اَلْمَزْمُورُ
الْمِئَةُ وَالْحَادِي عَشَرَ

هَلِّلُويَا.

أَحْمَدُ
الرَّبَّ بِكُلِّ قَلْبِي

فِي
مَجْلِسِ الْمُسْتَقِيمِينَ وَجَمَاعَتِهِمْ [1].

v      
مفجِعٌ ومميتٌ سمّ العدو هذا، فبه أعمى كثيرين
وطرحهم على حين غِرّةٍ، لأنه يوحي للنفس بفكرٍ زائفٍ ومُهلِكٍ حتى تتصوّر أنها
أدركت أمورًا غير مدرَكة عند معظم الناس، وأنها متفوِّقة في الصوم. كما أنه يوحي
للنفس بأعمالٍ بطوليةٍ عديدةٍ، ويُضلّها بجعلها تنسى كل خطاياها لكي تشعر
بتفوُّقها على مَنْ هم حولها. إنه يسرق من قلبها ذكر أخطائها، وهو لا يفعل ذلك
لمنفعة النفس بل حتى لا يمكنها أن تنطق بهذا القول الشافي: "إليك وحدك
أخطأتُ، ارحمني" (مز51: 4 و1)، ولا يسمح لها أن تقول: "أحمد الرب بكل
قلبي" (مز 111: 1). بل كما قال الشيطان نفسه في قلبه: "أرفع كرسيي فوق
كواكب

الله
"
(إش14: 13)، وهكذا يخدع الإنسان بالاتجاه إلى السيطرة والمناصب العالية، وأيضًا
بمناصب التعليم والتباهي بالشفاء. وهكذا تهلك النفس بالخداع إذ تُصاب بجرحٍ يصعب
شفاؤه.

القديسة الأم
سنكليتيكي

عَظِيمَةٌ
هِيَ أَعْمَالُ الرَّبِّ.

مَطْلُوبَةٌ
لِكُلِّ الْمَسْرُورِينَ بِهَا [2].

جَلاَلٌ
وَبَهَاءٌ عَمَلُهُ وَعَدْلُهُ قَائِمٌ إِلَى الأَبَدِ [3].

صَنَعَ
ذِكْرًا لِعَجَائِبِهِ.

حَنَّانٌ
وَرَحِيمٌ هُوَ الرَّبُّ [4].

أَعْطَى
خَائِفِيهِ طَعَامًا.

يَذْكُرُ
إِلَى الأَبَدِ عَهْدَهُ [5].

v   
إنها لأمور صالحة بالحق، هذه التي تدوم ولا يمكن
أن تبدد بأي تغيير في زمان أو عمر[1].

القديس
أمبروسيوس

به
تقتات نفوسنا وتنتعش

قال
مخلصنا "أما هو خبز الحياة. آباؤكم أكلوا المن في البرية وماتوا. هذا هو
الخبز الحيّ الذي نزل من السماء. إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد. والخبز
الذي أنا سأعطيه هو جسدي الذي سأبذله عن حياة العالم… الحق الحق أقول لكم :إن لم
تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فلا حياة لكم في أنفسكم… من يأكل هذا الخبز
فإنه يحيا إلى الأبد" (يو 6: 48-59).

غذاء
عجيب معجزي، يقول عنه النبي: "جعل لمعجزاته ذكرًا. الرب حنان ورحيم. أعطي
الذين يتقونه غذاء، ذكر ميثاقه إلي الأبد" (مز 110: 5). إنها معجزة المعجزات،
يحول الخبز والخمر إلي جسده ودمه الكريمان… وهو غذاء يهبه لمن يتقونه، غذاء
سماوي، وفي نفس الوقت نجده ذكرى ميثاق وعهد أبدي… تعهد فيه الرب أن يحبنا ويُنْمين
وينعش نفوسنا.

غذاء
الروح، يمنح الحياة لمن يتناول منه، خبز سماوي، غير مائت، شجرة الحياة التي يقتطف
منها المؤمن ثمرة محيية، والمن العقلي الحقيقي المخفي، دواء الحياة الذي يقاوم
الضعف والمرض ويقوينا في الحرب ضد الشيطان والخطية…

v    
إننا نتغذى بجسد المسيح ودمه.

العلامة
ترتلبان

v    
في الكنيسة شجرة الحياة الحقيقية، أي جسد المسيح
ودمه اللذان قال المسيح عنهما أن من يأكل جسدي ويشرب دمي يعيش إلي الأبد.

أنبا
ساويرس

(أسقف
الأشمونيين)

َخْبَرَ
شَعْبَهُ بِقُوَّةِ أَعْمَالِهِ

لِيُعْطِيَهُمْ
مِيرَاثَ الأُمَمِ [6].

أَعْمَالُ
يَدَيْهِ أَمَانَةٌ وَحَقٌّ.

كُلُّ
وَصَايَاهُ أَمِينَةٌ [7].

v  كيف نتعامل مع هذا الموضوع؟ هل لا نشجب سليمان؟ هل لا نلغي
كلماته السابقة بسبب سقطته اللاحقة؟ (1 مل 11: 1-13). ألا يجب

أن نأخذ هذه العبارة على أنها عن الحكمة نفسها بالمعنى الشعري، المبدأ النظامي
الذي يقوم عليه الكون (كو 1: 17)؟ إن الكتاب المقدس يستخدم التشخيص في استعارات
لكثير من الأشياء غير الحية، على سبيل المثال "البحر يقول ليست هي عندي"
(أي 28: 14) "والغمر يقول ليست هي في
َّ
و"السموات تحدث بمجد الله" (مز 19: 1)، وهناك سيف يتلقى
أمرًا (زك 13: 7)، وت
ُسأل الجبال والتلال لماذا
قفزت (مز 114: 6)، ونحن لا نسير على أي من هذين المدخلين (على أن هذه الآية هي عن
يسوع المسيح أو عن الحكمة، رغم أن من سبقونا كانوا يؤمنون بهما. سندع العبارة
تنطبق على المخلص نفسه
الذي هو
الحكمة الحقيقية. دعنا نتأمل معًا في الموضوع للحظة. ما هي الحقيقة التي ليس لها
سبب (منشأ)؟ هي الألوهية
، فلا يمكن
لأحد أن يتحدث عن "سبب (منشأ) الله"، وإلا اعتبر هذا سابقًا لله. ولكن
ما هو سبب البشرية التي خضع الله لناموسها من أجلنا؟
إنه
بالطبع خلاصنا- ماذا يمكن أن يكون غير ذلك؟ إذا أدركنا هذا فإن الآيات بما فيها من
تعبيرات "قناني"
و"أبدئت"
(أم 8: 22، 25) تصبح خالية من التعقيد، ونجد فيها كلا
ً
من معنى "الخلق" و"الولادة"- "قناني" للخلق
و"أبدئت" للولادة. إن ما يقابلنا من تعبيرات تتضمن سببًا أو علة سنعزوه
إلى البشرية، وما هو مطلق وليس له مسبب أو منشأ فننسبه إلى الألوهية. إن
"الخلق" يتضمن سببًا، ولذلك فإن الآية
(أم
8: 22) تعني "الرب خلقني في أول طريقه من أجل أعماله"، و"أعمال
يديه أمانة وحق" (مز 111: 7) ولأجل هذه الأعمال مسح الابن بالألوهية،
فالألوهية مسح أو تكريس للبشرية. ولكن التعبير "ولدني" لا يتضمن إيحاء
سببيًا
[2].

القديس
غريغوريوس النزينزي

ثَابِتَةٌ
مَدَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ

مَصْنُوعَةٌ
بِالْحَقِّ وَالاِسْتِقَامَةِ [8].

أَرْسَلَ
فِدَاءً لِشَعْبِهِ.

أَقَامَ
إِلَى الأَبَدِ عَهْدَهُ.

قُدُّوسٌ
وَمَهُوبٌ اسْمُهُ [9].

رَأْسُ
الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ.

فِطْنَةٌ
جَيِّدَةٌ لِكُلِّ عَامِلِيهَا.

تَسْبِيحُهُ
قَائِمٌ إِلَى الأَبَدِ [10].

v  نقرأ
في الكتاب المقدس عن التعب من أجل الأمور الزمنية "الجميع باطل وكآبة
الروح"[3]،
أما كلمة كآبة الروح
Presumption of spirit، فتعني الوقاحة والكبرياء والغطرسة، ومن المعتاد أيضًا أن يقال عن
المتكبر أن به أرواحًا متعالية، وهذا صحيح، لأن الريح تدعى روحًا. وبهذا كتب
"النار والبرَد والثلج والضباب الريح العاصفة
Spirit
of tempest
(مز 8:148) حقًا
إن المتكبر يدعى منتفخًا كما لو كان متعاليًا مع الريح. وهنا يقول الرسول:
"العلم ينفخ ولكن المحبَّة تبني" (1 كو 1:8)…

لنفهم
بالحقيقة أن المساكين بالروح هم المتواضعون وخائفو الله أي الذين ليس لديهم الروح
التي تنتفخ.

بالحق ليس
للتطويبات أن تبدأ بغير هذه البداية، ما دامت موضوعة لأجل بلوغ الحكمة العالية
"رأس الحكمة مخافة الرب" (مز 10:111)، ومن الناحية الأخرى
"الكبرياء أول الخطايا" (حكمة يشوع 15:10).

إذن فليبحث
المتكبر عن الممالك الأرضية ويحبها، ولكن "طوبى للمساكين بالروح لأن لهم
ملكوت السم
اوات"[4].

القديس
أغسطينوس

v  من
يثبت في هذا الحب الكامل، بالتأكيد يتدرج إلى درجة أعلى وهي الخوف النابع من الحب،
الذي هو ليس الخوف من العقوبة أو فقدان المجازاة، إنما الخوف من الحب العظيم. فأي
ابن في محبته للأب اللطيف لا يهابه، أو الأخ لا يخاف أخاه، أو الصديق صديقه أو
الزوجة زوجها، ولكن ليس خوفًا من الضرب، بل حرصًا على مشاعر الحب لكي لا تجرح.
فيحرص في كل كلمة وكل تصرف لئلا تفتر محبته تجاهه.

يصف أحد
الأنبياء عظمة هذا الخوف بدقة قائلاً: "حكمة ومعرفة هما عن الخلاص، مخافة
الرب هي كنزه"[5]،
فلم يستطع أن يصف قيمة الخوف بوضوح أكثر من أن يقول إنه غنى خلاصنا الذي يتكون
من حكمة الله ومعرفته الحقيقية
اللتين لا يمكن حفظهما إلا بواسطة مخافة الرب.

تدعو الكلمة
الإلهية على لسان النبي في المزامير، ليس فقط الخطاة، بل والقديسين أيضًا قائلة
لهم: "اتَّقوا (خافوا) الربّ يا قديسيهِ لأنهُ ليس عوز لمتَّقيهِ
(خائفيهِ)" (مز 9:34). فمن يخاف الله بهذا الخوف بالتأكيد لا يعتاز شيئًا
قط من الكمال.

 واضح أن ما
تحدث عنه الرسول يوحنا هو الخوف من العقوبة إذ قال: "الذي يخاف لم
يكمل بعد في المحبة"، لأن الخوف له عذاب"[6].

يوجد فرق
بين الخوف الذي لا ينقصه شيء، والذي هو كنز الحكمة والمعرفة (إش 6:33) والذي هو
رأس الحكمة (مز 10:111)، وبين الخوف من العقوبة، هذا الذي يُستبعد عن قلوب
الكاملين بملء المحبة. لأنه "لا خوف في المحبَّة، بل المحبَّة الكاملة تطرح
الخوف إلى خارج" (1 يو 18:4)[7].

الأب شيريمون

v    
كان أنبا بيمين يقول: "مخافة
الله تعلِّم الإنسان كل الفضائل الروحانية".

وقال أيضًا: "مخافة
الله هي البداية والنهاية في نفس الوقت. إنه في الحقيقة مكتوبٌ: "رأس الحكمة
مخافة الرب" (مز 111: 10)، كما أن الله قال لإبراهيم عندما أعدَّ ابنه للذبح:
"الآن علمتُ أنك خائف الله" (تك22: 12)".

وكان يقول
أيضًا:

"يستحيل على مَنْ يؤمن بحق ويجاهد بمخافة الله أن يسقط في نجاسة الأوجاع وفي
الأخطاء التي من الشياطين".

فردوس
الآباء

v  بالحق
ليس للتطويبات أن تبدأ بغير هذه البداية، مادامت موضوعة لأجل بلوغ الحكمة العالية "رأس
الحكمة مخافة الرب" (مز 111: 10)، ومن الناحية الأخرى "الكبرياء أول
الخطايا" (حكمة يشوع 10: 15). إذن ليبحث المتكبّر عن الممالك الأرضيّة
ويحبّها، ولكن "طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السماوات".

القدّيس
أغسطينوس

v  انظروا
كيف نزل المعلم من الحكمة متجهًا نحو المخافة (إش 11: 2-3)، وأما أنتم الذين
تتعلمون فإن
أردتم التقدم يلزمكم الصعود من المخافة إلى الحكمة،
إذ مكتوب "رأس الحكمة مخافة الرب" (مز 111: 10)[8].

القديس
أغسطينوس

v  "طوبى
للمساكين بالروح. لأن لهم ملكوت السماوات". نقرأ في الكتاب المقدس عن التعب
من أجل الأمور الزمنية "الجميع باطل وكآبة الروح"[9]
أما كلمة كآبة الروح
Presumption of spirit، فتعني الوقاحة والكبرياء والغطرسة ومن المعتاد أيضًا أن يقال عن
المتكبر أن به أرواحًا متعالية وهذا صحيح لأن الريح تدعى روحًا. وبهذا كتب
"النار والبرَد والثلج والضباب الريح العاصفة
Spirit
of tempest
 (مز 8:148)
حقًا إن المتكبر يدعى منتفخًا كما لو كان متعاليًا مع الريح. وهنا يقول الرسول
"العلم ينفخ ولكن المحبَّة تبني" (
1 كو 1:8)…

لنفهم
بالحقيقة أن المساكين بالروح هم المتواضعون وخائفو اللَّه أي الذين ليس لديهم
الروح التي تنتفخ.

بالحق ليس
للتطويبات أن تبدأ بغير هذه البداية، مادامت موضوعة لأجل بلوغ الحكمة العالية
"رأس الحكمة مخافة الرب" (مز 10:111) ومن الناحية الأخرى "الكبرياء
أول الخطايا" (حكمة يشوع 15:10).

إذن فليبحث
المتكبر عن الممالك الأرضية ويحبها، ولكن "طوبى للمساكين بالروح لأن لهم
ملكوت السماوات"[10].

القديس أغسطينوس

v  بالنسبة
للملحد اسم "الجاهل" يُطبق بكل دقة على الحق والطبيعة. إن كانت مخافة
الرب هي بدء الحكمة (مز 111: 10)، فإن نقص الحكمة وإنكار (الله) هما ضد الحكمة[11].

ثيؤدورت
أسقف قورش



[1]  Flight
from the World, 6:35.

[2] العظة
اللاهوتية الرابعة رقم 30 عن الابن، 2.

[3] حسب طبعة
رومية، أما طبعة بيروت "الكل باطل وقبض الريح".

[4] Sermon on Mount, 1:1:3.

[5] الترجمة
الحرفية لما ورد في النص (إش6:23).

[6] الترجمة
الحرفية لما ورد في النص (1يو18:4).

[7] Cassian, Conferences 11:13.

[8] On Ps. 119: 2.

[9] حسب طبعة
رومية، أما طبعة بيروت "الكل باطل وقبض الريح".

[10] Sermon on the Mount, 1:3.

[11] Commentary on Ps. 14: 3.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس تشكيل فاندايك وسميث عهد قديم سفر التثنية 15

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي