الإصحَاحُ
الثَّالِثُ عَشَرَ

 

15-
نداءات المسيح للتوبة (13: 1- 9)

 1
وَكَانَ حَاضِراً فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ قَوْمٌ يُخْبِرُونَهُ عَنِ
ٱلْجَلِيلِيِّينَ ٱلَّذِينَ خَلَطَ بِيلاطُسُ دَمَهُمْ
بِذَبَائِحِهِمْ. 2 فَقَالَ يَسُوعُ لَهُمْ: «أَتَظُنُّونَ أَنَّ هٰؤُلاءِ
ٱلْجَلِيلِيِّينَ كَانُوا خُطَاً أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ
ٱلْجَلِيلِيِّينَ لأَنَّهُمْ كَابَدُوا مِثْلَ هٰذَا؟ 3 كَلَّا
أَقُولُ لَكُمْ. بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذٰلِكَ
تَهْلِكُونَ. 4 أَوْ أُولٰئِكَ ٱلثَّمَانِيَةَ عَشَرَ ٱلَّذِينَ
سَقَطَ عَلَيْهِمُ ٱلْبرْجُ فِي سِلْوَامَ وَقَتَلَهُمْ، أَتَظُنُّونَ أَنَّ
هٰؤُلاءِ كَانُوا مُذْنِبِينَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ ٱلنَّاسِ
ٱلسَّاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ؟ 5 كَلَّا أَقُولُ لَكُمْ! بَلْ إِنْ لَمْ
تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذٰلِكَ تَهْلِكُونَ».

 

هل
تقرأ الجرائد وتذعر من اصطدامات وتحطم السيارات والكوارث والحروب والفضائح؟ فاعلم
أن كل أوان تحدث فيه حوادث. وللعجب لم يحدث يسوع عن ذنب مسببي الضيقات عالماً أن
كل فاعل شر تصيبه عقوبة الله العادلة، وحتى الملوك والولاة والزعماء كبيلطس البنطي
الذي استهزأ بالشعب وداس شعورهم المقدس، وأهان الله، ضاحكاً على ذبيحة الكفارة.
فعلم يسوع أن الظلم لا يبقى بلا جزاء.

 

وقد
أرشد المسيح مستمعيه إلى التفكير: لماذا حصلت الكارثة لعدد قليل وأشخاص معينين
فقط؟ فلا بد أنهم مستحقون الموت، لأن كل إنسان محكوم عليه بالمرض والضيق والوفاة
لأجل خطاياه الشنيعة. فليس لنا حق بالبقاء ولا بالفرح، بل نحن متدرجون نحو دينونة
الله الهالكة مرغمين. ولا تخادعن نفسك عن حالتك السيئة، لأنه ليس إنسان باراً أو
صالحاً، الكل يعيشون بدون الله، فاسدين بأفكارهم وتصرفاتهم. أنت وأنا، مستحقون
الموت في هذه اللحظة. هذه هي الحقيقة الواضحة، وليس غيرها حقيقة.

 

وأبرز
يسوع أن الذين قتلوا بالحادث، لم يكونوا مجرمين أكثر من غيرهم، رغم إثباته أن
قصاصهم أتى من الله مباشرة. فلا يحدث شيء على كرتنا الأرضية بدون إرادته الإلهية.
وتاريخ البشر هو غالباً تاريخ غضب الله.

 

وقد
أكد المسيح لنا أنه ليس من فرق بين خطاة كبار وخطاة أقل خطأ، بين الأتقياء
والأشرار، بين الأبرار والكفار. أمام الله كل إنسان رجس في طبيعته، لأن قلبه مفعم
بالأفكار الشريرة. والنجاسة الكامنة في ذهنك، محسوبة أمام القدوس كالزنى الفاس.
فلا تظنن أنك أحسن من أي مجرم، لأنك إن تبغض إنساناً ما أو ترفضه تحسب في عين الرب
كقاتل وبيل.

 

واعلم
أن كل خطية من خطاياك هي تعد على قداسة الله بالذات حيث قال: كونوا قديسين لأني
أنا قدوس. فيعتبر الرب كل أخطائك فكراً وقولاً وعملاً معصية وثورة ضد إرادته
الأزلية. وأنك شخصياً مذنب أمام الله بكل طبيعتك الإنسانية.

 

وأرشد
يسوع مستمعيه إلى تفكير آخر: لم يمنحهم الله الوقت ولا يبيدهم حالاً، كما أباد
الذين سقط عليهم البرج فماتوا؟ وهكذا مع تحذيره لهم من غضب الله، أراهم منفذاً من
الهلاك المقبل. فما هو المهرب من الغضب والدينونة والهلاك يا ترى؟ ليس إلا بالرجوع
إلى الله، ونبذ الكبرياء، والاعتراف بقلب مسحوق: اللهم ارحمني أنا الخاطئ. فهل لا
تزال مستكبراً ومتأكداً بذاتك، أو تطلب الله بندامة وخجل؟ أتنتقد أحد مجاوريك،
وتدين أعداءك بسخط. أو تعرف دخائل نفسك أنك أنت أكبر الخطاة؟

 

فالمسيح
لا يحذرك وحدك من الاستكبار، بل كل الناس وكل الشعوب يدعوهم إلى الرجوع، لأننا إن
لم نتب سريعاً، وتتغير أوضاع مجتمعنا، تبلغنا جهنم حرب عالمية جديدة، وتوقفنا أمام
عرش الديان القاضي الأزلي. فهل غفرت آثام خصومك، وأرجعت كل قرش ومليم اختلسته من
غيرك؟ رتب حياتك ما دمت حياً! لأن الموت يبتسم على باب غرفتك.

 

الصلاة:
أيها الرب القدوس، أشكرك لأنك لم تبدني بعد. احمني أنا الخاطئ. وأنت تعلم ماضيّ
فطهرني من كل إثم، وقدسني بصبرك، لأرشد كل أصدقائي إلى التوبة لكيلا يبتلعنا غضبك.

 

13: 6
وَقَالَ هٰذَا ٱلْمَثَلَ: «كَانَتْ لِوَاحِدٍ شَجَرَةُ تِينٍ
مَغْرُوسَةٌ فِي كَرْمِهِ، فَأَتَى يَطْلُبُ فِيهَا ثَمَراً وَلَمْ يَجِدْ. 7
فَقَالَ لِلْكَرَّامِ: هُوَذَا ثَلاثُ سِنِينَ آتِي أَطْلُبُ ثَمَراً فِي
هٰذِهِ ٱلتِّينَة وَلَمْ أَجِدْ. اِقْطَعْهَا. لِمَاذَا تُبَطِّلُ
ٱلأَرْضَ أَيْضاً؟ 8 فَأَجَابَ: يَا سَيِّدُ، ٱتْرُكْهَا هٰذِهِ
ٱلسَّنَةَ أَيْضاً، حَتَّى أَنْقُبَ حَوْلَهَا وَأَضَعَ زِبْلاً. 9 فَإِنْ
صَنَعَتْ ثَمَراً، وَإِلَّا فَفِيمَا بَعْدُ تَقْطعُهَا».

 

لله
حقل كرمة وهو العالم، وفيه أشجار ثمينة. وكل إنسان مفروض عليه أن يأتي بثمار تليق
بروح السماء، كما تعطي أشجار الكرمة ثمارها في كل حين. ولكن الله لم يجد في البشر
إلا الحروب والافتخار والزنى والتعصب والفضائح. فعزم في قلبه، أن يبيد لجنس
الشرير.

 

ومجتمعنا
الحاضر ليس بأفضل من مجتمع اليهود في زمن يسوع. فيسوع لم يجد في حينه ثماراً مقدسة
لله. في أمته. وعلم أن الله قد صمم على إبادة الأمة.

 

ووصف
يسوع نفسه في هذا المثل ككرام وسيط، يستمهل الله سنة أخرى، قبل أن يقطع الأمة
ويستأصلها، رغم أنها تستغل الأرض بلا فائدة، ولعل شعباً آخر يحل محلها ويعطي
ثماراً أفضل منها. أنهم مستحقون أن يبادوا. ولكن المسيح طلب لأجلهم سنة أخرى للوبة
قائلاً: أريد أن أعمل كل شيء لإصلاحهم، وأفلح قلوبهم بكلمات الدينونة، التي تشبه
سكة المحراث الفالحة. وأنعشهم ببركات قوتي، ليتوبوا ويؤمنوا حقاً ويحبوا عملياً.
وإن لم ينضج خلال السنة رجوع هذا الشعب إلى ربه. فليقطعه إرماً إرماً. وحقاً فق
ضرب الله اليهود كأمة، واقتلعهم من أرضهم وحرقهم مئات السنين في أتون نار دينونته
الغاضبة.

 

وعلينا
إلا نشعر بالاطمئنان من جهة غضب الله، لأن الأخبار الإذاعية تنشر يومياً حقائق
الكبرياء والبغضة والنجاسة والكذب. فقد أصبح العالم كله كخيمة الزنى، حيث لا يحل
روح الله، إلا في أفراد قلة. فماذا تظن، إلى متى يصبر الله علينا؟ كلنا ستحق
الهلاك، ولكن شفاعة المسيح لأجل كنيسته، وقوة الروح القدس العامل في المؤمنين، هي
المانعة لغضب الله. وقد فلح المسيح الشعوب مدة ألف وتسعمائة سنة بكلمة قداسته،
وسمدها بقوة روحه القدوس. فهل يكتفي الله بالثمار الضحلة من المؤمنين القليلين؟أو
يقف الرب ببلطته المرتفعة ليضربنا الضربة الأخيرة، ويبيد البشر، لأنهم عصوا روحه
راكضين وراء كل زعيم مختال سيفنى لا محالة.

 

كلنا
نعيش من شفاعة المسيح وأمانته. ونتمنى من كل قلوبنا ألا تتم كلمته الأخيرة فينا
بالقطع، بل نثمر لمرضاته. فلا تتخيل بمجيء أيام جيدة، بل تب، واطلب التوبة الروحية
لشعبك، ليس بتموجات مشاعر عاطفية أو ندامة بدموع كاذبة، بل ليجدد الرب لقلوب
عملياً ويغير الأذهان وينشئ أعمال محبته بواسطة امتلاء القلوب بإنجيله.

 

الصلاة:
أيها الرب الوسيط نشكرك لمحبتك كل الناس، ولشفاعتك بنا عند الآب. اغفر لنا
أنانيتنا وطمعنا. وحررنا لخدمة المحبة في الطهارة. اصبر علينا وعلى البشر كلهم،
وساعدنا لنحيط أصدقائنا وجيراننا بصلوات. ونبشرهم بالإنجيل، ليأتوا بثمار مقدسة.

 

16-
شفاء المنحنية (13: 10- 17)

13:
10 وَكَانَ يُعَلِّمُ فِي أَحَدِ ٱلْمَجَامِعِ فِي ٱلسَّبْتِ، 11
وَإِذَا ٱمْرَأَةٌ كَانَ بِهَا رُوحُ ضُعْفٍ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً،
وَكَانَتْ مُنْحَنِيَةً وَلَمْ تَقْدِرْ أَنْ تَنْتَصِبَ ٱلْبَتَّةَ. 12
فَلَمَّا رَآهَا يَسُوُع دَعَاهَا وَقَالَ لَهَا: «يَا ٱمْرَأَةُ، إِنَّكِ
مَحْلُولَةٌ مِنْ ضُعْفِكِ». 13 وَوَضَعَ عَلَيْهَا يَدَيْهِ، فَفِي
ٱلْحَالِ ٱسْتَقَامَتْ وَمَجَّدَتِ ٱللّٰهَ. 14 فَرَئِيسُ
ٱلْمَجْمَعِ، وَهُوَ مُغْتَاظٌ لأَنَّ يَسُوعَ أَبْرَأَ فِي
ٱلسَّبْتِ، قَالَ لِلْجَمْعِ: «هِيَ سِتَّةُ أَيَّامٍ يَنْبَغِي فِيهَا
ٱلْعَمَلُ، فَفِي هٰذِهِ اِيْتُوا وَٱسْتَشْفُوا، وَلَيْسَ فِي
يَوْمِ ٱلسَّبْتِ» 15 فَأَجَابَهُ ٱلرَّبُّ: «يَا مُرَائِي، أَلا
يَحُلُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ ثَوْرَهُ أَوْ حِمَارَهُ مِنَ
ٱلْمِذْوَدِ وَيَمْضِي بِهِ وَيَسْقِيهِ؟ 16 وَهٰذِهِ، وَهِيَ
ٱبْنَةُ إِبْرٰهِيمَ، قَدْ رَبَطَهَا ٱلشَّيْطَانُ ثَمَانِيَ
عَشْرَةَ سَنَةً، أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُحَلَّ مِنْ هٰذَا
ٱلرِّبَاطِ ِي يَوْمِ ٱلسَّبْتِ؟» 17 وَإِذْ قَالَ هٰذَا
أُخْجِلَ جَمِيعُ ٱلَّذِينَ كَانُوا يُعَانِدُونَهُ، وَفَرِحَ كُلُّ
ٱلْجَمْعِ بِجَمِيعِ ٱلأَعْمَالِ ٱلْمَجِيدَةِ
ٱلْكَائِنَةِ مِنْهُ.

 

يرينا
لوقا البشير كيف خدم يسوع شعبه في رحلته إلى أورشليم حسب مثل التينة والكرّام.
فنقب وفلح القلوب وباركها ليخلصها من دينونة الله الآتية. وانحنى للمساكين
والضالين. فهل تشعر مع المرضى وتتألم معهم وتريد شفاءهم؟ إن يسوع كان ممتلئ الحان
على الإمرأة التي مشت ثماني عشرة سنة منحنية جداً، لأن فقرات ظهرها كانت منحرفة
مزحزحة عن موضعها وعضلاته ضعيفة. والثماني عشرة سنة هي مدة طويلة، تبلغ حوالي أكثر
من 7500 يوماً مفعمة بالآلام والعذاب واليأس. ورغم هذا ذهبت المرأ المسكينة
إلىالكنيسة، لأنها لم تجد تعزية إلا عند الله. وإذا لم تكن قادرة أن ترفع رأسها،
فقد رفعت قلبها إلى ربها راحمها.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد قديم سفر التثنية Deuteronomy 21

 

فأتى
يسوع وسمع صرخة إيمان القلب المعذب، وأدرك ضيقها الظاهر في هيئتها، ودعاها من
تلقاء نفسه، وأكد لها شفاءها من ضعفها. وكان ذلك وسط ازدحام جماهير المصلين، وهي
كانت بعيدة عنه في إحدى زوايا الكنيسة. ولكن قلبها لم يفهم رأساً كلمة الله لأنها
كانت مربوطة في نفسها بواسطة إيمانها بوسوسات الشيطان. وربما كانت قد لجأت سابقاً
إلى أحد العرافين أو المؤاخين للجن، فارتبط جسدها بسلطة الشيطان المخربة. ولذلك
دعاها يسوع إليه، ووضع يديه الخالقة على المسكينة، فطقطق ظهرها، واشتدت عضلاها.
وإذ ذاك رفعت رأسها. لأن قوة الله غفرت لها كل ذنبوها وفكت أربطة الروح الشرير،
فشفيت جسداً ونفساً وروحاً. وهذا التغيير العميق كان انتصاراً للمسيح، لأن المفدية
عظمت الله جهراً وفاض قلبها حمداً. لأن الآلام الجسدية والضغظ النفسي قد تلاشي.

 

ومقابل
هذا الفرح لانتصار الله ظهر الروح الظالم الضيق البصر بلا شعور أو شفقة في رئيس
المجمع. الذي فهم وحفظ شريعته حرفياً. وتبعاً لذلك منع أكثرية الأعمال يوم السبت،
لكي يرضي العابدون الله بواسطة حفظ الوصايا والأحكام. وبواسطة هذه العادة أصبح هو
ورعيته خالي المحبة، لأنهم فكروا بأنفسهم فقط، وتأملوا في ضمان خلاصهم الأناني.
فتجمدوا في روحهم القاسي متمسكين بقشور الشريعة. وكانوا مستعدين أن يضحوا بكل
إنسان في سبيل مبادئهم. فصار الناموس معبوداً، وليس خادماً للناس. ومع هذا انوا
غير واقعيين، حتى أنهم سمحوا لبعض الأعمال الشاقة في يوم السبت. وعلفوا حيواناتهم
وسقوها. وهذا حق، ولكنهم إذ أباحوا خدمة الحيوان، منعوها عن الإنسان. فاعتبروا
حيواناتهم أهم وأفضل من الإنسان. فسماهم المسيح مرائين.

 

وإلى
اليوم لا يزال بعض الفلاحين يعتبرون حقولهم أهم من أهل بيتهم. وكثير من الآباء
يصرفون على سياراتهم أكثر مما على أولادهم. ونرى تجاراً يتسمرون في دكاكينهم
أوقاتاً طويلة حتى الليل دون أن يهتموا بعائلاتهم. والموظفون أكثرهم يضيعون أوقات
الفراغ باللهو في المقاهي والمفاسد، ولا يربون أولادهم تربية صالحة، ولا يصرفون أي
وقت للاهتمام بخدمة جيرانهم المحتاجين إلى نصائحهم.

 

لكن
المسيح أرى اليهود، أن الناس أهم من الحيوانات خصوصاً وهم من سلالة إبراهيم. أو
حاملي صورة الله في هيئاتهم. وهكذا يقول المسيح لك أيضاً: إن كل زملائك في المدرسة
والمهنة أهم من شهاداتك المتلألئة أو رصيدك في البنك. فليس نجاحك الشخصي هو هدف
حياتك، بل المحبة لأخيك الإنسان المسكين الذي تلتقي به اليوم. والمسيح يسمي كل مصل
مرائياً، إن كان لا يحب أقرباءه وجيرانه حقاً. ففكر بزملائك عملياً، وتصلي لأجلهم
بالقوة، لتحل بركة الرب فيهم. وإن تظاهرت بالتقوى أمام الناس، ولم تخدمهم حقيقة،
يسميك الله منافقاً ومربوطاً بسلاسل الشيطان، محتاجاً إلى الحل من أنانيتك
الشنيعة.

 

الصلاة:
رب المحبة، أعترف أن قلبي بارد، لأني أفكر في نفسي وعملي ومقاصدي أولاً، فاغفر لي
أنانيتي. اشكرك لأنك تحلنا من قيود الشيطان، وتحررنا إلى شفقتك والخدمة بفرح
والابتهال باستمرار ويفرحوا في اختبار سلطانك.

 

17-
مثلان عن ملكوت الله (13: 18- 21)

13:
18 فَقَالَ: «مَاذَا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ، وَبِمَاذَا
أُشَبِّهُهُ؟ 19 يُشْبِهُ حَبَّةَ خَرْدَلٍ أَخَذَهَا إِنْسَانٌ وَأَلْقَاهَا فِي
بُسْتَانِهِ، فَنَمَتْ وَصَارَتْ شَجَرَةً كَبِيرَةً، وَتَآوَتْ طُيُورُ ٱلسَّمَاءِ
فِي أغْصَانِهَا». 20 وَقَالَ أَيْضاً: «بِمَاذَا أُشَبِّهُ مَلَكُوتَ
ٱللّٰهِ؟ 21 يُشْبِهُ خَمِيرَةً أَخَذَتْهَا ٱمْرَأَةٌ
وَخَبَّأَتْهَا فِي ثَلاثَةِ أَكْيَالِ دَقِيقٍ حَتَّى ٱخْتَمَرَ
ٱلْجَمِيعُ».

 

القنبلة
الذرية قوية جداً. ولكن القوة الروحية في أي معتقد عالمي أقوى منها، لأن كل حضارة
تندفع وتصطبغ بروحها الخاص. وأعظم القوى في العالم هي كلمة يسوع المسيح، لأنها
غيرت وجه العالم مبدئياً. فيسوع يشبه الرجل، الذي يأتي إلى حقله ويلقيحبة الخردل
الصغيرة في التربة الرطبة، فتنبت وتنمو مع الزمن بالهدوء وبلا ضجيج وتصبح شجرة
محترمة. وهكذا رمى يسوع الإنجيل إلى حقل الكلمة البسيطة العاملة بدون بلاغة
متلألئة أصبحت خلال ألفي سنة شجرة ضخمة، تمتد أغصانها على نصف الكرة الأرضية. وما
تزال قوة كلمة الرب قوية، لتربح أفراداً حتى آخر المعمورة. فلا تيأسن إن كنت
مؤمناً منعزلاً ومحاطاً بغير المؤمنين. أو يجتمع معك حول الكتاب المقدس اثنان أو
ثلاثة فقط. إن للإنجيل الوعد حتى اليوم، أن ينمو شجرة عظيمة ضخمة، لأن قوة الله
تعمل يه. وينعش قلوباً ميتة وينير عقولاً جاهلة. آمن بقدرة الإنجيل، فتختبر كيف
يقلب قلوب كثيرين.

 

وانتبه،
فإن العصفور الذي يحط على الشجرة ويلتجئ إليها، ليس غصناً من فرع الشجرة! وهكذا
فليس كل الذين يسمعون الإنجيل ويأتون إلى اجتماعاتكم يتغيرون جوهرياً ويقبلون أن
يلصقوا ويطعموا بأصل الشجرة. فمن الناس من يأتي ويشترك في أشعة السلاموبركات حفظ
الله، دون أن يستسلم لقوة النعمة حقاً أو يثبت في الله. فكثير من الفلاسفة
والشعراء والزعماء والاقتصاديين تعلموا وتأثروا بالكتاب المقدس، واستفادوا منه
فادئة كبرى، دون أن يتغيروا في شعروهم الباطني. فطاروا بعدئذ كعصافير حاملة في
مناقيرها ورقة من شجرة الله. أما أنت، فكن غصناً في شجرة المسيح، لا عصفوراً
طياراً، فتسري قوته فيك بلا انقطاع.

 

ويرينا
ربنا يسوع في مثل آخر، القوة العاملة في ملكوت الله، وشبهها بالخمير، الذي يخمر
العجين ويجعله صالحاً للخبز. فتخمير العجين يعني تغييراً كيماوياً، ويعرفنا كيف
تغير قوة ملكوت الله جوهر الإنسان، جاعلة من الأناني محباً، ومن النجس طهراً. وكما
نرى في نمو حبة الخردل إلى شجرة ضخمة مثلا لانتشار ملكوت الله بدون حاجز، هكذا
يرينا مثل الخميرة التغيير الجوهري في الإنسان بواسطة كلمة المسيح. فهو ينمي
ملكوته عددياً وجوهرياً. فمن يحبه يتقدس، ومن يتبعه يخدم كل الناس. والمسيح نفه يشبه
الخمير الذي يخمر كل العالم وينضجه ويغيره حسب روحه الطاهر.

 

هل
أثرت قوة المسيح فيك وغيرتك إلى صورة تواضعه. وجعلتك سبباً لتغيير الآخرين؟ فإن
أردت أن تكون ضمن إطار تأثير قوة المسيح، وتشترك في انتقالها إلى العالم، فإنك لا
تحتاج إلى حكم بشرية، ولا لبلاغة جذابة ولا لحيل مصطنعة، بل افتح نفسك للإجيل
الحق، فيجعلك إنساناً نافعاً حاملاً كلمة الله في قلبك، وناشرها بين زملائك
ومحيطك. اتكل على قوة المسيح القالبة الأوضاع. إنه رئيس الإيمان ومكمله. فله الشكر
والحمد.

 

الصلاة:
أيها الرب يسوع المسيح، نسجد لك، لأنك لمستنا بكلمتك ورصفتنا في عداد ملكوتك،
وتغيرنا إلى صورتك. نشكرك لأن ملكوتك ينمو كشجرة وارفة، في الشمس والثلج، في
العاصفة والسكون. وليس أحد يقدر أن يقاومها. ونسجد لك، لأنك تقد أهل بيتك، بهدوء
عظيم، وبدون دعايات ضاجة، ليصبحوا سبب الحياة للكثيرين.

 

18-
اختبارات المسيح في طريقه إلى أورشليم (13: 22- 35)

13:
22 وَٱجْتَازَ فِي مُدُنٍ وَقُرًى يُعَلِّمُ وَيُسَافِرُ نَحْوَ
أُورُشَلِيمَ، 23 فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «يَا سَيِّدُ، أَقَلِيلٌ هُمُ
ٱلَّذِينَ يَخْلُصُونَ؟» فَقَالَ لَهُمُ: 24 «ٱجْتَهِدُوا أَنْ
تَدْخُلُوا مِنَ ٱلْبَابِ ٱلضَّيِقِ، فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ
كَثِيرِينَ سَيَطْلُبُونَ أَنْ يَدْخُلُوا وَلا يَقْدِرُونَ 25 مِنْ بَعْدِ مَا
يَكُونُ رَبُّ ٱلْبَيْتِ قَدْ قَامَ وَأَغْلَقَ ٱلْبَابَ،
وَٱبْتَدَأْتُمْ تَقِفُونَ خَارِجاً وَتَقْرَعُونَ ٱلْبَابَ
قَاِلِينَ: يَا رَبُّ يَا رَبُّ، ٱفْتَحْ لَنَا، يُجِيبُكُمْ: لا
أَعْرِفُكُمْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمْ! 26 حِينَئِذٍ تَبْتَدِئُونَ تَقُولُونَ:
أَكَلْنَا قُدَّامَكَ وَشَرِبْنَا، وَعَلَّمْتَ فِي شَوَارِعِنَا. 27 فَيَقُولُ:
أَقُولُ لَكُمْ لاَ أَعْرِفُكُمْ مِنْ أَيْنَ أَنْتُمْ! تَبَاعَدُوا عَنِّي يَا
جَمِيعَ فَاعِلِي ٱلظُّلْمِ. 28 هُنَاكَ يَكُونُ ٱلْبُكَاءُ وَصَرِيرُ
ٱلأَسْنَانِ، مَتَى رَأَيْتُمْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ
وَجَمِيعَ ٱلأَنْبِيَاءِ فِي مَلَكُوِ ٱللّٰهِ، وَأَنْتُمْ مَطْرُوحُونَ
خَارِجاً. 29 وَيَأْتُونَ مِنَ ٱلْمَشَارِقِ وَمِنَ ٱلْمَغَارِبِ
وَمِنَ ٱلشِّمَالِ وَٱلْجَنُوبِ، وَيَتَّكِئُونَ فِي مَلَكُوتِ
ٱللّٰهِ. 30 وَهُوَذَا آخِرُونَ يَكُونُونَ أَّوَلِينَ، وَأَّوَلُونَ
يَكُنُونَ آخِرِينَ».

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كتاب الحياة عهد قديم سفر القضاة 06

 

سجل
لنا لوقا البشير جملاً غير مترابطة من أقوال المسيح الكثيرة، التي قالها خلال
سفرته إلى أورشليم مدينة موته. وربما أبدى يسوع أفكاراً أكثر مما سجله البشير، لكن
المسجل هو زبدة وتلخيص لجميع ما قاله في هذه السفرة وفقاً لما استوعبه خاطر لوقا
الطبيب.

 

والسؤال
الذي وجه إلى المسيح من أحد أتباعه لم يكن: أيخلص كثيرون؟ بل بالعكس استفهم عن
القليل، الذي يمكن أن يخلص، لأن الشعب في ذلك الحين، ابتدأ يتراجع عن يسوع
بالتدريج. فأرادوا منه خبزاً وعجائب تساعدهم في حياتهم. ولكن التوبة أهملوها.وقد
قرر زعماء الأمة الروحيين قتل يسوع الناصري. وعلم المسيح، وكذلك توقع تلاميذه
الاضطهادات المرة، التي ستنقض بلا هوادة على الرعية الصغيرة.

 

وبهذا
العلم، وقبل طرح السؤال عليه، كان المسيح قد أعطاهم وعداً، بأن ملكوت الله سينمو
رغم الصعوبات كحبة خردل تصير شجرة كاملة. وسينجح الإنجيل كخميرة صالحة في العجين.

 

ثم
أمر المسيح السائل أن يرد نظره عن التطلع إلى الجماهير المرتدة، وينظر إلى ذاته،
ليتوب ويتقدس ويثبت في ملكوت الله. وهكذا وصف هدف سيرة كل مؤمن، إنه دخوله من
الباب الضيق. وهذا المضيق لا يدخله الناس أفواجاً بل فرادى. ولا يستطيع أحد امرور
منه بأحمال كثيرة، بل على كل داخل أن يكون خفيفاً مجرداً من ممتلكاته وعوائقه الدنيوية.
فالمسيح هو الباب الضيق. ولا تأتي إليه جماهير غفيرة، بل يأتون أفراداً. وعلى كل
من يدخل إلى رحابه السعيدة، أن يتخلص من ذنوبه وهمومه ومشاكله وحقوقه وتبه وملابسه
الفخمة. تعال إلى يسوع كما أنت بحالتك وبلا أقنعة.

 

وتسليمك
هذا إليه يعني إنكاراً للنفس، واعترافاً كاملاً بالذنوب، وتركاً للعيوب المستعصية،
وكفاحاً للحياة، والموت، ومتطلباً منك كل المجهودات والتضحيات والعزم والتصميم
الأكيد.

 

ولا
تتردد بين محبتك لذاتك والتسليم إلى يسوع، لأن فرصة التوبة سريعاً ما تنتهي، فيقوم
الرب ويقفل الباب. عندئذ يحاول كثيرون من الطالبين قبول المسيح، فلا يقدرون، لأنهم
أهملوا وقت النعمة، وغرهم بالله الغرور. فالمسيح يطلب منك تصميم الإراة والتضحية
بالمال وبذل الوقت، لكي تعتزم عزماً قوياً، لتصبح أهلاً عاملاً في ملكوت الله. لا
يكفيك أن تأكل خبز وتعمل فاعلاً في حقل الرب. فالإيمان يتطلب منك توبة مطلقة،
وتغيير ذهنك جذرياً، نتيجة لتأملك في الإنجيل. لا تكتفي بتخيلاتك عن كيان لله،
وتصلي يا رب يا رب! لأن المسيح يريد أن يرى فيك أعمال محبته وثمار بره وكلمات صدقه
وأفكار روحه، الصادرة من شركته معك في الحياة الأبدية اليوم.

 

وكل
إنسان لا تعمل فيه قوة المسيح يبقى ظالماً لنفسه، عاملاً الظلم. ولا يكون من الله،
بل من روح الشرير. فلا يعرفه يسوع، واسمه غير مسجل في سفر الحياة. والمسيح ابن
الإنسان، يسألك اليوم: من أين أنت؟ أمن الله أم من الشرير؟ أتخص رعية السيح، حيث
يعرف الراعي كل فرد باسمه؟ أم تكون مجهولاً عند الله؟ امتحن نفسك، وكافح لتتجرد من
خطاياك، وتدخل إلى المسيح، الذي لا يخرج من يأتي إليه منكسراً تائباً.

 

أما
الذي يصل إلى الباب الضيق، ثم ينحرف عنه في إيمان سطحي، ويتعلق ببركة الآباء
الماضين فقط، فيسقط إلى جهنم رغم تقواه الظاهرية وبئس المصير.

 

وهذا
السرداب مفعم بخوف مستمر من أجناد الشر، وممتلئ بصراخ الندامة لأجل التوبة
المتأخرة، ويفيض تجديفاً مريراً ضد الله القدوس. ومكان الظلمات الأليمة هذا، غير
منفصل تماماً عن السماء، بل أن الهالكين يرون آباء الإيمان والأنبياء الحقيقيي وكل
قديس متواضع متكئين قريبين إلى الله، حيث يعم النظام ويحل السلام ويتسربل الفرح
وتوجد المحبة بين الجميع في روح الآب والابن.

 

وقد
قال يسوع لليهود الغير تائبين: إنكم ستسقطون إلى جهنم. وعوضاً عنكم سيأتي ملايين
الأمم من المشرق والمغرب داخلين من الباب الضيق ومشتركين في جميع بركات السماء.
وسوف يلتقون مع إبراهيم وإسحق ويعقوب وكل الأنبياء الأمناء الصادقين، ويتكمون معهم
عن عجائب محبة الله في حياتهم. كما أنهم سيستفهمون الرسل عن حقائق ومعاني أناجيلهم
ورسائلهم. وكذلك يلتقون بالأموات الأحياء في المسيح، لأنهم معاً عائلة الله أبينا
السماوي. فهل تخصها أنت أو تجلس بعيداً.

 

واليهود
الذين رفضوا إنجيل المسيح تقست قلوبهم، ويتألمون كثيراً. وهم الأولون في الاختيار،
لكنهم أصبحوا آخرين. ولم تبق لهم إلا فرصة واحدة للتوبة وقبول المسيح في آواخر
الزمان. ولكن الكنيسة المحتقرة القليلة العدد المتأخرة في نظر اليهود صارت الأولى
بالامتلاء بالروح القدس داخلة إلى أحضان وأمجاد ربها.

 

الصلاة:
يا ربنا يسوع، أنت الباب المؤدي إلى الله الآب. علمنا خلع كل خطايانا وهمومنا وترك
أمنياتنا وأموالنا، لكي نتوب ونتقدس بدمك وروحك، وندخل إلى فرحك. أدخل كثيرين من
أصدقائنا وأقربائنا إلى دار خلدك، ليأتي ملكوتك اليوم،ولتكن مشيئتك حاضرة وعاملة
بيننا. ولك الشكر والمجد آمين.

 

13:
31 فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ تَقَدَّمَ بَعْضُ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ
قَائِلِينَ لَهُ: «ٱخْرُجْ وَٱذْهَبْ مِنْ هٰهُنَا، لأَنَّ
هِيرُودُسَ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَكَ». 32 فَقَالَ لَهُمُ: «ٱمْضُوا
وَقُولُوا لِهٰذَا ٱلثَّعْلَبِ: هَا أَنا أُخْرِجُ شَيَاطِينَ،
وَأَشْفِي ٱلْيَوْمَ وَغَداً، وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ
أُكَمَّلُ. 33 بَلْ يَنْبَغِي أَنْ أَسِيرَ ٱلْيَوْمَ وَغَداً وَمَا
يَلِيهِ، لأَنَّهُ لا يُمْكِنُ أَنْ يَهْلِكَ نَبِيٌّ خَارِجاً عَنْ أُورُشَلِيمَ.
34 يا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ، يَا قَاتِلَةَ ٱلأَنْبِيَاءِ
وَرَاجِمَةَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ
أَوْلادَكِ كَمَا تَجْمَعُ ٱلدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا،
وَلَمْ تُرِيدُوا. 35 هُوَذا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَاباً!
وَٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لا تَرَوْنَنِي حَتَّى يَأْتِيَ
وَقْتٌ تَقُولُونَ فِيهِ: مُبَارَكٌ ٱلآتِي بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ».

 

خلال
سفرته من الجليل إلى أورشليم دخل يسوع إلى سلطنة الملك هيرودس أنتيباس، الذي كان
تافهاً مبذراً أمواله وبلا أخلاق. وقد ارتكب جرائم كثيرة، رغم وقوعه تحت تبكيت
ضميره بصورة مستمرة (2: 7 و3: 19 و9: 7 و23: 11). وربما حاول إرضاء الفريسيين،لأنه
علم، أنهم يبغضون يسوع ويريدون طرده من محيطهم. فوعدهم باستخدام حراسه القليلين
لهذا الغرض. وقد أراد الفريسيون تخويف المسيح، ليروا الشعب، إنه خواف ومحب لحياته
وهارب من الموت، فيخربون صيته. ولعل هيرودس أراد فوق ذلك إرضاء القوة الاستعماية
الرومانية، بتسليمها زعيماً شعبياً ثائراً، ليبرهن خضوعه وولاؤه للسلطة.

 

وأبصر
يسوع حيلة الملك وحلفائه وسماه جهراً ثعلباً، لأنه فهم أفكاره وتخطيطاته المتآمرة
وأدانها مستهزئاً بها. ورغم هذا، فقد أبلغ يسوع هيرودس التافه رسمياً ما هي
أعماله، لكي يعرف جلياً من هو الذي يخدم في منطقته. إن المسيح هو المنتصر عى كل
الشياطين. وهيرودس كان في جلساته مع الأرواح الشريرة يخاف سلطتهم الظالمة ويرتجف
منهم. أما يسوع فطرد السلطات الشريرة بكلمة فمه. وبهذه القوى شفى المساكين وأبرأ
المعذبين. وكانت محبته الإلهية دافع قدرته.

 

وشهد
يسوع مع ذلك، أن ليس إنسان ولا الملك يقدر أن يقتله بدون إرادة الله، الذي أعطاه
خدمة محددة زماناً ومكاناً. والتي يتمها يسوع كاملة. فالله هو مالك العالم. وكل
مليك وزعيم صعلوك لا يقدر أن يمنع، أو أن يعارض إنشاء ملكوت الله بحيلته سلطته
البشرية.

 

كان
يسوع عالماً مسبقاً أن طريقه تؤدي إلى الصليب. وسمى موته على خشبة العار إكمال
خدمته وشخصيته. فهل كان يسوع غير كامل على الدوام؟ ومما لا ريب فيه أن يسوع قد حل
فيه كل ملء اللاهوت جسدياً. ولكن خدمته أكملت على الصليب مصالحة العالم معالله.
وكان على جسده البشري، أن يحتمل التجربة الأخيرة الفائقة الإدراك. فجعل روح الله
الإنسان يسوع الضعيف إنساناً كامل القدرة، الذي وجد العالم مع الله بدمه الثمين،
واستحق القيامة من القبر جسدياً، ويجلس اليوم في هذا الجسد الإنساني الممجد عن
يمين الله.

هل تبحث عن  م المسيح المسيح هل هو الله 06

 

وعلم
يسوع أن الساعة الأخيرة في حياته على الأرض سوف لا تتم إلا في أورشليم. فأطاع
إرشاد الروح القدس ليموت هناك على مذبح العالم.

 

وقد
تألم ابن الله بنفس الوقت من شيطنة هذه المدينة، لأن القاتل من الأزل وجد في مركز
الحضارة اليهودية مكاناً واسعاً لإجرامه. فسمى يسوع مدينة السلام قاتلة الأنبياء.
ولم ينبهر يسوع من بهاء العاصمة. ولم يؤخذ بملابس الزعماء الروحيين والدنيين
الفخمة. وابتسم من أسلحة الجيش الفتاكة التي لقوات اللاستعمار. واحتقر غنى تقدم
المدنية. وعوضاً عن هذه المظاهر الفانية، حاول يسوع أن يوحد الناس الجهلاء،
المشتاقين إلى الله في هذه المدينة، بواسطة قوة محبته، ليثبتوا مطمئنين في قربه،
ويالوا الحياة الأبدية. فدعاهم وركض وراءهم وتعب لأجلهم. ولكن أبناء المدينة وخاصة
المتدينين لم يريدوا البتة أن يتبعوا الطبيب الآتي من القرية المتأخرة. فقسوا
إذهانهم تجاه نداء الله. ونضجوا للدينونة المرعبة.

 

ويل
للقرية والمدينة والبلاد، التي يسد أبناؤها آذانهم، لئلا يسمعوا صوت محبة الله.
فلا بد من الدينونة السريعة الواصبة. وينبغي أن تأتي الحروب لعدم إيمان الناس
بالمسيح. فلماذا تتعجب الجماهير من الاضطرابات والكوراث والحروب في دنيانا؟

 

إن
دينونة الله لمستمرة، والعمى الروحي يتكاثر، لأن نور الإنجيل يطمس. ويل للمدينة
والبلاد التي يغادرها روح المسيح، لأن أهلها لم يفتحوا قلوبهم له طوعاً. عندئذ
تدخل أرواح شريرة من الجنوب والأطراف، وخلق الخداع والتسلط والزنى والفوضى وابغضة
والخوف.

 

هكذا
أرى المسيح الأتقياء المستكبرين الدينونة الآتية على أمتهم. ولكنه ترك لهم فجر
الرجاء مشرقاً على أفق التاريخ، ودلهم على مجيئه الثاني، وإمكانية توبة أهل العهد
القديم، الذين سيتمتمون مرتعبين في مجده المشرق من العلاء، مرددين كلمات لمزمور
المختص برئيس الكهنة الداخل إلى هيكله، صارخين بالدموع: مبارك الآتي باسم الرب.

 

الصلاة:
أيها الرب يسوع نسجد لك، لأجل محبتك الصادرة وحقك الصادق. اغفر لنا قلبنا البطيء،
إن لم نتبع صوتك الحنون اللطيف. وسامح كل الذين قسوا قلوبهم تجاه روحك القدوس.
وادعهم مرة أخرى، ليلتجئوا إليك قبل أن يأتي يوم الخراب اعظيم. ونشكرك لصبرك
واحتمالك إيانا.

 

13:
31 فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ تَقَدَّمَ بَعْضُ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ
قَائِلِينَ لَهُ: «ٱخْرُجْ وَٱذْهَبْ مِنْ هٰهُنَا، لأَنَّ
هِيرُودُسَ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَكَ». 32 فَقَالَ لَهُمُ: «ٱمْضُوا
وَقُولُوا لِهٰذَا ٱلثَّعْلَبِ: هَا أَنا أُخْرِجُ شَيَاطِينَ،
وَأَشْفِي ٱلْيَوْمَ وَغَداً، وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ
أُكَمَّلُ. 33 بَلْ يَنْبَغِي أَنْ أَسِيرَ ٱلْيَوْمَ وَغَداً وَمَا
يَلِيهِ، لأَنَّهُ لا يُمْكِنُ أَنْ يَهْلِكَ نَبِيٌّ خَارِجاً عَنْ أُورُشَلِيمَ.
34 يا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ، يَا قَاتِلَةَ ٱلأَنْبِيَاءِ
وَرَاجِمَةَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ
أَوْلادَكِ كَمَا تَجْمَعُ ٱلدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا،
وَلَمْ تُرِيدُوا. 35 هُوَذا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَاباً!
وَٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لا تَرَوْنَنِي حَتَّى يَأْتِيَ
وَقْتٌ تَقُولُونَ فِيهِ: مُبَارَكٌ ٱلآتِي بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ».

 

خلال
سفرته من الجليل إلى أورشليم دخل يسوع إلى سلطنة الملك هيرودس أنتيباس، الذي كان
تافهاً مبذراً أمواله وبلا أخلاق. وقد ارتكب جرائم كثيرة، رغم وقوعه تحت تبكيت
ضميره بصورة مستمرة (2: 7 و3: 19 و9: 7 و23: 11). وربما حاول إرضاء الفريسيين،لأنه
علم، أنهم يبغضون يسوع ويريدون طرده من محيطهم. فوعدهم باستخدام حراسه القليلين
لهذا الغرض. وقد أراد الفريسيون تخويف المسيح، ليروا الشعب، إنه خواف ومحب لحياته
وهارب من الموت، فيخربون صيته. ولعل هيرودس أراد فوق ذلك إرضاء القوة الاستعماية
الرومانية، بتسليمها زعيماً شعبياً ثائراً، ليبرهن خضوعه وولاؤه للسلطة.

 

وأبصر
يسوع حيلة الملك وحلفائه وسماه جهراً ثعلباً، لأنه فهم أفكاره وتخطيطاته المتآمرة
وأدانها مستهزئاً بها. ورغم هذا، فقد أبلغ يسوع هيرودس التافه رسمياً ما هي
أعماله، لكي يعرف جلياً من هو الذي يخدم في منطقته. إن المسيح هو المنتصر عى كل
الشياطين. وهيرودس كان في جلساته مع الأرواح الشريرة يخاف سلطتهم الظالمة ويرتجف
منهم. أما يسوع فطرد السلطات الشريرة بكلمة فمه. وبهذه القوى شفى المساكين وأبرأ
المعذبين. وكانت محبته الإلهية دافع قدرته.

 

وشهد
يسوع مع ذلك، أن ليس إنسان ولا الملك يقدر أن يقتله بدون إرادة الله، الذي أعطاه
خدمة محددة زماناً ومكاناً. والتي يتمها يسوع كاملة. فالله هو مالك العالم. وكل
مليك وزعيم صعلوك لا يقدر أن يمنع، أو أن يعارض إنشاء ملكوت الله بحيلته سلطته
البشرية.

 

كان
يسوع عالماً مسبقاً أن طريقه تؤدي إلى الصليب. وسمى موته على خشبة العار إكمال
خدمته وشخصيته. فهل كان يسوع غير كامل على الدوام؟ ومما لا ريب فيه أن يسوع قد حل
فيه كل ملء اللاهوت جسدياً. ولكن خدمته أكملت على الصليب مصالحة العالم معالله.
وكان على جسده البشري، أن يحتمل التجربة الأخيرة الفائقة الإدراك. فجعل روح الله
الإنسان يسوع الضعيف إنساناً كامل القدرة، الذي وحد العالم مع الله بدمه الثمين،
واستحق القيامة من القبر جسدياً، ويجلس اليوم في هذا الجسد الإنساني الممجد ع يمين
الله.

 

وعلم
يسوع أن الساعة الأخيرة في حياته على الأرض سوف لا تتم إلا في أورشليم. فأطاع
إرشاد الروح القدس ليموت هناك على مذبح العالم.

 

وقد
تألم ابن الله بنفس الوقت من شيطنة هذه المدينة، لأن القاتل من الأزل وجد في مركز
الحضارة اليهودية مكاناً واسعاً لإجرامه. فسمى يسوع مدينة السلام قاتلة الأنبياء.
ولم ينبهر يسوع من بهاء العاصمة. ولم يؤخذ بملابس الزعماء الروحيين والدنيين
الفخمة. وابتسم من أسلحة الجيش الفتاكة التي لقوات الاستعمار. واحتقر غنى تقدم
المدنية. وعوضاً عن هذه المظاهر الفانية، حاول يسوع أن يوحد الناس الجهلاء،
المشتاقين إلى الله في هذه المدينة، بواسطة قوة محبته، ليثبتوا مطمئنين في قربه،
وينلوا الحياة الأبدية. فدعاهم وركض وراءهم وتعب لأجلهم. ولكن أبناء المدينة وخاصة
المتدينين لم يريدوا البتة أن يتبعوا الطبيب الآتي من القرية المتأخرة. فقسوا
أذهانهم تجاه نداء الله. ونضجوا للدينونة المرعبة.

 

ويل
للقرية والمدينة والبلاد، التي يسد أبناؤها آذانهم، لئلا يسمعوا صوت محبة الله.
فلا بد من الدينونة السريعة الواصبة. وينبغي أن تأتي الحروب لعدم إيمان الناس
بالمسيح. فلماذا تتعجب الجماهير من الاضطرابات والكوراث والحروب في دنيانا؟

 

إن
دينونة الله لمستمرة، والعمى الروحي يتكاثر، لأن نور الإنجيل يطمس. ويل للمدينة
والبلاد التي يغادرها روح المسيح، لأن أهلها لم يفتحوا قلوبهم له طوعاً. عندئذ
تدخل أرواح شريرة من الجنوب والأطراف، وخلق الخداع والتسلط والزنى والفوضى وابغضة
والخوف.

 

هكذا
أرى المسيح الأتقياء المستكبرين الدينونة الآتية على أمتهم. ولكنه ترك لهم فجر
الرجاء مشرقاً على أفق التاريخ، ودلهم على مجيئه الثاني، وإمكانية توبة أهل العهد
القديم، الذين سيتمتمون مرتعبين في مجده المشرق من العلاء، مرددين كلمات لمزمور
المختص برئيس الكهنة الداخل إلى هيكله، صارخين بالدموع: مبارك الآتي باسم الرب.

 

الصلاة:
أيها الرب يسوع نسجد لك، لأجل محبتك الصادرة وحقك الصادق. اغفر لنا قلبنا البطيء،
إن لم نتبع صوتك الحنون اللطيف. وسامح كل الذين قسوا قلوبهم تجاه روحك القدوس.
وادعهم مرة أخرى، ليلتجئوا إليك قبل أن يأتي يوم الخراب اعظيم. ونشكرك لصبرك
واحتمالك إيانا.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي