عظة (20)

أيضا عن كلمات الإنجيل مت11: 28

"تعالوا إلي يا
جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم"… الخ

 

2)
بالجهاد:

1-
أنه يبدو غريبا للبعض أيها الأخوة أن يسمعوا الرب يقول "تعالوا إلي يا جميع
المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم احملوا نيري عليكم وتعلموا مني. لاني وديع
ومتواضع القلب. فتجدوا راحة لنفوسكم. لأن نيري هين وحملي خفيف"(1) ناظرين إلي
أن الذين يحنون رقابهم بخوف لهذا النير والذين يحملون ذلك الحمل على أكتافهم
باتضاع عظيم، ويتدربون على مصاعب عظيمة هكذا في الحياة، حتى يبدو أنهم لم يدعوا من
التعب إلى الراحة بل من الراحة إلى تعب آخر، حيث يقول الرسول أيضا "جميع
الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يضطهدون"(2). لذلك قد يقول
قائل: كيف يكون النير هين والحمل خفيف عندما تحمل هذا النير وذلك الحمل الذي هو
ليس إلا لكي ما تعيش بالتقوى في المسيح؟ وكيف قيل "تعالوا إلي يا جميع
المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" ولم يقل بالأحرى "تعالوا إلي يا
من أنتم في راحة وكسل فتتعبون"، لأنه هكذا وجد المرتاحين والكسالى، هؤلاء
الذين استأجرهم حتى يتحملوا حرارة النهار(3)، ونسمع الرسول تحت النير الهين والحمل
الخفيف يقول "بل في كل شيء نظهر أنفسنا كخدام الله في صبر كثير في شدائد في
ضرورات في ضيقات في ضربات … الخ"(4) وفي موضع آخر من نفس الرسالة يقول
"من اليهود خمس مرات قبلت أربعين جلدة إلا واحدة ثلاث مرات ضربت بالعصى مرة
رجعت ثلاث مرات انكسرت بي السفينة ليلا ونهارا قضيت في العمق"(5) وبقية
المخاطر التي حقا يمكن إحصائها ولكن لا يمكن احتمالها إلا بمعونة الروح القدس.

 

2-
لقد كان يعاني دائما وبكثرة من كل هذه التجارب الخطيرة الثقيلة التي اشرنا إليها،
ولكن في نفس الوقت كان يعمل الروح القدس معه في ابطال الإنسان الخارجي وتجديد إنسانه
الداخلي يوما فيوم، فبتذوقه للراحة الروحية في مباهج الرب الغزيرة تهون المتاعب
الحاضرة على رجاء البركة المستقبلة وتخف كل التجارب الثقيلة. هوذا ما أحلى نير
المسيح الذي حمله، وما أخف ذلك الحمل حتى قال ان هذه المتاعب الصعبة والخطيرة التي
يقشعر كل من يسمعها عند تلاوتها كما سبق هي "ضيقات خفيفة" كما نظرها
بأعينه الداخلية، اعني بالإيمان. ياله من ثمن عظيم للأمور الفانية أن تشتري بها
الحياة القادمة والهروب من آلام الشر الأبدية والفرح الكامل متحررا من كل
المضايقات في سعادة البر الأبدية يعاني البشر التقطيع والحرق لا من أجل آلام أبدية
بل مقدمين الثمن وهو الآم أكثر قسوة من أجل الآم أكثر دوما من الالآم المعتادة
فالجندي يعاني أتعاب الحرب جميعها تاعبا السنوات الطويلة لأجل فترة من الراحة
قصيرة غير أكيدة في نهاية حياته، تاعبا أكثر مما يتمتع به من هدوء في النهاية. إلى
اية أمواج وزوابع وأي اضطراب مخيف ومريع للسماء و البحر يعرض التجار أنفسهم له من
أجل طلبهم ثروات زائلة كالريح ومملؤة بمخاطر وزوابع أعظم هولا من تلك التي
تحملونها للحصول عليها. كم يتحمل الصيادون من حرارة وبرودة، ومخاطر خيول والسقوط
في حفر، والأنهار والوحوش الضارية، أي الآم جوع وعطش، كم من أزمات تجعلهم يأخذون
مأكلا ومشربا رخيصا رديئا، هذا كله لأجل اصطياد وحش؟ أحيانا بعد كل هذا يكون لحم
(الوحش) الذي قاسى من أجله هذا كله غير صالح للطعام. رغم اصطياده خنزيرا بريا أو
إيلا إلا أنه يكون أعذب عند عقل الصياد لأنه اصطاده عنه في حلق الآكل لأنه معد له
للطعام.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد جديد سفر أعمال الرسل Acts of the Apostles 19

كم
يخضع الأطفال الصغار إلى تهذيبات صارمة ترسم لهم يوميا. يالالآم المبرحة التي
يكابدونها في تدريبهم على السهر والتعب في المدارس، ليس من أجل تعليمهم الحكمة
الحقيقية بل من أجل الغنى والمجد الباطل، فيتعلموا الحساب والآداب الأخرى وتملق
الفصاحة.

 

3-
في كل هذه الأمثلة نجد أن الذين لا يحبون هذه الأمور يشعرون (بالاتعاب) أنها في
غاية القسوة أما الذين يحبونها فحقا يتحملونها هي بذاتها دون أن يبدو عليهم أنهم
يشعرون بقسوتها. لأن المحبة تصنع كل شيء. حقا بالاكثر وأسهل للمحبة أن تصنع بالنسبة
للبركة الحقيقية تلك التي تصنع ما تستطيع لأجل الاشتياق لأمور ليست هي إلا شقاءا؟
كم يسهل أن تحتمل الضيقات الزمنية من أجل تجنب العقاب الأبدي وإدراك الراحة
الأبدية! لم يقل الاناء المختار اعتباطا بفرح زائد "فاني أحسب أن الآم الزمان
الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا"(6) أنظر أذن كيف أن ذلك
"النير هين وذلك الحمل خفيف" فإن كان عسير على القليلين الذين اختاروه
إلا أنه سهل الذين يحبونه. يقول المرتل "على حسب كلام شفتيك لزمت طرقا
وعره"(7) الأشياء الصعبة للذين دبر الصلاح الإلهي أن لا يخضع بعد ذلك
"الداخل الذي يتجدد يوما فيوما"(8) للناموس بل للنعمة، ويتحرر من تلك
الملاحظات الغير محصية التي هي فعلا حملا ثقيلا، لكن تفرض بلياقة على العنق العنيد
متاعب عظيمة، تلك التي يمكن للأمير المطرود الذي يفرضها من الخارج على الإنسان
الخارجي أن يجعلها خفيفة بواسطة السعادة الداخلية الناتجة عن لطافة الإيمان البسيط
والرجاء الصالح والمحبة المقدسة. لأنه هكذا ليس هناك أسهل لدى الإرادة الصالحة من
الإرادة الصالحة ذاتها وهذا يكتفي به الله . إذن كم للعالم بالأكثر أن يغضب، بالحق
تهللت الملائكة عند ميلاد الرب بالجسد قائلة "المجد لله في الأعالي وعلى
الأرض السلام وبالناس المسرة"(9) لأن نير (المولود) هين وحمله خفيف"
وكما يقول الرسول بأن الله أمين الذي لا يدعنا نجرب فوق ما نستطيع بل يجعل مع
التجربة المنفذ لنستطيع أن نحتمل"(10).

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس تفاسير أخرى عهد جديد رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين دك وودورد د

————————-

(1)
مت1: 28-30

(2)2تيمو3:
12

(3)
أنظر مت20: 4

(4)
2كو6: 4

(5)
2كو11: 24 الخ

(6)
رو8: 18

(7)
مز16: 4 طبعة الكاثوليك

(8)
2كو4: 16

(9)
لو2: 14

(10)
أنظر أكو1: 13

+++

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي