الإصحَاحُ
الرَّابعُ عَشَرَ

النصرة
وترانيم السماء

كما
لاحظنا.. تنتهى كل رؤيا من رؤى الصراع بالنصرة النهائية وها هى النصرة تبدو واضحة
فى هذا الأصحاح، فماذا نرى فيه؟

1- الخروف والبتوليون (14: 1 – 5)

هنا
يرى يوحنا " خروفا واقفا على جبل صهيون "، إشارة إلى السيد المسيح الذى
كثيرا ما وقف على الجبل ليعظ أو ليصعد إلى السماء، فهو " الكلمة ".
و" الشفيع " والآن نراه فى المجد مع 144000 لهم اسم أبيه مكتوبا على
جباههم أى أنهم جمع كثير، حيث رقم (12) يشير إلى العبادة المنظمة، ورقم (1000)
يشير إلى الكثرة، أما اسم الله على جباههم فإشارة إلى أنهم وضعوا إيمانهم بالمسيح
نصب أعينهم.

وجاء
صوت " كرعد عظيم " إشارة للوضوح والقوة والحسم.. أن كل شىء قد أنتهى..

وبدأت
تتعالى أصوات القيثارات، تعزف لحن ترنيمة جديدة لا يعرفها سوى هؤلاء الغالبون،
" الذين اشتروا من الأرض " لأنهم تساموا فوقها، ولم " يتنجسوا مع
النساء " أى رفضوا الخطيئة، وليس المقصود هنا إطلاقا بتولية الجسد فقط بل
بتولية الروح أيضا، وهذه ممكنة بالنسبة للجميع بنعمة المسيح، إنهم " يتبعون
الخروف حيثما ذهب ".. يطيعونه، ويعتبرونه نصيبهم النهائى، وقد اشتروا من بين
الناس ".. فهم بشر لكن المسيح اشتراهم بدمه، وهم " باكورة لله وللخروف
" أى أنهم أبناء الله المؤمنون به وبفدائه لنا. " وفى أفواههم لم يوجد
غش " فهم يعيشون فى أمانة كاملة، " وبلا عيب " قدام عرشه المقدس.

 2- الملائكة الثلاثة (14: 6 – 13)

ثم
رأى يوحنا ثلاثة ملائكة:

الأول:
يحمل بشارة
أبدية لمن على الأرض، ويطلب منهم أن يخافوا الله ويعطوه مجدا، لأنه قد جاءت ساعة
الدينونة، فأسجدوا للخالق ولا تسجدوا لمخلوقاته.

الثانى:
صرخ قائلا: "
سقطت سقطت (تأكيد) بابل العظيمة " هى روما الوثنية وهى كل قوة تقف ضد الكنيسة
" لأنها سقت الأمم من خمر غضب زناها " وهنا خطية مركبة: " الخمر
" علامة الخلاعة والأنحراف، و" الغضب " علامة الكبرياء، و"
الزنى " علامة البعد عن الله (جسديا أو فكريا).

والثالث:
يقول بصوت
عظيم " إن كان أحد يسجد للوحش ولصورته ويقبل سمته على جبهته أو على يده، فهو
أيضا سيشرب من خمر غضب الله ".. إنه إنذار نهائى لتابعى الوحش والشيطان،
تعبير عن صورة الغضب الإلهى المصبوب صرفا فى كأس غضبه، فهو سيعذبهم " بنار
وكبريت أمام الملائكة وأمام الخروف " وهذا العذاب ليس لفترة محدودة بل إلى
أبد الآبدين.. بلا راحة.

ويختم
الرسول إنذاره " هنا صبر القديسين، هنا الذين يحفظون وصايا الله وإيمان يسوع
".. إشارة إلى ضرورة احتمال الآلام والأضطهادات من أجل المسيح فى طاعة كاملة
لوصاياه، وإيمان قلبى بشخصه.

ثم
يختم الرسول صفحة الأنذارات هذه بصوت سماوى يقول: " طوبى للأموات " لكن
ليس كل الأموات بل " الذين يموتون فى الرب " وليس من قديم الزمن حيث
كانت أنفس الأبرار تنزل إلى الجحيم، بل " من الآن " بعد أن انفتح
الفردوس بالصليب. " يقول الروح " أى الله وليس يوحنا: يستريحون من
اتعابهم " فالموت يريحنا من أتعاب الجهادات المختلفة " وأعمالهم تتبعهم
" لأن المجازاة بحسبها.

 3- المنجل والمعصرة: (14: 14 – 20)

"
سحابة بيضاء.. عليها جالس شبه ابن إنسان " نحن فى الأيام الأخيرة " هوذا
يأتى على السحاب " (رؤ 1: 7) والسحاب رمز التسامى والمجد والنقاوة والخير
" على رأسه إكليل من ذهب " علامة الملك بالبر، وفى يده منجل حاد علامة
بدء الحصاد والدينونة.

وصرخ
الملاك من الهيكل: " أرسل منجلك واحصد، لأنه قد جاءت الساعة للحصاد "..
إنها النهاية المفزعة للأشرار، والمشتهاة بالنسبة لأولاد الله. " فألقى
الجالس على السحابة منجله إلى الأرض فحصد الأرض ".. إشارة إلى الملائكة الذين
يأمرهم الله بأن يخرجوا إلى أنحاء الأرض فيجمعوا مختاريه مميزين الخراف من الجداء
(انظر متى 25: 32).

ثم
يخرج ملاك من الهيكل، معه منجل حاد، خرج آخر من المذبح له سلطان على النار، وصرخ
الثانى مخاطبا الأول: " أرسل منجلك الحاد اقطف عناقيد كرم الأرض لأن عنبها قد
نضج ".. ففعل ذلك، والقى العنب فى معصرة غضب الله العظيمة " فخرج منها
دم حتى إلى لجم الخيل " مسافة 1600 غلوة وهذه إشارات مخيفة تحذرنا جميعا أن
يوم غضب الله سيكون رهيبا، وأن الأشرار الهالكين سيكونون كثيرين حتى أن دمائهم
ارتفعت حتى إلى لجم الخيل، وانتشرت حتى إلى 1600 غلوة (الغلوة تساوى 200 متر تقريبا)
مسافة أكثر من 300 كيلومتر، إنها إشارة خطيرة تنبهنا لكى نتوب قبل هذا اليوم
الرهيب، ورقم 1600 هو 4× 4 مضاعفا بالمائة رمز الجهات الأربع وكل البشر، فالجميع
مدعوون للتوبة.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي