الإصحاح الأربعون

 

نجد فى الإصحاحات
(40-43) قصة اليهود الباقين فى يهوذا بعد سبى إخوتهم وهى قصة محزنة جداً بعد أن
كان هناك بعض الأمال فى بداية طيبة لهم لكنهم سريعاً ما ظهر عنادهم فى خطاياهم
وأنهم لم يتواضعوا ولم يتوبوا فستكمل باقى العقوبات عليهم المنصوص عليها فى تث 28
الذى ذكر اللعنات والعقوبات التى تنزل عليهم وآخرها "ويردك الرب إلى
مصر" (تث68:28) فبعد أن حررهم الله، عادوا لخطاياهم، لذلك يعيدهم الله
للعبودية " إن حرركم الإبن… ".

 

الأيات 1-6 :- 1-
الكلمة التي صارت الى ارميا من قبل الرب بعدما ارسله نبوزرادان رئيس الشرط من
الرامة اذ اخذه و هو مقيد بالسلاسل في وسط كل سبي اورشليم و يهوذا الذين سبوا الى
بابل. 2- فاخذ رئيس الشرط ارميا و قال له ان الرب الهك قد تكلم بهذا الشر على هذا
الموضع. 3- فجلب الرب و فعل كما تكلم لانكم قد اخطاتم الى الرب و لم تسمعوا لصوته
فحدث لكم هذا الامر. 4- فالان هانذا احلك اليوم من القيود التي على يدك فان حسن في
عينيك ان تاتي معي الى بابل فتعال فاجعل عيني عليك و ان قبح في عينيك ان تاتي معي
الى بابل فامتنع انظر كل الارض هي امامك فحيثما حسن و كان مستقيما في عينيك ان
تنطلق فانطلق الى هناك. 5- و اذ كان لم يرجع بعد قال ارجع الى جدليا بن اخيقام بن
شافان الذي اقامه ملك بابل على مدن يهوذا و اقم عنده في وسط الشعب و انطلق الى حيث
كان مستقيما في عينيك ان تنطلق و اعطاه رئيس الشرط زادا و هدية و اطلقه. 6- فجاء
ارميا الى جدليا بن اخيقام الى المصفاة و اقام عنده في وسط الشعب الباقين في
الارض.

أية (1) هذه الآية تبدو
وكأن لا تطبيق لها، فلا نجد فى هذا الإصحاح نبوة مرسلة لأحد ولكنها تشير إلى
(7:42) حيث نجد رسالة من إرمياء إلى رؤساء وقادة الشعب أما الأيات بين 1:40، 7:42
ما هى إلا قصة هذه النبوة وذكرها هنا هو مدخل لهذه النبوة لتفهم مناسبتها. وكان قد
سبق إطلاق سراح أرمياء بكرامة عظيمة (11:39–13) ولكننا نجد أرمياء فى (14:39) أنه
عاش وسط الشعب فحين القى جيش بابل القبض على عدد من سكان أورشليم ليأخذوهم للسبى
وجدنا أرمياء مرة ثانية أمام رئيس الشرط. فصغار الجنود لم يعرفوا شخصيته وإقتادوه
إلى الرامة حيث قيادة الجيش وهناك عرفه قائد أو رئيس الشرط. وأية (2) اية مخجلة
جداً لليهود فهذا القائد الوثنى أدرك إرادة الله قبل الشعب المفروض أنهم مؤمنين.
وما زالت هذه الأية مخجلة لكثيرمن المسيحيين. فكم من غير المؤمنين يحبون المسيح
أكثر من المسيحييين، لذلك قال غاندى الزعيم الهندى الوثنى " أحب المسيح وأكره
المسيحيين. وفى (5) وإذ كان لم يرجع بعد = فى ترجمة أخرى " وإذ لم يلتفت إلى
جهة من الجهات فهو لم يتخذ قراره منتظراً أن يُعلن الرب إرادته. فهو لا يتخذ
قراراً دون أن يستشير الرب وغالباً ما كان يصلى لله طالباً أن يُعلن إرادته. وهو
لو كان خائناً حقاً ممالئاً لملك بابل لطلب أن يذهب لبابل ليقبض ثمن خيانته مالاً
وكرامة ولكنه عالم أنه إنما كان يتكلم بكلام الله وهو أدى ذلك بأمانة لا يطلب
مقابلها ثمناً. نضيف لذلك إنه إنما كان عالماً بما سيحل ببابل من خراب فهى مركز
للوثنية. وكان أرمياء هنا مثل موسى الذى فضَل أن يذل مع شعبه ومثل إبراهيم الذى لم
يأخذ أجراً من ملك سدوم. وأقام فى وسط الشعب (6).

 

 

الأيات 7-16 :- 7- فلما
سمع كل رؤساء الجيوش الذين في الحقل هم و رجالهم ان ملك بابل قد اقام جدليا بن
اخيقام على الارض و انه وكله على الرجال و النساء و الاطفال و على فقراء الارض
الذين لم يسبوا الى بابل. 8- اتى الى جدليا الى المصفاة اسماعيل بن نثنيا و
يوحانان و يوناثان ابنا قاريح و سرايا بن تنحومث و بنو عيفاي النطوفاتي و يزنيا
ابن المعكي هم و رجالهم. 9- فحلف لهم جدليا بن اخيقام بن شافان و لرجالهم قائلا لا
تخافوا من ان تخدموا الكلدانيين اسكنوا في الارض و اخدموا ملك بابل فيحسن اليكم.
10- اما انا فهانذا ساكن في المصفاة لاقف امام الكلدانيين الذين ياتون الينا اما
انتم فاجمعوا خمرا و تينا و زيتا و ضعوا في اوعيتكم و اسكنوا في مدنكم التي
اخذتموها. 11- و كذلك كل اليهود الذين في مواب و بين بني عمون و في ادوم و الذين
في كل الاراضي سمعوا ان ملك بابل قد جعل بقية ليهوذا و قد اقام عليهم جدليا بن
اخيقام بن شافان. 12- فرجع كل اليهود من كل المواضع التي طوحوا اليها و اتوا الى
ارض يهوذا الى جدليا الى المصفاة و جمعوا خمرا و تينا كثيرا جدا. 13- ثم ان
يوحانان بن قاريح و كل رؤساء الجيوش الذين في الحقل اتوا الى جدليا الى المصفاة.
14- و قالوا له اتعلم علما ان بعليس ملك بني عمون قد ارسل اسماعيل بن نثنيا ليقتلك
فلم يصدقهم جدليا بن اخيقام. 15- فكلم يوحانان بن قاريح جدليا سرا في المصفاة
قائلا دعني انطلق و اضرب اسماعيل بن نثنيا و لا يعلم انسان لماذا يقتلك فيتبدد كل
يهوذا المجتمع اليك و تهلك بقية يهوذا. 16- فقال جدليا بن اخيقام ليوحانان بن
قاريح لا تفعل هذا الامر لانك انما تتكلم بالكذب عن اسماعيل.

(رؤساء الجيوش الذين فى الحقل = قادة المقاتلين من العصابات
(المليشيات) ومنهم يوحانان)

نجد فى هذه الأيات بعض
الإزدهار للبقية الباقية من يهوذا بعد سنين من الألام. وكان جدليا إبن أحد الرؤساء
(24:26) وكان أخيقام أبوه محباً ومدافعاً عن أرمياء. ويبدو أن جدليا كان إنساناً
حكيماً وقد أقام اليهود فى أيامه فى سلام وجاء إليه اليهود الذين هربوا من وجه
الكلدانيين ليعيشوا تحت حمايته. وحلف لهم جدليا (9) أى بدأ معهم عهداً جديداً بما لهُ
من سلطة فوضه فيها نبوخذ نصر نفسه. وكان الناموس يمنع اليهود أن يقيموا معاهدة مع
الوثنيين ولكننا نجد أن جدليا هنا يقول لهم لا تخافوا 1- لأن هذا أمر الله 2- إن
سلكتم بالأمانة مع ملك بابل سيسلك هو أيضاً معكم بالأمانة وأية (10) معناها أنه
سيقيم فى المصفاة ليتكلم هو مع الكلدانيين ولا يخافوا هم منهم. تيناً فى أوعيتكم =
أى يجففوه مثل قمر الدين. ولكننا نجد مؤامرة جديدة ضد هذه الأمة الوليدة منشأها
ملك العمونيين الذى يكره اليهود ويريد خرابهم ولذلك إتفق مع إسمعيل ليندس وسط
رعايا جدليا. وكان إسمعيل من النسل الملكى (1:41) فكان طبيعياً أن يحقد على جدليا
الجالس ليحكم. وكان هناك يوحانان الثائر النشيط الذى أستشعر رائحة الخيانة فأخبر
جدليا بها. لكن جدليا لم يسمح بقتل إسمعيل لمجرد شك بدون دليل. لذلك كان جدليا مع
أنه شخص تقى إلا أنه لا يصلح لقيادة شعب فى هذه الظروف الصعبة فهو قد أظهر من
وداعة الحمام أكثر مما أظهر من حكمة الحيات. فعلى الأقل كان يجب أن يحتاط من
إسمعيل.

هل تبحث عن  م المسيح المسيح حياته وأعماله 12

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي