الإصحَاحُ
الْخَامِسُ

 

1وَرَأَيْتُ
عَلَى يَمِينِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ سِفْراً مَكْتُوباً مِنْ دَاخِلٍ وَمِنْ
وَرَاءٍ، مَخْتُوماً بِسَبْعَةِ خُتُومٍ.

 

ورأيت
وهنا يستكمل الرسول يوحنا ما رآه في الإصحاح الرابع من مشهد سمائي مهيب لعرش الله
القدوس والتسبيحات الرائعة التي سمعها لتمجيد وتكريم وشكر الجالس على العرش وما
حوته هذه الرؤيا من معاني روحية عميقة تخبرنا عن سلطان الله الكلي على الكنيسة
والعالم والخليقة.

وهذا
الإصحاح يحتوي على رؤيا السفر المختوم (1-5) والخروف (6، 7) وترانيم الكنيسة
والملائكة والخليقة كلها (8 – 14).

 

على
يمين
epi thn dexian أو في
يمينه واليمين هو مكان الارتفاع والقوة والكرامة والسلطان "يمين الرب مرتفعة.
يمين الرب صانعة ببأس " (مز 118 : 16) " قال له يسوع أنت قلت.وأيضا أقول
لكم من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسا عن يمين القوة وآتيا على سحاب السماء"
(مت 26 : 64) "ثم أن الرب بعدما كلمهم ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين
الله" (مر 16 : 19) كما أنه مكان الاهتمام والعناية والسيادة (راجع رؤيا 1 :
16) ووجود هذا السفر على يمين الله أو في يمينه دليل سلطانه الكلي على كشف ما به
لمن يريد وعلى قدرته على إجراء وتنفيذ ما جاء فيه.

 

الجالس
على العرش هو الله (راجع رؤيا 4 : 2، 3).

 

سفراً
مكتوباً من داخل ومن وراء مختوماً بسبعة ختوم وكانت الكتب في عصر الرسول على هيئة
أدراج مكونة من صفحات من ورق البردي أو غيرها من المواد مثل جلود الحيوانات يتم
لصقها وراء بعضها لتكون لفافة طويلة يتم الكتابة عليها وتلتف من جانبيها على
خشبتين أحدها في بداية اللفافة والأخرى في نهاية اللفافة أو الدرج
a scroll (NIV) وهذا ما رآه
القديس يوحنا على يمين الجالس على العرش. وكانت الكتابة عادة على أحد جانبي ورق
البردي لسهولة الكتابة عليه أما الكتابة على الجانب الآخر فكانت صعبة ولا يلجأ
إليها الكاتب إلا حينما يكون مضطرا لذلك حينما يكون لديه الكثير ليكتبه. وحينما
تكون الوثيقة هامة أو سرية فإنه يتم وضع الأختام عليها حتى لا يستطيع أحد قراءتها
إلا المسموح له بذلك.

 

سفراً
وهذا السفر قد يرمز إلى العهد القديم ونبواته ورموزه التي تم إعلانها في السيد
المسيح. ولا يستطيع أي إنسان مهما ارتفعت قدرته وذكائه وعلمه أن يستوضح ما جاء فيه
إلا في ضوء السيد المسيح وحياته وعمله.

 

وربما
يرمز إلى مقاصد الله الأبدية وتنظيمه النهائي للكون وشئونه وما سيحدث في الأيام
الأخيرة ولا يستطيع أحد أن يكشف عن هذه المقاصد إلا المسيح وحده.

 

و
يرمز إلى سفر العهد بين الله والإنسان العهد الذي قطعه السيد المسيح بموته وأعطاه
حق السيطرة على مصير العالم والكنيسة.

 

أو
إلى سفر التاريخ الذي يفسر الماضي ويشرح المستقبل والسيد المسيح هو محور التاريخ
وموضوعه الرئيسي هو المفسر له وصاحب السلطان القادر أن يخبر الإنسان إلى أين يسير.

 

كما
يرمز إلى وثيقة ميراث الإنسان و الحياة الأبدية تلك الوثيقة التي ارتهنت وقيدت
بسبب خطية الإنسان وفساده ولم يعد قادراً على التمتع بها أو النظر إليها ولكنها
افتدت وانفكت بواسطة ذبيحة السيد المسيح على عود الصليب.

 

مكتوباً
من داخل ومن وراء رمزاً لأن هذا السفر يحتوي على الكثير من الأشياء فهو يتحدث عن
قصة طويلة ذات تفاصيل عديدة مشحونة بالأحداث والإنذارات والصراع بين الكنيسة
المجيدة وبين إبليس وجنوده وأتباعه والعالم الشرير. هو رمز لاكتماله فلم يعد
ممكناً كتابة شيء آخر فيه فكل ما يخص الماضي والحاضر والمستقبل محدد من قبل الله
ولا يستطيع أحد أن يضيف إليه أو يعدل فيه.

 

مختوماً
بسبعة ختوم إشارة إلى أن محتويات هذا السفر تحتوي على أسرار إلهية خفية وسرية،
محددة وغير قابلة للتغيير. ولا يمكن معرفتها دون معونة ونعمة خاصة وإعلان من الله
لها. والرقم سبعة هو رقم الكمال مما يدل على السرية والخصوصية والحماية الكاملة من
الله لهذا السفر.وربما يشير إلى مراحل سبعة من تاريخ الكنيسة والعالم موجودة بهذا
السفر يتم الإعلان عن كل منها عند فتح الختم الخاص بها.

 

2وَرَأَيْتُ
مَلاَكاً قَوِيّاً يُنَادِي بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «مَنْ هُوَ مُسْتَحِقٌّ أَنْ
يَفْتَحَ السِّفْرَ وَيَفُكَّ خُتُومَهُ؟»

 

ورأيت
ملاكاً قوياً ينادي بصوت عظيم "
باركوا الرب يا ملائكته
المقتدرين قوة الفاعلين أمره عند سماع صوت كلامه
." (مز 130 : 20) يستمد قوته من الله لتنفيذ مهمته لكي يستطيع
أن يصل بصوته إلى الخليفة كلها وحتى لا يستطيع أحد أن يدعي بأنه لم يسمع نداءه أو
يعرف مطالبه.

 

من هو
مستحق
axiov أي لديه القدرة
والكفاءة والحجة والسلطان والقوة أي الشخص المناسب والموائم لهذه المهمة أن يقترب
من الجالس على العرش الكلي القداسة ويأخذ السفر من يمينه و أن يفتح السفر ويفك
ختومه ليقرأ ما جاء به ويعرف محتوياته ويعلنها للآخرين.

 

3
فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ فِي السَّمَاءِ وَلاَ عَلَى الأَرْضِ وَلاَ تَحْتَ
الأَرْضِ أَنْ يَفْتَحَ السِّفْرَ وَلاَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ.

 

ولم
يجد الملاك استجابة من الملائكة أو مخلوقات السماء أو من جميع المخلوقات الحية
الساكنة على الأرض أو الأموات والراقدين تحت الأرض أن يتقدم ويجد في نفسه
الاستحقاق المطلوب أن يقترب من العرش ويفتح هذا السفر ويعرف محتوياته أو أن ينظر
إلى ما جاء فيه "لأنه من عرف فكر الرب فيعلمه" (1 كو 2 : 16)
"ونظرت فليس إنسان ومن هؤلاء فليس مشير حتى اسألهم فيردون كلمة. ها كلهم باطل
وأعمالهم عدم" ( إش 41 : 28، 29) "لأن من عرف فكر الرب أو من صار له
مشيرا" (رو 11 : 34). لأنه " من قاس روح الرب ومن مشيره يعلمه. من
استشاره فافهمه وعلمه في طريق الحق وعلمه معرفة وعرفه سبيل الفهم." (إش 40 :
13، 14).

 

4فَصِرْتُ
أَنَا أَبْكِي كَثِيراً، لأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مُسْتَحِقّاً أَنْ يَفْتَحَ
السِّفْرَ وَيَقْرَأَهُ وَلاَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ.

 

وقد
قابل القديس يوحنا هذا الموقف بالبكاء حينما شعر بعدم الاستحقاق الذي يشاركه فيه
الكون كله. فلم يوجد مخلوق يستحق أن تعلن له أسرار الله فالجميع زاغوا وفسدوا.
ونحن أيضاً حينما ننظر إلى ذواتنا ونرى حالتنا نعلم مدى عدم استحقاقنا وضعفنا
وشرودنا بعيداً عن مقاصد الله لنا فهل نشارك القديس يوحنا البكاء الكثير؟!

 

5فَقَالَ
لِي وَاحِدٌ مِنَ الشُّيُوخِ: «لاَ تَبْكِ. هُوَذَا قَدْ غَلَبَ الأَسَدُ الَّذِي
مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، أَصْلُ دَاوُدَ، لِيَفْتَحَ السِّفْرَ وَيَفُكَّ خُتُومَهُ
السَّبْعَةَ».

 

 ووسط
بكاء القديس يوحنا الكثير وحينما شعر أن الأمل في معرفة أسرار الله للبشرية
وإعلاناته قد انتهي جاءته التعزية عن طريق واحد من الشيوخ أو القسوس ممثلي كنيسة
السيد المسيح بعهديها القديم والجديد وكأنها تخبر بما جاء في الكتاب المقدس
ونبواته عن الوحيد القادر على معرفة أسرار الله وإعلانها للبشر "لله لم يره
احد قط.الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبّر" (يو 1 : 18) "والتفت
إلى تلاميذه وقال كل شيء قد دفع إليَّ من أبي.وليس احد يعرف من هو الابن إلا الآب
ولا من هو الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له" (لو 10 : 22). "
ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق.ونحن في الحق في ابنه يسوع
المسيح.هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية" (1 يو 5 : 20) يردد هذا الشيخ نفس
كلمات السيد المسيح التي رددها كثيراً من أجل تعزيتنا وطمئنة قلوبنا قائلا لا تبك
" فلما رآها الرب تحنن عليها وقال لها لا تبكي" (لو 7 : 13) وهو يردد
نفس هذه العبارة لنا اليوم لكي نتخلص من أحزاننا وأوجاعنا لكي نحيا حياة الفرح
التي لا يستطيع أحد أن ينزعه منا فالحزن البشري لا داعي له فإنه نابع من نقص
المعرفة ولو كان لنا الصبر الواثق في شخصه المبارك لرأينا بين يديه حلا لكل
المشاكل التي تسيل لها دموعنا.

 

هوذا
قد غلب الأسد والأسد رمز للسيد المسيح في سيادته وانتصاره وملكه وشجاعته وثباته.
الذي من سبط يهوذا حسب الجسد لأنه " لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين
رجليه حتى يأتي شيلون وله يكون خضوع شعوب" (تك 49 : 10). أصل داود أي خالق
داود ومصدر وجوده لأن " كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان" (يو 1
: 3) وإن كان من نسله حسب الجسد. فربنا يسوع المسيح هو الوحيد المستحق والمؤهل أن
يفتح السفر ويفك ختومه السبعة.

 

6وَرَأَيْتُ
فَإِذَا فِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ وَفِي وَسَطِ
الشُّيُوخِ خَرُوفٌ قَائِمٌ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ، لَهُ سَبْعَةُ قُرُونٍ وَسَبْعُ
أَعْيُنٍ، هِيَ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ الْمُرْسَلَةُ إِلَى كُلِّ الأَرْضِ.

 

في
وسط العرش
en mesw tou yronou أي في
المركز في بؤرة الاهتمام في مكانته المناسبة في مكان السلطان والعظمة والقوة
والقدرة فهو والآب واحد (يو 10 : 30) " قال له يسوع أنا معكم زمانا هذه مدته
ولم تعرفني يا فيلبس.الذي رآني فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب" (يو 14
: 9).

 

و
الحيوانات الأربعة (راجع رؤيا 4 : 6، 7) وفي وسط الشيوخ (رؤيا 4 : 4) خروف
arnion أي حمل صغير يرمز إلى السيد المسيح له
كل المجد في وداعته وطهارته " وفي الغد نظر يوحنا يسوع مقبلا إليه فقال هوذا
حمل الله الذي يرفع خطية العالم." (يو 1 : 29). يرمز للسيد المسيح في ذبيحته
الطاهرة وفداءه للبشرية " بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم
المسيح" (1 بط 1 : 19)

 

قائم
أي حي يشفع في كنيسته، يتمم خلاصها، ويستعد لملاقاتها. كأنه مذبوح أي يحمل علامات
الذبح إشارة إلى جروح الصليب من آثار المسامير وطعن الحربة وإكليل الشوك هذه هي
الجروح التي تشهد بتميم عمل الفداء المبارك، بتسديد ثمن خطايانا، باستحقاقه لفتح
السفر وفك ختومه. له سبعة قرون إشارة إلى قدرته الكلية وسبع أعين إشارة إلى علمه
الكلي هي سبعة أرواح الله المرسلة إلى كل الأرض إشارة إلى حضوره الدائم في كل
مكان.

 

7فَأَتَى
وَأَخَذَ السِّفْرَ مِنْ يَمِينِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ.

 

فأتى
بكل ثقة ويقين واستحقاق ومقدرة وأخذ
eilhfen السفر وكلمة أخذ الموجودة هنا تأتي من فعل يأخذ lambanw اليوناني في الأسلوب الخبري الذي يفيد
اليقينية والمني للمعلوم والزمن التام والذي يدل على عمل أُكمِل في الماضي على نحو
حاسم وإلى الأبد ولا حاجة لتكراره." الآب يحب الابن وقد دفع كل شيء في
يده." (يو 3 : 35) " لان الآب لا يدين أحدا بل قد أعطى كل الدينونة
للابن." (يو 5 : 22) " كل شيء قد دفع إليَّ من أبي.وليس احد يعرف الابن
إلا الآب.ولا احد يعرف الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له." (مت 11 :
27). من يمين الجالس على العرش (راجع رؤيا 5 : 1).

 

8وَلَمَّا
أَخَذَ السِّفْرَ خَرَّتِ الأَرْبَعَةُ الْحَيَوَانَاتُ وَالأَرْبَعَةُ
وَالْعِشْرُونَ شَيْخاً أَمَامَ الخَرُوفِ، وَلَهُمْ كُلِّ وَاحِدٍ قِيثَارَاتٌ
وَجَامَاتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوَّةٌ بَخُوراً هِيَ صَلَوَاتُ الْقِدِّيسِينَ.

 

ولما
أخذ السفر خرت الأربعة الحيوانات والأربعة والعشرون شيخاً أمام الخروف معلنين
عبادتهم للسيد المسيح الكلمة الأزلى الواحد مع الآب في الجوهر فكما قدموا عبادتهم
للجالس على العرش (راجع رؤيا 4 : 9، 10) ها هم وعلى نفس المستوي يقدمون عبادتهم
للابن الحبيب، يقدمون الشكر له من أجل عمل الفداء العظيم، من اجل جراحاته الغالية
الثمينة، من أجل استحقاقه اللانهائي وحبه الغير محدود."لكي تجثو باسم يسوع كل
ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض" (في 2 : 10)

 

ولهم
كل واحد قيثارات وهي آلات موسيقية وترية يعزف عليها باليدين وكانت تستخدم في ترنيم
المزامير "احمدوا الرب بالعود.بربابة ذات عشرة أوتار رنموا له" 0مزمور
33 :2) "فآتي إلى مذبح الله إلى الله بهجة فرحي وأحمدك بالعود يا الله
الهي" "مزمور 43 : 4) "رنموا للرب بعود.بعود وصوت نشيد"
(مزمور 98: 5).

 

 وجامات
من ذهب أي آنية أو طاسات مصنوعة من الذهب لتليق بملك الملوك مملوة بخوراً هي صلوات
القديسين فكما يصعد البخور إلى أعلى هكذا صلوات القديسين تصعد أمام عرش الله
مستقيمة طاهرة " لتستقم صلاتي كالبخور قدامك ليكن رفع يدي كذبيحة مسائية
." (مزمور 141 : 2) وللبخور رائحة
ذكية كذا صلوات القديسين مقبولة من الله كرائحة بخور ذكية "لأننا رائحة
المسيح الذكية للّه" (2 كورنثوس 2 : 15) "لأنه من مشرق الشمس إلى مغربها
اسمي عظيم بين الأمم وفي كل مكان يقرب لاسمي بخور وتقدمة طاهرة لان اسمي عظيم بين
الأمم قال رب الجنود." (ملاخي 1 : 11).

 

9وَهُمْ
يَتَرَنَّمُونَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً قَائِلِينَ: «مُسْتَحِقٌّ أَنْتَ أَنْ
تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا
لِلَّهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ،

 

وهم
يترنمون ترنيمة جديدة أي ليس لها مثيل من قبل "رنموا للرب ترنيمة جديدة رنمي للرب
يا كل الأرض" (مز 96 : 1) لأنها تعبير عن الفرح والشكر والامتنان الناتج عن
عمل السيد المسيح.

 

 قائلين
مستحق أنت أن تأخذ السفر وتفتح ختومه (راجع رؤ 5 : 4، 5) لأنك ذبحت إشارة إلى موت
السيد المسيح على الصليب فهو الذبيح الذي مات من أجل خطايانا "كما أن ابن الإنسان
لم يأت ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مت 20 : 28) واشترانا
لله بدمه الكريم " الذي فيه لنا الفداء بدمه غفران الخطايا حسب غنى
نعمته" ( أف 1 : 7) بعد أن كنا عبيداً للخطية والإثم والشر من كل قبيلة ولسان
وشعب وأمة "وهو كفارة لخطايانا.ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم
أيضا" ( 1 يو 2 : 2).

 

10وَجَعَلْتَنَا
لِإِلَهِنَا مُلُوكاً وَكَهَنَةً، فَسَنَمْلِكُ عَلَى الأَرْضِ».

 

وجعلتنا
لإلهنا ملوكاً وكهنة (راجع رؤيا 1 : 6) فسنملك على الأرض أي نسترد مكانتنا التي
فقدناها بالخطية ويعود لنا السلطان الذي فقد أبونا آدم حينما أخطأ على الفردوس.
بصلب المسيح وفدائه لم تعد السيادة لإبليس بل ليسوع الأسد و الحمل الذي انتصر في
معركة الجلجثة وكسر شوكة الموت والخطية وردنا إلى مرتبتنا الأولى كملوك على الأرض،
ملوك على الشهوات والخطايا فلن تعود تسود علينا. ملوك على أجسادنا فلن نستعبد بعد
لشهواتها المرة. فهل نبدأ في استغلال هذه الإمكانيات التي أعطانا إياها الرب
بصليبه؟ وهل نبدأ في استلام مملكتنا؟ "وأما انتم فجنس مختار وكهنوت ملوكي امة
مقدسة شعب اقتناء لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب" (
1 بط 2 : 9).

 

11وَنَظَرْتُ
وَسَمِعْتُ صَوْتَ مَلاَئِكَةٍ كَثِيرِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ
وَالشُّيُوخِ، وَكَانَ عَدَدُهُمْ رَبَوَاتِ رَبَوَاتٍ وَأُلُوفَ أُلُوفٍ،
12قَائِلِينَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «مُسْتَحِقٌّ هُوَ الخَرُوفُ الْمَذْبُوحُ أَنْ
يَأْخُذَ الْقُدْرَةَ وَالْغِنَى وَالْحِكْمَةَ وَالْقُوَّةَ وَالْكَرَامَةَ
وَالْمَجْدَ وَالْبَرَكَةَ».

 

ونظرت
وسمعت وهنا يري القديس يوحنا ويسمع الملائكة سكان السماء وهم يشاركون الكنيسة
المفدية فرحها بعمل السيد المسيح من أجلها. فرحهم بسلطانه الكلي في أن يعلن أسرار
الله، في أن يأخذ السفر ويفتح ختومه السبعة. هؤلاء الذين اجتمعوا حول العرش
والحيوانات والشيوخ في منظر سمائي رائع لا مثيل له كانوا كثيرين وربما كانوا
مقسمين إلى مجموعات ربوات ربوات وألوف ألوف أي أن بعض المجموعات تتكون من ربوة أي
عشرة آلاف وبعضها يتكون من ألف. قائلين بصوت عظيم دليل على العدد الهائل والحماس
الذي لا مثيل له والإخلاص الكبير والمحبة العميقة مستحق هو الخروف المذبوح أي ربنا
يسوع المسيح (راجع أعداد 5، 9) أن يأخذ القدرة فالرب يسوع المسيح الكلي الرحمة هو
وحده من يستحق تسلم القدرة المطلقة إن اليد التي ثقبها مسمار الصليب هي التي تحمل
صولجان السلطة الكونية.

 

والغنى
لأنه هو الغني الذي افتقر من أجلنا ليغنينا " فانكم تعرفون نعمة ربنا يسوع
المسيح انه من أجلكم افتقر وهو غني لكي تستغنوا انتم بفقره." (2 كو 8 : 9).

 

 والحكمة
فالسيد المسيح هو حكمة الله وهو المصدر والينبوع الذي منه تنبع كل حكمة حقيقية
لأنه "بالمسيح قوة الله وحكمة الله.. يسوع المسيح الذي صار لنا حكمة من الله
وبراً وقداسة وفداء" (1 كو 1 :24، 30)

 

والقوة
فهو الوحيد الذي استطاع أن يهزم إبليس ويجرد قوات الشر من أسلحتهم لقد طغى إبليس
ولكن حينما جاء يسوع الأقوى على عالمنا " لكن متى جاء من هو أقوى منه فانه
يغلبه وينزع سلاحه الكامل الذي اتكل عليه ويوزع غنائمه" (لو 11 : 22).

 

والكرامة
لأنه " تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض
ويعترف كل لسان أن يسوع رب" (في 2 : 10، 11) حينما يأتي اليوم الذي يملك فيه
على قلوب الجميع.

 

.
والمجد وهو ما يختص به الله وحده فهو يشمل الفخامة واللمعان والعظمة والبهاء
ورأينا مجده "مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً" (يو 1 : 14).

 

والبركة
وهي الحمد الذي يقدم إلى شخص هي التمني والدعاء لذلك الشخص بالسعادة والنجاح، هي
الرغبة في تقديم الحمد بامتنان وشكر، هي الموهبة الوحيدة التي بها نستطيع نحن
الذين لا نملك شيئاً أن نعطي ذاك الذي يملك كل شيء ن لا نقدر أن نغني الخروف
ولكننا نقدر أن نبارك اسمه فنفرح بذلك قلبه.

 

13وَكُلُّ
خَلِيقَةٍ مِمَّا فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ وَتَحْتَ الأَرْضِ، وَمَا عَلَى
الْبَحْرِ، كُلُّ مَا فِيهَا، سَمِعْتُهَا قَائِلَةً: «لِلْجَالِسِ عَلَى
الْعَرْشِ وَلِلْخَرُوفِ الْبَرَكَةُ وَالْكَرَامَةُ وَالْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ
إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ». 14وَكَانَتِ الْحَيَوَانَاتُ الأَرْبَعَةُ تَقُولُ: «آمِينَ».
وَالشُّيُوخُ الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ خَرُّوا وَسَجَدُوا لِلْحَيِّ إِلَى
أَبَدِ الآبِدِينَ.

 

وبعد
أن يرنم الشيوخ والمخلوقات الحية ترنيمتهم الحديدة وتسبح ربوات ربوات الملائكة
السيد المسيح بتسبحة السماء تشترك كل الخليقة في كل مكان في السماء وعلى الأرض
وتحت الأرض (راجع رؤيا 5 : 3) وما على البحر وفي هذا إشارة إلى المسافرين بالسفن
والخلائق البحرية في تسبحتها للجالس على العرش وللخروف له البركة والكرامة والمجد
والسلطان إلى أبد الآبدين وحينما تنهي الخليقة من تسبحتها تصدق على كلماتها
الأربعة مخلوقات الحية بقولها آمين أي صدقا نطقت وحقاً ويعلن الشيوخ الأربعة
والعشرون خضوعهم وعبادتهم للحي إلى ابد الآبدين ربنا يسوع المسيح له كل المجد.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي