الإصحَاحُ
الثَّانِي

 

ج –
سجود المجوس (2: 1- 11)

2: 1
وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ ٱلْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ
هِيرُودُسَ ٱلْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا
إِلَى أُورُشَلِيمَ 2 قَائِلِينَ: أَيْنَ هُوَ ٱلْمَوْلُودُ مَلِكُ ٱلْيَهُودِ؟
فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي ٱلْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ
لَهُ.

منذ
سَبْي اليهود إلى بلاد الرافدين وصلت معرفة الإله الوحيد إلى شعوب المشرق، وكذلك
النبوة عن إرسال ابن داود ليجعل في العالم سلاماً. وما نَسِيَتْ تلك الشعوب شخصية
دانيال النبي الموهوب، الذي خدم سنين طويلة تحت حكم نبوخذ نصر. وكان له تأثير
ملموس على مصير الأمة.

وربما
تعلَّم بعض اليهود في المدرسة الفلكية قرب بابل أسرار الكون على يد الكلدانيين.
وكانوا يراقبون كيف ابتدأ زحل يقترب من المشترى. وقد ظهرا في 29 مايو سنة 7 ق.م
كنجمة واحدة كبيرة في برج الحوت. وبما أن هؤلاء الفلكيين اعتقدوا أن هذا البرج
دلالة على البلاد المتوسطة، وزحل هو رمز لحماية اليهود، والمشترى نجم الملوك،
ولهذا اهتموا معتقدين أنه في تلك اللحظة، قد وُلد المسيح ملك اليهود ورب العالمين.

واستطاع
الفلكيون الحساب مسبَّقاً، أن هذين الكوكبين اللذين هما أكبر كواكب مجموعتنا
الشمسية، سيلتقيان مرتين أخريين في نفس تلك السنة، فيظهران نجمة مشعة. وتكلموا
كثيراً عن هذا الحادث الفريد في نوعه، وقرروا إرسال بعثة من مدرستهم الفلكية إلى
أورشليم، لتكون حاضرة هنالك زمن التقاء الكوكبين ثانية في 3 (اكتوبر) تشرين الأول.
ويبقوا أيضاً إلى وقت الالتقاء الثالث في 3 كانون الأول (يناير) سنة 7 ق.م.
فيفتشوا ويراقبوا الموضع والكيفية التي يُولد بها ملك اليهود. والمسافرون هؤلاء لم
يتخوفوا من شدة السفر في حر الصيف. فانطلقوا من الفرات إلى سوريا، محاذين العاصي
والليطاني جنوباً إلى أن وصلوا للأردن. وبعد ذلك تسلَّقوا قمة الصحراء اليهودية
حيث تتوج أورشليم رؤوس الجبال، ليشاهدوا الملك الذي سيغيّر العوالم.

 

2: 3
فَلَمَّا سَمِعَ هِيرُودُسُ ٱلْمَلِكُ ٱضْطَرَبَ وَجَمِيعُ
أُورُشَلِيمَ مَعَهُ. 4 فَجَمَعَ كُلَّ رُؤَسَاءِ ٱلْكَهَنَةِ وَكَتَبَةِ
ٱلشَّعْبِ، وَسَأَلَهُمْ: أَيْنَ يُولَدُ ٱلْمَسِيحُ؟

عندما
وصلت قافلة المجوس إلى أورشليم، كان يحكمها طاغية اسمه هيرودس الكبير، كان أدومياً
من سبط عيسو الخشن الصياد البري. وقد فتح هيرودس بمساعدة الرومان مدينة أورشليم،
وسفك دماء كثيرة، فقد كان قاتلاً ماكراً زانياً مجرماً قتل ابنه وامرأته ليتأكد من
إزالة كل طامع بعرشه.

إلى
هذا الملك الشرير جاء المجوس من الشرق يسألون «أين هو المولود ملك اليهود؟ لدينا
برهان أنه وُلد حديثاً، لأن زحل والمشترى اتحدا في برج الحوت. وقد رأينا هذا
الالتقاء في المشرق بوضوح». وسقط هذا الخبر كصاعقة في قصر الملك وهزَّ العاصمة
كلها. فخاف السكان من التفتيش في البيوت والضغوط على النفوس، وأن الملك سيسفك
الدماء الكثيرة ليثبّت عرشه.

أدرك
هيرودس الماكر فوراً معنى هذا الاعلان الغريب، فاستعد للكفاح ضد الله ورسوله، وأمر
بانعقاد المجلس اليهودي الأعلى في قصره

وقد
تألف هذا المجلس من 71 عضواً هم رؤساء الكهنة، وكتبة وشيوخ. وهم المسؤولون عن
القرارات الشرعية والاجتهادات الدينية والمحاكمات النهائية. وكانوا جميعاً يعلمون
التوراة بكل تفاصيلها، وخاصة النبوات المختصة بالمسيح. فراجع وجهاء الشعب كل
النبوات التي في رؤوسهم، ليتأكدوا ماذا قالت التوراة عن المسيح الموعود. فخير لنا
إن تعمقنا بهذه الوعود مصلّين، لندرك عظمته الفائقة.

1-
نبوة إشعياء 9: 2 «اَلشَّعْبُ ٱلسَّالِكُ فِي ٱلظُّلْمَةِ أَبْصَرَ
نُوراً عَظِيماً. ٱلْجَالِسُونَ فِي أَرْضِ ظِلالِ ٱلْمَوْتِ أَشْرَقَ
عَلَيْهِمْ نُورٌ».

هذه
الكلمات الإلهية، هدفها بالدرجة الأولى إعلان مجيء المسيح. وقيامه في منطقة الجليل
وحول بحيرة طبرية. فالساكنون هنالك كانوا محتقرين من اليهود، لأن الأشوريين أتوا
بشعوب وثنية أسكنوها في مناطق إسرائيل الشمالية. فاختلط الشعب في تلك التخوم ديناً
وقومية. وقد رحم الله آل ابراهيم المتبددين، فأعطاهم الوعد العظيم بإشراق النور،
كما تحقق في إتيان يسوع. ولم توجد بلاد في العالم كله ظهر فيها مجد ابن الله
واضحاً كما ظهر في منطقة الجليل، ومدينة كفر ناحوم، والتخوم التي حول بحيرة طبرية.
هنالك صنع يسوع أكثر عجائبه، وألقى أهم خطبة، فأشرق نور العالم وسط الظلمة
الدامسة.

ومن
يقرأ تفسير هذه النبوة في إشعياء 9: 1- 5. يرى أن خلاص الله يتضمن ثلاث صفات
مبدئية: الفرح والحرية والسلام. فالفرح بمجيء المسيح يشبه فرح الحاصد الذي يحصد
كثيراً. فيسوع أتى ليخلّص كل الناس، وإنه فرح عظيم في السماء بخاطيء واحد يتوب
أكثر من 99 باراً لا يحتاجون إلى التوبة.

وتحرير
المسيح ليس بوسائل سياسية، بل يتحقق في صميم القلب. لأن المخلّص يحرر ضمائرنا من
ثقل الإثم، حتى لا يوبّخنا الصوت المُبَكِّت، بل نتحرر من شكاوى ذنوبنا وسُلطة
خطايانا. فخلاص المسيح يخلّصنا حقاً، ويعمل عمله إن استسلمت له كلياً.

وسلام
الله الذي يفوق كل العقل يحل في قلب الإنسان الذي يقبل غفران المسيح. وعندئذ لا
يقدر الموت ولا الحرب ولا الضيق ولا اليأس أن يزعزع الانسان الثابت في المسيح، لأن
سلام الله يتمركز في قلب التابع للمسيح، وهو سلامنا.

إن
دنيانا ظالمة، والظلمة تزداد كطوفان، إنما نور المسيح يبدد كل أنواع الظلمات. حتى
الموت يصبح مضيئاً إن أناره رئيس الحياة. فهل تتبع شعباً سالكاً في الظلمة؟ ارفع
عينيك وانظر المسيح النور العظيم الذي يشرق عليكم، ونوره لا يزول.

2- نبوة
إشعياء 9: 6 «لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ٱبْناً، وَتَكُونُ
ٱلرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى ٱسْمُهُ عَجِيباً، مُشِيراً،
إِلٰهاً قَدِيراً، أَباً أَبَدِيّاً، رَئِيسَ ٱلسَّلامِ. 7 لِنُمُوِّ
رِيَاسَتِهِ، وَلِلسَّلامِ لا نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى
مَمْلَكَتِهِ، لِيُثَبِّتَهَا وَيَعْضُدَهَا بِٱلْحَقِّ وَٱلْبِرِّ،
مِنَ ٱلآنَ إِلَى ٱلأَبَدِ».

أنبأ
النبي النبيل إشعياء شعبه في سنة 700 ق.م أن سيُولد بينهم ولد من قِبَل الله، يكون
حاكماً لا مثيل له بسلطان إلهي. فلنتأمل صفات هذا السلطان لندرك من هو طفل المذود.
إن اسمه يُدعى:

•         عجيباً،
مشيراً: فيعرف يسوع سبب كل الضيقات وهي خطايانا. فكل كارثة في العالم وحروب وجوع
ومرض وانتقام وموت يأتي من ابتعادنا عن الله. ولكن المسيح لم يعلن الحقيقة عن
قلوبنا وحالة الدنيا فقط، بل عزم أيضاً على فداء دنيانا الشريرة. فخطة خلاص الله
هي المشورة العجيبة التي قدمها المسيح للعالم، وتشمل سيرته من المذود إلى الصليب،
ومن القبر إلى الصعود، حتى مجيئه الثاني المجيد لإحلال السلام في العالم. وكل هذا
يحمل خطة خلاص الله بيسوع.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ع عَوج ج

•         إلهاً
قديراً: فالمسيح ليس إنساناً ضعيفاً بل هو إله قدير، فله القوة لتنفيذ خطة خلاص
الله. وكان أقوى من الشيطان، وما سقط في خطية، ولم يبغض أعداءه، وآمن بالله كل
قلبه، حتى لمَّا حجب وجهه عنه، وهكذا أنهى يسوع غضب الله، حاملاً الدينونة عوضاً
عنا، غالباً الموت. وأرسل روح الله إلى قلوبنا، لكيلا نموت، بل نحيا معه في كل
حين. فالمسيح هو المنتصر، ويكمل انتصاره يومياً في الذين يؤمنون به.

•         أباً
أبدياً: أعلن لنا الكتاب المقدس أن المسيح والله واحد. فالابن مساو للآب، ويحمل
اسمه الأبوي. وليس القدوس بعيداً عنا، ولا يعلن ذاته كإله مهلك،بل ظهر في يسوع كأب
حنون، حتى المسيح قال « الذي رآني فقد رأى الآب. آمنوا بي أني أنا في الآب، والآب
فيَّ».

•         رئيس
السلام: ليس ليسوع هدف آخر غير أن يثبّت سلام الله على الأرض وفي قلوبنا. وقصده أن
يجعلنا أولاد السلام، لنكون صانعي السلام في محيطنا، نُفَضِّل احتمال الظلم من أن
نظلم غيرنا. وهذا هو الطريق الوحيد للسلام في دنيانا. إننا بحاجة ماسة إلى أناس
مولودين ثانية ينكرون أنفسهم ليتجلى المسيح فيهم. هكذا ينمو ملكوت السلام في
محيطنا.

وليس
أحد يقدر أن يمنع مجيء هذه المملكة الإلهية. وسنرى مجده بأعيننا. فهل تنتظره معنا؟

3-نبوة
إشعياء 60 «1 قُومِي ٱسْتَنِيرِي لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ نُورُكِ وَمَجْدُ
ٱلرَّبِّ أَشْرَقَ عَلَيْكِ. 2 لأَنَّهُ هَا هِيَ ٱلظُّلْمَةُ
تُغَطِّي ٱلأَرْضَ وَٱلظَّلامُ ٱلدَّامِسُ ٱلأُمَمَ.
أَمَّا عَلَيْكِ فَيُشْرِقُ ٱلرَّبُّ، وَمَجْدُهُ عَلَيْكِ يُرَى. 3
فَتَسِيرُ ٱلأُمَمُ فِي نُورِكِ، وَٱلْمُلُوكُ فِي ضِيَاءِ
إِشْرَاقِكِ».

لمَّا
كان اليهود في بابل أيام سبْيِهِم، ضغط التشاؤم عليهم كليل دامس، وأزال كل رجائهم.
عندئذ أعلن الروح القدس لهم نبوة قوية وفتح أعينهم لمجيء المسيح المخلّص.

واليوم
تأتي هذه النبوة ببشارة خاصة لك: قُمْ من سُباتك في الذنوب، تقدم إلى نور الله. هو
آت إليك اليوم يشاء إنارتك ويغيّرك لتصبح نوراً فيه. لست قادراً أن تغيّر حياتك
بذاتك لتصبح نوراً فيه. أنت عبد لخطاياك. فانظر إلى يسوع، تدرك مجد الله في وجهه.

الصلاة:
يا ربي العظيم القدوس، أنا الغير مستحق أن ألتقي بك. لا تنسني ولا تَعْبُر عني.
أنا جالس في الظلمات. إليك أنظر وبك أؤمن. اقبلني وخلّصني، وقدّسني، لكيلا تبقى
شبه ظلمة فيَّ، فأستطيع أن أشع بنورك بين أصدقائي. أنت مجدي وغايتي ورجائي.

 

2: 5
فَقَالُوا لَهُ: فِي بَيْتِ لَحْمِ ٱلْيَهُودِيَّةِ، لأَنَّهُ هٰكَذَا
مَكْتُوبٌ بِٱلنَّبِيِّ: 6 وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ أَرْضَ يَهُوذَا
لَسْتِ ٱلصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ
مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ

سمع
هيرودس الملك الفتوى الشرعية عن مكان ولادة المسيح وعمله في المستقبل.

وكان
كل يهودي يعلم أن المسيح سوف يُولد في منطقة اليهودية، في بيت لحم مدينة داود،
فمنح الرب للملك داود قبل ألف سنة الوعد الفريد، أن أحد أبنائه سيعيش إلى الأبد،
لأن الله أبوه الحقيقي، فيملك بدون نهاية. وأثبت النبي ميخا هذه النبوة الأولى
بواسطة إعلان إلهي جديد، أبرز فيها أبدية المسيح، الذي أتى من الأزل، ويكون إلى
الأبد. فلن تنتهي قدرته للمُلك، وليس لمملكته السماوية نهاية.

وللعجب
فرؤساء الكهنة والكتبة صمتوا عن الجزء الأخير من النبوة أمام هيرودس، لأنهم حصروا
الرجاء على أنه سيحررهم من نير الرومان وظلم هيرودس. فقالوا: نعم سيولد ملك يُوَحِّد
أسباط إسرائيل المنقسمة، ويملكها كما يملك العلي.

وكانت
بيت لحم قرية صغيرة بين التلال، وليست خصبة كثيراً، لأن الحجر الكلسي الموجود في
أسفل التربة لا يمسك الماء، فلهذا يكون التراب فوقه ناشفاً. ورغم ذلك فقد سمَّى
الله هذه القرية (التي معنى اسمها بيت الخبز) أفراته ومعناها «الخصبة»، لأن منها
تشبع كل الشعوب، إذ المسيح هو خبز الحياة. ومن يأت إليه لا يجوع، ومن يؤمن به لا
يعطش إلى الأبد.

هل
شبعت من خبز الله؟ هل يسكن الرب فيك، ويكون قلبك مذوداً له؟

الصلاة:
نشكرك أيها الرب يسوع المسيح لأنك تُشبع جوعنا إلى الحياة الحقة وعطشنا إلى البر.
قد أعلنت لنا جوهر الله، فنحبك ونشكرك ونلتمس منك ثباتنا في حياتك الأبدية. أنعشنا
لنسبحك معاً ونعظّمك إلى الأبد.

السؤال:
14 – ما هي الأفكار الهامة في نبوة ميخا؟

2: 7
حِينَئِذٍ دَعَا هِيرُودُسُ ٱلْمَجُوسَ سِرّاً، وَتَحَقَّقَ مِنْهُمْ زَمَانَ
ٱلنَّجْمِ ٱلَّذِي ظَهَرَ. 8 ثُمَّ أَرْسَلَهُمْ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ
وَقَالَ: ٱذْهَبُوا وَٱفْحَصُوا بِٱلتَّدْقِيقِ عَنِ
ٱلصَّبِيِّ، وَمَتَى وَجَدْتُمُوهُ فَأَخْبِرُونِي، لِكَيْ آتِيَ أَنَا
أَيْضاً وَأَسْجُدَ لَهُ. 9 فَلَمَّا سَمِعُوا مِنَ ٱلْمَلِكِ ذَهَبُوا.
وَإِذَا ٱلنَّجْمُ ٱلَّذِي رَأَوْهُ فِي ٱلْمَشْرِقِ
يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ، حَيْثُ كَانَ ٱلصَّبِيُّ. 10
فَلَمَّا رَأَوُا ٱلنَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحاً عَظِيماً جِدّا.

أغلق
الملك هيرودس والمجمع اليهودي الأعلى قلوبهم لدعوة النبوة، ولم يتوبوا من خطاياهم،
وما آمنوا بكلمات المجوس. فالملك استفهم بدقة عن كيفية ظهور النجم، وأرسل المجوس
بخدعة إلى بيت لحم، ليكشفوا من هو الطفل الملوكي بين أطفال البلدة الكثيرين،
قاصداً أن يقتله، وتظاهر أمام المجوس أنه يتبعهم ويسجد للطفل الإلهي. والأغلب أن
ليس هو ولا الكتبة ولا أحد من أهل أورشليم آمن بقصة المجوس، بل اعتبروا أقوالهم
أسطورة، مستهزئين بعلماء المشرق. ولم يصدق رؤساء الكهنة أن الله يرسل المسيح دون
أن يعطيهم عنه خبراً، لأنهم ظنوا أنهم أتقياء أبرار، واعتبروا الأمم نجسين. فالفكر
أن الله يعلن أسراره للغرباء كان مضاداً لشعورهم الداخلي.

وبينما
أغلق رؤساء اليهود قلوبهم عن المسيح في أول وهلة، أدرك المجوس في اليوم الرابع من
كانون الأول (ديسمبر) سنة 7 ق.م، للمرة الثالثة التقاء الكوكبين الكبيرين، زحل
والمشترى. وللعجب، هذه المرة كان التقاؤهما في الجهة الجنوبية وليس شرقاً. فكانا
سائرين قبلاً من الشرق غرباً. ولكنهما بعدئذ يمما وجهيهما شطر بيت لحم، التي تقع
جنوب أورشليم على بعد سبعة كيلو مترات عنها. وهكذا كان النجم سائراً أمامهم، كما
بدا لهم ظاهرياً.

ولم
يمتنع الله من أن يعطي للمؤمنين من الأمم علامة، فما كانوا كتبة وما عرفوا
التوراة، ورغم ذلك فقد سافروا بمشقة ليروا ملك الملوك ويتباركوا به. فامتلأت
نفوسهم بفرح عظيم جداً، لمَّا رأوا للمرة الثالثة، العلامة الإلهية في السماء.
وحتى اليوم فإن الفرح الأعظم يملأ كل الذين يطلبون يسوع من كل قلوبهم باحثين عنه.
فسيجدونه ويسعدون به.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ع عزيبعل ل

وفي
أيامنا هذه ينبغي أن ندرك أن الرب يمنح لبعض الغير مسيحيين أحلاماً ورؤى ليجذبهم
إلى المسيح وكلماته وكنيسته. بينما كثير من المسيحيين المثقفين، لا يؤمنون بولادة
يسوع من الله، ويستهزئون بقيامته، فيفقدون الكنز الأزلي المستودع بين أيديهم. فأي
الفرقتين تتبع؟ أتطلب يسوع من كل قلبك، وليس لك هدف غيره؟ أهو كنزك، أو تتمنى
هدايا دنيوية؟ دع الكل واطلب يسوع ونوره، لأنه الرجاء الوحيد لعالمنا القلق. وقد
وُلد لأجلك. فالمسيح هو هديتك العظمى. هل تهدي نفسك له بلا قيد ولا شرط؟

الصلاة:
نحبك أيها الرب يسوع، لأنك أصبحت إنساناً، وجعلتنا أولاد الله. ونحن بالحقيقة
فاسدون. أنت مخلّصنا وراعينا، وخبزنا ونورنا، وقوتنا وملكنا. ونحن نقدم لك حياتنا
هدية، لتؤهلنا فنكون حمداً لنعمتك العظيمة.

 

2: 11
وَأَتَوْا إِلَى ٱلْبَيْتِ، وَرَأَوُا ٱلصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ
أُمِّهِ، فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ، ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ
هَدَايَا: ذَهَباً وَلُبَاناً وَمُرّاً

لمَّا
وصل المجوس بهُدى النجم إلى بيت لحم سألوا أهل القرية عن الطفل المولود جديداً، من
عائلة داود. عندئذ تذكَّر بعضهم قصة الرعاة الذين قالوا قبل بضعة أشهر إن الملائكة
ظهرت لهم، وكانت ترتل فوق تلال بيت لحم، معلنة أن الطفل في المذود هو الرب بالذات،
مخلّصاً ومسيحاً فريداً. فلم يؤمن أهل القرية برواية الرعاة، وظنوهم متخيّلين،
واستهزأوا بهم، كما أن رؤساء الكهنة والملك في أورشليم لم يؤمنوا برمز التقاء
الكوكبين ومعانيه الهامة.

وكان
يوسف بعد انفضاض الجمهور من الاكتتاب، قد استأجر بيتاً. وها هم المجوس الذين كانوا
متيقنين من برهان الله، قد فتَّشوا وبحثوا، حتى وجدوا الطفل وأمه في بيتهم
المستأجر حديثاً. وهناك اعترف علماء الشرق بإيمانهم، وسجدوا للذين آمنوا به. فكلمة
«السجود» تعني تسليم النفس، واستسلام القلب وخضوعه، كما كان العبيد يقتربون من
سلاطينهم بواسطة زحفهم على أطرافهم سُجَّداً، واضعين جباههم على الأرض، كأنهم
قائلون «ضع رجلك على رأسي. أنا خاصتك. فاعمل بي ما شئت. أنا تحت تصرفك». فسجود
المجوس يعني أن الأمم أدركوا أن يسوع هو رب العالمين، واستسلموا له. بينما وقف
اليهود جانباً صامتين. فأبرز البشير متى من بداية انجيله أن البركة الموعودة
لإبراهيم ونسله تفيض لكل الشعوب المؤمنة بيسوع المسيح ابن الله.

وكل
من يرتبط برب الأرباب هذا مؤمناً، يختبر أن السجود للمسيح ليس عملاً صادراً من
الإنسان فقط، فان رب المحبة تجري منه أنهر اللطف والإحسان والقوة والغفران
والسلام، في قلب المستسلم. وقد جاء المجوس بهدايا إلى الطفل. وبالحقيقة فانهم هم
المهْدَى إليهم، لأن الله أهداهم ابنه. وعطايانا ليست إلا شكراً للعطية العظمى،
التي منحنا الله إياها، ألا وهي نفسه.

وشكر
المجوس بتقديمهم تلك الأنواع الثلاثة، فسَّرها آباء الكنيسة بالاستحقاقات البارزة
في المسيح. فالذهب يخص الملك، رمزاً لمجده وسلطانه. والمرّ يدل على آلام المسيح
وموته على الصليب حَمَلاً لله عوضاً عنَّا. واللبان يرمز إلى صلوات القديسين
المرتفعة إلى الله. فبهذه الهدايا شهدت الأمم أن يسوع هو ملك ورئيس الكهنة، ومن
الطبيعة الإلهية. بينما أهل أورشليم وبيت لحم لم يدركوا شيئاً من حلول الله في
الجسد.

فهل
أنت من الذين حصلوا على عين مُبصرة؟ أتسجد ليسوع ربك وإلهك، وتهديه قلبك ومالك
ووقتك طوعاً؟ لقد وُلد المسيح. ودخل خلاصه إلى دنيانا الشريرة. ومن يحبه يتحد معه،
وتحل فيه قوة روحه القدوس. فهل أنت حقاً مع الساجدين ليسوع، أو مازلت واقفاً على
الحياد؟

الصلاة:
نسجد لك أيها الابن الإلهي القدوس لأنك أتيت لخلاصنا. أنت تحب كل إنسان، وتحبني
أيضاً. أعترف بذنوبي أمامك. اقبلني وخلّصني، وطهِّرني وقدِّسني، لأستحق أن أقدم
ذاتي لك. لست مستحقاً أن أُدعى لك ابناً. لكنك تسرع إليَّ، وترفعني وتقبلني،
وتمنحني ثوب برِّك، وتدخلني إلى فرح الله. أنت ربي وإلهي. أنا خاصتك، فاجعل حياتي
حمداً لنعمتك المجيدة. آمين.

 

د –
محاولة هيرودس قتل يسوع (2: 13-23)

2: 12
ثُمَّ إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ فِي حُلْمٍ أَنْ لا يَرْجِعُوا إِلَى هِيرُودُسَ،
ٱنْصَرَفُوا فِي طَرِيقٍ أُخْرَى إِلَى كُورَتِهِمْ. 13 وَبَعْدَمَا
ٱنْصَرَفُوا، إِذَا مَلاكُ ٱلرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ
قَائِلاً: قُمْ وَخُذِ ٱلصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَٱهْرُبْ إِلَى مِصْرَ،
وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ
ٱلصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ. 14 فَقَامَ وَأَخَذَ ٱلصَّبِيَّ وَأُمَّهُ
لَيْلاً وَٱنْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ، 15 وَكَانَ هُنَاكَ إِلَى وَفَاةِ
هِيرُودُسَ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ ٱلرَّبِّ بِٱلنَّبِيِّ:
مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ٱبْنِي.

يشاء
الشيطان إهلاك المسيح ومن يتبعه. أما الله فقد حفظ الطفل المختار إلى حين إكمال
خدمته على الصليب، فليس أحد يقدر أن يبطل مشيئة الله الخلاصية أو يؤخرها، لأنه
يحمي رسله إلى المنتهى. وأعلن الله للمجوس الأتقياء ألا يعودوا إلى هيرودس الشرير.
والأغلب أن هذا الحلم لم يحمله واحد منهم فقط، بل أوحى لبعضهم معاً بنفس الليلة،
فأدركوا يد الرب عاملة. وربما لاحظوا التصرف الغريب من هيرودس والمجلس الأعلى،
وشعروا بمكرهم واستهزائهم واحتقارهم. فساروا سراً في الطريق المباشر إلى وادي
الأردن.

ولم
يستطع يوسف أن ينام مستريحاً، لأن زيارة المجوس وهداياهم جعلته مضطرباً جداً، فصلى
قبل النوم ليهديه الرب. وقد أعلن له العلي بواسطة ملاكه المجيد أنه صار على شفا
الخطر المتربّص بالطفل والعائلة كلها، لأن الملك هيرودس عزم على إهلاك الملك
الصغير. وعلم الله بكيد الطاغية، وسبقه فأوحى ليوسف بالنزول إلى مصر.

وأطاع
يوسف المؤمن ربه للمرة الثانية أكثر من طاعته للناس وتنظيماتهم. فهبَّ بعد الحلم
في منتصف الليل وأيقظ الأم، وأخذ الطفل وهربوا جميعاً وسط الظلام الدامس إلى
حبرون. ومن هناك نزلوا إلى الجنوب في البرية نحو مصر. وما أخبرنا البشير متى عن
مشقات الطريق، ولا إن كانوا ذهبوا مشياً أو راكبين. فشهد فقط، على أن مشورة الله
لا تبطل، بل تتحقق تدريجياً بلا مانع.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد قديم سفر أيوب 38

بقى
يسوع مع عائلته في مصر، حتى مات هيرودس سنة 4 ق.م. وهذا التعيين التاريخي يرينا
للمرة الثانية أن يسوع وُلد قبل التاريخ المذكور عن ولادته في التقويم. ونحن اليوم
نعلم، أن الراهب ديونيسس قد أخطأ في السنة 533م بتنظيم التقويم، بعدة سنوات. فلم
يُولد المسيح سنة صفر، كما حسب الراهب. بل وُلد قبل سبع أو ثماني سنوات قبل
التاريخ الميلادي.

ولكن
متى أرانا حساباً أعمق من التاريخ، وهو النبوة. وكما أن شعب العهد القديم قد دُعي
من الله ليغادر مصر، هكذا دعا ابنه من الغربة إلى وطنه الأصيل. فسُمِّي يسوع في
هذه الآية للمرة الأولى في إنجيل متى «ابن الله». وهذه الشهادة تدل على جرأة
البشير، لأن اليهود اعتبروها تجديفاً يستحق الرجم. وبنوة المسيح لله لا تعني
المباهاة والتسلط، فقد كان منذ بدايته لاجئاً مرفوضاً مضطهداً من الأقوياء. واختبر
في طفوليته أن اللبان يرافقه المرّ. فاهتم أبوه السماوي به قبل وقوع الضيق، وأرسل
له الذهب اللازم ليستطيع العيش في الغربة.

الصلاة:
نسجد لك أيها الآب لربنا يسوع المسيح، لأنه لا يوجد ملك أو زعيم يستطيع معارضتك
على الدوام. وحتى النجوم تخضع لك. وأنت تعرف خفايا قلبي. أبرئني، لكيلا أكون من
صفوف أعداء ابنك، بل أتبعه.

 

2: 16
حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ ٱلْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ غَضِبَ
جِدّاً، فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ ٱلصِّبْيَانِ ٱلَّذِينَ فِي
بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا، مِنِ ٱبْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونُ،
بِحَسَبِ ٱلزَّمَانِ ٱلَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ ٱلْمَجُوسِ. 17
حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا ٱلنَّبِيِّ: 18 صَوْتٌ سُمِعَ فِي
ٱلرَّامَةِ، نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى
أَوْلادِهَا وَلا تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ.

فكّر
هيرودس أن المجوس يخافون منه ويكرمونه ويعودون إليه، ولكنه لما رأى أنهم هربوا
اغتاظ كثيراً، لأنه لم يصله الخبر من هو المسيح وأين يسكن. فحدثت عنده ردة فعل
عنيفة، كما حصل ذلك مراراً. فقد علم من المجوس سابقاً أن الملك الموعود لابد أن
عمره مازال أقل من سنتين، فأمر بقتل الصبيان ممن بلغوا السنتين فأقل. ما أقسى
الضيق الواقع على الأولاد المذبوحين ووالديهم وأقربائهم! لكن المؤرخين لم يذكروا
هذه الأحداث المريعة في بيت لحم، لأنها كانت ضئيلة بالنسبة لما كان يعمله هيرودس
في عاصمته ومملكته على الدوام.

ومن
الغريب أن أهل بيت لحم لم يصدقوا أخبار الرعاة والمجوس، ولم يهتموا بالطفل يسوع.
وإلا لكانوا قد أتوا وسجدوا له. وإذ لم يؤمنوا رغم الشهادات البارزة، سقطت يد الله
القوية عليهم بقتل أطفالهم، كما سقطت على اسرائيل دينونة إلهية من قبل. إذ بكى
النبي إرميا على شعبه المسبّي، كما بكت راحيل عند موتها بسبب تعسُّر الولادة،
ودُفنت في بيت لحم. ومنع الله عبده إرميا من البكاء آنذاك، لأنه أراد أن يُربّي
المسبيين قاصداً إرجاعهم إلى حمايته. (إرميا31: 15 وتكوين 35: 18). فكانت دينونة
الله على بيت لحم ضربة المحبة من ربهم ليرجعوا ليتوبوا، وليؤمنوا بالطفل يسوع.

 

2: 19
فَلَمَّا مَاتَ هِيرُودُسُ، إِذَا مَلاكُ ٱلرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي حُلْمٍ
لِيُوسُفَ فِي مِصْرَ 20 قَائِلاً: قُمْ وَخُذِ ٱلصَّبِيَّ وَأُمَّهُ
وَٱذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ ٱلَّذِينَ
كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ ٱلصَّبِيِّ. 21 فَقَامَ وَأَخَذَ
ٱلصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَجَاءَ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ.

لم
يرد الله نمو يسوع في الحضارة المصرية مدة طويلة، بل أمر يوسف أثناء رؤية ثالثة في
الحلم، أن يعود إلى وطنه، وليس إلى بيت لحم ولا إلى المملكة اليهودية، بل إلى
منطقة إسرائيل الشمالية لتتأصَّل تربية يسوع من بدايته بمباديء العهد القديم.

وأخذت
يد الله هيرودس الذي قصد إبادة الطفل المقدس. وكل الرعاة والملوك والأنبياء
يموتون، أما الله فإلى الأبد يثبت. يموت الأشرار العظماء، ولا يقدرون أن يهلكوا
جسد المسيح. الذي هو أتباعه في العالم. فكن مطمئناً إن وقعت في ضغط أو إهانة لأجل
اسم يسوع الرب الحي.

2: 22
وَلٰكِنْ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ أَرْخِيلاوُسَ يَمْلِكُ عَلَى
ٱلْيَهُودِيَّةِ عِوَضاً عَنْ هِيرُودُسَ أَبِيهِ، خَافَ أَنْ يَذْهَبَ
إِلَى هُنَاكَ. وَإِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي حُلْمٍ، ٱنْصَرَفَ إِلَى
نَوَاحِي ٱلْجَلِيلِ. 23 وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا
نَاصِرَةُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِٱلأَنْبِيَاءِ: إِنَّهُ سَيُدْعَى
نَاصِرِيّاً.

عندما
مات هيرودس الكبير سنة 4 ق.م بأوجاع كبيرة، قرر في وصيته أن يرث كل واحد من أبنائه
الثلاثة جزءاً من مملكته. فأرخيلاوس ورث أورشليم وتخومها، وانتيباس ورث الجليل
وعبر الأردن الشمالي. وكان أرخيلاوس خليفة أبيه في أورشليم طاغية كوالده. مرة أمر
جنده أن يذبحوا ثلاثة آلاف حاج في أزقة أورشليم دفعة واحدة. فلخشونته ووحشيته
أنزله أغسطس قيصر في سنة 3 ب.م وسباه إلى فرنسا. وسلَّم القيصر منطقته إلى الوالي
الروماني بيلاطس البنطي الذي حكم على المسيح بالصلب. فإذا قرأنا في نصوص العهد
القديم عن هيرودس، فيقصد البشيرون عادة أنتيباس، ملك الجليل والأردن الجنوبي.

ولا
شك أن يوسف فزع لمَّا سمع عن خشونة أرخيلاوس في أورشليم، وتساءل: هل كان أمر الله
بالرجوع إلى الوطن خطأ؟ لكن رجل الإيمان صلَّى في قلقه، فجاوبه الرب في رؤيا رابعة
وأمره أن يذهب إلى الجليل. وهناك اختار يوسف مدينة الناصرة مسكناً، لأن مريم منها،
وكانا ساكنين فيها لمدة. فهذه المدينة الصغيرة الغير مذكورة في التوراة كلها،
أصبحت وطن يسوع الدنيوي.

ورنَّت
في أذن متى عند ذكر هذه المدينة كلمة عبرانية أخرى معناه «القضيب المفرخ» الذي
يخرج من جذع يسى وينبت كغصن من أصوله (إشعياء 11: 1، 2). وفي هذه النبوة ذكر ملء
الروح القدس الحال في يسوع، الذي هو القضيب المفرخ.

وأهم
المعاني التي انتسبت لمدينة الناصرة لخَّصها بيلاطس لمَّا كتب فوق الصليب الكلمات
الأربع «يسوع الناصري ملك اليهود» (يوحنا 19: 19).

الصلاة:
نسجد لك أيها الآب السماوي الحنون، لأنك أرشدت يوسف أربع مرات بواسطة أحلام،
وأعلنت له إرادتك، ومنحته القوة لإطاعة الإيمان المباشر. قد حميت ابنك، وهو صغير،
حماية كاملة. احفظنا أيضاً، واخلق فينا طاعة الإيمان المطلق، فنتجاوب مع صوت روحك
القدوس بفرح.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي