الإصحَاحُ
السَّابعُ

 

الفصل
الرابع عشر

الارتقاء
في العلاقات

(متى
7 : 1-6)

 

«1
لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا، 2 لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا
تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ.

 

3
وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ
الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ 4 أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ :
دَعْنِي أُخْرِجِ الْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ، وَهَا الْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ. 5 يَا
مُرَائِي! أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ
جَيِّداً أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ!

 

6 لاَ
تُعْطُوا الْقُدْسَ لِلْكِلاَبِ، وَلاَ تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ
الْخَنَازِيرِ، لِئَلا تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا، وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ»
(متى 7 : 1-6).

 

نسقط
جميعنا في خطية انتقاد الآخرين نقداً هداماً، دون أن نعرف ظروفهم.. أو نعرفها
فنصدر عليهم أحكاماً شخصية قاسية. ويعلمنا المسيح أن نرتقي في علاقاتنا مع الناس،
فلا نسرع في إصدار أحكام الإدانة عليهم، متذكرين القول الرسولي : «مَنْ أَنْتَ
الَّذِي تَدِينُ عَبْدَ غَيْرِكَ؟ هُوَ لِمَوْلاَهُ يَثْبُتُ أَوْ يَسْقُطُ.
وَلَكِنَّهُ سَيُثَبَّتُ، لأَنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُثَبِّتَهُ» (رومية 14 : 4)،
فكم من أشخاص حُكم عليهم ظلماً وبهتاناً، مثل المسيح الذي «أَسْلَمُوهُ حَسَداً»
(متى 27 : 18).

 

ويورد
المسيح ثلاث ملاحظات عن إدانة الآخرين :

 

1-
الله ديان الجميع : (آيتا 1، 2).

لا
يجب أن ندين الآخرين إدانة هدامة، حتى لا يديننا الله دينونة عادلة نستحقها
«لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنَّنَا جَمِيعاً نُظْهَرُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ،
لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ بِالْجَسَدِ بِحَسَبِ مَا صَنَعَ، خَيْراً
كَانَ أَمْ شَرّاً» (2كورنثوس 5 : 10). « وَأَمَّا أَنْتَ فَلِمَاذَا تَدِينُ
أَخَاكَ؟ أَوْ أَنْتَ أَيْضاً لِمَاذَا تَزْدَرِي بِأَخِيكَ؟ لأَنَّنَا جَمِيعاً
سَوْفَ نَقِفُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ» (رومية 14 : 10).

 

«لِذَلِكَ
أَنْتَ بِلاَ عُذْرٍ أَيُّهَا الإِنْسَانُ، كُلُّ مَنْ يَدِينُ. لأَنَّكَ فِي مَا
تَدِينُ غَيْرَكَ تَحْكُمُ عَلَى نَفْسِكَ. لأَنَّكَ أَنْتَ الَّذِي تَدِينُ
تَفْعَلُ تِلْكَ الأُمُورَ بِعَيْنِهَا! وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ دَيْنُونَةَ
اللهِ هِيَ حَسَبُ الْحَقِّ عَلَى الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ.
أَفَتَظُنُّ هَذَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِي تَدِينُ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ
مِثْلَ هَذِهِ وَأَنْتَ تَفْعَلُهَا أَنَّكَ تَنْجُو مِنْ دَيْنُونَةِ اللهِ؟»
(رومية 2 : 1-3).

 

إننا
لا نعرف كل شيء عن الشخص الذي ندينه، كما أننا نقع كثيراً في خطية التحيُّز ضد من
لا يتفقون معنا في شيء أو أشياء، ولا يوجد إنسان صالح بدرجة تكفي لأن يدين غيره.

 

2- إن
فينا عيوباً : (آيات 3-5).

من
السهل أن ندين الناس لأننا نرى القذى في عيونهم، وننسى أن في عيوننا خشبة! ونحن
عادة نضخِّم عيوب الغير ولا نحاول أن نساعدهم ليصلحوها، لأن هدمهم أسهل جداً من
بنائهم. وفي أغلب الأحيان يكون الشخص الذي ينتقد غيره أقل مشغولية من غيره، فيقضي
وقته يراقب الناس وينتقدهم. ولعلنا نلاحظ هذا كثيراً في انتقادات مشجِّعي لاعبي
كرة القدم للاعبين. إنهم نظارة متفرجون ينتقدون العاملين المجدّين!

 

ويرسم
لنا المسيح صورة كاريكاتورية مضحكة يمكن أن نصوِّرها اليوم بصاحب عين رمداء يوقع
الكشف عليه طبيب عيون وارم العينين!

فعلى
المؤمن أن يبدأ بإصلاح نفسه قبل أن يحاول إصلاح غيره، كما قال الشاعر العربي :

يا
أيها الرجلُ المعلِّمُ غيرَهُ هلا لنفسِك كان ذا التعليمُ

كم من
أبٍ ينصح ولده ألا يدخن بينما يشعل الأب سيجارته! وكم من زوج ينتقد زوجته وزوجة
تنتقد زوجها على نفس العيوب التي يرتكبها كلٌّ منهما، بينما الواجب أن يصلح المرء
من عيوب نفسه قبل أن يحاول إصلاح عيوب غيره.

 

ونلاحظ
عادة أن الذي يدين غيره يظن أنه يعرف أكثر من غيره، كما أنه يحاول إبعاد النظر عن
أخطائه ويلفت النظر إلى أخطاء غيره. ولهذا قال المسيح للذين دانوا المرأة الخاطئة
: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!» (يوحنا
8 : 7).

 

3-
وهناك من يستحق الإدانة : (آية 6).

هناك
أشخاص مرضى، بعيونهم قذى وخشبة معاً. فبعد أن نُخرج الخشبة من عيوننا نحتاج إلى
فطنة روحية للتعامل معهم، ونحن نذكر النصيحة الرسولية : «أَيُّهَا الإِخْوَةُ،
إِنِ انْسَبَقَ إِنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا، فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ الرُّوحَانِيِّينَ
مِثْلَ هَذَا بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ، نَاظِراً إِلَى نَفْسِكَ لِئَلاَّ تُجَرَّبَ
أَنْتَ أَيْضاً» (غلاطية 6 : 1). وما أجمل ما نصح به القديس يوحنا فم الذهب :
«أصلِح غيرك لا كعدوٍّ، ولا كخاطئ يستحق العقاب، بل كطبيب تقدم له الدواء».

 

وقد
رأت الكنيسة الأولى أن عبارة « لاَ تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ» تعني منع «الكلاب
والخنازير» (أي الخطاة الذين سمعوا رسالة الخلاص ورفضوها بسخرية واستهزاء) من
التناول من مائدة العشاء الرباني.

 

أمثال
هؤلاء يجب أن يحكم المؤمن الحكيم عليهم ويدينهم، لأنه المُطوَّب الذي «لَمْ يَسْلُكْ
فِي مَشُورَةِ الأَشْرَارِ، وَفِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ، وَفِي مَجْلِسِ
الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ» (مزمور 1 : 1).

 

وقد
قال المسيح لتلاميذه وهو يرسلهم للتبشير : «أَيَّةُ مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ
دَخَلْتُمُوهَا فَافْحَصُوا مَنْ فِيهَا مُسْتَحِقٌّ.. مَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ
وَلاَ يَسْمَعُ كَلاَمَكُمْ فَاخْرُجُوا خَارِجاً مِنْ ذَلِكَ الْبَيْتِ أَوْ مِنْ
تِلْكَ الْمَدِينَةِ وَانْفُضُوا غُبَارَ أَرْجُلِكُمْ.. هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ
كَغَنَمٍ فِي وَسَطِ ذِئَابٍ فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ
كَالْحَمَامِ» (متى 10 : 11-16).

 

على
أننا يجب أن نتأنى كثيراً في الحكم على البعض بأنهم «كلاب وخنازير» لا يستحقون
المقدسات والدرر، فإن الله الذي هو غني في الرحمة يحب الخطاة، و«يُرِيدُ أَنَّ
جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ»
(1تيموثاوس 2 : 4).

 

ولنذكر
دوماً أمر المسيح : «لاَ تَحْكُمُوا حَسَبَ الظَّاهِرِ بَلِ احْكُمُوا حُكْماً
عَادِلاً» (يوحنا 7 : 24).

 

الفصل
الخامس عشر

الارتقاء
في الطلب

(متى
7 : 7-12)

«7
اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اطْلُبُوا تَجِدُوا. اقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. 8 لأَنَّ
كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ
لَهُ.

«9
أَمْ أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ إِذَا سَأَلَهُ ابْنُهُ خُبْزاً يُعْطِيهِ حَجَراً؟
10 وَإِنْ سَأَلَهُ سَمَكَةً يُعْطِيهِ حَيَّةً؟ 11 فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ
أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ
بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ
يَسْأَلُونَهُ.

«12
فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هَكَذَا أَنْتُمْ
أَيْضاً بِهِمْ، لأَنَّ هَذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ» (متى 7 : 7-12).

 

1-
ضرورة الطلب : (آيتا 7، 8).

تحدَّث
المسيح في الموعظة على الجبل عن الارتقاء في صلاة المخدع حيث يرانا الله ويسمعنا
(متى 6 : 5-8)، وأعطانا نموذجاً للصلاة المستجابة (متى 6 : 9-13)، ووضع أمامنا شرط
الاستجابة، وهو الغفران للآخرين (متى 6 : 14، 15). وفي الآيات التي نتأملها هنا
يشجعنا أن نصلي، فنسأل، ونطلب، ونقرع، ونقول : « يَا سَامِعَ الصَّلاَةِ إِلَيْكَ
يَأْتِي كُلُّ بَشَرٍ» (مزمور 65 : 2).

 

في
السؤال نتساءل إن كان سيعطينا شيئاً، وفي الطلب نوضح الحاجة ونطلبها، وفي القرع
نعلن إلحاحنا وشديد احتياجنا لما نطلبه، وهذا يعني أننا نستمر في الطلب بغير يأس.
صحيحٌ أن الله «أَبَاكُمْ يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ
تَسْأَلُوهُ.. (وهو) يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هَذِهِ كُلِّهَا» (متى
6 : 8، 32) ولكنه يشتاق إلى سماع طلباتكم لأنها تدل على محبتكم له وثقتكم فيه
وانتظاركم له. وقد عبَّر المرنم عن طرق مختلفة لارتقائه في الصلاة، من كلمات إلى
صراخ إلى دعاء وهو يقول : «لِكَلِمَاتِي أَصْغِ يَا رَبُّ. تَأَمَّلْ صُرَاخِي.
اسْتَمِعْ لِصَوْتِ دُعَائِي يَا مَلِكِي وَإِلَهِي، لأَنِّي إِلَيْكَ أُصَلِّي.
يَا رَبُّ، بِالْغَدَاةِ تَسْمَعُ صَوْتِي. بِالْغَدَاةِ أُوَجِّهُ صَلاَتِي
نَحْوَكَ، وَأَنْتَظِرُ» (مزمور 5 : 1-3).

 

ونتعلم
من أمر المسيح : « اِسْأَلُوا.. اطْلُبُوا.. اقْرَعُوا» أن هناك صلوات تُستجاب
فوراً يقول الله عنها : «وَيَكُونُ أَنِّي قَبْلَمَا يَدْعُونَ أَنَا أُجِيبُ
وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بَعْدُ أَنَا أَسْمَعُ» (إشعياء 65 : 24)؛ كما أن
هناك صلوات تُسمع بعد لجاجة، فقد ضرب المسيح مَثَل الأرملة والقاضي الظالم الذي أنصفها
بسبب إلحاحها، وبدأه بالقول : «يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ
يُمَلَّ». ثم علَّق على المثل بالقول : «أَفَلاَ يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ
الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ نَهَاراً وَلَيْلاً وَهُوَ مُتَمَهِّلٌ عَلَيْهِمْ؟
أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يُنْصِفُهُمْ سَرِيعاً» (لوقا 18 : 1-8).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس س سام 1

 

سأل
خليل الله إبراهيم الرب، وطلب وقرع وهو يصلي لأجل نجاة سدوم وعمورة، فقال : «لاَ
يَسْخَطِ الْمَوْلَى فَأَتَكَلَّمَ هَذِهِ الْمَرَّةَ فَقَطْ. عَسَى أَنْ يُوجَدَ
هُنَاكَ عَشَرَةٌ». فَقَالَ : «لاَ أُهْلِكُ مِنْ أَجْلِ الْعَشَرَةِ» (تكوين 18 :
32)، وسأل يعقوب أب الأسباط وطلب وقرع باب الله قائلاً : «لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ
لَمْ تُبَارِكْنِي» (تكوين 32 : 26)، وصلَّت الكنيسة الأولى لما « كَانَ بُطْرُسُ
مَحْرُوساً فِي السِّجْنِ.. فَكَانَتْ تَصِيرُ مِنْهَا صَلاَةٌ بِلَجَاجَةٍ إِلَى
اللهِ مِنْ أَجْلِهِ» (أعمال 12 : 5).

 

ولا
يقصد المسيح أن الله سيستجيب كل طلباتنا، كما نطلبها، إن سألنا وطلبنا وقرعنا،
ولكنه يعلِّمنا أن « هَذِهِ هِيَ الثِّقَةُ الَّتِي لَنَا عِنْدَهُ : أَنَّهُ إِنْ
طَلَبْنَا شَيْئاً حَسَبَ مَشِيئَتِهِ يَسْمَعُ لَنَا. وَإِنْ كُنَّا نَعْلَمُ
أَنَّهُ مَهْمَا طَلَبْنَا يَسْمَعُ لَنَا، نَعْلَمُ أَنَّ لَنَا الطِّلْبَاتِ
الَّتِي طَلَبْنَاهَا مِنْهُ» (1يوحنا 5 : 14، 15).

 

2-
تأكيد الاستجابة : (آيات 9-11).

(أ)
أكَّد المسيح لنا استجابة الصلاة بمثَل من واقع حياة كل إنسان، فكل أب بشري يستجيب
لطلبات ابنه بأفضل ما يستطيع، لأنه وليُّ أمره. بل إنه يحرم نفسه من أشياء كثيرة
ليوفر لأولاده حياة فُضلى. ولا يوجد أب يطلب منه ابنه رغيف خبز فيعطيه حجراً لا
يؤكل، حتى لو كان شكل الحجر على شكل رغيف الخبز. كما لا يوجد أب يطلب منه ابنه
سمكة فيعطيه حيةً سامة، مع أن الحية تشبه سمكة الثعبان! ومع أن الجميع خطاؤون وفي
الموازين إلى فوق إلا أنهم صالحون كرماء مع أولادهم. فإن كان الأب البشري الخاطئ
يكرم ابنه ويستجيب له، فكم بالحري الأب السماوي الصالح يهب خيرات للذين يسألونه.

 

«اَلَّذِي
لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ، كَيْفَ لاَ
يَهَبُنَا أَيْضاً مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟» (رومية 8 : 32).

 

(ب)
وأكَّد المسيح استجابة الصلاة بتنبيره على أبوَّة الله للمؤمنين، كما قيل : «
كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ
اللَّهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ، اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ،
وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ، وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ، بَلْ مِنَ اللَّهِ»
(يوحنا 1 : 12، 13).

 

ويهتف
المؤمنون في فرح «أُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى
أَوْلاَدَ اللهِ!.. أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ» (1يوحنا
3 : 1، 2).

 

3-
القاعدة الذهبية : (آية 12).

ختم
المسيح حديثه عن الصلاة في الأصحاح السادس بأن طلب منا أن نهتم بعلاقتنا بالناس
ونحن نصلي، ووضع شرطاً لغفران الله لنا هو أن نغفر نحن للمذنبين إلينا، فتُقبل
صلاتنا. وختم حديثه هنا عن استجابته لطلباتنا بأن وضع القاعدة الذهبية أساساً
لاستجابة الصلاة، فطلب منا أن نعامل الناس كما نحب أن يعاملونا، لأن هذا يلخص كل
تعاليم الشريعة والأنبياء، التي تتحدث عن علاقة المؤمن بأهل بيته وجيرانه ومجتمعه.

 

بدأ
المسيح «القاعدة الذهبية» بحرف «فاء السببية» بمعنى أنه إن كان الله صالحاً
لأبنائه الذين يقرعون بابه، وَجَبَ أن يكون أبناؤه صالحين مع جيرانهم، يحبون
قريبهم كما يحبون نفوسهم، ويعاملون غيرهم بالحُسنى. فعلى الزوج الذي يريد محبة
زوجته خالصة له أن يطيع الوصية : « يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ أَنْ يُحِبُّوا
نِسَاءهُمْ كَأَجْسَادِهِمْ. مَنْ يُحِبُّ امْرَأَتَهُ يُحِبُّ نَفْسَهُ» (أفسس 5
: 28).

 

وتعلمنا
القاعدة الذهبية أن «اَلْمَحَبَّة لاَ تَصْنَعُ شَرّاً لِلْقَرِيبِ،
فَالْمَحَبَّةُ هِيَ تَكْمِيلُ النَّامُوسِ.. فَيَجِبُ عَلَيْنَا نَحْنُ
الأَقْوِيَاءَ أَنْ نَحْتَمِلَ أَضْعَافَ الضُّعَفَاءِ، وَلاَ نُرْضِيَ
أَنْفُسَنَا. فَلْيُرْضِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا قَرِيبَهُ لِلْخَيْرِ لأَجْلِ
الْبُنْيَانِ» (رومية 13 : 10 و15 : 1، 2). فلندافع عن الغائب في غيبته كما نريد غيرنا
أن يدافع عنا في غيبتنا، ولنمد يد العون لمحتاج في مأزق كما نحب أن نرى يداً تمتد
إلينا في مآزقنا.

 

الفصل
السادس عشر

الارتقاء
في الاختيار

(متى
7 : 13، 14)

 

«13
اُدْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الضَّيِّقِ، لأَنَّهُ وَاسِعٌ الْبَابُ وَرَحْبٌ
الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلاَكِ، وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ
يَدْخُلُونَ مِنْهُ!

«14
مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ،
وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ!» (متى 7 : 13، 14).

 

كل
إنسان يتَّخذ قرارات هامة في حياته، في دراسته ووظيفته واختيار شريك حياته. ولكل
قرار من هذه تأثير على جزء من حياة الإنسان الحاضرة، طال هذا الجزء أو قصُر. ولكن
القرار الأهم في الحياة هو علاقة الإنسان بالله، لأن هذا يؤثر سلباً أو إيجاباً
على حياة الإنسان الحاضرة والمستقبَلة. وقد طلب كليم الله موسى من بني إسرائيل أن
يتخذوا قراراً في موقفهم من الله، فقال : «اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلتُ اليَوْمَ
قُدَّامَكَ الحَيَاةَ وَالخَيْرَ، وَالمَوْتَ وَالشَّرَّ، بِمَا أَنِّي
أَوْصَيْتُكَ اليَوْمَ أَنْ تُحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ، وَتَسْلُكَ فِي طُرُقِهِ،
وَتَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضَهُ وَأَحْكَامَهُ، لِتَحْيَا وَتَنْمُوَ
وَيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ» (تثنية 30 : 15، 16).

 

وقد
عبَّر القائد العسكري يشوع عن الأمر نفسه بقوله لبني إسرائيل : « فَاخْتَارُوا
لأَنْفُسِكُمُ الْيَوْمَ مَنْ تَعْبُدُونَ : إِنْ كَانَ الآلِهَةَ الَّذِينَ
عَبَدَهُمْ آبَاؤُكُمُ الَّذِينَ فِي عَبْرِ النَّهْرِ، وَإِنْ كَانَ آلِهَةَ
الأَمُورِيِّينَ الَّذِينَ أَنْتُمْ سَاكِنُونَ فِي أَرْضِهِمْ. وَأَمَّا أَنَا
وَبَيْتِي فَنَعْبُدُ الرَّبَّ» (يشوع 24 : 15).

 

وقال
النبي إيليا لبني إسرائيل : «حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ؟
إِنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ اللَّهَ فَاتَّبِعُوهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْلُ (الصنم)
فَاتَّبِعُوهُ» (1ملوك 18 : 21).

 

وها
هو المسيح يضع أمامنا اختيار الباب والطريق والمصير، فإن هناك بابين : الباب
الواسع والباب الضيق، وأمامنا طريقان : الطريق الرحب والطريق الكرب، وتنتظرنا
نهايتان : الهلاك أو الحياة! فماذا تختار؟ إن نصيحة المسيح هي « اُدْخُلُوا مِنَ
الْبَابِ الضَّيِّقِ».

 

1-
الباب الواسع والطريق الرحب : (آية 13).

هناك
باب واسع يمكن أن يدخل الإنسان منه بدون عناء، وهو يحمل معه كل ما يشاء من خطايا
وآثام وشهوات، ولا داعي لأن يترك وراءه شيئاً يظنه عزيزاً عليه من أمور هذه
الدنيا. ويوصف من يدخله بأنه «الإِنْسَانُ الشَّارِبُ الإِثْمَ كَالْمَاءِ!» (أيوب
15 : 16). «طَرِيقُ السَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ وَلَيْسَ فِي مَسَالِكِهِمْ عَدْلٌ.
جَعَلُوا لأَنْفُسِهِمْ سُبُلاً مُعَوَّجَةً. كُلُّ مَنْ يَسِيرُ فِيهَا لاَ
يَعْرِفُ سَلاَماً» (إشعياء 59 : 8).

 

ويؤدي
هذا الباب الواسع إلى طريق رحب، سهل المسالك، بلا قيود أو حدود، يفعل فيه الإنسان
كل ما يحلو له، فيقول لله : «ابْعُدْ عَنَّا. وَبِمَعْرِفَةِ طُرُقِكَ لاَ
نُسَرُّ.. مَنْ هُوَ الْقَدِيرُ حَتَّى نَعْبُدَهُ، وَمَاذَا نَنْتَفِعُ إِنِ
الْتَمَسْنَاهُ!» (أيوب 21 : 14، 15).

 

ولكن
الباب الواسع والطريق الرحب ينتهي بنهاية مخيفة لأنه يؤدي إلى «الهلاك» وما أرهب
المصير! والمؤسف أن أصحاب هذا الطريق الرحب لا يكتشفون سوء نهايتهم إلا بعد فوات
الأوان «فإنه تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً وَعَاقِبَتُهَا
طُرُقُ الْمَوْتِ» (أمثال 14 : 12). «الشَّرُّ يُمِيتُ الشِّرِّيرَ» (مزمور 34 :
21). و«أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ» (رومية 6 : 23).

 

ومن
المؤسف أن أغلبية البشر يرفضون أن يكونوا تحت نير المسيح وحمله، مع أنه «هَيِّنٌ
وَخَفِيفٌ» ويختارون الباب الواسع والطريق الرحب، لأنه مطروق من الأغلبية دون وعي
منهم، وكثيرون يدخلون منه مع أنه يؤدي بهم إلى الهلاك.

 

2-
الباب الضيق والطريق الكرب : (آية 14).

هذا
الباب ضيق لا يسمح لمن يدخله بالمرور منه وهو يحمل معه شيئاً يعطله عن المرور فيه،
طاعة للوصية : « لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي
الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ،
لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ شَهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ،
وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ. وَالْعَالَمُ
يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ
إِلَى الأَبَدِ» (1يوحنا 2 : 15-17).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس يسوعية كاثوليكية عهد قديم سفر يشوع بن سيراخ 43

 

إنه
باب كثقب الإبرة! (متى 19 : 24). تحدُّه حدود واضحة هي الإعلان الإلهي الموحى به،
ويحكمه قانون : «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ
نَفْسَهُ، وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ، وَيَتْبَعْنِي، فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ
يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي
يَجِدُهَا. لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ
كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ
نَفْسِهِ؟» (متى 16 : 24-26). ويجب أن الداخل من هذا الباب يقول : «مَعَ
الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا
أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ
ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي.. الَّذِينَ هُمْ
لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ» (غلاطية 2
: 20، 5 : 24). وقليلون هم الذين يجدون هذا الباب لأن قليلين يهتمون بحياتهم
الأبدية.

 

ويقود
الباب الضيق إلى طريق كرب، فإن «جَمِيع الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعِيشُوا
بِالتَّقْوَى فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ يُضْطَهَدُونَ» (2تيموثاوس 3 : 12). وقد قال
المسيح لقائد كنيسة سميرنا : «لاَ تَخَفِ الْبَتَّةَ مِمَّا أَنْتَ عَتِيدٌ أَنْ
تَتَأَلَّمَ بِهِ. هُوَذَا إِبْلِيسُ مُزْمِعٌ أَنْ يُلْقِيَ بَعْضاً مِنْكُمْ فِي
السِّجْنِ لِكَيْ تُجَرَّبُوا، وَيَكُونَ لَكُمْ ضِيقٌ عَشَرَةَ أَيَّامٍ. كُنْ
أَمِيناً إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» (رؤيا 2 : 10)

 

هذا
الباب الضيق والطريق الكرب يؤدي إلى الحياة في حضرة المسيح، الذي قال : «أَنَا
هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ
مَرْعًى» (يوحنا 10 : 9).

 

ما
أصدق القول : «طَرِيقُ الصِّدِّيقِ اسْتِقَامَةٌ. تُمَهِّدُ أَيُّهَا
الْمُسْتَقِيمُ سَبِيلَ الصِّدِّيقِ. فَفِي طَرِيقِ أَحْكَامِكَ يَا رَبُّ
انْتَظَرْنَاكَ. إِلَى اسْمِكَ وَإِلَى ذِكْرِكَ شَهْوَةُ النَّفْسِ. بِنَفْسِي
اشْتَهَيْتُكَ فِي اللَّيْلِ. أَيْضاً بِرُوحِي فِي دَاخِلِي إِلَيْكَ أَبْتَكِرُ»
(إشعياء 26 : 7-9).

 

الفصل
السابع عشر

الارتقاء
في الاحتراس

(متى
7 : 15-23)

 

«15
اِحْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَابِ
الْحُمْلاَنِ، وَلَكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِلٍ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ! 16 مِنْ ثِمَارِهِمْ
تَعْرِفُونَهُمْ.

«هَلْ
يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَباً أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِيناً؟ 17 هَكَذَا كُلُّ
شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تَصْنَعُ أَثْمَاراً جَيِّدَةً، وَأَمَّا الشَّجَرَةُ
الرَّدِيَّةُ فَتَصْنَعُ أَثْمَاراً رَدِيَّةً 18 لاَ تَقْدِرُ شَجَرَةٌ جَيِّدَةٌ
أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَاراً رَدِيَّةً وَلاَ شَجَرَةٌ رَدِيَّةٌ أَنْ تَصْنَعَ
أَثْمَاراً جَيِّدَةً. 19 كُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ
وَتُلْقَى فِي النَّارِ. 20 فَإِذاً مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ.

«21
لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي : يَا رَبُّ يَا رَبُّ، يَدْخُلُ مَلَكُوتَ
السَّمَاوَاتِ، بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
22 كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ : يَا رَبُّ يَا رَبُّ، أَلَيْسَ
بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ
صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ 23 فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ : إِنِّي لَمْ
أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!» (متى 7 : 15-23).

 

بعد
أن قدَّم المسيح شريعته الجديدة، شريعة الارتقاء الروحي، حذَّر سامعيه من معلِّمين
مضللين، دعاهم «الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ». وقال الرسول بولس إنهم « رُسُلٌ
كَذَبَةٌ، فَعَلَةٌ مَاكِرُونَ، مُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ إِلَى شِبْهِ رُسُلِ
الْمَسِيحِ» (2كورنثوس 11 : 13). وقال الرسول بطرس «كَانَ أَيْضاً فِي الشَّعْبِ
أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، كَمَا سَيَكُونُ فِيكُمْ أَيْضاً مُعَلِّمُونَ كَذَبَةٌ،
الَّذِينَ يَدُسُّونَ بِدَعَ هَلاَكٍ» (2بطرس 2 : 1)

 

ووصف
المسيح الأنبياء الكذبة بثلاث صفات :

 

1- هم
ذئاب خاطفة : (آية 15).

هم
مخادعون، يرتدون سترة خارجية تجعلهم يظهرون كحملان، لكنهم في حقيقة الأمر «ذِئَابٌ
خَاطِفَةٌ». وقد حذَّرنا الوحي في العهد القديم من هؤلاء الكذبة بقوله :
«بِالْكَذِبِ يَتَنَبَّأُ الأَنْبِيَاءُ بِاسْمِي. لَمْ أُرْسِلْهُمْ وَلاَ
أَمَرْتُهُمْ وَلاَ كَلَّمْتُهُمْ. بِرُؤْيَا كَاذِبَةٍ وَعِرَافَةٍ وَبَاطِلٍ
وَمَكْرِ قُلُوبِهِمْ هُمْ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ.. رُؤَسَاؤُهَا فِي وَسَطِهَا
كَذِئَابٍ خَاطِفَةٍ خَطْفاً لِسَفْكِ الدَّمِ، لإِهْلاَكِ النُّفُوسِ
لاِكْتِسَابِ كَسْبٍ» (إرميا 14 : 14 وحزقيال 22 : 27). وقال المسيح إنه في آخر
الأيام «يَقُومُ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ» (متى
24 : 11).

 

وعندما
أرسل المسيح رسله في رحلة تبشيرية قال لهم : «هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي
وَسَطِ ذِئَابٍ فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ» (متى
10 : 16). وقال الرسول بولس لقسوس كنيسة أفسس : « اِحْتَرِزُوا إِذاً
لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ
فِيهَا أَسَاقِفَةً لِتَرْعُوا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ،
لأَنِّي أَعْلَمُ هَذَا : أَنَّهُ بَعْدَ ذِهَابِي سَيَدْخُلُ بَيْنَكُمْ ذِئَابٌ
خَاطِفَةٌ لاَ تُشْفِقُ عَلَى الرَّعِيَّةِ. وَمِنْكُمْ أَنْتُمْ سَيَقُومُ
رِجَالٌ يَتَكَلَّمُونَ بِأُمُورٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا التَّلاَمِيذَ
وَرَاءهُمْ. لِذَلِكَ اسْهَرُوا» (أعمال 20 : 28-31).

 

ولكن
«مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ» فإن تصرفات أولئك الأنبياء الكذبة ستكشفهم،
وسلوكهم سيفضحهم.

 

2- هم
أشجار ردية : (آيات 16-20).

وطلب
المسيح أن نحترس ونحن نرى أولئك الأنبياء الكذبة كأشجار يثمرون شوكاً وحسكاً يُدمي
رؤوس سامعيهم، كما يدمي أقدامهم، فإنهم يجرّون سامعيهم إلى تعاليم باطلة تدمر
الفكر السليم، ويُغرونهم بتصرفات باطلة تجرح أيديهم التي تعمل خيراً وأرجلهم التي
تسلك في النور.

 

ومع
أنهم أشواك تجرح، إلا أنهم يقولون لسامعيهم إنهم يقدمون لهم العنب والتين!
والحقيقة هي أن هناك نوعاً من الشوك ينبت ثماراً سوداء صغيرة يظنها الناظر عنباً،
لكن طعمها يكشفها! وهناك نوع من الحسك يزهر ما يشبه ثمرة التين، لكن من يقترب منه
ويدقق النظر يكتشف حقيقته. ولو كان هؤلاء الأنبياء الكذبة أشجاراً صالحة لأثمروا
ثمراً صالحاً، لكنهم أشجار ردية، لا بد أن الله سيقطعها ويلقيها في نار جهنم.

 

«فَإِذاً
مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ» فإن أخلاقهم وسلوكهم يكشفانهم، ودوافعهم
الشريرة تفضحهم، ونوعية وعظهم تظهرهم، وتأثيرهم في أتباعهم يوضح ثمارهم المدمِّرة.
وكل من يتمسك بكلمة الله النقية يقدر أن يفرِّق بين النبي الزائف والنبي الحقيقي،
ويميِّز بين الصواب والخطأ.

 

3- هم
أصحاب ديانة كلام : (آيات 21-23).

يقولون
«يَا رَبُّ، يَا رَبُّ» لكنهم لا يفعلون «إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي
السَّمَاوَاتِ». «فَإِذاً مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ».

 

وفي
اليوم الأخير ستظهر أعمال كل واحد، و«كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا سَيُعْطِي عَنْ
نَفْسِهِ حِسَاباً لِلَّهِ» (رومية 14 : 12). وعندما يسأل الأنبياء الكذبة عن سبب
رفضهم رغم أنهم أجروا المعجزات باسم المسيح، يجيبهم : «إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ
قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!» لأن أقوالهم كانت خالية من الحق،
واعترافاتهم كانت فارغة من الجوهر، ودوافعهم كانت الرغبة في تعظيم أنفسهم وليست
المحبة لله وللبشر.

 

لقد
كان بلعام نبياً (سفر العدد 22-24) لكنه كان يحب أجرة الإثم (2بطرس 2 : 15)، وتنبأ
قيافا (يوحنا 11 : 51)، ولكن الله لم يكن قد أرسله. وأجرى الخائن يهوذا معجزات
إخراج شياطين، بعد أن كلَّفه المسيح بذلك مع سائر التلاميذ الاثني عشر (مرقس 3 :
14، 15)، لكن الشيطان سكن قلبه فهلك بأن خنق نفسه (متى 27 : 5).

 

وقد
حذَّرنا المسيح منهم بقوله : «لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ
وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى
يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضاً» (متى 24 : 24).

 

فلنحترس
من المعلمين الكذبة، ولنحترس لئلا نكون نحن معلمين كذبة!

 

الفصل
الثامن عشر

الامتحان
الأخير

(متى
7 : 24-27)

«24
فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هَذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا أُشَبِّهُهُ بِرَجُلٍ
عَاقِلٍ بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخْرِ، 25 فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ
الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَوَقَعَتْ عَلَى ذَلِكَ الْبَيْتِ فَلَمْ
يَسْقُطْ، لأَنَّهُ كَانَ مُؤَسَّساً عَلَى الصَّخْرِ.

26
وَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هَذِهِ وَلاَ يَعْمَلُ بِهَا يُشَبَّهُ بِرَجُلٍ
جَاهِل،ٍ بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الرَّمْلِ. 27 فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ
الأَنْهَارُ، وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَصَدَمَتْ ذَلِكَ الْبَيْتَ فَسَقَطَ،
وَكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيماً!» (متى 7 : 24-27).

 

ختم
المسيح الموعظة على الجبل بالتنبير على ضرورة سماع أقواله وطاعتها، فلم يكن يعظ
ليثير إعجاب السامعين، لكنه وعظ لتكون تعاليمه واقع حياةٍ مُعاشة، فقال إن الحكيم
هو من يسمع التعليم وينفِّذه فيرتقي روحياً. وحذَّر الجاهل الذي يسمع تعاليمه
ويتجاهل تطبيقها، لأنه بذلك يحرم نفسه من البركة، بل إنه يصبح تحت دينونة، لأنه
نال امتياز السماع، ورفض مسؤولية التطبيق.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد قديم سفر إشعياء 56

 

وفي
هذه الخاتمة تحدث المسيح عن شخصين متشابهين في الكثير، ولكنهما مختلفان في شيء
واحد : هو الأساس، المقصود به : الطاعة.

 

شعر
هذان الشخصان بضرورة الاستماع لكلام المسيح، فتواجدا بين السامعين. وبناءً على ما
سمعاه قرر كلٌّ منهما أن يقيم مبنى لحياته الإيمانية الراقية، ونفَّذ كلاهما ما
قرراه، وأكملا العمل الذي بدآ به. بل إن أحدهما أسرع في الانتهاء من البناء، لأنه
لم يقضِ وقتاً في إرساء أساس للبيت. أما الآخر فكان سامعاً عاملاً بالكلمة، انتبه
للتعليمات بدقَّة، وحفر وعمَّق حتى وصل إلى صخرٍ جعله أساساً أقام عليه البناء.
وصحيحٌ أنه استغرق وقتاً أطول، ولكنه أنجز الأفضل.

 

وفي
النهاية أُقيم بيتان متشابهان لا تفرِّق عين الناظر بينهما في المظهر، لكنهما
مختلفان تماماً في الأساس.

 

وسرعان
ما جاءت على كليهما ساعة الامتحان «فَنَزَلَ الْمَطَرُ، وَجَاءَتِ الأَنْهَارُ،
وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ». ولا بد أن تجيء ساعةٌ يمتحن فيها الله عمل كل إنسان
(1كورنثوس 3 : 13).

 

وفي
مثل الزارع قال لنا المسيح إن الامتحانات والصعوبات واجهت البذور التي سقطت على
القلب الحجري، و«هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَحَالاً يَقْبَلُهَا
بِفَرَحٍ، وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي ذَاتِهِ، بَلْ هُوَ إِلَى حِينٍ.
فَإِذَا حَدَثَ ضِيقٌ أَوِ اضْطِهَادٌ مِنْ أَجْلِ الْكَلِمَةِ فَحَالاً يَعْثُرُ»
(متى 13 : 20، 21). بينما لم توقف الامتحانات والصعوبات نمو البذور التي سقطت على
الأرض الجيدة فأثمرت، لأن صاحبها هو «الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ وَيَفْهَمُ.
وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِثَمَرٍ، فَيَصْنَعُ بَعْضٌ مِئَةً، وَآخَرُ سِتِّينَ،
وَآخَرُ ثَلاَثِينَ» (متى 13 : 23).

 

ويرمز
المطر إلى التجارب والامتحانات التي يسمح الله بها، مثل المرض والخسارة المادية..
وترمز الأنهار إلى ما يصيب الإنسان بفعل الناس من مؤامرات واضطهادات ومقاومات..
وترمز الرياح إلى مهاجمات الشيطان الروحية.

 

وقال
أحد المفسرين إن المطر يضرب سقف البيت، وتضرب الأنهار أساسه، وتضرب الرياح جدرانه.
والخلاصة أن الامتحان يجيء على كل واحد من كل حدب وصوب!

 

وأظهرت
العاصفة التي اجتاحت الجميع أن هناك شخصاً حكيماً بنى بيته على الصخر، لأن
الامتحانات عندما وقعت على بيته ثبت ولم يسقط. كما ظهر أن هناك شخصاً جاهلاً بني
بيته على الرمل، لأن الامتحانات عندما صدمت بيته سقط وكان سقوطه عظيماً.

 

كان
يظهر للمشاهد أن البيتين متشابهان، لأن الأساس الذي بنى عليه الحكيم غير منظور،
لكن الأزمة امتحنت وكشفت معدن كلٍّ منهما، وأظهرت الفرق بين من «سمع وعمل» و«من
سمع ولم يعمل».

 

ونحن
اليوم سمعنا كلام المسيح وعرفنا شريعته الجديدة، وسيسمع بعضنا ويعمل، بينما البعض
الآخر سيسمع ولا يعمل. والسؤال الذي يواجهنا ويتحدّانا بقوة هو : أي الشخصين نحن؟
وأي البيتين بيتنا؟

 

كل
السامعين يبنون، ولهم حرية اختيار نوعية الأساس الذي يقيمون بناءهم عليه. ولكنهم
يجب أن ينتبهوا أن ساعة الامتحان قادمة لا مهرب منها، فإن الله يرسل العواصف
لتُظهر حقيقة إيمان الإنسان، ولن يثبت بناءُ أحدٍ إلا إن كان يعمل بما يسمع، إذ
«لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي : يَا رَبُّ يَا رَبُّ يَدْخُلُ مَلَكُوتَ
السَّمَاوَاتِ، بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ»
(متى 7 : 21).

 

فلنستمع
لقول المسيح : «إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي،
وَإِلَيْهِ نَأْتِي وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً. اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ
يَحْفَظُ كلاَمِي» (يوحنا 14 : 23، 24). و لنصغِ للوصية الرسولية «كُونُوا
عَامِلِينَ بِالْكَلِمَةِ، لاَ سَامِعِينَ فَقَطْ خَادِعِينَ نُفُوسَكُمْ» (يعقوب
1 : 22).

 

خاتمة

«28
فَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هَذِهِ الأَقْوَالَ بُهِتَتِ الْجُمُوعُ مِنْ
تَعْلِيمِهِ، 29 لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ
كَالْكَتَبَةِ» (متى 7 : 28، 29).

 

بعد
أن انتهى المسيح من إلقاء عظته انبهر السامعون لاختلاف أسلوب وعظه عن وعظ «الكتبة»
الذين كانوا يعتمدون في وعظهم على الاقتباس من أقوال الأقدمين، فقد كان وعظ المسيح
بسلطان نفسه، ولا عجب، فهو «الكلمة» وهو المتكلم، وهو الرسالة والرسول معاً. كان
الأنبياء يستمدون سلطانهم من قولهم «هكذا قال الرب» أما هو فقال :

«فَإِنِّي
الْحَقَّ أَقُولُ لَكُم» (5 : 18)

«فَإِنِّي
أَقُولُ لَكُم» (5 : 20)

«وَأَمَّا
أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ» (5 : 22، 28، 32، 34، 39، 44)

«الْحَقَّ
أَقُولُ لَكُم» (6 : 2، 5، 16)

«لِذَلِكَ
أَقُولُ لَكُمْ» (6 : 25)

«وَلَكِنْ
أَقُولُ لَكُمْ» (6 : 29)

«فَكُلُّ
مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هَذِهِ» (7 : 24، 26)

وقال
للمعلم اليهودي نيقوديموس، عضو مجلس السنهدريم : «اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ
: إِنَّنَا إِنَّمَا نَتَكَلَّمُ بِمَا نَعْلَمُ وَنَشْهَدُ بِمَا رَأَيْنَا»
(يوحنا 3 : 11).

 

وانبهر
السامعون من سمو الارتقاء الروحي الذي أراد المسيح أن يرفعهم إليه، وهو يسنّ مبادئ
الملكوت السماوي، ويعلِّم روح الشريعة لا حرفها « لأَنَّ الْحَرْفَ يَقْتُلُ،
وَلَكِنَّ الرُّوحَ يُحْيِي» (2كورنثوس 3 : 6). وينادي بالمحبة التي «لاَ تَصْنَعُ
شَرّاً لِلْقَرِيبِ، فَالْمَحَبَّةُ هِيَ تَكْمِيلُ النَّامُوسِ» (رومية 13 : 10).
ويوضح في بساطة ويُسر طريق السعادة الحقيقية، موضحاً قول المرنم : «كَثِيرُونَ
يَقُولُونَ : مَنْ يُرِينَا خَيْراً؟ ارْفَعْ عَلَيْنَا نُورَ وَجْهِكَ يَا رَبُّ»
(مزمور 4 : 6).

 

وانبهر
السامعون لأن حياة المسيح كانت تجسيداً لتعاليمه، فالذي علَّم عن المحبة «كَانَ
يَطُوفُ الْمُدُنَ كُلَّهَا وَالْقُرَى يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهَا، وَيَكْرِزُ
بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ فِي الشَّعْبِ.
وَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ تَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ إِذْ كَانُوا مُنْزَعِجِينَ
وَمُنْطَرِحِينَ كَغَنَمٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا» (متى 9 : 35، 36).

 

ولا
زلنا اليوم ننبهر من تعاليم المسيح التي تسمو بالناس في كل زمان ومكان، وهي مناسبة
للجميع في كل مكان. ولو أن البشر عاشوها ما قامت حرب، وما هاجمت طائفةٌ طائفةً
أخرى، وما انقسم بيت، وما حدث نزاع.. وفوق هذا لو أن إنساناً عاشها بعد أن اختبر
الحياة الجديدة في المسيح (كما ذكرنا في مقدمة هذه الدراسة) يكون له ملكوت
السماوات، ويصبح ملحاً للأرض ونوراً للعالم.

 

وهذه
صلاة الكاتب لأجل نفسه ولأجل كل قارئ.

 

مسابقة
الكتاب

1- ما
معنى «مسكين بالروح»؟

2- ما
هي تعزية الحزين على خطاياه؟

3- ما
هي معاني الوداعة؟

4-
اذكر ثلاثة معانٍ لكلمة «بر».

5- في
كلمات قليلة اروِ مثَل «السامري الصالح».

6- ما
هي مكافأة نقي القلب؟

7- ما
معنى أن صانع السلام هو ابنٌ لله؟

8-
لماذا يضطهد عالمُنا الأبرار؟

9-
اذكر صفتين للمؤمن مستمدتين من صفات الملح.

10-
ما معنى وضع السراج تحت مكيال، أو تحت سرير؟

11-
ما هي الوصية التي اعتبرها الكتبة والفريسيون أصغر الوصايا؟

12-
ما هو واجب المؤمن نحو خصمه؟

13-
لماذا أذن موسى لليهود أن يطلقوا نساءهم؟

14-
لماذا نهى المسيح عن القسَم؟

15-
كيف تعاون سكيراً أراد أن يقترض منك؟

16-
اذكر ثلاثة دوافع للارتقاء الروحي.

17-
ما هو العيب في أن المرائين المنافقين يبوِّقون وهم يقدمون صدقاتهم؟

18-
ما هو التعليق الوحيد الذي علَّق به المسيح على الصلاة الربانية؟

19-
ما معنى «سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ»؟

20-
اشرح معنى «المال عبد صالح، لكنه سيد قاسٍ».

21-
لماذا يجب أن نمتنع عن النقد الهدام؟

22-
كيف أكَّد المسيح لنا استجابة الله لصلواتنا؟

23-
ما المقصود أن الباب المؤدي إلى الحياة ضيق وأن الطريق إليها كَرْب؟

24-
كيف نقدر أن نعرف النبي الكاذب؟

25-
إلى ماذا يرمز المطر والأنهار والرياح؟

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي