الإصحاح السابع

 

سبق الرسول وقارن بين
المسيح وكل من الملائكة وموسى ويشوع وهرون. ثم أخذ مثلاً بالوعد لإبراهيم أبو
الأباء. وحينما أتى لإبراهيم إقتطف جزءاً من قصة إبراهيم وهو لقائه مع ملكى صادق
(تك 14 : 18). هذا الجزء يبدو لليهود غامضاً وبلا معنى فكيف يخضع إبراهيم أبو
الأباء لملكى صادق هذا ويعطيه العشور من كل شئ بل أن ملكى صادق يبارك إبراهيم. فإن
كان إبراهيم قد حمل فى صلبه كل شعب اليهود ومعهم سبط لاوى والكهنة ورؤساء الكهنة.
فيكون كل هؤلاء قد تصاغروا جداً أمام ملكى صادق الذى كان بالطبع رمزاً للمسيح.
فملكى صادق يبارك إبراهيم الذى له المواعيد.

 

رموز ملكى صادق للمسيح

1.هو ملك وكاهن. 
وبالنسبة لليهود فالملك والكهنوت لا يجتمعان أبداً لشخص واحد إذ أن الملك من سبط
يهوذا والكهنوت من سبط لاوى. وفى هذا يشير ملكى صادق للمسيح الملك ورئيس الكهنة.

2.من جهة إسمه ملكى صادق
التى تعنى ملك البر. فالمسيح يملك فى القلوب ببره. يتربع فى النفس فيخضعها فيه
لتظهر فى عينى الأب حاملة بره (رو 3 : 24).

3.من جهة عمله
فهو ملك ساليم أى ملك السلام والمسيح معطى السلام للكنيسة (يو 16: 33، 14:27).

4.ماذا قدم ملكى صادق
لإبراهيم ؟ خبزاً وخمراً وهذا هو طقس كهنوت ملكى صادق.

5.ملكى صادق ظهر مرة
واحدة فى الكتاب المقدس والمسيح قدم ذبيحة مرة واحدة.

6.لا يوجد تسلسل كهنوتى
لملكى صادق. فهو لم يستلم كهنوته من أحد والمسيح الذى عينه كاهناً هو الله حين
أقسم بهذا (مز 110).

7.كهنوت ملكى صادق متفوق
على الكهنوت اللاوى فإبراهيم أعطى له العشور.بل أن العشور يقبلها الله فقط فملكى
صادق هذا يرمز لإبن الله (عب 7 : 2).

8.كون أن ملكى صادق يبارك
إبراهيم فهذا أيضاً يثبت تفوق كهنوت ملكى صادق على كهنوت هرون والكهنوت اللاوى (عب
7 : 1).

9.ملكى صادق بلا أب بلا
أم بلا نهاية ولا بداية حياة بلا نسب (عب 7 : 3). هذا لا يعنى أنه حقاً بلا أب ولا
أم ولا نسب وأنه يحيا حتى الأن. ولكن الكتاب لم يذكر له أى نسب ولا أى عائلة، لم
يذكر أبوه ولا أمه ولم يذكر متى ولد ولا متى مات على الرغم أن الكتاب دائماً يشير
لأصل ومواليد الشخصيات المهمة. ولكن لم يذكر أباه لأنه يرمز للمسيح الذى له أم
بالجسد ولكن ليس له أب بالجسد. ولم يذكر أمه أى المسيح فهو من جهة لاهوته بلا أم.
لم يذكر له نهاية حياة ليرمز للمسيح الذى سيكون كهنوته إلى الأبد كاهناً إلى الأبد
(عب 7 : 3). لم يذكر له بداية أيام لأنه يرمز للمسيح الأزلى،أى الذى بلا بداية.
وهو بلا سجل أنساب لأنه يرمز للمسيح الذى سيظل رئيس كهنة لم يستلم كهنوته من كاهن
قبله. وبلا أنساب أى لا يعقبه كهنة آخرون رمزاً لأبدية كهنوت المسيح. أما الكهنوت
اللاوى فكان بالوراثة.

10.            
يقول المفسرون أن ملكى صادق هو الذى بنا أورشليم
والمسيح أسس أورشليم السماوية أى الكنيسة.

 

آية 5 :- و اما الذين
هم من بني لاوي الذي يأخذون الكهنوت فلهم وصية ان يعشروا الشعب بمقتضى الناموس اي
اخوتهم مع انهم قد خرجوا من صلب ابراهيم.

حسب الناموس كانت كل
الأسباط تقدم عشورها لسبط لاوى. وكل الأسباط هم أيضاً من نسل إبراهيم وإسحق
ويعقوب. فيكون سبط لاوى يأخذ العشور من إخوته.

 

آية 6 :- و لكن الذي
ليس له نسب منهم قد عشر ابراهيم و بارك الذي له المواعيد.

ولكن ملكى صادق لم يكن
له نسب مع إبراهيم. وبالتالى لا صلة نسب مع لاوى ومع هذا أخذ الأعشار من إبراهيم
وبارك إبراهيم.

 

آية 7 :- و بدون كل
مشاجرة الأصغر يبارك من الأكبر.

فإن كان ملكى صادق قد
بارك إبراهيم يكون ملكى صادق أكبر من إبراهيم.

 

آية 8 :- و هنا اناس
مائتون يأخذون عشرا و اما هناك فالمشهود له بانه حي.

أناس مائتون = هم
اللاويون الذين بحكم الطبيعة يموتون. وهم يأخذون الأعشار ولكن فى حالة ملكى صادق
والذى لم يتحدث الكتاب عن موته كأنه يشهد له أنه حى يأخذ الأعشار من إبراهيم.
والمسيح (ورمزه ملكى صادق) حى وكهنوته أبدى.

 

آية 9، 10 :- حتى اقول
كلمة ان لاوي ايضا الأخذ الأعشار قد عشر بإبراهيم. لأنه كان بعد في صلب ابيه حين
استقبله ملكي صادق.

لاوى كان فى صلب
إبراهيم حين أعطى إبراهيم العشور لملكى صادق وكأن لاوى دفع العشور هو أيضاً لملكى
صادق. فيكون ملكى صادق أعظم من اللاويين والكهنة.

 

آية 11 :- فلو كان
بالكهنوت اللاوي كمال. إذ الشعب أخذ الناموس عليه ماذا كانت الحاجة بعد الى ان
يقوم كاهن اخر على رتبة ملكي صادق و لا يقال على رتبة هرون.

إذا كان من الممكن أن
نبلغ العلاقة الكاملة ونحقق الصلة القوية بالله بواسطة الكهنوت اللاوى، فما الداعى
أن يقيم الله كهنوت جديد على رتبة ملكى صادق ونلاحظ أن الناموس مؤسس على الكهنوت
اللاوى.

 

آية 12 :- لأنه ان تغير
الكهنوت فبالضرورة يصير تغير للناموس ايضا.

تغيير نظام الكهنوت كله
إستتبع تغيير الناموس. وإستبدل العهد القديم بالعهد الجديد. لأنه يستحيل إقامة
كهنوت جديد بنفس طقس هرون فطقس هرون ثبت عجزه عن التطهير بواسطة الذبائح
الحيوانية.

 

آية 13 :- لأن الذي
يقال عنه هذا كان شريكا في سبط اخر لم يلازم احد منه المذبح.

هذه الآية تشير إلى
ملكى صادق وأنه لم يكن من سبط لاوى الذى يخرج منه الكهنة الذين يخدمون المذبح.
وملكى صادق يرمز للمسيح الذى لم يكن هو أيضاً من سبط لاوى بل من سبط يهوذا. ومن
سبط يهوذا لا يخرج كهنة. فإذا فهمنا أن المسيح سيكون كاهناً على طقس ملكى صادق أى
ليس من سبط لاوى فيلزم إذن أن يحل كهنوت جديد بدلاً من الكهنوت اللاوى.

 

آية 14 :- فإنه واضح ان
ربنا قد طلع من سبط يهوذا الذي لم يتكلم عنه موسى شيئا من جهة الكهنوت.

طلع = فالمسيح هو شمس
البر وهو جاء من سبط يهوذا.

 

آية 15 :- و ذلك اكثر
وضوحا ايضا إن كان على شبه ملكي صادق يقوم كاهن اخر.

فى الآية السابقة قال
أنه واضح. وهنا يقول والأكثر وضوحاً قول المزمور أن الكهنوت المشار إليه سيكون على
طقس ملكى صادق الذى ليس هو بلاوى.

 

آية 16 :- قد صار ليس
بحسب ناموس وصية جسدية بل بحسب قوة حياة لا تزول.

قد صار ليس بحسب = قد
صار كاهناً ليس بحسب… وصية جسدية = أى أن كهنوت المسيح ليس حسب الناموس الذى كان
يتعلق بتطهيرات جسدية وأمور خارجية بل قد صار كاهناً بقوة الآب وقوته التى هى قوة
حياة لا تنحل بواسطة الموت بل تظل أبدية. بالمسيح أنتهى عصر الخيرات الزمنية
كمكافأة وإنفتح باب الرجاء على الخيرات الأبدية السماوية. فرئيس كهنتنا أبدى فى
السماء.

 

آية 17 :- لانه يشهد
انك كاهن الى الابد على رتبة ملكي صادق.

هذه الآية تأتى لشرح
الآية السابقة فالوحى الإلهى يشهد لداود عن المسيح أنه كاهن إلى الأبد على رتبة
ملكى صادق فلا يوجد كاهن لاوى يدوم كهنوته للأبد فهم بشر يموتون.

 

آية 18 :- فإنه يصير
ابطال الوصية السابقة من اجل ضعفها و عدم نفعها.

الناموس والوصية عجزا
عن أن يدخلا بالإنسان للإقتراب إلى الله أو الإتحاد معه. لذلك أبطلت الوصية
والناموس، والوصية التى أبطلت هى طقوس الكهنوت والكهنوت نفسه. والكهنوت ووصاياه
أبطلا لضعفهم وعجزهم عن تبرير الإنسان

 

آية 19 :- إذ الناموس
لم يكمل شيئا و لكن يصير إدخال رجاء افضل به نقترب إلى الله.

بعد أن أبطل الكهنوت
وناموسه يصير إدخال رجاء أفضل به نقترب إلى الله. وكيف يهب الناموس للضمير المتألم
بسبب الخطية راحة. ولكن فى مقابل الموت الذى يفرضه الناموس على الخاطئ نجد رجاء حى
للإقتراب لله فى العهد الجديد.

 

الآيات 20، 21 :- و على
قدر ما أنه ليس بدون قسم. لأن اولئك بدون قسم قد صاروا كهنة و اما هذا فبقسم من
القائل له اقسم الرب و لن يندم انت كاهن الى الأبد على رتبة ملكي صادق.

كهنوت المسيح أفضل
وتتضح أفضليته فى أن الله أعطاه بقسم. أما الكهنوت اللاوى فبدون قسم

 

آية 22 :- على قدر ذلك
قد صار يسوع ضامنا لعهد افضل.

إذا كان يسوع قد صار
كاهناً بصورة أسمى وأفضل من الكهنوت اللاوى فمعنى هذا أنه قد أصبح ضامناً بواسطة
ومحققاً لعهد أفضل وأسمى.

 

الآيات 23، 24 :- و
اولئك قد صاروا كهنة كثيرين من أجل منعهم بالموت عن البقاء. و اما هذا فمن أجل انه
يبقى الى الأبد له كهنوت لا يزول.

كان رؤساء الكهنة
يموتون ويرثهم أولادهم علامة على ضعف الكهنوت اللاوى. أما المسيح فلم يهزمه الموت
قط ولذلك كهنوته أبدى. ونلاحظ أن الموت كان يعتبر نجاسة فى العهد القديم فرئيس
الكهنة يفقد كهنوته بعد موته. أما المسيح فموته هو أساس كهنوته، فالموت لم ينجسه
لأنه إنتصر عليه وقام ليشفع فينا للأبد.ولأن المسيح حى سيعطى حياة لمن يشفع فيهم (يو
11 : 25، 26). ولأنه حى فهو لا يسلم كهنوته لأحد ويبقى هو كاهناً إلى الأبد.

 

آية 25 :- فمن ثم يقدر
ان يخلص ايضا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله اذ هو حي في كل حين ليشفع
فيهم.

إلى التمام = أى كل حين
وتعنى أيضاً يخلص كل الإنسان (جسد ونفس وروح) وتعنى أيضاً أنه يخلص كما يريد الله
للإنسان الخلاص بحسب محبته. هو يخلص وإلى الأبد الذين يجيئون بواسطته إلى الله

 

آية 26 :- لأنه كان
يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شر و لا دنس قد انفصل عن الخطاة و صاراعلى من
السماوات.

هنا نرى صفات المسيح
رئيس كهنتنا. ونلاحظ أن لفظ قدوس لا يقال سوى على الله، أما البشر فيقال عنهم
قديسين (أش 6 : 3). بلا شر = أما الكهنة اللاويين فكانت لهم خطاياهم ويحتاجون لمن
يقدسهم. إنفصل عن الخطاة = ليس أنه قاطعهم بل هو جاء لأجلهم بل تعنى أنفصل عن
خطاياهم ولم يكن فى فمه غش. صار أعلى من السموات = السموات مأخوذة هنا بمعنى مجازى
فالسموات تشير لكل ما يسمو ويعلو. يليق بنا = إن الكهنوت اللاوى قد أبطل لعدم
نفعه، إذ أن الله فى محبته للبشر وجد أنه يليق بهم خلاصاً أبديا تاماً.

 

آية 27 :- الذي ليس له
اضطرار كل يوم مثل رؤساء الكهنة ان يقدم ذبائح اولا عن خطايا نفسه ثم عن خطايا
الشعب لأنه فعل هذا مرة واحدة إذ قدم نفسه.

رئيس الكهنة اللاوى
يخطئ يومياً فهو يحتاج لذبيحة عن نفسه دائماً. كل يوم = تعنى دائماً. ولذلك كان
يتطهر بالماء يومياً حتى يدخل للأقداس. ويقدم ذبيحة عن نفسه لو أخطأ. ويقدم ذبيحة
عن خطاياه سنوياً فى عيد الكفارة. أما المسيح فهو بلا خطية وحين قدم نفسه ذبيحة
عنا كان هذا مرة واحدة وفيها كل الكفاية. أما ذبيحة الإفخارستيا فهى ليست ذبيحة
مختلفة عن ذبيحة الصليب بل هى نفسها ذبيحة الصليب، هى توزيع ما تقرر لنا فى ذبيحة
الصليب من بركات.

 

آية 28 :- فإن الناموس
يقيم أناسا بهم ضعف رؤساء كهنة. وأما كلمة القسم التى بعد الناموس فتقيم إبنا
مكملا إلى الأبد.

رئيس الكهنة اللاوى
مهما كان قديساً فهو يخطئ ويموت. ورئيس الكهنة اللاوى هذا يقام بالناموس. أما
الكلمة والوعد الذى أعطى بقسم والذى أعطى بعد الناموس، كلمة القسم هذه قد أقامت
رئيس الكهنة إبن الله. الذى كان فى حياته الأرضية كاملاً بلا خطية وتكمل بالآلام.
ويظل رئيس كهنة للأبد.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد قديم سفر الخروج 07

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي