تَفْسِير
سِفْرُ رُؤْيَا يُوحَنَّا اللاَّهُوتِيِّ

الأنبا
موسى أسقف الشباب

مقدمة:

 سفر
الرؤيا يحمل طابعاً خاصاً، فقد كتبه معلمنا يوحنا اللاهوتى إلى المؤمنين المضطهدين
فى آسيا الصغرى، بينما كان هو فى المنفى فى جزيرة بطمس. لذلك فقد كتبه بأسلوب رمزى
يحتاج إلى دراسة خاصة. وقد اجتهد الآباء منذ القديم فى تفسير هذا السفر النفيس،
الذى يعبر عن نصرة الرب النهائية على كل قوى الشر.

 كما
حاول المفسرون المحدثون تفسيره بأساليب مختلفة، عرضنا لبعضها باختصار فى البداية
ثم نقدناها، واخترنا أوسع الأساليب وأبسطها. وقد ابتعدنا عن التعقيدات المختلفة فى
التفسير، ليكون الكتاب مناسباً للشباب والقارئ العادى.

 إن
كنيستنا تحب سفر الرؤيا، وقد أفردت له ليلة سهر خاصة بجوار قبر المخلص ليلة سبت
النور (أبو كالبسيس = الرؤيا)

نرجو
أن يساعد هذا الكتاب القارئ الحبيب ليشبع من هذا السفر المبارك، بصلوات

قداسة
البابا شنودة الثالث، بطريركنا المحبوب.

الأنبا
موسى

الأسقف
العام

 

1-
تقديم:

 مع
أن الغالبية من المؤمنين لا تدرس سفر الرؤيا بحجة انه سفر غامض، ورغم البركة
المدونة فيه "طوبى للذى يقرأ وللذين يسمعون أقوال النبوة، ويحفظون ما هو
مكتوب فيها لأن الوقت قريب" (رؤ2: 1).. مع هذا كله يبقى سفر الرؤيا سفراً
أساسياً فى إيماننا، وفى تعزية نفوسنا أثناء رحلتنا من الأرض إلى السماء.

إن
هذا السفر النبوى، يشرح لنا بطريقة شفرية معالم طريق الكنيسة وبالتالى طريق المؤمن،
وهو يوضح ان فى مسيرته المباركة من الأرض إلى السماء هناك مصادمات كثيرة،
واضطهادات وقوى مختلفة، ستحاول النيل من كنيسة المسيح، لكن هيهات، لأن وعده أثبت
من الجبل: "إن ابواب الجحيم لن تقوى عليها". وما هذا السفر الخالد إلا
شرح لهذه الآية وتأكيد لهذا الوعد.

 لكن..لماذا
قصد الوحى الإلهى ان يكون سفر الرؤيا بهذا الأسلوب الشفرى الغامض، وما المعنى
الكامن وراء هذه الصور المختلفة التى يقدمها؟ هذا موضوع دراستنا بمشيئة الله.

 

2-
كاتب السفر:

 كتب
القديس يوحنا بن زبدى هذا السفر النفيس، بناء على إعلان إلهى أتاه فى جزيرة بطمس،
حيث كان منفياً بأمر الإمبراطور دومتيان، الذى لما رأى أن الزيت المغلى لا يؤثر
فيه آثر أن ينفيه لعله بذلك يخمد الصوت الباقى من تلاميذ المسيح ومن قضية المسيحية
العملاقة.

 والقديس
يوحنا هو ذلك القلب الوديع المملوء محبة. أحد الأثنى عشر، الذى كان لا يكف عن
الاتكاء على صدر المخلص، فسمع نبضات قلبه الذى يخفق بحب العالم كله، وهكذا صار
يوحنا رسولاً للمحبة وداعياً لها طوال حياته.

 لقد
نشأ فى عائلة غنية فى الجليل، إذ ولد فى بيت صيدا (لو 5: 1) وتتلمذ للمعمدان أعظم
مواليد النساء وتركه تابعاً يسوع الحبيب.

 ولأن
الرب كان يعرف الدور الخطير الذى سيقوم به يوحنا، سمح له بأن يشهد مع بطرس ويعقوب
أحداثاً خاصة مثل إقامة ابنه يايرس (مر1: 17)، وصراع جثسيمانى (مت37: 26)، لقد كان
على يوحنا ان يشهد بألوهية السيد بعد أن يستشهد التلاميذ كلهم، وبعد أن تظهر
هرطقات خطيرة تحاول أن تنال من ألوهية الرب، أما بطرس فسيكون المتقدم فى البشارة
أمام مجامع اليهود المتعصبة، وأما يعقوب فلأنه سيستشهد مبكراً سنة 44م.

 ولقد
عهد الرب بأمه البتول إلى يوحنا الحبيب (يو26: 19،27)، وتم القول: "إن البتول
سلم البتول إلى البتول، فاستراح المثيل إلى مثيله"، وهكذا استمر يوحنا فى
أورشليم يرعى والدة الإله حتى تنيحت بسلام، ثم انطلق للتبشير فى آسيا مؤسساً
كنائسها الكثيرة، وامضى سنوات كثيرة فى أفسس يمارس دوره كبطريرك مسكونى.

وكان
القديس يوحنا بسيطاً فى تصرفاته، وهذا يتضح من قصتين:

1-
انه خرج من حمام عام بعد أن دخله مباشرة لأنه وجد فيه كيرنتوس الهرطوقى وقال
لتلاميذه انه خشى انهيار المبنى بسبب هذا الرجل، وطبعاً هذه طريقة بسيطة يشرح بها
لأبناءه خطورة الهرطقة.

2-
وذكر عنه التاريخ انه كان يقضى بعض وقت فى تسلية هادئة كالعمل فى حديقة وخلافه،
فسأله شاب راجع من سيده كيف يجد تلميذ المسيح والكارز العملاق وقتاً لهذه الأمور،.فقال
له الرسول ان نفس الإنسان فى حاجة إلى فترات من الراحة، كالقوس الذى بيدك لا يجوز
ان تتركه مشدوداً بإستمرار، وإلا ارتخى تماماً وفسد.

 

كما
كان يوحنا رمزاً للمحبة:

1-
كتاباته: تفيض بالحب، سواء إنجيله أو رسائله أو رؤياه.

2-
عظاته: تفيض بالحب، فقد كانوا يحملونه فى أواخر أيامه كهلاً عجوزاً، ولما يصلوا به
إلى الكنيسة يقول لسامعيه: "يا أولادى أحبوا بعضكم بعضاً" مؤكداً أن
المحبة هى أم الفضائل وتكميل الناموس.

3-
كما أن خدمته كانت تفيض بالحب، كقصة الشاب التائب الذى سلمه إلى الأسقف ولما عاد
يسأله عنه وعلم بانحرافه وتحوله إلى زعيم عصابة لصوص أسرع يبحث عنه ويعدو وراءه
حتى أعاده إلى حضن السيد.

3-
أدلة انه كاتب السفر:

 يحاول
البعض أن يعترض على اعتبار القديس يوحنا بن زبدى كاتباً لسفر الرؤيا.. ويتصورون أن
هناك اختلافاً فى أسلوب الرؤيا عن أسلوب الإنجيل، كما أن كاتب الرؤيا سجل اسمه خمس
مرات (1: 1/ 4: 1/ 9: 1/ 2: 21/ 8: 22) بينما لم يسجل يوحنا اسمه فى الإنجيل ولا
الرسائل، لكن هناك أدلة تقطع بأن الكاتب هو ابن زبدى.

(أ)
الأدلة الداخلية:

1-
لقد سجل الرسول اسمه هنا 5 مرات بطريقة تؤكد انه معروف لدى من أرسل السفر إليهم.

2-
كان لابد من تسجيل الاسم حيث أن السفر غير الأناجيل والرسائل، فهو سفر لا يسجل
تاريخاً، ولا يرد على تساؤلات، بل ينبئ بأحداث مستقبلية يجب أن يعرف القارئ كاتبها
حتى يعطيها أهميتها اللائقة.

3-
استخدم كاتب الرؤيا تعبير "الكلمة" "اللوغوس" الذى استخدمه
إنجيل يوحنا، وهو تعبير انفرد به القديس يوحنا بالذات (رؤ13: 19).

4-
تحدث فى رؤياه عن الطعنة (رؤ7: 1) وهو البشير الوحيد الذى أورد قصة طعنة الحربة فى
بشارته (يو34: 19).

5-
لا شك أن أسلوب الرؤيا يختلف عن أسلوب الإنجيل لسبب بسيط أن الظروف مختلفة،
والدوافع مختلفة، وموضوع الحديث مختلف. هناك فرق بين أن يسجل الرسول سيرة الرب،
وبين أن يعزى المضطهدين من منفاه ويعرفهم أن دولة الرومان ستزول وأن المسيحية
ستنتصر حتماً هذا موضوع مختلف، وظروف تحتاج إلى أسلوب شفرى يفهمه مستقبلو الرؤيا
وحدهم، دون أن يدخلهم فى مشاكل مع مضطهديهم هم من الوثنيين.

 

(ب)
الأدلة الخارجية:

1-
ذكر يوستينوس الشهيد (166) فى محاورة مع تريفوا اليهودى ان كاتب الرؤيا هو يوحنا
بن زبدى.

2-
يشهد أيريناؤس تلميذ بوليكاربوس أسقف أزمير والتلميذ المباشر لمعلمنا يوحنا بن
زبدى أن الأخير هو كاتب السفر.

3-
يشهد كافة آباء القرون الأولى بهذه الحقيقة فى كتاباتهم واقتباساتهم مثل: يوسابيوس،
ايرونيموس، اكليمنضس، أوريجانوس، هيبولتس.

 هكذا
يبدوا واضحاً أن معلمنا يوحنا بن زبدى هو كاتب هذا السفر النفيس فى أواخر القرون
الأول قرب ختامه، ومن جزيرة بطمس منفاه، إذ انه فى يوم الرب يوم الأحد اشتاق إلى
لقيا أولاده فى البيعة، فأخذه الرب فى هذه السياحة السماوية ليقدم لأولاده على مدى
الأجيال كلمة الحياة النبوية، ووعود التعزية المشجعة.

 

4-
لماذا اضطهد الوثنيون المسيحيين؟

 كانت
هناك أسباب كثيرة غير معقولة لدى الوثنيين ليضطهدوا المسيحية الزاحفة فى قوة كاسحة:

1-
اعتبروها ديانة غير مشروعة.

2-
ورأوا فيها صوفية تتجه نحو الملكوت السماوى، بينما تتجه الرومانية نحو الدولة
الأرضية.

3-
وكان المسيحيون يعزلون أنفسهم عن الوثنيين.

4-
فاتهموهم بإرتكاب الشرور بسبب لقائاتهم السرية المنعزلة.

5-
كما أن المسيحيين كانوا يرفضون الحرب والولاء للأوثان.

6-
وكانوا فقراء غالباً ومن طبقة ينبذها المترفون.

7-
كما رأوا فيهم تطرفاً بسبب حماسهم الفذ.

8-
ولا شك أن المسيحية اثرت فى صناعة الأصنام المربحة.

9-
كما أن المسيحى كان يهتف "كيريوس اخرستوس" وليس "كيريوس
سيزاروس" متعبداً لقيصر.

 

5-
أساليب تفسير الرؤيا:

 لا
يوجد فى الكتاب المقدس سفراً اجتهد فيه الشراح قدر سفر الرؤيا. وفى اجتهاداتهم هذه
كان لكل منهم منهجاً خاصاً بنى تفسيره على أساسه. والسبب فى ذلك يرجع إلى غموض
السفر لأنه:

(أ)
نبوى (ب) شفرى

 

(أ)
نبوى: يتحدث عن أمور مستقبلية، لهذا يكتنفها الغموض كأى نبوات لا يفهمها العارفون
بها إلا كظلال تنتظر لحظة إشراق الشمس التى تتحقق فيها النبوة.

(ب)
شفرى: فقد أرسل السفر من مضطهدين إلى مضطهدين، من يوحنا المنفى فى جزيرة بطمس إلى
كنائس آسيا الصغرى الرازحة تحت نير اضطهاد دوميتان القاسى. لهذا كان من الحكمة ان
يكتبه يوحنا بأسلوب شفرى، يفهمه من أرسل السفر إليهم، بحكم معرفتهم بمعنى هذه
الرموز، لأنه لو كتب بطريقة واضحة لضاعف من نير الاضطهاد على أناس سامهم
الإمبراطور العذاب ألواناً.

 من
هنا نبعت الاجتهادات فى التفسير، ولا شك ان حسم الموقف برأى واحد مستحيل، لسبب
بسيط أن وضوح النبوة يفقدها جلالها وسيرتها. لابد من اختلاف التكهنات، وفى النهاية
سنعرف كل شئ معرفة أكيدة.

 وفى
دراستنا المبسطة لهذا السفر سوف نعرض – فى هذه المقدمة – للأساليب المختلفة فى
تفسير السفر، ثم نستحسن أحدها ونتبعه فى الدراسة، وسوف يلاحظ القارئ أن نظرتنا
للسفر تستوعب كافة الاتجاهات لأنها ستكون بمشيئة الله النظرة الكنسية للموضوع.

 هناك
أربعة أساليب لتفسير الرؤيا نلخصها فيما يلى:

 

أولا:
المستقبلى:

 ويميل
الأخوة اتباع بليموث إلى هذا الاتجاه، فيرون أن السفر فى غالبيته، يتحدث عن الضيقة
العظيمة التى ستحدث خلال سنوات قليلة قبل الدينونة وقسم هذا الاتجاه السفر إلى
الأقسام التالية:

1-
ما رأيته: رؤيا مجد المسيح (ص1)

2-
ما هو كائن: رؤيا الكنائس السبعة وأحوالها (ص2،3)

3-
ما هو عتيد أن يكون: ويشمل:

أ‌.
عصر الضيقة العظيمة: 7 سنوات فيما بين الاختطاف (المجيء الثانى الخفى لاختطاف
الكنيسة) والكشف (المجيء الثانى الظاهر).. وهذا ما ورد فى غالبية السفر (من ص18: 4).

ب‌.
الملك الألفى والمجد الأبدى (ص19 إلى 22).

ويمكن
توجيه نقط النقد التالية لهذا الاتجاه:

1-
يخلق من السفر مشكلة حسابية معقدة تحتاج إلى رسوم وخرائط.

2-
يجعل غالبية السفر (ص-18) تخص أحداث 7 سنوات لا غير هى الضيقة العظيمة، الأسبوع
الأخير من أسابيع دانيال (انظر دا 24: 9-27).

3-
يميل هذا الاتجاه إلى التفسير الحرفى، مع أن ابسط دراسة للسفر توضح أنه شفرى ويكفى
كمثال لذلك العبارة "تدعى روحياً سدوم ومصر حيث صلب ربنا" لا شك أن هذه
عبارة شفرية، حيث يربط الرسول بين اضطهاد المسيحيين من قبل الوثنيين وغيرهم، وبين
اضطهاد المصريين لليهود فى مصر، ذلك الاضطهاد الذى جعل الرب يئن معهم وينزل
لينقذهم بيد موسى.

4-
يتصور أصحاب هذا الاتجاه ان الملك الألفى سيأتى آخر الأيام لبعض المؤمنين عما
عانوه وسوف يعطى الرب لكل منهم عدداً من المدن ليحكمها بقدر الوزنات التى تاجر
فيها وربح وهذه نظرة أرضية تتعارض مع جوهر عطايا العهد الجديد الروحية السماوية
ومع قول الرب "مملكتى ليست من هذا العالم".

5-
يقع أصحاب هذا التفسير فى مشكلات مثل:

أ-
يؤمنون بمجيء ثان خفى يختطف فيه الرب الكنيسة ومجيء ثان ظاهر يبدأ بعده الملك
الألفى.

ب-
وبين هذين المجيئين 7 سنوات الضيقة العظيمة، وبالطبع فيها من سيؤمن ويموت..هناك
أذن:

1-
قيامة الكنيسة (بالاختطاف).

2-
قيامة البعض الذى سيؤمن خلال سنوات الضيقة.

3-
قيامة من سيموتون خلال الملك الألفى.

4-
القيامة الأخيرة التى سيقوم فيها الأشرار. لدينا 2 مجيء ثان 1،4 قيامات.

5-
إنه أسلوب معقد يفسر الواضح بالغامض وليس العكس، فالمفروض أن غوامض الرؤيا توضحها
الأمور الواضحة فى بقية الأسفار وليس العكس.

6-
واضح ان حوالى 19 قرناً من الزمان مضت منذ كتابة هذا السفر المقدس، ولم تأت الضيقة
العظيمة التى يتحدث عنها. بينما الرب يقول فى مطلع السفر "طوبى للذى يقرأ
وللذين يسمعون أقوال النبوة ويحفظون ما هو مكتوب فيها لأن الوقت قريب" (رؤ3: 1)
إذن، لابد وأن يكون للسفر شأن مع من أرسل إليهم، إما أن يتحدث السفر عن أمور لن
تحدث قبل 19 قرناً من الزمان فهذا أمر مستبعد.

 

 لهذا
لا نستريح لأسلوب التفسير المستقبلى الذى يحمل السفر كله إلى الأيام الأخيرة ولا
يجعله ذا بال بالنسبة لمن أرسل إليهم.

 

 ثانياً:
الأسلوب التاريخى

 يتجه
هذا الأسلوب إلى دراسة تاريخ المسيحية منذ نشأتها حتى آخر الأيام، ويفسر أحداث
السفر على أنها تشير إلى أحداث تاريخية محددة مثل:

(1)
الأختام السبعة: تشير إلى 7 حقب فى حكم الإمبراطورية الرومانية.

(2)
الأبواق السبعة: تشير إلى غزوات متتالية: القوط ثم جنسرك ثم اتيلا ثم قهر
الإمبراطورية الرومانية ثم المسلمين ثم الأتراك وحتى الغلبة النهائية للمؤمنين.
وبعدها (من الإصحاح 11) لا يستمر فى السرد التاريخى بل يدخل إلى الحياة الداخلية
فى الكنيسة ليتحدث عن المرأة (التى هى الكنيسة الحقيقية) وكيف أن الوحش الأول هو
"البابا الكاثوليكى" والوحش الثانى هو "السلطة البابوية"
الجامات هى ضربات تحل على البابوية والزانية العظيمة هى "الكرسى
البابوى" (المنحرف عن الله فى نظر هذا الاتحاد)، وسقوط بابل هو "سقوط
البابوية".

 

نقد
هذا التفسير:

1-
هذا الاتجاه يفقد السفر ارتباطه بمن أرسل إليهم، فهو يتحدث عن أمور بعيدة جداً
عنهم كالبابوية.

2-
وهو يعطى أهمية زائدة للبابوية وكأنها الخطر الأوحد الذى يحدق بالكنيسة.

3-
وبالطبع يحصر هذا الأسلوب نفسه فى البلاد التى تعتنق الكثلكة، ولا يخص بقية شعوب
الأرض تقريباً.

4-
وهو تفسير ملئ بالتفصيلات الغير معقولة، وقد وضع مواعيد زمنية كذبتها الأيام.

5-
وهذا الاتجاه هو السبب فى نشأة الأدفنتست أى المؤمنين بأن الرب قد جاء سراً سنة
1843م، ومع هرطقات أخرى خطيرة، والسبب حسابات هذا التفسير التى افترضت ضرورة مجيء
الرب فى هذه السنة، ولكنه لم يأت فاعتبروا انه قد جاء سراً. لهذا كله نرفض هذا
الأسلوب فى تفسير الرؤيا.

 

ثالثاً
التفسير على أساس

 سقوط
الإمبراطورية الوثنية:

يتصور
أصحاب هذا الاتجاه أن السفر لابد وانه يخاطب مؤمنى عصره حسب ظروفهم، وحيث انهم
كانوا تحت الاضطهاد الوثنى، إذن فهذا السفر كله يتحدث عن نصرة الكنيسة على الوثنية
وعن سقوط الإمبراطورية الرومانية الوثنية.

ولكن
هذا الاتجاه يقابله نقد هام هو: ما فائدة السفر بعد سقوط الإمبراطورية الوثنية؟
سيبقى كمجرد تاريخ للذكرى وهل هذا كل ما عناه الرب فى رؤياه ليوحنا؟ أم أن هذا
الكلام يمكن أن ينطبق على قوى أخرى شريرة تحارب الكنيسة؟

 لهذا
لا نكتفى بهذه الرؤية الضيقة للسفر.

 

(4)
الأسلوب الشامل الروحى:

 وهو
الأسلوب الذى نفضله، فهو يرى فى هذا السفر رسالة تعزية شفوية تتنبأ عن مستقبل أيام
الكنيسة، وما ستقابله من صراعات واضطهادات وحروب، فى صور شتى وعصور متتالية. لكن
الكنيسة ستنتصر حتماً.

 وهذا
الأسلوب سيتحدث عن الأيام الأخيرة فى مواضعها من السفر دون مبالغة كما انه سيتابع
عصور التاريخ المختلفة، وموقف الكنيسة فيها.. ولكن لا يكتفى بصورة سقوط
الإمبراطورية الوثنية بل سيجعلها مجرد صورة من صور مختلفة للصراعات بين الكنيسة
والشر.

 

6-
أقسام السفر:

 ينقسم
سفر الرؤيا إذن إلى سبعة أقسام، كل قسم منه عبارة عن رؤيا كاملة، وكما ذكرنا
فالرؤيا الأولى هى "الكنيسة على الأرض" والأخيرة هى "الكنيسة فى
السماء" وما بينها رؤى تشرح رحلة الكنيسة من الأرض إلى السماء خلال صراعات
متعاقبة مع قوى الشر، والكنيسة تنتصر دائماً بقوة فاديها.

 

الرؤى
السبع:

الأولى:
الكنيسة على الأرض: (ص 1-3).

الثانية:
الأختام السبعة: (ص 4-7).

الثالثة:
الأبواق السبعة: (ص 8-11).

الرابعة:
المرأة والتنين والوحشان: (ص 12-14).

الخامسة:
الجامات السبعة: (ص 15-16).

السادسة:
سقوط بابل والملك الألفى: (ص 17-20).

السابعة:
الكنيسة فى السماء: (ص 21-22).

 

هى
إذن رحلة الكنيسة من الأرض (الرؤيا الأولى) إلى السماء (الرؤيا السابعة) وخلال
رحلتها ستقابل الكنيسة صوراً متعاقبة من الصراع ومع قوى الشر (الرؤى من 2-6).
ولكنها فى كل صراع ستنتصر بنعمة المسيح، حتى يأتى نصرها النهائى فى الرؤيا السابعة
(الكنيسة فى السماء).

 وهذا
الأسلوب يقودنا إلى الملخص التالى للسفر لتتضح لنا صورته "كرحلة من الأرض إلى
السماء" خلال "صور صراع متعاقبة"

 

 وهذا
رسم توضيحى يلخص أحداث السفر ويسهل الرجوع إلى فقرة الإصحاحات وتفاصيل الرؤى السبع.

 

الرؤيا
الأولى: (الكنيسة على الأرض)

الإصحاح الأول

الإصحاح الثانى

الإصحاح الثالث

·                
كاتب السفر

·                
المرسل إليهم

·                
المسيح المجيد

 بين
المناير السبعة

·                
الرسائل إلى: أفسس

·                
سميرنا

·                
برغامس

·                
ثياترا

·                
الرسائل إلى:

·                
ساردس

·                
فيلادلفيا

·                
لاودكية

 

الرؤيا
الثانية (الأختام السبعة)

الرابع

الخامس

السادس

السابع

·                
الباب المفتوح

·                
العرش الإلهى

·                
24 قسيساً

·                
4 كائنات

·                
تسبيح سماوى

·                
السفر المختوم

·                
الخروف يفك

ختومه فليتهلل
سكان

السماء

·                
الأختام

1- فرس أبيض

2- فرس أحمر.

3- فرس أسود

4- فرس أخضر

5- صراخ أنفس الشهداء.

·                
144 ألفاً.

·                
جمع كثير.

·                
نصرة المفديين السمائية.

 

الرؤيا
الثالثة: (الأبواب السبعة)

الثامن

التاسع

العاشر

الحادى عشر

·                
الختم الأول

·                
سكوت فى السماء

·                
ثم الأبواق

من البوق الأول إلى الرابع

·                
البوق الخامس

·                
البوق السادس

·                
الملاك القوى

·                
الرعود السبعة

·                
السفر الصغير

·                
قياس الهيكل

·                
الوحش

·                
الشاهدان

·                
البوق السابع

 

الرؤيا
الرابعة: (المرأة والتنين والوحشان)

الثانى
عشر

الثالث
عشر

الرابع
عشر

·                
المرأة

·                
سقوط التنين

·                
اضطهاد للمرأة

·                
الوحش الأول من البحر

·                
الوحش الثانى من الأرض.

·                
المفديون مع الحمل على جبل

 صهيون
يسبحون فى نصرة.

 

الرؤيا
الخامسة: (الجامات السبعة)

الخامس
عشر

السادس
عشر

·                
الملائكة يتهيأون لصب الجامات

·                
الجامات نفسها من 1- 7

 

الرؤيا
السادسة: (سقوط بابل والملك الألفى)

السابع
عشر

الثامن
عشر

التاسع
عشر

العشرون

·                
دينونة الزانية

·                
سقوط بابل

·                
عشاء عرس الخروف

·القبض على التنين

·                
الملك الألفى

·                
الأيام الأخيرة

 

الرؤيا
السابعة: (الكنيسة فى السماء)

الحادى
والعشرون

الثانى
والعشرون

·                
السماء الجديدة والأرض الجديدة

·                
أورشليم المقدسة أبوابها وأسوارها وأساساتها.

·                
نهر الحياة، وشجرة الحياة، وشمس البر، والنصيب
الأبدى.

 

الرؤيا
الأولى

الكنيسة
على الأرض

الأصحاحات
1 – 3

1- المسيح
المجيد

2- رسائل
لأربعة كنائس.

3- رسائل
لثلاثة كنائس.

 فكرة
عامة:

هذه
الرؤيا تخص الثلاثة إصحاحات الأولى، وفيها يرى الرسول يوحنا وهو يوجه من السماء
رسائل إلى " الكنيسة على الأرض "،

ومع
أن الرسول قد حدد أسماء الكنائس وأماكنها إلا أن الشراح رأوا فيها ثلاثة اتجهات
للتفسير:

(1)
التفسير المحلى: أى أن الرسول كتب إلى هذه الكنائس بذاتها فى عصرها فى أماكنها.

(2)
التفسير العام: يرى أن رقم " 7 " هو عدد الكمال، والمقصود بالكنائس
السبعة إذن الكنيسة فى كل العصور وفى كل الأماكن.

(3)
التفسير المرحلى: يرى أن هذه الكنائس السبع تمثل سبعة مراحل أو عصور فى تاريخ
الكنيسة المسيحية، ويجرى هذا التصور على النحو التالى:

1-
كنيسة أفسس: تمثل عصر الرسل.

2-
كنيسة سميرنا: تمثل عصر الشهداء.

3-
كنيسة برغامس: تمثل عصر المجامع.

4-
كنيسة ثياترا: تمثل عصر المظهرية فى العصور الوسطى.

5-
كنيسة ساردس: تمثل عصر الأصلاح فى أوربا.

6-
كنيسة فيلادلفيا: تمثل عصر التقارب المسكونى الحالى.

7-
كنيسة لاودكيا: تمثل عصر الأرتداد آخر الأيام.

لا
شك أن الثلاثة اتجاهات فى التفسير يمكن الأخذ بهم، ولا شك أننا نستطيع أن نأخذ
منها دروسا للكنيسة العامة.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي