الإصحَاحُ
الثَّالِثُ

 

5-
شفاء اليد اليابسة يوم السبت (الأصحاح 3: 1-6)

1ثُمَّ
دَخَلَ أَيْضاً إِلَى ٱلْمَجْمَعِ، وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ يَدُهُ يَابِسَةٌ.
2فَصَارُوا يُرَاقِبُونَهُ: هَلْ يَشْفِيهِ فِي ٱلسَّبْتِ؟ لِكَيْ
يَشْتَكُوا عَلَيْهِ. 3فَقَالَ لِلرَّجُلِ ٱلَّذِي لَهُ ٱلْيَدُ
ٱلْيَابِسَةُ: «قُمْ فِي ٱلْوَسَطِ!» 4ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «هَلْ
يَحِلُّ فِي ٱلسَّبْتِ فِعْلُ ٱلْخَيْرِ أَوْ فِعْلُ ٱلشَّرِّ؟
تَخْلِيصُ نَفْسٍ أَوْ قَتْلٌ؟». فَسَكَتُوا. 5فَنَظَرَ حَوْلَهُ إِلَيْهِمْ
بِغَضَبٍ، حَزِيناً عَلَى غِلاظَةِ قُلُوبِهِمْ، وَقَالَ لِلرَّجُلِ: «مُدَّ
يَدَكَ». فَمَدَّهَا، فَعَادَتْ يَدُهُ صَحِيحَةً كَٱلأُخْرَى. 6فَخَرَجَ
ٱلْفَرِّيسِيُّونَ لِلْوَقْتِ مَعَ ٱلْهِيرُودُسِيِّينَ وَتَشَاوَرُوا
عَلَيْهِ لِكَيْ يُهْلِكُوهُ.

 

كان
الأتقياء في زمن يسوع معقدين في شبكة ناموسهم حتى لم يلاحظوا ضيقات إخوانهم من
الناس ولم يطلبوا شفاءهم، بل حسبوا العمل اليدوي وكل أنواع الشفاءات، خطية يوم
السبت.

 

ولم
ينتبهوا أن يسوع شفى الجميع مجاناً برحمته، وأن كل خدمة في المحبة هي عبادة حقة.
أما هم فظنوا أن إتمام الطقوس الناموسية تمهد الطريق لله. ولم يدركوا أن قلوبهم قد
تقست رغم كل تقواهم. فامتلأوا حقداً ضد المفكرين بأفكار مختلفة عنهم. وأصبحوا
أمواتاً روحياً في تعصبهم التقويّ.

 

وهكذا
تم الالتقاء المدهش: الأتقياء وليس الكفار راقبوا بحقد ابن محبة الله ليشتكوا عليه
ويسلموه إلى المحكمة الدينية. قد فقدوا الشعور بمحبة الله وروحه كان بعيداً عنهم،
حتى وهم في وسط العبادة. وأما العشارون والخطاة فلاحظوا حضور الله في المسيح
وتابوا وشفوا.

 

ويسوع
أحب أعداءه المتعصبين، كما أحب الرجل ذات اليد اليابسة. وهكذا أعلن محبة الله
علانية وأوقف المعذب في وسطهم وأصاب مراقبيه في صميمهم.

 

لم
يحرّم يسوع العقل البشري والمنطق العام. لكنه لم يعتبره قوة مستقلة تقدر بدون وحي
الله أن تدرك أسرار الله في الدنيا والآخرة. فغلب يسوع أعداءه بمنطق محبته،
وأسكتهم بالتفكير البسيط الموجود في كل إنسان عادي.

 

إن
عمل الخير خير وعمل الشر شرير. فكل من يعرف أن يعمل حسناً ولا يفعل فهذا له خطية.
ومن يترك إنساناً في ضيقة ويمر منه بلا مبالاة فيشبه قاتلاً.

 

فالمساعدة
الأولى للإنسان الجريح بعض المرات مهمة كالتبشير أو أهم منه. لا تستطيع أن تبشر
أحداً ومعدته تصرخ. أو دمه يسيل من جروحه. فاعطه أولاً خبزاً وماء وضماداً.
فالمحبة تحكم على الجميع وترشدك إلى اللازم.

 

ويسوع
الحبيب غضب لأجل العمى الروحي في أتقياء زمنه. فمحبة الله لا تمنع حصول غضبه
القدوس أيضاً الذي هو هيجان عميق في قلبه إن لم ينسجم الناس بروحه. ولكن لم يُبد
يسوع المرائين بل حزن على حالة قلوبهم إذ ظنوا أنهم أبرار وكانوا أمواتاً في
استكبارهم وتقواهم الباردة. ومحبة الله لا تنقضّ رأساً على جميع فجور الناس، لأنه
صبور، إنما عدالة قداسته تتطلب القصاص الكامل لكل خطية. ما أطول صبر الله الذي
يؤخر غضبه على ضعفنا. ويمنحنا وقتاً لتغيير الفكر، وتنفيذ محبته. وهكذا شفى المريض
ويده اليابسة بكلمة قدرته وأمر إليه رمزاً لسلطانه وآية دينونة على الذين يرفضونه.

 

لم
يرد الفريسيون تغيير الفكر ولم يفتحوا قالب شعورهم لمحبة المسيح، بل حمقوا في
أذهانهم واجتمعوا فوراً بعد العبادة، وأشركوا أعضاء من شرطة الملك هيرودس لتيآمروا
معاً كيف يهلكوا مؤسس العهد الجديد. ولم يقصدوا موته الجسدي فحسب، منذ أوائل أيام
خدمته، بل قصدوا أيضاً محو تعليمه وتسليمه كمضل ليسقط إلى الجحيم والهلاك الأبدي.
فناموسهم أصبح إلههم. فعزموا أن يضحوا بابن الله لناموسهم. روح الشيطان لم يقدر أن
يسقط يسوع في البرية إلى تجربة ما فأراد في ضعفه أن يبيده بواسطة الأتقياء
المزيفين الملبوسين.

 

ولكن
طوبى لخدام الرب لأن ليس أحد يستطيع أن يسقط شعرة واحدة من رؤسهم ما دام الرب قد
منحهم فرصة للخدمة.

 

قد
عرف يسوع تأمرهم ولم يهرب. بل استمر في خدمته في سبيل محبته، محروساً في عناية
أبيه الذي أعلن اسمه للعالم.

 

الصلاة:
أيها الرب القدوس، نسجد لك لأنك لم تخف من أعدائك بل دخلت الى وسط مبغضيك ولم
تقتلهم في غيظك، بل منحتهم في صبرك آية محبتك. علمنا صبرك لنقدم الرحمة للجميع،
ليس بكلماتنا فحسب بل أيضاً بأعمال تعبنا. لكيلا نتمسك بطقوس وأحكام الناموس بل نسرع
ونساعد المحتاجين. امنحنا قلباً واسعاً وعقلاً حكيماً لكي نطيع إرشاد روحك القدوس،
ونقدم خلاصك للجميع ما دام الوقت. آمين.

 

السؤال:
21- لِماذا غضب يسوع وحزن على الأتقياء المتزمتين؟

 

الجزء
الرابع آيات يسوع الكبرى في الجليل وجواره (الأصحاح 3: 7-8: 26)

 

1- تراكض
الجماهير (الأصحاح 3: 7-12)

7فَٱنْصَرَفَ
يَسُوعُ مَعَ تَلامِيذِهِ إِلَى ٱلْبَحْرِ، وَتَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ
ٱلْجَلِيلِ وَمِنَ ٱلْيَهُودِيَّةِ 8وَمِنْ أُورُشَلِيمَ وَمِنْ
أَدُومِيَّةَ وَمِنْ عَبْرِ ٱلأُرْدُنِّ. وَٱلَّذِينَ حَوْلَ صُورَ
وَصَيْدَاءَ، جَمْعٌ كَثِيرٌ، إِذْ سَمِعُوا كَمْ صَنَعَ أَتَوْا إِلَيْهِ.
9فَقَالَ لِتَلامِيذِهِ أَنْ تُلازِمَهُ سَفِينَةٌ صَغِيرَةٌ لِسَبَبِ
ٱلْجَمْعِ، كَيْ لا يَزْحَمُوهُ، 10لأَنَّهُ كَانَ قَدْ شَفَى كَثِيرِينَ،
حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهِ لِيَلْمِسَهُ كُلُّ مَنْ فِيهِ دَاءٌ.
11وَٱلأَرْوَاحُ ٱلنَّجِسَةُ حِينَمَا نَظَرَتْهُ خَرَّتْ لَهُ
وَصَرَخَتْ قَائِلَةً: «إِنَّكَ أَنْتَ ٱبْنُ ٱللّٰهِ!»
12وَأَوْصَاهُمْ كَثِيراً أَنْ لا يُظْهِرُوهُ.

 

قد
انصرف المسيح عن الأتقياء السطحيين وترك المرائين المتعصبين. لكن جماهير الشعب
البسطاء تبعوه أفواجاً. وأتوا من منطقة الجليل الجبلية، ومن اليهودية منبع
الناموسية. ومن نفس العاصمة أورشليم محور الطقوس في الهيكل حيث مركز المجمع الأعلى
الذي ابتدأ ينتبه بحرص على الشاب الناصري والجماهير المتراكضة إليه. وجاء أفراد من
الجنوب البعيد في بلاد الأدوميين المحتقرين الذين نُسب إليهم عائلة الملك هيرودس
الغريب للأمة اليهودية. وأتوا من لبنان التجار الدوليين، ليختبروا قوة الله
المتجسدة في يسوع، وأهل منطقة الأردن لم يتأخروا ليسمعوا كلماته اللطيفة ويُشفوا
من أمراضهم الأليمة. فجاؤا إليه من كل اتجاه وأصبحت حركته دولية. وكثيرون حاولوا
أن يلمسوه لأنه قد جرت من جسده قوة الله. وتكاثرت الجماهير وتزاحمت حوله. فركب
زورقاً وابتعد قليلاً عن الشاطئ الذي غصّ بالجماهير، وابتدأ يبشرهم من السفينة
التي كانت دائماً مُعدة ليركبها لأنه لم يوجد دار أو ساحة تجمع العدد الكبير الذي
اجتمع حوله.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ف فينون ن

 

فارتجفت
جهنم وتزلزلت لأن الشيطان قد أُجبر ليرى كيف ينزع المسيح المعذبين والأسرى من بين
يديه. وكذلك ملائكة الشيطان عرفوا المسيح في جوهره مسبقاً وسجدوا أمامه مرتعبين
معترفين: «أنت ابن الله».

 

لم
يوضحوا سبب وغاية معرفتهم، بل سلطان المسيح رماهم إلى الغبار وقداسته دانت
نجاساتهم. ومنع المسيح الأصوات الجهنمية من الكلام. لأنه أراد إنشاء إيمان البشر
على محبة لطفه وليس على ارتعاب من قداسته. فجهنم أدركت ما لم يرد الأتقياء أن
يؤمنوا به. فعرف الشرير حقيقة يسوع أوضح فأوضح، وجنّد المتعصبين بالدين ضده،
ليبيدوا ابن الله باسم التقوى والدين.

 

الصلاة:
أيها الرب، أنت المحبة ولقد شفيت كل من تقدم اليك بشوق وثقة. وهكذا نلتجئ الى جودك.
ونلتمس النعمة من محبتك لأجل عائلاتنا وأمتنا كلها. لأنه بدونك نتعذب من البغضة
والأرواح النجسة. احفظنا خاصة من التعصب الديني حتى نحب أعداءنا ولا نرفض أحداً،
بل نخدم الجميع كما احتملت أنت الأمرّين بصبرك الفائق. آمين.

 

السؤال:
1- من أي مناطق تراكضت الجماهير الى يسوع؟

 

2-
دعوة الرسل الاثني عشر (الأصحاح 3: 13-19)

13ثُمَّ
صَعِدَ إِلَى ٱلْجَبَلِ وَدَعَا ٱلَّذِينَ أَرَادَهُمْ فَذَهَبُوا
إِلَيْهِ. 14وَأَقَامَ ٱثْنَيْ عَشَرَ لِيَكُونُوا مَعَهُ، وَلْيُرْسِلَهُمْ
لِيَكْرِزُوا، 15وَيَكُونَ لَهُمْ سُلْطَانٌ عَلَى شِفَاءِ ٱلأَمْرَاضِ
وَإِخْرَاجِ ٱلشَّيَاطِينِ. 16وَجَعَلَ لِسِمْعَانَ ٱسْمَ بُطْرُسَ.
17وَيَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَا يَعْقُوبَ، وَجَعَلَ لَهُمَا
ٱسْمَ بُوَانَرْجِسَ (أَيِ ٱبْنَيِ ٱلرَّعْدِ).
18وَأَنْدَرَاوُسَ، وَفِيلُبُّسَ، وَبَرْثُولَمَاوُسَ، وَمَتَّى، وَتُومَا،
وَيَعْقُوبَ بْنَ حَلْفَى، وَتَدَّاوُسَ، وَسِمْعَانَ ٱلْقَانَوِيَّ،
19وَيَهُوذَا ٱلإِسْخَرْيُوطِيَّ ٱلَّذِي أَسْلَمَهُ. ثُمَّ أَتَوْا
إِلَى بَيْتٍ.

 

دعا
يسوع الجميع إلى التوبة وفتح الطريق إلى الله أمام كل إنسان كما أنه غفر خطايا
البشر على الصليب نهائياً.

 

ولكن
يا للعجب قليلون فقط يسمعونه ويفهمون غرض الله لهم. والنخبة القليلة تتقدم إلى
المخلص لتنال منه خلاصه المبين. حسب الظاهر تبع كثيرون يسوع. ويسمون أنفسهم
«مسيحيين». ولكن قليلين مولودون ثانية، ويمارسون حياة التواضع وفرح المسيح في
سيرتهم.

 

عرف
يسوع القلوب والخلايا الموروثة في الإنسان ومستقبل كل فرد. فاختار من جماهير
أتباعه أفراداً ودعاهم إليه لكي يدربهم ويرسلهم ليحملوا إنجيله إلى العالم.
فالتبشير ونشر بشرى الخلاص من امتيازات كل مسيحي. ولكن أيها القارئ العزيز، لا
تبدر لنفسك خدمة الله كوظيفة، بل انتظر دعوة ربك. لن تستطيع غلبة حيل الشيطان
بقوتك الذاتية. فقط من يعينه الرب ليضحي بحياته ويحتمل آلاماً من أجل اسمه فهذا
يدعة للخدمة كل الوقت في مكلوته حسب خطته الأزلية.

 

ورسل
المسيح يشبهون السعاة الذين يقدمون بشرى الخلاص لجميع الناس. فلا يتفلسفون عن
المسيح، ولا يدافعون عن إيمانهم بمجادلات. بل يعرضون خلاص الله في المسيح مجاناً
للجميع. من يسمع يسمع ومن يقبل يقبل ومن يقسي نفسه ويضع ذاته فوق ابن الله يهلك
نفسه بنفسه.

 

ولم
يفوض يسوع تلاميذه المختارين لأداء كلماته فقط، بل منح لهم قوة ليغلبوا النواميس
الفارغة ويجردوا الفلسفات الميتة، ويخرجوا الأرواح النجسة، ليظهر جلياً أن ملكوت
الله آتٍ الآن. فرئيس هذا العالم يُطرد، ليس بالعلم والمال والذكاء بل بكرازة
الإنجيل البسيطة وإعلان المصلوب الحي الذي هو قوة الله المخلصة للذين يؤمنون به.

 

واختار
يسوع اثني عشر رسولاً ليكونوا حوله دائماً رمزاً لإرادته أن يرعى الشعب كله
بقبائله الاثني عشر. والعدد 12 يتركب من 3 4. ويدل 3 على الثالوث الأقدس و4 على
نواحي الجهات الأربع حتى يعني 12 المزج الكامل بين الله والبشر.

 

من
يتعمق في أسماء الرسل الاثني عشر يتعجب من جمعهم. الأغلب أن 4 أو 6 منهم كانوا
صيادي السمك المتعودين للعمل اليدوي المتعب. و3 منهم من بيت صيدا عند مصب الأردن
في بحيرة طبرية. وعرف التلاميذ الستة الأُول بعضهم بعضاً لأنهم تابوا وتتلمذوا عند
يوحنا المعمدان. فالرب لم يَدعُ رسله من جميع أسباط ومراكز التقوى، بل النصف الأول
من محيط قرية الصيادين الصغيرة.

 

واختص
الثلاثة الأول منهم بالدائرة الداخلية، ورافقوا يسوع في كل حين. سمعان الذي سماه
يسوع بطرس الصخرة كان ربماحسب العمر من الكاب في الحلقة، والأغلب أنه كان الأقوى
بالنسبة للعضلات والمتكلم السريع كالبركان والأكثر جرأة من الآخرين. ولكن ليس
دائماً حكيماً ذكياً بل مستقيماً وعاطفياً مستعداً للتوبة والإيمان. فتمسكه الفوري
وقبوله للإعلان الإلهي ببساطة أوجد فيه الشهادة الشعارية عن المسيح، التي أصبحت
أساس الكنيسة. فبعد صعود يسوع إلى السماء كان هو المقدام بين الرسل والأول من
الذين في نفس المستوى.

 

يعقوب
أخو يوحنا اشترك معه في اسم «ابني الرعد» لأجل غيرتهما الملتهبة لشرف المسيح،
لأنهما طلبا منه السلطان لينزلا النار من السماء على السامريين الذين منعوا الرب
وحاشيته من المرور والضيافة.

 

وأما
يسوع فجبل من الفتى يوحنا رجل محبة الله الذي أدرك جوهر يسوع في عمقه. فبينما دون
البشراء الآخرون عجائب يسوع وكلامه وأعماله، أدرك يوحنا يسوع بالذات موضحاً جلاله.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس بولسية عهد جديد رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 09

 

وبعد
صعود ابن الله أصبح يوحنا أحد الأعمدة الثلاثة الأصلية في القدس، وانتقل بعد موت
بطرس وبولس وبعد هدم أورشليم إلىأفسس وقام برعاية الكنيسة المركزية هناك، حيث منح
الرب يسوع له في المنفى الرؤيا عن نهاية العالم ومجيئه الثاني.

 

ولم
نعرف كثيراً عن يعقوب بن زبدي إلا أنه كان من شهود العيان الثلاثة لتجلي الرب
واكتئابه في بستان جثسيماني، كما أنه شهد إقامة ابنة يايرس بيد يسوع. فأصبح هو
الأول من حلقة الاثني عشر، الذي قُتل شهيداً سنة 44 ب. م. على يد هيرودس أغريباس
ليفرح اليهود.

 

إذاً
نخبة التلاميذ هم بطرس ويعقوب ويوحنا. والحلقة الثانية حولهم مؤلفة من أندراوس
وفيلبس ونثنائيل.

 

أندراوس
هو أخو بطرس. وقد قاد بطرس إلى يسوع، واعترف أولاً أن يسوع هو المسيح (يوحنا 1: 41).

 

وفيلبس
أصله من بيت صيدا مدينة بطرس وأندراوس وهو رجل مستقيم مبشر مخطط اقتصادي لا يقصد
إلا الهدف (يوحنا 1: 43 و45، 6: 5، 12: 20، 14: 8 أعمال الرسل 1: 13).

 

نثنائيل
كان طالباً للحق نقّاداً (واسمه بعض المرات برثولماوس) وقد رآه يسوع أثناء اعتراف
صلواته تحت التينة، وشهد له أنه عضو مثالي لأمته. وهو سمى يسوع قبل الجميع ابن
الله وملك إسرائيل (يوحنا 1: 46-49، 21: 2).

 

حول
هؤلاء التلاميذ الستة كانت حلقة خارجية متضمنة التلاميذ الباقين: متى وتوما ويعقوب
الثاني وتداوس وسمعان الآخر ويهوذا الاسخريوطي.

 

فليس
لدينا أخبار كثيرة عن البشير متى، لأنه محا من أصل كل الأناجيل ذكره، ما عدا دعوته
كعشار مرفوض من المجتمع ورتبته السابعة في جداول الرسل. فهو شبيه يوحنا لم يرد
إظهار نفسه بجانب شخصية يسوع الفائقة. مع العلم أنه مع بولس ويوحنا ولوقا من أكبر
الكتاب المسيحيين في كل حين. وقدم لنا في إنجيله خبراً أساسياً شاملاً مبدئياً عن
يسوع. فاختفاؤه يخبرنا عن شخصيته الكبيرة الهامة البارزة (متى 9: 9-11، مرقس 2:
14، لوقا 5: 28).

 

توما
الشكاك المتشائم هو رمز للإنسان الحديث المؤمن بالحقيقة المكشوفة الذي لا يؤمن
بدون البرهان في يده. فأصبح توما قدوة لكثير من العلماء الأوروبيين وطالبي الله
الذين يطلبون الحق من تلقاء أنفسهم، ولا يجدونه غالباً (يوحنا 11: 16، 14: 5، 20:
24-29).

 

وبعد
متى توما يأتي في جدول أسماء الرسل الثلاثة أسماء تقريباً غير معروفين لدينا، إلا
أن سمعان الغيور اختص قبلاً بحركة سياسية دينية، بقصد بنيان ملكوت الله بالعنف
والغضب. وأما يسوع فدعاه وعلمه وغيره فتبعه في سبيل الوداعة متواضعاً.

 

وقد دعا
يسوع أيضاً يهوذا الاسخريوطي وهو اليهودي الوحيد بين التلاميذ الاثني عشر. جميع
الآخرين كانوا من الجليل. ولكن يهوذا كان سراقاً محباً للمال، راغباً في السلطة
بأي ثمن. فتقسى في قرب المسيح أكثر فأكثر حتى حلّ الشيطان فيه، وتراءى قديساً
وقلبه حاقد. فخان الله في الجسد. وليس هو فقط بل أكثرية التلاميذ انتظروا من يسوع
مسيحاً سياسياً. ولكنهم تغيّروا في تصوراتهم وقبلوا أن يسوع يجبل أخلاقهم، ما عدا
يهوذا العاصي. فعندما كشف يسوع نياته خانه انتقاماً وبغضة. ولكن يا للعجب، في فزعه
عند إدراك نهاية يسوع قدم شهادته العظيمة كالرسل عن براءة يسوع قبل انتحاره. مع
العلم أن يسوع حاول إرشاده عند العشاء الرباني الأخير بلطف وشدة. ولم يلعنه عندما
قبّله بل سماه يا صاحب.

 

كل من
يدرس أخلاق الرسل الاثني عشر، يشعر أن يسوع دعا إليه أناساً مختلفين كل الاختلاف.
ولا بد من وجود مشاكل كثيرة في شركتهم والتكبر والاستكبار كان بنيهم معروفاً. إنما
روح يسوع غيّر تفيكر الجميع، إلا واحداً. وجعلهم حملاناً في محبة الروح القدس،
الذي تبعوا طريقة حمل الله إلى المنتهى.

 

الصلاة:
أيها الرب يسوع، أنت ملكنا. وقد دعوت رسلك بثقابة النظر وبصيرة حكيمة، لينشروا
ملكوت لطفك باسمك. اغفر لنا ذنوبنا وكبرياءنا، لكيلا نمنعك أن تدعونا الى اتباعك.
حررنا من الطموح الى الشرف والسلطة والشهرة. وخاصة من محبة المال، لكي لا نخونك بل
نحبك ونبذل حياتنا لك ذبيحة حية مرضية أمامك. آمين.

 

السؤال:
2- من هم التلاميذ الاثني عشر، وما هي ميزة كل واحد؟

 

3-
يسوع يدافع عن اتهامه ببعلزبول (الأصحاح 3: 20-30)

 20فَٱجْتَمَعَ
أَيْضاً جَمْعٌ حَتَّى لَمْ يَقْدِرُوا وَلا عَلَى أَكْلِ خُبْزٍ. 21وَلَمَّا
سَمِعَ أَقْرِبَاؤُهُ خَرَجُوا لِيُمْسِكُوهُ، لأَنَّهُمْ قَالُوا: «إِنَّهُ
مُخْتَلٌّ!». 22وَأَمَّا ٱلْكَتَبَةُ ٱلَّذِينَ نَزَلُوا مِنْ
أُورُشَلِيمَ فَقَالُوا: «إِنَّ مَعَهُ بَعْلَزَبُولَ، وَإِنَّهُ بِرَئِيسِ
ٱلشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ ٱلشَّيَاطِينَ». 23فَدَعَاهُمْ وَقَالَ لَهُمْ
بِأَمْثَالٍ: «كَيْفَ يَقْدِرُ شَيْطَانٌ أَنْ يُخْرِجَ شَيْطَاناً؟ 24وَإِنِ
ٱنْقَسَمَتْ مَملَكَةٌ عَلَى ذَاتِهَا لا تَقْدِرُ تِلْكَ
ٱلْمَمْلَكَةُ أَنْ تَثْبُتَ. 25وَإِنِ ٱنْقَسَمَ بَيْتٌ عَلَى
ذَاتِهِ لا يَقْدِرُ ذٰلِكَ ٱلْبَيْتُ أَنْ يَثْبُتَ. 26وَإِنْ قَامَ
ٱلشَّيْطَانُ عَلَى ذَاتِهِ وَٱنْقَسَمَ لا يَقْدِرُ أَنْ يَثبُتَ،
بَلْ يَكُونُ لَهُ ٱنْقِضَاءٌ. 27لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ
بَيْتَ قَوِيٍّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ ٱلْقَوِيَّ
أَوَّلاً، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ. 28اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ
جَمِيعَ ٱلْخطَايَا تُغْفَرُ لِبَنِي ٱلْبَشَرِ،
وَٱلتَّجَادِيفَ ٱلَّتِي يُجَدِّفُونَهَا. 29وَلٰكِنْ مَنْ
جَدَّفَ عَلَى ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ فَلَيْسَ لَهُ مَغْفِرَةٌ إِلَى
ٱلأَبَدِ، بَلْ هُوَ مُسْتَوْجِبٌ دَيْنُونَةً أَبَدِيَّةً». 30لأَنَّهُمْ
قَالُوا: «إِنَّ مَعَهُ رُوحاً نَجِساً».

 

نظم
روح جهنم جيوشه الكثيرة ضد المسيح. فأتى المتضلعون في التوراة والشريعة من أورشليم
الباهية إلى جبال الشمال المختفرة، لينظروا إلى حركة يسوع النجار وينصبوا له فخاً،
ويمسكوه بالخروج على الناموس، ويثبّتوا حسب الشريعة المتشعبة أنه مضل الأمة
ومفتنها.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد قديم سفر المزامير بروس أنيستى 08

 

وفي
هذه اللحظة بالذات أصبحت عشيرته والمقربون إليه مع تلاميذه في خطر كبير من أن
يُرفَضوا جميعاً من الأمة ويُبادوا في العار.

 

لهذا
السبب ابتدأت عشيرته بحمايته والدفاع عنه مدّعين بأنه مختل هذيان. وكانت هذه الحجة
أسهل الطرق ليرفعوا المسؤولية عن كاهلهم ويحموه بنفس الوقت. وحاولوا أيضاً مراراً
أن يمنعوه بشدة من الاستمرار في خدمته المخلصة. ولكنهم لم يقدروا أن صلوا إليه
لازدحام الجماهير حوله طالبة الشفاء والاستماع إلى أقواله الحكيمة. وقال المختصون
بالشريعة حاسدين: إنيسوع ليس بمختل كما زعم أقرباؤه، لكنه ملبوس بروح بعلزبول.
واتهموه بذلك أمام الجماهير المزدحمة أن رئيس الأرواح بالذات الذي تحت يدي أبالسة
بعدد ذباب الأرض، قد حل في يسوع. فسموا محبة الله المتجسدة بالشيطان. فبغضة جهنم
أعمت أبصار المحافظين على التوراة. حتى أنهم لم يروا من الناموس إلا الأحرف. ولطف
الله في يسوع لم يشعروا به قط.

 

وقد
دافع المسيح عن نفسه أمام الشعب بالصواب وأوضح لهم جهالة الاتهام وشراسته بتفسيره
عن مبادئ جهنم وسلطته المستترة. فجهنم هي روح شامل ودولة قوية، التي رغم ظهور
انشقاقاتها ومضاداتها هي متحدة ومتعاونة لأجل غايتها المهلكة. فروح الشيطانالكاذب
يسيطر على أتباعه ويربطهم لرفض الله ومسيحه.

 

أما
يسوع فقد تقدم لوحده بدون ملائكته أو جيشه، إلى وسط دولة الظلمة. وجرد المجرب الذي
لم يقدر أن يسقطه في خطيئة واحدة وينتزع الأسرى منه بكلمة قدرته. فالمسيح هو
الغالب على الشيطان في كل حين. ويحررك بإنجيله من أنانيتك ونجاساتك إن أصغب إلى
أقواله المحررة وقبلتها مطيعاً. فتصبح عضواً عاملاً في ملكوت الله.

 

ويل
لهؤلاء الذين أدركوا محبة الله في المسيح مؤقتاً. ثم يرفضونه فيتقسون في قلوبهم
ويجدفون أخيراً عليه. من يهمل الله وابنه بجهالة ويستهزئ به ويجدف عليه بدون
معرفته الحقة، يمكنه أن يغفر له. أما الذي يعصي واعياً رحمة الله المعلنة له
بختبارات روحية وتأثيرات قوية، فهذا يصبح نجساً في ذاته وشيطاناً أصلياً، ولن يجد
غفراناً فيما بعد. فلا تتلاعب أبداً بمعرفة المسيح ولا تهمل اختبارات الروح القدس،
بل تب حقاً، متغيراً في أخلاقك لكيلا تصبح خائناً مثل يهوذا، بل آمن بيسوع منسحقا،
ومُت لأمنياتك الجسدية واستسلم لمحبة الملخص ما دام الوقت والفرصة متفوحة أمامك.

 

الصلاة:
أيها الآب القدوس، نسجد لك لأنك خلصتنا من الدينونة بواسطة موت ابنك الحبيب. ثبتنا
في محبته وحررنا من ميولنا الى الشرور لكيلا نصبح غنيمة للأرواح الشريرة، بل نمتلئ
بروحك القدوس ونعظمك ونخدمك بعدم عصيان، متحررين من النجاسة. يا رب ارحم أمتنا
لكيلا يرفضك أحد باستمرار ويسقط سقوطاً عظيماً. آمين.

 

السؤال:
3- ما هو معنى وغاية تهمة الوفد القادم من أورشليم ضد المسيح؟

 

4-
أقرباء يسوع الحقيقيون (الأصحاح 3: 31-35)

31فَجَاءَتْ
حِينَئِذٍ إِخْوَتُهُ وَأُمُّهُ وَوَقَفُوا خَارِجاً وَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ
يَدْعُونَهُ. 32وَكَانَ ٱلْجَمْعُ جَالِساً حَوْلَهُ، فَقَالُوا لَهُ:
«هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ خَارِجاً يَطْلُبُونَكَ». 33فَأَجَابَهُمْ: مَنْ
أُمِّي وَإِخْوَتِي؟ 34ثُمَّ نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى ٱلْجَالِسِينَ وَقَالَ:
«هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي، 35لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ ٱللّٰهِ
هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».

 

إن
ملكوت الله يقسم العائلات والأصدقاء والمجتمعات لأن الروح القدس ينقل المؤمنين
بالمسيح إلى عائلة الله الجديدة ويعطيهم أصدقاء جدداً في المحبة والطهارة وخدمة
متعاونة حسب مشيئة الأب السماوي.

 

وقد
سمعت أم يسوع بالخبر أن علماء الدين جاءوا من العاصمة إلى الجليل ليهلكوا ابنها
الحبيب. فركضت مع إخوته ليلحوا على يسوع أن يترك دعوته ويرجع إلى عائلته التي فقدت
معيلها يوسف منذ سنوات. ولما لم يقدروا أن يتقدموا إلى المسيح لازدحام الجماهير
حوله أرسلوا بعض الأصدقاء إليه طالبين منه أن ينسحب من الجمع فوراً وأن يتفاهم
معهم ودياً.

 

لكنّ
المسيح الابن المطيع حسب الوصية الرابعة قد أطاع أباه السماوي أكثر من إطاعته
لوالدته على الأرض. فأبرز جلياً ارتباطه بعائلة الله قبل انتسابه إلى أنسبائه في
الجسد. هذا هو ناموس وعمل الروح القدس أن يثبتنا في محبة الله قبل كل شيء. أن
العائلات الدنيوية تزول. أما من يعيش في شركة روح الرب فيثبت إلى الأبد. فمن هذا
الذي يحظى بالانضمام إلى عائلة الآب السماوي؟ ليس أحد إلا العامل مشيئة الله. فما
هي مشيئة الله؟ الإيمان بابنه يسوع المسيح الذي يخلصك ويغيّرك إلى محبته ويمنحك
قوة إلهية لتنفذ مشيئة العلي. وعندئذ تترك فداء نفسك بنفسك وتتكل على قدرة روح
الله وتسلك وديعاً وتصبح من صانعي السلام.

 

ما
أعظم هذا الشرف والإكرام. إن يسوع يسميك أخاه أو أخته إن انتسبت إلى ملكوته حقاً.
فابن الله يدعوك للقرابة. عندئذ تسمو على علاقاتك بأقربائك الدنيوية رويداً.
وتتقوى في إرشاد الروح القدس وحكمته. أدخل إلى عائلة الله بالشكر والحمد.

 

الصلاة:
أيها الله القدوس، لا نستحق أن نُدعى لك أبناء. ولكن ابنك الوحيد دعانا الى عائلتك
لنتحد إخوة وأخوات له. قدسنا في كياننا، وطهرنا في شعورنا الباطني، لنصبح قديسين
بلا لوم قدامك كما أن المسيح هو قدوس. لننفذ محبتك ونتم مشيئتك كل يوم وننال القوة
للسلوك بالاستقامة والعفة. ساعدنا خاصة في علاقتنا بعائلاتنا البشرية لنخدمها
بحكمة وسلام. وإن لزم الأمر أفصلنا عنهم إن رفضوا اسمك القدوس. بل نفضل أنهم جميعا
يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون واستجب صلواتنا لأجلهم فردا فردا. آمين.

 

السؤال:
4- من هو أخ وأخت المسيح؟

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي