الإصحاح العاشر

 

الرسول مستمر فى منهجه
للعبرانيين ليثبت لهم أن ماحرموا منه ماهو إلا ظلال لا تقارن بما حصلوا عليه فى
المسيحية.

 

آية 1 :- لأن الناموس
اذ له ظل الخيرات العتيدة لا نفس صورة الأشياء لا يقدر ابدا بنفس الذبائح كل سنة
التي يقدمونها على الدوام ان يكمل الذين يتقدمون.

كان الناموس ليمهد فقط.
ولكن ليس له نفس الخيرات التى أسماها قبلاً السماويات والناموس لا يستطيع أن يهب
الكمال لمن يتقدم به، إذ لا يطهر الضمائر ولا يحول النفس إلى سماء وملكوت لله.
يقول ذهبى الفم أن العهد القديم مثل رسام رسم الخطوط الأولى لصورته والعهد الجديد
هو وضع الألوان الزاهية لهذه الصورة. لذلك لم تكن ملامح العهد القديم جذابة.
فذبائح العهد القديم أشارت للطريق أما ذبيحة العهد الجديد دخلت بنا إلى الطريق
عينه لنبلغ الكمال السماوى. بل أن كثرة ذبائح العهد القديم تشير أنها لا تستطيع أن
تكمل أحد، فإذا كانت تكمل فلماذا التكرار.

 

آية 2 :- و إلا افما
زالت تقدم من اجل ان الخادمين و هم مطهرون مرة لا يكون لهم ايضا ضمير خطايا.

لنفهم الآية ننظر لها
فى ترجمة آخرى " الناموس لا يقدر أن يكمل الذين يتقدمون آية 1 وإلا أفما كان
ينبغى أن يتوقف عن التقديم (لو كان قد حدث تكميل غفران) لأن الخادمين (العابدين)
إن هم كانوا قد تطهروا مرة لما كان لهم ضمير (إحساس) بالخطايا آية 2. والمعنى أنة
لو كانت للذبائح القوة لأن تكمل الناس فقد كان يجب أن يقف تكرار تقديم هذه
الذبائح. إذ المفروض أن الشعب والكهنة قد حصلوا بواسطتها على التطهير والغفران أى
لا يكون لهم فيما بعد ضمائر ملوثة بالخطيئة لو أن هذه الذبائح الحيوانية كانت قد
طهرتهم. هم كانوا يظنون أن التكرار سيأتى بالتطهير ولكن التطهير الحقيقى هو عمل
داخلى يتم ليس بالأعمال الجسدية نهائياً بل من الله (أف 5 : 26، 27).

وإلا افما زالت = أى أن
هذا أكبر دليل أن الناموس لم يستطع أن يكمل الذين يقدمون الذبائح. فتكرار الذبائح
ليس له أثر روحى ثابت. فالخطية الساكنة فى تجرح ضميرى بأستمرار وهى تصنع عداوة مع
الله وإنفصالاً عنه. فمهما تطهر الإنسان من خطايا فعلها سيبقى ضميره مجروحاً بسبب
الخطية التى تسكن فيه أى ميله الطبيعى للخطية.

 

آية 3 :- لكن فيها كل
سنة ذكر خطايا.

حكمة الله وقصدة فى
تكرار هذه الذبائح:

1.           
أن يشير لعدم كفاية الذبائح.

2.    
هذا ليس عيباً فى الناموس بل له فائدة روحية أن
يظل الإنسان دائماً شاعراً أنه مخطئ حتى يكون هناك أشتياق لذاك الذى يأتى ليرفع
الخطية (1ش 64 : 1).

3.           
التذكير الدائم للخطية هو لتأنيب الضمير وإيقاظه
ليسعى نحو الكمال والكف عن الخطية.

 

آية 4 :- لأنه لا يمكن
ان دم ثيران و تيوس يرفع خطايا.

لو كانت الذبائح ترفع
الخطايا من الضمير لما صرخ داود "لأنك لا تسر بالمحرقات" ولكن الذبيحة
تستمد فاعليتها مما تحمله من طاعة لمشيئة الله التى أعلنت هذه الذبائح كرموز. لذلك
يرفض الله الذبائح لو قدمت بلا توبة وإنسحاق، فالله لا يسر باللحوم.

 

آية 5 :- لذلك عند
دخوله إلى العالم يقول ذبيحة و قربانا لم ترد و لكن هيات لي جسدا.

أخذ الرسول بولس يبحث
فى التوراة عن نص يشير للذبيحة التى ترفع الخطايا فوجده فى (مز 40 :6)
"بذبيحة وتقدمه لم تسر. أذنى فتحت" وكلمة أذنى فتحت هذه تصنع للعبد الذى
فى طاعة كاملة وبمسرة كاملة يسلم نفسه وعائلته لسيده فى عبودية طول العمر إذ لم
يجد أحسن من بيت سيده (خر 21 : 5، 6). والمسيح فى طاعته للأب تجسد وأخذ شكل العبد
فى (2 : 7) + (أش 52 : 13، 53 : 11). لذلك نجد هذه الآية وقد ترجمتها السبعينية
هكذا "ذبيحة وقرباناً لم يرد ولكن هيأت لى جسداً" وبولس الرسول أقتبسها
من السبعينية. وهدف إعداد الجسد للمسيح هو لكى يقدمه لله ذبيحة مقبولة عوضاً عن
الذبائح الحيوانية. ذبيحة = الذبائح الحيوانية قرباناً = تقدمه الدقيق. عند دخوله
=أى تجسده عب 1 : 6

 

آية 6 :- بمحرقات و
ذبائح للخطية لم تسر.

نجد هنا بقية المزمور
40. بمحرقات = ذبائح المحرقة. وذبائح = ذبائح الخطية والله لم يسر بالذبائح
الحيوانية. أما بالذبيحة الجديدة وبطاعة المسيح ستكون مسرة الله..

 

آية 7 :- ثم قلت هانذا
اجيء في درج الكتاب مكتوب عني لافعل مشيئتك يا الله.

ما زال الرسول يقتبس من
المزمور 40. هأنذا = هنا نرى إستجابة المسيح لإرادة الله الآب وهى خلاص البشرية.
فى درج الكتاب مكتوب عنى = فالعهد القديم كله تنبأ عن المسيح وعمله الفدائى. لأفعل
مشيئتك يا الله = المسيح أتى لهذا.

 

الآيات 8، 9 :- إذ يقول
انفا انك ذبيحة و قربانا و محرقات و ذبائح للخطية لم ترد و لا سررت بها التي تقدم
حسب الناموس. ثم قال هانذا اجيء لافعل مشيئتك يا الله ينزع الأول لكي يثبت الثاني.

الله سمح بالذبائح فى
العهد القديم لتهذيب الإنسان وتوجيه فكره وعقيدته، فى أن حيواناً بريئاً يموت
نيابة عنه ليكون هو طاهراً وليعرف أن الخطية عقوبتها الموت. وأيضاً فهذه الذبائح
تشير للمسيح الذى فيه حقيقة مسرة الله، وبه حقيقة خلاص البشر.وطالما جاء المسيح
المرموز إليه يبطل الرمز.

 

آية 10 :- فبهذه
المشيئة نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة.

قارن مع (أف 1 : 5، 11).
واضح أن مشيئة الله منذ البدء هى تقديم إبنه ذبيحة ليقدسنا. والإبن قدم طاعة
لمشيئة الآب ولذلك وبهذه المشيئة نتقدس.  تقديم = تشير لأنه قدم جسده ذبيحة.

 

آية 11 :- و كل كاهن
يقوم كل يوم يخدم و يقدم مرارا كثيرة تلك الذبائح عينها التي لا تستطيع البتة ان
تنزع الخطية.

علامة عجز العهد القديم
عن نزع الخطية:

1.           
تكرار الذبائح.

2.           
موت الكهنة وقيام غيرهم.

3.           
الذبيحة الحيوانية عاجزة عن رفع خطية الخاطئ.

لذلك ظلت الخطية
بسلطانها حاملة حكم الموت على الإنسان. والمطلوب كاهن لا يموت وذبيحة واحدة تقدم
مرة واحدة تواجه كل ألوان الخطايا ولها سلطان أن تسحق الخطية وتبيد الموت.

 

آية 12 :- و اما هذا
فبعدما قدم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس الى الأبد عن يمين الله.

هنا نجد الكاهن الذى
اكمل خدمته مرة واحدة وللأبد بجلوسه عن يمين الآب.

 

آية 13 :- منتظرا بعد
ذلك حتى توضع اعداؤه موطئا لقدميه.

عودة (للمزمور 110 : 1)
"حتى أضع أعدائك موطئاً لقدميك". فالمسيح أنتصر على الموت والخطية
وإبليس وحرر الإنسان من قيودهما وقدس الإنسان وقدمه للآب.

 

آية 14 :- لأنه بقربان
واحد قد اكمل إلى الأبد المقدسين.

تقديسنا تم مرة واحدة
وإلى الأبد. وجهادنا الأن هو الإمساك بالمسيح، أن نثبت فيه. وأن نصدق وعد الآب.
وكلمة قربان هنا تشمل حياتة وذبيحته. فالمسيح بحياته وذبيحته أكمل القديسين.

 

الآيات 15 – 18 :- و
يشهد لنا الروح القدس ايضا لانه بعدما قال سابقا.هذا هو العهد الذي اعهده معهم بعد
تلك الأيام يقول الرب اجعل نواميسي في قلوبهم و اكتبها في اذهانهم.و لن اذكر
خطاياهم و تعدياتهم في ما بعد.  و إنما حيث تكون مغفرة لهذه لا يكون بعد قربان عن
الخطية.

راجع (أر 31 : 31 – 34).
الروح القدس يذكرنا بأقوال الله ونواميسه ويلهب قلوبنا ويهب إرادتنا القوة لكى
نخضع لها وننفذها. وفى دم المسيح لا يعود الله يذكر الخطايا التى نتوب عنها ونعترف
بها لأنه فى ذبيحة الصليب قد دفع دين الخطية ولم يعد للخطية أن تطلب دينها مرة
أخرى من البشر..  و انما حيث تكون مغفرة لهذه لا يكون بعد قربان عن الخطية = أى
إذا كانت قد حدثت مغفرة فلماذا تقدم ذبيحة ثانية وبالتالى إن كان هناك ذبيحة لها
هذه القوة فى غفران كل الخطايا فيجب أن يتوقف تقديم ذبائح فى الهيكل. وهذا تفسير
آية (14)

 

نتائج الخطية وعمل
المسيح

1.    
إبليس إستعبد الإنسان. ولأن الإنسان إتفق مع
إبليس، بدد كل مذخراته الطبيعية التى وهبها الله إياها من فكر وفهم وصحة وطهارة
وتمييز. والمسيح إفتدانا أى دفع دمه فدية وفك أسرنا. هو لم يدفعها للشيطان، بل أنه
أسر الشيطان نفسه على الصليب وكبله بسلاسل أبدية وإنتزع منه سباياه (أف 4 : 8)
لهذا يقال إن المسيح إشترانا بدمه.

2.    
الخطية أحدثت للإنسان حالة تغرب عن الله وعداوة،
وهذه إستلزمت مصالحة أكملها المسيح بطاعته وقداسته فقرب البعيدين إلى قلب الله بعد
غربة وعداوة.

3.    
الإنسان بتعديه أصبح مديوناً أى محكوم عليه
بمعنى أنه وقع تحت دينونه عدل الله وأصبح محتاجاً إلى تبرئة أى مغفرة، وهذه أكملها
المسيح بأن تحمل فى جسده الذى هو جسدنا عقوبة الدينونة وهى الموت واللعنة فإستوفى
العقاب لأجلنا ووهبنا البراءة أمام عدل الله.

إلى هنا إنتهى بولس
الرسول من دفاعه عن المسيحية وأبرز أن المسيح أفضل من الملائكة ومن موسى ومن يشوع
وأظهر أفضلية كهنوته عن كهنوت العهد القديم وسيتبع ذلك بتقديم تطبيقات عملية مبنية
على ما سبق وقيل حتى الأن.

 

آية 19 :- فإذ لنا إيها
الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع.

كان إمتياز الدخول
للأقداس لفرد واحد هو رئيس الكهنة ولمرة واحدة وكان يدخل لدقائق يخرج بعدها. أما
الأن فصار لنا جميعاً هذا الإمتياز لأننا متحدين برئيس الكهنة، نحن فيه ندخل لا
لنخرج ثانية. وكان رئيس الكهنة يفتح الحجاب (يشقه) ليدخل.

أيها الإخوة = هم إخوة
بسبب ثبوتهم كلهم فى المسيح، ثبوتهم معاً فيه.

إلى الأقداس = إنفتح
القدس (عبادتنا الحاضرة) على قدس الأقداس (العبادة الأبدية).كأعضاء فى جسده المقدس
صار لنا حق من التمتع بالسماويات. وجسده هو الحجاب الذى إختفى وراءه اللاهوت، حتى
نقدر أن نلتقى به ونتعرف على أسراره الإلهية. وبعد أن ذبح المسيح إنشق الحجاب
وظهرت لنا الأقداس. لم يعد هناك حجاب.

بدم يسوع = دم المسيح
هو حياتة، وبحياة المسيح نعبر محارس الموت والهاوية وعلينا ختم الدم. ودم المسيح
المقدس نعبربه بوابات الدينونة وعلينا ختم الدم.

 

آية 20 :- طريقا كرسه
لنا حديثا حيا بالحجاب اي جسده.

الحجاب كان يمثل غضب
الله على الإنسان بسبب خطيته وإستحالة رؤية الإنسان لله لذلك لبس المسيح جسدنا
وحمل العقوبة فيه وبموته أنشق الحجاب أمام قدس الأقداس.

طريقاً = قال المسيح عن
نفسه أنا هو الطريق. لذلك يصف الرسول هذا الطريق بأنه طريقاً حياً فهو طريق مشخص،
هو ذات حية  طريقاً حديثاً = أى أن عمله متجدد مع الأيام لا يأتى إلى قدم.

 

آية 21 :- و كاهن عظيم
على بيت الله.

لنا فى السماء محام عنا
وشفيع يحمل جنسنا. وبيته نحن (3 : 6) أى البشرية المفتداة على الأرض وفى السماء.

 

آية 22 :- لنتقدم بقلب
صادق في يقين الإيمان مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير و مغتسلة اجسادنا بماء نقي.

هذه الآية تعقيب على الآيات
(19 – 21) أى إذ كنا لنا ثقة بالدم والأعتماد على المسيح كرئيس كهنة عظيم فلنفعل
كذا وكذا…. أى ما يطلبه الرسول فى الآيات التالية ويورد 3 آيات (22، 23، 24) فى
22 نتقدم فى يقين الإيمان. وفى 23 نتمسك بإقرار الرجاء وفى 24 نلاحظ بعضنا بعضاً
فى المحبة وتكون لنا أعمالنا حسنة. وها نحن ثانية نتلاقى مع ثلاثية بولس الرسول
الإيمان والرجاء والمحبة.

لنتقدم بقلب صادق =
القلب هو مركز الشعور والعواطف وهذا ينبغى أن ينحاز كلياً لله أى نقدم العبادة لله
بالحق والخضوع والطاعة له وحده.

فى يقين الإيمان = يكون
الإيمان فى منتهى قوته. ولنا تسليم كلى وإعتماد كامل على الله، القادر أن يعين.
وكل من يلقى برجائه على الله دون إرتياب ويكون قلبه صادقاً فإن الله يستجيب مهما
كان الأمر صعباً ومستحيلاً لدى الناس.

مرشوشة قلوبنا من ضمير
شرير = فى العهد القديم كان يرش على المنجسين برشاش الدم (دم الذبائح) فيطهرون (خر
24 : 8). ولكن هذا الدم كان يتعامل مع الإنسان من الخارج أما دم المسيح فيتعامل مع
القلوب والضمائر بطريقة غير منظوره ليطهرها ويقدسها.

ضمير شرير = أعمال
الإنسان الشريرة تنعكس على ضمير الإنسان وتلوثه. والعكس فالضمير الشرير يصور الشر
وينفذة بالنية. ولكن دم المسيح له قوة خارقة تتغلغل أعماق الضمير وتطهره بل تقدسه
وتضيئه فلا يعود خادماً للشر.

مغتسلة أجسادنا بماء
نقى = المعمودية التى تطهر الجسد والنفس، ظاهرة الإنسان وباطنه

 

آية 23 :- لنتمسك
بإقرار الرجاء راسخا لأن الذي وعد هو امين.

لنتمسك = أى نمسك بشدة.
بإقرار الرجاء = الإعتراف الإيمانى الذى يملى على المعمد فينطقه كلمة كلمة وراء
الأسقف مثل "نؤمن بقيامة الأموات وحياة الدهر الأتى" بالإضافة لإقراره
بأن يظل أميناً على ما أؤتمن عليه. لذلك جاءت هذه الآية تعقيباً مباشراً على
المعمودية لترسيخ الرجاء. وإقرار الرجاء يعطى الإيمان بالمسيح إنفتاحاً غير محدود
ويكمل فيه المسيح عمله معنا. الرجاء هو الثقة المطلقة بأن المسيح سيحقق كل وعود
الله التى وعد بها. الإيمان يهبنا الدخول للطريق والرجاء يفتح القلب لمعاينته بفرح
والمحبة هى سمة الطريق ذاته. إيماننا بدم المسيح هو الطريق الذى يهبنا الرجاء.
ولكن هذا الرجاء ينبغى أن يكون ملتحماً مع ضميرنا الصالح بعيداً عن الشر مع
الإلتزام بالجهاد المستمر فى حياة البر وكأن الإيمان ليكون حيا وفعالا يلزم أن
يكون ملتحما بالرجاء والمحبة. والمحبة أهم أعمال حياة البر. وبإختصار معنى الآية
"لنتمسك بما نرجوه ونأمل فيه بكل ثقة ويقين لأن الله صادق وأمين أى أنه لابد
وسينفذ ما وعد به".

 

آية 24 :- و لنلاحظ
بعضنا بعضا للتحريض على المحبة و الأعمال الحسنة.

عوضاً عن أن تحرضوا
بعضكم على ترك الإيمان فلتحرضوا بعضكم على أعمال المحبة. والمحبة هى تاج ثالوث
الفضائل المسيحية (1كو13 : 13). وإذا كان بالإيمان والرجاء نحلق فى السماويات
فالمحبة تجعلنا لا نطيق أن نحلق وحدنا بمفردنا. ونلاحظ فى هذه الآية أن هناك
مسئولية عامة علينا كلنا تجاه الآخرين.

 

آية 25 :- غير تاركين
اجتماعنا كما لقوم عادة بل واعظين بعضنا بعضا و بالأكثر على قدر ما ترون اليوم
يقرب.

هنا نرى ضرورة الجهاد
بروح جماعية. فروح الجماعة تسند كل عضو دون أن تفقده علاقته الشخصية مع الله. غير
تاركين = الكلمة المستخدمة تشير لمن يترك ويتحاشى حضور الإجتماع ويهمله عن عمد
وهذا يعرض الإجتماع للتبديد (2تى 4 : 10).

إجتماعنا = إشارة
للقداسات أيضاً. وحيثما إجتمع إثنين أو ثلاثة بإسمى أكون فى وسطهم. إذاً أهمية
الإجتماع أن المسيح فى الوسط. وكلمة إجتماعنا حيث ضمير جمع المتكلم (نا) تشير
لإجتماعات المسيحين. كما لقوم عادة = الإشارة هنا لإجتماعات اليهود الذين يحضرون
إجتماعاتهم لحضور التلاوات لأنهم خائفين من الرؤساء فيخرجون كما دخلوا.

واعظين = عزاء وتشجيع
للخائفين على قدر ما ترون اليوم يقرب = بولس الرسول أدرك بروح النبوة أن يوم خراب
الهيكل قد إقترب فالعلامات التى قالها المسيح ظهرت وهذا تحذير آخر لمن يريد ترك
المسيحية لليهودية. وكلمات الرسول عن إقتراب اليوم تدفعنا كما تدفع العبرانيين
للجهاد لأنه إن أتى هذا اليوم فلا فائدة للتوبة لذلك فهو فى آية 26 يبدأ التحذير
من السقوط.

وربما تشير عبارة أن
اليوم يقرب للمجئ الثانى الذى كانوا يتوقعونه أن يأتى سريعاً. وعموماً فحين سألوا
المسيح عن علامات نهاية العالم أجاب عن علامات نهاية العالم وخراب أورشليم بكلمات
مشتركة (متى 24) فهناك إرتباط بين نهاية العالم وخراب أورشليم فدينونة أورشليم هى
رمز لإدانة الخطاة فى اليوم الأخير.

 

أية 26 :- فإنه إن
اخطانا بإختيارنا بعدما اخذنا معرفة الحق لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا.

أخطأنا بإختيارنا = هنا
يعنى المسئولية الشخصية. هنا نجد تحذير من العصيان. فالذى يخطئ لا يعطى للمسيح
إعتبار. لقد صرت جسد المسيح فهل تسلم نفسك للشيطان ليطأ عليك تحت قدميه. مثل هذا
الإنسان يستحق عقاباً أعظم. إن كان المسيح قد فتح باب الرجاء فلا يعنى هذا
إستهانتنا بالمراحم الإلهية (رو 2 : 4 – 6). والله الآن يفتح طريق التوبة
والإعتراف فلننتهز الفرصة. فمن يرفض ذبيحة المسيح ليعلم أنه لا توجد ذبيحة أخرى
لغفران الخطايا (فالذبائح اليهودية قد بطلت بالمسيح) = لا تبقى بعد ذبيحة عن
الخطايا. ولنلاحظ أن هذا الكلام موجه للعبرانيين الذين ينكرون فى الإرتداد.

 

آية 27 :- بل قبول
دينونة مخيف و غيرة نار عتيدة ان تاكل المضادين.

غيرة نار = والغيرة
تنشأ من المحبة. وهى نار لأن إلهنا نار آكلة.

 

آية 28 :- من خالف
ناموس موسى فعلى شاهدين او ثلاثة شهود يموت بدون رافة.

من خالف = إستهان ورفض
كلية. وكان بحسب ناموس موسى يعاقب تارك الإيمان وعابد الأوثان بالرجم (تث 17 : 2 –
7 + 13 : 6 – 10).

 

آية 29 :- فكم عقابا
اشر تظنون انه يحسب مستحقا من داس ابن الله و حسب دم العهد الذي قدس به دنسا و
ازدرى بروح النعمة.

من داس إبن الله =
إستهان بالمسيح والإيمان بالمسيح ووضع المسيح موضع الكراهية والإحتقار. هذا
الإنسان إستولى الشيطان على عقله وقلبه وتفكيره.

الذى قدس به = أى
إعتمد. دنساً = أى غير مخصص لله أى أن معموديته فقدت تأثيرها، أو هو صار لا يفهم
أن المعمودية صيرته مقدساً ومكرساً لله. دم العهد..دنسا = أى ظن أن دم المسيح مثل
دم أى إنسان عادى فكل إنسان عدا المسيح هو خاطئ دنس أى دم المسيح الذى تقدسنا به
ليس دم إنسان عادى.

بروح النعمة = الروح
الذى أذاقه النعمة يوماً ما.

 

الآيات 30، 31 :- فإننا
نعرف الذي قال لي الإنتقام انا أجازي يقول الرب و أيضا الرب يدين شعبه. مخيف هو
الوقوع في يدي الله الحي.

راجع (تث 32 : 35، 36).
فإننا نعرف = نعرف أنه الحى الى الأبد الذى لا يخفى عليه شئ وهو حين يقول يفعل.
مخيف هو الوقوع فى يدى الله الحى = هذا آمر تسلمناه أباً عن جد وكلنا إختبرناه
فالله رحوم ولكنه أيضاً مخيف لمن يستهين به.

 

آية 32 :- و لكن تذكروا
الأيام السالفة التي فيها بعدما انرتم صبرتم على مجاهدة آلام كثيرة.

بعد الإنذارات السابقة
المخيفة يعود الرسول بروح العطف ويشجعهم حتى لا ييأسوا ويخوروا. وهو يذكرهم بأنهم
إحتملوا بعد معموديتهم مباشرة ألام كثيرة = بعدما أنرتم صبرتم = فالمعمودية يطلق
عليها إستنارة. ونلاحظ هياج الشيطان على كل نعمة نحصل عليها. فبعد معموديتهم أهاج
اليهود عليهم. وصبرهم كان راجعاً لثقتهم فى أن هناك مكافأة سماوية وكان هذا سر
فرحهم خلال الضيق والإضطهاد والظلم.

 

آية 33 :- من جهة
مشهورين بتعييرات و ضيقات و من جهة صائرين شركاء الذين تصرف فيهم هكذا.

مشهورين = أى شهر بكم
وصرتم منظراً للسخرية. شركاء = لم يتنصلوا من الذين كانوا مضطهدين. وهذه تحسب لهم
شجاعة فهم إحتملوا ألام شخصية من الإضطهاد بل شاركوا باقى المضطهدين.

 

آية 34 :- لأنكم رثيتم
لقيودي أيضا و قبلتم سلب اموالكم بفرح عالمين في أنفسكم أن لكم مالا افضل في
السماوات و باقيا.

كان الروح القدس يعزيهم
لذلك فرحوا فى الضيقات، لأن لهم كنزاً فى السماء. رثيتم لقيودى = فى محبة يذكرهم
بمحبتهم له.

 

آية 35 :- فلا تطرحوا
ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة.

فلا تطرحوا = المعنى
تطرحوا بإهمال. هنا يكونون كمن يلقى سلاحه فى المعركة. (2كو 4 : 17). لتحذروا أن
تفقدوا إيمانكم وثقتكم القوية ليكون لكم جزاء عظيم.

 

آية 36 :- لأنكم
تحتاجون إلى الصبر حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد.

إذا صنعتم مشيئة الله =
من مشيئة الله أن تتحملوا بعض الألام لبعض الوقت فإحتملوها بصبر ولا ترفضوا
مشيئته.

 

آية 37 :- إنه بعد قليل
جدا سيأتي الآتي و لا يبطئ.

عليكم أن تصبروا لأن
الرب الذى تنتظرونه سوف يأتى ولا يتأخر. وقد إقتبس هذا القول من (حب 2 : 2 – 4).
وقوله قليل إقتبسه من (أش 26 : 20) ولنعلم أن أعظم تعزية نقدمها للمتضايق أن الرب
آت سريعاً للنجدة والخلاص.

 

آية 38 :- اما البار
فبالإيمان يحيا و ان إرتد لا تسر به نفسي.

هى دعوة ليثبتوا فى
الإيمان. وإن إرتد = هذا يشابه حال العبرانيين والمقصود أن الإيمان يقوى صاحبه على
إحتمال الألام والشدائد والإضطهادات ومازال الإقتباس من (حب 2:2-4).

 

آية 39 :- و اما نحن
فلسنا من الإرتداد للهلاك بل من الإيمان لإقتناء النفس
.

هذه للتشجيع إذ أنهم
ليسوا للإرتداد. وهنا نجد أن الإرتداد فى مقابل إقتناء النفس لذلك من يرتد يخسر
نفسه.

هل تبحث عن  بدع وهرطقات بدع حديثة أكذوبة قبر المسيح الضائع 01

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي