الإصحَاحُ
السَّادِسُ عَشَرَ

الجامات
السبعة

 إذا
اعتبرنا الأختام السبعة بمثابة " إعلانات " والأبواق السبعة "
إنذارات " فالجامات السبعة يمكن أن تعتبر بمثابة " أحكام إدانة "..

"
سمعت صوتا عظيما من الهيكل " فنحن أمام أمر إلهى أخيرا، قائلا للسبعة ملائكة:
" امضوا واسكبوا جامات غضب الله على الأرض ".. فنحن أمام " أحكام
نهائية " تحدث فى الأيام الأخيرة.

1- الجام الأول:

سكبه
على الأرض أحدث دمامل خبيثة ورديئة أصابت الساجدين للوحش.. لأن تبعية الأنسان
للشيطان تصيبه بضربات إلهية حتى فى جسده، فهناك ارتباط وثيق بين الروح والجسد،
وبين النفس والجسد، ونحن نذكر ضربة البرص فى العهد القديم، والأمراض الناتجة عن
الأنحرافات حاليا كالزهرى بمراحله المختلفة، قرحة صغيرة ثم طفح جلدى ثم شلل مع
جنون.

2- الجام الثانى:

سكبه
على البحر فصار الماء دما، وماتت الأنفس الحية التى فى البحر، ربما يعنى معارك
حربية تسيل فيها الدماء فى البحار، أو مجرد تذكير بضربات الرب للمصريين فى العهد
القديم بسبب عنادهم.

3- الجام الثالث:

سكبه
على الأنهار الينابيع (الماء العذب) فصارت دما هى أيضا.. إشارة إلى العطش المميت،
سواء إلى الماء أو إلى كلمة الله.. ونلاحظ هنا أن الملاك يقول لله: عادل أنت..
لأنك حكمت هكذا، فالجامات إذن هى أحكام إلهية ضد الأشرار، الذين سفكوا دماء
القديسين، فسقاهم الرب دما لا ماء.

4- الجام الرابع:

سكبه
الملاك على الشمس، فصارت تحرق الناس بنار، ورغم ذلك لم يتوبوا بل جدفوا.. ومعروف
أن هناك زاوية ميل دقيقة فى محور الأرض على الشمس وهى سبب حدوث الفصول، ولو زاد
الأنحراف تحرق الشمس الأرض، وسواء كان هذا الكلام حرفيا أو معنويا (نار التجارب)،
لكنها " أحكام " نتيجة غضب الله وعناد الأنسان، وسوف يستمر العناد
والتجديف حتى بعد هذا الجام الرهيب.

5- الجام الخامس:

سكبه
الملاك على عرش الوحش، فأصيبت مملكته بظلام دامس، حتى أن الناس كانوا يعضون
ألسنتهم من الوجع.. ورغم ذلك استمروا فى التجديف، ورفضوا التوبة. والظلام إشارة
إلى ذبول مملكة الوحش وانطفاء مجده، وإشارة إلى طبيعة هذه المملكة المضلة، أما عن
الألسنة فإشارة إلى الألم الشديد والغيظ، ورغم ذلك لم يتوبوا.

6- الجام السادس:

سكبه
الملاك على نهر الفرات فجف ماؤه. لكى يعد طريق ملوك المشرق، وجفاف النهر علامة
أنهيار بابل رمز الشر التى أسرت أولاد الله فى القديم، أما ملوك الشرق القادمون
فإشارة إلى حروب رهيبة تحدث آخر الأيام، بين الشرق والغرب.

ثم
رأى يوحنا ثلاثة أرواح نجسة ستة ضفادع خرج من فم ثلاثة قوى هى التنين (أى الشيطان)
والوحش (أى الدجال) والنبى الكذاب (أى خدام الدجال).. إنها أرواح شريرة تخرج هنا
وهناك داعية الجميع إلى القتال ويأتى الدمار على الجميع فى موقعة " هرمجدون
" التى كانت ساحة حرب عبرانية شهيرة فى العهد القديم.. ويرى البعض أن أرض
فلسطين ستكون ساحة لهذه المعارك الضارية، بسبب قوله: " الذى يدعى بالعبرانية
".. إن كنا نرى أن الرسول يستخدم دائما أسلوب الشفرة الذى لا يفهمه سوى
المرسل إليهم، فهو يعيد إلى أذهانهم صورة هذه الساحة الحربية ليتحدث عن حرب الأيام
الأخيرة.

ونلاحظ
أن هناك جملة اعتراضية وردت فى هذا الجام هى: " ها أنا آتى كلص طوبى لمن يسهر
ويحفظ ثيابه لئلا يمشى عريانا ".. وهذا انذار وتنبيه لأولاد الله لكى يسهروا
ويحيوا فى يقظة روحية استعدادا لأيام الشر، حتى لا يفقدوا ثوب البر كما فقده آدم
فى القديم.

7- الجام السابع

سكبه
الملاك السابع على الهواء فخرج صوت عظيم من هيكل السماء من العرش قائلا: " قد
تم (أى أن مقاصد الله قد وصلت إلى نهايتها) فحدثت أصوات وبروق ورعود وزلزلة عظيمة..
إيذانا بانتهاء كل شىء وانحلال الأرض وما عليها، فصارت المدينة العظيمة مقسمة إلى
ثلاثة أقسام وهى على الأرجح أورشليم، التى ستتصارع فيها ثلاثة قوى كل قوة تستولى
على قسم منها.. " ومدن الأرض سقطت، وبابل العظيمة ذكرت أمام الله ليعطيها كأس
خمر سخط غضبه "، أى أن الله حكم على قوى الشر بالدمار وغضب عليها نهائيا،
والجزر والجبال هربت.. أى أن الدول والعظماء قد انتهوا.. وبرد عظيم وثقيل نزل على
الناس من السماء فجدفوا.. تذكير بضربة البرد فى القديم وكم كانت مؤلمة، إشارة إلى
انسكاب الغضب الإلهى على البشر فى الأيام الأخيرة.

وهكذا
ينتهى العالم الشرير، أما أولاد الله فهم محفوظون فى يمينه، فقد رأيناهم فى مطلع
الأصحاح السابق وهم يرتلون ترنيمة موسى عبد الله، وترنيمة الخروف قائلين: "
عظيمة وعجيبة هى أعمالك يا ملك القديسين من لا يخافك يارب.. لأن أحكامك قد أظهرت
" (رؤ 15: 3، 4).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي