الإصحَاحُ
السَّادِسُ

أولا: الفرس الأبيض: " فنظرت وإذا فرس أبيض، والجالس عليه معه
قوس، وقد أعطى إكليلا، وخرج غالبا ولكى يغلب " رؤيا 6: 1، 2

يرمز
إلى العصر الرسولى، الذى خرج فيه الرب غالبا، ولكى يغلب فلقد قهر الموت، وفتح
الفردوس ودخل القلوب، وغزا الأمبراطورية الوثنية بنور الحب الإلهى فانهارت ساجدة
عند قدميه.. لهذا فالفرس أبيض، رمز السلام والنقاوة فالمسيحية لم تستخدم القوة
الجسدية فى تبشيرها أما القوس فهو رمز الجهاد بالكلمة وتوجيهها هنا وهناك لتسبى
النفوس، ونجاح المسيحية فى الأنتشار، أما الغلبة المستمرة فهى تأكيد من الرب، أن
النور سوف ينتصر دائما على فلول الظلمة.

الفرس
الأحمر: (رؤيا 6: 3، 4)

"..
فخرج فرس آخر أحمر، والجالس عليه أعطى أن ينزع السلام من الأرض، وأن يقتل بعضهم
بعضا، وأعطى سيفا عظيما ".

إن
انتشار المسيحية وانتصارها لم يكن بلا ثمن لأن عصر الشهداء قد حمل إلى المجد ألوفا
وربوات، لهذا فالفرس هنا أحمر رمز الدماء القانية التى سالت فى كل البقاع شهادة حب
للمسيح، أما الجالس على الفرس هذه المرة فهو عدو الخير الذى أراد أن يفنى المسيحية
فأفنته.. والذى تصور أن سيفه العظيم سيخيف المؤمنين ولكنهم ما خافوه حتى الأطفال
منهم.

الفرس
الأسود: (رؤيا 6: 5، 6)

"..
فنظرت وإذا فرس أسود، والجالس عليه معه ميزان فى يده، وسمعت صوتا فى وسط الأربعة
الحيوانات قائلا: " ثمنية قمح بدينار، وثلاث ثمانى شعير بدينار، وأما الزيت
والخمر فلا تضرهما ".

انتهى
الأضطهاد الخارجى وجاء الأضطهاد الداخلى جاء عصر البدع والهرطقات عصر الظلمة
(الفرس الأسود) والغريب أن الجالس عليه معه ميزان فى يده (أى أنه يدعى العدل والحق
وهما منه براء) إنه المبتدع آريوس أو نسطور أو مقدونيوس أو أوطاخى وكلهم كانوا من
علماء الدين، لكن مع كبرياء مرة أهلكتهم جميعا.

وهكذا
صارت " ثمنية القمح بدينار " أى قدح القمح صار غاليا، وثلث ثمانى الشعير
بدينار، أى كل ما للأكل أضحى عزيزا غاليا.. كانت كلمة الله عزيزة، وكاد الضلال أن
يشيع فى وسط الكنيسة.. لكن شكرا لله: " أما الزيت والخمر فلا تضرهما "
الزيت رمز النعمة والخمر رمز الروح القدس أى أن التعليم الإلهى السليم، تعليم نعمة
المسيح وعمل الروح القدس لن يصاب بأذى " فالله ساهر فى كلمته وهو يجريها
".

الفرس
الأخضر: (رؤيا 6: 7، 8)

"
ولما فتح الختم الرابع، سمعت صوت الحيوان الرابع قائلا: " هلم وانظر "!
فنظرت وإذا فرس أخضر، والجالس عليه أسمه الموت، والهاوية تتبعه، وأعطيا سلطانا على
ربع الأرض أن يقتلا بالسيف والجوع والموت وبوحوش الأرض ".

هذا
الفرس يرمز إلى بدعة خطيرة تخمل اللون الأخضر، والعلم الأخضر، علامة الحياة بينما
هى فى الواقع تحمل الموت لكل تابعيها، أتباع هذه البدعة يتظاهرون بالتدين بينما هم
ينكرون قوة الأيمان، لذلك فالجالس عليه أسمه الموت والهاوية تتبعه لتبتلع كل
أتباعه ومع أن هذه البدعة ستنتشر فى مساحة واسعة (ربع الأرض)

 ومع
أنها ستستخدم السيف (الحرب والجوع) أى الظلمة الروحية (والموت أو الأضطهاد) ووحوش
الأرض أى (الأسلوب الوحشى القاسى)، بل أن الوحوش فى تعاملها مع بعضها تكون أكثر
رأفة من قساوة هؤلاء، إلا أن هذا لن يلغى نصرة الحق الإلهى.

 الختم
الخامس: نفوس الشهداء تحت المذبح (رؤيا 6: 9 – 11).

 "
ولما فتح الختم الخامس، رأيت تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من أجل كلمة الله، ومن
أجل الشهادة التى كانت عندهم، وصرخوا بصوت عظيم قائلين " حتى متى أيها السيد
القدوس والحق، لا تقضى وتنتقم لدمائنا من الساكنين على الأرض؟ " فأعطوا كل
واحد ثيابا بيضاء، وقيل لهم أن يستريحوا زمانا يسيرا أيضا حتى يكمل العبيد رفقاؤهم،
وإخوتهم أيضا، العتيدون أن يقتلوا مثلهم ".

هنا
عصر أنين السماء من أجل حالة الأرض، الشهداء يئنون من أجل الأضطهاد القائم فى
الأرض ويطلبون سرعة إدانة الظالمين القساة، لكن الرب يأمر بإعطائهم ثيابا بيضاء
رمز الراحة والنقاوة، ويقول لهم أن يستريحوا زمانا يسيرا أيضا حتى يكمل العبيد
رفقاؤهم فى الشهادة، وهنا نلاحظ:

1- أن
الأرواح البارة فى الفردوس يمكن أن تقلق وتحتاج إلى راحة وتعزية، لهذا نصلى نحن من
أجل المنتقلين لأن مستوى راحتهم يتغير فى الفردوس.

2-
ألم يكونوا فى ثياب بيضاء.. فما هذه؟ إنها تأكيد لحاجتهم إلى مساندة سكان السماء
فى توسلاتهم وتعزياتهم.. إنها الشركة!!

3-
هناك استشهاد وشهداء زمانا يسيرا بسبب استحسان الله حتى يكمل عدد صاحبى هذه
الأكاليل المباركة.

 الختم
السادس: الزلزلة العظيمة (رؤيا 6: 12 – 17).

 "
ونظرت لما فتح الختم السادس، وإذا زلزلة عظيمة حدثت، والشمس صارت سوداء كمسح من
شعر، والقمر صار كالدم، ونجوم السماء سقطت إلى الأرض كما تطرح شجرة التين سقاطها
إذا هزتها ريح عظيمة،.. ".

وفيه
نرى زلزلة عظيمة أى أن كل معطيات العالم قد اهتزت حتى النخاع والشمس صارت "
سوداء كمسح " أى لا نور ولا تعليم حسن، والقمر صار كالدم أى أن هناك اختناق
روحى عام، والنجوم تساقطت أى القادة سقطوا، والسماء انفلقت أى انفصلت عنا، والجبال
والجزر تزحزحت، أى أن عظماء الأرض تهالكوا والكل يطلب من الصخور أن تسقط عليه ومن
الجبال أن تغطيه من وجه الجالس على العرش، هذه أحداث الأيام الأخيرة: ارتداد روحى
وانحلال للخليقة المنظورة، وصراخ غير المستعدين لمجىء الرب.. لقد جاء يوم غضب
الخروف ومن يستطيع الوقوف؟ إن زمان الرحمة قد انتهى، وبدأ زمان العدل أو بالأحرى
أن فرصة قبول التوبة قد انتهت، لأن العدل كان يأخذ حقه من دم المسيح المسفوك، أما
الآن فقد انتهى زمان التوبة وعلى كل نفس أن تواجه مصيرها المحتوم.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي