اَلْمَزْمُورُ
الثَّانِي وَالسِّتُّونَ

لإِمَامِ
الْمُغَنِّينَ عَلَى يَدُوثُونَ. مَزْمُورٌ لِدَاوُدَ

إِنَّمَا
لِلَّهِ انْتَظَرَتْ نَفْسِي.

مِنْ
قِبَلِهِ خَلاَصِي [1].

يرى البابا
أثناسيوس الرسولي
أن النبي يتحدث هنا باسم الذين عاصروا انتيخوس، والذي كان
يُلزم اليهود بكسر الشريعة الإلهية، فكلٍ منهم يسأل نفسه ان نخضع لله القادر على
خلاصها.

يرى القديس
باسيليوس الكبير
أن كلمة "خلاص" هنا تعني السيد المسيح نفسه، وذلك
كقول سمعان الشيخ حين حمل الطفل يسوع: "إن عيني قد أبصرتا خلاصك".

v 
من أجل هذا وأسرار أخرى
شبيهة به ترغب العروس أن تكون داخل البيت الذي يحوي سر الخمر. وبعدما دخلته،
ابتدأت في القفز إلى أعلى لكي تصل إلى ما هو أعظم لأنها. كانت تبحث لكي تقع في
الحب. وتبعا للقديس يوحنا، الله محبة (1 يو 4: 8). إن خضوع النفس لله هو الخلاص،
كما يشير داود (مز 62: 1). "أدخلني إلى بيت الخمر وعَلَمُه فوقي محبة"
[ع4]. تقول العروس ضع حبه فوقي إني خاضعة لحبه فكلا الجملتين لهما نفس المعنى
[1].

القديس
غريغوريوس أسقف نيصص

إِنَّمَا
هُوَ صَخْرَتِي وَخَلاَصِي مَلْجَأي.

لاَ
أَتَزَعْزَعُ كَثِيرًا [2].

بقوله: "لا
اتزعزع كثيرًا"
يوضح المرتل أنه لا يوجد إنسان لا يتزعزع، لكن الله لا
يسمح له ان يتزعزع كثيرًا، أي فوق طاقته.

يقول الأب
أنثيموس الأورشليمي
إن كل إنسان يتزعزع قدر خطيته، فإن سقط في هفوات
قليلة – يهتز كالاشجار من هبوب نسيم، أما إذا كانت كثيرة، فيتزعزع.

v      
الابن الذي هو من الله (الآب) هو إلهنا. هو نفسه
أيضًا مخلص الجنس البشري، الذي يسند ضعفنا، ويُصلح الاضطراب النابع في قلوبنا من
التجارب[2].

القديس
باسيليوس الكبير

إِلَى مَتَى
تَهْجِمُونَ عَلَى الإِنْسَانِ؟

تَهْدِمُونَهُ
كُلُّكُمْ كَحَائِطٍ مُنْقَضٍّ كَجِدَارٍ وَاقِعٍ! [3]

يقول القديس
باسليوس الكبير
إن الطبيعة البشرية هي حائط وقد هزته صدمة الخطية فمال إلى
السقوط، ولا يمكن اعادة بنائه إلا بالهدم ونقض بنيانه، لذلك سمح الله أن يكون
الموت الحسي ناقضًا للحائط المزعزع ليعيد بناءه بالقيامة العامة اعادة وثيقة
ومؤيدة.

إِنَّمَا
يَتَآمَرُونَ لِيَدْفَعُوهُ عَنْ شَرَفِه.

يَرْضُونَ
بِالْكَذِب.

بِأَفْوَاهِهِمْ
يُبَارِكُونَ وَبِقُلُوبِهِمْ يَلْعَنُون.

سِلاَهْ
[4].

v      
كرامة الإنسان (أو شرفه) هي حسن عبادة الله وحفظ
شرائعه… كرامة الحليم هي الفضيلة وحُسن الديانة. يقول الرسول (بولس) إن المجد
والكرامة والسلامة لمن يفعل الصلاح.

إن القوات
الشريرة التي هي الشيطان وجنوده والتابعين له من الناس الخبثاء مع عجزهم أمام
الذين يقاومونهم بشجاعة، إلا أنهم بفكرون بحيلٍ متنوعة لكي بجودة كلام أفواههم
وتعليقاتهم يخدعون الإنسان ويسقطونه في وهدتهم يسعون بقوة واشتهاء كثير في اقصائه
وإزالة كرامته وجذبه إلى الكفر وإلى أعمال تخالف السنن المفروضة من الله، هذه التي
من يخالفها يفقد كرامته ويصير كالبهائم التي لا عقل لها… وكما يقول باسليوس
الكبير
إن كرامة المؤمن وثمنه الذي أشترى به هو دم المسيح. يجتهد اتباع
الشيطان أن يعطوا هذا الثمن ويفسدوا حريتنا ويرءونا إلى العبودية.

الأب
أنثيموس الأورشليمي

إِنَّمَا
لِلَّهِ انْتَظِرِي يَا نَفْسِي

لأَنَّ مِنْ
قِبَلِهِ رَجَائِي [5].

ِنَّمَا
هُوَ صَخْرَتِي وَخَلاَصِي.

مَلْجَإِي
فَلاَ أَتَزَعْزَعُ [6إ].

v      
القوة على احتمال الشدائد وعدم الانزعاج هي من
قبل الله، فإنه لا يهملنا حتى نتأذى فوق طاقتنا، لئلا ننقل من العبودية له إلى
العبودية لغيره.

الأب
أنثيموس الأورشليمي

عَلَى اللهِ
خَلاَصِي وَمَجْدِي.

صَخْرَةُ
قُوَّتِي مُحْتَمَايَ فِي اللهِ [7].

تَوَكَّلُوا
عَلَيْهِ فِي كُلِّ حِينٍ يَا قَوْمُ.

 اسْكُبُوا
قُدَّامَهُ قُلُوبَكُمْ.

اللهُ
مَلْجَأٌ لَنَا. سِلاَهْ [8].

v                
عوض ثيابنا، لنسكب قلوبنا قدامه[3].

الأب
ميثوديوس

v      
هذا القول بنوة عن دعوة الأمم كافة. بقوله: "اسكبوا
قلوبكم"
يعني اخرجوا من أنفسكم الأفكار الخبيثة والشر المؤذي، واعزلوها
ونظفوا قلوبكم وطهروها.

يقول باسليوس
الكبير
: لا يمكننا أن نتمتع بالروح الطاهر مادامت الأدناس في قلوبنا، وأيضًا
حبوا الله بدون غش من كل نفوسكم ومن كل قلوبكم ومن كل نياتكم، فلا يعتري إيمانكم
ريب أو شك في أن الله هو المعين. وأيضًا "اسكبوا قلوبكم" معناه
ابذلوا جهدكم وفرغوا غايتكم للتضرع والابتهال لله.

السكب معناه
الغزارة والوفرة، كقول الرسول إن محبة الله انسكبت في قلوبنا.

الأب
أنثيموس الأورشليمي

إِنَّمَا
بَاطِلٌ بَنُو آدَمَ.

كَذِبٌ
بَنُو الْبَشَرِ.

فِي
الْمَوَازِينِ هُمْ إِلَى فَوْقُ.

هُمْ مِنْ
بَاطِلٍ أَجْمَعُونَ [9].

v      
كل ما في البشر باطل، سواء كان أموالاً أو ذكاء
أو منازل أو مجدًا، لأنهم بالباطل بالباطل هم منهمكون كلهم، وموازين قلوبهم مائلة
وغير مستقيمة في اعتدال، ويميلون إلى الغدر بالناس… يقول أثناسيوس الجليل
إن رؤساء اليهود كانوا بالموازين والمقادير يتحيلون على المسيح خيانة، ويجتمعون
بمؤمرات على ابادته، لكن حيلهم ومؤمراتهم قد بطلت.

الأب
أنثيموس الأورشليمي

v  لأن
تقدمات الصوم التي نندفع فيها بلا تفكير تمزق أمعاءنا بعنف ونحن حاسبون أنها تُقدم
بطريقة سليمة للرب. لكن ذاك الذي "يحبُّ البرَّ والعدل (الإفراز)"
(مز5:33) يكره السلب في تقدمة المحرقة…
الذين يسلبون النصيب
الأكبر من تقدمتهم (إذ يصومون للكرامة البشرية)… تاركين النصيب الأصغر جدًا
للرب، هؤلاء تدينهم الكلمة الإلهية كفعلة خادعين قائلة لهم: "ملعون من يعمل
عمل الرب بغش (برخاوة).." (إر 10:48).

 إذن ليس
بغير سبب يوبخ الرب من يخدع نفسه باعتبارات غير صحيحة فيقول: "إنما باطل بنو
آدْم. كذب بنو البشر. في الموازين هم إلى فوق" (مز 9:62).
لهذا يوصينا
الرسول المبارك أن نقبض بزمام الإفراز ولا ننحرف إلى المغالاة في أي الطريقين (رو 3:12).
ويمنع واهب الشريعة نفس الأمر قائلاً: "لا ترتكبوا جورًا في القضاءِ لا في
القياس ولا في الوزن ولا في الكيل" (لا 35:19).
إذن يجدر بنا ألا تكون
في قلوبنا موازين ظالمة، ولا موازين مزدوجة في مخزن ضميرنا، بمعنى أنه يجب علينا
ألا نحطم من يلزمنا أن نكرز لهم بكلمة الرب، بشرائع حازمة مغالى فيها أثقل مما
نحتملها نحن، بينما نعطي لأنفسنا الحرية ونخفف منها… لأنه إن كنا نزن لاخوتنا
بطريقة ولأنفسنا بأخرى يلومنا الرب بأن موازيننا غير عادلة ومقاييسنا مزدوجة، وذلك
كقول سليمان بأن الوزن المزدوج هو مكرهة عند الرب والميزان الغاش غير صالح في عينيه
(راجع أم 10:20)[4].

الأب ثيوناس

لاَ
تَتَّكِلُوا عَلَى الظُّلْمِ

وَلاَ
تَصِيرُوا بَاطِلاً فِي الْخَطْفِ.

إِنْ زَادَ
الْغِنَى فَلاَ تَضَعُوا عَلَيْهِ قَلْبًا [10].

v      
ليس فقط احذروا من الظلم والخطف، بل وإن جرى
إليكم المال مثل سيل النهر فلا تشغلوا أفكاركم به. لأن المال هو شيء سائل لا يثبت.

الأب
أنثيموس الأورشليمي

v  إنني
أراكم قلقين فأحزن عليكم، وإذ يؤكد لنا الذي لا يخدع "إنما باطلاً
يضجون". فإنكم تدخرون كنوزكم مفترضين نجاح مشروعاتكم، ناسيين تمامًا الخسائر
والمخاطر العظيمة والميتات الناجمة عن المثابرة في الحصول على كل أنواع الربح
(إنني لا أتحدث عن ميتات الجسد بل الأفكار الشريرة، لأنه قد يأتي الذهب ولكنه
بالحق يذهب، فتكتسون من الخارج ولكن تكونوا عراة في الداخل). ولكن لكي ما تعبروا
هذه كلها وعلى أشياء أخرى كهذه في هدوء، لكي تعبروا على كل الأشياء التي هي ضدكم،
فكروا فقط في الظروف المناسبة (المفيدة). انظروا إنكم تدخرون كنوزًا، والأرباح
تتدفق عليكم من كل جهة وأموالكم تنساب كالينابيع. أينما ضايقكم الفقر فاض عليكم
الغنى، أم تسمعوا "إذا وفرت ثروتكم فلا تميلوا إليها قلوبكم" (مز 62:
10). ها أنتم تنالون أعمالاً مثمرة. ولكنكم تقلقون باطلاً، ستسألون كيف أقلق
باطلاً؟[5]

القديس
أغسطينوس

v  النفس
هي التي تحكم الجسد وتعطيه حياة الذي (بدونها) يكون بلا حياة ولا شعور. يوجد أيضًا
الإنسان الأكثر سمُوًّا، الذي قيل عنه: "وأما (الإنسان) الروحي فيَحكم في كل
شيء، وهو لا يُحكَم فيه من أحد" (1 كو 2: 15). مثل هذا يكون أكثر سموًا من
الآخرين، وعنه يقول داود أيضًا: "فمن هو الإنسان حتى تذكره أو ابن الإنسان
حتى تفتقده؟ يصير الإنسان كباطل" (مز 8: 5، 144: 3-4) الإنسان كصورة الله ليس
باطلاً، لكن الذي يفقدها ويسقط في الخطية ويتعثر في الماديات، مثل هذا يشبه الباطل[6].

القديس أمبروسيوس

مَرَّةً
وَاحِدَةً تَكَلَّمَ الرَّبُّ

وَهَاتَيْنِ
الاِثْنَتَيْنِ سَمِعْتُ أَنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ [11].

يرى الأب
أنثيموس الأورشليمي
أن القول الواحد هو أن ما يزرعه الإنسان إياه يحصد، وهو
يحتوي على أمرين، هما عذاب الأشرار ومكافأة الصديقين.

وَلَكَ يَا
رَبُّ الرَّحْمَةُ

لأَنَّكَ
أَنْتَ تُجَازِي الإِنْسَانَ كَعَمَلِهِ [12].

v  ذهب
أحد الأراخنة إلى الأب بالليديوس لزيارته، لأنه كان قد سمع عنه. وكان قد أخذ
معه كتابةً مختزَلة خاطب فيها نفسه قائلاً: ”إنني سأعرِّف نفسي للأب ولكِ، وستلاحظين
باهتمام ما سيقوله لي“. ولما دخل الأرخن قال للشيخ: "صلِّ لأجلي أيها الأب، لأنّ
عندي خطايا كثيرة." فقال الشيخ: "يسوع المسيح وحده هو الذي بلا خطية."
فقال الأرخن: ”هل مفروض علينا، أيها الأب، أن نُعاقَب على كل خطية؟" فأجاب الشيخ:
”مكتوبٌ: "أنت تجازي كل واحدٍ حسب أعماله" (مز62: 12)". فقال
الأرخن: "اِشرح لي هذا القول." فقال الشيخ: "إنه يشرح نفسه، ومع
ذلك فاسمع تفسيره بالتفصيل: هل ضايقتَ جارك؟ انتظر أن تتلقّى المثيل. هل سلبتَ
خيرات المتواضعين؟ هل ضربتَ مسكينًا؟ سيكون وجهك مغطّى بالخزي يوم الدينونة. هل
أهنتَ أو افتريتَ أو كذبت؟ هل عزمتَ على الزواج بامرأة شخص آخر؟ هل أقسمتَ بيمين
كاذبٍ؟ هل طرحتَ عنك منهج الآباء؟ هل أخذتَ ما يخص اليتامى؟ هل ظلمتَ الأرامل؟ هل
فضّلتَ المسرات الحاضرة على الخيرات الموعودة؟ فانتظر أن تتلقّى ما يقابل كل ذلك،
لأنّ الإنسان يحصد مثل البذار التي يزرعها. كما أنك بالتأكيد إذا فعلتَ خيرًا
فانتظر أن تتلقّى بالمقابل أكثر منه كثيرًا حسب القول نفسه: "أنت تجازي كل
واحدٍ حسب أعماله
«. فإذا ذكّرت نفسك بذلك كل أيام حياتك يمكنك أن تتحاشى ارتكاب معظم
الخطايا".

ثم سأله
الأرخن: "ما الذي ينبغي عمله أيها الأب؟" فقال الشيخ: "فكّر في
الأمور الأبدية والخالدة الباقية التي لا يوجد فيها ليل ولا نوم. ضع أمامك الموت
الذي لا يوجد بعده طعام ولا شراب الذي هو بسبب ضعفنا. ولن يكون هناك مرض ولا أوجاع
ولا طبّ ولا محاكم ولا تجارة ولا غِنَى ولا علّة الشرور ولا مبرر للحروب ولا جذر
الحقد. هذه ستكون أرض الأحياء لا للذين ماتوا في الخطية، بل للذين يعيشون حياة
أبدية في المسيح يسوع“. فتأوّه الأرخن وقال: "حقًا أيها الأب، إنّ الأمر هو
تمامًا كما قلت." وإذ اقتنع جدًا رجع إلى مسكنه شاكرًا الله.

فردوس
الآباء



[1] عظة 4 على نشيد الأناشيد ترجمة الدكتور جورج نوّار.

[2] Homilies on Psalm 61 (62): 2.

[3] Orations on Psalms 1.

[4] Cassian, Conferences 21:22.

[5] Sermon on NT Lessons, 10: 3.

[6] إسحق أو
النفس، 2: 4.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد جديد إنجيل متى 20

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي