الإصحَاحُ
الثَّامِنُ

رؤيا
الأبواق السبعة: فكرة عامة

 وهى
تعبر عن صورة أخرى من صور الصراع بين الكنيسة وقوى الشر فى العالم أثناء رحلتها من
الأرض إلى السماء. وفى الواقع نجد أن هناك أكثر من قوة صارعت ضد المسيحية منذ
نشأتها: اليهودية ثم الوثنية ثم الهرطقات ثم اتحاد الدين والسياسة ثم البذخ المادى
ثم ديانات فلسفات ضد المسيحية كالشيوعية والوجودية والعبث.

هذه
كلها صراعات مستمرة، كانت تخرج المسيحية منتصرة بقوة المسيح.

وهنا
فى رؤيا الأبواق نجد أن الختم السابع قادنا إلى سكوت فى السماء، ثم ملاك يبخر، ثم
أبواق سبعة مما يؤكد أن هذه الرؤى تتوالى وتتوازى معا فهى تصف رحلة الكنيسة من
الأرض إلى السماء، لهذا تتداخل (الختم السابع يقود إلى الأبواق السبعة)، وتتوالى
متتابعة لتعبر عن أدوار الصراع المختلفة.

أما
الأبواق فتحمل إلينا رسالة " الأنذارات " التى يقدمها الله للبشر لكى
يتوبوا عن شرورهم، فالبوق الأول: برد ونار، والثانى: جبل يسقط فى البحر فيحيله دما،
والثالث: كوكب يسقط على الأنهار فتصير مرة، والرابع: يضرب الشمس والقمر والنجوم
حتى الثلث. والخامس: كوكب يسقط من السماء ويفتح بئر الهاوية فيخرج منها جراد غريب
يؤذى الناس، والسادس: حرب ضروس يهلك فيها كثيرون.

وفى
الأصحاح العاشر نرى ملاكا فى يده سفر صغير، ثم رعودا تتكلم، ولكن الرسول لا يسجل
حديثها، وأخيرا يأكل الرسول السفر فيجده حلوا فى فمه ومرا فى جوفه.

وفى
الأصحاح الحادى عشر يتم قياس هيكل الله ويتنبأ الشاهدان الأمينان، ولكن الوحش يقتلهما،
ثم يقيمهما الله من جديد، وتحدث زلزلة مرعبة ومهلكة.

وأخيرا
يبوق الملاك السابع: قد صارت ممالك العالم لربنا ومسيحه وتنتصر المسيحية بقوة
المسيح له المجد.

 

الأبواق
الأربعة الأولى

البوق
الأول:
برد
ونار ودم (8: 6، 7)

"
البرد والنار " إعلانان للغضب الإلهى كما حدث مع المصريين قبل خروج بنى
إسرائيل (خروج 9: 24).

 "
والدم " رمز النقمة من الأشرار.

وفى
يوئيل (2: 20) نجد العناصر الثلاثة معا فى اليوم الأخير، إعلانا عن غضب السماء: "
الدم والنار وأعمدة الدخان ".

ونلاحظ
أن الأشجار لم يحش سوى ثلثها، علامة أن يد الله تضرب فى رحمة ولا تهلك كل شىء بل
تعطى فرصة للتوبة. كما أن احتراق النباتات دليل نقص الغذاء والجوع، والبعض يرى أن
الأشجار تشير إلى المؤمنين وأن ثلثهم يرتد أما العشب الأخضر فيشير إلى المسيحيين
الأسميين وهم يهلكون.

البوق
الثانى
: "
جبل ملقى فى البحر " (8: 8، 9)

وفيه
نجد أن جبلا عظيما متقدا بالنار قد ألقى إلى البحر فصار ثلث البحر دما.. ومات ثلث
الخلائق التى فى البحر وأهلك ثلث السفن.

وهذه
كناية عن قائد حربى يثير حربا فى بحر هذا العالم ذى المياة المالحة فتشتبك دول
كثيرة (ثلث البحر يصير دما) ويموت ثلث الخلائق (أى تكون هناك ضحايا كثيرة فى
الأرواح) ويهلك ثلث السفن (أى يصعب الأتصال بين البلاد وتقل التجارة ويتعب الناس).

إن
التأمل فيما فعله النازى فى الحرب العالمية، وما حدث من تداعيات وحروب ودمار
يجعلنا نحس أن الحرب هى إنذار من الله لكى نتوب، يثيرها بشر أشرار، لكن الله يخرج
منها بركة روحية لأولاده إذ يتوبون ويستعدون للحياة الأبدية.

البوق
الثالث
: "
كوكب يسقط فى الأنهار " (8: 10 – 11)

هنا
تتغير الصورة، فالكوكب ساقط من السماء، وهو لا يسقط على البحر بل على الأنهار.

الكوكب
الساقط من السماء رمز إلى سقوط الهراطقة، وهم من أكثر قادة الكنيسة علما ولكن
الكبرياء أسقطتهم كما أسقطت الشيطان من قبلهم.

والأنهار
هى الكنيسة، مياهها عذبة بعكس مياة البحر المالحة.

واسم
الكوكب " الأفسنتين " وهو نبات غاية فى المرارة تضر وإن كانت لا تقتل.
ولا شك أن هذا الكوكب الساقط سيحدث مرارة فى العالم وفى الكنيسة وسيجعل الكثيرين
ينحرفون عن التعليم الصحيح. إن الطائفية التى نعانى منها الآن، هى بالحقيقة سبب
مرارة نرجو أن تزول.

 البوق
الرابع
: " ضرب ثلث الشمس والقمر والنجوم " (8: 12، 13).

إن
سقوط هذه الكواكب السمائية، أى انحراف رجال الدين فكريا أو روحيا يجعل الظلمة تسود،
سواء من جهة الفكر والعقيدة أو السلوك اليومى، لهذا كم يجب أن نتحفظ فى سلوكنا
وتعليمنا كأولاد للمسيح، وكأبناء للكنيسة حتى لا يخبو النور وتزداد العثرة ويتماحك
الخطاة؟! ويختتم هذا البوق ملاك يطير فجأة فى وسط السماء بصورة مرعبة ويصرخ قائلا:
ويل ويل ويل للساكنين على الأرض من أجل بقية أصوات أبواق الثلاثة ملائكة المزمعين
أن يبوقوا، وهذا بعنى أن الأبواق الباقية رهيبة، يجب أن ننتبه إليها ونعرف
مكنوناتها.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي