الإصحاح الثانى

 

آيات 1-3:- فاني اريد ان
تعلموا اي جهاد لي لاجلكم و لاجل الذين في لاودكية و جميع الذين لم يروا وجهي في
الجسد. لكي تتعزى قلوبهم مقترنة في المحبة لكل غنى يقين الفهم لمعرفة سر الله الاب
و المسيح.

المذخر
فيه جميع كنوز الحكمة و العلم.

 

لاودكية = هى مدينة فى آسيا
الصغرى بالقرب من كولوسى، على نهر ليكوس، وبشرها أبفراس، وهو يذكرها هنا لأن
أبفراس بشرها مع كولوسى ولأن لهم نفس المشاكل، ويبدو أن كنيسة لاودكية كانت هى
الأكبر (كو15:4،16).

أريد أن تعلموا = لو علموا
محبته لهم وجهاده لأجلهم لاستمعوا لتعاليمه.

أى جهاد = كل عمل وكل خدمة
لبناء كنيسة المسيح يقاوَم بحروب شديدة وخداعات كثيرة من إبليس، ولذلك يحتاج
الخدام أن يجاهدوا فى الإهتمام بأولادهم والصلاة لأجلهم وتعليمهم وكرازتهم. وهنا
نرى محبة بولس لكنيسة المسيح، فهو يجاهد ليس لمن علمهم فقط بل حتى لمن يرهم كأهل كولوسى
ولاودكية الذين لم يكن قد رآهم قبل حبسه فى روما. وهكذا كل مسيحى حقيقى عليه أن
يصلى حتى لمن لا يعرفهم. إن بولس لو استطاع لذهب إليهم ولكن قيوده فى سجنه كانت
تمنعه فاكتفى بالرسائل لهم والصلاة لأجلهم. وماذا يطلب الرسول لهم أو ماذا يجاهد
لأجله فى صلاته عنهم؟ تتعزى قلوبهم مقترنة فى المحبة = أى يطلب لهم أن يتعزوا وأن
يقترنوا بالمحبة (تكون لهم علاقات قوية فى المحبة) وعموماً فلا تعزية سوى فى
المحبة، فالمحبة هى أولى ثمار الروح القدس. "هوذا ما أحسن وما أحلى أن يجتمع
الإخوة معاً.. كالطيب النازل على الرأس، على اللحية" (مز 133 :2،1). هذا
المزمور يشرح ما يريده الرسول، فحين نجتمع فى محبة ينسكب الروح علينا (الذى إنسكب
على المسيح الرأس ينسكب علينا نحن المشبَّهين هنا باللحية لإرتباطنا بالمسيح
الرأس، والطيب هو الزيت الذى كان يسكب على رأس هرون إشارة إلى الروح القدس). والروح
القدس هو المعزى (يو16:14،26) + (يو26:15). والروح القدس يقرن بين قلوبنا بالمحبة،
فهو يربط أعضاء جسد المسيح الذين هم نحن بمفاصل آية 19 والمفاصل هى المحبة.
وإستعمل الرسول كلمة إقتران إشارة لقوة رباطات المحبة بيننا. ولاحظ أن التعزية
الحقيقية التى يعطيها الروح القدس تُختبر بالأكثر وسط الضيقات والمحبة الحقيقية
للناس تعَرف فى إستمرارها حتى لمن يسيئون إلينا.

لكل غنى يقين الفهم = أى لن
نصل إلى الفهم الأكيد للأسرار الإلهية بدون محبة وهذا ما فهمناه من (أف 3: 19،18).
فكيف ندخل بيت الملك ونطلع على أسراره دون أن يدعونا هو لذلك، وكيف يدعونا إن لم
يكن هناك محبة؟

لكل = تعنى لبلوغ (الترجمة
التفسيرية) وفى الإنجليزية
TO ATTAIN والفهم
المقصود به فى اليونانية.. المعرفة العملية أو الاختباريه. وهنا نرى العلاقة بين
السلوك الروحى وحصولنا على المعرفة الروحية. يقين الفهم الفهم الكامل الصحيح، ومن
له هذا الفهم سيكتشف بسهولة ضلال الهرطقات.

والروح القدس هو الذى يعلم
ويذكر من يمتلىء منه، أى يمتلىء من المحبة. وهنا الرسول يريد لهم أن يفهموا أنه لا
الفلسفة ولا التهوَّد سيعطيانهم شيئاً. بل أن البر سيكون لهم بالمسيح، والمعرفة
ستكون بالمسيح، والحكمة ستكون بالمسيح الذى يعطى لكنيسته كل شىء فهو المذخر فيه
جميع كنوز الحكمة والمعرفة لمعرفة سر الله الآب والمسيح = الرسول يصلى حتى يفتح
الله قلوبهم ويفهموا سر الآب والمسيح، أى العلاقة بين الآب والمسيح. فالآب فى
الإبن والإبن فى الآب (يو 9:14-11). وأن الإبن مولود أزلي من الآب كشعاع نور مولود
من الشمس، هو يعلن لنا الآب الذى لا نستطيع أن ندركه. وأن الآب هو نبع للمحبة،
وإشعاعات الحب الإلهى تنبعث من الآب لتصب فى الإبن المحبوب بالروح القدس. وأن
يفهموا أننا بتجسد المسيح دخلنا فى هذه الدائرة الإلهية، فبإتحادنا بالإبن صرنا
أبناء، وأصبح الروح القدس يسكب المحبة الإلهية فينا (رو5:5) هذه هى مقاصد الله
الأزلية فى المسيح من جهة الكنيسة أى فداء المسيح الذى به جعل الكنيسة جسده، فحصلت
الكنيسة على البنوة، وبالتالى صار لها مجد المسيح.

المذخر فيه جميع كنوز الحكمة
والمعرفة = المسيح هو أقنوم الحكمة ويحوى كل حكمة ومذخر فيه أى يستتر فيه حكمة
خفية عن الأنظار. وقوله كنوز يعنى أنها لن تفرغ أبداً وأنها عظيمة الفائدة. فهو
مصدر كل حكمة. وهذا رد على الغنوسيين الذين يقولون أن المعرفة تأتى من الفلسفة
والعقل والبحث، بل تصوروا أن معرفتهم وحكمتهم البشرية يمكن أن تفوق المسيح نفسه،
لذلك يشرح لهم الرسول أن المسيح فيه كل حكمة، وأى حكمة خارجة عن المسيح ما هى إلاّ
ضلال كما أضلت الحية حواء. والمسيح يعطى حكمته لمن يشاء من المؤمنين (لكل من هو
ثابت فيه ومتحد معه) وليس لمن يعتمد على حكمته البشرية. ويعطيها للبسطاء (مت25:11).
وبالتالى لا توجد حكمة أعلى من حكمة المسيح.

آيات 4-7:- و انما اقول هذا
لئلا يخدعكم احد بكلام ملق. فاني و ان كنت غائبا في الجسد لكني معكم في الروح فرحا
و ناظرا ترتيبكم و متانة ايمانكم في المسيح. فكما قبلتم المسيح يسوع الرب اسلكوا
فيه. متاصلين و مبنيين فيه و موطدين في الايمان كما علمتم متفاضلين فيه بالشكر.

بكلام ملق = أى كلام له بريق
وباطنه يحمل سماً مميتاً، وهذا هو هدف إبليس أن يخدع المؤمنين بشىء آخر خارج عن
المسيح ليميتهم، هكذا فعل مع حواء. والغنوسيون خدعوهم بأن الإنتفاخ بالمعرفة
بعيداً عن المسيح فيه الخلاص.

ناظراً ترتيبكم ومتانة
إيمانكم = هذا ما أخبره به أبفراس فأراد الرسول أن يثبتوا على الإيمان الذى
تسلموه. والرسول بالرغم من بعده عنهم فهو فى سجنه فى روما منشغل بهم فى أفكاره
وإهتماماته، يصلى لأجلهم، فكأنه يعيش معهم = لكنى معكم فى الروح. متانة = تعبير
عسكرى يشير لجيش قوى مرتب قادر أن يصد غارات العدو الذى يحاول فتح ثغرة فى جبهة
القتال.

فكما قبلتم المسيح اسلكوا فيه
= قوله "اسلكوا فيه" تعنى ثباتهم فى المسيح وإتحادهم معه، لا يشغل فكرهم
ولا قلوبهم سواه، وإن فعلوا واحبوا المسيح لهذه الدرجة، وملأ حبه قلوبهم، لن
يستطيع عدو الخير أن يجد مكاناً فى قلوبهم لأى محبة للعالم ولا لفكر غريب، فالقلب
ملآن غير قابل أن ينشغل بشىء آخر وقوله "اسلكوا فيه" يفهم منه أن من
يثبت فيه، وهو الطريق المؤدى للآب، يصل لحضن الآب. والثبات فيه يكون:

1.           
لمن
آمن وإعتمد.

2.           
ويسلك
فى حياة التوبة بأمانة.

3.           
دائم
التناول من جسد الرب ودمه.

4.           
لا
ينكر إيمانه.

متأصلين ومبنيين فيه ROOTED AND BUILT UP IN HIM متأصلين… فيه =
التشبيه هنا بالنبات، وهذا له جذور تمتد فى باطن الأرض، وكلما كان الجذر عميقاً
يحصل على المياه فينمو النبات، وكلما كان قوياً ينمو النبات. لذلك كانت دعوة
المسيح " أدخلوا إلى العمق ". فكلما دخل المؤمن للعمق يصل للمياه (الروح
القدس) فيكون غرساً روحياً. ولاحظ قوله فيه فنحن كلما نثبت فى المسيح ندخل للعمق
فنرتوى من مياه الروح القدس وننمو فيه (أف 15:4). فأعضاء الجسد لابد وأن تنمو. ولا
نمو إلاّ لو كنا ثابتين فيه ولا إرتواء من العمق إلاّ لو كنا ثابتين فيه.

وكيف نثبت فيه كؤمنيين؟

1.           
طبعاً
مادمنا مؤمنين فلا محل للكلام عن الإيمان والمعمودية، فهذا موجود.

2.           
تكون
حياتنا منسجمة مع المسيح بلا سماح بأى إستخفاف بالخطية وبسلوكنا فى قداسة.
والتناول المستمر من جسد الرب ودمه.

3.           
التمسك
بالإيمان القويم، المسلّم مرة للقديسين (ية 3).

4.           
السلوك
بمحبة نحو كل إنسان. فالله محبة، وحياة بلا محبة لا يحتملها الله.

5.           
الإلتصاق
المستمر بالله (صلاة – دراسة كتاب – تسبيح – اجتماعات……).

6.           
زيادة
أصوامنا كوسيلة للزهد فى محبة العالم.

بإختصار يكون المسيح كل
حياتنا. نحن كنا متأصلين فى آدم حين سقط، لذا إشتركنا فى عواقب الخطية. وهكذا صرنا
متحدين مع المسيح كرأس جديد ولنا الإشتراك معه فى الحياة التى يحياها الآن، وننتظر
أن ننضم إليه فى المجد العتيد أن يُستعلن فينا.

مبنيين…فيه = التشبيه
السابق كان المؤمن مشابهاً لنبات ينمو، وهنا يشبه المؤمن بحجارة حية فى مبنى أساسه
المسيح. وهذان المثلان سبق للرسول إستخدامهما فى (1كو 9:3). والمبنى يشير لتراص
المؤمنين فى محبة ليكمل البناء. وثباتنا فى المسيح هو السبب فى أنه يعطينا حياته "لى
الحياة هى المسيح" (فى 21:1) + "أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فىّ" (غل20:2).
وبهذا نكون حجارة حية.

موطدين فى الإيمان = يوطد أى
يثبت أو يرسخ. فقطعاً كلما تأصل المسيحى فى المسيح يثبت إيمانه، الإيمان الصحيح
الذى قبلناه عن طريق الرسل والكنيسة. وموطدين غير مزعزعين. كما عُلمتم = كما علمكم
أبفراس وليس المتهودون أو الغنوسيون متفاضلين فيه بالشكر = متفاضلين أى مكثرين أو
فائضين أو يزداد إيمانكم فيه = أى فى الإيمان. وكيف يزداد إيماننا؟ بالشكر. فمن
يحيا شاكراً على كل شىء يزداد إيمانه، ومن يحيا متذمراً ينقص إيمانه، لذلك تعلمنا
الكنيسة أن نبدأ كل صلواتنا بالشكر، ونشكر على كل حال وفى كل حال. وكلما إزداد
الإيمان يزداد فرحنا فنشكر، وكلما عشنا حياة الشكر يزداد إيماننا. وهكذا…

لقد كانت البرية بالنسبة لشعب
إسرائيل مدرسة للإيمان، علمهم فيها الله حياة الإيمان. فهم عرفوا الله بالعيان فى
مصر، عرفوه كإله جبار إذ رأوا بعيونهم الضربات العشر وشق البحر. لكن الله لا يمكن
إرضاؤه إلاّ بالإيمان (عب 6:11). فكان لابد أن ينقلهم الله إلى حياة الإيمان،
فإننا فى هذا العالم نسلك بالإيمان لا بالعيان (2كو7:5). والإيمان هو الثقة بأمور
لا تُرى (عب1:11). وكان هذا بأن الله سمح لهم ببعض التجارب (ماء مر / لا ماء/ لا
طعام…) وكان عليهم أن يذكروا أعمال الله السابقة معهم، ولكنهم تذمروا فلم يزداد
إيمانهم، لم يستفيدوا من مدرسة الإيمان. والله يسلك معنا حتى الآن بنفس الطريقة،
فهو يسمح ببعض التجارب، ومن يحيا حياة الشكر وسط التجارب يرى يد الله حين تمتد
لتنقذه من التجربة فينمو إيمانه ومن يتذمر يفقد رؤية يد الله فلا ينمو إيمانه ولا
يرضى الله.

 

آيات 8-10:- انظروا ان لا
يكون احد يسبيكم بالفلسفة و بغرور باطل حسب تقليد الناس حسب اركان العالم و ليس
حسب المسيح. فانه فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديا. و انتم مملوؤون فيه الذي هو راس
كل رياسة و سلطان.

فى آية 8 نرى الرسول يحذر من
خطرين.. الفلسفة = أى الغنوسية وخطرها أنها تعلم أن الخلاص بدون دم المسيح..
والتهود = تقليد الناس هذه لا تعنى التقاليد بصفة عامة، بل تعنى تعاليم الآباء
اليهود التى تخالف الناموس والتى هاجمها السيد المسيح (مت 15 : 2، 6) وخطر هذه 1)
أنها تخالف الناموس من ناحية 2) وهناك خطر من إتباع الناموس حرفياً دون روح
الناموس،وهذا يعود بنا للذبائح والختان والتطهيرات الجسدية.. ألخ وهذا ما يعلّم به
المتهودون، وهذا هو المقصود فى هذه الآية من قوله تقليد الناس = أى ما يعلم به
المتهودون من ضرورة الإلتزام بحرف الناموس.

باطل = جوفاء وغاشة وخادعة
تعد بالسعادة ولكن لا تعطيها. وأسمى التهود تقليد الناس لأنهم تمسكوا بتقاليد
الناس أى آبائهم أكثر من تمسكهم بالناموس نفسه، وهذا ما قادهم لإنكار المسيح. أما
الرسل وغيرهم من الذين آمنوا بالمسيح فهؤلاء قد تمسكوا بالناموس قلبياً لإرضاء
الله وليس لإشباع غرورهم وكبريائهم وإثبات برهم الذاتى، فأدركوا المسيح وإكتشفوه
فغاية الناموس هو المسيح (رو 4:10).

حسب أركان العالم = كلمة
أركان تشير لغوياً للحروف التى تتكون منها اللغة وهذه الكلمة تعنى الأوليات. ويقصد
الرسول أن هذه الفلسفات البشرية لا تتقدم إلى ما هو أبعد من معرفة المحسوسات
والقشور الخارجية. ولذلك إستخدم الرسول كلمة أركان العالم إشارة للعناصر الضعيفة
أوالأوليات.

فالفلسفة أو الطقوس الناموسية
لن توصل أحداً لأن يعرف الله، فلن يعرف أحد الله إلا ّ بيسوع المسيح. فنحن صرنا
أبناء لله بالمسيح يسوع، وصرنا قادرين أن نرى الآب حين نرى المسيح. وقوله وليس حسب
المسيح = أى أن تقليد الناس والفلسفة مصدرهم ليس المسيح، بل تصورات الناس وهذه لا
ترضى المسيح.

فإنه فيه يحل كل ملء اللاهوت
جسدياً. كلمة اللاهوت تعنى الكيان الإلهى والجوهر الإلهى. ففى التجسد لم يتحد جزء
من اللاهوت مع جسد المسيح بل كل اللاهوت. اللاهوت بالكامل إتحد بالجسد. فالمسيح هو
الله حتى لو إتخذ شكل إنسان. وكلمة يحل = جاءت بمعنى الإستمرار أى أن الألوهية
ساكنة فيه على الدوام، كل الطبيعة الإلهية فى كمالها.

وهذه الآية تشير أيضاً لأن
المسيح لم يترك جسده بعد أن أنهى عمله الفدائى بل لقد كان إتحاد اللاهوت بالجسد
(الناسوت) بلا أختلاط ولا امتزاج ولا تغيير ولم ينفصلا قط لحظة واحدة ولا طرفة
عين. وفى هذه الآية نرى رداً على الغنوسيين فالمسيح هو الله نفسه وليس أيوناً
وَسَطاً.

وأنتم مملوؤون فيه = أى فى
المسيح نمتلىء من كل البركات الإلهية. "من ملئه نحن جميعاً أخذنا ونعمة فوق
نعمة" (يو16:1). كل ما نحتاجه لخلاصنا وإرتباطنا بالرب، نمتلىء بكل حكمة
وقداسة. ولا نحتاج أن نطلب شيئاً لا يوجد فيه، فهو وحده كفايتنا ولا نحتاج إلى أى
فلسفة أو تقليد يهود أو أركان اليهودية أو أركان العالم (قيل أن هذه الكلمة تشير
لمن يعتقدون فى النجوم وأنها تشير للمستقبل وكان الملوك يستشيرون المنجمين بل حتى
الآن هناك عرافون يعملون كمستشارين لزعماء العالم). كل ما هو خارج المسيح فهو باطل
ولا يقود سوى للموت. الذى هو رأس كل رياسة = إذاً لا يخدعكم أحد بعبادة الملائكة،
فالمسيح هو رئيس الملائكة بحكم أنه خالقهم.

 

آيات 12،11 :- و به ايضا
ختنتم ختانا غير مصنوع بيد بخلع جسم خطايا البشرية بختان المسيح. مدفونين معه في
المعمودية التي فيها اقمتم ايضا معه بايمان عمل الله الذي اقامه من الاموات.

 قارن مع (رو6 :3-8).
المتهودون كانوا يلزمون المؤمنين أن يختتنوا كشرط للخلاص وبهذا ضللوا أهل كولوسى.
وهنا فالرسول يقول أن الأمم إذ إعتمدوا نالوا الختان الروحى من المسيح، وهذا يعنى
الموت والقيامة مع المسيح، كما أن الختان الجسدى فيه موت لجزء من الجسم ليحيا
الإنسان.

ومن نال ختان القلب الروحى لا
حاجة له لختان الجسد، ولا عذر للمتهودين فى عدم فهمهم لهذه الحقيقة، فالناموس تكلم
عن ختان القلب (تث 10: 16) + (تث 6:30). ونرى هنا أن ختان القلب يصنعه الله، ومن
يختن الله قلبه يحيا.

ونلاحظ فى (تث16:10) أنه يطلب
منهم ختان القلب مع أنهم قد خُتنوا جسدياً، ومن هذا نفهم أن الله يهتم بختان القلب
أكثر من ختان الجسد.

بل أن الختان اليهودى أقل
كثيراً من ختان الروح فى المعمودية، فالختان اليهودى مصنوع بيد إنسان أما الختان
الروحى فهو بعمل إلهى = غير مصنوع بيد. وذلك لأن المعمودية لها عمل روحى فهى موت
مع المسيح وقيامة. وبها ننفصل عن نسبتنا لآدم ونصير منتسبين لله. وبها نقوم مع
المسيح من موت الخطية. وبها تتجدد طبيعتنا كلها. أماّ الختان اليهودى فليس سوى
علامة فى الجسد تؤكد لليهودى أنه من شعب الله وراجع (رو29:2) لترى أن الذى يختن
القلب هو الروح القدس.

بإيمان عمل الله = لا معمودية
إلاّ بعد الإيمان بما عمله الله بالمسيح. والقوة التى يعطيها لنا المسيح لنسلك فى
جدة الحياة (رو4:6). فالقوة التى أقامت المسيح من الموت ستقيمنا. 1) الآن من موت
الخطية. 2) فى الأبدية (أف 1: 20،19). فمن يؤمن بالمسيح يكون له شركة فى قيامته
روحياً. فقوة الله التى عملت فى المسيح لتقيمه هى نفسها تكون للمؤمن تعمل فيه
روحياً ليحيا غير مستعبدٍ للخطية.

خلع جسم خطايا البشرية = جسم
البشرية عبارة عن حالتنا ونسبتنا إلى آدم أو الطبيعة البشرية الساقطة التى ورثناها
منه. وقوله خلع هو إشارة لأننا نخلع الطبيعة القديمة، ويموت فينا الإنسان العتيق
الذى على شكل آدم ويولد إنسان جديد يتجدد حسب صورة خالقه (كو3: 10،9). وبهذا
الإنسان الجديد يبطل سلطان الخطية على الإنسان وينشىء فيه القوى الروحية القادرة
بالمسيح على أن تبطل كل عمل للخطية وكافة خطايا الطبيعة الفاسدة (رو14:6) ونجد هنا
مقابلة بين الختان الذى هو قطع قطعة صغيرة من اللحم وتركها لتموت وبين المعمودية
التى هى عمل روحى عظيم الأهمية الذى جرى فينا حين ولدنا من الله فى المعمودية وبه
نلنا الحياة الجديدة. وكان الختان يميز شعب اليهود عن سائر الأمم وبه يصيرون
منتسبين لله. وبالمعمودية نصير أولاداً له. ولنلاحظ أن المسيح بعد موته وقيامته لم
يذهب للهيكل، وإنتهت كل علاقة له مع الطقوس اليهودية، لذلك بعد معموديتنا وهى موت
مع المسيح وقيامة تنتهى علاقتنا بالناموس وطقوسه. ونحن نعلم أن الخطية تبقى فينا
بعد المعمودية ولكن لا يجوز أن تسود علينا بل بنعمة الله نسود نحن عليها (رو14:6).
مدفونين = لذلك تقوم الكنيسة الأرثوذكسية بتغطيس المعمد ليحصل الدفن.

 

آية 13 :- و اذ كنتم امواتا
في الخطايا و غلف جسدكم احياكم معه مسامحا لكم بجميع الخطايا.

من أول هذه الآية إلى آخر
الإصحاح يتحدث عن إشتراك المؤمنين مع المسيح فى موته وقيامته وأنه به يستغنون عن
كل حكمة بشرية وفرائض قديمة لم تستطع أن تعطيهم شيئاً من إحتياجاتهم. كنتم أمواتاً
فى الخطايا = الخطية تعنى الموت الروحى أى الإنفصال عن الله، ولا يستطيع أحد أن
يقيم الموتى ويحييهم سوى الله. وأحياكم = كيف ؟ بأن أعطانا حياة جديدة من الماء
والروح. وهو أحيانا بنفس الحياة التى له فى القيامة، صار لنا حياة جديدة. غلف
جسدكم = يشير لحالة الإبتعاد والنجاسة التى كنا عليها الرغبات الشريرة التى كانت
تعمل فينا بسبب الخطية، وهذه فيها إشارة للخطية الأصلية، أو الفساد الداخلى أو
القلب غير المختون. مسامحاً لكم بجميع الخطايا = الله لا يحيينا ثم يتركنا تحت
أثقال خطايانا بل يعطينا قوة لنسود على الخطية، وهو رفع عنا كل خطايانا السابقة
وأقامنا من موتنا الأبدى ويعطينا قوة ويساندنا بنعمته حتى لا تسود علينا الخطية
ثانية فنموت.

 

آية 14:- اذ محا الصك الذي
علينا في الفرائض الذي كان ضدا لنا و قد رفعه من الوسط مسمرا اياه بالصليب.

الصك = هو فى اليونانية إقرار
الإنسان مكتوباً بيده بأنه مدين وعاجز عن إيفاء هذا الدين. والصك هو الوثيقة التى
سجل بها عصياننا وتمرُّدنا على وصايا الناموس. الناموس طالب الإنسان بما لا يستطيع
أن يعمله، وحكم بالموت على من يخالف لذلك كان الناموس ضداً لنا.

مسمراً إياه بالصليب = قيل
أنه كانت هناك عادة جارية وقتئذ، أن من كانت عنده ورقة مالية على أحد، ثم قبض
قيمتها، يعلقها بالمسمار بالعتبة أو بالحائط دلالة على أنه إستوفى حقه من المديون.
وقيل أنه عندما كان يُلغى قانون أو أمر ما، كان الرومان يرفعونه ليثبت بمسمار فى
شىء مرتفع. ونحن ننظر للصليب لنرى فيه البرهان الشرعى أن الدين الباهظ الذى كان
علينا لعدل الله قد وُفىَّ تماماً. فاليهود عجزوا عن أن يوفوا بالناموس، وهم قالوا
كل ما تكلم به الرب نفعل (خر8:19، 3:24). وهم بهذا وقعوا على أنفسهم صكاً
بإلتزامهم بالناموس. ولكن الناموس صار حكماً وقاضياً عليهم بالموت. والأمم عجزوا
أن يوفوا بالناموس الأدبى (الضمير)، فهم أخطأوا ضد ما يشير به ضميرهم. والقانون
العام أن النفس التى تخطىء تموت (خر20:18).

ولاحظ أن الأمم إذ ليس لهم
ناموس هم ناموس لأنفسهم (رو14:2). وهم أخطأوا ضد ما يعرفون داخلهم أنه الحق.
وبالصليب محا الله الصك الذى علينا معلناً براءة الإنسان. أى لم يعد للناموس أى
مطلب علينا، فقد تمم المسيح بموته كل فرائض الناموس، وأكمل بموته كل ما كان يشتكى
به الناموس علينا. وهناك 3 كلمات تعبر عن أن المسيح وفّى الدين الذى كان مكتوباً
فى الصك هى محا / رفع / مزق بالمسمار. وبهذا أبطل مفعول الصك. من الوسط = من
طريقنا.

 

آية 15 :- اذ جرد الرياسات و
السلاطين اشهرهم جهارا ظافرا بهم فيه.

الرياسات والسلاطين = هم
الملائكة الساقطون إبليس وجنوده، الله جردهم من كل سلطانهم ونفوذهم. فالإنسان كان
مستعبداً لإبليس حينما أخطأ. وكان إبليس يقبض على كل نفس عند إنتقالها، هو كان
يطالبنا بثمن الخطايا واللذات التى سهلها لنا وأتاحها لنا، وإذ لم يكن للإنسان ما
يوفى به، كان يقبض على الإنسان نفسه ويلقيه فى جهنم (وهذا ما أشار إليه العهد
القديم، فإذا إستدان إنسان من آخر، ولم يستطيع أن يوفى كان يعمل كعبد عنده 6 سنين
ويتحرر فى السابعة، رمزاً للراحة والحرية التى بالصليب والتى كانت من خلال اليوم
السابع). والمسيح هو أول من أستطاع أن يقول "رئيس هذا العالم يأتى وليس له
فىّ شىء" (يو30:14) فهو وحده الذى كان بلا خطية "من منكم يبكتنى على
خطية".بل أنه فى لحظة الصليب، لحظة موت المسيح، أعلن المسيح لاهوته وقيد
الشيطان وأدانه بتهمة التعدى على الله وتهييجه اليهود ضده بدون سبب. وبهذا أنهى
المسيح بصليبه سلطان إبليس ووفى الدين وحرر الإنسان من عبودية إبليس = جرد
الرياسات = أنهى سلطانهم وإستعبادهم لنا، بل ذهب لعقر دارهم أى الجحيم وانقذ الذين
ماتوا على الرجاء فاتحاً لهم الفردوس (لو11: 22،21).

أشهرهم جهاراً = لقد تركهم
المسيح يُهَيَّجُونَ الجميع، يهوداً وأمماً عليه ليصلبوه، ففضح شرهم وخداعهم
للإنسان وكراهيتهم لنا وفشلهم، فهم لا يستطيعون عمل شىء إلاّ ما يسمح به الله وما
يريده الله. هم أرادوا بالصليب شراً بالمسيح وأراد الله بالصليب الخير لكل
البشرية. لذلك فالله يضحك على كل مؤامراتهم، فمهما فعلوا وتآمروا فهم لن يفعلوا
سوى ما يريده الله (مز2: 1-5). وبالصليب إنتصر المسيح على إبليس وعلى الموت =
ظافراً بهم فيه. ولاحظ أن كل من هو ثابت فى المسيح الآن يستطيع يقول مع المسيح :
"رئيس هذا العالم يأتى وليس له فى شىء" بل يصلى للعذراء الأم "وعند
مفارقة نفسى من جسدى إحضرى عندى" (قطع الغروب).

فالعذراء والقديسون والملائكة
يستقبلون النفوس البارة الثابتة فى المسيح فى لحظات الموت. وكل من هو ثابت فى
المسيح يكون له سلطان على إبليس. نحن الآن نحارب شيطاناً مهزوماً لا سلطان له
علينا.

 

آيات 17،16 :- فلا يحكم عليكم
احد في اكل او شرب او من جهة عيد او هلال او سبت.
التي هي ظل الامور العتيدة و اما الجسد
فللمسيح.

فلا يحكم = الفاء هنا تشير
إلى أنه إذا كان المسيح قد هزم كل الأعداء الروحيين فإنه من الحماقة أن نرتد
لفلسفات العالم أو أركان اليهود الضعيفة للخلاص، فالخلاص تم بالصليب، ولا خلاص لنا
سوى بالموت مع المسيح وبالقيامة معه وهذا يتم بالمعمودية. وهنا يرد على المتهودين
الذين يصرّون على منع مأكولات معينة كطريق للخلاص حسب الناموس. أما المتهودون فهم
رفضوا الأنجيل إذ أرادوا أن يمكثوا تحت الناموس، وطالبوا بتطبيق الشرائع حرفياً
بكونها واهبة الخلاص، وهم أرادوا أرغام الأمم على ذلك. والرسول يطلب من المؤمنين
رفض كل ذلك. وشريعة العهد القديم حرمت بعض الأطعمة لُتجَسّم للإنسان فعل النجاسة
التى بالخطية، فمثلاً لا يؤكل الخنزير، لأن الخنزير يرتد للقاذورات مهما نظفوه (إشارة
لإرتداد التائب لخطيته ثانية). وملاءة بطرس كانت تشير لتحليل أكل كل شىء، وهذا
أيضاً تعليم المسيح (مت 15 : 18،11). الهلال = بداية كل شهر هى عيد عند اليهود.
عيد = العيد يأتى كل عام. السبت = يأتى كل أسبوع. واليهود إحتفلوا بهذه الأيام
بطريقة خاطئة حرفية ومنعوا عمل الخير فيها. أما الختان فصار رمزاً للمعمودية
والذبائح صارت رمزاً للصليب. كل هذه الأمور لم يعد لها معنى بعد المسيح، بعد أن
حررنا من نير الخطية، أما الأعياد اليهودية فكانت مجرد رمز للمسيحية = ظل الأمر
العتيدة. أما الجسد فللمسيح = ليس المطلوب من الجسد هو الإمتناع عن أكل أو شرب بل
أن يمجد المسيح 1كو 20:6. ولا يصح لأحد إستخدام هذه الآية للهجوم على الأصوام فى
الكنيسة الأرثوذكسية، فالكنيسة لا تمنع أكلاً لأنه نجس بدليل أنه بعد إنتهاء فترة
الصيام نأكل كل شىء.

 

آية 18:- لا يخسركم احد
الجعالة راغبا في التواضع و عبادة الملائكة متداخلا في ما لم ينظره منتفخا باطلا
من قبل ذهنه الجسدي.

هنا يرد الرسول على المعلمين
الكذبة من الغنوسيين الذين طالبوا بعبادة الملائكة بناء على حجة فاسدة وهى أن
العبادة لله رأساً لا توافق التواضع الحقيقى أمام الله. فالله روح سامٍ جداً.
والبشر من مادة فلذلك هم نجسون جداً فكيف يقف النجس أمام الله؟ والحل فى نظرهم
عبادة الملائكة. وبولس هنا لا يهاجم التواضع الحقيقى الذى دعا إليه السيد المسيح (مت
11 : 29). بل التواضع الخاطىء الذى دعا إليه الغنوسيون. والمقصود من الآية طبعاً
الدعوة لعبادة المسيح فقط.

الجعالة = أى الجائزة التى
تعطَى للمنتصر فى السباق، وهى هنا الوصول للسيد المسيح فى مجده، والحياة الأبدية
معه فى المجد.

متداخلاً فيما لم ينظره = لقد
تظاهروا بدرجة فائقة من النمو الروحى، وأنهم نظروا ترتيب صفوف الملائكة فى عبادتهم
وأنهم رأوا ذلك فى السماء إذ دخلوا فيها وما هذا إلا هلوسات ناتجة عن كبرياء
وخداعات الشياطين. وهم عرضوا على الكنيسة أن تراعى ذلك فى ترتيب عبادتها، وهذا فيه
إنتفاخ وكبرياء ومحاولة إثبات الذات = منتفخاً باطلاً = هذا الإنتفاخ هو من قِبَل
إبليس المضلل الذى أوحى لأذهان هؤلاء بذلك = من قبل ذهنه الجسدى.  

 

آية 19 :- و غير متمسك بالراس
الذي منه كل الجسد بمفاصل و ربط متوازرا و مقترنا ينمو نموا من الله.

من ينتفخ ويقول ما سبق فى آية
18 يكون غير متمسك بالرأس الذى هو المسيح، والتمسك بغيرالمسيح سببه الكبرياء، وهذا
هو السبب فى كل الهرطقات. فمن يتمسك بأحد غير المسيح يكون غير واثقاً فى المسيح،
أو غير واثق أن المسيح قادر على العمل بمفرده، وفى التمسك بغير المسيح يضعف التمسك
بالرأس. فلا رأس للكنيسة سوى المسيح، ومن يتمسك بالملائكة ويعبدهم يترك المسيح
الرأس ويبّدله ببعض الخلائق ويكون هذا كأنه عبادة أصنام. ونلاحظ فى هذه الآية أن
أعضاء الكنيسة مرتبطون ببعضهم البعض كأعضاء جسد واحد،هم مرتبطون بالمحبة التى
تقرنهم (كو2:2). وكلهم مرتبطون بالمسيح الرأس، كرأس للجسد كله، فإذا كانت الكنيسة
مرتبطة بالمسيح هذا الإرتباط فلا يمكن أن يدخل شىء بينها وبينه. ولو حدث فهذا
يحرمنا من الحياة التى أحيانا بها الله فيه.

بمفاصل وربط = الروح القدس
يربط الأعضاء كلهم فى محبة ويثبتهم كلهم فى الرأس. متوازراً = نفهمها من (أف16:4).
فنحن كلنا نكمل بعضنا بعضاً. ولكن الرأس يتحكم فى كل الأعضاء. كما تتحكم الرأس
بواسطة الأعصاب فى كل أعضاء الجسم. ينمو = الجسد ينمو فى العدد وفى القداسة، وكل
عضو ينمو طالما هو ثابت فى المسيح. راجع تفسير الآيات (أف4: 16،15).

ملحوظة :- الكنيسة تؤمن
بشفاعة الملائكة، وهذه غير عبادة الملائكة، فنحن لا نعبد سوى المسيح، أما الشفاعة
فهى محبة تجعل الكل يصلى لأجل الكل، وهذا ما طلبه الكتاب (يع16:5). فهل لا يصح أن
تنفذ العذراء هذه الآية وتطلب لأجلى إذا طلبت منها أن تصلى لأجلى، وهل ذلك لأنها
ميتة ؟‍‍ والكتاب يقول أن الله إله أحياء وليس إله أموات (مت32:22). بل الكنيسة
تصلى لأجل العذراء فى كل قداس (صلاة المجمع). وهذا ما نراه فى سفر الرؤيا،
فالملائكة يسبحون الله على الخلاص الذى تم للبشر (رؤ 5: 9، 10، 13). فالمسيح وحّد
السمائيين مع الأرضيين (أف10:1). والله يقول أنا أكرم الذين يكرموننى (1صم30:2).
ويكون هذا بأن يستجيب الله شفاعتهم. فطلبة البار تقتدر كثيراً فى فعلها  (يع 16:1).

 

آيات 20 – 23:- اذا ان كنتم
قد متم مع المسيح عن اركان العالم فلماذا كانكم عائشون في العالم تفرض عليكم
فرائض.
لا تمس و لا تذق و لا تجس. التي هي جميعها للفناء في
الاستعمال حسب وصايا و تعاليم الناس. التي لها حكاية حكمة بعبادة نافلة و تواضع و
قهر الجسد ليس بقيمة ما من جهة اشباع البشرية
.

وصايا المتهودين لا تسود على
من مات مع المسيح فى المعمودية لماذا؟ لأن موتنا مع المسيح حررنا من عبوديتنا
للخطية أصلاً، وحررنا من الناموس، وصرنا للمسيح فقط، فلماذا الرموز والبدائيات
التى كانت تشرح خطورة الخطية؟  لقد نضجنا الآن، فلا داعى لمرحلة الطفولة. عبادة
نافلة = أى زيادات على الناموس أو الإفراط فى التمسك بالشكليات فى العبادة، وهذا
يتفق مع الأهواء الشخصية ولم تأمر به الشريعة، كمن إعتبر الزواج نجاسة.

لا تمس = كان الناموس يمنع
لمس جثة الميت وإلاّ ينجَّس الإنسان. ونلاحظ أن جميع الأشياء التى تعلقت بالناموس
هى مادية. والتى تعلقت ببركات النعمة فى المسيح هى روحية تدوم للأبد.

حكاية حكمة = APPEARANCE OF WISDOM لها شكل الحكمة أو
هيئتها، هى شىء شبيه بالحكمة. ولها تفسير آخر أن لها سمعة الحكمة. فظاهرياً كان
هؤلاء يُحسبون حكماء. ولكن ما يظهر حكمة أمام الناس من هذه الأمور السابقة هو
جهالة أمام الله، فالمسيح قد أغنانا عنها وعن كل حكمة إنسانية وتعاليم أناس بشر،
هذه تعاليم بحسب إرادة الناس وليس بحسب إرادة الله.

إذاً إن كنتم قد متم مع
المسيح = الموت مع المسيح تم فى المعمودية، وبها أيضاً قد إقتنينا طبيعة جديدة
تسمو وترتفع فى سلوكها عن كل الفرائض البدائية التى لا تصلح سوى للقُصَّرْ.
فالرسول يقول.. "إذا كنتم قد متم عن الخطية فلماذا تعودون لرموز قديمة كانت
فقط للتأديب حينما كنتم أطفالاً روحياً؟ لماذا لم تنضجوا روحياً كمؤمنين، ومازلتم
تسلكوا كأطفال قصر؟ أو كأهل العالم الذين يحتاجون إلى فروض خارجية لضبط وتهذيب
سلوكياتهم مثل أعتبار أن بعض المأكولات أو المشروبات نجسة، مع أنها جميعها سيزول،
بإستعمالكم لها = جميعها للفناء. ولن يكون لها تأثير على النفس أو الروح أو الذهن.
كما أن جميع هذه الفرائض الغنوسية وتعاليم آباء اليهود لا تزيد عن كونها فرائض
بشرية، كما أن حتى فرائض الناموس بعد أن مزق المسيح الصك الذى علينا ما عُدنا
ملزَمين بها، وصار من يفرضها عليكم هم البشر وليس الله. وللأسف فإن هؤلاء المعلمين
يخدعونكم، ويقدمون لكم تعاليمهم فى مظهر الحكمة، ولكى تحوز تعاليمهم قبولكم فهم
يفرطون فى التمسك بشكليات العبادة كما يسنونها مستترين فى إتضاع مزيف ويمعنون فى
إذلال أجسادهم = قهر الجسد. فهم يظنون أن الجسد هو مصدر الشر فيهم، فهم إعتقدوا أن
المادة شر. مع أن الواقع يثبت بالدليل القاطع، أن هذه التعاليم ليس لها أى قيمة
تذكر فى كبح جماح الشهوات الجسدية، بل تنشىء فيمن يتمسك بها الكبرياء والإتكال على
البر الذاتى فيحرم نعمة الله التى تشبع النفس البشرية بتجديدها وارتباطها بالرب.
أما الصوم والبتولية فى المسيحية لا يعتبران الطعام أو الزواج نجاسة، بل فيهما ضبط
للشهوات منعاُ للإندفاع، ولكى يكون هناك فرصة للتعرف على لذة العلاقة مع الله،
فاللذة لا تكمن فقط فى الطعام والشراب والجنس، بل هناك لذة روحية موجودة فى الصلاة
والعلاقة مع الله، وعلينا أن نكتشفها والكنيسة تساعدنا على ذلك بتحديد أوقات للصوم
وزيادة الصلوات والإمتناع عن الملذات الجنسية للمتزوجين حتى يتفرغوا للرب، وهذا ما
قاله الرسول (1كو5:7). أما الغنوسيون فاعتبروا أن الزواج وبعض الأطعمة نجاسة. لذلك
يهاجمهم الرسول والكنيسة إذا إمتنعت عن أكل اللحم يكون هذا لفترة تعود بعدها لأكل
اللحم فهى لا تعتبر اللحم نجاسة. إشباع البشرية = ظن الغنوسيون أن فى النسك إشباع
للبشرية. ولكن فى الحقيقة هم أشبعوا غرور الإنسان وملأوه كبرياء، ومحبة فى الظهور
والإفتخار أمام الناس، وشعور الإنسان أنه متميز عن الباقين. وهذه كمياه البحر لا
تروى أحداً بل تزيد من الشعور بالعطش. فلا شبع خارج عن المسيح وهذا هو هدف النسك
المسيحى الذى غايته وهدفه الشبع بالمسيح الذى يشبع حقاً النفس والجسد والروح.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس تشكيل فاندايك وسميث عهد قديم سفر راعوث 03

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي