الإصحَاحُ
الثَّانِي عَشَرَ

 

6-
المثل عن الكرامين غير الأمناء (اَلأَصْحَاحُ 12: 1-12)

 1وَٱبْتَدَأَ
يَقُولُ لَهُمْ بِأَمْثَالٍ: «إِنْسَانٌ غَرَسَ كَرْماً وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ،
وَحَفَرَ حَوْضَ مَعْصَرَةٍ، وَبَنَى بُرْجاً، وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ
وَسَافَرَ. 2ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى ٱلْكَرَّامِينَ فِي ٱلْوَقْت
عَبْداً لِيَأْخُذَ مِنَ ٱلْكَرَّامِينَ مِنْ ثَمَرِ ٱلْكَرْمِ،
3فَأَخَذُوهُ وَجَلَدُوهُ وَأَرْسَلُوهُ فَارِغاً. 4ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ
أَيْضاً عَبْداً آخَرَ، فَرَجَمُوهُ وَشَجُّوهُ وَأَرْسَلُوهُ مُهَاناً. 5ثُمَّ
أَرْسَلَ أَيْضاً آَرَ، فَقَتَلُوهُ. ثُمَّ آخَرِينَ كَثِيرِينَ، فَجَلَدُوا
مِنْهُمْ بَعْضاً وَقَتَلُوا بَعْضاً. 6فَإِذْ كَانَ لَهُ أَيْضاً ٱبْنٌ
وَاحِدٌ حَبِيبٌ إِلَيْهِ،أَرْسَلَهُ أَيْضاً إِلَيْهِمْ أَخِيراً، قَائِلاً:
إِنَّهُمْ يَهَابُونَ ٱبْنِي. 7ولٰكِنَّ أُولَئِكَ
ٱلْكَرَّامِينَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هٰذَا هُوَ
ٱلْوَارِثُ! هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ فَيَكُونَ لَنَا ٱلْمِيرَاثُ!
8فَأَخَذُوهُ وَقَتَلُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ ٱلْكَرْمِ. 9فَمَاذَا
يَفْعَلُ صَاحِبُ ٱلْكَرْمِ؟ َأْتِي وَيُهْلِكُ ٱلْكَرَّامِينَ،
وَيُعْطِي ٱلْكَرْمَ إِلَى آخَرِينَ. 10أَمَا قَرَأْتُمْ هٰذَا
ٱلْمَكْتُوبَ: ٱلْحَجَرُ ٱلَّذِي رَفَضَهُ ٱلْبَنَّاؤُونَ
هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ ٱلزَّاوِيَةِ، 11مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ كَانَ
هٰذَا، وَهوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا!» 12فَطَلَبُوا أَنْ يُمْسِكُوهُ،
وَلٰكِنَّهُمْ خَافُوا مِنَ ٱلْجَمْعِ، لأَنَّهُمْ عَرَفُوا أَنَّهُ
قَالَ ٱلْمَثَلَ عَلَيْهِمْ. فَتَرَكُوهُ وَمَضَوْا.

 

غرس
الله شعب العهد القديم ككرمة واسعة خصبة وأحاطهم بسياج شريعته، ووضع نظام الذبائح
كمعصرة فيهم. وأقام الأنبياء أبراجاً وسط الأمة. وفوّض الزعماء المدنيين والروحيين
بالسلطة والمسؤولية.

 

وأرسل
الله عبيده الأنبياء المخلصين ليجمعوا لربهم الثمار الطيبة. التوبة والحق والمحبة.
ولكنهم لم يجدوا إلا البر الذاتي والفضائح والتعجرف والظلمات في الأمة المتمردة
العنيدة التي تضطهد مرسلي الله وتطردهم وتضربهم وستتهزئ بهم، وتقتل بضهم.

 

ما
أعظم صبر الله. فلم يهلك هذه الأمة رغم قساوتها بل استمر يرسل عبيده الأتقياء مرة
تلو المرة. ولا يمكن أن نجد بين البشر رجلاً يتعامل مع عبيده بمثل طول البال
والاحتمال الإلهي. إن الله صبور ورحيم. وقصده أن يربح طاعة البشر بالمحبة
دوناللجوء إلى العنف.

 

لقد
كان لله منذ الأزل ابن فريد، أحبه لأنه صورة ذاته ورسم جوهره. إذ هو مولود من
الروح المحبة. وقد خلق كل المخلوقات، وهو صاحب الحاضر والمستقبل. ومجده وقداسته،
يحملان الملائكة على السجود، وترتجف بالأبالسة لسماع اسمه. ولكن أهل العهد اقديم
لم يهابوه، بل احتقروه حاقدين عليه. وأهل عصرنا يهملونه. ويرمون اسمه جانباً. ولا
توجد في لغة العالم عبارة أقسى من أن البشر استعدوا لقتل ربهم وفي إباداة ابن الله
خالقهم. فمعنى هذه الحقيقة هو أن الله في محبته اللانهائية لنا يصل معنا، وحن قساة
القلوب، إلى آخر درجة من صبره. ويفضل أن يضحي بأعز ما عنده ليفيدنا، مع الرجاء أن
نرجع إليه تائبين متغيرين في سبيل لطفه.

 

ولكن
الناس كرهوا خالقهم وعصوه وتشاوروا ليهلكوا ابنه ويقتلوه نهائياً. ولم يدركوا
استحقاق الله فيهم، ولم يصلوا إ لى غاية اختيارهم. فموت المسيح يعني الفشل الكبير
لأهل العهد القديم، والأمم معهم. وبنفس الوقت إظهار أعلى درجة من محبة الل الأمينة.

 

فما
هو موقفك تجاه صبر الله ومحبته؟ أتقدم لمخلصك ثمار حياتك شكراً وحمداً لخلاصه، أو
لا تزال عائشاً لنفسك، مهتماً بشهرتك، وتخطئ في لا مبالاة؟ إن الله غرسك في كرمه
عوضاً عن أمة العهد القديم. ولكنه كما دان اليهود سيدينك أيضاً إن لم تأ بثمر كثير
وتثبت في محبته وتعيش في طهارة حقه. القدوس يترقب منك حصاداً صالحاً. وقبل كل شيء
أن تستقبل ابنه بوقار وفرح ليثبت هو فيك فضائله.

 

الصلاة:
أيها الإله القدوس. اغفر لي أنانيتي. أخجل وأندم لأجل سطحيتي وإهمالي لحقيقتك
العظمى. وإن كنت عاصياً ضد لطفك، متمرداً على إرشادك فلا ترفضني بل قدسني وغيّر
شعوري الباطني، لأعيش لك ولابنك دائما في سبيل التضحية. واشكك لصبرك الفائق. امنح
لي الحكمة والمواظبة لأقدم لك كل ثمار روحك الصالح. وأستعد لاستقبال حبيبك بفرح.
آمين.

 

السؤال:
21- كيف وضّح يسوع محبة الله بهذا المثل عن الكرامين الأردياء؟

 

7-
مسألة الدولة والضرائب (الأصحاح 12: 13-17)

13ثُمَّ
أَرْسَلُوا إِلَيْهِ قَوْماً مِنَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ
وَٱلْهِيرُودُسِيِّينَ لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكَلِمَةٍ. 14فَلَمَّا جَاءُوا
قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَلا تُبَالِي بِأَحَدٍ،
لأَنَّكَ لاتَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ ٱلنَّاسِ، بَلْ بِٱلْحَقِّ
تُعَلِّمُ طَرِيقَ ٱللّٰهِ. أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ
لِقَيْصَرَ أَمْ لا؟ نُعْطِي أَمْ لا نُعْطِي؟» 15فَعَلِمَ رِيَاءَهُمْ، وَقَالَ
لَهُمْ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي؟ اِيتُونِ بِدِينَارٍ لأَنْظُرَهُ».
16فَأَتَوْا بِهِ. فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَنْ هٰذِهِ ٱلصُّورَةُ
وَٱلْكِتَابَةُ؟» فَقَالُوا لَهُ: «لِقَيْصَرَ». 17فَأَجَابَ يَسُوعُ:
«أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلّٰهِ لِلّٰهِ».
فَتَعَجَّبُوا مِنهُ.

 

اقترب
أعداء المسيح منه متظاهرين كأنهم من تلاميذه، ليسألوه عن قضايا هامة. ولكنهم فعلوا
ذلك ليوقعوه في فخ، ويقيموا دعوة عليه، ويقبضو عليه رأساً. وقد اتحد لهذه الغاية
الشنيعة الطرفان المتخاصمان الفريسيون المتعصبون ديناً والرافضون دفعالضرائب للقوة
الاستعمارية من جهة، وجنود الملك هيرودس العميل للرومان من جهة أخرى.

 

وهكذا
يتحد الأعداء ويتعاونون مرات عديدة في التاريخ ليبيدوا المؤمنين بالمسيح، ويتبعوا
معلمهم ماكر المكارين الذي يعلمهم الرياء والكذب. فيسألون أسئلة بوجه لطيف وبتواضع
ظاهري، ويقصدون بنفس الوقت إهلاك الذي سألوه. فالرياء أنجس الخطايا.امتحن نفسك هل
أنت صادق ومستقيم في كل أقوالك وتصرفاتك؟ أو تكون متظاهراً كصديق لإنسان ما، ولكن
من داخلك تبغضه؟

 

وكان
على أعداء المسيح الاعتارف، بأنه حر وصادق. وأنه لا يخاف من أي إنسان، بل علم في
ارتباطه مع الله طريق المحبة في أدغال الأنانية.

 

وقد
استفهموا من يسوع عن قضية مالية لأنه بالمال تنتهي المحبة في كثيرين. وللمال سلطة
في الدنيا إنما في الآخرة لا يوجد مال وليس له قيمة. أما هنا في الدنيا فيسود
الاشتهاء والطمع مع الحسد على الملايين. ومذاهب حضارتنا مبنية على الرأسمالفي أيدي
الافراد أو تأميم الأملاك لمصالح الأمة. فللمال قوة أقوى مما نتصور. وكثيرون في
قبضة المال عبيده.

 

وقد
رأى الفريسيون في الجزية المفروضة عليهم من قبل القيصر خطية. وكرهوها لأ،هم قد
ضحوا للهيكل ولأجل أعمالهم الحسنة طوعاً. بينما جنود هيرودس ساندوا جباية الضريبة
مبدئياً، لأنهم كانوا يعيشون منها. فسألوا ابن الله الوديع: «هل يجوز أن نفع
الضريبة؟» ظانين أنه بأي جواب يتلفظ سيسقط إلى الفخ المنصوب له.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ظ ظاهرية ة

 

عندئذ
أخذ يسوع قطعة نقود وأراهم صورة القيصر على جانب منها، دلالة أن هذه القطعة من
المال لم تأت من اليهود، بل قد صدرت من روما. وقال لهم: «اعطوا ما لقيصر لقيصر».
وبهذا القول لم يخالف القانون الروماني، ولم يخلق فكرة الثورة في أتباعه.كما أن
الرسل كانوا يدعون إلى الخضوع للحكم القائم. فالمسيحيون ليسوا بخارجين على
القانون، بل هن مصلون لأجل الرؤساء المسؤولين أمام الله، عالمين أن أنواع السلطات
المعنية من الله، بحسب استحقاقهم لها.

 

ووضع
المسيح بجانب طاعة الزعماء السياسيين طاعة الله العظيم. إنما بقدر ما أن الله أكبر
من القيصر، هكذا علينا أن نطيع الله أكثر من الناس. وأخيراً فإن القياصرة وأموالهم
وكل ذهب الدنيا يخص الله كما أن الدول ملكه. وهي كنقط ماء في يده.

 

المسيح
أحكم من كل حكماء الأرض ويكون صادقاً مستقيماً في قوله الحكيم. وحبه للذين يريدون
إسقاطه إلى الفخ جزءاً من حكمته ليرشدهم إلى التوبة والخضوع لله تعالى.

 

وأما
نحن فالمسيح يأمرنا أن نخضع للسطلة الزمنية وندفع لها ما يترتب علينا من ضرائب.
ولكن أكثر من هذا يدعونا إلى الخضوع لله وتلسيم أموالنا وأنفسنا تحت تصرفه. فلا
تتمسك بالدنيويات بل اتكل على ربك مسلماً له أمور حياتك. وكل من يخدم ربهبأمانة
يخبتر أن القدوس لا يتركه قط.

 

وتسليمنا
إلى الله الحي هو الحدود التي ينتهي عندها حق الملك. وحيثما يكون الدين والدولة
منفصلين عن بعض، يقدر المسيحي أن يخدم دولته بإخلاص وتضيحة. لكن عليه أن يخدم الله
أكثر من الناس، لأن القدوس هو محور الكون وحافظه.

 

الصلاة:
أيها الإله القدوس أنت ضابط الكل والقدير الرحيم. اغفر لنا محبتنا للمال والاهتمام
الزائد في الأمور الدنيوية، وحررنا كاملاً من الرياء والطمع والحسد، لنتكل عليك
وحدك، ونسلم لك أمورنا. قُد الدول الكبرى حتى لا تكافح ي سبيل الغنى والرأسمال
والأبهة، بل أن تخدم الفقراء وأن تسمح بحرية الدين لكي تتغير أفكار البشر من
الأهداف المادية الى الحياة الروحية، ومن الطمع الأناني الى خدمة المحبة. آمين.

 

السؤال:
22- ما هي الحكمة في جواب المسيح لمجربيه؟

 

8-
أسرار عن قيامة الأموات (الأصحاح 12: 18-27)

18وَجَاءَ
إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنَ ٱلصَّدُّوقِيِّينَ، ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لَيْسَ
قِيَامَةٌ، وَسَأَلُوهُ: 19 «يَا مُعَلِّمُ، كَتَبَ لَنَا مُوسَى: إِنْ مَاتَ
لأَحَدٍ أَخٌ، وَتَرَكَ ٱمْرَأَةً وَلَمْ يُخَلِّفْ أَوْلاداً، أَنْ يَأخُذَ
أَخُوهُ ٱمْرَأَتَهُ، وَيُقِيمَ نَسْلاً لأَخِيهِ. 20فَكَانَ سَبْعَةُ
إِخْوَةٍ. أَخَذَ ٱلأَوَّلُ ٱمْرَأَةً وَمَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ
نَسْلاً. 21فَأَخَذَهَا ٱلثَّانِي وَمَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ هُوَ أَيْضاً
نَسْلاً. وَهٰكَذَا ٱلثّالِثُ. 22فَأَخَذَهَا ٱلسَّبْعَةُ،
وَلَمْ يَتْرُكُوا نَسْلاً. وَآخِرَ ٱلْكُلِّ مَاتَتِ ٱلْمَرْأَةُ
أَيْضاً. 23فَفِي ٱلْقِيَامَةِ، مَتَى قَامُوا، لِمَنْ مِنْهُمْ تَكُونُ
زَوْجَةً؟ لأَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لِلسَّبْعَةِ». 24فَأَجَاب يَسُوعُ:
«أَلَيْسَ لِهٰذَا تَضِلُّونَ، إِذْ لا تَعْرِفُونَ ٱلْكُتُبَ وَلا
قُوَّةَ ٱللّٰهِ؟ 25لأَنَّهُمْ مَتَى قَامُوا مِنَ ٱلأَمْوَاتِ
لا يُزَوِّجُونَ وَلا يُزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلائِكَةٍ فِي
ٱلسَّمَاوَاتِ. 26وََمَّا مِنْ جِهَةِ ٱلأَمْوَاتِ إِنَّهُمْ
يَقُومُونَ: أَفَمَا قَرَأْتُمْ فِي كِتَابِ مُوسَى، فِي أَمْرِ
ٱلْعُلَّيْقَةِ، كَيْفَ كَلَّمَهُ ٱللّٰهُ قَائِلاً: أَنَا
إِلٰهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلٰهُ إِسْحَاقَ وَإِلٰهُ يَعْقُوبَ؟
27لَيْسَ هُو إِلٰهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلٰهُ أَحْيَاءٍ. فَأَنْتُمْ
إِذاً تَضِلُّونَ كَثِيراً».

 

كان
الصدقيون وأتباعهم علماء دين ودنيا لا يحافظون على كلمة الله ولا يؤمنون برؤى
وأرواح وقيامة أموات وحياة في الدهر الآتي. وكانوا منطقيين يعتقدون بما يدركونه
فقط. وأثبتوا عادة كفرهم بالطرق الفلسفية، مدعومة بأمثلة غير واقعية. وهي عن مرأة
تزوجت سبعة رجال بالتتابع، فلمن تكون زوجة في السماء؟

 

فتصدّى
المسيح لأساس مرضهم في القلب، وفضح عملهم الموهوم وكفرهم بكلمة الله الحكيمة.
لأنهم رغم ذكائهم، كانوا عمياناً لحقيقة حياة الله الأبدية. ولم يختبروا شيئاً من
قوة السماء. فالعلم لا يكشف لنا أسرار معرفة الله وقدرته، بل الإيمان وحه يتلقى
الوحي الصحيح.

 

علم
يسوع المنطقيين الكفار عن قيامة الأموات، إذ قال: ليس في السماء للناس لحم ودم،
ولايكون رجال ونساء. فهناك تنتهي شهوة الجسد. والمؤمنون بالمسيح سيشبهون الملائكة
في أمجادهم ويراءتهم، لأن روح الله الساكن فيهم، هو الله بالذات، مستتر ايوم في
تواضعهم معلناً غداً في المجد، إنما كل من يصغي لأكاذيب الشيطان المضلة ويتبعه،
ويبغض الآخرين مستكبراً، سيشبه ملائكة الشيطان المفعم الظلمة والخوف والاضطراب،
لأن روح أبيهم الكذاب يسكن فيهم (متى 25: 41).

 

وأثبت
يسوع لمجربيه حقيقة ظهور الله لموسى في البرية، حيث أعلن القدوس نفسه كإله آباء
الإيمان. ما أعظم النعمة والأمانة التي نجدها في أسماء الله هذه. إنه يربط نفسه
بالناس الضعفاء الخطاة الزمنيين، ويبررهم ويقطع معهم عهداً إلى الأبد. فلجل
إيمانهم أحياهم فقاموا إلى حياة الله. وحقاً إبراهيم فرح لما رأى يوم المسيح يسوع
ابن الله المولود في العالم من امرأة. وينتظر من الله الآن أيضاً أن يولد له من
إسماعيل أبناء كثيرون بالروح القدس، ليشتركوا في حياة الله الأبدية، التي تملأ ك
من يؤمن بيسوع (يوحنا 3: 16 و20: 31).

 

الصلاة:
أيها الآب نشكرك لأنك تبنيتنا وولدتنا ثانية في يسوع المسيح، وغرست في قلوبنا
بروحك القدوس الحياة الأبدية احفظنا في محبتك وثبتنا في الإيمان الحي، واجعل
قلوبنا مطمئنة ومتشوقة للرجاء الأمين. واغلب فينا الشهوة والمكروالحسد مع جميع
الأحياء في المسيح في الدنيا، لنشترك مع آباء الإيمان في الآخرة متحدين معهم في
الحمد والتسبيح عند مجيئك القريب. آمين.

 

السؤال:
23- كيف يعيش المؤمنون المرحومون في الآخرة؟

 

هل تبحث عن  م المسيح المسيح وأمثالة 01

9-
الوصية الكبرى (الأصحاح 12: 28-34)

28فَجَاءَ
وَاحِدٌ مِنَ ٱلْكَتَبَةِ وَسَمِعَهُمْ يَتَحَاوَرُونَ، فَلَمَّا رَأَى
أَنَّهُ أَجَابَهُمْ حَسَناً، سَأَلَهُ: «أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ أَوَّلُ
ٱلْكُلِّ؟» 29فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ ٱلْوَصَايَا
هِيَ: ٱسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. ٱلرَّبُّ إِلٰهُنَا رَبٌّ
وَاحِدٌ. 30وَتُحِبُّ ٱلرَّبَّ إِلٰهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ
كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هٰذِهِ
هِيَ ٱلْوَصِيَّةُ ٱلأُولَى. 31وَثَانِيَةٌمِثْلُهَا هِيَ: تُحِبُّ
قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ».
32فَقَالَ لَهُ ٱلْكَاتِبُ: «جَيِّداً يَا مُعَلِّمُ. بِٱلْحَقِّ
قُلْتَ، لأَنَّهُ ٱللّٰهُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ.
33وَمَحَبَّتُهُ مِنْ كُلِّ ٱلْقَلْبِ، وَمِنْ كُلِّ ٱلْفَهْمِ،
وَمِنْ كُلِّ ٱلنَّفْسِ، وَمِنْ كُلِّ ٱلْقُدْرَةِ، وَمَحَبَّةُ
ٱلْقَرِيبِ كَٱلنَّفْسِ، هِيَ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ
ٱلْمُحْرَقَاتِ وَٱلذَّبَائِحِ». 34فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ أَنَّهُ
أَجابَ بِعَقْلٍ قَالَ لَهُ: «لَسْتَ بَعِيداً عَنْ مَلَكُوتِ
ٱللّٰهِ». وَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ بَعْدَ ذٰلِكَ أَنْ يَسْأَلَهُ!

 

أتعتقد
بوجود الله؟ أحببه إذاً لأنه خلقك وأغدق عليك خيراً وباركك بلا انقطاع. وهو خلصك
وأحياك وقواك وسيغديك إلى مجده الخاص. فمن لا يحب الله يكون مجرماً في حق الذي
أحبه.

 

أتعرف
أن الله حاضر معك وهو ضابط الكل؟ فأكرم وجوده فيك واسجد له، لأنه خلق الكون من
العدم، ويعرف جميع الناس بأسمائهم، الأشرار والصالحين، وأنت أيضاً.

 

والله
القدوس العظيم يحبك أنت الإنسان الشقي لأنه يحب أيضاً الأشرار، ولم يرج إهلاكهم
لأجل خطاياهم، بل بذل مسيحه تطهيراً للبشر، لكيلا يهلك كل من يؤمن به، بل تحل فيه
قوة الحياة الأبدية.

 

هل
شعرت بمقدار محبة الله الفائقة؟ الآب القدوس بذل ابنه الوحيد عوضاً عنا نحن قساة
القلوب العنيدين، لكي نرجع إليه، ونقتح فؤادنا لمحبته. فنتغير من مبغضين إلى
محبين، ولا نكره البشر فيما بعد، بل نحب الجميع من صميم قلوبنا.

 

ربما
تقول أن الله واحد فكيف تقولون إن المسيح هو ابن الله؟ فنجاوبك بكل بيان. إن
المحبة تعني الوحدة والتعدد معاً. فالله هو واحد كآب وابن وروح قدس كما قال يسوع:
«اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى ٱلآبَ. أَنَا وَٱْلآبُ وَاحِدٌ» (يوحنا
14: 9، 10: 30).

 

وهكذا
شهد المسيح أمام ممثل الكتبة قائلاً «الرب إلهنا رب واحد». ولكن الكاتب لم يكتف
بهذا القول، بل استمر مكملاً وأجاب: وليس آخر سواه. لأنه لم يعرف الله في حقيقته
بعد، إنما رأى فيه صنماً متصلباً. ولم يسمح له بعقله المحدود أن يكون لهابن من
روحه، واحداً معه من الأزل وإلى الأبد.

 

ولكن
رغم اعتقاده الضيق، كان يشعر بحكمة المسيح ولطفه، وانفتح له. فأثبت يسوع له أنه
ليس بعيداً عن ملكوت الله.

 

هل
تحب الله فعلاً؟ فاحفظ وصاياه وكرس قلبك وأفكارك وقواك لربك. ولا تطع نفسك ولا
تستسلم إلى تطوارت العلوم الحديثة ولا تعبد الكتب المضلة. ولا تتحمس للأفلام
التلفزيونية. الله وحده مستحق محبتك فاخدمه من كل قلبك باذلاً وقتك ومالك، في سبل
خدمته فعلاً.

 

أتشعر
بضعفك في ممارسة محبة الله؟ فإننا ضعفاء أيضاً. ولكننا نشهد بقول بولس الرسول:
«إِنَّ مَحَبَّةَ ٱللّٰهِ قَدِ ٱنْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا
بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ ٱلْمُعْطَى لَنَا» (رومية 5: 5). ذه القوة
السماوية تساعدنا أن نحب الله والناس معاً. فلسنا نحن المحبين، بل الله الحال فينا
هو المحب. والروح القدس لا يريحك إلا إذا غفرت ذنوب كل أعدائك تجاهك. وتواضعت
لتتسالم معهم. وعليك أن ترى محبة الله التي غفرت لك عيوبك في الصليب وهذا يعلك
مستعداً أن تعترف لكل من أسأت إليه، وتطلب غفرانه.

 

هل
لاحظت في المناقشة التي دارت بين المسيح ومعلم الشريعة، أن معلم الشريعة ارتكز على
وحدانية الله البتة بل أبرز محبة القدوس التي هي سر وحدته في الثالوث، لأن الله
محبة ومن يثبت في المحبة، يثبت في الله، والله فيه.

 

الصلاة:
أيها الآب القدوس أنت المحبة. فاجعل نار محبتك في فؤادنا ليعظم شكرنا في أمانتك.
نسجد لك لأنك أعلنت نفسك في ابنك وأثبت روحك فينا، لنقدر أن نحبك وجميع الناس،
ونخدمهم في لطفك، ونشهد أمامهم بالسر العظيم، بأنك اله واح في ثالوث قدوس، لتحل
محبتك فيهم أيضا، فيعرفوك في محبتك القدوسة. آمين.

 

السؤال:
24- كيف يتعلق الإيمان بوحدانية الله، بمحبتنا له ولجميع الناس؟

 

10-
هل يوجد ربان؟ (الأصحاح 12: 35-37)

35ثُمَّ
سَأَلَ يَسُوعُ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي ٱلْهَيْكَلِ: «كَيْفَ يَقُولُ
ٱلْكَتَبَةُ إِنَّ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنُ دَاوُدَ؟ 36لأَنَّ دَاوُدَ
نَفْسَهُ قَالَ بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ: قَالَ ٱلرَّبُّ لِرَبِّي:
ٱجْلِسْ عَنْ يَمِيني، حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ.
37فَدَاوُدُ نَفْسُهُ يَدْعُوهُ رَبّاً. فَمِنْ أَيْنَ هُوَ ٱبْنُهُ؟»
وَكَانَ ٱلْجَمْعُ ٱلْكَثِيرُ يَسْمَعُهُ بِسُرُورٍ.

 

يسوع
من حيث هو إنسان حق. مولود من نسل الملك داود، وأهل العهد القديم عرفوا أن المسيح
الموعود سيأتي من نسل هذا الملك. ولم يكن داود بلا لوم، بل أخطأ خطايا فاحشة، إنما
تاب أيضاً توبة نصوحة، فأصبح قدوة كل التائبين، إذ ا انسحق أمام اللهوآمن بغفرانه
الشامل. فمنحه الرب روح التسبيح فمجد الله أكثر من كل الأنبياء في العهد القديم.
وحتى اليوم نرى في مزاميره وتسابيحه القوة الملهمة له من الروح القدس فننطق
بكلماته ونصليها بفرح.

 

ومنح
الله لداود أيضاً روح النبوة. لأنه قد انفتح لصوته الإلهي. فأعلن الرب له أن الابن
الآتي من نسله ليس إنساناً فقط، بل الرب أيضاً. وهذه النبوة القديمة تفوق العقل
الإنساني. إنما كل من ينتبه لروح الله يستنير ويدرك هذا السر الكبير.

 

ونعلم
اليوم أن المسيح مولود من الله قبل كل الدهور، وقد تجسد من مريم العذراء، أي من
نسل داود. وألوهيته كانت الشرط والأساس لموته الكفاري، والدافع الغالب لقيامته من
بين الأموات، والقوة في صعوده إلى السماء.

 

وبعد
صعوده إلى أبيه تمّ وعد الله في نبوءة داود، القائلة: «قَالَ ٱلرَّبُّ
لِرَبِّي: ٱجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً
لِقَدَمَيْكَ» (مزامير 110: 1).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس أخبار سارة عربية مشتركة عهد قديم سفر أستير 03

 

فالمسيحية
تعلم وتعرف أن يسوع المسيح حي وجالس عن يمين الله، وقد اعترف يسوع قبيل موته
بالوضوح: «من الآن تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة».

 

ربما
تتساءل: فإذاً يوجد ربان؟

 

الجواب:
كلا. لأن الرب واحد. ولكنه يظهر في شخصين أو أقنومين. فكل الذين يقولون يوجد رب
واحد أحد فريد فقط، أو الذين يتطرفون بالقول إنه يوجد إلهين أو ثلاثة آلهة، فكلهم
يخدعون أنفسهم. الله واحد في ثلاثة أشخاص، في وحدة كاملة. وقد اعترف سوع بهذا الحق.
وكل من هو من الحق، يسمع صوته.

 

ونجد
اليوم في العالم فرقتان من الناس، الأولى تهتف ليسوع كابن الله المخلص والفادي
الرب، لأنه أساس إيمانهم وهدف رجائهم. والأخرى ترفض ألوهية يسوع بعنف وتنظر إليه
كإنسان ونبي، له آيات عظيمة ومواهب فائقة. هؤلاء لم يعرفوا ولا يتمتعون باتيازات
المصالحة مع الله، لأنه لم يقبلوا إرسال ابنه كما هو بالحقيقة التاريخية.

 

هل
أنت صديق المسيح وأخوه في التبني، أو عدوه المضاد لألوهيته؟ الروح القدس يفرق بين
الفرقتين. وملائكة الله ستضع كل عاص موطئاً لقدمي حمل الله الوديع. فما هو
مستقبلك؟ هل ستملك معه إلى الأبد؟ هل أدركت الواقع؟ المسيح يجلس عن يمين أبيه يملك
معه في وحدة الروح القدس إلى الأبد. فليس مهماً ما يقوله الناس والأحزاب والمذاهب،
لأن ربنا حي ومجيئه المجيد هو هدف تاريخ العالم. هل أنت مستعد لاستقباله؟

 

الصلاة:
أيها الرب يسوع المسيح. اهتف لك لأنك ربي وإلهي. وأؤمن بأنك حي وتملك مع الآب إلى
الأبد. كما أنك فديتني مع كل المؤمنين باسمك واشتريتني من الذنوب البشعة، وأحييتني
من الموت وحررتني من سلطة الشبطان.ليس بفضة وذهب بل بمك الثمين وآلامك البريئة،
لكي أعيش في مملكتك الأبدية خاصة لك وخاضعا لمحبتك. وأخدمك في برك وطهارتك
وسعادتك، كما أنك أنت قمت من بين الأموات وتحيا وتملك الى الأبد. آمين.

 

السؤال:
25- هل يوجد ربّان؟

 

الآية
للحفظ:

«قَالَ
ٱلرَّبُّ لِرَبِّي: ٱجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ
مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ» (مزمور 110: 1)

 

11-
تحذير من الكتبة ومدح الأرملة (الأصحاح 12: 38-44)

38وَقَالَ
لَهُمْ فِي تَعْلِيمِهِ: «تَحَرَّزُوا مِنَ ٱلْكَتَبَةِ، ٱلَّذِينَ
يَرْغَبُونَ ٱلْمَشْيَ بِٱلطَّيَالِسَةِ، وَٱلتَّحِيَّاتِ فِي
ٱلأَسْوَاقِ، 39وَٱلْمَجَالِسَ ٱلأُولَى فِي
ٱلْمَجَامِعِ، وَٱلْمُتَّكَآتِ ٱلأُولى فِي ٱلْوَلائِمِ.
40ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ بُيُوتَ ٱلأَرَامِلِ، وَلِعِلَّةٍ يُطِيلُونَ
ٱلصَّلَوَاتِ. هٰؤُلاءِ يَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ».

 

41وَجَلَسَ
يَسُوعُ تُجَاهَ ٱلْخِزَانَةِ، وَنَظَرَ كَيْفَ يُلْقِي ٱلْجَمْعُ
نُحَاساً فِي ٱلْخِزَانَةِ. وَكَانَ أَغْنِيَاءُ كَثِيرُونَ يُلْقُونَ
كَثِيراً. 42فَجَاءَتْ أَرْمَلَةٌ فَقِيرَةٌ وَأَلْقَتْ فَلْسَيْنِ، قِيمَتُهُمَا
رُبعٌ. 43فَدَعَا تَلامِيذَهُ وَقَالَ لَهُمُ: «ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ:
إِنَّ هٰذِهِ ٱلأَرْمَلَةَ ٱلْفَقِيرَةَ قَدْ أَلْقَتْ أَكْثَرَ
مِنْ جَمِيعِ ٱلَّذِينَ أَلْقَوْا فِي ٱلْخِزَانَةِ، 44لأَنَّ
ٱلْجَمِيعَ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوا. وَأَمَّا هٰذِهِ فَمِنْ
إِعْوَازِهَا أَلْقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا، كُلَّ مَعِيشَتِهَا».

 

كثيرون
من العلماء والكتاب يحبون أنفسهم، ويتباهون متظاهرين متواضعين، ويحبون أن يدعوهم
الناس إلى اجتماعات ليلقوا محاضرات. فيأتون إلى هذه المجتمعات بملابس جميلة وعمائم
ثمينة وينتظرون أن يتراكض الجميع لتحيتهم. ويقدمون لهم أحسن الأمكنةوأكثر المقاعد
راحة في الصفوف الأمامية. وإذا تكلموا نطقوا بتأنٍ وابتسام وينغضون رؤوسهم
بالموافقة والإيجاب للأقوال السطحية، التي يتفوه بها الجالسون بقربهم. وفي الخفاء
يعملون لقبض ثمن شهرتهم بالانقضاض على أموال البسطاء واليتامى والأرامل. فسوع
يحذرنا من أنواع الرياء والأبهة والكلام المتصنع الرزانة والسير يحذرنا بانتصار
القامة، تصنُعاً للوقار. كما يعلمنا بولس أن نشتغل بأيدينا ولا نعيش من عطاء
الآخرين. ليتك تتصرف كإنسان اعتيادي، تائباً أمام الله وشاكراً لنعمته، فتبقى
قريباًمن نفوس الآخرين.

 

وكان
يسوع يراقب الناس حين تنخفض أيديهم لوضع التبرعات في صندوق بيت الله. وقد انتقد
العطايا الكبيرة من الأغنياء لو حدثت، لأنها صادرة من فيض ما عندهم. وكأنما هم
يرغبون بأموالهم شراء نعمة الله.

 

وقد
أتت امرأة فقيرة في حالة العوز. ولعلها كانت عائلة لأولادها. ومع ذلك فقد وضعت
قليلاً من النقود في الصندوق. وكان هذا المبلغ الضئيل مدخولها الكامل من اليوم.
وربما اشتغلت من أجله في البيوت ونظفت المنازل. ولكنها شعرت في قلبها بدافع تكرم
الله بتقدمتها. فأعطته كل ما عندها. وسمى يسوع هذه التقدمة الأعظم من الكل. فكيف
تضحي لله؟ هل تحب الله عملياً وفعلاً؟ فبتضحية مالك تبين علاقتك بالله ملموسة.

 

أشاد
يسوع بعطية الأرملة المؤمنة على بساطتها لأنها حركت قلبه الذي يقدس العطاء المفرون
بمظاهر الإيمان والخشوع.

 

ومن
أسرار ملكوت الله أن المياتم والمستشفيات وخدمات الكنائس واجتهادات الإرساليات،
تقوم على التقدمات المتواضعة المستمرة من الفقراء المؤمنين. وهذه التقدمات تُسر
الله، وتسبب بركات غزيرة، لأن بركة التقدمة هي أهم من قيمة المبلغ نفسه. فقترح
عليك أن تضحي بمالك باستمرار وبتنظيم قدر الاستطاعة، مع العلم ألا تقصد التبرعات
فقط بعواطفك المستقيمة المخلصة، بل تضحي عملياً وبمواظبة، لأن الفكر بالعطاء لا
يكفي. واطلب من الرب ليريك الإنسان المحتاج أو الخدمة الروحية التي تستحق أن تشرك
فيها. وصل لأجل غاية تبرعاتك. لأنها جزء من عبادتك لله.

 

الصلاة:
أيها الأب السماوي اغفر لنا بخلنا الطامع، ولا مبالاتنا بضيق الآخرين. غير قلوبنا
الجامدة واجعل روح التضحية فيها. لنسلم لك أنفسنا مع أموالنا. شكرا لخلاصك، وأرنا
الإنسان المحتاج لمساعدتنا الحكيمة. وأشركنا في الحملا التبشيرية والخيرية
المنسجمة مع مجيء ملكوتك، وأيقظ في كنائسنا روح العطاء عوضا عن فكرة الأخذ، لكي
يتقدس اسمك الأبوي أنت الذي تقدم لنا نعمة فوق نعمة على الدوام مجانا. آمين.

 

السؤال:
26- كيف فكر يسوع بعطايا الناس؟

 

الآية
للحفظ:

«لأَنَّ
ٱلْجَمِيعَ مِنْ فَضْلَتِهِمْ أَلْقَوْا. وَأَمَّا هٰذِهِ فَمِنْ إِعْوَازِهَا
أَلْقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا، كُلَّ مَعِيشَتِهَا» (مرقس 12: 44).

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي