الإصحَاحُ
الْخَامِسُ عَشَرَ

 

4 –
تطهير الداخل والخارج (15: 1- 20)

15: 1
حِينَئِذٍ جَاءَ إِلَى يَسُوعَ كَتَبَةٌ وَفَرِّيسِيُّونَ ٱلَّذِينَ مِنْ
أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: 2 لِمَاذَا يَتَعَدَّى تَلامِيذُكَ تَقْلِيدَ
ٱلشُّيُوخِ، فَإِنَّهُمْ لا يَغْسِلُونَ أَيْدِيَهُمْ حِينَمَا يَأْكُلُونَ
خُبْزاً؟ 3 فَأَجَابَ: وَأَنْتُمْ أَيْضاً، لِمَاذَا تَتَعَدَّوْنَ وَصِيَّةَ
ٱللّٰهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ؟ 4 فَإِنَّ ٱللّٰهَ
أَوْصَى قَائِلاً: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَمَنْ يَشْتِمْ أَباً أَوْ أُمّاً
فَلْيَمُتْ مَوْتاً. 5 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: مَنْ قَالَ لأَبِيهِ أَوْ
أُمِّهِ: قُرْبَانٌ هُوَ ٱلَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي. فَلا يُكْرِمُ
أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ. 6 فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ ٱللّٰهِ
بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ! 7 يَا مُرَاؤُونَ! حَسَناً تَنَبَّأَ عَنْكُمْ
إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: 8 يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هٰذَا ٱلشَّعْبُ
بِفَمِهِ، وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي
بَعِيداً. 9 وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ
وَصَايَا ٱلنَّاسِ.

غضب
زعماء اليهود وخافوا من سلطان المسيح الروحي، ففتشوا عن نقاط الضعف في تلاميذه
تمهيداً لإدانته. وقد كان علماء الشريعة يجهّزون الفخ ليصطادوا المسيح بشبكة
أحكامهم.

كان
تلاميذه قد كسروا بعض أحكام الشيوخ التي استنتجوها من التوراة، إذ لم يكونوا
يغسلون أيديهم قبل تناول الطعام. فاشتكى هؤلاء العلماء عليهم، ليس بسبب النظافة،
بل لتجاوزهم التقاليد، التي تعتبر من لا يمارس الغسل نجساً، وصلاته وشهادته
باطلتين. وبذلك جعلوا تفسيرهم للتوراة أهم من التوراة نفسها، التي لا تتضمن مثل
هذه الفرائض.

ولم
يجب على أسئلة هؤلاء الفقهاء، بل حكم عليهم بأنهم هم المتعدّون وصية الله
بتفسيراتهم. بهذا أراد أن يفتح أعينهم لعلهم يرجعون إليه، هو الحي المتجسد. فأراهم
كيف أهملوا خدمة محبة الوالدين، وانكبّوا على جمع المال المختص بالآباء والأمهات،
مدَّعين أنه لخدماتهم الدينية، ناسين أن المحبة هي لبّ وصايا الله.

وسمَّى
المسيح الناموسيين والكتبة «مرائين». وهذه العبارة أثارت البغضة في نفوسهم، حتى
غلت مراجل الحقد في صدورهم. ولكن المسيح لم يلبث أن وبَّخ رياءهم، مستشهداً بكلمة
الله في إشعياء 19: 13، مظهراً أن صلواتهم ليست إلا كلاماً تردده الشفاه، دون شعور
قلبي بحب الله-أي أنهم كانوا ظاهراً أتقياء، وهم في الحقيقة وحوش، فكل عبادتهم
باطلة وبلا قيمة وخالية من القوى المخلصة. فخدعوا أنفسهم وأتباعهم، وعلَّموا
التقاليد المتجمدة، وتركوا المحبة العملية.

وكذلك
لم يعرفوا حقيقة الخلاص المبني على رحمة الله ونعمته، ولم يكن فيهم قلب متجدد، بل
حاولوا تبرير أنفسهم بأعمال خالية من المحبة. فرغم صلواتهم الكثيرة وتبرعاتهم
الضخمة رفض الله عبادتهم لأنها خالية من المحبة.

 

15:
10 ثُمَّ دَعَا ٱلْجَمْعَ وَقَالَ لَهُمُ: ٱسْمَعُوا
وَٱفْهَمُوا. 11 لَيْسَ مَا يَدْخُلُ ٱلْفَمَ يُنَجِّسُ
ٱلإِنْسَانَ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ ٱلْفَمِ هٰذَا يُنَجِّسُ
ٱلإِنْسَانَ. 12 حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ تَلامِيذُهُ وَقَالُوا لَهُ:
أَتَعْلَمُ أَنَّ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ لَمَّا سَمِعُوا ٱلْقَوْلَ
نَفَرُوا؟ 13 فَأَجَابَ: كُلُّ غَرْسٍ لَمْ يَغْرِسْهُ أَبِي ٱلسَّمَاوِيُّ
يُقْلَعُ. 14 اُتْرُكُوهُمْ. هُمْ عُمْيَانٌ قَادَةُ عُمْيَانٍ. وَإِنْ كَانَ
أَعْمَى يَقُودُ أَعْمَى يَسْقُطَانِ كِلاهُمَا فِي حُفْرَةٍ. 15 فَقَالَ بُطْرُسُ
لَهُ: فَسِّرْ لَنَا هٰذَا ٱلْمَثَلَ. 16 فَقَالَ يَسُوعُ: هَلْ
أَنْتُمْ أَيْضاً حَتَّى ٱلآنَ غَيْرُ فَاهِمِينَ؟ 17 أَلا تَفْهَمُونَ
بَعْدُ أَنَّ كُلَّ مَا يَدْخُلُ ٱلْفَمَ يَمْضِي إِلَى ٱلْجَوْفِ
وَيَنْدَفِعُ إِلَى ٱلْمَخْرَجِ، 18 وَأَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنَ
ٱلْفَمِ فَمِنَ ٱلْقَلْبِ يَصْدُرُ، وَذَاكَ يُنَجِّسُ
ٱلإِنْسَانَ، 19 لأَنْ مِنَ ٱلْقَلْبِ تَخْرُجُ أَفْكَارٌ شِرِّيرَةٌ:
قَتْلٌ، زِنىً، فِسْقٌ، سِرْقَةٌ، شَهَادَةُ زُورٍ، تَجْدِيفٌ. 20 هٰذِهِ
هِيَ ٱلَّتِي تُنَجِّسُ ٱلإِنْسَانَ. وَأَمَّا ٱلأَكْلُ
بِأَيْدٍ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ فَلا يُنَجِّسُ ٱلإِنْسَانَ.

هل تبحث عن  ئلة مسيحية لا إله إلا الله ه

متى
يدرك المراؤون أن بولس اعترف بعد الأصحاح السادس من رسالة رومية، الذي تحدث فيه عن
قداسة المؤمن (أي في الأصحاح السابع مباشرة) أن ليس في قلبه شيء صالح حتى ولو بعد
التجديد؟ فالصالح الذي أراده لم يعمله، والشر الذي لم يرده فإياه عمل.

والإنسان
المؤمن حتى بعد تجديده وتقديسه، إن لم يثبت في رحاب المسيح سيجد نفسه يقول «ويحي
أنا الإنسان الشقي! من ينقذني من جسد هذا الموت؟» على أن تمركز المسيح فيه وتسلّطه
عليه باستمرار يقدّس حياته.

لا
يتخلص الإنسان ولا يتقدس بحفظ الناموس، بل بالإيمان بدم المسيح وحده. فلا يرضى
الله إلا بالقلب المنسحق والروح الوديع. ويدفعنا الروح القدس إلى خدمات خيرية،
لننظف غرف بيت جارنا المريض، وندفع ديونه، دون أن يعرف، وبدون أن نذكر كلمة واحدة
عن خدماتنا.

أيها
الأخ، هل تعرف أن قلبك شرير جداً؟ هل عرفت ذنوبك الماضية؟ قدِّم نفسك ليسوع ليغلب
خطاياك ويطهّرك من كل خطية. مع العِلم أن الصراع بين جسدك وروح الرب لا ينتهي. أنت
في حالة حرب خطيرة فلا تطمئن، بل اسهر وصلِّ لكيلا تسقط في تجربة، لأن الروح نشيط،
أما الجسد فضعيف.

الصلاة:
أيها الرب يسوع الحنون، أنت عالم بنفسي وماضيَّ أكثر مما أعرف. خلّصني من نفسي
والرياء وإظهار «الأنا». حررني إلى حرية أولاد الله للتقديس بالإيمان في دمك
الثمين، لأخدم كل محتاج بفرح. قدّسني إلى التمام لكيلا يبقى قلبي ينبوع الشر بل
مصدر المحبة والعفّة والتأني.

 

5 –
إيمان المرأة الفينيقية وتواضعها (15: 21- 28)

15:
21 ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَٱنْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ
وَصَيْدَاءَ. 22 وَإِذَا ٱمْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ
ٱلتُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ: ٱرْحَمْنِي يَا سَيِّدُ يَا
ٱبْنَ دَاوُدَ. اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدّاً. 23 فَلَمْ يُجِبْهَا
بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلامِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ:
ٱصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا! 24 فَأَجَابَ: لَمْ أُرْسَلْ
إِلاّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ ٱلضَّالَّةِ. 25 فَأَتَتْ
وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: يَا سَيِّدُ أَعِنِّي! 26 فَأَجَابَ: لَيْسَ حَسَناً
أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ ٱلْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلابِ. 27 فَقَالَتْ:
نَعَمْ يَا سَيِّدُ. وَٱلْكِلابُ أَيْضاً تَأْكُلُ مِنَ ٱلْفُتَاتِ
ٱلَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا. 28 حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ
لَهَا: يَا ٱمْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ.
فَشُفِيَتِ ٱبْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ.

هل تبحث عن  م المسيح المسيح ومعجزاتة 01

بعدما
وبخ المسيح أهل التقوى الشكلية لأجل نسخ وصية الله بتقاليدهم وخداعهم أنفسهم، ثار
هؤلاء في كل المجامع وحرّضوا وجوه الشعب ضد يسوع، ليرفضوه ويتجسسوا عليه ويسلموه
للهلاك. والجماهير التي أكلت قبل ذلك من نعمة المسيح، ابتعدت عنه أكثر فأكثر،
خائفة من الزعماء، فتأججت البغضة، وابتدأ الارتداد العام.

فترك
يسوع أمته، والتجأ إلى عَبَدة الأصنام. فابتدأ الفينيقيون يؤمنون به، بينما أتقياء
أمته رفضوه. وجاءت امرأة ريفية غير مثقفة، وجثت عند قدمي يسوع، مؤمنة وطالبة شفاء
ابنتها المجنونة جداً. فلم يجبها المسيح بكلمة واحدة. واعتبر تلاميذه استغاثة
المرأة إزعاجاً يلفت النظر إليهم. فطلبوا من ربهم أن يساعدها، ليس حباً لها، بل
تخلُّصاً من لجاجتها وصوتها.

لكن
المسيح أوضح لهم وصية أبيه السماوي، أنه مرسل أولاً إلى الضالّين في شعبه ليخلّصهم
من جنون تصلُّبهم وخداعهم لأنفسهم.

أما
المرأة فلم تَكُفّ عن صياحها ولم تتركه، بل سجدت له وسط الطريق، معترضة سبيله
لتجبره أن يشفي ابنتها – مما يدل على أنها آمنت بقدرته الإلهية الفائقة. وهذا
الإيمان غلب، فتحنن المسيح عليها ونقَّى إيمانها، وقادها إلى معرفة نفسها بواسطة
امتحان صارم. وسمَّاها وكل الشعوب التي على الأرض كلاباً، إذ يمشون بلا تعقّل بحسب
شهواتهم، وليس عندهم ناموس ولا استنارة بوحي الله، فكلمة الله وحدها تنير الناس
وتهذّب القلب وتغيّر الذهن. وإلا فكلّنا نشبه الكلاب في عدم معرفة الخالق.

وقبلت
المرأة هذا اللقب الدنيء، لأنه قيل لها بالمحبة والحق، موضّحاً حالة البشر
بالصواب. فغلبت المؤمنة تباطؤ المسيح لشفائها. لقد خلَّص نفسها أولاً من الكبرياء
ثم شفى ابنتها. فتواضَعْ حالاً مثل هذه المرأة الفينيقية، واعتبر نفسك أنجس خاطيء
أمام الله، فتعرف الحقيقة وتطلب التطهير لذاتك أولاً.

وبعد
ما اجتازت هذه المرأة الامتحان الإلهي وتواضعت جداً، أكرمها يسوع إكراماً كبيراً،
لأنها باكورة الأمم، فسمَّى إيمانها عظيماً، قادراً أن ينقل الجبال وينال الشفاء.

ظنَّ
البعض أن المسيح هنا يعلن أن خدمته قاصرة على اليهود، ولكن الحقيقة هي أن المسيح
كان يعلّم تلاميذه أن حقل الخدمة مفتوح للأمم، فهو مخلّص العالم كله. وكان صوت
المسيح هو الذي شجَّع بطرس ليحمل رسالة الإنجيل إلى الوثني كرنيليوس.

الصلاة:
أيها الرب العادل الرؤوف، أعترف قدَّامك بكبريائي، التي تمنع حلول خلاصك في شعبي.
خلّصني من نفسي لأعرف نجاساتي. لست كاملاً، فاشفني من خبثي لأخدمك بإيمان ثابت،
فيتخلّص أصدقائي. ولا نتركك، إن لم تباركهم.

 

6 –
إشباع الأربعة آلاف (15: 29-39)

15:
29 ثُمَّ ٱنْتَقَلَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى جَانِبِ بَحْرِ
ٱلْجَلِيلِ، وَصَعِدَ إِلَى ٱلْجَبَلِ وَجَلَسَ هُنَاكَ. 30 فَجَاءَ
إِلَيْهِ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ، مَعَهُمْ عُرْجٌ وَعُمْيٌ وَخُرْسٌ وَشُلٌّ
وَآخَرُونَ كَثِيرُونَ، وَطَرَحُوهُمْ عِنْدَ قَدَمَيْ يَسُوعَ. فَشَفَاهُمْ 31
حَتَّى تَعَجَّبَ ٱلْجُمُوعُ إِذْ رَأَوُا ٱلْخُرْسَ يَتَكَلَّمُونَ،
وَٱلشُّلَّ يَصِحُّونَ، وَٱلْعُرْجَ يَمْشُونَ، وَٱلْعُمْيَ
يُبْصِرُونَ. وَمَجَّدُوا إِلٰهَ إِسْرَائِيلَ.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد جديد إنجيل يوحنا John 15

جلس
يسوع على جبل في برية الجليل، ولم يستطع الدخول إلى مدينته كالعادة، لأن الفريسيين
اضطهدوه وحرَّضوا الشعب ضده. أما المساكين فتقدّموا إليه سراً ليتخلّصوا من
أوجاعهم، فالمسيح هو الرجاء الوحيد لعالمنا المريض. الشلّ طلبوا مَنْ يحملهم إليه
فشفاهم، والخرس فكّ عقدة ألسنتهم. وإنجيله بمحبة الله خلّص كثيرين ليرجعوا إليه
ويثبتوا فيه.

وهكذا
لم تفارقه جماهير المحتاجين والبسطاء ليلاً ولا نهاراً، لأنهم لاحظوا ابتعاده عن
الجليل أخيراً. فأرادوا أن يستفيدوا منه، ولو كلّفهم ذلك تحمُّل الجوع والصعوبات
وسط الصحراء. فبقوا عند المسيح لينالوا منه القوة. كم تمكث مع المسيح، دقائق،
ساعات، أياماً، أو كل حياتك؟ فإنه حيث المسيح تعمل قوة الله للخلاص.

 

15:
32 وَأَمَّا يَسُوعُ فَدَعَا تَلامِيذَهُ وَقَالَ: إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى
ٱلْجَمْعِ، لأَنَّ ٱلآنَ لَهُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ يَمْكُثُونَ مَعِي
وَلَيْسَ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ. وَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ أَصْرِفَهُمْ صَائِمِينَ
لِئَلاّ يُخَوِّرُوا فِي ٱلطَّرِيقِ. 33 فَقَالَ لَهُ تَلامِيذُهُ: مِنْ
أَيْنَ لَنَا فِي ٱلْبَرِّيَّةِ خُبْزٌ بِهٰذَا ٱلْمِقْدَارِ،
حَتَّى يُشْبِعَ جَمْعاً هٰذَا عَدَدُهُ؟ 34 فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: كَمْ
عِنْدَكُمْ مِنَ ٱلْخُبْزِ؟ فَقَالُوا: سَبْعَةٌ وَقَلِيلٌ مِنْ صِغَارِ
ٱلسَّمَكِ. 35 فَأَمَرَ ٱلْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى
ٱلأَرْضِ، 36 وَأَخَذَ ٱلسَّبْعَ خُبْزَاتٍ وَٱلسَّمَكَ،
وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى تَلامِيذَهُ، وَٱلتَّلامِيذُ أَعْطَوُا
ٱلْجَمْعَ. 37 فَأَكَلَ ٱلْجَمِيعُ وَشَبِعُوا. ثُمَّ رَفَعُوا مَا
فَضَلَ مِنَ ٱلْكِسَرِ سَبْعَةَ سِلالٍ مَمْلُوءَةٍ، 38 وَٱلآكِلُونَ
كَانُوا أَرْبَعَةَ آلافِ رَجُلٍ مَا عَدَا ٱلنِّسَاءَ وَٱلأَوْلادَ. 39
ثُمَّ صَرَفَ ٱلْجُمُوعَ وَصَعِدَ إِلَى ٱلسَّفِينَةِ وَجَاءَ إِلَى
تُخُومِ مَجْدَلَ.

نظر
المسيح إلى الجماهير الجائعة، الذين بقوا عنده ثلاثة أيام وثلاث ليال وسمعوا
كلماته وشاهدوا أعماله العجيبة، فتألم من ضيقهم وأشفق عليهم وهم مزدحمون حوله.
ولما طلب إلى تلاميذه أن يساعدوهم، اعترفوا بعجزهم. أما المسيح فعلّمهم مرة أخرى
مبدأه: أنه يعمل من القليل كثيراً إذا وُضِعَ تحت تصرّفه بإيمان. وصلى المسيح أمام
المتكئين حوله، وشكر أباه على القليل الذي بين يديه. ولم يكن يسوع محتاجاً إلى هذه
الصلاة لأنه الله بالذات. ولكنه كان متواضع القلب، مشتاقاً للتكلم مع أبيه فأخلى
نفسه ورفض الحياة منفصلة عنه، ثابتاً في إنسجام كامل معه. فشكره للخبز القليل الذي
صار فائضاً متزايداً. ثم أعطى المسيح الخبز والسمك لتلاميذه، فكفى لإشباع الأربعة
آلاف رجل مع عائلاتهم.

أيها
الأخ، آمن بقدرة محبة المسيح وسلِّمه حياتك، فيستخدم مواهبك الضئيلة، ويجعلها بركة
عظيمة للألوف. ضع وقتك ومالك وحياتك تحت تصرف الرب، وكرّس نفسك له على الدوام،
فتختبر عجائب من قدرته.

الصلاة:
أيها الآب، قد خلقت الكون من لا شيء، ولدتنا ثانية من محبة الغافرة. علّمنا
الإيمان والشكر، لكيلا نرفض قدرتك بشكوكنا. أنت تحب المساكين والصغار، وترحمهم
دائماً، فساعدنا لنرافقك إلى خدمتهم. ونشكرك للمواهب المُعطاة لنا، ونكرّس حياتنا
شكراً لك. فخذ بيدي وقدني كما تشاء.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي