الإصحَاحُ
السَّابعُ

 

8-
شفاء عبد الضابط الروماني (7: 1- 10)

1
وَلَمَّا أَكْمَلَ أَقْوَالَهُ كُلَّهَا فِي مَسَامِعِ ٱلشَّعْبِ دَخَلَ
كَفْرَنَاحُومَ. 2 وَكَانَ عَبْدٌ لِقَائِدِ مِئَةٍ، مَرِيضاً مُشْرِفاً عَلَى
ٱلْمَوْتِ، وَكَانَ عَزِيزاً عِنْدَهُ. 3 فَلَمَّا سَمِعَ عَنْ يَسُوعَ،
أَرْسَلَ إِلَيْهِ شُيُوخَ ٱلْيَهُودِ يَسْأَلُهُ أَنْ يَأْتِيَ وَيَشْفِيَ
عَبْدَهُ. 4 فَلَمَّا جَاءُوا إِلَى يَسُوعَ طَلَبُوا إِلَيْهِ بِٱجْتِهَادٍ
قَائِلِينَ: «إِنَّهُ مُسْتَحِقٌّ أَنْ يُفْعَلَ لَهُ هٰذَا، 5 لأَنَّهُ
يُحِبُّ أُمَّتَنَا، وَهُو بَنَى لَنَا ٱلْمَجْمَعَ». 6 فَذَهَبَ يَسُوعُ
مَعَهُمْ. وَإِذْ كَانَ غَيْرَ بَعِيدٍ عَنِ ٱلْبَيْتِ، أَرْسَلَ إِلَيْهِ
قَائِدُ ٱلْمِئَةِ أَصْدِقَاءَ يَقُولُ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، لا تَتْعَبْ.
لأَنِّي لَسْتُ مُسْتَحِقّاً أَنْ تَدْخُل تَحْتَ سَقْفِي. 7 لِذٰلِكَ لَمْ
أَحْسِبْ نَفْسِي أَهْلاً أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ. لٰكِنْ قُلْ كَلِمَةً
فَيَبْرَأَ غُلامِي. 8 لأَنِّي أَنَا أَيْضاً إِنْسَانٌ مُرَتَّبٌ تَحْتَ
سُلْطَانٍ، لِي جُنْدٌ تَحْتَ يَدِي. وَأَقُولُ لِهٰذَا: ٱذْهَب
فَيَذْهَبُ، وَلآخَرَ: ٱئْتِ فَيَأْتِي، وَلِعَبْدِي: ٱفْعَلْ
هٰذَا فَيَفْعَلُ». 9 وَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ هٰذَا تَعَجَّبَ
مِنْهُ، وَٱلْتَفَتَ إِلَى ٱلْجَمْعِ ٱلَّذِي يَتْبَعُهُ
وَقَالَ: «أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ أَجِدْ وَلا فِي إسْرَائِيلَ إِيمَاناً
بِمِقْدَارِ هٰذَا». 10 وَرَجَعَ ٱلْمُرْسَلُونَ إِلَى ٱلْبَيْتِ،
فَوَجَدُوا ٱلْعَبْدَ ٱلْمَرِيضَ قَدْ صَحَّ.

 

كانت
كفرناحوم مدينة خاضعة للملك هيرودس أنتيباس، ولكن الرومان وضعوا فرقة من الجنود في
هذا المركز التجاري الهام، لكيلا يثور اليهود فجأة. وكان قائد هذه الفرقة ضابط
حكيم، لم يتلسط على الأمة الغريبة العدوة بالعنف. بل فهمهم وأحبهم، لأنهأدرك أن
دينهم، الذي يدعو للإيمان بالله الواحد، هو دين صحيح مفعم بالقوة. فأكرم هذا
الاعتقاد، وبنى لهم معبداً حديثاً متسعاً وصار مشتهراً ومكرماً في السموات وعلى
الأرض أكثر من الهيكل في القدس، لأن المسيح تمركز ها هنا وعلم فيه، وشفى
المرضى.وأخرج شياطين من الملبوسين.

 

وبعدما
تجند أعداء المسيح لإهلاكه. وإذ كان قد اختار تلاميذه للتبشير، أتى إليه ممثل
القائد الوثني طالباً عونه. وكان هذا القائد قد سمع منذ زمن عن مدهشات يسوع. وأرسل
جواسيسه إليه، وعلم بدقة أن يسوع ليس ثائراً مخيفاً، ولا يقود الجماهيرالمتراكضة
إليه لشغب، بل هو مفعم المحبة، وممتلئ قوة الله. وشفاءاته وإخراجه الشياطين أكدا
للقائد نبل مقاصده.

 

فالقائد
الوثني الحذر أدرك صوت الله أكثر من الفريسيين العمي، الذين أصبحوا بتعصبهم
الناموسي بعيدين عن الحق. وآمن القائد بيسوع بدون أن يراه، ولكنه حصل على أقواله
مترجمة، وفتشها بدقة وفهم ماذا يريد رئيس السلام. وعلم أن مملكته ليست من ذا
العالم. وغير مبنية على السيوف والجباية.

 

وفكر
القائد الصالح ظهر أيضاً في عطفه على عبده المريض. فلم يتركه مهملاً، بل اعتنى به.
ولما دنا من الموت لم يجد سيده القائد وسيلة وعوناً إلا الطبيب العظيم يسوع. ولكنه
كوثني، كان محرماً على معلمي الدين أن يدخلوا بيته. فأرسل إلى يسوع رسلاً وشيوخ
المجمع، لكي يتوسطوا لديه لأجل عبده المريض. وأسرع هؤلاء بسرور لينفذوا رغبة
القائد. وأخبروا يسوع أنه مستحق أن يساعده، رغم أنه نجس حسب دينهم. ولما لم يجبهم
المسيح سريعاً إلى طلبهم، ألحوا عليه بشدة، وشهدوا عنده مكرراً بإحسان وفضل ذلك
القائد المسؤول. وحقاً فإن محبة الله، تستجيب لكل خدمة إنسانية مستقيمة. فذهب يسوع
رغم أن زيارة الوثني، كانت حسب الناموس ممنوعة عليه. وكان عازماً على أن يدخل بيت
القائد، حتى ولو حسب اليهود ذلك خطية.

 

إنما
كانت للقائد حساسية أشعرته باستحالة دخول يسوع إلى بيته. فعبر عن إيمانه الكبير
بالكلمات: لست مستحقاً أن تدخل بيتي! تصور أن قائد السلطة الاستعمارية تواضع وخضع
بهذا المقدار لأحكام الأمة اليهودية، وسمى نفسه غير مستحق بكل معنى لهذه الكلمة.
وذلك رغماً عن شهادة الشيوخ لاستحقاقه: إنه مستحق. وهذا سر عظمة أي شخص كبير، إنه
وهو مستحق يحسب نفسه غير مستحق. ويا للأسف الشنيع! إننا نجد العكس اليوم. فغير
المستحق ينادي بنفسه أنه مستحق. فكيف ترين نفسك أيها الإنسان.

 

وهكذا
فقد اعترف القائد بإيمانه بسلطان يسوع مؤمناً أنه يستطيع أن يأمر الملائكة ليغلبوا
الشياطين والمرض، كما يأمر الضابط جنوده، ليبيدوا الأعداء والثائرين. فهذا القائد
الغريب أدرك بعمق من هو يسوع وجوهره. ولم يسمه سيداً فقط، بل سماه رمياً رباً، كما
نجد ذلك صريحاً في النص الأصلي اليوناني. ولم يتجاسر يهودي آنذاك أن يتلفظ بهذا
اللقب، لأن هذه الشهادة تعني اعترافاً بلاهوت المسيح في كيانه الإنساني.

 

وقبل
يسوع هذا الإيمان مباشرة متعجباً من عمل الروح القدس في هذا الإنسان الغريب. كما
استعجب أيضاً لعدم وجود الإيمان في الناصرة (مرقس 6: 6). فأعلن ابن الله جهاراً
بداية عصر التبشير للأمم، لما بان إيمان القائد الوثني أعظم وأقدس وأعمق وكثر
فعالية من إيمان كل تلاميذه وأتباعه والجماهير المتدينة. فشفى الغلام في الحال،
لأن قوة المسيح اتضحت بكاملها بواسطة إيمان القائد، حتى ولو على البعد.

 

فكيف
يظهر إيمانك؟ هل تؤمن لنفسك فقط أو تصلي لأجل الآخرين؟ فحيث تقترب محبتك وإيمانك
بانسجام مع عدم استحقاقك ليسوع وتخضع له تماماً، تظهر قوة ابن الله بأعظم بيان في
خلاص أصدقائك حتى ولو كانوا ساكنين بعيداً عنك. فكيف تتضح صلاتك الآن. بأنانية أو
بإيثار؟

 

الصلاة:
أيها الرب، لست مستحقاً أن تقترب مني لأنني أناني نجس. اغفر لي ذنوبي وقلة محبتي
للآخرين، واشفني وخلصني واشفهم وخلصهم. وأنا أؤمن أن قوتك تغلبني، وأصدقائي الذين
أسماءهم قدامك. أنت ربنا ومخلصنا نسجد لك.

 

9-
إقامة ابن أرملة نايين (7: 11- 17)

7: 11
وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي ذَهَبَ إِلَى مَدِينَةٍ تُدْعَى نَايِينَ،
وَذَهَبَ مَعَهُ كَثِيرُونَ مِنْ تَلامِيذِهِ وَجَمْعٌ كَثِيرٌ. 12 فَلَمَّا
ٱقْتَرَبَ إِلَى بَابِ ٱلْمَدِينَةِ، إِذَا مَيْتٌ مَحْمُولٌ
ٱبْنٌ وَحِيدٌ لأُمِهِ، وَهِيَ أَرْمَلَةٌ وَمَعَهَا جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ
ٱلْمَدِينَةِ. 13 فَلَمَّا رَآهَا ٱلرَّبُّ تَحَنَّنَ عَلَيْهَا
وَقَالَ لَهَا: «لا تَبْكِي». 14 ثُمَّ تَقَدَّمَ وَلَمَسَ ٱلنَّعْشَ،
فَوَقَفَ ٱلْحَامِلُونَ. فَقَالَ: «أَيُّهَا ٱلشَابُّ، لَكَ أَقُولُ
قُمْ». 15 فَجَلَسَ ٱلْمَيْتُ وَٱبْتَدَأَ يَتَكَلَّمُ، فَدَفَعَهُ إِلَى
أُمِّهِ. 16 فَأَخَذَ ٱلْجَمِيعَ خَوْفٌ، وَمَجَّدُوا ٱللّٰهَ
قَائِلِينَ: «قَدْ قَامَ فِينَا نَبِيٌّ عَظِيمٌ، وَٱفْتَقَدَ
ٱللّٰهُ شَعْبَهُ».17 وَخَرَجَ هٰذَا ٱلْخَبَرُ عَنْهُ
فِي كُلِّ ٱلْيَهُودِيَّةِ وَفِي جَمِيعِ ٱلْكُورَةِ
ٱلْمُحِيطَةِ.

 

هل تبحث عن  الكتاب المقدس يسوعية كاثوليكية عهد قديم سفر صموئيل الثانى 18

وبإرشاد
الروح القدس ذهب يسوع إلى مدينة نايين البعيدة عن كفرناحوم 50 كيلو متراً. ومعنى
كلمة نايين هي ناعمة. ولكن الموت هجم على هذه البلدة الجميلة كشبح مستقبح، وأصاب
شاباً. وموت الإنسان في ريعان الشباب يعد عند اليهود دينونة إلهية (مزمور 55: 24
و102: 25) ومع هذا فقد كان الشاب وحيداً لوالدته الأرملة. ورجاء عشيرته في استمرار
نسلهم. وهكذا حسب موته عقوبة على كل بيته. وقد تألمت أمه قبلاً لوفاة بعلها. فضربت
ضربتين قاصمتين، ورأت في هذه المصائب إعلان غضب دينونة الله عليها. وكنت منسحقة
مؤمنة خائفة الله. ورافقها في جنازة وحيدها كثيرون وكثيرات من أهل بلدتها، فبكيت
الأم مدراراً. ولطمت رأسها، وحلشت شعرها. وانطلق موكب الموت إلى القبر المفتوح
لتلقي جثمان الشاب.

 

ومعاكساً
لهذا الموكب اليائس جاء موكب الحياة برئيس الحياة. ورأى يسوع القلب التائب في
الأم، الذي ما شكا ولا جدف على الله، بل اشتكى على نفس صاحبته، فبكيت بمرارة
وندامة. وبكاء التائبة حرك قلب الله، فقال المسيح لها الكلمة المعزية: لا تكي. هذه
الكلمة اللطيفة الحانية والقوية، يقولها ابن الله لكل الباكين في العالم، إذا
تابوا. لأنه يأتي إليهم، بملء تعزية قوة الله الحاضرة في شخصه.

 

وتقدم
يسوع المسيح بصمت إلى ناحية النعش ولمسه، فوقف موكب الموت. وبعدئذ اتبع المسيح
كلمته المعزية الحنونة بعمله السلطاني الخلاصي. فلم يدع المسيح الله، ليعينه
وينصره، بل أمر الميت حالاً باسمه وبسلطانه الخاص: أنا أقول لك قم! فهذه الكلة
اخترقت مملكة الأموات. فسمع الميت دعوة ربه. فبثت كلمة الخالق قوى الحياة في الجسد
الموات فانتصب ولم يحتج لمن يسنده، وعادت روحه ونفسه إليه. وتكلم وعاش كأنما هو ما
مات قط. فإن المسيح قد أقام الشاب من تابوته بسرعة، كما يقيم الآب ابنه من السرير
وهو نائم. إن سلطان المسيح عظيم جداً.

 

والجماهير
من أتباعه ارتعبت. وأما مرافقو موكب الموت فتجمدوا شاخصين إلى فم المسيح لما سمعوا
الكلمتين ورأوا إقامة الميت. وشعر الكل بحضور الله بينهم. وارتجفوا وعظموا القدوس
قائلين: حقاً لقد جاء النبي الموعود من موسى (تثنية 18: 15 و18).الذي يقطع عهداً
جديداً مع إلهنا، ويرشد شعبه الضال إلى الخلاص. وفكروا أن يسوع هو المسيح بالذات،
لأن كل يهودي عالم أن إقامة الموتى هي من علامات المسيح. فتجاسر بعضهم وقالوا، إن
الله نفسه حاضر بيننا في الإنسان يسوع، لأنه زار شعبه المحتقر. فبر إقامة الميت
انتشر كبرق إلى كل النواحي، وأهاج القلوب والعقول.

 

فيا
أيها الأخ، هل أدركت معنى إقامة الميت بيد المسيح؟ كل من يدرك هذا ويعترف أن يسوع
هو رب على الموت، عليه بالتجاسر والشهادة أن يقول، إنه إله حق وابن العلي، ممتلئ
الروح، لأن الله وحده، يستطيع إقامة الموتى.

 

فهل
أدركت معنى إقامة الشاب أمام أسوار نايين بالنسبة لشخصك؟ إنك تشبه الشاب في نعشه،
مليئاً بالأفكار الفاسدة والذنوب النتنة. وناشبة فيك بذرة الموت. ولكن الآن. فإن
يسوع المسيح هو واقف أمامك شخصياً ويعترض طريقك إلى القبر المفتوح، ويلمك قائلاً:
أيها الشاب، إني أقول لك قم. فتقوم وتعيش مفعماً بقوة الله، وتخدم ربك ومخلصك
شاكراً وحياً إلى الأبد.

 

الصلاة:
نعظمك أيها الرب، ونحمدك بغبطة وتهلل. لأنك أقمت الشاب في نايين، وأحييتنا من موت
الخطايا، ومنحتنا الحياة الأبدية. نسجد لك أيها المنتصر، ونشرب من مياه حياتك. ادع
ألوف الشباب من أمتنا إلى موكب نصرتك. آمين.

 

10-
وفد يوحنا المعمدان وجواب يسوع وشهادته بالمعمدان (7: 18- 35)

7: 18
فَأَخْبَرَ يُوحَنَّا تَلامِيذُهُ بِهٰذَا كُلِّهِ. 19 فَدَعَا يُوحَنَّا
ٱثْنَيْنِ مِنْ تَلامِيذِهِ، وَأَرْسَلَ إِلَى يَسُوعَ قَائِلاً: «أَنْتَ
هُوَ ٱلآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟» 20 فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهِ
ٱلرَّجُلانِ قالا: «يُوحَنَّا ٱلْمَعْمَدَانُ قَدْ أَرْسَلَنَا
إِلَيْكَ قَائِلاً: أَنْتَ هُوَ ٱلآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟» 21 وَفِي
تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ شَفَى كَثِيرِينَ مِنْ أَمْرَاضٍ وَأَدْوَاءٍ وَأَرْوَاحٍ
شِرِّيرَةٍ، وَوَهَبَ ٱلْبَصَرَ لِعُميَانٍ كَثِيرِينَ. 22 فَأَجَابَ
يَسُوعُ: «ٱذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا رَأَيْتُمَا وَسَمِعْتُمَا:
إِنَّ ٱلْعُمْيَ يُبْصِرُونَ، وَٱلْعُرْجَ يَمْشُونَ،
وَٱلْبُرْصَ يُطَهَّرُونَ، وَٱلصُّمَّ يَسْمَعُونَ، وَٱلْمَوْتَى
يَقُومُون، وَٱلْمَسَاكِينَ يُبَشَّرُونَ. 23 وَطُوبَى لِمَنْ لا يَعْثُرُ
فِيَّ».

 

انتشرت
الأخبار عن أعمال يسوع المدهشة، حتى إلى الزنزانات الدامسة في سجن هيرودس. ويوحنا
المعمدان، الذي عمد يسوع، ورأى نزول الروح على حمل الله، فكر كثيراً بالمسيح
الممسوح من الروح. وانتظر متشوقاً ومرتقباً ظهوره كمنتصر وملك يصلح الأمة ويغير
وجه العالم. وبنفس الوقت أمل أن يطلقه من السجن المميت، لأنه رأى مستحيلاً أن يترك
الرب ساعيه، الذي اعترف جهراً به، في الحين الذي لم يكن أحد من الناس يعرفه. أي أن
يوحنا انتظر بادرة شكر من يسوع.

 

وكل
أعضاء العهد القديم ارتقبوا المسيح. فبعضهم أرادوه بطلاً سياسياً، والآخرون غيوراً
متديناً. فدارت أفكار الجميع حول شخصية المسيح المقبل، قاضي الأنام، ومقيم
الأموات. وقد أراد يوحنا أن يستدرج يسوع للإعلان والإفصاح عن ذاته بسؤاله عن ذلك،
لأنه آمن به، ولكن بغير ثبات. فأراد إطفاء شكوكه الطافية منه أثناء انتظاره الطويل
في السجن العميق.

 

أما
يسوع فبشر وشفى كثيرين من الناس. ونجد هذه الكلمة (كثيرين) مكررة في قراءتنا، التي
تدل على عظمة محبة المسيح ولطفه الحنون وسلطانه الجبار الذي لا يكل. هل تأملت مرة
ماذا يعني أن يسوع شفى كثيرين من العمي بمجرد كلمته وبدون عملية؟ الخاق وحده
يستطيع فتح أعين البشر ومنحهم البصر بعد الليل الطويل. تصور مقدار الفرح الذي حل
في المكفوفين المفتحين. وكيف عظم الناس الله بصوت عال، وكيف تشربت الأعين صورة
يسوع وامتصت عذوبته الفائقة المؤثرة، في أعماقها الباطنية لأول وهلة من تفتحها فيا
أيها الأخ، هل يكون لصورة المسيح في نفسك أعمق التأثير؟ وهل تراه في محبته ولطفه
وقوته ورحمته وجهده، كمخلص العالم وخادم الكل؟ هل أصبح المسيح قدوة حياتك وشعار
مستقبلك وفاديك المخلص؟

 

فأجاب
المسيح وفد يوحنا: أخبروا المسجون كل ما ترونه وتسمعونه. لأن هذا هو حقيقة ملكوت
الله الناشئ بينكم. إنني لست آت بالسيف والمال والشرف، بل بغفران الذنوب وطرد
الشياطين وإقامة الموتى. ففكر أيها الأخ مرة أخرى. من هو الذي يغفر الذنوب ومن هو
الأقوى من الشيطان. ومن ينتزع من الموت غنيمته من بين يديه. إن الله وحده هو
القادر على كل شيء. والمسيح واقف أمامك في سلطان أبيه، إله من إله، نور من نور،
إله حق من إله حق، ذو جوهر واحد مع الآب.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس س ساكار 1

 

لقد
انتظر يوحنا مسيحاً آخر، بطلاً قاضياً ومدبراً. ولكن المسيح كان المحبة المتجسدة.
وعظمت قوته في إيمان الضعفاء. فالمساكين يسمعون الإنجيل، والتصاقهم بالمخلص يخصهم،
ويدخلهم إلى ملكوت الله غالباً فيهم تجارب جهنم. وأوضح المسيح لوفد يونا أكثر، أنه
لا يغير الأحوال، بل القلوب في التائبين. ويصالح المستعدين مع الله، ولا يجبر
الفاجر إلى الحياة الأبدية. فمن يرد الحصول على مخلص دنيوي. عليه أن يختار القيصر
أو الملك أو الزعيم. ويسقط معه إلى الهلاك. ولكن من يشتاق إلى مسيح سماو، فهذا
يشترك باحتقاره وموته وحياته. ويكون منذ اليوم معه في الفردوس.

 

لم
يطوب يسوع يوحنا المعمدان بل كل الذين يقبلون وداعة حمل الله. فكل الذين يطلبون من
المسيح تقدماً في الوظيفة والمدرسة والرواتب الزائدة والشهرة، يعثرون سراعاً في
المسيح. ولكن من يتب ولا يرد المحبة، وينس نفسه، يدخل ملكوت الله ويثبت ف قوة
محبته. هكذا أوقف يسوع يوحنا أمام الاختيار، ليؤمن بألوهيته، خصوصاً إن لم يحرره
من السجن.

 

الصلاة:
أيها الرب، اغفر لنا إن اهتممنا بالأمور الدنيوية أكثر من اهتمامنا بملكوتك وبرك.
افتح أعيننا للطف محبتك وفرح مجدك، لكي نراك ونسجد لك. ونخبر كل الناس أنك أنت
الرب الإله، الذي يقودنا إلى إنكار النفس.

 

7: 24
فَلَمَّا مَضَى رَسُولا يُوحَنَّا، ٱبْتَدَأَ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ عَنْ
يُوحَنَّا: «مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟
أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا ٱلرِّيحُ؟ 25 بَلْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟
أَإِنْسَانا لابِساً ثِيَاباً نَاعِمَةً؟ هُوَذَا ٱلَّذِينَ فِي
ٱللِّبَاسِ ٱلْفَاخِرِ وَٱلتَّنَعُّمِ هُمْ فِي قُصُورِ
ٱلْمُلُوكِ. 26 بَلْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيّاً؟ نَعَمْ
أَقُولُ لَكُمْ وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ! 27 هٰذَا هُو ٱلَّذِي كُتِبَ
عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاكِي ٱلَّذِي يُهَيِّئُ
طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ! 28 لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ بَيْنَ ٱلْمَوْلُودِينَ
مِنَ ٱلنِّسَاءِ لَيْسَ نَبِيٌّ أَعْظَمَ مِنْ يُوحَنَّا
ٱلْمَعمَدَانِ، وَلٰكِنَّ ٱلأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ
ٱللّٰهِ أَعْظَمُ مِنْهُ». 29 وَجَمِيعُ ٱلشَّعْبِ إِذْ
سَمِعُوا وَٱلْعَشَّارُونَ بَرَّرُوا ٱللّٰهَ مُعْتَمِدِينَ
بِمَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا. 30 وَأَمَّا ٱلْفَرِّيسِيُّونَ
وَٱلنَّامُوسِيُونَ فَرَفَضُوا مَشُورَةَ ٱللّٰهِ مِنْ جِهَةِ
أَنْفُسِهِمْ، غَيْرَ مُعْتَمِدِينَ مِنْهُ.

 

ويسوع
لم يجنب ويبعد كفاح الإيمان عن يوحنا، لأن عملية الإيمان تبرر، وليس التوبة
والمعرفة والتقوى. وقد أحب المسيح ساعيه، وشهد باحترامه له جهاراً. وقال عن
المعمدان، إنه غير متقلب كالقصبة في الرياح، بل كان قاسياً تجاه المستكبرين
والخطة، وشديداً ضد المتعجرفين اللينين، وحاداً تجاه الملك الزاني، واخترق قلوبهم.
فكان يوحنا المنذر الحق، والحارس الأمين لأمته، الذي دعا الكل إلى التوبة والرجوع.

 

ويوحنا
ما تكلم قط بفمه فقط ضاغطاً على مستمعيه بأحمال ثقيلة، لم يحفظها بنفسه، بل عاش ما
قال وأنكر نفسه. ولم يسلم ذاته إلى الحياة المريحة. ولم يرد الفرح وسط طوفان
الخطية في شعبه، بل تاب عوضاً عن الجميع، ولبس وبر الإبل، وعاش من الجرا وعسل
النحل في البرية فكان هو النداء المتجسد للتوبة.

 

ومع
هذا لم يكن يوحنا أعظم الأنبياء في تاريخ البشر فقط، بل أهم من كل الزعماء والكهنة
في العهد القديم. ففاق موسى وداود، وكل الفلاسفة ومؤسسي الأديان في العالم، لأنه
سعى للرب مباشرة قبيل مجيئه، وأعد طريقه، وفلح بقدرة ملاك سماوي قلوب اشعب، ليستعدوا
لقبول زرع الإنجيل. فالمسيح شهد لقوته وأثبت أنه أعد طريقه بصواب، وعاش في أمانة
وتواضع وسلطان. وهذا يعني مدحاً واضحاً من فم المسيح. فليتنا نسمع نحن في نهاية
سعينا مدح المسيح المقام من بين الأموات لأمانة خدمتنا.

 

وقد
وضح المسيح لمستمعيه بالنسبة لملكوت الله وبره أن أصغر المولودين من الروح القدس،
هو أعظم من يوحنا، الذي هو أعظم المخلوقين من التراب. ومن البديهي أن المؤمنين في
العهد الجديد، ليسوا بأنفسهم أفضل أو أعظم من يوحنا. ولا يستطيعون أن يملوا شيئاً
صالحاً من تلقاء أنفسهم. وإنما الله أصبح أباً لهم بواسطة صلح المسيح. والروح
القدس أشركهم في الحياة الأبدية. فإن آمنت بالمسيح حقاً، أصبحت بالنعمة أعظم من
نبي، أي تكون ابناً لله بكل الحقوق والقوة الموهوبة لك. ولكنك مدعو أيضاً لتاهم
بآلام المسيح، وتنكر نفسك وتحمل يومياً صليبك بصبر. ولا تتشكك في محبة أبيك
المعتنية بك على الدوام.

 

فإن
جماهير الخطاة قد اعترفوا بذنوبهم علناً خلال المعمودية في النهر الأردني، وانحنوا
تحت دينونة الله، معترفين باستحقاقهم الهلاك، وطالبين الغفران لأجل النعمة فقط.
أما الأتقياء والكتبة، فتمسكوا ببرهم الخاص وشرفهم المهلهل. ورفضوا معمودية يوحنا،
ولم يدخلوا إلى خطة خلاص الله. وأخفوا خطاياهم في أنفسهم ظانين أن أعمالهم
الصالحة، تسبب بركة الله إلى الأبد. فبهذا المبدأ، تعدوا على خطة نعمة الله.
وحرضوا الشعب ضد يوحنا ويسوع، لكيلا يتزعزع تعليمهم الخادع عن الناموس، ويبقى
الناس أسرى في شباك خداعهم.

 

7: 31
ثُمَّ قَالَ ٱلرَّبُّ: «فَبِمَنْ أُشَبِّهُ أُنَاسَ هٰذَا
ٱلْجِيلِ، وَمَاذَا يُشْبِهُونَ؟ 32 يُشْبِهُونَ أَوْلاداً جَالِسِينَ فِي
ٱلسُّوقِ يُنَادُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَيَقُولُونَ: زَمَّرْنَا لَكُمْ
فَلَمْ تَرْقُصُوا. نحْنَا لَكُمْ فَلَمْ تَبْكُوا. 33 لأَنَّهُ جَاءَ يُوحَنَّا
ٱلْمَعْمَدَانُ لا يَأْكُلُ خُبْزاً وَلا يَشْرَبُ خَمْراً، فَتَقُولُونَ:
بِهِ شَيْطَانٌ. 34 جَاءَ ٱبْنُ ٱلإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ،
فَتَقُولُونَ: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ، مُحِبٌّ
لِلْعَشَّارِينَ وَٱلْخُطَاةِ. 35 وَٱلْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ
جَمِيعِ بَنِيهَا».

 

لقد
شبه المسيح المسؤولين قساة القلوب بأولاد عنيدين فخورين. يدعون غيرهم إلى اللعب.
ويختصمون مع كل واحد، لا يرقص حسب مزمارهم. ويعتدون بأنفسهم إن لهم الرأي الصواب
والكلمة العليا للبكاء أو الفرح. ولما طلب يوحنا الزاهد بكاء التوبة المسحقة، رفض
الناموسيون دعوته. لأن نعمة مزاميرهم الفريسية كانت الفرح بحفظ الناموس. فسموا
المنادي بالتوبة شيطاناً. ولما أتى يسوع الإنسان الكامل، داعياً البشر إلى فرح
النعمة، وعاش في روح لطفه عيشة اعتيادية، وأحب كل الناس، ورحم الخطاة الأشرار،كرهه
الناموسيون. لأن محبته فاقت تعاليمهم، وبره جاءهم بالنعمة من الله، وليس من
أعمالهم المرائية. فسموه بطراً، ومشاركاً اللصوص. فلو قبل يوحنا ويسوع أيدي زعماء
الشعب وعملا ما طلب منهما، لحصلا على شرف عظيم. ولكنهما ناديا بالتوبة لجميع الناس
فاستاء رؤساء الشعب وأقفلوا أذهان قلوبهم لدعوة الرب. وأشبهوا الأولاد العنيدين،
الذين لا يطيعون دعوة آبائهم.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس أ إِذْرَعِي ي

 

ولكن
كل المتعقلين كسبوا من يوحنا ويسوع أعظم حكمة، تعلمنا طلب الرب وبغض الخطايا
والتبرر بالمسيح مجاناً. فمن يتجاوب هكذا بحكمة الله يمتلئ بقوى ومشيئة أبينا
السماوي إله كل الحكمة. فهل أصبحت أهلاً لملكوت الرب أو تشبه الأولاد العنيدين لذي
يطلبون من الآخرين الرقص حسب مبادئهم؟

 

الصلاة:
يا رب لست مستحقاً أن أكون لك ابناً. ولكنك هديتني بإنجيلك للتوبة. وقدستني بدم
ابنك. وولدتني ثانية بروحك. فأشكرك شكراً قلبياً، وأطلب إليك أن تحرر تفكيري من
عبودية الناموس لكيلا أرفض إنساناً وأدينه. بل أحب الجميع في روحك القدوس.

 

11-
مسح يسوع في بيد الخاطئة (7: 36- 50)

7: 36
وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُ، فَدَخَلَ
بَيْتَ ٱلْفَرِّيسِيِّ وَٱتَّكَأَ. 37 وَإِذَا ٱمْرَأَةٌ فِي
ٱلْمَدِينَةِ كَانَتْ خَاطِئَةً، إِذْ عَلِمَتْ أَنَّهُ مُتَّكِئٌ فِي
بَيْتِ ٱلْفَرِّيسِيِ، جَاءَتْ بِقَارُورَةِ طِيبٍ 38 وَوَقَفَتْ عِنْدَ
قَدَمَيْهِ مِنْ وَرَائِهِ بَاكِيَةً، وَٱبْتَدَأَتْ تَبُلُّ قَدَمَيْهِ
بِٱلدُّمُوعِ، وَكَانَتْ تَمْسَحُهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا، وَتُقَبِّلُ
قَدَمَيْهِ وَتَدْهَنُهُمَا بِٱلطِّيبِ. 39 َلَمَّا رَأَى
ٱلْفَرِّيسِيُّ ٱلَّذِي دَعَاهُ ذٰلِكَ، قَالَ فِي نَفْسِهِ:
«لَوْ كَانَ هٰذَا نَبِيّاً لَعَلِمَ مَنْ هٰذِهِ ٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي
تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئِةٌ». 40 فَقَالَ يَسُوعُ: «يَا سِمْعَانُ
عِنْدِي شَيءٌ أَقُولُهُ لَكَ». فَقَالَ: «قُلْ يَا مُعَلِّمُ». 41 «كَانَ
لِمُدَايِنٍ مَدْيُونَانِ. عَلَى ٱلْوَاحِدِ خَمْسُ مِئَةِ دِينَارٍ وَعَلَى
ٱلآخَرِ خَمْسُونَ. 42 وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ سَامَحَهُمَا
جَمِيعاً. فَقُلْ: أَّيهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبّاً لَهُ؟» 43 فَأَجَابَ
سِمْعَانُ: «أَظُنُّ ٱلَّذِي سَامَحَهُ بِٱلأَكْثَرِ». فَقَالَ لَهُ:
«بِٱلصَّوَابِ حَكَمْتَ». 44 ثُمَّ ٱلْتَفَتَ إِلَى ٱلْمَرْأَةِ
وَقَالَ لِسِمْعَانَ: «أَتَنْظُرُ هٰذِهِ ٱلْمَرأَةَ؟ إِنِّي دَخَلْتُ
بَيْتَكَ، وَمَاءً لأَجْلِ رِجْلَيَّ لَمْ تُعْطِ. وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ غَسَلَتْ
رِجْلَيَّ بِٱلدُّمُوعِ وَمَسَحَتْهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا. 45 قُبْلَةً
لَمْ تُقَبِّلْنِي، وَأَمَّا هِيَ فَمُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ تَكُّف عَنْ تَقْبِيلِ رِجْلَيَّ.
46 بِزَيْتٍ لَمْ تَدْهُنْ رَأْسِي، وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ دَهَنَتْ
بِٱلطِّيبِ رِجْلَيَّ. 47 مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ أَقُولُ لَكَ: قَدْ
غُفِرَتْ خَطَايَاهَا ٱلْكَثِيرَةُ لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيراً.
وَٱلَّذِي يُغْفَرُ لَهُ قَلِيلٌ يُحِبُّ قَلِيلاً». 48 ثُمَّ قَالَ لَهَا:
«مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ». 49 فَٱبْتَدَأَ ٱلْمُتَّكِئُونَ
مَعَهُ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: «مَنْ هٰذَا ٱلَّذِي يَغْفِرُ
خَطَايَا أَيْضاً؟». 50 فَقَالَ لِلْمَرْأَة: «إِيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ!
اِذْهَبِي بِسَلامٍ».

 

أحب
يسوع أعداءه فلم يرفض دعوة الفريسي المتكبر النقاد، ليأكل معه، رغم أنه علم أن
حزبه يريد به الشر.

 

ولربما
كان الداعي قد اشتاق إلى أعجوبة، يجربها المسيح في بيته. أو أراد اختبار يسوع، من
هو. أو قصد التوسط بينه وبين فرقته المتعصبة. وعلى كل حال فإنه لم يعامل يسوع
كصديق. ولم يعطه ماء ليغسل رجليه من غبار الطريق، إذ دخل مقر بيته. ولم قبله كأخ
بار. وما دهن رأسه بزيت الطيب لإكرامه كضيف كريم. بل بقي متحفظاً معه. كوسط بين
فريقين.

 

وبعد
ما اتكأ الضيوف وابتدأت الوليمة، قاد الروح القدس إحدى الخاطئات النجسات، التي
يحتقرها أهل المدينة. فدخلت البيت لتقترب من المخلص، لأنها سمعت كرازته سابقاً،
وحصلت على غفران خطاياها بالإيمان. ففاض قلبها شكراً ومحبة. وانسكبت دموعها خجلاً
وندماً على قدمي يسوع. وسرعان ما نشفتهما بشعرها المنحل وقبلتهما، رمزاً لعبادة
ربها القدوس. وكسرت المرأة أيضاً قارورة طيب، لتقدم تقدمة الشكر والحمد لله، لأنها
قد عرفت من هو، الذي عزى قلبها بإنجيله المبارك.

 

وعندئذ
انزعج سمعان الطاهر، صاحب البيت. لما رأى كيف يسمح يسوع للنجسة، أن تلمس رجليه
ظاناً أنه يتنجس بملامستها، ويسقط من شركته الإلهية. وكان هذا امتحاناً فريسياً
ليسوع من قبل سمعان، الذي اعتقد في قلبه أن الناصري ليس نبياً، لأنه لم يرك أسرار
قلوب الناس. ولكن المسيح قرأ أفكار الرجل المتكبر، وأراه كيف يستطيع ابن الله
قراءة أفكار القلوب جميعاً، ويصيبها بجواب مخترق دان المتكبر وعزى التائبة.

 

وقاد
يسوع الفريسي إلى الحكم على نفسه، لأنه ظن أن خطاياه قليلة وغير محتاج إلى مخلص.
فلم يحب يسوع. لكن الخاطئة الكبيرة التي حررها من قيود الخطية فاض قلبها شكراً. هل
تحب يسوع؟ إن مقدار محبتك يظهر في شكرك لغفران خطاياك. أو لعل قلبك مازال قاسياً،
ولم تعلم بعد أنك مجرم فاسد معدوم.

 

فعلم
المسيح الرجل التقي أن يدرك في الزانية المتبررة ما هو سبب المحبة الحقة. فقد حصلت
على غفران خطاياها، ليس لبر عملته، بل بالعكس لأنها أحبت مخلصها، الذي حررها من
خبثها.

 

ليس
ضرورياً أن ترتكب خطايا كبرى لتحب الله بعد غفرانها لك، بل اطلب من ربك ليفتح
عينيك، فتعرف أفكار قلبك أنك زان وسارق ومغرور، وعاص متعد على الله، ومستحق الهلاك
المباشر. كلنا خطاة من جنس الخطية الوسخة. فطوبى لك إن قبلت تبريرك في الميح.
وتقدست بإيمانك، فتحب المسيح بفرح، وتخدمه بابتهاج.

 

وعلم
يسوع الناموسيين مبدأ الروح القدس هذا بوضوح. فابن الله غفر الذنوب في حالة رجوع الناس
إليه، مدفوعين بقوة كرازته. ولم يقدر أن يقول للتقي المحب نفسه مغفورة لك خطاياك،
لأنه لم يتب. أما الخاطئة التائبة، فمنحها ملء الخلاص مجاناً، لأ إيمانها خلصها.
ويسوع أثبت إيمانها وفضلها على صاحب البيت، غير التائب. فرجعت متبررة بسرور، بينما
اغتاظ التقي المغرور، وبقي محروماً من تعزية الله. فإلي أين توصلت في معرفة المسيح
وخلاصه؟

 

أتشكره
لغفران خطاياك؟ وماذا تعمل لإظهار محبتك له؟

 

الصلاة:
أيها الرب، أنت المحبة، فلا تحتقرني. بل ترفعني إليك، وأنا خجلان من خطاياي. اغفر
لي ذنوبي، وفك قيود نفسي، وقدسني في شركتك لأبشر الجميع بخلاصك، وأقبّل رجليك في
مجيئك الثاني. أنت ربي وإلهي، ليس سواك.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي