الإصحاح الرابع

 

إدعى المعلمين الكذبة أن الضيقات التي تواجه بولس هي علامة عدم رضا
الله عنه،

وبالتالي تخلى الله عنه. فنجده هنا يقدم فكر مستنير عن بركة الضيقة

 

آية
1 :- من اجل ذلك إذ لنا هذه الخدمة كما رحمنا لا نفشل.

بالرجوع لما سبق وقاله في إصحاح (3) يقول.. ولأن عملنا وخدمتنا على
هذا القدر من المجد الذي يتميز عن العهد القديم. وخدماتنا هذه ليست راجعة لكفاءتنا
وإستحقاقنا ولكننا حصلنا عليها من فيض رحمة الله = كما رحمنا وإذا كان الله
هو الذي وهب لنا هذه الخدمة فإننا لا نفشل مهما قابلنا من صعاب، فالله يريد لهذه الخدمة
النجاح ويعطينا إمكانيات جبارة تصاحب هذا المجد.

 

آية 2 :- بل قد رفضنا خفايا الخزي غير سالكين
في مكر ولا غاشين كلمة الله بل بإظهار الحق مادحين أنفسنا لدى ضمير كل إنسان قدام
الله
.

بل قد رفضنا خفايا الخزى = رفضنا أن
نمارس الخطايا المخجلة، ولأنها هكذا يمارسونها في الخفاء. وكيف يكون لنا كل هذا
المجد ونسلك في خفايا الخزى. ونعمل هذا لنكون إنجيلاً معاش وليس مكتوم، غير ظاهر،
ونحن لا نتصرف في الخفاء غير ما نفعله علانية. غير سالكين في مكر.. = ونحن
لا نسلك في مكر أو خبث. الرسول لا يسلك كما يفعل المعلمين الكذبة، هم إتهموه
بالمكر والغش وهم الذين يسلكون هذا الطريق. مادحين أنفسنا = نتقدم بأنفسنا
ظاهرين واضحين أمام الناس جميعاً غير مخفين أعمالنا، ويرى الناس أعمالنا الصالحة
ويمجدوا أبونا الذي في السموات. وأيضاً فإن التصرفات الحسنة التي نحاول أن نسلك
فيها تستجلب مدح الناس ورضاهم وثقتهم. قدام الله = والله هو الشاهد على
إخلاصنا في تعاليمنا وسلوكنا.

 

آية 3 :- ولكن إن كان إنجيلنا مكتوما فإنما
هو مكتوم في الهالكين.

ربما عَلَّقَ البعض على كلام بولس حين قال أن هناك برقع على العهد
القديم، بأن الإنجيل أيضاً غير واضح، والرسول يرد على هذا بأنه غير واضح للهالكين.
فإن كان إنجيلنا غير مدرك وغير مقبول، فإن هذا يرجع إلى البشر أنفسهم أو الهالكين
منهم الذين لم يقبلوا محبة الحق (2تس 2 : 10). أي هؤلاء الذين بإرادتهم وبإختيارهم
قد أغلقوا أذهانهم عن فهم الحقيقة وعن تقبلها. هم من بإرادتهم صاروا تحت سلطان
الخطية، فصاروا عمياناً إذ أسلموا أنفسهم للشر فصار برقع على قلوبهم ورفضوا
الإستجابة للنداء الإلهي. فليس كل إنسان يتقبل كلام الله، فيهوذا كان في حضن
المسيح وهلك لأنه لا يريد. فنحن لنا إرادة حرة (مت 23 : 37). والعكس فمن يحيا في
طهارة، صالباً شهواته يحيا المسيح فيه(غل 2 : 20). والمسيح الذي فيه يحركه وفقاً
للإنجيل، فالمسيح كلمة الله، والإنجيل كلمة الله. وبهذا يتحول هذا الإنسان لإنجيل
معاش. فمن ينساق وراء شهواته يصبح إنجيلاً مكتوم (هذه الآية) ومن يصلب شهواته يصير
إنجيلاً معاش. والإنجيل المعاش شئ ودارس الإنجيل كمعلومات شئ آخر، فإن لم يصلب هذا
الدارس شهواته لن يصبح إنجيلاً معاش، بل يظل إنجيلاً مكتوم وسيهلك. أمّا من يحيا
فيه المسيح فيكون له فكر المسيح (1كو 2 : 16) وهذا سيفهم ما يقوله الإنجيل، بل
سيحيا به

ويطبق ما فيه، وسيكون إنجيلاً مقروءاً من الناس، يكرز دون أن يتكلم
أو يعظ، نور المسيح الذي فيه سينعكس من عليه كمرآة.

 

آية 4 :- الذين فيهم اله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا
تضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله.

إله هذا الدهر = في حالة التمرد الحالية التي يعيش
فيها البشر في هذا الدهر، نجدهم يعبدون إبليس رئيس هذا العالم كما أسماه المسيح
(يو 14 : 30 + يو 16 : 11). ويعبدون الخطايا والشهوات والمال والملذات الحسية.
ويسمى إله هذا الدهر، لأن سلطانه وقتي إذ أن هذا العالم سيزول، والشيطان سيلقى في
البحيرة المتقدة بالنار (رؤ 20 : 10) والكل سيخضع لله (1كو 15 : 24) ولاحظ أن من
يترك الله يكون له إله آخر هو إله هذا الدهر. لذلك يقول " لا تملكن الخطية في
جسدكم المائت " (رو 6 : 12). بل من تجذبه مراكز وعظمة هذا العالم، فبالرغم من
أن هذا ليس خطية، إلاّ أن الإهتمام بهذا يعمى العين عن أن ترى المسيح، فيحرم الإنسان
من النور الإلهي. وقوله هذا الدهر المقصود به كل الزمان الذي يسبق المجيء
الثاني.

قد أعمى أذهان غير المؤمنين = هذا هو
خداع إبليس إله هذا الدهر، أنه يثير شهوات الإنسان ويغريه بملذات هذا العالم، ومن
ينقاد لشهواته يصيبه العمى فلا يدرك نور الإنجيل ولا يفهمه، ولا يدرك نور الكرازة
التي تبشر بمجد المسيح، ولا يدرك النور الذي يظهر مجد المسيح الذي هو صورة الله
=
فالله غير منظور ولكننا رأيناه في المسيح، كما قال المسيح لفيلبس " من
رآني فقد رأى الآب "

إنارة إنجيل مجد المسيح = المؤمن
الحقيقي يصير في داخله إستنارة يرى بها المجد الذي في المسيح الذي هو صورة الله،
بل هو يعكس هذا المجد فيراه الغير ولكن هذا لمن صلب شهواته فصار المسيح يحيا فيه
وأعطاه بصيرة. أما من إنقاد لشهواته تنطفئ بصيرته الداخلية، ومثل هؤلاء أسماهم هنا
غير مؤمنين = فالمؤمن يعكس مجد الله، إذ يحيا المسيح فيه. ولكن من ينقاد
لإله هذا الدهر حتى يصيبه بالعمى كيف يكون مؤمناً. فالخطايا والشهوات هي كطين يغطى
مرآتنا فلا نعكس مجد الله، بل لن نراه ولن ندركه أصلاً. أمّا من يقدم توبة فسيشرق
داخله نور بعد أن كان ظلمة، ويعود يرى مجد المسيح.

 

آية 5 :- فإننا لسنا نكرز بأنفسنا بل بالمسيح يسوع ربا ولكن بأنفسنا
عبيدا لكم من اجل يسوع.

من (آية 4) رأينا أن الإنجيل يكرز بمجد المسيح، وهذا هو هدف كرازتنا.
نحن نرى مجد المسيح فلا نستطيع إلاّ أن نكرز به. فنحن لا نقصد أن نكرز بأنفسنا ولا
أن نمجد ذواتنا، بل نحن نعتبر أنفسنا عبيداً لكم من أجل المسيح. إن الخادم يقدم
نفسه عبداً وخادماً للمؤمنين ليربح نفوسهم للمسيح وليتمجد المسيح في كل إنسان. وإن
كان هدف الرسول مجد المسيح، فمن يخاصمه يخاصم المسيح. ونحن كيف نكرز بالمسيح ؟
بصلب شهواتنا فيحيا المسيح فينا ويرى الناس المسيح الذي فينا دون كلام ولا كرازة.

 

آية 6 :- لأن الله الذي قال أن يشرق نور من ظلمة هو الذي اشرق في
قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح.

الله
الذي قال =

(تك 1 : 3). هو الذي أشرق في قلوبنا = هذا كان بالمعمودية التي هي سر
الإستنارة. ومعنى كلام الرسول هنا أن في بدء الخليقة كان هناك ظلمة، وخلق الله
النور في العالم. وبالمثل كان هناك ظلمة في قلوبنا، والله الذي خلق النور في
العالم في اليوم الأول، خلق نور داخلنا. فالإستنارة الداخلية هي عمل إلهي، هي خلق.
فالله هو الذي يعطينا أن نستمتع بهذه الإستنارة. في قلب كل خاطئ ظلمة، وحين يعود لله
بالتوبة يعطيه الله إستنارة داخلية… هذه هي الخليقة الجديدة. والله يعطينا هذه
الإستنارة ليس لنستنير فقط، بل بواسطتنا يمكن أن نكرز بهذا النور، فالله يعطينا
هذا النور إذاً لسببين :-

أ)
تصير لنا البصيرة الداخلية المستنيرة التي تدرك ملكوت الله، وتنعم به، ونفهم
ونعاين أسرار الحب الإلهي ونرى بوضوح الله ونعرف مشيئته ونحبه ونفرح بهذا الحب.

ب)
نشهد لله بحياتنا، وخلقتنا الجديدة، نشهد لله في العالم، وهذا هو الإنجيل المفتوح
عكس الإنجيل المكتوم (آية 3) = لإنارة معرفة مجد الله = فنحن عرفنا مجد
الله حين إستنرنا، ثم نعلنه للآخرين.

في
وجه يسوع المسيح =
هذا المجد الإلهي ظهر بواسطة شخص ربنا يسوع
المسيح. فنحن نعرف المجد الإلهي عن طريق معرفة المسيح وحياة المسيح فينا وبها
نتمتع بشركة مجده الإلهي.

ولاحظ
أن الله يعطينا الإستنارة : 1) بالمعمودية 2) بالتوبة. وكلاهما موت عن العالم وعن
الخطية، لنقوم بحياة جديدة. كلاهما قرار بالموت يعقبه حياة، والموت ظلمة وعدم
إدراك، والحياة إستنارة ومجد.

 

آية
7 :-
ولكن لنا هذا الكنز في أوان خزفية ليكون فضل القوة لله لا منا.

لنا
هذا الكنز =
النور الإلهي / المحبة الإلهية / معرفة المجد الإلهي /
الروح القدس يحل فينا (وهو نار إمّا نضرمها أو نطفئها) / المسيح يحيا فيَّ (غل 2 :
20) الخدمة المجيدة التي إستأمننا الله عليها. وبالرجوع (للآية 6) يفهم أيضاً أن
الكنز هو أن نعكس مجد الله. في أوانٍ خزفية = فأجسادنا هي من طين، ولكننا
صرنا هيكل لله. وما يحجز ظهور المجد الإلهي فينا هو هذا الجسد الترابي، ولكن يوم
تكسر هذه الآنية الخزفية، أي يوم نموت يظهر هذا المجد العتيد أن يستعلن فينا (رو 8
: 18). ومن حكمة الله ورحمته أن يظل هذا المجد مختفياً لئلا ننتفخ، وكانت هذه سقطة
إبليس إذ إنتفخ بسبب مجده وجماله. بل لذلك أيضاً يسمح الله لنا ببعض الآلام
والتجارب (2كو 12 : 7). ومن هو ممتلئ من الروح والإستنارة والمجد الداخلي، يوم
يموت يكون كالعذارى الحكيمات، مصابيحهن مملوءة زيتاً، ومن أطفأ الروح داخله يكون
كالجاهلات.

ليكون
فضل القوة لله لا منا =
القوة التي نخدم بها، ونواجه الصعاب بها، هي
قوة إلهية، فما نحن سوى آنية خزفية ضعيفة، ففضل نجاحنا في خدمتنا يرد أصلاً إلى
عمل الله فينا ولا يرد لذواتنا.

 

آيات
8 – 10:-
مكتئبين في كل شيء لكن غير متضايقين متحيرين لكن
غير يائسين. مضطهدين لكن غير متروكين مطروحين لكن غير هالكين. حاملين في الجسد كل
حين إماتة الرب يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضا في جسدنا.

إستخدم الرسول في هذه الآيات تعبيرات رياضية تستخدم في رياضات
المصارعة والجرى.

مكتئب = وصف لمن يسقط في يدي خصمه الذي
يصارع ضده عاجزاً عن المقاومة

متحير = من وقف في حيرة أمام مهارة خصمه لا
يعرف ماذا يفعل.

مطروح = مصارع سقط ملقياً على الأرض. محطم
=
crushed

مضطهد = من فاته السباق وعجز عن اللحاق
بالآخرين.

ولاحظ صليب الخدمة في حياة الرسول بولس… مكتئبين / متحيرين /
مضطهدين / نسلم دائماً للموت / الموت يعمل فينا. فالمشاكل التي تقابل الخدام كل
يوم تعمل عمل إماتة. ولكن لاحظ أيضاً عمل الروح القدس فيه داخلياً، فالروح يعطى
مساندة للخادم حتى لا يفشل (آية 1).. لكن غير متضايقين / غير يائسين / غير متروكين
/ غير هالكين. لذلك فالخادم المملوء من الروح القدس لا يفشل مهما زادت الضيقات
والمشاكل. بل أن لهذه المشاكل فائدة عظيمة فبها ينكسر الخادم ويخضع أمام الله
بدموع إذ هو غير قادر على حلها. وبها يكتشف إمكانيات الله إله المستحيلات. وتتوالى
المشاكل حتى يُمات الخادم تماماً = الموت يعمل فينا (آية 12). فتموت الأنا أو
الإعتماد على الذات وتعطيه إعتماداً كاملاً على الله. فالمشاكل تحاصر الخادم ولكن
لا تخلق شعوراً بالضيق داخله، قد يتحير لكن دون أن يشعر بالفشل أو اليأس فشعور
الخادم باليأس قد يدفعه للإبتعاد عن الخدمة. الخادم الصحيح لا يشعر أبداً أن الله
تركه، مع أن المشاكل تحاصره، وقد يبدو أحياناً أنه هُزِمَ وكما لو أن البشر
إستطاعوا أن يطرحوه إلى المخاطر = مطروحين كما كان بولس وسيلا في السجن، أو حين
غرقت السفن وبولس فيها. ومع هذا فإن هذه المخاطر لا تقوى على أن تهلكنا، فيد الله
وعنايته تحيط بنا كما أحاطت بدانيال في جب الأسود. الخادم الحقيقي لا تبتلعه
الضيقات والإهتمامات. طالما نحن في الجسد ستظل هذه الثنائية، شئ في الخارج وشئ آخر
في الداخل، دموع في الخارج وتعزيات في الداخل = " كحزانى ونحن دائماً فرحون
" (2كو 6 : 10). فمجد إبنة الملك من داخل (مز 45 : 13) (ترجمة سبعينية). أمّا
الخارج فآنية خزفية ضعيفة. وهذا ما قاله السيد المسيح " في العالم سيكون لكم
ضيق " (يو 16 : 33). القلب اليائس والحزين هو قلب قد إنطفأ فيه الروح القدس،
ليس بسبب المشاكل ولكن لنقص جهاد هذا الخادم وفتوره. حاملين إماتة الرب = كل يوم
نتعرض لمخاطر كثيرة حتى كأننا نموت مع المسيح على الصليب. ويسميها الرسول إماتة
الرب يسوع = فألامنا هي مطابقة لآلام الرب يسوع، فالعالم لا يقبلنا لأنه لا يقبل
الرب يسوع. فالآلام التي تقع علينا هي لنفس السبب التي وقعت به على الرب. والآلام
التي تقع علينا هي واقعة على المسيح فنحن جسده (كو 1 : 24) وكلما قبلنا هذه الآلام
وإشتركنا مع المسيح في صليبه، حتى وإن وصلت هذه الآلام إلى حد الموت = تظهر حياة
يسوع أيضاً في جسدنا = فبالآلام تموت فينا الشهوات الخاطئة، وتموت الأنا والإعتماد
على الذات، ومن يقبل الموت لأجل المسيح تظهر حياة يسوع فيه، وبهذا يظهر أمام الناس
أن يسوع يعيش ويحيا فينا حين لا ننهزم، بل ننتصر على الضيقات. الخادم الحقيقي
يتوقع في كل لحظة أن يموت كما مات الرب يسوع. وكل من يقبل الموت لأجل يسوع تعمل
فيه قوة القيامة التي كانت ليسوع. ومن لا يتقبل الموت عن طيب خاطر فحياة المسيح
ليست فيه، وقطعاً من يتقبل الموت سيتقبل أي ألم وأي صليب. من هنا نفهم أن بولس لا
يطلب كرامة من الناس، بل هو مستعد للموت لأجل المسيح ولأجل أن يعرف الناس المسيح
وينير حياتهم بل يصير المسيح حياتهم = تُظهر حياة يسوع فيهم هم أيضاً. لن تظهر
حياة يسوع في أحد، ما لم يقبل الموت عن العالم وشهواته وخطاياه وملذاته، الموت
أولاً ثم القيامة فالمسيح لم يقم من الأموات إلاّ بعد أن مات. وهذا معنى " مع
المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ " (غل 2 : 20) الصلب أولاً ثم
القيامة.

 

آية 11 :- لأننا نحن الأحياء نسلم دائما للموت من اجل يسوع لكي تظهر
حياة يسوع أيضا في جسدنا المائت.

نسلم دائماً للموت = الإضطهاد والضيقات بل حتى الإستشهاد. ومن يسلم
حياته ذبيحة بهذا الشكل يظهر في جسده المائت قوة حياة يسوع الذي يحمل عنا قوة
الموت. فحياة يسوع وقوة قيامته تعمل مع من يقبل كل ألم حتى الموت.

 

آية 12 :- إذا الموت يعمل فينا ولكن الحياة فيكم

إذن الموت يعمل فينا (في الخدام) والحياة
فيكم
(في المخدومين). فكل من يعمل فيه المسيح تعمل فيه الحياة، هو كان قبل
المسيح ميتاً وبعد المسيح عاش (مثال لذلك الإبن الضال). فالخادم يقابل مخاطر
وضيقات مميتة = الموت يعمل فينا، وذلك ليحصل المخدومين على الحياة الأبدية.

 

آية 13 :- فإذ لنا روح الإيمان عينه حسب المكتوب آمنت لذلك تكلمت نحن
أيضا نؤمن ولذلك نتكلم أيضا.

قال داود في المزمور آمنت لذلك تكلمت (مز 116 : 10) أي
بسبب إيماني بالله سبحت ورنمت مزاميري بالرغم من كل الضيقات المحيطة بي واثقاً في
محبته.

فإذ لنا روح الإيمان عينه = الذي ظهر
في داود فإنتصر على الضيق. هكذا نحن أيضاً نؤمن = وكما رتل داود فنحن بكل
حماس وغيرة وشجاعة نعترف جهراً بكلمة الإنجيل = نتكلم أيضاً. إن الإيمان
قوة روحية جبارة تدفع المؤمن للتبشير والكرازة بما آمن به كما فعلت المرأة
السامرية عندما أعلنت إيمانها بالمسيح

 

آية 14 :- عالمين أن الذي أقام الرب يسوع سيقيمنا
نحن أيضا بيسوع ويحضرنا معكم.

نحن نعلم أن الله الذي أقام المسيح من الأموات، فإنه أيضاً بواسطته
سيقربنا إلى حياة المجد لنسير في خطوات المسيح معكم. إذاً هل سيميتونا. إذاً أهلاً
بالموت الذي به نبدأ طريق القيامة والمجد.

 

آية 15 :- لان جميع الأشياء هي من أجلكم لكي تكون النعمة وهي قد كثرت
بالاكثرين تزيد الشكر لمجد الله.

لأن جميع الأشياء هي من أجلكم = سواء
الأمور التي تسرون بها أو الضيقات التي تتضايقون منها، الكل لفائدتكم وخلاص نفوسكم
(1كو 3 : 22 + رو 8 : 28). بل إن آلامي وتسليمي للموت هو لفائدتكم، فقد وصلت لكم
كلمة الكرازة. وكون أن الله ينقذني بنعمته فهذا صالح لكم أيضاً، فحينما صارت لي
حياة ثانية، كرزت فآمن كثيرون، وإزداد عدد المؤمنين وبالتالي إزداد عدد من يشكر
الله = وهى قد كثرت بالأكثرين تزيد الشكر لمجد الله

 

آية 16 :- لذلك لا نفشل بل وإن كان انساننا الخارج يفنى فالداخل
يتجدد يوما فيوما.

إنساننا الخارج = أي الجسد (الآنية الخزفية). هذا
يتألم من الضيقات لدرجة الإقتراب من الفناء (من شدة ضعف الجسد). أمّا الداخل =
أي إنساننا الباطن الذي وُلِدَ في المعمودية، والذي هو على إتصال بالله وهو
المستنير الذي يرى الله ويسمعه ويدركه ويعرفه، فهو يكتسب فوائد روحية كثيرة من هذه
الضيقات ويتجدد يوماً فيوماً :-

1) فهو تموت فيه الشهوات ويكف عن الخطية (1بط 4 : 1)

2)
يشتهى راحة وأفراح السماء بدلاً عن محبة العالم التي هي عداوة لله (يع 4 :4)

3)
مع ضعف الجسد، حين نرى يد الله تعمل ينمو الإيمان بالله إله المستحيلات، فنضع
ثقتنا فيه لا في ذواتنا، وبدون إيمان لا يمكن إرضاءه (عب 11 : 6)

4) كلما إزدادت الضيقات نرتمى في حضن الله فنعرفه وتتفتح حواسنا
على السماويات.

وأشهد أمام
الله أنني رأيت هذا كثيراً في أشخاص أصابتهم أمراض خطيرة، وكان جسدهم يتآكل من شدة
المرض، لكن كانت أفراحهم وسلامهم وتسليمهم لله، ومحبتهم لله تزداد يوماً فيوماً.
فإن كان الله يسمح بفناء الجسد الخارجي الذي سيذهب للتراب، فإن هذا حتى ينمو
الداخلي الذي سيذهب للسماء. الظروف الخارجية لا توقف التقدم الروحي، بل كلما إزدادت
شدة ينمو الداخل ويتجدد في الإيمان والرجاء وفى التعلق بالسماويات، أي تنمو الحياة
الروحية.

 

آية 17 :- لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا اكثر فاكثر ثقل مجد أبديا.

الضيقة ليست خفيفة، ولكنها تبدو كذلك للأسباب الآتية :-

1) إذا وضعت في ميزان وفى الكفة الأخرى المجد الأبدي المعد لنا، تبدو
خفيفة.

2) الضيقة وقتية أي لسنين مهما طالت فهي لا شئ بجانب المجد الأبدي
اللانهائي.

3) هي خفيفة
بسبب التعزيات الإلهية المصاحبة (1كو 10 : 13 + نش 2 : 6) وبالمقارنة مع (آية 16)
ندرك أن ما يجدد الداخل هو المتاعب الخارجية، وما يعطينا إحتمالاً للمتاعب هو
نظرنا إلى الأمجاد الأبدية، بل أنه كلما إزدادت هذه المتاعب والآلام إزداد المجد
الأبدي (رو 8 : 17، 18).

 

آية 18 :- ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي ترى بل إلى التي لا ترى
لان التي ترى وقتية وأما التي لا ترى فأبدية

الأشياء التي ترى = الضيقات الحالية والآلام
والناس والمجد العالمي والمال وملذات هذا العالم. والتي لا ترى = الله
والسماء والنعمة والملكوت والمجد المعد والقديسين والملائكة وأفراح السماء وأيضا
العذاب الأبدي. ومن يثبت نظره على الفاني الذي يُرى يكون غير صالح ولا مؤهل
للميراث السماوي، ومن يثبت نظره على السماء
التي لا
تُرى فهذا يؤهل للمجد. بل يرى أن الضيقات الحالية خفيفة جداً، وهذا حينما ننظر لما
يرى بعين الرجاء. وما يساعد على إحتمال الآلام أن ننظر لما لا يرى ونتأمل في أمجاد
السماء. أما الذي ينظر للأشياء الوقتية يتألم إذا كانت له خسارة فيها، بل قد يترك
مسيحه هرباً من ألم أو إضطهاد أو سعياً وراء لذة.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس أ أريساي 1

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي