الإصحَاحُ
الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ

 

ثانياً
– المسيح يوبّخ شيوخ اليهود (23: 1- 39)

1 –
الويل للفريسيين والكتبة (23: 1- 33)

23: 1
حِينَئِذٍ خَاطَبَ يَسُوعُ ٱلْجُمُوعَ وَتَلامِيذَهُ 2 قَائِلاً: عَلَى
كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ، 3 فَكُلُّ
مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَٱحْفَظُوهُ وَٱفْعَلُوهُ،
وَلٰكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لا تَعْمَلُوا، لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلا
يَفْعَلُونَ. 4 فَإِنَّهُمْ يَحْزِمُونَ أَحْمَالاً ثَقِيلَةً عَسِرَةَ
ٱلْحَمْلِ وَيَضَعُونَهَا عَلَى أَكْتَافِ ٱلنَّاسِ، وَهُمْ لا
يُرِيدُونَ أَنْ يُحَرِّكُوهَا بِإِصْبِعِهِمْ، 5 وَكُلَّ أَعْمَالِهِمْ
يَعْمَلُونَهَا لِكَيْ تَنْظُرَهُمُ ٱلنَّاسُ، فَيُعَرِّضُونَ عَصَائِبَهُمْ
وَيُعَظِّمُونَ أَهْدَابَ ثِيَابِهِمْ، 6 وَيُحِبُّونَ ٱلْمُتَّكَأَ
ٱلأَوَّلَ فِي ٱلْوَلائِمِ، وَٱلْمَجَالِسَ ٱلأُولَى فِي
ٱلْمَجَامِعِ، 7 وَٱلتَّحِيَّاتِ فِي ٱلأَسْوَاقِ، وَأَنْ
يَدْعُوَهُمُ ٱلنَّاسُ: سَيِّدِي سَيِّدِي!

قال
يسوع للفريسيين أنهم حصلوا وقاموا بوظيفة التعليم في العهد القديم كخلفاء موسى،
فاعتبر الرب هذه الوظيفة مهمة، ونبَّه تلاميذه أن يتعمَّقوا في دراسة التوراة
والأنبياء، ويقبلوا التفسيرات الدقيقة من الكتبة.

إنما
الأهم من المعرفة هو تطبيقها. فمن السهل أن يعلّم أو يفسّر أحدٌ الناموس، ولكن
إتمامه صعب. فويل للذي يفرض على الآخرين واجبات ثقيلة لا يعمل بها.

علَّم
الفريسيون أن من يتجاوز وصية واحدة يكون مستوجب حكم الموت، كأنه تجاوز الناموس
كله، لأن التجاوز يعني تعدّياً على الله بالذات.

ورغم
أن معلّمي الناموس علموا أنهم جميعاً تحت حكم الموت، إلا أنهم هربوا من الحقيقة،
متمسكين بربط الأيدي بسير من الجلد أثناء الصلاة، والوضوء والغسلات، وتخييط أهداب
من أسفل الثوب تدل كلٌّ منها على وصية أو أمر أو نهي، فأوجدوا ألوف الأحكام
والطقوس ليُسكِتوا صوت ضمائرهم، وبهذا شددوا على حفظ الناموس وتطبيقه وهم لا
يعلمون.

 

23: 8
وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلا تُدْعَوْا سَيِّدِي، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ
ٱلْمَسِيحُ، وَأَنْتُمْ جَمِيعاً إِخْوَةٌ. 9 وَلا تَدْعُوا لَكُمْ أَباً
عَلَى ٱلأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ ٱلَّذِي فِي
ٱلسَّمَاوَاتِ. 10 وَلا تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ
وَاحِدٌ ٱلْمَسِيحُ. 11 وَأَكْبَرُكُمْ يَكُونُ خَادِماً لَكُمْ. 12 فَمَنْ
يَرْفَعْ نَفْسَهُ يَتَّضِعْ، وَمَنْ يَضَعْ نَفْسَهُ يَرْتَفِعْ.

كل من
يدَّعي أنه أفضل من الآخرين لأنه معلم أو قسيس يخطيء، إذ ليس بمعرفتنا تظهر درجة
صلاحنا، بل بمحبتنا ولطفنا. ومن يبرز نفسه ويرتفع ليكرمه الناس هو مسكين، فلا فرق
في الكنيسة بين الأعضاء بالنسبة لشخصياتهم، بل بالنسبة لخدماتهم. كلهم تلاميذ
المسيح وهو معلمهم. الكل خطاة وهو مخلّصهم، والكل صاروا إخوة لأن الله أبوهم،
والروح القدس يرشد الجميع ليشتركوا في سباق التواضع. فالله منح ضِمْن الكنيسة
للجميع نفس الجوهر ونفس الحق وذات القوة، لأن الآب واحد، والصليب واحد، والروح
القدس واحد. فماسح الغبار عن مقاعد الكنيسة ربما كان أعظم من المتكلم على المنبر،
فليس أحد أفضل من الآخر، لأن الروح يدفعنا نحو الوحدة ليُعين كل عضو الآخر ويسنده
ويستره ويكمله. فالمحبة هي رباط الكمال.

 

23:
13 لٰكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ
ٱلْمُرَاؤُونَ، لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَاوَاتِ
قُدَّامَ ٱلنَّاسِ فَلا تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلا تَدَعُونَ
ٱلدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ!

عندما
يقول الله «ويل» تأتي الدينونة حتماً، وعندما يقول المسيح «ويل» ثماني مرات،
فمعناه أن الفساد قد تضاعف، ولا بد من العقوبات الإلهية.

ما هي
خطية الأتقياء؟ إنها الرياء. يتصرف كالأبرار بينما يثبت في الخطية، ويتبرع ظاهراً
ولكن بلا محبة في قلبه، وفي كل هذه الأعمال الدينية يظن أنه غير محتاج إلى التوبة
والتغيير الفكري، مكتفياً بذاته، ومتكلاً على بر نفسه، فلا يطلب مخلّصاً بل يبغضه.
ولهذا أحب المسيح الخطاة أكثر من الأتقياء المتظاهرين بالتقوى، لأن الأولين تابوا
فطابوا، والآخرون لم يتوبوا فتقسُّوا.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس يسوعية كاثوليكية عهد قديم سفر الخروج 06

 

23:
14 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ
ٱلْمُرَاؤُونَ، لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ ٱلأَرَامِلِ،
وَلِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذٰلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً
أَعْظَمَ.

أحب
الفريسيون المال كبرهان لبركة الله في حياتهم، فاستخدموا معرفتهم بالناموس
ومهارتهم في الصلاة لإغناء أنفسهم، وذهبوا إلى الأرامل الغنيات ليقدموا لهن
مشوراتهم بخصوص الحقوق الشرعية المتعلّقة بالإرث، وختموا اقتراحاتهم بصلوات حفظوها
غيباً. وأثناء تلاوتها يدور كل فكرهم حول المبلغ الذي سوف يتناولونه من الأرملة.
وقد كشف المسيح هذا الرياء جهراً، وسمّى نتيجة هذه الصلوات، «عدم بركة» بل «دينونة
الله» على المرائين.

 

23:
15 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ
ٱلْمُرَاؤُونَ، لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ ٱلْبَحْرَ وَٱلْبَرَّ
لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِداً، وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ٱبْناً
لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفاً!

في
زمن يسوع اجتهد كثير من اليهود لنشر دينهم عن وحدانية الله في العالم. وكثيرون من
الناس في ذلك الوقت كانوا قد شبعوا من الخرافات اليونانية وآلهتها المتخاصمة فيما
بينها، وتلذذوا من معرفة أن الله واحد، والوصايا العشر الواضحة.

ولكن
هذا الاحترام المبتديء المكرّس بالمعمودية والختان تلاشى، وحلَّ محلّه الجدل حول
المباديء الناموسية، فالتفتوا إلى المظاهر الخارجية، فتقسّوا أكثر من الفريسيين
المنافقين.

 

23:
16 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْقَادَةُ ٱلْعُمْيَانُ
ٱلْقَائِلُونَ: مَنْ حَلَفَ بِٱلْهَيْكَلِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ،
وَلٰكِنْ مَنْ حَلَفَ بِذَهَبِ ٱلْهَيْكَلِ يَلْتَزِمُ! 17 أَيُّهَا
ٱلْجُهَّالُ وَٱلْعُمْيَانُ، أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلذَّهَبُ أَمِ
ٱلْهَيْكَلُ ٱلَّذِي يُقَدِّسُ ٱلذَّهَبَ؟ 18 وَمَنْ حَلَفَ
بِٱلْمَذْبَحِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلٰكِنْ مَنْ حَلَفَ بِٱلْقُرْبَانِ
ٱلَّذِي عَلَيْهِ يَلْتَزِمُ! 19 أَيُّهَا ٱلْجُهَّالُ
وَٱلْعُمْيَانُ، أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلْقُرْبَانُ أَمِ ٱلْمَذْبَحُ
ٱلَّذِي يُقَدِّسُ ٱلْقُرْبَانَ؟ 20 فَإِنَّ مَنْ حَلَفَ
بِٱلْمَذْبَحِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِكُلِّ مَا عَلَيْهِ، 21 وَمَنْ حَلَفَ
بِٱلْهَيْكَلِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِالسَّاكِنِ فِيهِ، 22 وَمَنْ حَلَفَ
بِٱلسَّمَاءِ فَقَدْ حَلَفَ بِعَرْشِ ٱللّٰهِ وَبِالْجَالِسِ
عَلَيْهِ!

من
يحلف ليقوّي كلماته يكن كاذباً، ويريد بحلفانه تغطية عدم يقين أقواله. فالفريسيون
وقعوا في مشكلة. أرادوا منع الأكاذيب الكثيرة بواسطة حلفان قوي. وما كان جائزاً
عندهم ذكر اسم الله باطلاً، لأن مجرد نطق هذا الاسم محسوب تجديفاً. فاقترحوا ألا
يحلف الإنسان بالهيكل، بل بقشرة الهيكل المذهّبة. وحسبوا أيضاً الحلف بمذبح الله
مخيفاً، فاقترحوا الذبيحة المشتراة بالمال للحلف بها.

وأما
المسيح فمنعنا من استخدام الحلف لتثبيت الحق، لأنه ينبغي أن تكون أقوالنا أمينة
وصادقة، لأننا مسؤولون أمامه، وهو فاحص أقوالنا.

 

23:
23 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ
ٱلْمُرَاؤُونَ، لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ ٱلنَّعْنَعَ
وَٱلشِّبِثَّ وَٱلْكَمُّونَ، وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ
ٱلنَّامُوسِ: ٱلْحَقَّ وَٱلرَّحْمَةَ وَٱلإِيمَانَ. كَانَ
يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هٰذِهِ وَلا تَتْرُكُوا تِلْكَ. 24 أَيُّهَا
ٱلْقَادَةُ ٱلْعُمْيَانُ، ٱلَّذِينَ يُصَفُّونَ عَنِ
ٱلْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ ٱلْجَمَلَ!

بالغ
الفريسيون في إنشاء البرّ المبني على الأعمال الذاتية، حتى أنهم عشَّروا البهارات!
وكل شيء استعملوه في حياتهم، جعلوا منه عُشراً للهيكل، ليحصلوا بذلك على تبريرهم.

أما
المسيح فلم يلزمنا بالعُشر، بل أرشدنا لنحقق الحق ونمارس الرحمة ونثبت في الإيمان،
فأرشدنا ألاّ نضحّي بالعُشر فقط، بل أن نبذل أنفسنا كلها شكراً لتضحية المسيح
الكاملة عوضاً عنَّا. فالإيمان العامل في المحبة هو التقوى المقبولة عند الله.

هل تبحث عن  ئلة مسيحية إحتجاج سيدة لوصف لقب عملها بالمذكر ر

وسمَّى
يسوع الناموسيين الأبرار عند ذواتهم عمياً وأشراراً، لم يروا طريق الله المستقيم
ولم يعرفوه. إنما يدَّعون أنهم قادة أفواج السوّاح إلى السماء. وأثناء اجتهادهم
يصفّون الماء من البعوض، ولكنهم عمي لا يرون الكؤوس التي يقدمونها لأتباعهم وقد
مُلئت حيوانات ضخمة كالجمال.

 

23:
25 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ
ٱلْمُرَاؤُونَ، لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ ٱلْكَأْسِ
وَٱلصَّحْفَةِ، وَهُمَا مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوآنِ ٱخْتِطَافاً
وَدَعَارَةً! 26 أَيُّهَا ٱلْفَرِّيسِيُّ ٱلأَعْمَى، نَقِّ أَوَّلاً
دَاخِلَ ٱلْكَأْسِ وَٱلصَّحْفَةِ لِكَيْ يَكُونَ خَارِجُهُمَا أَيْضاً
نَقِيّاً.

اعتاد
الفريسيون في بيوتهم أن ينظفوا كل كأس وصحن من الخارج ومن الداخل، ليس بقصد
النظافة الصحية الضرورية، بل لأجل الطقوس الدينية، لئلا يتنجسوا إن سقط غبار من
إنسان نجس على أوانيهم. وبنفس الوقت لا يهتمون إن كان الذي صبّوه في الكؤوس
مسروقاً، أو إن قادهم الجشع إلى الدعارة! فشطب يسوع بجملة واحدة كل الأحكام
التطهيرية، وطلب من المرائين تطهير القلب.

 

23:
27 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ
ٱلْمُرَاؤُونَ، لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُوراً مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ
خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ
نَجَاسَةٍ. 28 هٰكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ
لِلنَّاسِ أَبْرَاراً، وَلٰكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِلٍ مَشْحُونُونَ رِيَاءً
وَإِثْماً!

لم
يعتبر اليهود الجثث نجسة فقط، بل أيضاً القبور. فمن داس عليها مصادفة كان عليه أن
يخضع لأحكام التطهير الطويلة المتعِبة. فكانت العادة عند اليهود أن يدهنوا قبل
موسم الفِصح جميع القبور التي حول أورشليم بكلس أبيض لامع، ليقدر الحجاج أن
يتقدَّموا إليها بلا عثرة.

ووضح
يسوع لأتقياء زمنه أنهم يظهرون من الخارج بيضاً لامعين، ولكن في داخلهم ممتلئين
بالموت والرائحة الكريهة. فالمسيح يسمِّي المرائين قبوراً نتنة. وهذه العبارة كانت
تُحسب في حينها من أشدّ الإهانات التي يمكن نطقها. ويسوع حاول بهذه القساوة زعزعة
شيوخ شعبه عن برّهم الذاتي، ليدركوا حقيقة قلوبهم، ولكنهم لم يتوبوا لأن إيمانهم
بذواتهم ارتفع كجبل عالٍ جداً.

 

23:
29 وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ
ٱلْمُرَاؤُونَ، لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ ٱلأَنْبِيَاءِ
وَتُزَيِّنُونَ مَدَافِنَ ٱلصِّدِّيقِينَ، 30 وَتَقُولُونَ: لَوْ كُنَّا فِي
أَيَّامِ آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُمْ فِي دَمِ ٱلأَنْبِيَاءِ! 31 فَأَنْتُمْ
تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ
ٱلأَنْبِيَاءِ. 32 فَٱمْلَأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33
أَيُّهَا ٱلْحَيَّاتُ أَوْلادَ ٱلأَفَاعِي، كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ
دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟

في
زمن يسوع بنى المسؤولون في الشعب للشهداء الأنبياء الذين قُتلوا من أجل شهادتهم
أضرحة عظيمة، لينجوا من العقاب الآتي، لأن آباءهم قتلوا هؤلاء الرسل، فحاول أبناء
القتلة تغطية عار عشائرهم وجرائمهم بإنشاء أبنية فخمة للأبرار. وهذه كانت برهاناً
على ذنب الأجيال كلها.

وفي
غضبه القدوس سمّى أصحاب البر الذاتي «حيَّات وأفاعي» التي هي أنسال الحيَّة
الأصلية: الشيطان، الممتليء بالحيلة والغش والخبث والسموم. ورسم قدَّام أعينهم
جهنم، كأنها فاتحة فاها لابتلاع الأمة كلها، إن لم يتوبوا بأسرع وقت ممكن.

والمسيح
يُنزِل ويلاته حتى اليوم على المدن والقرى المسيحية أولاً، ويحذرّهم من المحبة
الناقصة واللامبالاة في الإيمان. فويل لنا نحن المسيحيين إن لم نتب سريعاً ونخدم
يسوع القدوس، لتحلّ حياته فينا، فنعيش بالتواضع واللطف والإيمان.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ذ ذبيحة المساء ء

الصلاة:
أيها الله القدوس، أنت قدوس. ودينونتك عادلة. نشكرك لصبرك العظيم. علِّمنا التوبة
السريعة لننكسر نحن وكل أصدقائنا، لكيلا نشترك في الغضب الآتي. نجّنا من الرياء
والاستكبار، واخلق فينا قلباً جديداً، وروحاً مستقيماً جدِّد في داخلنا.

 

2 –
نداء يسوع لأورشليم (23: 34-39)

23:
34 لِذٰلِكَ هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ
وَكَتَبَةً، فَمِنْهُمْ تَقْتُلُونَ وَتَصْلِبُونَ، وَمِنْهُمْ تَجْلِدُونَ فِي
مَجَامِعِكُمْ، وَتَطْرُدُونَ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ، 35 لِكَيْ يَأْتِيَ
عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ زَكِيٍّ سُفِكَ عَلَى ٱلأَرْضِ، مِنْ دَمِ هَابِيلَ
ٱلصِّدِّيقِ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا ٱلَّذِي قَتَلْتُمُوهُ
بَيْنَ ٱلْهَيْكَلِ وَٱلْمَذْبَحِ. 36 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:
إِنَّ هٰذَا كُلَّهُ يَأْتِي عَلَى هٰذَا ٱلْجِيلِ!

إن
تكريم الإنسان لنفسه رغبة جارية في دمه، فالأناني المتديّن لا بد أن يتظاهر
بالتقوى، لأنه لم يتب عن كبريائه. وكل من يستعمل الناموس لتغطية خبثة يقسِّي نفسه.

هل
فهمت أنك خاطيء؟ فإن أصابتك كلمة المسيح، فإما أن تتوب أو تتقسّى. ولكن اليهود
قتلوا في عماهم عبيد الله، وأخيراً صلبوا القدوس، ظانين أنهم يخدمون الله. فلعنوا
أنفسهم في يوم محاكمة المسيح لما صرخوا «دمه علينا وعلى أولادنا». وهكذا صار!

 

23:
37 يَا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ، يَا قَاتِلَةَ ٱلأَنْبِيَاءِ
وَرَاجِمَةَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ
أَوْلادَكِ كَمَا تَجْمَعُ ٱلدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا،
وَلَمْ تُرِيدُوا. 38 هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَاباً! 39 لأَنِّي
أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لا تَرَوْنَنِي مِنَ ٱلآنَ حَتَّى تَقُولُوا:
مُبَارَكٌ ٱلآتِي بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ!.

أشدّ
ما تألم منه المسيح هو غلاظة الناموسيين المتمسكين بشريعة الله، وليس الخطاة.

كم
مرة جرَّب المسيح أن يدعوهم إليه! وكم مرة أعطاهم آيات محبته وقدرته! ولكن قد حانت
النهاية. وهكذا سمَّى يسوع أورشليم «قاتلة الأنبياء والرسل». فسمَّى محور الحضارة
وحامية بيت الله «قاتلة». ما أشد الحكم النازل على القدس والمدن أجمع!

أحب
يسوع أولاد القاتلة أيضاً، ورسم محبة الله وعنايته بواسطة احتضان الدجاجة لفراخها
تحت جناحيها، حماية من النسر. وبهذه الصورة أعلن يسوع عن استعداده ليجمع الضالين
كلهم، ويموت عنهم، ليخلّصهم من غضب الله، إن التجأوا إلى ربهم.

لكنهم
أظهروا رفضه أكثر فأكثر، ولم يشاءوا الاعتراف بخطاياهم، فأتت دينونة الله على
أورشليم. وقد خربت المدينة المقدسة سنة 70 ب م. وبين السنوات 132- 135 م خربت
البلاد الباقية كلها. ومنذ ذلك الوقت تشتت أعضاء العهد القديم بين الأمم المحتقِرة
منهم. ولن يروا المسيح رجاءهم، إلا إذا تابوا عن شر قلبهم، وآمنوا بابن الله
المصلوب. حينئذ فقط ترتفع اللعنة عنهم، فتجري أنهار المياة الحيَّة من مدينة القدس
المقدسة، إلى البراري الميتة التي حولها. ولذلك نصرخ: تعال أيها الرب يسوع! إنك
آتٍ إلى أرضنا، ونحن في انتظارك. تعال سريعاً!

الصلاة:
أيها الرب القدوس نحن متكبرون، أما ابنك فيحب المنكسرين المحتاجين إليه. اغفر لنا
نقص محبتنا، واملأنا بقوة محبتك لنخدمك بقلوب تائبة، ونبشّر بملكوتك، ليتوب كل
الناس، ويتعالى الصوت: تعال أيها الرب يسوع! مبارك الآتي باسم الرب.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي