اَلْمَزْمُورُ
الْمِئَةُ وَالسَّابِعُ

اِحْمَدُوا
الرَّبَّ لأَنَّهُ صَالِحٌ لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ [1].

لِيَقُلْ
مَفْدِيُّو الرَّبِّ الَّذِينَ فَدَاهُمْ مِنْ يَدِ الْعَدُوِّ [2].

وَمِنَ
الْبُلْدَانِ جَمَعَهُمْ مِنَ الْمَشْرِقِ وَمِنَ الْمَغْرِبِ مِنَ الشِّمَالِ
وَمِنَ الْبَحْرِ [3].

تَاهُوا فِي
الْبَرِّيَّةِ فِي قَفْرٍ بِلاَ طَرِيقٍ. لَمْ يَجِدُوا مَدِينَةَ سَكَنٍ [4].

v  خرج
من نظام الشركة نوع آخر من الساعين وراء الكمال، يُدعون بـ "المتوحدين"
أي المنعزلين. وإذ لم يكتفوا بنصرتهم، إذ داسوا حيل إبليس الخفية تحت أقدامهم
وهم يعيشون وسط الناس، اشتاقوا أن يدخلوا في حرب علانية ومعركة مكشوفة مع العدو.

هكذا لم
يخشوا التوغل في أعماق البرية، مقتفين آثار يوحنا المعمدان الذي قضى كل حياته في
الصحراء، كذلك إيليا واليشع، إذ يتحدث الرسول عنهم قائلاً: "طافوا في جلود
غنمٍ وجلود معزى معتازين مكروبين مُذَلّين، وهم لم يكن العالم مستحقًّا لهم،
تائهين في براريَّ وجبال ومغاير وشقوق الأرض" (عب
37:1138).

تكلم عنهم
الرب مع أيوب بصورة رمزية قائلاً: "من سرَّح الفراءَ حُرًّا ومن فكَّ رُبُط
حمار الوحش، الذي جعلتُ البرية بيتهُ والسباخ مسكنهُ. يضحك على جمهور القرية. لا
يسمع زجر السائق. دائرة الجبال مرعاهُ وعلى خضرةٍ يفتّش" (أي 5:39-8). أيضا
يقول سفر المزامير: "ليقل مفديو الرب الذين فداهم من يد العدوّ" ثم يكمل
قائلاً: "تاهوا في البرية في قفر بلا طريق. لم يجدوا مدينةَ سكنٍ. جِياع
عِطاش أيضًا أعيت أنفسهم فيهم. فصرخوا إلى الرب في ضيقهم فأنقذهم من شدائدهم"
(مز:107: 4-6). يصفهم إرميا أيضا قائلاً: "جيّد للرجل أن يحمل النير في
صباهُ. يجلس وحدهُ ويسكت لأنهُ قد وضعهُ عليهِ" (مرا 27:3، 28). وتخرج كلمات
المرتل من القلب: "صرت مثل بومة الخِرَب. سَهدتُ وصرتُ كعصفورٍ منفرد على
السطح

(مز 6:102-7)[1].

الأب بيامون

جِيَاعٌ
عِطَاشٌ أَيْضًا أَعْيَتْ أَنْفُسُهُمْ فِيهِمْ [5].

فَصَرَخُوا
إِلَى الرَّبِّ فِي ضِيقِهِمْ فَأَنْقَذَهُمْ مِنْ شَدَائِدِهِمْ [6].

وَهَدَاهُمْ
طَرِيقًا مُسْتَقِيمًا لِيَذْهَبُوا إِلَى مَدِينَةِ سَكَنٍ [7].

فَلْيَحْمَدُوا
الرَّبَّ عَلَى رَحْمَتِهِ وَعَجَائِبِهِ لِبَنِي آدَمَ [8].

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس شخصيات ف 2

لأَنَّهُ
أَشْبَعَ نَفْسًا مُشْتَهِيَةً

وَمَلأَ
نَفْسًا جَائِعَةً خُبْزًا [9].

الْجُلُوسَ
فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ مُوثَقِينَ بِالذُّلِّ وَالْحَدِيدِ [10].

لأَنَّهُمْ
عَصُوا كَلاَمَ اللهِ وَأَهَانُوا مَشُورَةَ الْعَلِيِّ فَأَذَلَّ قُلُوبَهُمْ
بِتَعَبٍ.

عَثَرُوا
وَلاَ مَعِينَ [11].

ثُمَّ
صَرَخُوا إِلَى الرَّبِّ فِي ضِيقِهِمْ

فَخَلَّصَهُمْ
مِنْ شَدَائِدِهِمْ [13].

أَخْرَجَهُمْ
مِنَ الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ

وَقَطَّعَ
قُيُودَهُمْ [14].

فَلْيَحْمَدُوا
الرَّبَّ عَلَى رَحْمَتِهِ وَعَجَائِبِهِ لِبَنِي آدَمَ [15].

لأَنَّهُ
كَسَّرَ مَصَارِيعَ نُحَاسٍ وَقَطَّعَ عَوَارِضَ حَدِيدٍ [16].

وَالْجُهَّالُ
مِنْ طَرِيقِ مَعْصِيَتِهِمْ

وَمِنْ
آثَامِهِمْ يُذَلُّونَ [17].

كَرِهَتْ
أَنْفُسُهُمْ كُلَّ طَعَامٍ

وَاقْتَرَبُوا
إِلَى أَبْوَابِ الْمَوْتِ [18].

فَصَرَخُوا
إِلَى الرَّبِّ فِي ضِيقِهِمْ

فَخَلَّصَهُمْ
مِنْ شَدَائِدِهِمْ [19].

أَرْسَلَ
كَلِمَتَهُ فَشَفَاهُمْ

وَنَجَّاهُمْ
مِنْ تَهْلُكَاتِهِمْ [20].

فَلْيَحْمَدُوا
الرَّبَّ عَلَى رَحْمَتِهِ وَعَجَائِبِهِ لِبَنِي آدَمَ [21].

وَلْيَذْبَحُوا
لَهُ ذَبَائِحَ الْحَمْدِ

وَلْيَعُدُّوا
أَعْمَالَهُ بِتَرَنُّمٍ [22].

اَلنَّازِلُونَ
إِلَى الْبَحْرِ فِي السُّفُنِ

الْعَامِلُونَ
عَمَلاً فِي الْمِيَاهِ الْكَثِيرَة [23].

v      
لماذا تستفسر هكذا بفضولٍ عن بعض الذين سقطوا من
مستوى هذه الأفكار؟ ولماذا يأسوا؟ أنظر إلى من نجح، واجتاز رحلته بجرأة وثقة
وتوفيق، وأبحر أنت في نسيم الروح القدس، ودع المسيح يقودك بمجدٍ إلى النصيب
الصالح، لأن أولئك الذين "ينزلون إلى البحر في السفن، العاملون عملاً في
المياه الكثيرة"
، لا يدعون دوار البحر الذي يصيب أحرين أن يمنعهم من أن
يكونوا في النصيب الصالح، بل بالحري يحصنون قلوبهم إلى النجاح في عملهم الباهر. إن
أسخف أمور الحياة أن تعاود أنت ذاتك نفس الفشل الذي أحرزه الآخر لحياده عن منهاج
يحتاج إلى إتقان
[2].

القديس
غريغوريوس النيسي

هُمْ رَأُوا
أَعْمَالَ الرَّبِّ وَعَجَائِبَهُ فِي الْعُمْقِ [24].

أَمَرَ
فَأَهَاجَ رِيحًا عَاصِفَةً

فَرَفَعَتْ
أَمْوَاجَهُ [25].

يَصْعَدُونَ
إِلَى السَّمَاوَاتِ

يَهْبِطُونَ
إِلَى الأَعْمَاقِ.

ذَابَتْ
أَنْفُسُهُمْ بِالشَّقَاءِ [26].

v  بدون
المسيح القائد السماوي لا يستطيع أحد أن يعبر البحر الشرير، بحر قوات الظلمة،
وأمواج التجارب المرة، كما هو مكتوب: "يصعدون إلى السماوات ويهبطون إلى
الأعماق" (مز 107: 26). ولكن المسيح له معرفة كاملة كقائدٍ، سواء من جهة
الحروب أو التجارب، وهو يعبر بالنفس فوق الأمواج الشريرة، كما هو مكتوب:
"لأنه فيما هو قد تألم مجرَّبًا يقدر أن يعين المُجرَّبين". (عب 2: 18)[3].

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس أ إنليل ل

القدِّيس
مقاريوس الكبير

يَتَمَايَلُونَ
وَيَتَرَنَّحُونَ مِثْلَ السَّكْرَانِ

وَكُلُّ
حِكْمَتِهِمِ ابْتُلِعَتْ [27].

فَيَصْرُخُونَ
إِلَى الرَّبِّ فِي ضِيقِهِمْ

وَمِنْ شَدَائِدِهِمْ
يُخَلِّصُهُمْ [28].

يُهَدِّئُ
الْعَاصِفَةَ فَتَسْكُنُ وَتَسْكُتُ أَمْوَاجُهَا [29].

فَيَفْرَحُونَ
لأَنَّهُمْ هَدَأُوا فَيَهْدِيهِمْ إِلَى الْمَرْفَإِ الَّذِي يُرِيدُونَهُ [30].

فَلْيَحْمَدُوا
الرَّبَّ عَلَى رَحْمَتِهِ وَعَجَائِبِهِ لِبَنِي آدَمَ [31].

وَلْيَرْفَعُوهُ
فِي مَجْمَعِ الشَّعْبِ

وَلْيُسَبِّحُوهُ
فِي مَجْلِسِ الْمَشَايِخِ [32].

يَجْعَلُ
الأَنْهَارَ قِفَارًا وَمَجَارِيَ الْمِيَاهِ مَعْطَشَةً [33].

وَالأَرْضَ
الْمُثْمِرَةَ سَبِخَةً مِنْ شَرِّ السَّاكِنِينَ فِيهَا [34].

يَجْعَلُ
الْقَفْرَ غَدِيرَ مِيَاهٍ وَأَرْضًا يَبَسًا يَنَابِيعَ مِيَاهٍ [35].

وَيُسْكِنُ
هُنَاكَ الْجِيَاعَ فَيُهَيِّئُونَ مَدِينَةَ سَكَنٍ [36].

وَيَزْرَعُونَ
حُقُولاً وَيَغْرِسُونَ كُرُومًا فَتَصْنَعُ ثَمَرَ غَلَّةٍ [37].

وَيُبَارِكُهُمْ
فَيَكْثُرُونَ جِدًّا وَلاَ يُقَلِّلُ بَهَائِمَهُمْ [38].

ثُمَّ
يَقِلُّونَ وَيَنْحَنُونَ مِنْ ضَغْطِ الشَّرِّ وَالْحُزْنِ [39].

يَسْكُبُ
هَوَانًا عَلَى رُؤَسَاءَ،

وَيُضِلُّهُمْ
فِي تِيهٍ بِلاَ طَرِيق [40].

يبذل عدو
الخير كل الجهد ليضلل الرؤساء والقادة، فهو يعلم "اضرب الراعي، فتتبدد الرعية".
يقول المرتل: "يسكب هوانًا على رؤساء، ويضلهم في تيهٍ بلا طريق" (مز
107: 40).

v 
ألاَّ يرى
الإنسان في مثل هذه الأيَّام أن كل شخص يندفع إلى هنا وهناك مرتبكًا، عندئذ يقتنع
بضرورة الطير من هذا الشغب (المعركة)، ويهرب في مأوى معتزلاً بعيدًا عن عواصف
الأشرار وظلمتهم.

عندما يحارب
الأعضاء بعضهم بعضًا حتى لا تبقى المحبَّة إلاَّ بين أقليَّة…
فإن كلمة "كاهن" تصير اسمًا أجوف، كما قيل: "يسكب هوانًا على رؤساء…" (مز ١٠٧: ٤٠).

وليتها تقف
عند حد كونها اسم
ًا أجوف!… فإن مهابتهم تُطرد من النفوس ويحل
محلها العار.

لقد فتحنا
للكل لا أبواب البرّ بل أبواب التعيير وتكوين أحزاب متكبِّرة،
فلم نعطِ
المكان الأول عندنا لمن يخاف الرب ويمتنع عن النطق بكلمة بطالة، بل أعطيناه لمن
يستطيع مقاومة أخيه بطلاقة لسانه علنًا أو خفية، خافيًا وراء لسانه ضررًا وظلمًا،
أو نقول بأكثر دقة، إنه يخفي سم الأفاعي.

هل تبحث عن  شبهات الكتاب المقدس عهد جديد إنجيل مرقس هل شهدوا زور أم شهدوا بما قاله المسيح ح

القدِّيس
غريغوريوس النزينزي

وَيُعَلِّي
الْمِسْكِينَ مِنَ الذُّلِّ،

وَيَجْعَلُ
الْقَبَائِلَ مِثْلَ قُطْعَانِ الْغَنَمِ [41].

يَرَى
ذَلِكَ الْمُسْتَقِيمُونَ فَيَفْرَحُونَ،

وَكُلُّ
إِثْمٍ يَسُدُّ فَاهُ [42].

v  يثنى
عليها العريس ويقول "عيناك حمامتان" (نش 15:1)  "من ينظر إلى
امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه".
 من ينظر إلى امرأة وليس له عينا
الحمام فهو زان. الإنسان الذي يفتقر للعين البسيطة يدخل بائسا إلى بيت أخيه كاسرا
بذلك الوصية المكتوبة في الأمثال "لا تدخل بيت أخيك في يوم بليتك" (أم
2:27). أما من له عين الحمام فيرى الحق ويستحق الرحمة "يرى ذلك المستقيمون
فيفرحون"
(مز 42:107). – ومن هو الإنسان الذي يرى الحق ألا صاحب النظرة
العفيفة النقية!. لا ينطبق هذا المعنى على العين الجسدية- بل تعمق في داخل قلبك
وأبحث بروحك عن الأعين الأخرى التي تستمد نورها من وصايا الله "لأن وصية
الرب مضيئة تنير العين"
(مر 9:18) ثم قاوم وجاهد لتقتنى ما قيل لك. ومن
له العين البسيطة يستطيع أدراك الروح النازل من السماء في شكل حمامة… أن فهمت
الناموس روحيا فعيناك حمامتان، كذلك أن فهمت الإنجيل حسب روح الإنجيل وبشرت به-
تأمل في الإنجيل تجد يسوع شافيا كل ضعف وكل سقم (مت 23:4) لا في أيام تجسده فقط بل
الآن أيضا- ثم أبصره وقد أتى إلى الناس لا في ذلك الوقت بل واليوم أيضا- وهو حاضر
بيننا لأني "هأنذا معكم كل الأيام وحتى انقضاء الدهر" (مت 2:28).

العلامة أوريجينوس

مَنْ كَانَ
حَكِيمًا يَحْفَظُ هَذَا

وَيَتَعَقَّلُ
مَرَاحِمَ الرَّبِّ [43].



[1] Cassian, Conferences 18:6.

[2] دير السريان: البتولية، 1966،  ص 150-151.

[3]عظة 44:7.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي