3. وإذ يقصي كل هذه الرذائل بعيدًا، بتشريعه العظيم هذا، يضيف تهمة
أخرى قائلاً: "ولا تُعطوا القُدس للكلاب، ولا تَطرحُوا دُرركم قُدَّام
الخنازيرِ" (مت 7: 6).

 

وحتى
لا يقال إن السيد الرب قد أوصى بأن "ما تسمعونه بالآذان، نادوا به على
السطوح" (مت 10: 27). فإن هذه العبارة لا تناقض الآخر(الأخرى) لأن الرب أمر
أن نخبر من يجب علينا إخبارهم، وأن نحدثهم بحرية (1 كو 2: 14). ويصف هنا بشكل رمزي
أولئك الذين يحيون بعدم تقوى لا علاج لهم، ولا رجاء في إصلاحهم أو تغييرهم إلى
الأفضل وذلك بكلمة "كلاب" أما كلمة "خنازير" فيصف بها الذين
يداومون على الحياة النجسة. وهؤلاء يقول عنهم إنهم غير مستحقين أن يسمعوا تلك
الأمور. وقد أعلن القديس بولس الرسول نفس الأمر بقوله "الإنسان الطبيعي لا
يقبل ما لروح الله، لأنه عنده جهالة" (1 كو 2: 14). ويقول السيد الرب في عدة
مواضع أخرى إن فساد الحياة هو السبب في عدم نوال الناس لمزيد من التعاليم الكاملة.
ولهذا يأمرنا ألا نفتح أبوابنا لهم، لأنهم في الحقيقة يكونون أكثر ضررًا بعد
التعليم، أما صاحب الميول الطيبة والذكي فإن الأشياء تبدو وقورة جديرة بالاحترام
إذا ما انكشفت أمامه. أما عديمو الإحساس فتبدو الأمور لهم مجهولة لأنهم بسبب
طبيعتهم غير قادرين على تعلمها. ويقول السيد الرب "فلنُبق الأمور مخفية، حتى
يوقرونها وذلك بسبب جهلهم". لأنه لا الخنزير يعرف قيمة اللؤلؤة، ولما كان لا
يقدِر قيمتها فدعونا لا نكشفها له، لئلا يدوسها بأقدامه. فالسالكون سلوكًا رديًا
لا يميلون إلى سماع الأمور المقدسة، فهي بالنسبة لهم دنسة لأنهم يجهلون طبيعتها.
وهم أكثر الناس اندفاعًا لمقاومتها والتعالي علينا، وهذا هو المقصود بعبارة
"لئلا تدوسها بأرجلها، وتلتفت فتمزقكم"

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد جديد رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 02

ورُبّ
قائل: "كلا بالتأكيد، عليها أن تكون قوية لتظل مسبقة بقدر كافٍ، بعد أن
يتعلمها الناس، ولا تخضع لأناس ضدنا" لكن ما قولك في أن أولئك الناس
كالخنازير مثلاً، فالدرة حتى وإن سقطت بين الأقدام لا يليق أن تداس هكذا، فهي ليست
محتقرة لأنها وقعت، بل لأنها سقطت بين خنازير، ولهذا يقول الرب "لئلا تلتفت
وتمزقكم" لأنها تفتقر إلى الرقة واللطف. وحتى إذا تعلمت، فإنها لا تتغير من
حال إلى حال، بل تظل تزمجر وتدوسنا وتهاجمنا فهم أشخاص مخادعون. لهذا يقول بولس
الرسول لتلميذه تيموثاوس (2 تي 4: 15) "فاحترس منه أنت أيضًا، لأنه قاوم أقوالنا
جدًا" ثم يقول في موضع آخر "أعرض عن هؤلاء" (2 تي 3: 5)
و"الرجل المبتدع، بعد الإنذار مرة ومرتين، أعرض عنه" (تي 3: 10).

هكذا
ترون أن الحقائق لا تمدهم بالقوة، بل يصيرون أغبياء، من تلقاء أنفسهم – ويزداد
عنادهم – ويخسرون كثيرًا إذا ظلوا على جهلهم، إذ يظهرون احتقارهم الشديد، لكنهم إن
تعلموا، فإن سوء التقدير من جهلتهم يكون أشد. لأنهم لا ينتفعون بل يتأذوا بالأكثر،
ويسببون لكم العديد من المتاعب.

 فليسمع
كل الذين يشتركون مع الجميع في هذا السلوك بغير خجل، ويحتقرون الأشياء المرهوبة
الجانب. لأننا نحتفل بالأسرار والأبواب مغلقة، ونُبعد غير المعتمدين، لا لأي ضعف
في طقوسنا، بل لأن الكثيرين منهم غير مهيأين بالكامل لها. ولهذا السبب ذاته يتحدث
السيد الرب إلى اليهود في أمثال "لأن لهم عيونًا، ولا يبصرون" ولهذا
أيضًا يأمر القديس بولس "أن نعلم كيف يجب أن نجاوب كل أحد" (قابل كو 4:
6).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي