الإصحَاحُ
الثَّانِي عَشَرَ

 

السفر
الصغير

ص12-16

الشيطان
يقود بنفسه المعركة الخطيرة ضد البقية الأمينة في أورشليم مستخدماً الوحش والنبي
الكذاب، والرب يسكب جامات غضبه الرهيبة على الأرض تمهيداً لظهوره.

ص12: سقوط
الشيطان من السماء.

ص13: الوحشان:
الطالع من البحر والطالع من الأرض.

ص14: الرد
الإلهي السباعي على تحرك الشيطان.

ص15: الاستعداد
لصب الجامات.

ص16: سكب
الجامات السبعة على الأرض.

 

لقد
وصلنا عند حديثنا عن البوق السابع إلى النهاية؛ نهاية الزمان، وبالتإلى فإن ما يلي
ذلك ليس هو استطراداً تاريخياً للأحداث بل هو رجوع إلى الوراء لإعطائنا تفصيلات
أدق عن بعض الشخصيات الرئيسية وبعض الأحداث الهامة التي ستحدث في خلال «الضيقة
العظيمة».

يبدأ
الرائي من أصحاح 11: 19 فيقدم ثلاثة مناظر متتالية:

 

المنظر
الأول: «انفتح هيكل الله في السماء وظهر تابوت عهده في هيكله»

إن
التابوت رمز معروف لربنا يسوع المسيح. فأين مكان الرب يسوع وسط هذه الحوادث؟ – إنه
في السماء، فهو لازال محتجباً. لكنه أيضاً لا زال باقياً على العهد لأنه «إله
أمانة» (تث32: 4)، برغم كل خطايا الشعب وشرورهم يقول الرسول «لعل عدم أمانتهم يبطل
أمانة الله؟ حاشا» (رو3: 3).

 

المنظر
الثاني: «وظهرت آية عظيمة في السماء، امرأة متسربلة بالشمس، والقمر تحت رجليها،
وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكباً»

 

لا
يقال إن المرأة في السماء، بل إننا هنا نرى فقط تقدير السماء لهذه المرأة. أو
بعبارة أخرى نرى هنا الأمة في نظر السماء، وكما سترى في أمجادها المستقبلة (إش60: 1).
على أن وقت البركة لم يحن بعد، لذا فنفس المرأة تُري في مشهد ألم وضيق «وهي حبلى
متمخضة ومتوجعة لتلد» – نحن نعرف أن آلام المخاض هي نتيجة لخطية المرأة (تك 3: 16)،
وهكذا هنا الأمة أيضاً ستجتاز في الضيقة العظيمة المشبهة بالمخاض بسبب خطيتها. ثم
إن آلام المخاض تعقبها أفراح الولادة (يو16: 21)، وهذا ما سوف يحدث مع الأمة في
أفراح الملك الألفي (انظر مي 5: 1-4، إش 66: 7-12).

 

المنظر
الثالث: إن كان المنظر الأول قدم لنا المسيح، نسل المرأة، والمنظر الثاني قدم لنا
الأمة اليهودية التي منها ولد المسيح حسب الجسد (المرأة نفسها)، فإن هذا المنظر
يقدم لنا عدو المسيح وعدو الأمة (قارن مع تك3: 15). يقول الرائي «وظهرت آية أخرى
في السماء. هوذا تنين عظيم أحمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى رؤوسه سبعة تيجان
وذنبه يجر ثلث نجوم السماء»، وممكن أن نعتبره يمثل لنا -الثالوث الأنجس؛ الشيطان
والوحش والنبي الكذاب.

 

فالتنين:
هو إبليس (ع9).

ورؤوس
التنين السبعة وقرونة العشرة: تذكرنا بالوحش الطالع من البحر؛ زعيم الإمبراطورية
العائدة إلى الحياة (أصحاح 13: 1).

 

والذنب:
يذكرنا بالنبي الكذاب (إش9: 15).

 

وأصحاح
12 يركز الكلام على التنين. ثم أصحاح 13 يكلمنا عن الوحش أصحاح 12، 13 يقدمان لنا
سبع شخصيات مختلفة:

 

المرأة:
الأمة الإسرائيلية

التنين:
الشيطان

الابن
الذكر: المسيح

ميخائيل:
الملاك القائم من الله لبني إسرائيل (دا12)

باقي
نسلها: البقية التقية

الوحش
الطالع من البحر: زعيم روما

الوحش
الطالع من الأرض: النبي الكذاب.

والنبي
الكذاب. إنه يبدأ بالعدو الأصلي، لأن هناك عداوة دفينة في قلب الشيطان نحو المرأة
من أيام السقوط في الجنة لما قال الله للحية «أضع عداوة بينك وبين المرأة وبين
نسلك ونسلها» (تك3: 15). وهنا نرى العداوة بين الشيطان وبين الأمة التي منها أتي
المسيح. والعداء في حقيقته موجه إلى المسيح ذاته «والتنين وقف أمام المرأة العتيدة
أن تلد حتى يبتلع ولدها متي ولدت».

 

لكنها
ولدت الابن الذكر؛ ربنا يسوع المسيح. ولم يقو الشيطان عليه رغم أنه أهاج العالم
ضده وأصدر الحكم بموته. ولكن كان في هذا إبادة للشيطان نفسه. ثم «اختطف ولدها إلى
الله وإلى عرشه». فمَنْ يبقي إذاً أمام التنين الغاضب الهائج؟ لم يبق سوي المرأة
ذاتها.

 

ثم
يتحدث بعد هذا العرض السريع عن تفصيل ما سيحدث فيذكر أنه بعد فترة مبتدأ الأوجاع
ستحدث معركة في دائرة غير المنظور لمزيد من التفاصيل عن الحروب في دائرة غير
المنظور، وعن مراحل سقطات الشيطان الخمس سابقاً ولاحقاً، انظر كتاب
"الشيطان" للمؤلف. لاسيما الفصل 22 بين ميخائيل * ** الملاك ميخائيل
معني اسمه «من مثل الله ؟» ها هو يحارب الشخص الذي أغوى حواء بقوله «يوم تأكلان
منه.. تكونان كالله» (تك 3: 5). إنه يحارب إبليس الذي أراد أن يرفع كرسيه ويصير
«مثل العلى» (إش 14:  14).* وملائكته وبين إبليس وملائكته، ستكون نتيجتها أن يُطرد
الشيطان من السماء وستتم عندئذ النبوة الني نطق بها ربنا «رأيت الشيطان ساقطاً مثل
البرق من السماء» (لو10: 18).

 

عند
اختطاف الابن الذكر إلى السماء (الأمر الذي يتضمن أيضاً اختطاف الكنيسة كما ذكرنا
في الملاحظات التمهيدية في أول الكتاب) طُرح الشيطان من السماء. وبصدد نزولنا مع
المسيح إلى الأرض (أصحاح19: 11-20: 3) سيُربط الشيطان ويُطرح في الهاوية!

 

ويذكر
الرائي هنا أربعة أسماء للشيطان مرتبطة بأنشطته المختلفة، فيقول:

تنين:
 وحش دموي، بالنسبة للمسيح إذ كان يريد أن يبتلعه.

وحية:
أي الماكر، بالنسبة للعالم الذي يُضل الساكنين فيه.

ثم
إبليس: أي المشتكي أو الواشي، بالنسبة للمؤمنين.

وأخيراً
الشيطان: أي المضطهد، بالنسبة للشهود على الأرض.

 

لكن
هذا المشتكي على المؤمنين والمضطهد للشهود الأمناء قد غُلب منهم؛ لقد غلبوه بدم
الخروف وبكلمة شهادتهم ولم يحبوا حياتهم حتى الموت. ولقد كانت دعائم نصرتهم على
الشيطان ثلاثية كالآتي:

 

أساسها
المتين: «دم الخروف».

أسلوبها
الخارجي: «كلمة شهادتهم».

باعثها
الداخلي: «لم يحبوا حياتهم حتى الموت».

 

كان
الدم لمواجهة قانونية الشكوى، وكانت الكلمة لمواجهة أضاليل الحية، وكان الاستعداد
للاستشهاد لمواجهة زئير الأسد. أو يمكن القول إن «دم الخروف» كان لمواجهة إبليس
الشاكي، وأن «كلمة شهادتهم» كانت لمواجهة الحية وحيلها، وكونهم «لم يحبوا حياتهم»
لمواجهة التنين والشيطان. فكل تفكير الشيطان عن الناس هو ما قاله مرة للرب «جلد
بجلد، وكل ما للإنسان يعطيه لأجل نفسه» (أي 2: 4). لكن ماذا يعمل الشيطان مع أشخاص
لم يحبوا حياتهم (يو12: 25)؟!

 

ومع
طرح الشيطان من السماء نسمع عن الفرحة التي ستعم السماء بسبب هذا. ولكن على قدر
فرح السماء سيكون ويل ساكني الأرض والبحر «لأن إبليس نزل (إليهم) وبه غضب عظيم
عالماً أن له زماناً قليلاً». في ذلك الوقت العصيب سينصب على الناس غضب الله،
وإبليس ينزل إليهم وبه غضب عظيم!!

 

وإذ
يضطهد الشيطان المرأة نقرأ القول «أُعطيت المرأة جناحي النسر العظيم لكي تطير إلى
البرية إلى موضعها حيث تُعَال زماناً وزمانين ونصف زمان». لم يقل لنا من الذي
أعطاها جناحي النسر، لكننا نفهم أنه هو نفسه يهوه ( الله ) الذي حمل الشعب في
القديم على أجنحة النسور وأنقذهم من فرعون (خر19: 4)، لا زال يعتني بشعبه ويرتب
لهم ما فيه حمايتهم «فأعانت الأرض المرأة وفتحت الأرض فاها وابتلعت النهر الذي
ألقاه التنين من فمه». والأرض رمز للحكومات المستقرة البعيدة عن مشهد الاضطرابات؛
وهي غالباً البلاد النائية في آسيا وأفريقيا، تلك البلاد الني لم يصلها نور
الإنجيل بوضوح كما حدث مع غيرها من البلاد. هذه البلاد ستفتح أبوابها وتحمي أولئك
المضطهَدين من النبي الكذاب، الذي سيرسل وراء تلك البقية الأمينة قواته الخاصة
لتأديبهم على الخروج عن طاعتهم له، وقتلهم. ويشار إلى تلك القوات الخاصة هنا
بالنهر (قارن إش59: 19 و مز93: 3،4). وكثيرون من الذين في تلك البلاد النائية سوف
يطعمون البقية الأمينة ويسقونهم والرب سيعتبر هذا معروفاً معه هو شخصياً. وستكون
المكافأة لذلك أنهم يرثون الملكوت الأرضي المُعد لهم منذ تأسيس العالم (مت 25).

 

أما
وقد فشل الشيطان في ملاحقة الذين هربوا إلى البلاد النائية فإنه سيستدير ليقود
حرباً شعواء على البقية التقية التي لم تتمكن من الهرب من أرض إسرائيل (مت24: 16-
20). وكيفية ذلك نراها في أصحاح 13.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي