الإصحَاحُ
الْعِشْرُونَ

 

3-
المجمع الأعلى يستجوب يسوع عن مصدره وسلطانه (20: 1- 8)

1
وَفِي أَحَدِ تِلْكَ ٱلأَيَّامِ إِذْ كَانَ يُعَلِّمُ ٱلشَّعْبَ فِي
ٱلْهَيْكَلِ وَيُبَشِّرُ، وَقَفَ رُؤَسَاءُ ٱلْكَهَنَةِ
وَٱلْكَتَبَةُ مَعَ ٱلشُّيُوخِ، 2 وَقَالُوا لَهُ: «قُلْ لَنَا
بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هٰذَا، أَوْ مَنْ هُوَ ٱلَّذِي أَعْطَاكَ
هٰذَا ٱلسُّلْطَانَ؟» 3 فَأَجَابَ: «وَأَنَا أَيْضاً أَسْأَلُكُمْ
كَلِمَةً وَاحِدَةً، فَقُولُوا لِي: 4 مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا، مِنَ
ٱلسَّمَاءِ كَانَتْ أَمْ مِنَ ٱلنَّاسِ؟» 5 فَتَآمَرُوافِيمَا
بَيْنَهُمْ قَائِلِينَ: «إِنْ قُلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاءِ، يَقُولُ: فَلِمَاذَا
لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ؟ 6 وَإِنْ قُلْنَا: مِنَ ٱلنَّاسِ، فَجَمِيعُ
ٱلشَّعْبِ يَرْجُمُونَنَا لأَنَّهُمْ وَاثِقُونَ بِأَنَّ يُوحَنَّا
نَبِيٌّ». 7 فَأَجابُوا أَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ مِنْ أَيْنَ. 8 فَقَالَ لَهُمْ
يَسُوعُ: «وَلا أَنَا أَقُولُ لَكُمْ بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هٰذَا».

 

أحب
يسوع الشعب الجاهل، وتقدم إلى الهيكل يومياً، مقتحماً أخطار الموت. وعلّم وبشر
الجماهير التي كانت تنتظره مشوقة. وبهذا التعليم رسخ وثبت مستمعيه، الذين ابتدأوا
يؤمنون به وبأبيه السماوي، بينما كان تبشيره دعوة خارقة للبعيدين عن الله،ليرجعهم
إلى الآب السماوي. فيعترفوا بخطاياهم وينكسروا لاستكبارهم. ولم يبشر يسوع مستمعيه
بحدة الناموس فقط، بل أعلن لهم بشرى محبة الله، وفسر لهم حضوره الخاص، وأحاطهم
علماً بانتصاره على الخطية، لكي ينمو فيهم الرجاء والإيمان والمحبة. فشعرت
الجماهير أن سلطان الله حاضر بينهم. وأن السماء مفتوحة، وقد ظهرت النعمة.

 

ولما
رأى رؤساء الشعب، كيف التصقت الجماهير بيسوع، تأهبوا للهجوم والتآمر وأرادوا
اصطياد يسوع في شباكهم. فاجتمع خاصة حكماء المجمع الديني الأعلى، ليجربوا يسوع
ويقبضوا عليه. وإذ نقرأ هنا عن رؤساء الكهنة بصيغة الجمع، فهذا يدل على مخالفتم
للناموس، الذي ينصب رئيساً كهنوتياً واحداً فقط. ولكن المجمع في اصطدامه المتكرر
مع القوة الاستعمارية، كان يرضخ أحياناً لطلبها في عزل وتنحية بعض الرؤساء، وتعيين
غيرهم حسب توجيهاتها، حتى وجد الفريقان أخيراً في قيافا الثعلب الماكر ضالتهم
المنشودة، الذي وفق بفتاواه الدينية بين أحكام الناموس ورغبات الرومان المخالفة
للشريعة بنفس الوقت. وكان للمجمع الأعلى الحق، أن يسأل رسمياً يسوع: من هو. ومن
أين هو؟ فبهذين السؤالين أجبروه أن يعلن ذاته جهراً، مستفهمين عن القوة العاملة
فيه، وامصدر الذي يأتيه بهذه القوة. فلم يسألوه عن الأعمال والعجائب المتعددة، ولا
دققوا في معاني كلماته القوية، بل اخترقوا لب جوهر كيانه، وأرادوا قطعه من أساس
وجوده. فلو جاوبهم يسوع، أنه المسيح لأسرعوا بإهلاكه، لأن الجماهير انتظروا مسيحاً
منتصرا سياسياً محارباً ببهاء وقدرة فائقة. وإن أنكر أنه المسيح وقال أنه نبي فقط،
أو مصلح اجتماعي، أو واعظ بالتوبة، فإن الشعب عندئذ يتركه ولا يهتم به أبداً. هذا
عن السؤال الأول.

 

وإن
جاوب على السؤال الثاني عن مصدر مجيئه، أنه ابن الله، فسيرجمونه حالاً، لأنهم
يعتقدون بأن الله ليس له ولد. وإن قال أن قوته مستمدة من مصادر طبيعية أو من قواه
الخاصة، عندئذ فإنهم ليمزقوه تمزيقاً، معتبرين أنه الشيطان بالذات.

 

فأبصر
يسوع حيلتهم الشريرة، واصطادهم بنفس الشبكة، التي ألقوها إليه، وسألهم بسلطانه
الإلهي سؤالاً معاكساً رداً عليهم عن مصدر يوحنا المعمدان. فوجدوا أنفسهم بنفس
الحالة، التي أرادوا أن يضعوه فيها. فتباحثوا وتشاوروا فيما بينهم، ولكن دو جدوى.
فلم يعرفوا بماذا يجاوبونه. إنهم بقساوتهم ما أرادوا أن يتوبوا ويخضعوا للمسيح
معترفين بأن يوحنا عبد الله، لأنه طلب إليهم أن يعترفوا بخطاياهم ويعتمدوا جهراً،
بينما كانوا هم يضحكون في قلوبهم على الشعب التائب المسكين مدعين لأنفسهم البارة
والارتفاع. لكن هذا الشعب وخاصة بعد قطع رأس يوحنا، كان مهتاجاً مقتنعاً أن
المعمدان كان حقاً رسول الله ونبيه الصادق. فكانوا مستعدين في غيظهم، أن يرجموا
حتى هؤلاء الرؤساء الدينيين، لو قالوا أن يوحنا المعمدان ليس قديساً لله.

 

وبينما
كان الرؤساء في حيرتهم لم يجمعوا على جواب من بين أجوبة كثيرة خطرت لهم، كان الشعب
متربصاً بهم، ليرى بماذا يجاوبون. ولم يكن أحد من المسؤولين مستعداً أن يعترف
بالحقيقة الكامنة في قلبه جهاراً سلباً أو إيجاباً. فاختبأوا أخيراً فيأكاذيبهم
قائلين: لا نعرف من أين يكون يوحنا المعمدان. وهذا الجواب كان أكبر فوز للمسيح
عليهم، لأن يسوع قاد الوفد من المجمع الأعلى إلى الاعتراف بجهلهم أمام عامة الشعب.
فكان انكساراً هائلاً.

 

وقد
أدان ابن الله كذبهم بكلمة دينونته قائلاً: فلا أقول لكم أنا أيضاً من أنا، ومن
أين جئت. إنكم تعرفون الحق، ولا تطيعونه، ولا تفتحوا قلوبكم له، وتحاولون قلب الحق
كذباً. فستهلكون هلاكاً كباراً. اذهبوا واخجلوا لمكركم الشنيع، لأن حكمة روح الله
أحكم من كل شباك أكاذيبكم الشيطانية. فلهذا ايها الأخ المؤمن، لا تهتم بما تقول
وتجاوب به إذا دعاك الكفار المدعون بالتقوى للمثول أمام محاكمهم، لأن الروح القدس
سيلهمك في تلك الساعة بالجواب الصائب، إن خضعت لهداه دائماً.

 

الصلاة:
أيها الرب يسوع المسيح، أنت ابن الله، فنسجد لك ونؤمن أن فيك تعمل كل قوى السماء،
وكل صفات أبيك. أنت المنتصر المخلص الفادي، اقبلني وكل أصدقائي، وكل من يطلبك
واحتضنا في سلطانك، واحفظنا في حقك.

 

4-
مثل الكرامين الأردياء (20: 9- 19)

20: 9
وَٱبْتَدَأَ يَقُولُ لِلشَّعْبِ هٰذَا ٱلْمَثَلَ: «إِنْسَانٌ
غَرَسَ كَرْماً وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ زَمَاناً طَوِيلاً. 10
وَفِي ٱلْوَقْتِ أَرْسَلَ إِلَى ٱلْكَرَّامِينَ عَبْداً لِكَيْ
يُعْطُوهُ مِنْ ثَمَرِ ٱْكَرْمِ، فَجَلَدَهُ ٱلْكَرَّامُونَ
وَأَرْسَلُوهُ فَارِغاً. 11 فَعَادَ وَأَرْسَلَ عَبْداً آخَرَ. فَجَلَدُوا
ذٰلِكَ أَيْضاً وَأَهَانُوهُ وَأَرْسَلُوهُ فَارِغاً. 12 ثُمَّ عَادَ
فَأَرْسَلَ ثَالِثاً. فَجَرَّحُوا هٰذَا أَيْضاً وَأَخْرَجُوهُ.13 فَقَالَ
صَاحِبُ ٱلْكَرْمِ: مَاذَا أَفْعَلُ؟ أُرْسِلُ ٱبْنِي
ٱلْحَبِيبَ. لَعَلَّهُمْ إِذَا رَأَوْهُ يَهَابُونَ! 14 فَلَمَّا رَآهُ
ٱلْكَرَّامُونَ تَآمَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ قَائِلِينَ: هٰذَا هُوَ
ٱلْوَارِثُ. هَلُمُّوا نَقْتُلْه لِكَيْ يَصِيرَ لَنَا ٱلْمِيرَاثُ.
15 فَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ ٱلْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ. فَمَاذَا يَفْعَلُ بِهِمْ
صَاحِبُ ٱلْكَرْمِ؟ 16 يَأْتِي وَيُهْلِكُ هٰؤُلاءِ
ٱلْكَرَّامِينَ وَيُعْطِي ٱلْكَرْمَ لآخَرِينَ». فَلَمَّا سَمِعُوا
قَالوا: «حَاشَا!» 17 فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: «إِذاً مَا هُوَ هٰذَا
ٱلْمَكْتُوبُ: ٱلْحَجَرُ ٱلَّذِي رَفَضَهُ ٱلْبَنَّاؤُونَ
هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ ٱلّزَاوِيَةِ. 18 كُلُّ مَنْ يَسْقُطُ عَلَى
ذٰلِكَ ٱلْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ، وَمَنْ َقَطَ هُوَ عَلَيْهِ
يَسْحَقُهُ؟» 19 فَطَلَبَ رُؤَسَاءُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْكَتَبَةُ أَنْ
يُلْقُوا ٱلأَيَادِيَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ،
وَلٰكِنَّهُمْ خَافُوا ٱلشَّعْبَ، لأَنَّهُمْ عَرَفُوا أَنَّهُ قَالَ
هٰذَا ٱلْمَثَلَ عَلَيِْمْ.

 

وفي
مثل يسوع عن الكرمة جاوب بدقة على سؤال الوفد من المجمع الأعلى من هو. فاعترف أنه
ابن الله، الذي يأتي في آخر سلسلة عبيد الله الذين جاءوا في تاريخ العهد القديم من
الله أبيه، ليجمعوا ثمار الخضوع والإيمان والمحبة من اليهود.

 

وكانت
صورة الكرم تحسب في العهد القديم دلالة على شعب إسرائيل (إشعياء 5: 1، إرميا 2:
21، حزقيال 15: 2، هوشع 10: 1، مزمور 80: 9) فقد أحاط الله كرمه بالناموس، وأوقف
الأنبياء كحراس له، وأوجد المذابح كمعصرة فيه، ولكن الشعب لم يأت بالثماراللازمة.
وكلما كان الله يرسل عبيده الأنبياء إلى هؤلاء القساة القلوب، كلما ازدادوا في
شتمهم وضربهم وجرحهم للعبيد المرسلين. فلم يكفهم أنهم لم يأتوا بثمار الروح القدس
فقط، بل أكملوا جرمهم، وأسرفوا في الثورة ضد الله. وقد تحقق هذا في تاريخ اكهنوت
والشيوخ والرؤساء والملوك وحتى في أعضاء المجمع الأعلى، الذين عينهم الله كرامين
مسؤولين في كرمه، لأنهم أنكروا رسل الرب، ووافقوا أخيراً على قطع رأس يوحنا
المعمدان.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد قديم سفر الأمثال Proverbs 07

 

ورغم
كل هذه الجرائم لم ينضب صبر الله، الذي عزم على الامتحان الأخير لشعبه العنيد،
وأرسل إليهم ابنه وارث الله، المتضمن كل صفات وسلطان أبيه في ذاته. هذا كان جواب
يسوع للمجلس الأعلى. ولكنه سبق وقال لهم ايضاً، ماذا سيعملون به. أن البغض الكامنة
في قلوبهم ستدفعهم للتشاور بقتله، والتخطيط لذلك وتنفيذه، والتهلل لفوزهم بإهلاك
ابن الله، كأنهم يقدرون إن فعلوا ذلك، أن يسيطروا على الشعب دون الله ومثلما
يشاؤون. فبهذا المثل وصف يسوع رؤساء الشعب بالسارقين والقتلة والثائرين ضد الل بكل
جهارة ووضوح، حتى عرف الجميع ما هو قصده. وقد بان ذلك الفهم الواضح حين سأل يسوع
المحيطين به عما يتصورون أن يفعل صاحب الكرم بالكرامين الظلمة. فأعطى يسوع إذ ذاك
الجواب بقوله، أنه سيهلكهم أولاً، ثم يعطي الكرم لآخرين. وبهذه الطريقة شهد يوع
علانية، أن ملكوت الله سيؤخذ من شعب إسرائيل، ويعطي للأمم. وهكذا دان المسيح رؤساء
الشعب الكفار. أما الجمع المستمع فقد صاح بصوت واحد حاشا. أعوذ بالله. أبداً لا
يكون! لأنهم أدركوا المعنى بالضبط والتدقيق، أن يسوع وضع خط الحساب النهائي تحت
تاريخ شعب إسرائيل. فكانوا مهتاجين ومستنكرين ضد دينونة الهلاك الآتي عليهم.

 

فنظر
عند ذاك يسوع إليهم، وتفرس فيهم ملياً، ورأى بداية أفق العهد الجديد، وسمى نفسه
حجر الزاوية في هيكل الله الحديث، كما ذكر ذلك في المزمور 118: 22 نفس المزمور
الذي ذكرت فيه الكلمات: مبارك الآتي باسم الرب عدد 26، وأن الرب هو الله عد 27.
هذه الكلمات التي رددها الشعب وتهللوا بها عند استقبال يسوع قبل هذه المناقشة
بأيام.

 

وسمى
يسوع نفسه الحجر القاسي، الذي ينكسر عليه كل أعدائه الساقطين عليه، الذين لم يبنوا
أنفسهم كحجارة حية في هيكل الله المقدس. فيسوع هو الأساس والقوة والتاج في هيكل
العهد الجديد، الذي هو ليس من حجارة مادية ميتة، بل يتركب وينمو بمؤمني قديسين،
يكونون هم هيكل الله القدوس. ويتقاربون في جسد يسوع المسيح، الذي هو رأسهم. فالله
بالذات يسكن اليوم في المؤمنين بالمسيح، وليس ببيت مصنوع بأيدي الناس.

 

وفي
نهاية الزمان، عندما سيأتي المسيح ثانية ظاهراًمع كل سلطان السماوات، فسيشبه الحجر
العظيم المذكور في سفر دانيال 2: 34 الذي يتدحرج في نهاية الزمان من عليائه في
جبله العالي، ساحقاً بضربة واحدة الصنم الأكبر، الذي يمثل وحدة دول وأديان العالم،
وسيبيدها كاملة لا محالة. فمن يعارض المسيح يباد ويهلك.

 

وفهم
زعماء الأمة أيضاً ما قاله يسوع. فاغتاظوا وحمقوا أكثر فأكثر. ولكنهم كانوا جبناء،
فخافوا من أتباع يسوع المؤمنين. فتربص الزعماء في مكرهم ليقبضوا عليه فجأة، فيقتلوه
على انفراد، دون أن يلحظ أحد.

 

وأنت
ماذا تعمل؟ إن ابن الله واقف أمامك، وطالب منك ثمار حياتك لله أبيه. فهل تسلم نفسك
ذبيحة شكر وحمد أو تفر منضماً إلى قتلته؟ هل تؤمن أن يسوع المسيح هو ابن الله،
وتسلم نفسك حجراً حياً ليرصك في هيكل الروح القدس؟ وإلا فسيسحقك في أواخر الزمان.
إن يسوع يسألك اليوم. فماذا تجيبه.

 

الصلاة:
أيها الرب يسوع المسيح المقام من بين الأموات أؤمن بألوهيتك، ووحدتك مع الله الآب،
وأسلم نفسي نهائياً إليك كاملاً وأبداً. اختم تكريسي هذا بروحك القدوس لأعيش معك
إلى الأبد وأنفذ أفكارك بدقة وأتعزى باختبار الغفران وخدمك مع كل القديسين لنتملئ
بثمار المحبة والفرح والطهارة والسلام. آمين.

 

5-
المناقشة حول الجزية لقيصر؟ (20: 20- 26)

20:
20 فَرَاقَبُوهُ وَأَرْسَلُوا جَوَاسِيسَ يَتَرَاءَوْنَ أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ
لِكَيْ يُمْسِكُوهُ بِكَلِمَةٍ، حَتَّى يُسَلِّمُوهُ إِلَى حُكْمِ ٱلْوَالِي
وَسُلْطَانِهِ. 21 فَسَأَلُوهُ: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ
بِٱلاِسْتِقَمَةِ تَتَكَلَّمُ وَتُعَلِّمُ، وَلا تَقْبَلُ ٱلْوُجُوهَ،
بَلْ بِٱلْحَقِّ تُعَلِّمُ طَرِيقَ ٱللّٰهِ. 22 أَيَجُوزُ لَنَا
أَنْ نُعْطِيَ جِزْيَةً لِقَيْصَرَ أَمْ لا؟» 23 فَشَعَرَ بِمَكْرِهِمْ وَقَالَ
لَهُمْ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي؟ 24 أَرُونِي دِينَاراً. لِمَنِ
ٱلصُّورَةُ وَٱلْكِتَابَةُ؟» فَأَجَابُوا: «لِقَيْصَرَ». 25 فَقَالَ
لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلّٰهِ
لِلّٰهِ». 26 فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُمْسِكُوهُ بِكَلِمَةٍ قُدَّامَ
ٱلشَعْبِ، وَتَعَجَّبُوا مِنْ جَوَابِهِ وَسَكَتُوا.

 

العالم
ممتلئ بعبودية المال والمكر الخداع والثورة الملتهبة. فأتى إلى المسيح وفد، يمثل
حزبين، أولهما فريسي متدين عدو للسلطة الاستعمارية الرومانية، والثاني من خدمة
الملك هيرودس عميل الرومان، الذي آزرهم ليبقى في كرسيه. ولكن هاتين الفرتين
المختلفتين اتحدتا لإبادة المسيح المولود من روح الله، لأنه كشف النقاب من قبل عن
خطاياهم وجهلهم وأكاذيبهم، فبدوا أمام الشعب مجردين ووقحين.

 

فهدفوا
الآن لاصطياد المسيح، والإيقاع به بكلماتهم المرائية وتحايلهم الماكر، متظاهرين
أنهم أبرار مستقيمون وطلاب حق. أما في داخلهم فكانوا ذئاباً كاسرة مفترسة. وهكذا
طرحوا عليه سؤالاً محرجاً يوقعه، سواء جاوبهم عليه إيجاباً أو سلباً. فالوا برياء
الوقار، ومظهر التقوى: هل يجوز لنا أن ندفع لقيصر جزية أم لا؟ معتقدين أن الشعب
كله حاقد على الجزية الباهظة الثقيلة، وكل من يعترف بالسلطة الاستعمارية يتعاون
معها يكون مخالفاً كلية لحقوق ملكوت الله. فلو وافق المسيح على الجزية المروضة على
عاتق الأمة، لحسب خائناً وفاراً كافراً في نظر الشعب. ولو نقم على الجزية وضادها،
لأمسكه خدام الملك هيرودس فوراً، الذين كانوا مستعدين للقبض على كل ثائر ضد
الحكومة ومنتقد أوامرها وتصرفاتها.

 

أبصر
يسوع حيلتهم، وطعن رياءهم جهراً، وكشفهم علانية واضطرهم للاعتراف بصدقه، وقوله
الحق دائماً، بلا مراعاة للوجوه. فطلب يسوع ديناراً، لأنه لم يكن يملك نقوداً. كان
فقيراً، غير معتمد على قدرة المال، ولم يستسلم إلى غرور الغنى. ولما برقالدينار
لامعاً في يده، قلبه على وجهه وقفاه وأراهم عليه صورة القيصر منقوشة وحولها هذه
الكلمات: طيتوس قيصر ابن اغسطس الإلهي. وعلى الوجه الآخر هذه العبارة: رئيس الكهنة
الأعظم.

 

فدلهم
يسوع بواسطة الدينار أنهم خاضعون تلقائياً لسلطة القيصر الاقتصادية، سواء علموا
ذلك، أو لم يعلموا. لأن كل قطعة نقدية، هي كحوالة أو شيك مفوض من قبل مسؤولية
الدولة الرومانية، يرتفع أو تسقط قيمته حسب انتصار أو انهزام هذه الدولة الالمية.
فمن يستعمل هذه النقود فإنه يبني نفسه على قوة السلطة الاستعمارية التي تكفلها.
وحتى اليوم فإن كل ورقة مالية مرتبطة كلية بالحالة الاقتصادية لدولتها، وتسقط
قيمتها إن انهارت الدولة. فالمال يخص الدولة، رغم أن الأفراد يمتلكونه.

 

وبعد
ذلك أدان يسوع البخل والطمع في عبيد المال، وطلب إليهم أن يقتطعوا طوعاً من كنوزهم
الفانية ليدفعوا الجزية بلا معارضة. لأن كل دينار صادر من سكة الدولة الرومانية
يخصها.

 

وأكثر
من هذا، فقد طلب يسوع منا الخضوع للدولة التي نعيش فيها وقبول قوانينها وأنظمتها
وأن نساهم في ازدهارها بإخلاص، ولا نكون من الثائرين البتة. فالمسيحيون الحقيقيون
يصلون لرؤساء شعبهم. فهم بالحقيقة أفضل مواطني الدولة، عالمين أن الحكمة المشرفة
على الأوضاع العامة، هي معينة من الله، ومعطاة للشعب حسب استحقاقه، لحمايته
واستتباب الأمن ونمو الاقتصاد، وتربية الأولاد وتثقيفقهم، وتنظيم الحياة الاجتماعية.
فكل حكومة هي أمة الله وخادمته في ربوع شعبها.

 

وهذه
الصفة السامية «خادمة الله» لا تزول، حتى ولو أساء المسؤولون في سلطتهم الموهوبة
لهم، وراعوا أنفسهم أولاً، وداسوا المواطنين. فالله القدوس سيقاصص كل فاعلي الشر،
لأن كل موظف ابتداء من الملك والرئيس إلى أصغر خادم، مسؤول مباشرة أمام الله. فكل
خدمة حقة في الدولة تعني خدمة الله.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس تشكيل فاندايك وسميث عهد قديم سفر أخبار الأيام الثانى 07

 

وبهذه
المعاني الطيبة، لم يجاوب يسوع على السؤال السياسي المحرج إيجابياً فقط، بل أمر كل
المؤمنين به، أن يتعاونوا بإخلاص مع الحكومة الحاضرة في كل مجالاتها وميادينها.

 

وبنفس
الوقت، فقد أراهم المسيح الفارق الأساسي بين القيصر المخيف والله العظيم. فالقيصر
كان إنساناً مخلوقاً فانياً محدوداً في الحكمة والمعرفة، وخاطئاً مثل كل البشر.
أما الله فهو كامل أبدي قدوس عليم قادر على كل شيء. فبمقدار عظمة الفار بينه وبين
القيصر، تكون خدمة الله أهم من خدمة الدولة. وكما أن السماء تفوق الأرض ينبغي أن
ترتكز أفكارك على الله ومشيئته أكثر مما تهتم بالمشاكل الحاضرة. فكل الجرائد
والمجلات لا تنصاع لهذا المبدأ، لأن عناوينها الضخمة تتكلم عن السياسة والاقتصاد
والفضائح، ولكن اسم الله وخلاص النفس لا تذكره.

 

طوبى
لك إن طلبت الله وهربت من عبودية المال الفاني. فتدرك حقاً أنك لست أنت المعطي
لله، بل هو الذي يمطر عليك يومياً مجاناً بنعمته ويمنحك محبته وعنايته غفرانه
وخلاصه وفداءه. فمحبة الله تفوق عقولنا.

 

إن
أدركت هذا المبدأ المقدس، فلا يبقى فيك إلا الشكر والإطاعة للإيمان، وتسليم حياتك
حمداً وشكراً للوهاب العظيم. والمسيح يشهد لك بكل تأكيد، إن الله القدوس يعيدك مرة
أخرى إلى صورته الأصلية لتكون ابنه وهو أبوك. فعندئذ تصير أثمن من كل انقود
اللامعة والأوراق المالية المخشخشة المطبوع عليها رؤوس الزعماء والأمراء، لأنك
تعيش إلى الأبد، إن استسلمت لمحبة الله حقاً. فأعط حياتك لله شكراً لخلاصه، فتنتقل
من الزمن الفاني إلى البقاء الأزلي، وتجد معنى جديداً لحياتك في خدمة ملكوت اله.

 

ولربما
تتساءل: ماذا علي أن أفعل، إن منعتني حكومتي من الإيمان بالمسيح؟ فالكتاب المقدس
يجاوبك واضحاً: ينبغي أن نطيع الله أكثر من الناس. فالمؤمنون في روما عند الاضطهاد
استخفوا في المغاور والمقابر تحت الأرض، وفضلوا الموت تعذيباً على أن يؤلهوا
القياصرة الفانين.

 

وإننا
لنشاهد اليوم في الدولة الدكتاتورية، أنها تطالب الإنسان أن يخضع لمبادئها بكليته،
غير مكتفين بإخلاصه وخدمته، بل تفرض عليه الإيمان بها، وتكريس حياته لروحها
وأهدافها، وإنكار المسيح المخلص الوحيد. ففي تلك المناطق والبلدان يستمر امؤمنون
في محبة مضطهديهم، ويباركونهم، ويطلبون يومياً هدى الرب. وإذا دعوا للاستنطاق،
يتكلمون الصدق في حكمة الروح القدس. ويشهدون لربهم الحي، مفضلين الموت في الدنيا
والحياة في ملكوت الله على الاستسلام لأرواح المضلين.

 

كلنا
نسرع لوقت قيام مملكة المسيح الكذاب، حيث لا يقدر المؤمنون أن يشتروا أو يبيعوا،
لأنهم سوف لا يستسلمون للروح الشرير المتجسد. فاستعد لخدمة الله، لتكرمه بإطاعة
إيمانك الكامل.

 

ولما
سمع الجواسيس الماكرون جواب يسوع آنذاك «أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله» تعجبوا
واستغربوا من حكمته وسلطانه. فنتمنى نحن أيضاً اليوم، أن يعرف كل الذين يراقبون
سيرتنا، أن المسيح يدعونا خداماً أمناء للدولة، التي نعيش فيها، حتى وو اضطهدتنا
لأجل سجودنا لربنا الحي.

 

الصلاة:
يا ملك السلام أنت وديع، وما كنت ثائراً في هذا الدنيا. فثبتنا في التواضع لنخدم
الله معاً. ونخدم الدولة أيضاً، بأمانة. حررنا من محبة المال الفاني، وارفع
أذهاننا إليك واملأنا بإطاعة الإيمان والمحبة والحكمة والرجاء

 

6-
أسئلة حول قيامة الأموات (20: 27- 40)

20:
27 وَحَضَرَ قَوْمٌ مِنَ ٱلصَّدُّوقِيِّينَ ٱلَّذِينَ يُقَاوِمُونَ
أَمْرَ ٱلْقِيَامَةِ، وَسَأَلُوهُ: 28 «يَا مُعَلِّمُ كَتَبَ لَنَا مُوسَى:
إِنْ مَاتَ لأَحَدٍ أَخٌ وَلَهُ ٱمْرَأَةٌ، وَمَاتَ بِغَيْرِ وَلَدٍ،
يَأْخُذُ أَخُوهُ ٰلْمَرْأَةَ وَيُقِيمُ نَسْلاً لأَخِيهِ. 29 فَكَانَ
سَبْعَةُ إِخْوَةٍ. وَأَخَذَ ٱلأَّوَلُ ٱمْرَأَةً وَمَاتَ بِغَيْرِ
وَلَدٍ، 30 فَأَخَذَ ٱلثَّانِي ٱلْمَرْأَةَ وَمَاتَ بِغَيْرِ وَلَدٍ،
31 ثُمَّ أَخَذَهَا ٱلثَّالِثُ، وَهٰكَذَا ٱلسّبْعَةُ. وَلَمْ
يَتْرُكُوا وَلَداً وَمَاتُوا. 32 وَآخِرَ ٱلْكُلِّ مَاتَتِ
ٱلْمَرْأَةُ أَيْضاً. 33 فَفِي ٱلْقِيَامَةِ، لِمَنْ مِنْهُمْ تَكُونُ
زَوْجَةً؟ لأَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لِلسَّبْعَةِ!» 34 فَأَجَابَ يَسُوعُ:
«أَبْنَاءُ هٰذَ ٱلدَّهْرِ يُزَّوِجُونَ وَيُزَّوَجُونَ، 35
وَلٰكِنَّ ٱلَّذِينَ حُسِبُوا أَهْلاً لِلْحُصُولِ عَلَى ذٰلِكَ
ٱلدَّهْرِ وَٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلأَمْوَاتِ لا يُزَّوِجُونَ
وَلا يُزَّوَجُونَ، 36 إِذْ لا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَمُوتُوا أَيضْاً، لأَنَّهُمْ
مِثْلُ ٱلْمَلائِكَةِ، وَهُمْ أَبْنَاءُ ٱللّٰهِ، إِذْ هُمْ
أَبْنَاءُ ٱلْقِيَامَةِ. 37 وَأَمَّا أَنَّ ٱلْمَوْتَى يَقُومُونَ،
فَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ مُوسَى أَيْضاً فِي أَمْرِ ٱلْعُلَّيْقَةِ كَمَا
يَقُولُ: اَلرَّبُّ إِٰهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلٰهُ إِسْحَاقَ
وَإِلٰهُ يَعْقُوبَ. 38 وَلَيْسَ هُوَ إِلٰهَ أَمْوَاتٍ بَلْ
إِلٰهُ أَحْيَاءٍ، لأَنَّ ٱلْجَمِيعَ عِنْدَهُ أَحْيَاءٌ». 39 فَقَالَ
قَوْمٌ مِنَ ٱلْكَتَبَةِ: «يَا مُعَلِّمُ حَسَناً قُلْتَ!». 40 وَلَمْ
يتَجَاسَرُوا أَيْضاً أَنْ يَسْأَلُوهُ عَنْ شَيْءٍ.

 

لا بد
لكل إنسان أن يموت. وكل دين أو فلسفة لا تجاوب بصراحة على الكيان بعد الموت، فهي
خداع للنفس وسطحية تافهة. كان الصدوقيون في زمن يسوع طلاب حق بالطريقة الفلسفية.
فلم يؤمنوا بشيء، لا تحتمله عقولهم النقادة. فاستهزأوا بالفريسيين المرئين وسخروا
من الكتبة المتدينين، لأنهم اتكلوا حرفيا على التوراة فيما يختص بالملائكة
والقيامة والحياة بعد الموت. ولكن سخريتهم من المتدينين كانت تغطية لشكوكهم وعدم
إيمانهم، إذ أنه لا يقدر عقل ما، أن يستكشف حقيقة الآخرة تلقائياً إلا على أساس
الوحي والإيمان.

 

فجاء
ممثلو الشاكين المنطقيين إلى يسوع، وقدموا سلسلة أفكار غير حقيقية وملفقة بدون
محبة، ليبرهنوا بسهولة، أن موسى عرف في ناموسه، أنه لا حياة بعد الموت. فاستخرجوا
هذا الفكر من قانون الإتيان بنسل بواسطة أحد إخوة المتوفي بالاقتران بأرمته.
واعتبروا بناء على ذلك، أنه يستحيل الحياة الزوجية في الآخرة مع حصول تعدد الأزواج
أحياناً للزوجة الواحدة.

 

وجاوب
يسوع هؤلاء المنطقيين العميان بوصف طويل عن الحياة بعد الموت، وبين لهم أولاً أنه
لا يجوز قياس ظروف أوضاع الحياة الدنيا على الآخرة، إذ لا يوجد هناك أشجار وارفة
وأنهر جارية وطعام شهي ولا أنوثة أو ذكورة.

 

ففي
الموت ينتهي الجنس، الذي هو رمز هذا الدهر. وهو ضروري لكل المخلوقات خشية
الانقراض. فبعد الموت لا يبق الجسد، ولا يخلق مرة أخرى بلحم ودم.

 

ولاحظ
أيضاً أن المسيح لم يخبرنا أن كل الناس سيقومون في القيامة الأولى، بل يدلنا على
السر أن المختارين فقط سيخرجون من بين الأموات ذاهبين إلى الحياة، لأن كفارة
المسيح طهرتهم، وقوة الله أهلتهم ليحملوا الحياة الإلهية في أنفسهم. فالعهدالجديد
يعلمك القيامة من بين الأموات (فيلبي 3: 11 رؤيا 20: 4-6 و12-15) ويتكلم عن قيامة
الأبرار (لوقا 14: 14).

 

وخلافاً
لذلك سيظهر في نهاية الزمان قيامة جميع الراقدين إلى الدينونة الأخيرة. وهذا
الإيقاظ لا يعني القيامة بمعناها الكامل، بل تقدماً إلى محكمة الله، وإلقاء إلى
الهلاك. وعند ذاك يستبين، أن أتباع المسيح العاملين في المحبة الإلهية، يدلون
الحياة الأبدية، لأنهم حصلوا على الروح القدس في هذه الدنيا، وهو عربون مجد الله.
بينما الباقون من الأموات في ذنوبهم وخطاياهم يظلون أمواتاً إلى الأبد. ولا تستطيع
أنفس أرواحهم الموهوبة من الله أن تموت نهائياً أو تعيش حقاً. وهذا هو الموت
الثاني، جهنم المعذبة، والندامة بلا نهاية.

 

أما
كل الذين تقدموا إلى المسيح المحيي، فإنهم ينالون منه حياته وقوته المقتدرة، ولا
يستطيعون أن يموتوا فيما بعد. لأن الموت لن يجد حقاً عليهم، إذ أن خطاياهم قد
غفرت، ودم المسيح قدسهم إلى التمام. فنسجد للمسيح لأنه جذبنا بمحبته إلى مستاه،
وموته على الصليب سبب حياتنا، وقيامته ترينا نوعية الكيان في الآخرة. فنكون
روحانيين مع جسد ملموس، كما اجتاز المسيح الجدران وكان بنفس الوقت له جسد حقيقي.
عندئذ سنشبه الملائكة البراقة المجيدة، بدون جنس وخالين من الفساد، وغير قابلين
المو. فنسمى أبناء الله، لأن الأزلي وضع من روحه فينا. فلسنا مخلوقين كالملائكة،
بل مولودين ثانية أبناء لله. هل تدرك امتيازك الموهوب لك بالإيمان بالمسيح؟ هل
تسجد لوحدة الثالوث الأقدس، الذي فتح لك رجاء مجيداً بهذا المقدار؟ أتعيش أو أنك
ميت؟ هل ولدت من الروح القدس ثانية، أو غرقت في الذنوب والعيوب؟

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس م مديانيون ن

 

وقد
برهن يسوع في رحمته للرياضيين العقليين من نفس سفر موسى، الذي اعتبروه حجتهم، أنهم
لا يعرفون الله، الذي يسمي نفسه إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب. فإيمان هؤلاء
الآباء ألصقهم بالله، حتى أحياهم ملء حياته، وكملت قوته في ضعفهم. فإبرهيم واسحاق
ويعقوب يعيشون الآن بالحقيقة عند الله، ويخصونه كما هو ارتبط بهم. فالحياة الأبدية
تعني محبة وتسليماً وثباتاً في الله الذي هو ينبوع الحياة. وقدرته الفائقة أقوى من
الشمس، التي تعيش كل مخلوقات دنيانا من أشعتها، بمئات ملايين المرات وهكذا يعيش كل
القديسين المؤمنين من أشعة محبة أبينا السماوي، ويمتلئون بصفاته، ويرونه بأعينهم
إن رحاب الله مفعمة بمسرته بلا نهابة.

 

الصلاة:
أيها الآب أبو ربنا يسوع المسيح، الذي بموته على الصليب صرت أبانا أيضاً. نسجد لك،
لأنك ينبوع الحياة. وولدتنا ثانية بروحك القدوس، وتملأنا بقوتك ومحبتك ومسرتك. ادع
كثيراً من الأموات في الذنوب والخطايا إلى حياتك الألية، ليتقدسوا ويتمتعوا مع
إبراهيم واسحاق ويعقوب بملئك. نسجد لك ونشكرك لحياتك الموهوبة لنا رجائنا العتيد.

 

7-
المسيح يحج اليهود عن بنوته لداود والله (20: 41- 44)

20:
41 وَقَالَ لَهُمْ: «كَيْفَ يَقُولُونَ إِنَّ ٱلْمَسِيحَ ٱبْنُ
دَاوُدَ، 42 وَدَاوُدُ نَفْسُهُ يَقُولُ فِي كِتَابِ ٱلْمَزَامِيرِ: قَالَ
ٱلرَّبُّ لِرَبِّي: ٱجْلِسْ عَنْ يَمِينِي 43 حَتَّى أَضَعَ
أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَميْكَ. 44 فَإِذاً دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً.
فَكَيْفَ يَكُونُ ٱبْنَهُ؟».

 

بعد
ما جاوب المسيح بحكمة فائقة ومحبة شديدة على كل الأسئلة الماكرة التي وجهها
الصدوقيون والفريسيون، غلبهم نهائياً، ولم يتجاسر أحد منهم فيما بعد أن يسأله، أو
يجربه. فابتدأ هو وسأل المستمعين سؤاله القاطع عن جوهره وحقيقته. فإنه ما طلبمنهم
السجود له لأجل عجائبه، بل طلب إيمانهم به، إيماناً مبنياً على معرفتهم بالوعود
الكتابية التي من الله لداود.

 

ومنذ
السبي البابلي تطورت في اليهود عقيدتهم الوحدانية الى التجمد، حتى صاروا صماً
لمواعيد الله، التي وعدها بالأنبياء عن ألوهية المسيح الآتي. فانتظروا ملكاً
سياسياً، مرسلاً من الله. وبنفس الوقت اعتبروا تسمية المسيح ابناً لله تجديفاً
بيراً، لأن الله واحد أحد.

فتقدم
يسوع إلى لب جوهره، وسأل الشعب كله ماذا يعني موعد الروح القدس لداود في مزمور 110
عدد 1 حيث أصغى النبي الملكي بروح النبوة إلى محادثة ضمن أقانيم الثالوث الأقدس،
حيث تكلم الرب إلى الرب. بهذه الكلمات صرح يسوع مرة أخرى بألوهيته ووادته من الروح
القدس ومن مريم العذراء، عالماً أنه سيصلب، لأجل هذه الأرومة الإلهية فقط.

 

وأن
رؤوس اليهود القاسية لم تفتح آنذاك لجذب الروح القدس، بل تقسوا أكثر فأكثر
تدريجياً. فأصبحوا أعداء ابن الله. فذكر المسيح لهذه الآية من المزمور يعني أشد
دينونة على اليهود، وبنفس الوقت تنبوء عن موته وقيامته وصعوده إلى السماء وجلوسهعن
يمين الله أبيه. واستخدم يسوع هذه الكلمة الخارقة مرة أخرى في المحكمة الدينية
الأخيرة أمام المجلس الأعلى شهادة لذاته، ودينونة على الأمة اليهودية «ستبصرون ابن
الإنسان جالساً عن يمين القوة». فاعتبر القضاة هذا التصريح له مباشرة، وأدانهم، أن
هذه الآية تقول أنه بعد موته سيغلبهم الله القدوس، ويربط كل أعداء المسيح ويضعهم
موطئاً لقدميه.

 

فلم
يتنازل المسيح رغم إنسانيته التامة شعرة واحدة عن ألوهيته الكاملة، لأن على هذه
النقطة تتوقف مصالحة العالم مع الله، وتبريرنا بالإيمان، والخلاص الكامل للجميع.
هل تؤمن أن المسيح هو ابن الله الحي، أو تندمج مع أعداء المقام من بين الأوات
الجالس اليوم عن يمين الله على عرش مجده ثابتاً في أبيه وهو فيه، ومالكاً معه
إلهاً واحداً إلى الأبد؟

 

فإن
كان عقلك لا يدرك هذه الحقائق، فاطلب من ربك قوة الإيمان وإنارة الروح القدس، لأنه
بدون هذه المسحة لا يستطيع أحد أن يدعو المسيح رباً.

 

ولكن
من يرفض الممسوح والمولود من روح الله، ير الله مقبلاً عليه عدواً مخيفاً. فلماذا
تتعجب الشعوب الرافضة لابن الله، إن مزقهم غضب الأزلي، الذي يضع كل أعداء المسيح
موطئاً لقدميه؟ فأهم العلامات البارزة لكل روح مضاد للمسيح، أنه ينكر أوهية يسوع
بغيظ، ويضطهد كل مؤمنين بالمولود من روح الله. هل تسجد لمخلصك وتشكره لخلاص نفسك،
أو ستشعر عما قريب بمجيئه وتكون أنت ضمن أعدائه الذين يجعلهم موطئ قدميه. وتعترف
غصباً عنك، مصراً على أسنانك من الغيظ، أن يسوع هو الرب؟!

 

الصلاة:
يا رب، أنت جالس عن يمين الآب في المجد، بعدما بذلت حياتك لأجلنا. نسجد لك ونشكرك،
لأنك ترفعنا إليك بواسطة إيماننا. وتملأنا بمحبتك وتحيينا لرجاء حي. ساعدنا لإطاعة
الإيمان الكامل. وخلص أعداءنا لكيلا يشعروا بغيظك وقاصك، بجعلهم موطئاً لقدميك.

 

8-
التحذير من الفقهاء الكتبة (20: 45- 47)

45
وَفِيمَا كَانَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ يَسْمَعُونَ قَالَ لِتَلامِيذِهِ: 46
«ٱحْذَرُوا مِنَ ٱلْكَتَبَةِ ٱلَّذِينَ يَرْغَبُونَ
ٱلْمَشْيَ بِٱلطَّيَالِسَةِ، وَيُحِبُّونَ ٱلتَّحِيَّاتِ فِي
ٱلأَسْوَاقِ، وَٱلْمَجَالِسَ ٱلأُوَلى فِي ٱلْمَجَامِعِ،
وَٱلْمُتَّكَآتِ ٱلأُولَى فِي ٱلْوَلائِمِ. 47 اَلَّذِينَ
يَأْكُلُونَ بُيُوتَ ٱلأَرَامِلِ، وَلِعِلَّةٍ يُطِيلُونَ
ٱلصَّلَوَاتِ. هٰؤُلاءِ يَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ!».

 

لم
يجب ابن الله إلى القريبين إليه، المستمعين وأدان الفقهاء الكتبة، الذين ينبغي أن
يعرفوا قبل كل الآخرين بدقة، ما هو معنى الآية التي في المزمور 110: 1. فقد فشلوا
رغم معارفهم العالية في الساعة الضرورية الهامة.

 

فحذر
يسوع أتباعه من المرائين الأتقياء، الذين أحبوا المباهاة أمام الشعب، كمعلمي طريق
الله. وبالحقيقة أنهم قد مهدوا طريق جهنم، بواسطة تفسيراتهم للناموس المدققة
المتسرسبة. أما المسيح وهو صراط الله المستقيم، فلم يدركوه قط.

 

ولكنهم
أعجبوا بأنفسهم، حاملين على رؤوسهم عمائم ضخمة وجبب فضفاضة، منتظرين خضوع الناس
لهم، وإعطائهم المحل الأول في الولائم وغرف الاجتماعات، كأنهم آلهة صغيرة، جالسين
عن يمين الله بجواره. فكانوا يقومون بصلوات طويلة فائضة من كلمات طنان رنانة.

 

وهذه
التصرفات التقية بهرت كثيرات من الأرامل في ضيقاتهن، إذ توفي أزواجهن. ولم يجدن
مشورة أو تنويراً دينياً. فالتجأن إلى الكتبة، الذين تنازلوا وقبضوا مبالغ ضخمة من
هؤلاء المسكينات، مقابل الاستشارة بنصائحهم. وقبلوا الجلوس في الولائم لثمينة
الدسمة عندهن، متظاهرين بالوقار والتعفف عن طعام الفقيرات. وفي الوقت نفسه اتخموا
معداتهم طعاماً شهياً، وشربوا ملياً.

 

فقال
المسيح أن هؤلاء المرائين، يلاقون دينونة أعظم من كل الناس الآخرين. لأنهم أنكروا
مجده، وتقسوا أكثر ضده. وزيادة على ذلك استخدموا وظيفتهم الروحية تغطية لشرهم.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي