الإصحَاحُ
الرَّابعُ عَشَرَ

 

ثالثاً
– خدمة يسوع وتجولاته (14: 1- 17: 27)

1 –
موت يوحنا المعمدان (14: 1- 12)

14: 1
فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ سَمِعَ هِيرُودُسُ رَئِيسُ ٱلرُّبْعِ
خَبَرَ يَسُوعَ، 2 فَقَالَ لِغِلْمَانِهِ: هٰذَا هُوَ يُوحَنَّا
ٱلْمَعْمَدَانُ قَدْ قَامَ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ، وَلِذٰلِكَ
تُعْمَلُ بِهِ ٱلْقُوَّاتُ. فَإِنَّ هِيرُودُسَ كَانَ قَدْ أَمْسَكَ
يُوحَنَّا وَأَوْثَقَهُ وَطَرَحَهُ فِي سِجْنٍ مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا
ٱمْرَأَةِ فِيلُبُّسَ أَخِيهِ، 4 لأَنَّ يُوحَنَّا كَانَ يَقُولُ لَهُ: لا
يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَكَ. 5 وَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ خَافَ مِنَ
ٱلشَّعْبِ، لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ. 6 ثُمَّ لَمَّا صَارَ
مَوْلِدُ هِيرُودُسَ رَقَصَتِ ٱبْنَةُ هِيرُودِيَّا فِي ٱلْوَسَطِ
فَسَرَّتْ هِيرُودُسَ. 7 مِنْ ثَمَّ وَعَدَ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مَهْمَا طَلَبَتْ
يُعْطِيهَا. 8 فَهِيَ إِذْ كَانَتْ قَدْ تَلَقَّنَتْ مِنْ أُمِّهَا قَالَتْ:
أَعْطِنِي هٰهُنَا عَلَى طَبَقٍ رَأْسَ يُوحَنَّا ٱلْمَعْمَدَانِ. 9
فَٱغْتَمَّ ٱلْمَلِكُ. وَلٰكِنْ مِنْ أَجْلِ ٱلأَقْسَامِ
وَٱلْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ أَمَرَ أَنْ يُعْطَى. 10 فَأَرْسَلَ وَقَطَعَ
رَأْسَ يُوحَنَّا فِي ٱلسِّجْنِ. 11 فَأُحْضِرَ رَأْسُهُ عَلَى طَبَقٍ
وَدُفِعَ إِلَى ٱلصَّبِيَّةِ، فَجَاءَتْ بِهِ إِلَى أُمِّهَا. 12
فَتَقَدَّمَ تَلامِيذُهُ وَرَفَعُوا ٱلْجَسَدَ وَدَفَنُوهُ. ثُمَّ أَتَوْا
وَأَخْبَرُوا يَسُوعَ.

يتعرَّض
الملوك والزعماء لتجارب متنوعة، لأنهم يحملون مسئولية كبيرة، ولهم سلطة تنفيذ
تخطيطاتهم، ويزدحم حولهم الكذَّابون والمداهنون والمتزلفون. فسلطتهم الدنيوية
وفخرهم يُبعدهم غالباً عن الله، إلى مرارة العُزلة والخطايا المتنوعة. فيعيشون في
الخوف والأرق والاضطراب. وهكذا سمَّى هيرودس يسوع «روح يوحنا المعمدان، المُقام من
بين الأموات» بعد ما قُتل بأمره.

كان
يوحنا المعمدان مقيّداً في السجن رغم براءته، لأن هيرودس كان إنساناً مدفوعاً
بشهواته، فأخذ امرأة أخيه بحيلة، وبموافقتها، وتزوجها. فسمَّى يوحنا هذا الزنى
المزدوج خطية شنيعة، ومثلاً سيئاً للشعب. فتآمرت هيروديا الزانية على يوحنا
المبكِّت واستطاعت أن تلقيه في السجن.

أما
هيرودس فخاف من يوحنا وصراحته. وكان يستشيره (مرقس 6: 20)، لأنه شعر أن هذا السجين
البار الداعي إلى التوبة هو الوحيد الذي يكلّمه بالحق ولا يداهنه كما تفعل حاشيته.
فكان يوحنا في الحقيقة ملكاً، أما الملك فأسير لشهواته وللأرواح الشريرة. ولكن هدف
تلك الفاجرة كان منحصراً في شيء واحد، هو قتل يوحنا الذي أزعجها.

وأتتها
الفرصة فجأة، إذ دعت ابنتها من زوجها الأول، لترقص أمام عمها الملك السكِّير، فحلف
أن يعطيها أي شيء تطلبه. وبتوجيه أمها الحقودة، طلبت الفتاة رأس يوحنا المعمدان.
وهذه الطلبة انفجرت كقنبلة بين الحاضرين. فاشمأزوا وحزنوا. ولكن الملك حفاظاً على
وعد الشرف الخاطيء، وجد أنه لا بد من تنفيذ وعده، ولم يخف الله، فأمر بقطع رأس
يوحنا مستشاره الأمين.

وهكذا
مات يوحنا المعمدان، أعظم رجل بين البشر وساعي المسيح، شهيداً. مات لأجل خطية
الآخرين ودعوتهم إلى التوبة. فهل تحب سلامتك أكثر من الحق؟ أليس عليك أن تبكِّت
أصدقاءك لأجل خطاياهم بمحبة وتواضع؟ إن التبشير لا يتضمن إبراز النعمة فقط، بل
يتطلب أيضاً التبكيت على الخطايا والذنوب.

الصلاة:
نحمدك أيها الآب للقدوة اللامعة التي قدَّمها نبيُّك يوحنا في تضحية نفسه. فنطلب
منك الجرأة للحق والهُدى في الخدمة، لنخبر أصدقاءنا بحقيقة خطاياهم. نحن لسنا أفضل
منهم، إنما غفرتَ آثامنا وقدّستنا بنعمتك، فنقودهم إلى التوبة والانكسار، كما نحن
حصلنا بواسطة التوبة والانكسار على خلاصك في قوة روحك القدوس.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس يسوعية كاثوليكية عهد قديم سفر أخبار الأيام الثانى 01

 

2 –
إشباع الخمسة آلاف (14: 13-21)

14:
13 فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ ٱنْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ فِي سَفِينَةٍ إِلَى
مَوْضِعٍ خَلاءٍ مُنْفَرِداً. فَسَمِعَ ٱلْجُمُوعُ وَتَبِعُوهُ مُشَاةً مِنَ
ٱلْمُدُنِ. 14 فَلَمَّا خَرَجَ يَسُوعُ أَبْصَرَ جَمْعاً كَثِيراً
فَتَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ وَشَفَى مَرْضَاهُمْ. 15 وَلَمَّا صَارَ ٱلْمَسَاءُ
تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلامِيذُهُ قَائِلِينَ: ٱلْمَوْضِعُ خَلاءٌ
وَٱلْوَقْتُ قَدْ مَضَى. اِصْرِفِ ٱلْجُمُوعَ لِكَيْ يَمْضُوا إِلَى
ٱلْقُرَى وَيَبْتَاعُوا لَهُمْ طَعَاماً. 16 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: لا
حَاجَةَ لَهُمْ أَنْ يَمْضُوا. أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا. 17 فَقَالُوا
لَهُ: لَيْسَ عِنْدَنَا هٰهُنَا إِلاّ خَمْسَةُ أَرْغِفَةٍ وَسَمَكَتَانِ.
18 فَقَالَ: ٱئْتُونِي بِهَا إِلَى هُنَا. 19 فَأَمَرَ ٱلْجُمُوعَ
أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى ٱلْعُشْبِ، ثُمَّ أَخَذَ ٱلأَرْغِفَةَ
ٱلْخَمْسَةَ وَٱلسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ
ٱلسَّمَاءِ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى ٱلأَرْغِفَةَ
لِلتَّلامِيذِ، وَٱلتَّلامِيذُ لِلْجُمُوعِ. 20 فَأَكَلَ ٱلْجَمِيعُ
وَشَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعُوا مَا فَضَلَ مِنَ ٱلْكِسَرِ: ٱثْنَتَيْ
عَشَرَةَ قُفَّةً مَمْلُوءةً. 21 وَٱلآكِلُونَ كَانُوا نَحْوَ خَمْسَةِ
آلافِ رَجُلٍ، مَا عَدَا ٱلنِّسَاءَ وَٱلأَوْلادَ.

ارتعب
تلاميذ يسوع من موت المعمدان، لأنهم كانوا من أتباعه سابقاً لمدة. فاعتزل يسوع مع
حوارييه للصلاة، ليعلّمهم أنَّ وظيفتهم الرسولية تستدعي دائماً المجاهرة بالحق،
ولو كلَّف ذلك الحياة. غير أن المسيح لم ينعَم طويلاً بالهدوء، إذ سرعان ما تراكضت
إليه الجماهير ليستمدوا منه قوة وتعزية وإرشاداً، خاصة بعد قتل المعمدان، الذي
اعتبروه نبياً شهيراً. فاجتمع في البرية أكثر من خمسة آلاف رجل مع عائلاتهم،
محمولين بجوعهم إلى كلمة الله.

إن
العالم حولك مشتاق إلى الخلاص أكثر مما تعلم. فأين شفقتك عليهم؟ إن قوة الله
العاملة فيك تؤهلك للخدمة بمقدار محبتك للضالين. وشهادتك عن المخلّص تحرر القلوب.

ولما
طال الوقت بدأ التلاميذ يتحيرون، ولم ينته المسيح من موعظته القوية. فخافوا أن
تجوع الجماهير، فيسرق بعضهم بعضاً، ويصيح الأطفال عطشاً. فاقترحوا لمعلّمهم أن
يصرف الناس المزدحمين حوله. لكن المسيح قال لهم: أعطوهم أنتم ليأكلوا ويشبعوا فظهر
فقرهم. والمسيح يقول أيضاً لك: كسِّر خبزك للفقير، وبشِّر الجميع بالإنجيل
ليشبعوا. شاركهم بما عندك.

ولا
ضَيرْ عليك أن تعترف مع التلاميذ بأن ليس لديك إلا قليل بالنسبة لحاجة الناس حولك.
طوبى لك إن كان عندك قليل من مواهب الله! ضعها تحت تصرف المسيح ليباركها، فيشبع
بها الآلاف.

ولكن
انتبه إلى ما فعله يسوع. أولاً نظّم الجماهير. وبعدئذ أخذ القليل الذي عندهم، وشكر
أباه السماوي شكراً قلبياً عليه. وهذا كان السر في الأعجوبة أنه شكر للقليل فصار
كثيراً. بعدئذ كسر الخبز بالإيمان فلم ينته حتى شبع الجميع. وبقي كثير من الطعام
كافياً لغير الموجودين من الأسباط الاثني عشر الجائعين إلى البر.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد قديم سفر أخبار الأيام الثانى II Chronicles 13

هل
تشكره على القليل الذي استودعه بين يديك؟ سلّم كل مواهبك وأوقاتك وأموالك ليسوع
شكراً لفدائه، فتتعجب كيف يقوى كثيرين بقوتك الصغيرة.

الصلاة:
أيها الآب، نخجل لقلّة إيماننا وضعف محبتنا. علّمنا أن ندرك جوع الجماهير إلى
الخبز المادي والغذاء الروحي، لنشركهم بالمواهب المعطاة لنا. باركنا وكل تضحياتنا
ليتخلّص كثيرون، وينالوا الحياة الأبدية. قوِّ إيماننا ومحبتنا لتعمل قدرتك اليوم
بيننا.

 

3 –
يسوع يمشي على الماء (14: 22- 36)

14:
22 وَلِلْوَقْتِ أَلْزَمَ يَسُوعُ تَلامِيذَهُ أَنْ يَدْخُلُوا ٱلسَّفِينَةَ
وَيَسْبِقُوهُ إِلَى ٱلْعَبْرِ حَتَّى يَصْرِفَ ٱلْجُمُوعَ. 23
وَبَعْدَمَا صَرَفَ ٱلْجُمُوعَ صَعِدَ إِلَى ٱلْجَبَلِ مُنْفَرِداً
لِيُصَلِّيَ. وَلَمَّا صَارَ ٱلْمَسَاءُ كَانَ هُنَاكَ وَحْدَهُ. 24
وَأَمَّا ٱلسَّفِينَةُ فَكَانَتْ قَدْ صَارَتْ فِي وَسَطِ ٱلْبَحْرِ
مُعَذَّبَةً مِنَ ٱلأَمْوَاجِ. لأَنَّ ٱلرِّيحَ كَانَتْ مُضَادَّةً.
25 وَفِي ٱلْهَزِيعِ ٱلرَّابِعِ مِنَ ٱللَّيْلِ مَضَى
إِلَيْهِمْ يَسُوعُ مَاشِياً عَلَى ٱلْبَحْرِ. 26 فَلَمَّا أَبْصَرَهُ
ٱلتَّلامِيذُ مَاشِياً عَلَى ٱلْبَحْرِ ٱضْطَرَبُوا قَائِلِينَ:
إِنَّهُ خَيَالٌ. وَمِنَ ٱلْخَوْفِ صَرَخُوا! 27 فَلِلْوَقْتِ قَالَ لَهُمْ
يَسُوعُ: تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لا تَخَافُوا.

اعتزل
المسيح عن تلاميذه وعن الجماهير أيضاً ليصلّي في البرية، وعاد التلاميذ سريعاً إلى
واقع دنيانا. لأن العاصفة هبَّت ضدهم، والبحر هاج عليهم، فظنوا أن مخلّصهم بعيد
عنهم، لأنه غير منظور. ونحن أيضاً نختبر التيار الجاري ضدنا، والظلمة الدامسة
المتصاعدة، والخطر المحدق بنا، فيزداد الخوف في العالم أكثر فأكثر.

ولا
بد أن التلاميذ صلّوا منادين باسم مخلّصهم الغير موجود معهم، فأعطاهم تعليماً لن
ينسوه إلى الأبد، فقد جاء إليهم عياناً كما طلبوا، إلهاً منقذاً. ولم يدركه
التلاميذ، لأنهم كانوا غير مؤمنين باستجابة صلاتهم، وظنُّوا أنه شبح. فارتجفوا
وصاحوا خوفاً.

فهل
تؤمن باستجابة صلواتك، أو تعيش خائفاً من الأشباح في الضيق والمشاكل؟ المسيح عندك،
ولو لم تره. آمن به تُحفَظ إلى الأبد.

وقد
أعلن يسوع ذاته للخائفين، قائلاً «أنا هو». هي عبارة معروفة لشعب العهد القديم
كإعلان الله عن ذاته. فزيادة على خلق الخبز من القليل، أعلن المسيح نفسه لأتباعه
إلهاً حقاً، وطرد منهم كل خوف.

 

14:
28 فَأَجَابَهُ بُطْرُسُ: يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ، فَمُرْنِي أَنْ
آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى ٱلْمَاءِ. 29 فَقَالَ: تَعَالَ. فَنَزَلَ بُطْرُسُ
مِنَ ٱلسَّفِينَةِ وَمَشَى عَلَى ٱلْمَاءِ لِيَأْتِيَ إِلَى يَسُوعَ.
30 وَلٰكِنْ لَمَّا رَأَى ٱلرِّيحَ شَدِيدَةً خَافَ. وَإِذِ
ٱبْتَدَأَ يَغْرَقُ صَرَخَ: يَا رَبُّ نَجِّنِي. 31 فَفِي ٱلْحَالِ
مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ لَهُ: يَا قَلِيلَ
ٱلإِيمَانِ، لِمَاذَا شَكَكْتَ؟ 32 وَلَمَّا دَخَلا ٱلسَّفِينَةَ
سَكَنَتِ ٱلرِّيحُ. 33 وَٱلَّذِينَ فِي ٱلسَّفِينَةِ جَاءُوا
وَسَجَدُوا لَهُ قَائِلِينَ: بِٱلْحَقِيقَةِ أَنْتَ ٱبْنُ
ٱللّٰهِ!.

سمع
بطرس إعلان المسيح إنه إله حق، وفهم معنى هذا القول وآمن به. ولكنه شكَّ في
اختباره وحواسه، طالباً البرهان ليتأكد من حقيقة ألوهية المسيح الماشي على الماء،
فجرَّب ربه ليأمره بالمشي إليه على الماء.

فقال
المسيح له كلمة واحدة «تعال». وهذه الكلمة دعوة، تخصني وتخصك. تعال إلى شركة
المسيح، ولا تختر لنفسك هدفاً غيره، فتصبح أقوى من كل عناصر دنيانا.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القمص تادرس يعقوب عهد قديم سفر الملوك الثانى 16

وتجاسر
بطرس رغم ضعفه وشكوكه ونزل من المركب إلى البحر المتموج. وشَخَصَ مبهوتاً إلى
المسيح لأن الماء صار تحت قدميه أرضاً صلبة يمشي عليها. لأن إيمانه ثبت بقوة
الخالق القدير.

وبينما
هو ماشٍ على سطح البحر تذكّر الخطر فجأة، لأنه عارف باللجج والأمواج، فخاف ولم يعد
يفكر بالمسيح، بل تأمل الخطر المُقبل عليه. ولم ينظر إلى هدف مسيره بل للموجة
الهاجمة عليه، فابتدأ يغرق!

أيها
الأخ، كل ما يصرفك عن المسيح ويشغل بالك يسيطر عليك ويخربك. آمن بالمسيح وحده،
واعتبر كل الناس والسلطات بالنسبة له لا شيء. انظر إليه ولا تحوّل عينيك عنه
مطلقاً.

ولما
ابتدأ بطرس يغرق، صرخ فزعاً «يارب نجّني!» وعاد مرة أخرى ينظر إلى هدفه، فلم يرَ
إلا المسيح وحده ماشياً على الماء. فمدَّ يسوع يده، وأمسك به، فنجا. لم يترك
المسيح الخائف، ولم يرفض ذلك الفاشل بالإيمان، بل أمسكه ونجَّاه قبل أن يغرق
نهائياً، وجعل من تحته الماء مرة أخرى صلباً، حاملاً المؤمن بيسوع. فقد خلّصه
المسيح في اللحظة الأخيرة بلا تأخير.

وبعدما
تخلّص بطرس وبخه المسيح لأجل شكوكه. لقد اتكل على اختباراته في الصيد أكثر مما على
ربه. ولكن يسوع يطلب تسليمنا الكامل، لأنه بالإيمان التام تنتصر قوته فينا. فهل
تستسلم لابن الله مؤمناً أنه الرب الحق؟

والتلاميذ
الأحد عشر الآخرون، الذين رأوا وسمعوا هذه الحادثة، فتحوا آذانهم وأفواههم بذهول.
ولما دخل يسوع سفينتهم، وسكتت العاصفة فجأة، أحاطهم هدوء عظيم، كأنهم دخلوا
السماء. فقاموا في سفينتهم، وانحنوا عميقاً، وسجدوا للمنتصر على العناصر، واعترفوا
مرتجفين: أنت بالحقيقة ابن الله. وهذه الكلمة لم تخرج من أفواههم إلا في هذا
اليوم، حيث شاهدوا معجزة الخبز، وسمعوا قول يسوع «أنا هو». ورأوا مشيه على الماء.
فاستناروا مدركين ظهور الله في ابنه بينهم.

 

14:
34 فَلَمَّا عَبَرُوا جَاءُوا إِلَى أَرْضِ جَنِّيسَارَتَ، 35 فَعَرَفَهُ رِجَالُ
ذٰلِكَ ٱلْمَكَانِ. فَأَرْسَلُوا إِلَى جَمِيعِ تِلْكَ
ٱلْكُورَةِ ٱلْمُحِيطَةِ وَأَحْضَرُوا إِلَيْهِ جَمِيعَ
ٱلْمَرْضَى، 36 وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسُوا هُدْبَ ثَوْبِهِ
فَقَطْ. فَجَمِيعُ ٱلَّذِينَ لَمَسُوهُ نَالُوا ٱلشِّفَاءَ.

ظهر
سلطان ابن الله أكثر فأكثر، فاسمه ووجهه ورحمته صارت معروفة في كل البلاد. وآمن
أهل منطقة جنيسارت بأن لمس هدب ثوبه ينقل قوة الله إلى أجسادهم. وسمع يسوع لطلبتهم
فشُفوا بالإيمان وحده بدون أي كلمة. فمن يسمع كلمة الله ويؤمن، يحيا إلى الأبد.

الصلاة:
أيها الرب يسوع المسيح ابن الله الحي، نسجد لك لأنك رب العناصر، والرياح والمياه
تطيعك، والمرض يمضي من قربك. اغفر لنا قلة إيماننا، وعلّمنا السير المتجه إليك بلا
انحراف. لكيلا نغرق في بحر المشاكل، بل نثبت في قدرتك. وإن عثرنا وسقطنا، فخذ
بيدنا. لأن ليس منقذ إلا أنت.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي