الإصحاح الخامس عشر

 

الإصحاح السابق اهتم
بوضع الأطعمة المحللة والمحرمة، واهتم بأن كل واحد لا يعثر أخيه ولا يدين أخيه بل
نقدم المحبة علي المعلومات وأن نقبل الأشياء البسيطة ولكن هذا الكلام لا ينطبق علي
العقائد، فلا يصح أن تقبل الكنيسة إيماناً مشوهاً بحجة المحبة، وكأمثلة لما يمكن
أن نقبله بمحبة "من ضربك علي خدك الأيمن 0000" أي سامح فيما هو يخصك لا
فيما يخص العقيدة "البتولية والزواج00" أختر ما تريد "وطوبى لمن لا
يدين نفسه فيما يستحسنه " من سخرك ميلاً فسر معه أثنين حتى تربح أخيك للإيمان.

إذا ملخص الإصحاح 
السابق أن نتغاضى عن الأشياء الصغيرة التي عند الضعفاء المتشككين حتى نكسبهم
للمسيح لكن ليس علي حساب الإيمان المسلَّم مرة للقديسين (يه3).

ولكن هذا
الإصحاح السابق يبدأ بما أسماه الرسول سر المسيح أي قبول الأمم في الكنيسة مع
اليهود الذين يؤمنون. وطلب الرسول هنا أن يحيا الكل في محبة وتوافق وإنسجام
(هارموني) فينسكب عليهم الروح القدس "هوذا ما أحسن وما أحلي أن يجتمع الأخوة
معاً. مثل الدهن الطيب علي الرأس النازل علي اللحية. لحية هرون" (مز 1:133،
2).

1. الزيت
(رمز للروح القدس ) والرائحة الزكية ( رمز للمسيح 2كو15:2). واللحية هي الكنيسة
المجتمعة في محبة. تخرج منها إذاً رائحة المسيح الزكية التي تجذب الآخرين.

2. كل عضو
في الكنيسة له عمل (نغمة معينة) فلو كان الكل لهم فكر واحد لكان الجميع في
هارموني، الكل يعمل عمله فيخرج من هذه الكنيسة صوت المسيح الحلو– يجذب الآخرين.

3. كل واحد له موهبته، وهَبْ أن كل موهبة لها لون من ألوان الطيف
فلو إهتم كل واحد أن يستخدم موهبته لمجد إسم المسيح لإجتمعت ألوان الطيف وخرج منها
اللون الأبيض، لون المسيح شمس البر.

هنا نري الكنيسة قد
تجمعت من أمم ويهود والرسول يقول أنه علي الكنيسة أي كل عضو فيها أن يقبل الآخر
بانفتاح قلب محتملين ضعف الضعفاء أياً كان ماضيهم فيخرج من الكنيسة صوت ورائحة
ولون المسيح الحلو.

نحن الأقوياء= الله هو
الذي أعطانا الإيمان القوي وهذا دين علينا أن نسدده، بأن نتحمل ضعف الضعفاء=
فالله نزل الينا يحمل ضعفنا ليرفعنا لكمال قوته وبهائه ومجده فلنحتمل نحن ضعف
إخوتنا إن كان المسيح قد احتملنا وهو الذي لا يقصف قصبة مرضوضة (علي أن لا نقبل
إيماناً مشوهاً) ولا نرضي أنفسنا= علينا أن لا نفعل فقط ما تحبه نفوسنا وما
يرضيها.

 

آية (2): "فليرض
كل واحد منا قريبه للخير لأجل البنيان."

علينا أن نفعل ما يرضي
الآخرين ولما فيه خيرهم وبنيانهم (وليس لأجل الخطية) ونموهم في الفضيلة.

 

آية (3): "لأن
المسيح أيضاً لم يرض نفسه بل كما هو مكتوب تعييرات معيريك وقعت علي."

المسيح لأجلنا تجسد
وإفتقر وتألم ولم يكن له أين يسند رأسه، وعاش علي المساعدات، ورفض الملك، وأطاع
حتى الصليب وغسل الأرجل.. هو أخلى ذاته محتملاً ضعفاتنا. فالذي له كل المجد قبل
هذا أفلا أقبله أنا لأربح أخي.

بل كما هو مكتوب
تعييرات معيريك وقعت عليَّ:

1.       قالوا
للمسيح علي الصليب إن كنت إبن الله أنزل.. خَلَّصَ آخرين ولم يقدر أن يخلص نفسه،
فالمسيح إحتمل التعيير علي الصليب.

2.       بل
أن كل خطايا العالم هي موجهة لشخص الآب، وعلي الصليب إحتمل المسيح كل هذه
التعييرات والإهانات التي وجهها العالم لشخص الآب. ومات المسيح مصلوباً ليحمل
خطايا الجميع بالإضافة للتعييرات التي وجهت لشخص المسيح. والآية من (مز9:69،10).
ومعني كلام بولس لهم أنكم أنتم الأقوياء صرتم هكذا أقوياء لأن المسيح إحتمل
التعيير (للآب ولهُ) حاملاً ضعفكم وعار خطاياكم. إذاً فلنسند نحن الضعفاء كما فعل
المسيح معنا.

 

آية (4): "لأن كل
ما سبق فكتب كتب لأجل تعليمنا حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا
رجاء."

لأن كل ما كتب= هذا
المزمور الذي أشار إليه في آية3 وغيره بل كل ما كتب في العهد القديم كتب لأجل
تعليمنا. فالعهد القديم ليس مجموعة من القصص والأقوال، بل هو رمز للمسيح
وشهادة له، لتعليمنا وتحذيرنا وتعزيتنا في وقت الألم ولنتمسك بالرجاء المقترن
بالصبر والتقوية التي تعطيها الكتب المقدسة.

 

الآيات (5،6):
"وليعطكم إله الصبر والتعزية أن تهتموا إهتماماً واحداً فيما بينكم بحسب
المسيح يسوع. لكي تمجدوا الله أبا ربنا يسوع المسيح بنفس واحدة وفم واحد."

الرسول هنا يتوقف
للصلاة ، فالكلام والوعظ بدون صلاة يصير بلا فائدة ولا فاعلية. فالوعظ يخاطب
الأذن، أمّا الله فيخاطب القلب. ونلاحظ أن الرسول في آية4 نسب الصبر والتعزية
للكتب المقدسة ونسبها هنا لله كمصدر لها، فهو إله الصبر والتعزية. فالمصدر هو
الله، لكنهما يصلان أيضاً لنا عبر الكتاب المقدس. وصلاة بولس أن يهتموا
اهتماماً واحداً=
وهذه الكلمة تعني إنسجام الفكر بحيث لا يطغي فكر علي فكر.
هذه الكلمة تعني هارموني (اهتماماً واحداً) والهارموني في الموسيقي هو أن يكون
هناك عدة نغمات وعدة أصوات من آلات متعددة ولكنها كأنها صوت واحد، أي تعطي لحناً
جميلاً من نغمات مختلفة لكنها متوافقة ولو لنا كلنا فكر المسيح، ولنا هدف واحد هو
مجد المسيح يحدث هذا الإنسجام.

فمثلاً هناك أنشطة
متعددة للخدام داخل الكنيسة، ونجد كل خادم له نشاط يميزه ( ألحان / ترانيم / درس
كتاب / تاريخ كنيسة / طقوس / إدارة / خدمة مرضي ومسنين / تدريس دروس مدرسية
للطلبة..) لو الكل أدي دورة باحثاً عن مجد المسيح، وهذا هو الفكر الواحد يحدث
الهارموني أو الإنسجام ويظهر المسيح في هذه الكنيسة. ولو حدث هذا نكون بحسب
المسيح يسوع=
أي وفق مشيئته .وبهذا تمجدوا الله= كما نصلي "ليتقدس
اسمك" والله يتمجد لو كنا نخدمه ونعبده ونسبحه بروح واحد ولسان واحد، أي يكون
لنا الفكر الواحد بلا شقاق ولا نزاع. بنفس واحدة= تشير لوحدة الإرادة وهدف
المسيح هو الوحدة بين المؤمنين (يو21:17-23). وفم واحد= أي يكون هناك
إعتراف بحق الله ونسبحه بالفم، هنا نري قلوب متحدة وأفواه متحدة بمحبة هدفها مجد
الله، وهذا ما يطلبه الله.

 

آية (7): "لذلك إقبلوا
بعضكم بعضاً كما أن المسيح أيضاً قبلنا لمجد الله."

أقبلوا بعضكم= إن كان
المسيح قَبِلَنَاَ فهل لا نقبل بعضنا البعض. المسيح سامحنا في 10.000وزنة
فهل لا نسامح إخواتنا في 100 دينار. لمجد الله= أي أن المسيح قبلنا لنمجد
الله (وبهذا نتمجد نحن في الدهر الآتي) والله يتمجد إن اعترفنا بالمسيح وآمنا به.
إذاً ليقبل القوي الضعيف وليقبل الضعيف القوي، واليهود يقبلون الأمم والأمم يقبلون
اليهود.

 

آية (8): "وأقول
أن يسوع المسيح قد صار خادم الختان من أجل صدق الله حتى يثبت مواعيد الآباء."

خادم= المسيح أتى
ليَخِدم لا ليُخدَم. خادم الختان= أي أن المسيح أكمل الناموس ونفذه وإختتن
هو نفسه، وهو كان من اليهود الذين يختتنوا (هو جاء لخاصته ولكن خاصته لم تقبله)
فكيف يُحْتَقَرْ اليهود والمسيح منهم وهو التزم بناموسهم. من أجل صدق الله=
الله أعطي وعداً لإبراهيم وكان مجيء المسيح ليكمل هذا الوعد، وليحمل الغضب عن
الساقطين الذين خانوا العهد من أولاد إبراهيم. في هذه الآية نري المسيح يقبل
اليهود وفي الآيات القادمة نجده يقبل الأمم، إذاً إن كان المسيح قبل اليهود
والأمم، وصار الجميع في المسيح فليقبل كل واحد الآخر.

 

آية (9): "وأما
الأمم فمجدوا الله من أجل الرحمة كما هو مكتوب من أجل ذلك سأحمدك في الأمم وأرتل
لاسمك."

هنا نري الله يقبل
الأمم. وأما الأمم فمجدوا الله= بإيمانهم بالمسيح. هم مجدوه من أجل مراحمه
لهم إذ قبلهم= من أجل الرحمة= وهذا أيضاً سبق وأشار إليه سفر المزامير (18:
49) فهذا المزمور نبوة بأن الإنجيل سيكرز به وسط الأمم وسيسبح الأمم المسيح علي
رحمته. سأحمدك= هنا المسيح كرأس لكنيسته يتكلم باسم كنيسته من الأمم ويوجه
شعبه لتسبيح وشكر الآب.

 

آية (10): "ويقول
أيضاً تهللوا أيها الأمم مع شعبه."

كان اليهود لا يسمحون
للأمم أن يشتركوا معهم في أعيادهم، ولكنهم بالمسيح صار الكل شركاء في آلام وفرح
الكنيسة، صاروا شركاء تسبيح لله (تث43:32)

 

آية (11):
"وأيضاً سبحوا الرب يا جميع الأمم وإمدحوه يا جميع الشعوب."

هذه من( مز1:117). لقد
سبح الأمم آلهتهم زماناً والآن يسبحون الله.

 

آية (12):
"وأيضاً يقول إشعياء سيكون أصل يسى والقائم ليسود على الأمم عليه سيكون رجاء
الأمم."

هذه من( أش1:11). ونبوة
إشعياء معناها أن يسي سيكون مثل الأصل الذي يتفرع منه نسل جديد، والمسيح الذي
سيجيء من هذا الأصل سيؤمن به الأمم. والآيات من (أش1:11،10) (سبعينية).

 

آية (13):
"وليملأكم إله الرجاء كل سرور وسلام في الإيمان لتزدادوا في الرجاء بقوة
الروح القدس."

في الآيات السابقة
(8-12) رأينا الله يقبل اليهود والأمم، الله قبلهما كليهما، فعليهما إذاً أن
يقبلوا بعضهما البعض ويعيشوا في محبة وإذاً إمتلأ الجميع محبة سيمتلئ الجميع من
الروح القدس الذي سيملأ الجميع فرح ورجاء.

 

آية (14): "وأنا
نفسي أيضاً متيقن من جهتكم يا إخوتي أنكم أنتم مشحونون صلاحاً ومملوؤون كل علم
قادرون أن ينذر بعضكم بعضاً."

نلاحظ رقته في الحديث
هنا بعد ان سبق وأنبهم وذلك ليشجعهم ويصفهم هنا بأنهم مشحونون صلاحاً بعد
أن قال عن الأمم أنهم مملؤون من كل أثم (رو29:1-31) ولكن النعمة تغير من حال إلى
حال. وبالرغم من أنه سمع عنهم فقط نجده يقول أنه متيقن، "فالمحبة تصدق كل
شيء" (1كو7:13). ونسب لهم موهبة الكلام والوعظ قادرون أن ينذر بعضكم
بعضاً.

 

آية (15): "ولكن
بأكثر جسارة كتبت إليكم جزئياً أيها الاخوة كمذكر لكم بسبب النعمة التي وهبت لي من
الله."

بأكثر جسارة= هذه نابعة
من شدة الغيرة والمحبة لهم. جزئياً= ترجمتها في بعض الأجزاء من الرسالة، أي
أنه كان متجاسراً عليهم في بعض أجزاء الرسالة ( خصوصاً الإصحاحات1-3 ) كمذكر
لهم=
لاحظ تواضع الرسول فهو يقول لهم أنتم تعرفون كل ما كتبته، إنما كتبته
لأذكركم ونحن للآن وبعد 2000 سنة نحاول أن نفهم هذه الرسالة.

 

آية (16): "حتى
أكون خادماً ليسوع المسيح لأجل الأمم مباشراً لإنجيل الله ككاهن ليكون قربان الأمم
مقبولاً مقدساً بالروح القدس."

هي إمتداد لآية15
فالنعمة التي وهبها الله له، وهبها له لكي يخدم الأمم =حتى أكون خادماَ ليسوع
لأجل الأمم. ككاهن=
بولس كاهن مُنِحَ سر الكهنوت بوضع الأيدي بعد أن إختاره
الله هو وبرنابا (أع2:13،3) وهو إستغل فكرة أنه كاهن، والكاهن عمله أن يقدم ذبائح
( دموية في العهد القديم ، وإفخارستية في العهد الجديد) وقال أنه يقدم الأمم ذبائح
حية بسكين عقلية ( العبادة العقلية).

بولس هنا يصور علي أنه
يقدم الأمم ذبيحة بكلمة الله التي هي سيف ذي حدين (عب12:4) تعمل عملها في الإنسان
وتحوله لذبيحة حية مقدسة مقبولة لدي الله لذلك يُصوَّر بولس الرسول في الغرب وهو
ممسكاً في يده سيف الذي هو سيف الكلمة، يقدم الأمم به ذبيحة ليصيروا مقبولين
بالروح القدس=
أي ليس فقط إيمانهم بل بسلوكهم بالروح.

 

الآيات (17،18):
"فلي إفتخار في المسيح يسوع من جهة ما لله.لأني لا أجسر أن أتكلم عن شيء مما
لم يفعله المسيح بواسطتي لأجل إطاعة الأمم بالقول والفعل."

فلي إفتخار في المسيح= بولس يفتخر
بكهنوته وخدمته التي أعطاها له الله، ولا يفتخر بنفسه، وعمله الذي يفتخر به هو
كهنوته وكرازته وأن الله إئتمنه علي هذه الخدمة وإعتبر هذا كرامة له أنه يعمل عند
الله.

قصة: ذهب كاهن
حديث لأبيه الروحي يتحدث في ندم عن تركه عمله الذي في العالم إذ كان عمله مهماً،
فقال له أبوه الروحي: "ماذا تركت لقد تركت نفاية، وأخذت مجد خدمة المذبح وحمل
جسد المسيح بين يديك" بولس هنا لا ينظر للإهانات التي توجه له الآن بل ينظر
في إيمان ورجاء للمجد المعد له. وقوله في المسيح يشير لأن المسيح وحده هو
الكاهن الحقيقي وليس كهنوت سوي في المسيح. ولا يوجد راعي سوى في المسيح ولأجل
المسيح، يسوع هو الكاهن الأعظم الحقيقي ونحن الكهنة ليس إلاّ أدوات في يده. من
جهة ما لله
= العمل والكرازة والخدمة وخلاص النفوس، كل هذا هو عمل الله، والله
أيد البشارة والكرازة.

 

آية (19): "بقوة
آيات وعجائب بقوة روح الله حتى أني من أورشليم وما حولها إلى الليريكون قد أكملت
التبشير بإنجيل المسيح."

بقوة روح الله= هذه التي
جعلت الكرازة فعالة الليريكون= إقليم واقع شرق بحر الإدرياتيك غالباً
بلغاريا. هو يشرح ويقدم لهم خدمته ليصلوا عنه. ونلاحظ أن الله أيده ودعمه بواسطة
عمل معجزات أيضاً.

 

آية (20): "ولكن
كنت محترصاً أن أبشر هكذا ليس حيث سمي المسيح لئلا أبني على أساس لآخر."

هو لا يطلب الشهرة أو
المجد أو الخدمة السهلة. بل هو يتمني أن يكون أداة في يد الله لتصل كلمة الكرازة
لكل العالم الوثني الذي لم يصل إليهم أحد قبله. هو لا يريد أن يتعدي حقوق الآخرين
ويسلب إستحقاقاتهم وأتعابهم. وبناء علي هذه الآية فبطرس إذاً لم يكن موجوداً في
روما، ولا هو أسس كنيسة روما.

 

آية (21): "بل
كما هو مكتوب الذين لم يخبروا به سيبصرون والذين لم يسمعوا سيفهمون."

أنني أبشر بالإنجيل وسط
الأمميين وعابدي الأوثان ليصل الإنجيل لكل إنسان وتتحقق نبوة إشعياء (إش15:52)
لذلك فأنا أبحث عن المكان الذي لم يبشر فيه بإسم المسيح لأذهب له.

 

آية (22): "لذلك
كنت أعاق المرار الكثيرة عن المجيء إليكم."

هنا يعبِّر لهم الرسول
عن اشتياقه للذهاب إليهم في روما. ولكن الله كان يكلفه بالكرازة في أماكن أكثر
احتياجاً للكلمة من روما. فالعناية الإلهية تتحكم في أمور الخدمة والكرازة. فالله
يعرف من هو الأكثر إحتياجاً. الله كان يعرف أن في روما أناساً يعرفون المسيح، لكن
هناك أماكن كثيرة مازالت لم تسمع عن المسيح.

 

آية (23): "وأما
الآن فإذ ليس لي مكان بعد في هذه الأقاليم ولي إشتياق إلى المجيء إليكم منذ سنين
كثيرة."

كان الرسول يتكلم من
اليونان، و يري أنه بشر في معظم أقاليمها، وله إشتياق الآن أن يذهب إلى روما عاصمة
العالم الوثني آنذاك.

 

آية (24):
"فعندما اذهب إلى أسبانيا آتى إليكم لأني أرجو أن أراكم في مروري وتشيعوني
إلى هناك أن تملأت أولاً منكم جزئياً."

فعندما أذهب إلى
أسبانيا=

كانت نيران الكرازة تلتهب في داخله ويريد أن يخدم الإنجيل في كل العالم. تملأت=
هي كلمة تقال من الأب والأم لأولادهما وتعبر عن شدة المحبة وتعني أريد أن أملأ
عيني منكم وتعني أنني سأستمتع بلقائكم. جزئياً= تعني أنه مهما أقام في
وسطهم فإنه لا يمكن أن تشبع نفسه من رؤيتهم، ومهما نظر لهم فإن شبعه سيكون جزئياً.

 

آية (25): "ولكن
الآن أنا ذاهب إلى أورشليم لأخدم القديسين."

لأخدم القديسين= لم يقل
لأعطيهم فما يفعله هو خدمة، وهو بهذا يعتذر عن أنه لم يأتي إلى روما بسبب إنشغاله
بخدمة فقراء أورشليم الذين سُلِبَتْ أموالهم هنالك (عب34:10). فليس غريباً أن يكون
هناك فقراء في أورشليم. وربما نشأ هذا عن مجاعة حدثت أيام كلوديوس قيصر (أع28:11-30).
وهذه المجاعة أثرت خصوصاً علي إسرائيل.

 

آية (26): "لأن
أهل مكدونية وأخائية إستحسنوا أن يصنعوا توزيعاً لفقراء القديسين الذين في
أورشليم."

إستحسنوا= أي فعلوا
هذا بدون ضغط. يصنعوا توزيعاً= شركة القديسين. وأليس غريباً أن يكون
القديسين فقراء، حقاً كثيراً ما يغضب العالم عمن يرضي عنهم الله. وكان بولس سوف
يحمل هذه الهبات والعطايا إلى أورشليم. ولكنه هو هنا لا يدعوهم للعطاء من أجل
أورشليم، وإلا لكان قد ذهب إلى روما أولاً. لكن الرسول يقصد أن يشرح لأهل روما
مفهوم الجسد الواحد بين اليهود والأمم. فأهل مكدونية وأخائية (إقليمين يكونان معاَ
اليونان) وهم من الأمم يشتركون مع أهل أورشليم وهم يهود أصلاً وذلك ليتعلم أهل
روما أمماً ويهود أن يتعايشوا بمحبة.

 

آية (27):
"إستحسنوا ذلك وأنهم لهم مديونون لأنه أن كان الأمم قد اشتركوا في روحياتهم
يجب عليهم أن يخدموهم في الجسديات أيضاً."

استحسنوا= بحريتهم
وليس من رجاء لبولس لهم ولا بإيحاء منه. هذا فضل منهم، ومن ناحية أخري فإن أهل
مكدونية مديونون لأهل أورشليم الذين هم يهود أصلاً، فمن اليهود خرج المسيح
والأنبياء والكتب المقدسة والتلاميذ والرسل، وانحدرت النعمة لكل العالم وللأمم.
لذا صار واجباً علي الأمم أن يشتركوا في إحتياجات أورشليم المادية لأنهم نالوا من
خيرات أورشليم الروحية.

 

آية (28): "فمتى
أكملت ذلك وختمت لهم هذا الثمر فسأمضي ماراً بكم إلى أسبانيا."

ختمت= تعني:-

1.          
أنهيت وأكملت لهم هذه الخدمة.

2.     الرسول
كان سيختم علي وثيقة أمام شهود لأهل أورشليم بأنه سلمهم هذه الأموال، حتى لا يتشكك
أحد في نزاهته. ويكون بعد ذلك قد أتم مسئوليته.

هذا الثمر= هذه
العطايا هي ثمار إيمان الأمم. هي إحدى ثمار برَّهُمْ الذي بالإيمان، ثمار محبتهم
التي نالوها بالروح القدس. أسبانيا= بولس شعلة نشاط يريد أن يوصل الرسالة
لكل العالم.

 

آية (29): "وأنا
اعلم أني إذا جئت إليكم سأجيء في ملء بركة إنجيل المسيح."

بركة الإنجيل تشمل= ( كلمة
بركة تشير لعطايا الله الحلوة للمؤمن )

التعرف علي شخص المسيح= فالإنجيل
هو كلمة الله، والمسيح هو كلمة الله، فحينما نسمع كلمة الله المكتوبة في الإنجيل
ونقرأها نكتشف شخص المسيح فنعرفه ونحبه وتملأ محبته القلب فيمتلئ القلب فرحاً
عجيباً. ومن يحبه يحفظ وصيته ويسلك في الفضيلة، ويسكن عنده الآب والابن (
يو23:14).

انفتاح الذهن= لفهم كلام
الإنجيل، لأن المكتوب مكتوب بالروح، ولا يكشف معني المكتوب بالروح إلاّ ذهن مفتوح
بالروح القدس (لو45:24) وحينما يصرخ الشماس عند قراءة الإنجيل "بركاته تكون
مع جميعنا آمين" فهو صراخ أن ينسكب الروح فنفهم وندرك قوة الفداء والخلاص
والتبني والمصالحة، وحب الله، فالإنجيل يحمل رسالة الخلاص. ومن يفهم يرتفع إيمانه
ويتشدد رجاءه وتتقوي عزيمته علي مواجهة صعاب العالم.

فاعلية الكلمة= الكتاب
المقدس هو مرآة تكشف عيوبنا وخطايانا، وكلمة الله كسيف ذي حدين بها نولد من جديد (
عب4: 12+ 1بط1: 23 ) والمعني أن لها قوة علي بتر محبة الخطية داخل القلب فنكون كمن
ولدنا من جديد بطبيعة جديدة. وهذا أهمية المداومة علي قراءة الكتاب المقدس.
فالكلمة تحمل قوة الروح والحياة (يو63:6). هي تتفاعل مع الإنسان وتحرك ضميره فيكشف
عيوبه وتبدأ الدينونة الذاتية، ويبدأ الروح القدس في التبكيت، ويذهب الإنسان
ليعترف، الكلمة يكون لها سلطان علي النفس وتسود بقوتها وقداستها فيتغير الذهن ويتجدد
ويتغير شكل الإنسان إلى صورة المسيح ليتوافق مع الحياة المدعو إليها.

وبولس يؤكد لأهل رومية
أنه حينما يأتي إليهم سينالوا جميعاً ملء بركة الإنجيل وينمو الجميع في الإيمان
والفضيلة، وهذا يتفق مع ما قاله في (رو11:1) لكي أمنحكم هبة روحية لثباتكم".

 

آية (30): "فأطلب
إليكم أيها الاخوة بربنا يسوع المسيح وبمحبة الروح أن تجاهدوا معي في الصلوات من
أجلي إلى الله."

محبة الروح= المحبة
التي أثمرها الروح القدس في نفوسكم. أن تجاهدوا معي في الصلوات= الصلوات
المتبادلة هي دليل المحبة. والمحبة دليل عمل الروح لذلك نحن نؤمن بالشفاعة، هم
يصلون عنا ونحن نصلي عنهم. ولاحظ أن الرسول يصلي عنهم (1: 9،10+ 15: 33). وهنا
يطلب صلواتهم . بربنا يسوع المسيح أطلب منكم بإسم المسيح. ولاحظ أن الرسول
يعتبر أن الصلاة هي جهاد روحي=  أن تجاهدوا . والصلاة بعضنا لبعض هي ما
يسمي الشفاعة التوسلية.

 

آية (31): "لكي
أنقذ من الذين هم غير مؤمنين في اليهودية ولكي تكون خدمتي لأجل أورشليم مقبولة عند
القديسين."

لكي أنقذ= فالروح
القدس أعلن له، ما سيحدث له في أورشليم وكانت زيارته هذه لأورشليم هي الزيارة
الأخيرة حيث ألقوا القبض عليه فهو كان شاعراً بكل المخاطر المقدم عليها. لذلك طلب
الصلاة لأجله. لكي تكون خدمتي مقبولة= كان الرسول خائفاً أن لا يكون
مقبولاً عند القديسين مسيحيي أورشليم الذين هم يهوداً أصلاً بسبب تحرره من
الناموس.

 

آية (32): "حتى
أجيء إليكم بفرح بإرادة الله وأستريح معكم."

سيذهب إليهم في روما
فرحاً إذا قبلوا خدمته في أورشليم.

 

آية (33): "إله
السلام معكم أجمعين آمين."

كما طلب منهم أن يصلوا
لأجله، هاهو يصلي لأجلهم ليكون بينهم سلام. كما يصلي الكاهن قائلاً إيريني باسي
(السلام لكم) ويرد الشعب ولروحك أيضاً (كيطو بنيفما تي سو).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس أ الله 1

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي