 46م بعد موت هيرودس أغريباس بسنتيين وهذا
مات سنة 44م.
وكانت
هناك زيارة أخرى لبولس الرسول لكنيسة أورشليم ليعرض الإنجيل الذى يبشر به على
التلاميذ (غل 1:2-10) وبهذا تنطلق الكنيسة إلى الأمم بإنجيل بولس مصدقاً عليه من
التلاميذ.
من
هذه الآية إنطلق بولس وبرنابا ومرقس ليكرزوا للعالم كله وكان معهم لوقا ويقال أن
لوقا من إنطاكية. ولوقا هو كاتب سفر الأعمال وإنجيل لوقا.