الإصحَاحُ
الثَّالِثُ عَشَرَ

 

إن
كنا قد رأينا في أصحاح 12 سقوط الشيطان على الأرض، فإننا في أصحاح 13 نرى خلاصة
نشاطه بعد سقوطه من السماء، وقبل طرحه في الهاوية، أو بالحري نرى آخر محاولاته في
الهجوم على مخطط الله لإقامة ملكوته. أصحاح 12 قدم لنا صورة لعداء الشيطان، وفي
أصحاح13 يقدم لنا أساليب ذلك العداء، أو بالحري الوسائل التي سيستخدمها الشيطان في
تلك الفترة العصيبة؛ فالشيطان روح يحتاج إلى وسائل بشرية لتنفيذ مخططه في الأرض.

 

وهنا
يذكر لنا أشرّ شخصيتين في كل تاريخ الجنس البشري، وكل منهما يسمي وحشاً، نظراً
لوحشيته وقسوته. الأداة الأولى تتميز بالبطش والقسوة، والأداة الثانية طابعها
الخداع والغش. ذلك لأن الإنسان من الناحية الواحدة يميل إلى تمجيد القوة والعنف،
ومن الناحية الأخرى فإن غريزة التدين هي أقوي الغرائز البشرية.

 

لذا
فالشخص الأول الذي هو جواب الشيطان على ميل الإنسان للقوة سيكون رومانياً (وروما
معناها قوة). والشخص الثاني الذي هو جواب الشيطان على حاجة البشر الدينية سيكون
يهودياً.

 

الأول
سياسي عسكري والثاني شخصية دينية.

وبهذا
يعيد التاريخ نفسه، وتلتقي روما وأورشليم على ذات الطريق مرة ثانية؛ كانت المرة
الأولى في معاداة المسيح، وهذه المرة في معاداة إخوة المسيح الأصاغر.

 

ونحن
في أصحاح 12، 13 نجد أنشطة الشيطان الثلاثة ضد وظائف المسيح في العهد القديم كان
يتم مسح الكهنة (خر29،لا8)، والملوك (1صم16)، والأنبياء (1مل19:  16). وهكذا
المسيح (أي الممسوح) مُسح بالروح القدس في إنجيل متى باعتباره الملك، وفي إنجيل
مرقس كالنبي، وفي إنجيل لوقا كالكاهن. الرئيسية الثلاث، فهو:

 

«المشتكي
على إخوتنا» (12: 10) ضد المسيح الكاهن الشفيع.

 

وسيعطي
الوحش قدرته وعرشه وسلطاناً عظيماً (13: 2) ضد المسيح الملك.

 

وسيعمل
في النبي الكذاب بكل… خديعة الإثم في الهالكين (13: 1-15، 2تس2: 9) وذلك ضد
المسيح النبي.

 

والآن
إلى شخصيتي الأصحاح الثالث عشر

 

الشخصية
الأولى: وحش طالع من البحر؛ وكونه وحشاً يحمل فكرة القسوة وكذا عدم معرفة الله،
وكونه من البحر يحمل فكرة أنه أممي وأنه طالع من حالة الاضطراب والفوضى الني ستخلفها
سنوات مبتدأ الأوجاع، فالظروف هنا -كما وعلى مر التاريخ- هي التي تخلق الدكتاتور.

 

وله
سبعة رؤوس؛ أي سبعة أدوار أو أنظمة منذ تكوين الإمبراطورية. وله عشرة قرون
متوَّجة؛ أي عشر ممالك هي دول التحالف الأوربي. وسنعود إلى توضيح هذا أكثر في
المحاضرة التالية (أصحاح 17).

 

وعلى
رؤوسه أسماء تجديف. فالإمبراطورية في كل أدوارها، منذ نشأتها تميزت بالطابع
التجديفي يخبرنا التاريخ أنَ عبادة القياصرة بدأت في روما قبل ميلاد المسيح، وأن
أول معبد لتقديم السجود للقيصر بني سنة 29 ق.م في مدينة برغامس. ولعل هذا يعطي
بعداً تاريخياً للقول الوارد في رؤيا 2:  13. ولقد كانت الإمبراطورية واسعة
الأطراف، وكانت مكونة من أجناس وشعوب و لغات مختلفة. و كان الحل الذي ارتآه
القياصرة لتوحيد هذه الإمبراطورية هو إيقاد شعلة وتقديم بخور والنطق بلغة واحدة
«قيصر رب». وهذا هو سر اضطهاد المسيحيين الأوائل الذين رفضوا التبخير للقياصرة
والاعتراف بألوهيتهم الوهمية.. وهو «شبه نمر وقوائمه كقوائم دب وفمه كفم أسد»
-ياله من وحش عجيب المنظر. لقد سبق أن تكلم دانيال عن أربعة وحوش هي الأسد والدب
والنمر اْما الوحش الرابع فلم يستطع دانيال أن يحدد شكله بل قال والرابع «حيوان
هائل وقوي وشديد جداً.. كان مخالفاَ لكل الحيوانات الذين قبله». أما يوحنا فلقد
وصفه لنا بدقة وشكله يجمع بين الوحوش الثلاثة السابقة. هذه الوحوش كما نفهم من
نبوة دانيال هي صورة للإمبراطوريات التي حكمت العالم خلال فترة أزمنة الأمم: أعني
بابل -وفارس- واليونان وأخيراً الرومان. على أننا نلاحظ أن ترتيب الوحوش في سفر
دانيال يأتي عكس الترتيب في سفر الرؤيا، وذلك لأن دانيال كان ينظر إلى
الإمبراطوريات مقدماً لأنها كانت بالنسبة لدانيال شيئاً مستقبلاً (ولذا لم يتبين
شكل الرابع بدقه)، أما يوحنا فإنه ينظر مؤخراً إذ كان قد وصل إلى الإمبراطورية
الرابعة فعلاً.

 

النمر:
الذي يشتهر بالخفة وسرعة الحركة والانقضاض السريع على الفريسة يشير إلى الإسكندر
الأكبر وإمبراطوريته. ذلك الشاب الذي استطاع خلال سنوات قليلة أن يغزو معظم بلاد
العالم.

 

والدب:
رمز الشراهة والبطش إشارة لملوك مادي وفارس.

 

والأسد:
ملك الوحوش الذي يتميز بالقوة والكبرياء والثقة بالذات، هو صورة للمملكة الأولى
ولنبوخذنصر بالذات الذي قال له دانيال «أنت أيها الملك ملك ملوك» – وكبرياؤه
وخيلاؤه واضحان في نبوة دانيال وأيضاً في التاريخ فهو الذي بني حدائق بابل
المعلقة، إحدى عجائب الدنيا السبع.

 

أما
الدكتاتور الذي سيحكم أوربا قريباً فإنه سيجمع هذه الصفات معاً؛ السرعة والقوة
والكبرياء.

 

«ورأيت
واحداً من رؤوسه كأنه مذبوح للموت وجرحه المُميت قد شُفي» وهذا الرأس المذبوح هو
الرأس السابع. ولقد سبق ورأينا زعيماً يظهر بعد فتح الختم الأول (أصحاح 6) كما
رأينا ذبحه للموت في البوق الرابع (أصحاح 8). ويضيف دانيال أن ثلاثة ملوك من
المتحالفين مع ذلك الزعيم سينقلبون ضده، لدرجة أن يصبح هذا الملك هو الأصغر بين
هؤلاء الملوك العشرة حتى يدعوه دانيال في نبوته «القرن الصغير» (دا 7).

 

على
أن مفاجأة ثانية أغرب من ذلك تنتظر العالم. فإن الشيطان عندما يُطرح إلى الأرض
سيكتشف بخبثه أن هذا الشخص هو الآلة المناسبة له. لذا سيعطيه «قدرته وعرشه
وللشيطان تأثير قوي على قلوب البشر، والملوك بصفة أخص، فسيجعلهم كلهم خاضعين تماما
لتلك الشخصية. ولعلنا نذكر أن إبليس سبق وقدم عرضاً مماثلاً إلى ربنا يسوع لما قال
له، عندما أراه جميع ممالك المسكونة في لحظة من الزمان «لك أعطي هذا السلطان كله
ومجدهن لأنه إلى قد دفع وأنا أعطيه لمن أريد. فإن سجدت أمامي يكون لك الجميع» ونحن
نعلم طبعاً أن المسيح رفض هذا العرض. لكن الوحش سيقبله. وسلطاناً عظيماً» – ورغم
الجرح المميت الذي أصاب ذلك الزعيم، وهو جرح معنوي * ** لا يُستبعد أيضاً أن يكون
الجرح المميت جرحاً حرفياً كأن يحاول أحد اغتياله، ويصاب فعلاً إصابة بالغة، وتنقل
وكالات الأنباء الخبر، وبينما يكون الجميع متوقعين موته بين لحظة وأخرى إذا به
يشفي ويقوم لتولي زمام السلطة كلها كديكتاتور مطلق لم تعرف البشرية له نظيراً حتى
الآن.

 

قد
يكون معناه محاولة رعاياه تغيير صورة حكمه بالقوة، مما يؤدي إلى اهتزاز عرش الوحش
تماماً. إلا أنه عندما يحصل على قوة شيطانية سيستعيد سلطانه بصورة أعظم مما سبق
فتكون النتيجة «تعجبت كل الأرض وراء الوحش وسجدوا للتنين الذي أعطي السلطان للوحش
وسجدوا للوحش قائلين من هو مثل الوحش؟ من يستطيع أن يحاربه؟».

 

سيكون
الوحش -على ما يبدو- شخصية جذابة وله تأثير مغناطيسي في الناس فيظنون فيه الشخصية
التي لا تُقهَر. وكم يشهد التاريخ عن قادة كثيرين استطاعوا بتأثيرهم أن يخدعوا
شعوبهم بأنهم الأقوى وما كانوا قط كذلك. لكن هؤلاء الدكتاتوريين على مر العصور لم
يكونوا في حقيقة الأمر إلا دُمي (لعب أطفال) بجانب هذا الوحش الرهيب. ولهذا فإن كل
العالم سوف يقول «من هو مثل الوحش؟ من يستطيع أن يحاربه؟!».

 

«وأُعطي
فماً يتكلم بعظائم وتجاديف، وأُعطي سلطاناً أن يفعل اثنين وأربعين شهراً هي فترة
الضيقة العظيمة. وتذكر هذه المدة في سفر الرؤيا بالأيام مرتين (11:  3، 12:  6)،
وبالشهور مرتين (11:  2، 13: 5)، وبالسنين مرة (12:  14) وهي نفس المدة التي حددها
دانيال بنصف أسبوع (من السنين) (دا 9:  27) – أي ثلاث سنين ونصف. وحيث تذكر الفترة
بالأيام فالفكر هو إبراز أناة الله، وتدبير عنايته للبقية يوماً فيوماً خلال هذه
المدة المحسوبة بالأيام. وحيث تذكر بالشهور فلإبراز أنها فترة كمال الشر كمدلول
الرقم 42 (7×6) أما ذكرها بالسنين فهو لإبراز أنها تمر سريعاً.» فإن ما سيميز فترة
حكم هذا الوحش هو الظلم والاستبداد كما نرى في الجام الرابع. «وفتح فمه بالتجديف
على الله ليجدف على اسمه وعلى مسكنه وعلى الساكنين في السماء» – والفئة الأخيرة
«الساكنين في السماء» هم أنا وأنت بنعمة المسيح إن كنت مؤمناً حقيقياً. سيجدف
علينا لكنه لن يستطيع أن يفعل غير ذلك. ثم يستطرد قائلاً:  «فسيسجد له جميع
الساكنين على الأرض». لاحظ هنا المقابلة بين الساكنين في السماء والساكنين على
الأرض. وهذه الفئة الأخيرة رغبة منهم في السلام سيرتمون في أحضان ذلك الدكتاتور.

 

بهذا
الصدد نذكر حديثاً للمؤرخ الإنجليزي الشهير توينبي من عدة سنوات قال فيه «بتزايد
أسلحة القتال الفتاكة في العالم، وبارتباط مصالح دول العالم الاقتصادية بعضها مع
بعض فان التكنولوجيا الحديثة أوصلت العالم إلى حالة من الشدة والخطر جعلتنا
مستعدين الآن لأن نستعبد لأي قيصر جديد ينجح في أن يعطي العالم الوحدة والسلام».
ولقد أصبح العالم اليوم تحت ما يسمي بالنظام العالمي الجديد مهيئاً أكثر من أي وقت
مضي ليكون تحت زعامة واحدة، وهو ما سيحدث بعد اختطاف الكنيسة، لكن لن تكون الزعامة
فيه لأمريكا بل لأوربا.

 

ويختم
الروح القدس الحديث عن الوحش بتقديم تحذير من الشر، وتشجيع للإيمان في أيام عصيبة.
وحيث أن سر الله مزمع أن يتم فإن الأمر يحتاج إلى إيمان وصبر «لأنكم تحتاجون إلى
الصبر.. لأنه بعد قليل جداً سيأتي الآتي ولا يبطئ. أما البار فبالإيمان يحيا»
(عب10: 36-38).

 

أما
الأداة الثانية التي في يد الشيطان فهو الوحش الطالع من الأرض؛ أي الأرض النبوية،
أرض كنعان. وهو شخصية يهودية لا يميزها القوة بل الضلال إذ أن «له قرنان شبه
خروف». فهو تقليد شيطاني للمسيح، والقرنان يعبران عن النبوة والملك اللتين يدعيهما
لنفسه، فهو "النبي الكذاب " و "المسيح الكذاب ".

 

سيحكم
اليهود بعد اختطاف الكنيسة شخصية مهووسة، تتخذ لنفسها صبغة دينية بل وربانية. وسبق
أن تأملنا في هذه الشخصية في البوق الخامس. ويسميه بولس في 2تسالونيكي 2 بأنه
الأثيم كلمة الأثيم في الأصل تعني "الذي لا رادع أو قانون يحكم تصرفاته".
و لقد رأينا في الأيام السابقة كثيرين من الحكام لا يعرفون سوي منطق القوة، وليس
للمواثيق والأعراف الدولية أدني تقدير عندهم. الذي سيدّعي أنه إله ويجلس في الهيكل
بهذه الصفة ويطلب من الذين في أورشليم أن يسجدوا له، وسيؤيده إمبراطور روما
(الوحش) في ذلك، ولهذا يسمي الوحش أنه جناح الأرجاس (أي حامي العبادة الأصنامية).

 

ولكي
يبرهن هذا الوحش أنه إله، فإنه سيأتي (بسماح من الله) بمعجزات لا يقدر على مثلها
غير الله، فإنه سوف يجعل ناراً تنزل من السماء على الأرض قدام الناس. ويصف الرائي
هذا الأمر بأنه «آية عظيمة» (قارن 2تس2: 11).. ألم يقل إيليا قديما لأنبياء البعل
«الإله الذي يجيب بنار فهو الله» (1مل18: 24). وهو لكي يكرم زعيمه وحاميه في روما،
سيجعل الساكنين على الأرض يصنعون صورة لذلك الزعيم ويضع هذه الصورة في الهيكل
نفسه، ويعطي نفساً لهذه الصورة فتتكلم الصورة! وهذه هي رجسة الخراب التي تكلم عنها
دانيال النبي وأشار إليها الرب في متي 24: 15. ويعتبر هذا بداية الفترة العصيبة في
أورشليم، لأنه يجعل الذين لا يسجدون لصورة الوحش يُقتلون.

 

أسفي
على الأمم وأزمنتهم؛ فكما بدأت أزمنة الأمم بسجود لتمثال أيام نبوخذنصر، ستُختم
أيضاً أزمنتهم بنفس الصورة المحزنة بل وأسوأ! وستكون المواد التموينية وكافة
المعاملات التجارية هي وسيلة النبي الكذاب لإجبار الجميع على الخضوع له؛ فعن طريق
وشم على الجبهة أو اليد اليمني، يُعطي فقط لمن يسجد للوحش، ستتم كل معاملات البيع
والشراء.

 

أين
إذاً ميثاق حقوق الإنسان؟ وأين تشدق العالم المتمدين اليوم بحرية عقيدة الفرد؟

 

لقد
راحت كلها وتبددت كفقاعات في الهواء. وسيثبت أنه بدون المسيح لا حق ولا حرية. لقد
كان الوشم قديماً يُعمل للعبيد، لكن جميع البشر عن قريب سيحمل سمة العبودية على
أجسادهم!

 

ولقد
أصبح العالم الآن جاهزاً تماماً لهذا الأسلوب، بعد انتشار بطاقات النقود (
Credit Cards). لكن الشيء
الجديد الذي سيتم في ذلك الوقت أن تلك البطاقات لن يحملها الشخص في جيبه، بل ستكون
على جسده؛ على يده اليمني أو جبهته. وهو ما توصل إليه الخبراء أخيراً واعتبروه
أعظم طريقة لعدم ضياع الكارت أو سرقته أو تزويره.والأعجب من ذلك أن الخبراء الذين
أجروا أبحاثهم على هذا الأمر اختاروا أن يتم كتابة الرقم بوشم غير مرئي على يد
الشخص أو جبهته! على أن تقوم العقول الإلكترونية في المتاجر بقراءة هذا الوشم
بواسطة أقلام فوق بنفسجية! حقاً كم أصبح العالم اليوم مستعداً للفصل الأخير من
المأساة العالمية، على حد تعبير خادم الرب أيرونسيد.

 

ولقد
أعطي الروح القدس لنا في سفر الرؤيا عدد الوحش أنظر التذييل (1) الذي سيوضع على
الجبهة أو اليد اليمني وهو 666 * ** الوحش (بمعني شرير) يذكر في سفر الرؤيا 36 مرة
(6×6). وإذا جمعت الأرقام من 1 إلى 36 نحصل على 666- وبالمقابلة مع هذا فإن القيمة
العددية لاسم "يسوع" باليوناني هو 888. ثم إن اسم "المسيح"،
و"المخلص"، و"الرب"، و"عمانوئيل"،
و"المسيا" كل منها قيمته العددية مضاعف الرقم (8). فمثلاً المسيح قيمته
1480 أي 185×8. وهكذا!*. ومعروف أن الرقم 6 هو رقم الإنسان؛ الذي خُلق في اليوم
السادس. هذا الرقم مكرر 3 مرات، ورقم 3 هو رقم الله في أقانيمه الثلاثة، نعم ففي
ذلك الوقت المظلم سيكون الإنسان متألهاً، بالإضافة إلى أن الشر في ذلك الوقت أيضاً
(وهذا مدلول آخر للرقم 6) سيبلغ ذروته!!

 

تذييل
(1)

رقم
الوحش 666

«هنا
الحكمة من له فهم فليحسب عدد الوحش فإنه عدد إنسان، وعدده ستمئة وستة وستون» (رؤ13:
18).

 

نتيجة
عدم فهم الطابع النبوي لسفر الرؤيا، شكّل هذا الرقم عقبة أمام أذهان العديد من
المعلمين من أوائل المسيحية، وحاولوا حل تلك الشفرة. وهاك بعض اجتهاداتهم في تفسيره:

 

ذكر
جوفت (أحد المفسرين من القرن التاسع عشر) في كتابه شرح سفر الرؤيا أن أباطرة روما
كان يُطلق عليهم لقب قيصر؛ مثل أغسطس قيصر (لو2: 1)، طباريوس قيصر (لو3: 1)،
كلوديوس قيصر (أع11: 28). وهذا بلا شك ينطبق أيضاً على نيرون الطاغية (حيث وجد على
الآثار كلمة نيرون قيصر). والاسم نيرون قيصر بالعبري (باعتبار أن كاتب سفر الرؤيا
شخص يهودي ) قيمته العددية تماما هي 666. فهو يكتب بالعبري هكذا.

 

نطق
الحرف بالعبري مقابله باللغة العربية قيمة الحرف العددية نونن 50ريشر 200فافو
6نونن 50قوفق 100صادي ص 60ريشر 200 ____ 666وذكر فوست في تفسيره للكتاب المقدس أن
"بلعام" ذلك العراف الشرير، والذي ذكر في سفر الرؤيا أصحاح2 في خطاب
الروح لملاك كنيسة برغامس (أنظر حاشية 2 صفحة 37) القيمة العددية لاسمه بالعبري هو
666

 

أما
"الكسندر هيسلوب" فإنه اتجه في مرجعه القيم عن مدينتي بابل إلى الآلهة الوثنية
التي عبدها البشر باعتبار أن تاريخ الوثنية في العالم، قديماً وحديثاً، إنما هو
تاريخ متصل. فوجد أن الاسم "ساتورن" أي "زحل" وهو المعبود
الذي يمثل نمرود أول وثني متمرد على الله، وكذا نظيره أوزوريس في الميثولوجيا
المصرية؛ هذا الاسم " ساتورن " يحتوي بالكلداني على أربعة حروف قيمتها
العددية كالآتي:

 

س 60ت
400و 6ر 200 ____ 666والجدير بالذكر أن روما (مقر الكرسي البابوي ) كما ذكر
هيسلوب، كان اسمها قبلاً ساتورنيا أي مدينة ساتورن!

 

أما
إيريناوس، المعلم المسيحي الشهير في القرن الثاني، وتلميذ بوليكاربوس الذي كان تلميذاً
ليوحنا الرائي ؛ فقد فسر هذا الرقم باسم "لاتاينوس" وذكر أنه يشتمل
باللغة اليونانية على 666 كالآتي:

 

نطق
الحرف باليونانية نظيره باللغة الإنجليزية قيمة الحرف العددية لاندا
L 30 ألفا A 1 تاو T 300
إيبسلون
E 5 إوتا I 10ني N 50أوميكرون
O 70 سيجما 200 = 666ويعلق
"ألكسندر هيسلوب" على ذلك قائلاً: من الملفت للنظر أن البابوبة بتمسكها
باللغة اللاتينية، كلغة العبادة الوحيدة في الكنائس التابعة له (وذلك كمظهر للوحدة
بدلا من الروح القدس)، وعندما يُسمي كنيسته الكنيسة اللاتينية، فإنه بهذا اختار
لنفسه الاسم الذي عدده هو 666

 

ثم إن
التاج الرسمي الذي يوضع على رأس البابا -وهو بالأسف مستمد من الإله الوثني داجون-
الإله السمكة، مكتوب عليه كلمة تجديفية باللغة اللاتينية أيضاً وهي
Vicarius Filii Dei وتعني «مكان ابن
الله» أو ممثله على الأرض، باعتباره ليس فقط خليفة لبطرس بل أيضاً ممثل المسيح على
الأرض! هذه الكلمة اللاتينية، القيمة العددية لحروفها باللاتيني هو 666 تماماُ.

 

500 =
Dصفر
=
F 5 = Vصفر
=
E 1 = I 1 = I 1 = I 50 = L 100 = C —- 1 = I S,R,Aلاقيمة لها في اللاتينية 501
1 =
I 1 = I —- 5 = V 53 —- 112

 

وأخيراً
نقول إن أحد المفسرين ويدعي "ت. نايش" في كتابه الحساب الروحي ذكر خمس
كلمات في العهد الجديد اليوناني، لحروف كل كلمة منها على حدة قيمة 666 وهذه
الكلمات كلها تعبر عن الارتداد ونذكرها هنا باختصار.

 

1 –
"أبو للوميتا" (لو8: 24) "إننا نهلك"؛ صرخة التلاميذ عندما
ضربت الأمواج سفينتهم، وهي صورة للعالم الذي تسرب إلى داخل الكنيسة.

 

2 –
"بارادوزيس" (مت 15: 2) وبالعربي "تقليد" حيث سُمح لتقاليد
البشر أن توضع موضع المساواة مع كلمة الله، بل وأن تسمو عليها!

 

3 –
"بلويرون" (يو19: 34) – أي "جنب" – فالمسيح كان قد مات فعلاً،
وقبل موته كان قد نطق بهذا القول «قد أكمل». فطعن جنب يسوع إذاً يعتبر إضافة لعمله
الكامل، الأمر الذي فعله الجندي الروماني قديماً، ثم تبعته فيما بعد الكنيسة
الرومانية كلها.

 

4 –
"إيبوريا" (أع 19: 25) أي "سعة"؛ و هي كلمة لم تستخدم سوي مرة
واحدة في العهد الجديد، وجاءت عن ديمتريوس صانع الهياكل الذي من أفسس، بالارتباط
مع العبادة الوثنية والسجود للتماثيل.

 

5 –
"ديسبوراس" أي "مشتتين". إن مركز المؤمنين الحقيقيين هو «خارج
المحلة»، وهم «غرباء ونزلاء على الأرض». وهذا بلا شك يعبر عن رفض العالم المستمر
للّه ولشعبه بسبب ارتداد العالم عن الله.

 

هذه
بعض المحاولات التي بُذلت في الماضي لتفسير هذا الرقم. على أنه بعد اختطاف الكنيسة
عندما يظهر الوحش فعلاً في روما، فإن الروح القدس سيكشف الأمر للبقية الأمينة في
أورشليم، فيعرفون الوحش بسهولة من رقم اسمه (دا 12: 4، 10)، وسيرفضون أن يضعوا هذا
الرقم على جباههم.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي