الإصحاح الثالث

 

أية 1:- انا هو الرجل
الذي راى مذلة بقضيب سخطه.

أنا هو الرجل = قد يكون
هذا الرجل هو أرمياء الذى أذله شعبه وقد يكون هو رَجل صار نموذج للأمة بأن جاءت
عليه كل ألامها. ومن يكون هذا الرجل سوى السيد المسيح الذى تحمَل الألام كبديل لنا
فرأى مذلة. وتحمل قضيب سخط الآب بدلاً من ان نتحمله نحن.

 

أية 2:- قادني و سيرني
في الظلام و لا نور.

 بالنسبة لأرمياء فقد وضعوه فى جُب مظلم. وبالنسبة للشعب فغضب الله
عليهم حرمهم من نوره فتخبطوا فى ظلام. فهم كانوا فى مشاكل وزادت هذه المشاكل بسبب
تخبطهم وحرمانهم من نور الله وهذا ما يحدث مع كل خاطىء. اما الأية بالنسبة للمسيح
فهى نبوة عن دفنه فى قبر بعد موته.

 

أية 3:- حقا انه يعود و
يرد علي يده اليوم كله.

 رأى المسيح طوال مدة حياته ألام كثيرة أما يوم الصليب فهو غالباً
المقصود بقوله اليوم كله.

 

أية 4:- ابلى لحمي و
جلدي كسر عظامي.

 يشبه ألامه اليهودية هنا رجل عجوز جلده مجَعدْ بلا أمل فى إصلاح،
بل أن عظامه قد تكسرت فلا يستطيع القيام لمساعدة نفسه. لم يعُد هناك شىء سليم فى
جسد هذه الأمة. وبالنسبة للمسيح فقد جُلد وجُرح فى كل جسمه وتألمت عظامه. حقاً لم
يكسر منه عظم لكن الألام التى رآها جعلته غير قادر على أن يتحامل على نفسه فأتوا
لهُ بمن يحمل معهُ الصليب (مرا13:1).

 

أية 5:- بنى علي و
احاطني بعلقم و مشقة.

 بنى علىَ = بالنسبة لأورشليم فالكلمة تعنى حاصرنى فالمدينة حوصرت
حتى سقطت. وقد حاصرها الملك بالمخاوف وبأعدائها. وبالنسبة لأرمياء فقد حاصره
الجميع، الملك والكهنة ورؤساء الكهنة والشعب والأنبياء الكذبة واهله فكان رمزاً
للمسيح الذى أحاط به الكل يعادونه حتى صلبوه.

 

أية 6:- اسكنني في
ظلمات كموتى القدم.

 هذه أية واضحة كنبوة عن قبر المسيح (مى8:7) وبالنسبة لبنى إسرائيل
فهم الذين إختاروا الظلام أولاً فحرمهم الله من نوره وهذا ما يحدث مع كل من يختار
طريق الخطية.

 

أية 7:- سيج علي فلا
استطيع الخروج ثقل سلسلتي.

حُكم الله على أورشليم
كان لا رجعة فيه لخطاياها والتصوير هنا أنها مقيدة بسلاسل كمجرم حتى لا يستطيع
الهرب من الحكم ضده. وهكذا إقتادهم الكلدانيين مربوطين بسلاسل سبايا إلى بابل.
وبالنسبة للمسيح حمل هو عنا هذه السلاسل الأبدية أو الموت ليعطينا الحرية.

 

أية 8:- ايضا حين اصرخ
و استغيث يصد صلاتي.

بالنسبة للخاطىء قد
يطلب التوبة بدموع ولا يجدها لأنه طلبها متأخراً مثل عيسو وبعد أن يكون قرار الله
بالعقوبة قد صدر وبالنسبة للمسيح فقد قال "إن أمكن تعبر عنى هذه الكأس"
ولكن كان يجب أن يشربها حتى لا نشربها نحن.

 

أية 9:- سيج طرقي
بحجارة منحوتة قلب سبلي.

 بالنسبة للخاطىء الذى رفض السير فى طريق الله يعوق الله طريقه
ويمنعه من الهرب من أحكامهُ.

 

أية 10:- هو لي دب كامن
اسد في مخابئ.

الدب والأسد هما أخطر
وأقوى أعداء الإنسان. والمعنى صار الله كعدو لى، يتربص بى وفى هذه الأيات نجد صدى
لها فى صرخة المسيح "إلهى إلهى لماذا تركتنى" فألام المسيح كانت حقيقية.

 

أية 11:- ميل طرقي و
مزقني جعلني خرابا.

ميل طرقى = بدد كل
مشوراتى وأفسد خططى.

 

أية 13،12:- مد قوسه و
نصبني كغرض للسهم. ادخل في كليتي نبال جعبته.

هذه تشير للموت.

 

الأيات 15،14:- صرت
ضحكة لكل شعبي و اغنية لهم اليوم كله. اشبعني مرائر و ارواني افسنتينا.

فى الأيات (13،12)
المعنى أن الله قصد موت المسيح ولكن هنا تشرح الأيات أنه كان موتاً صعباً فالشعب
يهزأ به (مت39:27-44). وفى عطشه سقوه خلاً ممزوجاً بالمر.

 

الأيات 17:16:- و جرش
بالحصى اسناني كبسني بالرماد. و قد ابعدت عن السلام نفسي نسيت الخير.

 تصوير للألام الشديدة غير المحتملة وكأن الله سمح بأن يضع لهُ حصى
يأكله بأسنانه والرماد يوضع على الرأس علامة الحزن على ميت. والحالة كما تصوَر فى
أية (17) يائسة جداً بلا امل.

 

أية 18:- و قلت بادت
ثقتي و رجائي من الرب.

المعنى أن لا أمل ان
يسمع الرب صوتى فهو لن يستجيب لى وهو لا يشعر باى تعزية أو تشجيع من الله. هذا رأى
البشر حين يقعون فى تجربة أليمة، لكن مراحم الله بلا نهاية وقلت = كنت أظن.

 

الأيات 20،19:- ذكر
مذلتي و تيهاني افسنتين و علقم. ذكرا تذكر نفسي و تنحني في.

 ذكر ألامه مر كالإفسنتين والعلقم. بل كل ما يذكر ألامه تنحنى نفسه
(مز5،1:137) "هذه الأيات واضح أنها نبوءة بألام المسيح وموته لذلك تقرأ
الكنيسة هذا الإصحاح فى نبوات الساعة الثانية عشرة من يوم الجمعة العظيمة من
البصخة المقدسة وهى ساعة دفن المسيح".

ومن الأية 21 حتى الأية
36 تبدأ السحب تنقشع فبعد أن ساد الجزء الأول من الإصحاح نغمة الحزن، بدأت هنا
نغمة الرحمة وبدأ يوجد رجاء فيما هو آتٍ. فموت المسيح ودفنه هو بداية الرجاء وهو
أعلى درجات مراحم الله وكنيستنا بطقوسها الرائعة ترتدى السواد والملابس التى تشير
للحزن حتى الساعة الثانية عشرة فتبدأ فى خلع ملابس الحزن هذه.

 

الأيات 21-23:- اردد
هذا في قلبي من اجل ذلك ارجو. انه من احسانات الرب اننا لم نفن لان مراحمه لا
تزول. هي جديدة في كل صباح كثيرة امانتك.

مهما كان قضيب الله
شديداً فإن من إحساناته اننا لم نفن. ومهما بدت الأمور سيئة فأكيد كان هناك الأسوأ
الذى نشكر الله أننا لم نصل إليه. فعلينا فى ضيقاتنا أن لا نذكر فقط ما هو ضدنا بل
ان نذكر ما هو ليس ضدنا لنشكر الله عليه. وإذا إضطهدنا الناس نشكر الله الذى لم
يتركنا بمراحمه. ونشكر الله على كل الضيقات فهى للتنقية ولكنها لا تحرق وتفنى.
والأيات هنا تشير أنهم مازالوا فى عمق أحزانهم يختبرون رقة ومحبة المراحم الإلهية.
وقد سبق وإشتكى أن الله لم يشفق (21،17:2) وها هو يُعلن أن مراحم الله لا تتوقف
وهى جديدة كل صباح. هو بدأ بالألام وينتهى بالمراحم فالألام ليست نهاية كل شىء.
والصليب هو قمة المراحم.

 

الأيات 25،24:- نصيبي
هو الرب قالت نفسي من اجل ذلك ارجوه. طيب هو الرب للذين يترجونه للنفس التي تطلبه.

نصيبى هو الرب = فنصيبى
فى العالم سيزول يوماً ما أما نصيبى فى الرب فلن يزول للأبد وحينما يفشل المال
والإنسان يبقى الرب دائماً (مز26:73). الله سيبقى للأبد فرح شعبه وكفايتهم لذلك
علينا أن نختاره ونعتمد عليه فلو فقدت كل مالى فى العالم من أفراح وثروات بل
الحياة ذاتها فلن أفقد شيئاً إذا كان نصيبى هو الرب. فعلينا أن ننتظر الرب بإيمان
ونفتش عليه بالصلاة.

 

أية 26:- جيد ان ينتظر
الانسان و يتوقع بسكوت خلاص الرب.

من يفعل ذلك يجد هذا
جيد. فلنقل بإيمان "لتكن مشيئتك".

 

أية 27:- جيد للرجل ان
يحمل النير في صباه.

 النير بالنسبة للشعب هو السبى وبالنسبة لأى إنسان متألم هو ألمه
وصليبه وإذا إحتمل الإنسان النير بصبر فهو يحتمل تأديب الله ويكون إبناً لهُ
فيستفيد من التأديب. فوراء كل ألم وكل تأديب مراحم من الله. وعلى كل إنسان أن يبدأ
فى شبابه فى حمل وصية المسيح وهذا جيد للأنسان ليشب متواضعاً وجاداً ولا يكون كثور
غير مروَض على تحمل النير. وإذا سمح الله بألم يكون هذا نير على الإنسان يستفيد من
بركاته لو لم يشتكى للناس بل يحتمله فى صبر.

 

أية 28:- يجلس وحده و
يسكت لانه قد وضعه عليه.

 فالشكوى للناس تضاعف الألم. فلنشتكى لله وحده فهو القادر أن يعطى
عزاء وإحتمال.

 

أية 29:- يجعل في
التراب فمه لعله يوجد رجاء.

 يجعل فى التراب فمه = أى يتضع ويعترف بأن خطيته هى السبب فى ألمه
ولا يبرر نفسه بل يعترف بأنه يستحق ما هو فيه ولا يستحق شيئاً حسناً من الله. بذلك
نستفيد من التجربة.

 

أية 30:- يعطي خده
لضاربه يشبع عارا.

 هناك أدوات لتنفيذ مشيئة الله فالباًبليين كانوا أدوات الله
لتأديب الشعب وكان على الشعب أن يتضح أمامهم ويطيعهم فهم سيف الله. وبروح متسامحة
يدير خدَهُ لهم. بهذا يستفيدون من النير. "والسيد المسيح صنع هذا كله فى
ألامه كشاة تساق للذبح".

 

الأيات 32،31 :- لان
السيد لا يرفض الى الابد. فانه و لو احزن يرحم حسب كثرة مراحمه.

الله سيعود بالمراحم
على شعبه ويعطيه عزاء وهو لن يرفض للأبد بل هو الذى يجرح ويعصب يضرب ويجبر (هو1:6)
وهو يعطى بحسب مراحمه وليس لإستحقاقنا. فلنقبل التأديب بصبر.

 

أية 33:- لانه لا يذل
من قلبه و لا يحزن بني الانسان.

الله لا يريد أن يحزن
الإنسان وإن أحزنه لا يُسر بهذا فهو ليس من قلبه. ولكن هذا لصالح الإنسان. فهو
يعاقب ويؤدب من مكانه على كرسى الرحمة وهو فى كل ضيقنا تضايق.

 

الأيات34-36:- ان يدوس
احد تحت رجليه كل اسرى الارض. ان يحرف حق الرجل امام وجه العلي. ان يقلب الانسان
في دعواه السيد لا يرى.

مع أن الله يستخدم
أدوات لتأديباته مثل ملك بابل الطاغية إلا أن قلبه لا يرضى بأساليبهم فملك بابل
أبى أن يطلق الأسرى والله لا يسر بهذا ولكن يرى الله أن هذا هو الطريق لخلاص شعبه
من وثنيتهم. مثل أب يحمل إبنه للطبيب ليجرى لهُ عملية تنقذ حياته فهو كان لا يود
أن يجعله يتعذب ولكن هذا ثمناً لحياته. ومع ان وحشية هؤلاء الأشرار تحقق غرض الله
فلا يفهم من هذا أن الله يشجعهم على ذلك. فهو لم يشجع اليهود على صلبه. وهو لا
يرضى بأن يدوس طاغية أسراه (34) ولا أن يعتدى أحد على شعبه بإسم القانون وبإسم
العدالة وهى مزيفة. وذلك معنى أن يُحرفوا حق الرجل (35) فلا يستطيع أن يعرف أحد
حقوقه أو أن يصل لها. ولا يسر الله أن تُحرف قضية إنسان ويحكم عليه زوراً (36)
وعلى هؤلاء الذين يظلمون ويتصورون أن  السيد لا يرى أن يعرفوا أن الله فوقهم
جميعاً وهو يستفيد من ظلمهم لتصحيح أو ضاع شعبه ولكنه سرعان ما سيتصرف مع الظالم
ويحاسبه. والله لا يؤدب لكى يُسر. بل لنكون شركاء فى قداسته. وهو أحن من أن يضع
على كاهلنا حملاً لا لزوم لهُ، ولكنه أقدس من أن يُلغى جلدة واحدة فهو لا يطيق
الإثم.

 

أية 38،37:- من ذا الذي
يقول فيكون و الرب لم يامر. من فم العلي الا تخرج الشرور و الخير.

يجب أن نرى يد الله فى
كل الألام التى تقع بنا بسماح منهُ (يو11:19) فهذا يُساعد على تهدئة نفوسنا بل
وتتقدس الألام فينا. فنحن لسنا فى يد إنسان بل يد الله. وأى إنسان لهُ سلطة علينا
لم تكن لهُ هذه السلطة إن لم تكن من فوق ولخيرنا. فالأمور كلها تعمل للخير لمن
يحبون الله.

 

أية 39:- لماذا يشتكي
الانسان الحي الرجل من قصاص خطاياه.

علينا أن لا نتشاجر مع
الله بسبب ألامنا وأن نعترف أنها بسبب خطايانا. فعلينا أن نحتمل فى صبر فالله بار
ويتبرر فى كل ما يعمله. وبدلاً من الشكوى علينا ان نتوب. فعلينا إذن أن نجلس
ونتساءل لماذا سمح الله بهذا الألم. فلكى يصطلح الله معنا علينا أن نقبل مشيئته
المقدسة.

 

أيات 41،40:- لنفحص
طرقنا و نمتحنها و نرجع الى الرب.  لنرفع قلوبنا و ايدينا الى الله في السماوات.

 لنفحص حياتنا فى نور إرشاد الروح القدس ولا نخضع لشهواتنا فى
الحكم فنبرر أنفسنا وندين الله. وإذا كانت هناك كارثة عامة فلا يجب أن نلقى الذنب
على الآخرين بل لنفحص ذواتنا ونعرف نصيبنا فى هذه الكارثة ولو أصلح كل واحد نفسه
لإنصلح حال الجميع. ويكون الطريق الوحيد أمامنا فى الضيقة لا أن نشتكى للناس بل
نرفع القلب واليدين لله ونصلى.

 

الأيات 42-54:- نحن
اذنبنا و عصينا انت لم تغفر. التحفت بالغضب و طردتنا قتلت و لم تشفق. التحفت
بالسحاب حتى لا تنفذ الصلاة. جعلتنا وسخا و كرها في وسط الشعوب. فتح كل اعدائنا
افواههم علينا. صار علينا خوف و رعب هلاك و سحق. سكبت عيناي ينابيع ماء على سحق
بنت شعبي. عيني تسكب و لا تكف بلا انقطاع. حتى يشرف و ينظر الرب من السماء. عيني
تؤثر في نفسي لاجل كل بنات مدينتي. قد اصطادتني اعدائي كعصفور بلا سبب. قرضوا في
الجب حياتي و القوا علي حجارة. طفت المياه فوق راسي قلت قد قرضت.

 لنلاحظ أن طول مدة التجربة فيها غواية من الشيطان ان الله لا يسمع
صلواتنا. فهو هنا عاد ليشتكى من ألامهم ويعترف ان ذنوبهم هى السبب. ولكن النبى هنا
يسلك المسلك الصحيح فهو يشتكى لله وليس للناس ثم إنه ينسب الألم لذنوبهم. غير أن
طريقة البشر غير طريقة الله. فالله غير مطالب بأن يستجيب مباشرة بعد الصلاة، فهو
وحده الذى يعرف متى يكون الوقت مناسباً حتى تؤتى التجربة ثمارها وإلا أصبحت بلا
فائدة. ولا يجب أن يكون طول أناة الله فى حل المشكلة ودعاة لنا أن نتصور أن الله
يعبس بوجهه لنا أو أنه لا يسمع لنا أولاً يشفق علينا لأن أعدائنا مازالوا مسيطرين
على حياتنا. أنت لم تغفر = الله يغفر بمجرد أن نقدم توبة ولكن لا يرفع التجربة
فوراً حتى ينصلح الداخل. والأيات (45-54) فيها تصوير أليم لألامهم الناتجة عن
خطاياهم وسخرية أعدائهم منهم (1كو13:4) ولكن هذه صورة واضحة أخرى لألام المسيح
الذى سخر منهُ الشعب فى ألامه وهو الذى فى وسط ألامه بكى على بنات أورشليم = عينى
تؤثر فى نفس لأجل كل بنات مدينتى. وهو الذى أصطاده أعداؤه كعصفور برىء بلا ذنب ثم
صلبوه ودفنوه = قرضوا فى الجب حياتى. ثم فى (54) طفت المياه فوق رأسى، هذه صورة
تصويرية للموت. وفى (50،49) آية تعلمنا أن لا نكف عن الصلاة حتى يستجيب الرب. أى
نصلى بلا إنقطاع.

 

الأيات 55-66:- دعوت
باسمك يا رب من الجب الاسفل. لصوتي سمعت لا تستر اذنك عن زفرتي عن صياحي. دنوت يوم
دعوتك قلت لا تخف. خاصمت يا سيد خصومات نفسي فككت حياتي. رايت يا رب ظلمي اقم
دعواي. رايت كل نقمتهم كل افكارهم علي. سمعت تعييرهم يا رب كل افكارهم علي. كلام
مقاومي و مؤامرتهم علي اليوم كله. انظر الى جلوسهم و وقوفهم انا اغنيتهم. رد لهم
جزاء يا رب حسب عمل اياديهم. اعطهم غشاوة قلب لعنتك لهم. اتبع بالغضب و اهلكهم من
تحت سماوات الرب.

نلاحظ فى هذا الإصحاح صراع
بين مشاعر النبى وإيمانه وهذا الصراع يعتمل فى نفسه بين ألامه ومخاوفه من ناحية
ورجاؤه من ناحية أخرى. فهو كان يشتكى فى الأيات السابقة ثم هنا نجد الرجاء ينتصر
وهو يعزى نفسه هنا بخبراته السابقة فى مراحم الله وصلاحه فبالرغم من الألام
الحالية فهو يصلى حتى وهو فى جب سفلى وهذا حدث مع أرمياء فعلاً وحدث من يونان فى
بطن الحوت. وإذا كانت الصلاة هى صلة مع الله، فالمسيح فى قبره لم تنقطع صلته بالله
فلاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين. وفى (56) لا تستر أذنك عن زفرتى
= أى تنفس لأننا فى صلاتنا نتنفس تجاه الله. فالصلاة هى تنفس الإنسان الجديد فينا.
الإنسان الروحى الذى فى شهيقة يتنفس مراحم الله وشفقته. وزفيره تسبيح الله وشكره.
وفى (57) الله يستجيب لصلاته بأن يسكت مخاوفه وفى (58) خصوماتنا هى مع إبليس. فهذه
الأية بداية الوعد بالفداء بأن المسيح إلهنا هو الذى سيخاصم إبليس ويدحره ويفك
حياتنا ويحررنا وفى (59) الله العادل الذى يرى ان الشياطين خدعتنا وأسقطتنا هو
سيقيم دعواى كمحامى لأنهم ظلمونا. ومن (60-63) تظهر نقمة الشياطين وتعييرهم ورمز
لذلك أعمال البابليين ضد شعب الله ومعهم الأدوميين والعمونيين…. الخ. وربما أن
هؤلاء ألفوا أغنية هزلية تسخر من الشعب فى ألامه ولكن هذه سخرية الشيطان منا بعد
أن يوقعنا فى خطية. وهنا بروح النبوة يطلب الإنتقام من الأعداء ولكن هو فى الحقيقة
يشرح فعل الصليب ضد الشياطين (64-66) غشاوة قلب = أى حزن فى قلوبهم وضلال فى
قلوبهم وسيحيطهم غضب الله من كل ناحية ولعنته وهلاكه ضدهم (كولوسى 15،14:2).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس م موشيمونا ا

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي