الإصحَاحُ
الْخَامِسُ

الخروف
والسفر المختوم

 هنا
يتحدث الرائى عن " السفر المختوم " الذى رآه على يمين الجالس على العرش
وكان السفر مكتوبا " من داخل ومن وراء " أى مليئا بالأسرار والأعلانات،
والأختام التى بها السفر كانت " سبعة " ورقم 7 هو رقم الكمال فهى إما تعنى
كمال الغموض عنا، أو كمال تاريخ الكنيسة وعصورها، أو كمال مقاصد الله التى يعلنها
لنا فيه.

ثم
رأى " ملاكا قويا ينادى بصوت عظيم " علامة أن الخطب جلل " من هو
مستحق أن يفتح السفر ويفك ختومه؟ وسؤال فيه تحدى! فلم يستطع أحد فى السماء
(الملائكة) ولا على الأرض (البشر) ولا تحت الأرض (الشياطين) (خرو 20: 1 – 4، 14: 15)
أن يفتح السفر ولا حتى أن ينظر إليه.

وبدأ
يوحنا يبكى من أجل هذا الموقف العصيب! إلا أن واحدا من القسوس طمأنه قائلا: "
لا تبك هوذا قد غلب الأسد الذى من سبط يهوذا أصل داود ليفتح السفر ويفك ختومه
السبعة ".

الأسد
لأنه الملك ابن الملك، وحسب النبوات التى أشارت إليه بقولها: " يهوذا جرو أسد
" (تك 49: 9).. وهو من سبط يهوذا حسب الجسد وتحقيقا للنبوات، ولكنه "
أصل داود " أى خالقه وموجده وإن كان ابنه بالجسد لكنه إلهه باللاهوت.

 وانتظر
يوحنا الأسد فإذ به يرى حملا وديعا " قائما كأنه مذبوح " هو حمل لأنه
الطهر كله، والوداعة كلها والذبيح الأعظم.. وهو القائم لأنه منتصر على الموت وهو
" كأنه مذبوح " أى أنه يحمل سمات جراح الصليب وإن كان قد انتصر عليها
بحياته، " وله سبعة قرون " – رمز القوة الكاملة – " وسبع أعين
" رمز الأبصار الكامل كإله يفحص القلوب والكلى بروحه العامل فى البشر.

أتى
الحمل وأخذ السفر من الجالس على العرش، وحينئذ خرت الأربعة حيوانات والأربعة
والعشرون قسيسا أمامه، وبدأوا جميعا يمسكون قيثاراتهم السمائية ويترنمون بترنيمة
جديدة للحمل فيها يشكرونه من أجل عمله المجيد، بينما تتصاعد رائحة البخور الزكية
من جامات القسوس تحمل صلوات القديسين، فالبخور دائما هو رمز الصلاة من أجل تصاعده
إلى أعلى، ومن أجل رائحته الزكية، والمجامر رمز سر التجسد إذ فى بطنها (بطن
العذراء) يتحد الجمر بالنار (اتحاد اللاهوت بالناسوت) ولا ننسى دليل الشفاعة هنا،
فهذى صلوات القديسين يرفعها كهنة السماء عن الخليقة كلها.

ماذا
قالوا؟ " مستحق أنت أن تأخذ السفر وتفتح ختومه "، وكيف استحق هذا هل
بقوة السيف؟ لا، بل بوداعة البذل: " ذبحت واشتريتنا لله بدمك "..
فالفداء هو سر الرفعة، والبذل هو سر المجد.. أن جعل نفسه ذبيحة إثم يرى نسلا تطول
أيامه (أشعياء 53).

وهنا
نلمح اتساع المسيحية لتشمل " كل قبيلة ولسان وشعب وأمة " بل ارتفاع
المسيحية إذ تجعلنا كهنة نقدم ذبائح الحمد على هيكل حياتنا، وهكذا سنملك على الأرض
أى سنحس بعربون الملكوت الأبدى فى داخلنا، كما نختبر بقوة عمل النعمة التى تجعلنا
نسيطر على انفسنا وعلى الشيطان والعالم.

 ومرة
ثانية يسمع يوحنا ترنيم السمائيين: الملائكة والأربعة حيوانات والأربعة وعشرون
قسيسا، وهم يقولون: " مستحق هو الخروف المذبوح " مع أن الرب قد قام إلا
أنه يمارس عمل الفداء عنا، ويحمل سمات الصليب إلى الأبد " أن يأخذ القدرة
والغنى والحكمة ".

 وعندما
صاحت جوقة السمائيين هكذا، ترددت فى جنبات الأرض صيحة مشابهة " للجالس على
العرش وللخروف البركة والكرامة والمجد " إنها تسبحة البسخة التى نرددها بلا
كلل طوال أسبوع الآلام تمجيدا للمصلوب.

ولا
يكتفى سكان السماء بالترنيم، لكنهم يقرنونه بسجدات متواترة صارت سمة لكنيستنا التى
لا تكف عن السجود فى صلواتها العامة، أو فى الصلوات الفردية المقرونة بالميطانيات.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي