الإصحاح التاسع

 

يناقش بولس الرسول
اليهود في هذه الرسالة في ثلاثة مواضيع:-

1.       بنوتهم
لإبراهيم بالجسد كإمتياز خاص لهم. وأوضح لهم أن بنوتهم له بالإيمان أهم، والأهم
بنوتهم لله، هذه التي كانت بالمسيح.

2.       الحاجة
ليست للناموس، بل أن غاية الناموس هو المسيح. فالناموس عجز عن التبرير، بل لم
يستطع سوي أن يكشف عن الخطية فقط، أما الإيمان بالمسيح فيبرر.

3.       إمتياز
اليهود كشعب مختار، وهذا ما يناقشه في الإصحاحات (9-11) وهذا أمر حساس بالنسبة
لليهود، والرسول بحساسية شديدة يود أن يكسبهم دون أن يغلق الباب أمام الأمم.
والرسول لا ينكر أن الله قد إختارهم كشعب له، إنما أكد أن هذا الأمر لا يقوم علي
إمتياز فيهم أو عن إستحقاق خاص لهم، إنما محبة الله "الذي يرحم من يشاء"
وخلال هذا الفهم أعلن الله أيضاً حبه للأمم فإختارهم أيضاً. وفي ص (11) يحذر الأمم
من أن يتكبروا علي اليهود، فاليهود هم الزيتونة الأصلية والأمم قد طعموا فيها. وفي
نهاية الأيام سيقبل اليهود الإيمان بالمسيح بعد جحودهم لزمان طويل. وفي ص (11)
تحذير للأمم من كبريائهم، فالكبرياء يعرض صاحبه أن يقطع من شجرة الزيتون (شعب الله
سواء في العهد القديم أو العهد الجديد).

إن الرسول في هذا الإصحاح
لا يعالج مشكلة حرية الإرادة عند البشر، بل حق الله في إختيار الأمم، كما كان له
الحق في اختيار اليهود، لكن المشكلة أن اليهود أنكروا علي الله حقه في إختيار
الأمم. والرسول يريد أن يثبت إن إختيار الأمم من حق الله. لقد رحم الله اليهود دون
فضل منهم سوي رحمة الله، وهذه المراحم لها حق العمل في غيرهم أيضاً، ولكن الرسول
خلال الرسالة يؤكد علي حرية الإرادة الإنسانية وتقديس الله لها، بل هو واهبها.

 

آنية الكرامة وآنية
الهوان:

يقول بولس الرسول في
هذا الإصحاح أن الله كخزاف (صانع آنية الفخار من الطين) حرّ في أن يصنع آنية
للكرامة من كتلة من الطين، وأن يصنع آنية هوان من كتلة أخري (آية21). فالله حر أن
يخلق موسى آنية كرامة وأن يخلق يهوذا الإسخريوطي آنية هوان، وفهم البعض هذا الرأي
بطريقة خاطئة ففهموا أن هذا ضد حرية الإنسان، فالله إختار وحدد مثلاً أن فلان يكون
آنية هوان، ومهما فعلت فلابد أن أهلك، فالله إختار هذا.

وهذا مفهوم ساذج.
والمهم أن نعرف لماذا كتب بولس الرسول هذا الكلام فاليهود يقولون عن أنفسهم نحن
شعب الله المختار وحدنا، وليس من حق الله أن يختار الأمم ليكونوا شعباً له. وبولس
يرد قائلاً بل من حق الله أن يُعيِّنْ اليهود كشعب مختار فترة من الزمان والأمم
كإناء للهوان فترة من الزمان ثم هو حرّ في أن يقبل الأمم وقتما يشاء. إذاً الموضوع
الذي يناقشه بولس هنا ليس هو حرية الإنسان بل حرية الله. فالمهم أن نفهم المناسبة
التي قيلت فيها الآية حتى نفهمها.

وما نريد أن نؤكده،
فهذا مفهوم الكتاب المقدس كله، أن الله ليس ضد حرية الإنسان، فالله لا يُعيِّنْ
إنسان للخلاص وإنسان للهلاك، بل أن الله يريد أن الجميع يخلصون 1تي 4:2. وما يعطل
إرادة الله هذه هو حريتي أنا وإرادتي أنا. مت 37:23.

أمّا حرية الإنسان فهي
واضحة من تمرد كثيرين وشعوب كثيرة علي الله بل وإهانتهم لله (الشعوب الشيوعية
لفترة من الزمان)، ومع ذلك فالله يشرق عليهم بشمسه ويعطيهم طعاماً وشراباً.

وإذا كان الله هو الذي
يحدد من يهلك ومن يخلص، فكيف يحاسب الله الناس يوم الدينونة، وكيف تنطبق الآية
تتبرر في أقوالك وتغلب إذا حوكمت. ما نود أن يُفهم أن الله مثل المدرس، يعرف من
سينجح ومن سيرسب في الإمتحان، ولكنه يبذل مجهوده بأمانة في التدريس لكل واحد في
فصله فالله أعطي الكل فرص للخلاص، ولكن إستجابة كل واحد لعمل الله يكون بحسب حريته
هو، الله يعطي كل واحد وزنات، وسيطلب من كل واحد بحسب ما أعطاه، من أعطاه خمس
سيطلب منه خمس ومن أعطاه إثنتين سيطلب منه إثنتين.

الله يريد أن يخلق الكل
آنية مجد والدليل أن الله خلق الإنسان علي صورته ولما فسد الإنسان جاء المسيح
وأرسل الروح القدس ليعيدنا ثانية إلي صورة الله كو 10:3 + غل 19:4. فالله إذاً لا
يريد أن يخلق إنساناً ليكون آنية هوان. ولنأخذ أمثلة.

الشيطان: الله خلق
الشيطان في أجمل صورة ليكون آنية مجد، ولكنه هو بنفسه إختار أن يكون آنية هوان،
ولاحظ المرثاة التي قالها الله بحزن إذ سقط الملاك الكاروبيم وأصبح شيطاناً بعد أن
كان كامل الجمال. ولاحظ الأوصاف التي قالها الله عن الشيطان وكيف كان (أش12:14+
حزقيال11:28-15). فإرادة الله أن يكون كل خليقته آنية مجد وأن كل خليقته تخلص.
ولكن إبليس إختار الخطية، والله تركه ليكون آنية للهوان.. ولكن كان له أيضاً دور
في خطة الله الأزلية لخلاص أولاده فكان الشيطان أداة تأديب لأولاد الله. فمثلاً كان
الشيطان هو الذي دبر خطة الصليب لفداء البشر. وهو الذي سمح له الله بأن يضرب بولس
ليمنعه من الكبرياء. ويؤدب أيوب ليتنقي ويبرأ من خطيته.

يهوذا: هل إختار
الله يهوذا ليكون آنية هوان؟ أبداً. فالله إختاره من بين التلاميذ الإثني عشر،
وأعطاه كما أعطي بقية التلاميذ، نفس المواهب، وتتلمذ علي يد السيد المسيح ثلاث
سنوات كالباقين، وسمع تعاليم المسيح، ورأي معجزاته، بل شفي مرضي وأخرج أرواح نجسة،
لكن يهوذا هو الذي إختار أن يكون آنية هوان بعد أن خلقه الله وأعده المسيح ليكون
آنية مجد. كان الله يعلم أن يهوذا سيعمل هذه الخيانة لكن هل يمكن أن يقال أن
المسيح أعده ليكون آنية هوان، ولاحظنا أن يهوذا حصل علي نفس فرص التلاميذ الإثني
عشر.. ولكن خطأ يهوذا كان جزءاً من خطة الخلاص، فالله قادر أن يخرج من الجافي
(خيانة يهوذا) حلاوة (الخلاص).

ويهوذا دخله الشيطان
لأنه رفض بحريته كل فرص الخلاص، التي عرضها عليه السيد المسيح، ولاحظ آخر محاولة
للمسيح أنه يأخذه في حضنه بل يعطيه اللقمة في فمه معلناً محبته للنهاية، بل كان
عتاب المسيح له الذي يكسر القلب "أبقبلة تسلم إبن الإنسان" ربما دفعه
هذا العتاب للتوبة، ولو فعل لقبله الله. ولما رفض يهوذا كل فرص الخلاص تخلي عنه
المسيح، فصار صيداً سهلاً للشياطين، فالمسيح كان يحفظ تلاميذه من الزلل (يو12:17)
"حينما كنت معهم كنت أحفظهم" ولما رفع المسيح حمايته عنه بعد أن ترك هو
المسيح بكامل إرادته صار آنية للهوان (ما حدث كان يشبه ما قيل عن شاول الملك أن
روح الرب فارقه فدخله روح رديء (1صم14:16).. ولكن حينما دخله الشيطان إستخدمه الله
أيضاً كجزء من الخطة الأزلية للخلاص، فكل خليقة الله، كل واحد له دوره في خطة
الخلاص. فالله خلق الإنسان حراً ولا يجبره علي شئ، ولكنه يعرف مدي إستجابته للفرص
التي يعطيها له الله،فمن إستجاب لهذه الفرص كان له دوره في خطة الخلاص كآنية مجد،
ومن رفض يد الله الممدودة له صار له دوره في خطة الخلاص أيضاً ولكن كآنية هوان
(أم4:16) وما الذي يمنع الفخاري من عمل كتلة من الطين آنية للمجد؟ أن توجد زلطة أو
قطعة حجر في الطين، وهذا يماثل وجود حب الخطية في قلب إنسان، وهذا هو الذي يحوله
لآنية هوان.

فالله يعطي لكل واحد
فرص متساوية للخلاص، حتى تنطبق الآية "لكي تتبرر في أقوالك وتغلب إذا
حوكمت". ولكن كما رأينا لكل واحد دوره في خطة الخلاص حتى لو كان إناء هوان.
الله خلق الكل لغرضه والشرير أيضاً ليوم الشر (أم4:16).

فرعون: موسى يطلب
منه خروج الشعب فيرفض وتبدأ الضربات. الله لم يجعله يعاند، لكن بعد أن عاند عدة
مرات، إستغل الله عناده.

قسى الله قلب فرعون= أي تركه
علي قساوته نتيجة لعناده مع الله. ولكن الله إستغل عناده وقلبه القاسي ليخرج من
هذا خير لكلا الشعبين اليهودي والمصري، فاليهود عرفوا من هو يهوه إلههم، وعرفوا
إمكانياته الجبارة وأن آلهة المصريين هي لا شئ أمامه، والمصريين عرفوا تفاهة
آلهتهم أمام الله. ما يمكن أن نقوله أن الله لم يخلق أو يجعل فرعون معانداً، لكن
الله إستغل عناده وغباوة قلبه ليكون آلة وجزءاً من خطة الخلاص، فالله يستغل أخطاء
البشر لتنفيذ خطته للخلاص.

شاول الطرسوسي/ بولس
الرسول
:-
شاول الطرسوسي كان إناء هوان وهو يضطهد الكنيسة ويقتل المسيحيين، ولكنه لم يعاند
دعوة الله فتحول لآنية كرامة. وهكذا بتوبة أي إنسان وإستجابته لنداء الله يتحول من
آنية هوان لآنية كرامة. فالله يحاول مع كل إنسان ليتوب ويتحول إلي آنية كرامة
"توبني فأتوب لأنك أنت الرب إلهي" (أر18:31) إذاً الله يدعو كل واحد
للتوبة، ومن يستجيب يصير آنية كرامة.

قصة الشعب المختار:- الله
إختار اليهود لأنهم "أحسن الوحشين" ولأن آبائهم إبراهيم وإسحق ويعقوب
كانوا الأفضل في هذا العالم. وذلك ليعد هذا الشعب ليأتي منه المسيح، ولكن اليهود
فهموا هذا علي أنهم هم شعب الله المختار والباقين مرفوضين (بل أسموهم كلاب). ولكن
حين يأتي المسيح يأتي للكل، فالله هو إله العالم كله. هذا يشبه إختيار قطعة أرض
وتنظيفها وإعدادها وزراعة نوع من القمح الممتاز، ومعالجة هذا النوع، حتى الوصول به
لأفضل سلالة ممكنة. وبعد ذلك يأتي التوسع في زراعتها في كل الحقول. وما كان للأمم
أن يعترضوا لماذا لم يأتي منهم المسيح، فالمسيح لا يمكن أن يأتي من كل شعوب العالم
في وقت واحد، ولابد أن يأتي من شعب تم إعداده. وليس لليهود أن يعترضوا علي خلاص
الأمم، فالله إله الجميع، إختارهم ليكونوا شعبه في وقت معين ولهدف معين، انتهى
بمجيء المسيح. وأولاً وأخيراً ليس لأحد أن يعترض علي الله فحكمته فوق الجميع
(رو33:11-36).

خلاصة الموضوع انه لا
يصح أن يقول أحد مبرراً خطيته أن الله خلقه هكذا كآنية هوان، فكل واحد يعلم في
داخله أنه يخطئ بإرادته.

 

آية
(1): "أقول الصدق في المسيح لا أكذب وضميري شاهد لي بالروح القدس."

بعد أن تأمل بولس
الرسول في النعمة التي حصل عليها والتي هو فيها مقيم والمجد الذي ينتظره بعد ذلك.
يقف فجأة ليتذكر إخوته وكيف حرموا أنفسهم مما حصل عليه. بولس الذي كان يخدم ويتألم
حتي يصل أولاده لصورة المسيح، نجده هنا وقد تشبه بالمسيح في مشاعره ومحبته:

1.       الذي بكي علي أورشليم.

2.       الذي يريد أن الجميع يخلصون [لو41:19، 42+ 1تي4:2]. أقول
الصدق في المسيح
= قوله في المسيح تلخص كل ما أخذه بولس الرسول بالإيمان. وتعني
أنه بإرتباطه بالمسيح وإتحاده به صار لا يستطيع أن يقول سوي الصدق. وضميري شاهد
لي بالروح القدس
= ويشهد علي قولي هذا ضميري الذي إستنير بالروح القدس.

 

آية
(2): "إن لي حزناً عظيماً ووجعاً في قلبي لا ينقطع."

لقد إتهموا بولس
بمعاداة اليهود (أع28:21 +22:22 + 24:25). وهو هنا يؤكد محبته العميقة لهم. بل إن
حبه لليهود ورغبته في خلاصهم لهو دليل علي محبته لله التي أعلنها في نهاية ص 8.
وحزنه راجع لعدم إيمانهم فهم إخوته.

 

آية
(3): "فإني كنت أود لو أكون أنا نفسي محروماً من المسيح لأجل إخوتي أنسبائي
حسب الجسد."

هذه العبارة تشير
لمحبته الشديدة لإخوته. حسب الجسد= فهناك إخوة الآن حسب الروح. فالروح
جمعنا كلنا في جسد المسيح الواحد. هذه الآية تؤكد رغبة الرسول الشديدة في رجوع
اليهود وإيمانهم بالمسيح.

وفي نهاية ص8 سمعنا من
الرسول أن لا شئ يفصله عن محبة المسيح، فهل يقصد بأنه مستعد لأن يضحي بالمسيح؟
قطعاً لا، فهو فرحان ويفتخر بما حصل عليه، ولكنه في محبته يقول أنه يتألم ألماً
شديداً لحرمان إخوته مما يتذوقه هو. مثال:- أب ذهب في مأمورية في بلد بعيد وهناك
تذوق أطعمة لذيذة جداً، هنا يقف ليفكر في زوجته وأولاده المحرومين من هذه الأطعمة،
ويقول يا ليتني ما جئت إلي هنا حتي لا أتذوق هذا وأحبائي محرومين منه. وهناك تفسير
لطيف للقديس فم الذهب لهذه العبارة، بأن إبراهيم قَدَّمَ إسحق إبنه ذبيحة وهو مؤمن
أن الله قادر أن يقيمه، وبولس يقدم نفسه هنا ذبيحة عن إخوته مؤمناً أن الله لن
يسمح لبولس أن يُحرم من المسيح، ولكنه سيزداد بهاءً ومجداً في عيني الله لأنه
يمارس عمل محبة، بل في إيمان اليهود بالمسيح مجداً لله، فبولس بهذا يطلب مجد الله
حتى لو علي حساب نفسه لمحبته في المسيح. هنا بولس يشبه موسي الذي قال إغفر خطيتهم
وإلاّ فأمحني من كتابك (خر32:32).

 

آية
(4): "الذين هم إسرائيليون ولهم التبني والمجد والعهود والإشتراع والعبادة
والمواعيد."

حزن بولس علي
الإسرائيليين لأنهم إبتعدوا عن الخلاص الذي أعده المسيح، مع أنهم أحفاد يعقوب الذي
أخذ إسم إسرائيل كتكريم له، وهم حصلوا علي إسم أبيهم كتكريم لهم (تك8:32) وقد
تبناهم الله، وظهر لهم في مجد. وأعطي لهم العهد القديم والناموس

إسرائيليون= كلمة
إسرائيل أي يملك كالله. وإسرائيل ملك إلي حين. ولكن إسرائيل الحقيقي (الكنيسة) لا
تملك في الزمنيات، بل تنعم بشركة المجد الإلهي مع ملك الملوك (رؤ6:1). وإسرائيل هو
لقب فخر وعزة عند اليهود ويشير للقوة والمجد عكس يعقوب الذي يشير ليعقوب الضعيف
الهارب.

التبني= قال الله
عنهم إسرائيل إبني البكر (خر22:4 + هو1:11 + تث1:14 + أر9:31). ولكنهم مارسوا
العصيان (أش2:1 + مل6:1). لذلك إحتاجوا لتغيير شامل بسكني روح التبني فيهم، وطريق
هذا التبني الإيمان بالمسيح.

المجد= هم الشعب
الوحيد الذي رأي مجد الله عياناً (خر17:24) وأيضاً بعمود نور وعمود سحاب
(خر34:40-38 + 1مل11:8). وكان مجد الله يظهر من بين كاروبي تابوت العهد، ولما أخذ
الفلسطينيون تابوت العهد قالت إمراة فينحاس "زال المجد من إسرائيل"
والمسيح الآن هو مجد شعبه يسكن فيهم.

العهود= الله دخل
في عهود مع شعبه ولكنهم تجاوزوها (هو1:8 + خر18:17) لذلك صار المؤمنون في حاجة
للإلتقاء مع الله علي مستوي عهد جديد ينقش داخل القلب بالروح القدس. ولا ننسي أن
الله دخل في عهود مع الأباء إبراهيم وموسي. ولكن هذه العهود كانت حول ميراث كنعان،
أما العهد الجديد فالميراث الموعود هو السماء.

الإشتراع= هي شريعة
أعطاها الله نفسه، وليس كباقي الشعوب الذين وضع الناس شرائعهم، هم نالوا شريعة
لكنهم لم يحفظوها.

العبادة= مبادئ
وأصول خدمة الله من طقوس وصلوات وسجود وتسبيح وأعياد، وذبائح (والكل رمز للعهد
الجديد).

والمواعيد= هم نالوا
وعوداً كثيرة مثل ميراث أرض كنعان، والوعد بميلاد إسحق، وكلها مواعيد مفرحة. وأهم
وعد حصل عليه اليهود هو أن المسيح يأتي منهم، لذلك فمن يؤمن منهم بالمسيح هو الذي
يظل إسرائيلي حقاً، ومن يرفض المسيح فهو ليس إسرائيلي بالحقيقة، لذلك قال المسيح
عن نثنائيل أنه إسرائيلي حقا لا غش فيه حين أتي إليه ثم آمن به يو 47:1 فما كان
يميز اليهود أنهم أولاد وعد، فإذا رفضوا الموعود به يصيروا هم مرفوضين.

 

آية
(5): "ولهم الأباء ومنهم المسيح حسب الجسد الكائن على الكل إلهاً مباركاً إلى
الأبد آمين."

 ولهم الأباء= الأباء
البطاركة (إبراهيم وإسحق ويعقوب..) ومنهم المسيح= جاء منهم بالجسد ولذلك
خصهم الله بكل هذا التكريم، ويكفيهم هذا فخراً. المسيح حسب الجسد.. الكائن علي
الكل إلهاً
= نري هنا المسيح الإله المتأنس. بلاهوته المتحد بناسوته. الكائن
علي الكل إلهاً
= تعني أن الله هو إله اليهود والأمم أيضاً.

 

آية
(6): "ولكن ليس هكذا حتى أن كلمة الله قد سقطت لأن ليس جميع الذين من إسرائيل
هم إسرائيليون."

ليس هكذا= أي ليس كما
يتصور أحد أن كلمة الله قد سقطت، إذ أن ما يبدو للعين أن الله قد رفض
اليهود بعد كل هذه البركات والمواعيد التي حصلوا عليها. ولكن لنفهم أن وعود الله
لليهود لم تسقط، بل هي مستمرة لمن يؤمن منهم بالمسيح، الذي هو هدف ناموسهم.
فإسرائيل الحقيقي تفهم بمعني روحي وليس لمن هم حسب الجسد (رو28:2،29). وإسرائيل
الروحي هو من بقي أميناً علي ميراثه الإيماني الذي تسلمه من الأباء، فآمن بالمسيح،
الذي هو منتهى الوعد والبركة لإبراهيم ولإسرائيل، وأمّا من رفض المسيح، فهم نسل
إبراهيم حسب الجسد، وليس هم أصحاب ميراث الوعد ببركة إبراهيم (7:9،8). ورأينا في
(رو28:2،29) أن إسرائيل الحقيقي هو من ختن قلبه بالروح، والروح لا يفعل هذا إلا
لكل مؤمن معمد بالماء والروح فمن لا يؤمن بالمسيح، لا يكون بعد إسرائيلياً
حقيقياً، وهؤلاء اليهود الذين آمنوا بالمسيح وأيضاً الأمم المؤمنين به أسماهم
الرسول إسرائيل الله (غل16:6). وحينما يضاف إسم الله لشئ، ففي المفهوم العبري هذا
يعني تضخيم الشيء، كما نقول جيش الله= جيش ضخم، وهكذا جبل الله.. وحينا يقول
إسرائيل الله يعني الكنيسة التي ضمت كل العالم يهوداً وأمم.

 

آية
(7): "ولا لأنهم من نسل إبراهيم هم جميعاً أولاد بل بإسحق يدعى لك نسل."

 يفتخر اليهود بكونهم
نسلاً لإبراهيم، والرسول يرد عليهم، أن ليس كل أولاد إبراهيم بالجسد هم أولاد وعد،
فإسماعيل مثلاً لا يُدعي نسلاً لإبراهيم علي أساس الوعد، ولاحظ أن الوعد كان بإسحق
الذي هو رمز للمسيح فكلاهما من مستودع لا يمكن أن ينجب (يلد) بحسب الطبيعة فالوعد
إذاً خاص بمجيء المسيح الذي هو ليس بحسب الطبيعة. لذلك فإن الإسرائيلي الحقيقي هو
من آمن بالوعد أي آمن بالمسيح. لذلك قال السيد عن نثنائيل أنه إسرائيلي حقاً إذ
قال عن المسيح أنه إبن الله وملك إسرائيل. هنا الرسول يقدم إسحق رمزاً للبنوة،
لأنه ليس حسب قوة الجسد ولا ناموس الطبيعة، بل علي حسب قوة الوعد الإلهي، إذاً نسل
إبراهيم هم الذين ينعمون بالولادة لا حسب الجسد بل حسب الإيمان. هكذا نحن أيضاً
نولد بواسطة كلمة الله، ففي جرن المعمودية تُشَكِّلْنا وتلدنا كلمة الله أف 26:5.
إذاً نحن نولد من جديد مثل إسحق بعد أن غلبتنا شيخوخة الخطية. ومازلنا نولد
بالمعمودية لا خلال الجسد ولا بهوي إنسان، إنما بالروح القدس بقوة الكلمة.

 

آية
(8): "أي ليس أولاد الجسد هم أولاد الله بل أولاد الموعد يحسبون نسلاً."

ما يميز إسرائيل أنهم
أولاد إسحق أي إبن الموعد، وإسحق هو نبوة عن الموت الذي يحوله الله إلي حياة، وهذا
عمل المسيح بفدائه. إذاً أولاد الله ليسوا هم من يولدوا بحسب النواميس الطبيعية بل
وفقاً لمواعيد الله.

 

آية
(9): "لأن كلمة الموعد هي هذه أنا آتى نحو هذا الوقت ويكون لسارة إبن."

إذاً إبراهيم الميت
جسدياً وسارة ميتة المستودع ليسا هما أبوا إسحق، بل إسحق هو إبن الوعد. وبهذا نفهم
أن أولاد الله هم أولاد الوعد. ليسوا أولاداً بحسب الطبيعة بل بنعمة الله.

 

الآيات
(10-12):"وليس ذلك فقط بل رفقة أيضاً وهي حبلى من واحد وهو إسحق أبونا.لأنه
وهما لم يولدا بعد ولا فعلا خيراً أو شراً لكي يثبت قصد الله حسب الاختيار ليس من
الأعمال بل من الذي يدعو. قيل لها أن الكبير يستعبد للصغير."

 ما زال الرسول يدافع
عن وجهة نظره، في أن الله له الحرية أن يختار الأمم، فهو لا يختار بحسب الأعمال
ولا بحسب الختان ولا الناموس والرسول لم يكتفي بمثال ميلاد إسحق فلربما قالوا إن
إسمعيل إبن جارية وأن أولاد قطورة أصغر سناً، وقطورة أيضاً جارية، أما نحن اليهود
فنحن أولاد سارة الحرة. لذلك ضرب الرسول مثالاً آخر عن يعقوب وعيسو فهما من أب
واحد وأم واحدة، بل من بطن واحد لإنهما توأمين (عيسو يمثل اليهود الأكبر سناً
والأكثر خبرة في معرفة الله ورُفِضوا لعدم الإيمان) والله رفض عيسو مع أنه بالجسد
إبن إسحق. لأن بسابق معرفته، هو يعرف من هو الصالح روحياً (رو 29:8). بالإضافة إلي
أن يعقوب جاء أيضاً بكلمة وعد "كبير يستعبد لصغير تك 23:25" وأيضا رفقة
لم تكن تنجب، وإستجاب الله لصلاة إسحق من أجلها تك 21:25. فيعقوب هو إبن صلاة،
وموعود بالبركة (كبير يستعبد لصغير).

 

لماذا إختار الله يعقوب
دون عيسو؟

1.       بسابق
معرفته،فهو عَرِف من سيتجاوب مع محبته ويقبل دعوته، حتي لو تعرض للسقطات والضعفات
فنيته صادقة. ورفضه لعيسو يقوم علي رفض عيسو لله ومقاومته له. (رو 29:8). ومن خلال
قصة يعقوب وعيسو في الكتاب المقدس ندرك فعلاً صحة إختيار الله من وحشية وإستهتار
عيسو وقداسة يعقوب.

2.       وهما
لم يولدا بعد
= أراد الرسول هنا أن يبرر أن الإختيار تم قبل أن يتعاملا مع
الناموس أو الختان أو غيره، بل بنعمة الله المجانية. فالله أظهر محبته وهو يعلم أن
يعقوب سيقبل دعوته المجانية وعمله الإلهي فيه. لكنه إختاره قبل أن يكون له أعمال.

3.       اليهود
يعجزون أن يفسروا سبب إختيار يعقوب، وهكذا يعجز الكل عن أن يدركوا سر إنفتاح باب
الإيمان للأمم كما لليهود.

4.       الرسول
هنا لا يقلل من دور الإيمان في الجهاد، لكنه يؤكد أن خلاص الإنسان لا يتحقق بالعمل
الصالح خارج دائرة الإيمان. ولكن الله سيجازي كل واحد بحسب أعماله (مت27:16). وكل
واحد يأخذ أجرته بحسب تعبه (1كو58:15). والأموات أعمالهم تتبعهم (رؤ13:14).

5.       الرسول
يظهر لنا الله كأنه حر في إختياره المسبق حتي لا يجهد أحد نفسه في فحص أمور الله
التي لا يمكن أن تفحص. ومن يريد أن يفكر فليضع بديهية قبل أن يفكر وهي أن الله
عادل في أموره. ولو عرفنا كل أسباب حكمه لقلنا آمين. ولكن الله غير ملزم أن يشرح
لنا كل الأسباب في إختياره حتي نقبل أحكامه بلا فحص، ولا نضعها تحت قياسات عقلنا
القاصر بل نقبلها بالرضى والشكر. ولثقتنا في عدل الله في إختياره فإننا نعلم أن
الله يختار من يختاروا الله. عموماً فنحن لن نفهم كل أحكام الله الآن "لست
تعلم ما أنا فاعل الآن لكنك ستفهم فيما بعد" (يو7:13).

6.       بحث
بولس الرسول يريد أن يصل إلي أن الله لا يعطي بره علي أساس أعمال بل علي أساس
الوعد، والإيمان مربوط بالوعد، فالله يدعو والإنسان يؤمن. فالإيمان هو إستجابة
للدعوة. والأعمال مربوطة بالإيمان والدعوة. وبعد أن جاء المسيح فلا إختيار إلا في
المسيح وبالتالي الإيمان به. وما قبل المسيح كان الإختيار لمن سيأتي منهم المسيح.
أما بعد المسيح فكل مؤمن هو مختار.

 

آية
(13): "كما هو مكتوب أحببت يعقوب وأبغضت عيسو."

والحق أن مواعيد الله
هذه قد صدقت وتمت وفقاً لما ذكره النبي ملاخي (2:1). فأحب الله يعقوب ونسله، وكان
لهم الهيكل وميراث كنعان، وأبغض الرب عيسو.

 

آية
(14): "فماذا نقول ألعل عند الله ظلماً حاشا."

إذا كان الإختيار
والتفضيل يعتمد أساساً علي الله الذي يدعو الإنسان، فهل يكون الله قد سلك بالظلم
ضد عيسو؟ حاشا= ليحذر أن يخطر علي بالنا شئ كهذا. فنحن لا يمكننا أن ندرك
كل أسرار حكمة الله. الله ليس بظالم حتى وإن بدا حكمه غير مفهوم لنا.

 

الآيات
(15،16): "لأنه يقول لموسى إني أرحم من أرحم وأتراءف على من أتراءف. فإذا ليس
لمن يشاء ولا لمن يسعى بل لله الذي يرحم."

حين
سأل موسي الله أن يري مجده (خروج33) أجابه الله بهذه الإجابة، وكأنه أراد أن يقول
له "مع كل تقديري لجهادك وتعبك. لكن رؤية مجدي هي عطية مجانية إلهية تُعطي،
وليس ثمناً للأعمال، لكنها قطعاً لا توهب للمتراخين والمتكاسلين". والله وحده
يعرف من هو الذي يستحق عطايا محبته. الله الذي يرحم= فالله لا يعطي بحسب
الأعمال بل بحسب رحمته، فلا توجد أعمال في هذه الدنيا يستحق صاحبها أن يري مجد
الله. وليس معني هذا عدم أهمية الأعمال فالله يطلب أن نصلي لكي يعطينا (مت37:9،38)
فعلة وخدام ليزداد الحصاد. والرحمة هنا في معناها العام تعني عطايا الله وخيراته
التي حصل عليها إسرائيل دون الأمم لفترة من الزمن.

ولاحظ أن الله لم يقل
أرحم من أرحم وأهلك من أهلك، فهو يستخدم سلطانه في الرأفة والحب والرحمة، فالله لا
يريد هلاك الخاطئ مثلما يرجع ويحيا (حز23:18). والله محبة لكنه لا يلزم أحد بمحبته
ولذلك لم يلزم عيسو بها.

ونلاحظ أن الله يوزع
مراحمه علي الكل، ولو منع رحمته عن أي إنسان ما عاش لحظة، فهو يرحم الجميع ويشرق
شمسه علي الأبرار والأشرار ويعطي كل واحد قوته. وحتي أعمالنا الصالحة هو أعطانا
برحمته أن نعملها (يع17:1) وليس أن أعمالنا الصالحة تستدر مراحمه. لكن الرسول
مازال مهتماً بإبراز حرية الله في الإختيار، فهو يختار بمراحمه وليس بحسب أعمال
أحد. يريد أن يظهر سلطان الله المطلق في إختياره مختاريه (وهو يقصد الأمم طبعاً).

ليس لمن يشاء ولا من
يسعي
=
هذه تشبه قوله في (1كو7:3) "ليس الغارس شيئاً ولا الساقي بل الله الذي
ينمي" فهل يفهم من هذه الآية أن الله ألغي عمل الغارس والساقي. وهل الزرع
يمكن أن ينمو دون غارس أو ساقي. لكن المهم قوة النمو التي هي من قبل الله، ولكن
قوة النمو هذه يلزمها زارع وساقي. لا يمكن أن نضع أمامنا آية بمعزل عن باقي
الكتاب. فأمامنا آيات أخري مثل "تمموا خلاصكم بخوف ورعدة" + " الذي
يصبر إلي المنتهي فذاك يخلص" + "كن أميناً إلى الموت" فهذه الآيات
فيها طلب أن نقبل الله بإرادتنا الحرة. ومعني هذا أننا لا نستطيع أن نتجاهل دور
الإنسان الإيجابي في تمتعه بالخلاص المجاني. والله يريد إرادتنا الحرة أو مشيئتنا
الإختيارية مع سعينا الجاد. فالكتاب وحدة متكاملة لا نتعامل مع جزئياته أي لا
نتعامل مع آية واحدة دوناً عن باقي الكتاب.

وهنا بولس الرسول لا
يتكلم عن مشكلة تخص الأفراد، بل عن قبول الأمم، وهل من حق الله أن يقبلهم أم لا.
فمنطق اليهود أن الله لا يجب أن يقبل الأمم. أما بالنسبة لنا كأفراد، فنحن
بمشيئتنا الحرة نسعي ونجاهد والله يعين فهو دائم العطاء. فحين يقول الله أتراءف
علي من أتراءف
= يجب أن نضع بجانبها أن الله عادل وبار، فهو بالتالي سيتراءف
علي من يستحق رأفاته.

 

الآيات
(17،18): "لأنه يقول الكتاب لفرعون أني لهذا بعينه أقمتك لكي أظهر فيك قوتي
ولكي ينادى باسمي في كل الأرض. فإذا هو يرحم من يشاء ويقسي من يشاء."

المشكلة التي يعالجها
الرسول أن اليهود ينكرون علي الله أن يضم الأمم إلي حظيرة الخلاص، فهم في نظرهم
ليسوا من شعب الله. وكأن اليهود يريدوا أن يحددوا سلطان الله، لذلك فالرسول يظهر
الله هنا أنه مطلق السلطان يفعل ما يشاء، لا شئ يحد من سلطانه، ولكن سلطانه هذا لا
يشوبه أي ظلم قطعاً.

والله إختار موسى ورفض
فرعون لأنه يعلم قلب موسى فسانده ليتمجد فيه خلال الرحمة، والله يعلم قسوة قلب
فرعون فتركه في عناده، ولاحظ أن فرعون هو الذي إستمر في عناده وإهاناته لله، فلم
ينزع الله هذه القسوة حتى يتمجد الله خلال هذه العنف الشرير، وبهذا يكمل موسى كأس
مجده ويكمل فرعون كأس شره. والله يتمجد بهذا كما بذاك. فسواء الإنسان البار أو
الإنسان الشرير فالله يستخدمهما كليهما في تنفيذ خطته الأزلية. فالله إستخدم قساوة
فرعون ولم ينزعها، الله رفع يده ورحمته عنه فبقي في قساوته ليري المصريون واليهود
مجد يهوة ويدركوا تفاهة الأوثان. وهكذا ترك الله إسرائيل 2000 سنة في قسوتها
وتشتتها، ليعلم العالم أن الله تركها ورفضها وسيعود الله ويقبلها في نهاية الأيام.
وبنفس المنطق ترك الله العالم الوثني يثور ويتقسي قلبه ثم رحمه الله وقبله، والله
بهذا المنطق قسى قلب يهوذا وإسرائيل ليتم الفداء فبزلتهم صار الخلاص (راجع مقدمة
الإصحاح).

الرسول هنا يربك اليهود
بذات فكرهم، فهم قبلوا رحمة الله لهم وسقوط فرعون تحت قسوته دون إعتراض منهم،
فلماذا لا يقبلون الآن أن الله يفتح باب مراحمه للأمم. عموماً فالإنسان غير المؤمن
يقف من الله دائماً موقف الناقد. فلنصلَّ لكي يعطينا الله حكمة لنفهم ونقبل
تصرفاته.

 

آية
(19): "فستقول لي لماذا يلوم بعد لأن من يقاوم مشيئته."

هنا رد علي سؤال غبي
سيثيره النقاد "إن كان الله يقسي من يشاء ولا أحد يستطيع مقاومته، فلماذا
تدينني    يا رب وأنت خلقتني هكذا؟ونجد الرسول مستمر في أسلوبه في إثبات حرية
الله. فالإجابة المنطقية علي تساؤلات الناقدين.. أن الله لم يجعل فرعون قاسياً ولا
يهوذا
الخ لكن هم
بحريتهم قاوموا الله، والله لم يغير طبيعتهم، وأن الله عادل وليس عنده محاباة
هذا هو
الرد المنطقي، ولكننا نجد الرسول لا يستخدم هذا الرد، بل يكمل في أسلوبه مثبتاً
سلطان الله المطلق= من يقاوم مشيئته.

 

آية
(20): "بل من أنت أيها الإنسان الذي تجاوب الله العل الجبلة تقول لجابلها
لماذا صنعتني هكذا."

الجبلة= الخلقة أي
الشيء المخلوق. وبدون شك لا يستطيع أحد أن يقاوم مشيئة الله، وليس لأحد الحق أن
يراجع الله ويسأله عن عمله. ولكن أبناء الله يسألونه بدالة المحبة والبنوة
(أر1:12).

بل من أنت؟= هل أنت
شريك لله في سلطانه، بل أنت وأنا لسنا أكثر من طين صنعه الله وشكَّله، فهل من حقي
أن أحاكم الله. والله كخزاف (صانع آنية من طين) يتوق أن يجعل كل الآنية، آنية للكرامة،
ولكن الله يكرم حرية إرادتنا، وإذ نرفض نبقي بلا كرامة ونفقد عمل يديه
المُقَدِّسَتِينْ للنفس والجسد والروح. فالله يريد أن الجميع يخلصون (1تي4:2). وهو
الذي يقول من يقبل إليّ لا أخرجه خارجاً (يو37:6). لكن من يُصِّرْ أن يبقي آنية
هوان مثل فرعون فسوف يتمجد الله به أيضاً إذ سيظهر فيه سخطه علي الخطية.

 

آية
(21): "أم ليس للخزاف سلطان على الطين أن يصنع من كتلة واحدة إناء للكرامة
وآخر للهوان."

 فكرة الخزاف وآنية
الطين مأخوذة من (أر1:18-10) وليس المطروح هنا هو أن الله إن أراد يخلقني آنية
للهوان وإن أراد يخلقني آنية للمجد، بل إنني طين في يدي خزاف، هو حُرُُ أن يصنعني
كما يشاء، وما عليَّ سوي أن أطيع وأكف عن الجدال. ولكن لا يصح أن نحمل المثل فوق
ما يحتمل ولا نأخذ منه سوي الذي قصده الرسول، بأن يظهر سلطان الله المطلق. ولكن
الله يحترم حرية إرادتنا، فلو إستجبنا له بحرية إرادتنا يحولنا إلي آنية مجد، لمجد
إسمه بطريقة عجيبة (بولس الرسول نفسه مثال لهذا). فمن يطيع يصير آنية مجد. ومن لا
يطيع يصير آنية هوان. ولكن لنري محبة الله، فالله حين صنع الإنسان من طين لأول مرة
صنعه علي صورته هو (تك27:1). وحين جدد الله خلقتنا بالمسيح يحولنا لصورة المسيح
(كو10:3 + غل19:4). وحرية الإنسان في تحديد دوره كآنية مجد أو آنية هوان تتضح في
(2تي20:2،21) هنا يظهر الرسول سلطان الله المطلق. ولكن نضيف نحن علي ذلك عدله
ومحبته.

 

آية (22):
"فماذا إن كان الله وهو يريد أن يظهر غضبه ويبين قوته احتمل بأناة كثيرة آنية
غضب مهيأة للهلاك."

الله إحتمل بطول أناته=
أناة كثيرة آنية غضب كانت تستحق الهلاك أي الأمم ليظهر قوته فيهم بعد ذلك
إذ يحولهم إلي قديسين. والله إحتمل فرعون الذي كان يستحق الهلاك ليظهر قوته أمام
اليهود والمصريين. فآنية الهلاك يكونون مجالاً لإظهار غضب الله، وبالتالي تظهر
قداسته وعدم رضاه عن الخطية. وهذا ظهر أيام الطوفان وأيام سدوم وعمورة. ولكن الله
يعطي فرصاً كثيرة لآنية الهوان، فلا يهلكها فوراً ليظهر مراحمه ومحبته وأنه لا
يشاء موت الخاطئ مثل أن يرجع ويحيا (خر23:18). ولكن بعد أن يعطيه فرصاً عديدة
يتمجد فيه (بإهلاكه فيظهر قداسة الله ورفضه للخطية أو بأن يكون له فرصة ليتجاوب مع
الله ويصير قديساً (الأمم/ بولس الرسول) أو بأن يكون له دور في خطة الخلاص (يهوذا/
فرعون).

 

آية
(23): "ولكي يبين غنى مجده على آنية رحمة قد سبق فأعدها للمجد."

الله
يبين غني مجده في اليهود الذين كانوا آنية رحمة لفترة طويلة وبين غني مجده في موسى
الذي لمع وجهه، وبين غني مجده لبولس الذي رأي ما لم تره عين.. وفي قديسين كثيرين.
ولاحظ أنه قال آنية رحمة ولم يقل آنية عمل صالح ليُظهر سلطان الله المطلق.
ونحن نستطيع أن نهلك أنفسنا ولكن لا نستطيع أن نخلص أنفسنا بدون رحمة الله، ولاحظ
حكمة كنيستنا الأرثوذكسية التي تكثر من ترديد عبارة "يا رب إرحم"
فالخطاة يؤهلون أنفسهم لجهنم، ولكن الله يؤهل القديسين للسماء. وقطعاً فالله يؤهل
للسماء بناء علي ما إخترته أنا بحريتي، ولو كان العمل هو عمل الله وحده لحصل الكل
علي المجد.

 

آية
(24): "التي أيضاً دعانا نحن إياها ليس من اليهود فقط بل من الأمم
أيضا."

رحمة الله شملت اليهود
والأمم، بالرغم من أن اليهود كأمة رفضوا المسيح.

 

آية
(25): "كما يقول في هوشع أيضاً سأدعو الذي ليس شعبي شعبي والتي ليست محبوبة
محبوبة."

 قارن مع (هو23:2 +
1بط10:2). فالرسول إقتبس من هوشع النبي ما قاله هنا (ولكن من الترجمة السبعينية) ليست
محبوبة
= لورحامة أي بلا رحمة. ليس شعبي= لوعمي. والرسول يقصد أن هوشع
تنبأ عن أن الله سيختار الأمم، فهم لم يكونوا من شعبه وصاروا من شعبه، ولم يكونوا
مرحومون فصاروا مرحومين. بولس هنا يقول لليهود الرافضين لقبول الأمم. ما رأيكم في
هذا الكلام الذي قاله هوشع في كتابكم المقدس.

 

آية
(26): "ويكون في الموضع الذي قيل لهم فيه لستم شعبي أنه هناك يدعون أبناء
الله الحي."

وسوف يحدث أنه في
المكان الذي كان يتعبد فيه الأمم للأوثان حين قيل لهم لستم شعبي، في نفس هذا
الموضع سيقدم الأمم العبادة لله وسُيْدعَوْن أبناء الله الحي، ولا داعي لأن يذهبوا
إلي أورشليم، بل الله سيُعْبَد في كل مكان. قوله في الموضع أي كل مكان في
العالم ويكون في الموضع الذي..= هذه النبوة مأخوذة من (هو10:1) وذلك من
ترجمات أخري (مثل
KJ، NKJ). ويفهم اليهود كلمة موضع علي أنها الهيكل في أورشليم، فالعبادة
تكون في موضع واحد، أمّا نحن فمن قول المسيح للسامرية نفهم أن الله سيعبد في كل
مكان.

 

آية
(27): "وإشعياء يصرخ من جهة إسرائيل وإن كان عدد بني إسرائيل كرمل البحر
فالبقية ستخلص."

النبوة
من (أش22:10،23) (سبعينية). وكان إشعياء يتنبأ عن العودة من السبي، فقليلون هم
الذين عادوا من السبي. وهذا ما حدث أيام المسيح، فالأقلية آمنوا والأغلبية رفضوا
المسيح. وهنا يسمي الرسول الذين آمنوا= البقية كما أسماهم إشعياء. والبقية
قد تكون إشارة لإيمان اليهود في آخر الزمان. لكن كلمة البقية هي إشارة واضحة لأن
الكنيسة في العهد القديم أو العهد الجديد هي شجرة زيتون واحدة، وبعد المسيح قطعت
الأفرع التي رفضت الإيمان، وبقي المؤمنون علي الزيتونة.

 

آية
(28): "لأنه متمم أمر وقاض بالبر لأن الرب يصنع أمراً مقضياً به على
الأرض."

لأنه متمم أمر وقاض
بالبر
=
(أش23:10). حينما يبدأ الله عملاً فهو لابد وسيكمله، سواء عمل دينونة أو عمل رحمة.
وإسرائيل كان يستحق اللعنة بسبب رفضهم المسيح. ولكن الله الذي بدأ معهم سيكمل معهم
ويخلص البقية ويتمم عمله بالبر، وهذا سيتم في نهاية الأيام. لأن الرب يصنع
أمراً مقضياً به علي الأرض
= هذا الأمر هو الإيمان الذي يجلب الخلاص والبر لكل
من يؤمن، يهوداً وأمم، وبإنتشار الكنيسة في كل العالم.

 

آية
(29): "وكما سبق إشعياء فقال لولا أن رب الجنود أبقى لنا نسلاً لصرنا مثل
سدوم وشابهنا عمورة."

مقتبسة من (إش9:1).
والمعني هو:- لو أن الرب لم يبق لنا بقية ولم يجعل من بين الأحفاد بعض النسل
الصالح المختار لصرنا مثل سدوم وعمورة أي بلا بقية. وقد تشير كلمة النسل
للمسيح الذي جاء من اليهود ليخلص اليهود والأمم. وربما تشير للقلة التي آمنت
ببشارة التلاميذ.

 

آية
(30): "فماذا نقول أن الأمم الذين لم يسعوا في اثر البر أدركوا البر البر
الذي بالإيمان."

فماذا نقول= ما هي
النتيجة لما سبق وقلناه حتى الآن. إن الأمم الذين لم يسعوا في إثر البر= أي
هم لم يكونوا يسعون لأن يتبرروا فهم لا يعرفون شيئاً ولم يشعروا بإثمهم أمام الله،
بل لم يسمعوا عن الله ولا علي الناموس. أدركوا البر= حصلوا علي التبرير
بواسطة الإيمان بالمسيح الذي سمعوا عنه ودون أن يسمعوا عن الناموس. وصدقوا ببساطة
أن الله قد قبلهم، ففرحوا به وآمنوا به، وبإيمانهم صاروا أبراراً، دون أن يكون
لديهم أي خبرة سابقة من ناموس أو أعمال. هذه هي نعمة الله المجانية. البر الذي
بالإيمان
= وليس بالتحول إلي اليهودية أولاً. وبهذا رأينا صدق مواعيد الله،
فالذين ليسوا من شعبه صاروا من شعبه ويسبحونه بل أبنائه.

 

الآيات
(31-33): "ولكن إسرائيل وهو يسعى في أثر ناموس البر لم يدرك ناموس البر.
لماذا لأنه فعل ذلك ليس بالإيمان بل كأنه بأعمال الناموس فأنهم اصطدموا بحجر
الصدمة. كما هو مكتوب ها أنا أضع في صهيون حجر صدمة وصخرة عثرة وكل من يؤمن به لا
يخزى."

مشكلة اليهود أنهم
شعروا أنهم قادرين أن يتبرروا دون الله، بل هم يفتخرون علي الله ببرهم، فمن يستطيع
أن يتبرر من دون حاجة لله لن يشعر بإحتياجه لله. وهذا يحدث حتى الآن وأمثلة لذلك:-

1. من يقول
أنا إستطعت أن أبقي بلا خطية فترة طويلة، فقوله "أنا" فيها إفتخار
بذاته. ولم يدرك أنه لم يسقط بسبب حماية الله له.

2. من يعمل
عملاً ويشعر في داخله أنه عمل شيئاً، ويفتخر به، هذا ما قال عنه السيد المسيح
"لا تعرف شمالك ما تفعل يمينك".

3. من يشعر
في داخله أنه أفضل حالاً ممن حوله.

كل هؤلاء مشكلتهم أنهم
لم يعرفوا أن الله هو الذي يعمل فيهم العمل الصالح، هم ظنوا في أنفسهم أنهم شئ
صالح فاصلين أنفسهم عن الله مصدر كل صلاح، وعلي الجانب الآخر فهناك ما يسمي صغر النفس
ومثال لذلك:-

من يقول أنا لا أمل لي
في الإصلاح، هذا يشعر أيضاً أنه وحده دون معونة من المسيح، هو لا يطلب المسيح، وإذ
يجد نفسه عاجزاً يقول أنه لا فائدة. ونلاحظ أن الكبرياء وصغر النفس هما وجهان
لعملة واحدة هي الإنفصال عن الله، أما المؤمن بالمسيح فيقول:-

1.       أستطيع
كل شئ في المسيح الذي يقويني (في13:4).

2.       لا
أنا بل نعمة الله التي معي (1كو10:15).

3.       منك
الجميع ومن يدك أعطيناك (1أي14:29).

وقارن بين الفريسي الذي
إستضاف المسيح (لو7) والمرأة الخاطئة، هو كان يشعر في نفسه أنه بار فلم يحصل علي
شئ، أما المرأة الخاطئة فتبررت لأنها شعرت بخطيتها وإحتياجها للمسيح.

وأنظر قول السيد المسيح
"كذلك أنتم أيضاً متي فعلتم كُلّ ما أمرتم به فقولوا إننا عبيد بطالون، لأننا
إنما عملنا ما كان يجب علينا (لو10:17). فشعورنا الداخلي أننا "عبيد
بطالون" قد فعلنا الواجب يحمينا من الكبرياء الذي هو بداية السقوط. وما يشرح
فكر اليهود المثال الذي إستعمله السيد المسيح عن الفريسي والعشار. فما فعله
الفريسي هو مثال يشرح هذه الآيات.

وما ذكرناه سابقاً هو
سقطة الشيطان الذي شعر بإمكانياته (قوته وجماله..) بغير الله، والإنفصال عن الله
سقوط في المحدودية التي تعني الموت، والإتصال بالله يعني اللانهائية أي الحياة
الأبدية. مثال لذلك بولس الرسول بفلسفته وعلمه وتلمذته لغمالائيل كان قبل الإيمان
محدوداً، ولكنه بعد إيمانه صار غير محدود، فهو بشر أوروبا كلها ومازال يعمل حتى
الآن.

إذاً فالمؤمن المسيحي
يشعر دائماً أنه محتاج لله "إن عطش أحد.. تجري من بطنه أنهار ماء حي"
(يو37:7-39 + راجع أيضاً رؤ17:3). أيضاً المؤمن لا يقول أنا عملت كذا
بل المسيح
دَبَّرَ كذا وكذا، وبهذا يستمر المؤمن في إتحاد مع المسيح وينطلق للانهائية في
عمله، ويضمن حياته الأبدية. والمؤمن تكون عينه مفتوحة. ويري نفسه أنه نجس خاطئ
(أر9:17).

أما اليهود فكانوا لا
يشعرون باحتياجهم لله، بل كانوا يشعرون في داخلهم أنهم أبرار، هم أرادوا أن يثبتوا
بر أنفسهم. وهذا عكس ما حدث مع الأمم الذين لم يحاولوا إثبات بر أنفسهم، بل هم في
بساطة آمنوا بالمسيح فتبرروا وخرج منهم مارجرجس والأنبا أنطونيوس.. .. .

اليهود كان لهم الناموس
الذي كان قادراً أن يقودهم للمسيح، فغاية الناموس هي المسيح لمن يسلك بتواضع
وإنسحاق، ومثل هذا يكتشف المسيح ويعرفه وهذا ما حدث مع التلاميذ الإثني عشر مثلاً،
أما رئيس الكهنة المنتفخ بكبريائه وبره لم يعرف المسيح. بل أن التلاميذ إعترفوا
أنهم لم يستطيعوا الإلتزام بالناموس (أع10:15) أي هم شعروا بإحتياجهم لله، أما
اليهود المتكبرين فلم يعرفوا المسيح المتواضع فكان لهم حجر صدمة فتعثروا فيه،
فالله لا يسكن سوى عند المنسحق القلب والمتواضع(إش15:57+ مز17:51).

ولكن إسرائيل وهو يسعي
في إثر ناموس البر
= يسعون خلال حرفيات الناموس دون روحه، لإثبات
بر أنفسهم. وهم ظنوا أن هذه الأعمال تبررهم دون الإلتزام بروح الناموس من تواضع
وإنسحاق أمام الله. لذلك فهم في خطاياهم وكبريائهم حين ظهر المسيح لم يؤمنوا به إذ
كانوا يبحثون في كبرياء عن تبرير ذواتهم لا عن مجد الله. بل هم إصطدموا به فكان
لهم حجر صدمة. ولو كانوا قد إلتزموا قلبياً بالناموس لكانوا قد تعرفوا علي
المسيح وآمنوا به حين أتي لهم، كما حدث مع التلاميذ. ومع أن المسيح كان معروفاً
عند الأنبياء، ولكن اليهود كانوا لكبريائهم كالعميان فتعثروا فيه (أش14:8+ 16:28+
لو34:2 + 1بط6:2). ولقد فهم الربيون آيات إشعياء عن حجر الصدمة أنها علي المسيح
الموعود به.

واليهود بالرغم من
سعيهم في إثر ناموس البر لم يدرك ناموس البر = لم يستطيعوا حتى الإلتزام
بالناموس. لماذا. لأنه فعل ذلك ليس بالإيمان= لكي نفهم هذا، لنتذكر قصة
بطرس حين سار علي الماء (مت28:14-32) فهو تمكن من السير علي الماء حين كان مثبتاً
نظره علي المسيح، وغرق إذ نظر لنفسه وللموج ولم يصدق، ولكن لما صرخ إنتشله يسوع،
فصرخته هذه كانت هي إعلانه أنه محتاج للمسيح. فاليهود في تنفيذهم لوصايا الناموس
كانوا ناظرين لأنفسهم لإثبات أنهم قادرين علي الإلتزام بالناموس ليتبرروا في أعين
أنفسهم وأعين الناس، وبهذا لم يشعروا في داخلهم أبداً أنهم في إحتياج إلي مخلص.
أما الذين تواضعوا أمام الله فشعروا بإحتياجهم وأنهم في ضعفهم غير قادرين علي
الإلتزام بالناموس والوصايا (أع10:15،11) هؤلاء الذين في تواضع شعروا بإحتياجهم
لمخلص، حينما رأوا المسيح إكتشفوه وآمنوا به "يا رب إلي من نذهب. كلام الحياة
الأبدية عندك" (يو68:6،69). بمجيء المسيح إنتهي تاريخ اليهود والعمل بالناموس
ليبدأ الإيمان بصخر الدهور وحجر الزاوية. ولكن اليهود رفضوا الإيمان بعناد، فرفضوا
البر مع الرحمة وإستمروا يعملون ليقيموا بر أنفسهم. وبقفزهم فوق الحجر (المسيح
برفضهم له) ترضضوا وإنكسرت أمجادهم، ثم تحدوه وصلبوه فوقعوا تحت الحجر فسحقهم،
ولكن الذين قبلوه إكتشفوا الطريق الجديد الصاعد للسماء. فالمسيح هو النسل الموعود
به لإبراهيم الذي يتركز فيه الإختيار كما يتركز الرفض.

كل من يؤمن به لا يخزي= كل من
يذهب لله معلناً إحتياجه في إيمان فالله سيعطيه ولن يخزيه وسيحوله إلي قديس. وكل
من عاش من اليهود بروح الإنسحاق الناشئ عن الإحساس بالحقيقة، أن الناموس يطلب
الطهارة وكل إنسان عاجز عن ذلك يشعر بإحتياج لمن يخلصه من نجاسته، فكل من عاش كذلك
من اليهود عَرِفَ المسيح. أمّا رئيس الكهنة المنتفخ الذي يبحث عن بر نفسه لم يكتشف
المسيح بل صلبه لأنه لم يبحث عن بر الله أي البر الذي يعطيه الله بل بحث عن بر
نفسه فتعثر في المسيح. عموماً هما طريقان متضادان لا يمكن أن يلتقيا، بر الله وبر
اللذات. فدائماً المعجب بنفسه لن يكتشف المسيح.

هل تبحث عن  م المسيح لاهوت المسيح 00

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي