تَفْسِير إِنْجِيلُ
يُوحَنَّا

 

شرح إنجيل يوحنا

للقديس كيرلس الأسكندرى

الإصحاحات (1 – 2 –
6 – 7 – 8)

مركز دراسات الآباء – نصوص الآباء

مراجعة الترجمة د. نصحي عبد الشهيد

 

مقدمة

الأصحاح
الأول

الأصحاح
الثانى

الأصحاح
السادس

الأصحاح
السابع

الأصحاح
الثامن

 

مقدمة
بقلم القديس كيرلس الإسكندري

          ان
اتفاق الحق، والتعلم من الله هو ما يميز عقل الإنجيليين القديسين، لأنهم بالقوة
الفائقة التي نالوها ينظرون – مثل الذين يقفون على رأس جبل أو مكان مراقبة عال
يشاهدون منه كل الاتجاهات، فيقدمون ما ينفع السامعين – ويقنعونهم بغيرة بكل ما
يمكن ان يكون لفائدة المتعطشين للحق الكامن في التعاليم الإلهية ولأنهم قد حددوا
لأنفسهم هدفاً صالحاً فإنهم يفتشون عن الخطة المختفية في الأسفار الإلهية.

          لأن
الله لا يعلن الحق للذين يبحثون بفضول ويجدون لذة في احابيل وفخاخ الجدل، بل يعلن
الروح القدس الحق للذين يفرحون بالحق لأنه لا يسكن في النفس المملوءة بالغش (حكمة
1 : 4)، ولا يطيق ان يلقي باللؤلؤ الذي يخصه تحت أقدام الخنازير (متى 7 : 6)، بل
يفرح بالروح ويسر بالشركة التي له مع أصحاب العقول النقية لأن دوافعهم للمعرفة ليس
فيها مكر، فهم يهربون من المكر، وعندما تسكن فيهم الحكمة يصاحبها الخوف من الخطأ أو
اتخاذ طريق آخر غير الطريق الملوكي المستقيم، لأن من يسلك بنقاء يسلك بثقة كما
يقول سليمان (أم 10 : 9).

          ومع
ان للإنجيليين دقة عجيبة في الكتابة، (قال عنها المخلص : ليس أنتم المتكلمين بل
روح أبيكم الذي يتكلم فيكم) (متى 10 : 20)، إلا انه يمكن ان نقول أن إنجيل يوحنا
قد كتب بشكل يفوق الباقين، وهذا يمكننا ان نراه إذا دققنا في الأفكار وفي حدة
ذكائه واقترابه الشديد من جوهر الأحداث. ومع ان الإنجيليين اشتركوا معاً في شرح
التعاليم الالهية، وبدأ الكل من نقطة انطلاق واحدة مثل انطلاق المتسابقين نحو
نهاية السابق، الا انهم استعملوا اساليب مختلفة مما جعلهم يشبهون اشخاصاً تلقوا
أمراً بأن يجتمعوا معاً في مدينة واحدة، ولكن كل واحد منهم فضل ان يسلك طريقه
الخاص به وليس الطريق العام المطروق.

هل تبحث عن  كتب أبوكريفا عهد قديم المكابيين الرابع 01

          وهذا
ما نراه في دقة الانجيليين في تحديد نسب المخلص حسب الجسد، واحد منهم اختار من
ابراهيم نازلاً خطوة بعد خطوة الى يوسف، والآخر اختار من يوسف صاعداً الى آدم. أما
يوحنا المبارك فلم يهتم بالمرة بهذه الأمور بل نراه برغبة نارية وعقل يرغب في
الأمور التي تعلو العقل الانساني فتجاسر واقترب لكي يشرح الميلاد الفائق الذي لا
يمكن الاحاطة به اي ميلاد الكلمة الله. فهو يعلم ان "مجد الله اخفاء
الأمر" (أمثال 25 : 2)، والكرامة التي تليق بالله تفوق فهمنا وادراكنا ومن
الصعب ان يدرك أحد او يشرح، صفات الطبيعة الالهية.

          ولكن
من الضروري في بعض الأحوال ان يقيس الله السماء بشبر (اشعياء 40 : 12) وان تعجز
مقاييس الطبيعة الانسانية عن الاقتراب الى الذي لا يمكن الاحاطة به، والذي يصعب ان
يشرحه أحد، ولكن لكي يجعل هذا الاقتراب مختفياً للذين لا يعلمون التعليم الصحيح بل
يضلون البسطاء (1تي 6 : 4) ولكنه مكشوف للقديسين الذين هم شهود عيان وخدام للكلمة
(لوقا 1 : 2). فانه يأتي بسرعة وغيرة الى ذات جوهر التعاليم الالهية صارخاً بصوت
عال "في البدء كان الكلمة. والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. هذا بذاته
كان في البدء عند الله".

          واعتقد
ان الذين يدرسون الاسفار المقدسة، يمكنهم الاستعانة بكل الكتابات الأمينة والصالحة
والخالية من الأخطاء. وهكذا يجمعون افكاراً لكثيرين في وحدة واحدة لخدمة الرؤيا
وادراك الحق. هؤلاء يرتفعون الى مستوى جيد من المعرفة ويتشبهون بالنحلة او المرأة
الحكيمة النشيطة التي تجمع شهد العسل الذي للروح القدس.

          لقد
أفادنا الذين يحبون البحث انه بعد صلب المخلص وصعوده الى السماء، هاجم رعاة سوء
ومعلمون كذبة – مثل الوحوش – قطيع المخلص وارعبوهم، وتكلم هؤلاء جميعاً
"برؤيا قلبهم وليس عن فم الرب" (ارميا 23 : 16)، ليس فقط من قلبهم الخاص
بل من تعليم معلمهم وأنا أعني الشيطان، لأنه ان كان لا يوجد من يقول ان يسوع
اناثيما سوى ببعلزبول، فكيف لا يكون ما نقوله عنهم صحيحاً؟ ما هي الأمور التي
يتمسك بها هؤلاء ضد رئيسهم؟ عن جهل وبعدم تقوى يؤكدون ان الكلمة الابن الوحيد النور
الأزلي الذي به نحيا ونتحرك ونوجد (أعمال 17 : 28) وجد أولاً عندما ولد من العذراء
القديسة كانسان وأخذ شكلنا "وظهر للذين على الأرض وتحادث مع البشر" كما
هو مكتوب (باروخ 3 : 37). وكلمة النبي تدين بشدة هؤلاء الذين تجاسروا وأهانوا
الميلاد الأزلي غير المدرك "أما أنتم فتقدموا الى هنا يا بني الساحرة نسل
الفاسق والزانية. بمن تسخرون وعلى من تفغرون الفم وتدلعون اللسان" (57 : 3،
4) فهؤلاء لم يخرجوا من قلبهم ما هو صالح، لأن قلبهم لم يكن صالحاً، بل يفيض السم
الفتاك من التنين الذي قال عنه المزمور للاله الواحد الضابط الكل "أنت كسرت
رؤوس التنانين على المياه" (مزمور 74 : 13) (
*).

هل تبحث عن  هوت طقسى علم اللاهوت الطقسى 79

          ولأن
الاضطراب الذي حدث بين الذين يؤمنون لم يكن قليلاً، وكان الوباء الذي أحدثته هذه
الإهانة يقتل نفوساً كثيرة من نفوس البسطاء، (لأنهم ابتعدوا عن التعليم السليم
بواسطة تصورهم الشرير بأن الكلمة جاء الى بداية الوجود عندما صار انساناً) : أما
الحكماء من المؤمنين فقد اجتمعوا معاً وجاءوا الى تلميذ المخلص – اي يوحنا –
وكشفوا له عن المرض الذي كان يضايق الأخوة، وهجوم هؤلاء الذين يعلمون تعليماً آخر،
وطلبوا منه ان يساعدهم بأستنارة الروح، وان يمد يد الخلاص للذين سقطوا في شباك
الشيطان، أما التلميذ فقد حزن على الذين سقطوا وفسد عقلهم، وفي نفس الوقت رأى
بثاقب بصره انه لا يجب ان يترك الذين سيأتون بعده بدون مساعدة، فقرر ان يكتب
الانجيل وترك الجوانب الانسانية المعروفة مثل سلسلة الانساب والميلاد حسب الجسد
للانجيليين الآخرين الذين كتبوها بالتفصيل، أما هو فبكل شجاعة النفس تقدم لكي
يهاجم الذين أشاعوا التعليم المضاد وقال : "في البدء كان الكلمة".

 

الأصحاح
الأول

فصول
الكتاب الأول

فصل
1- ان الابن الوحيد هو أزلي وقبل كل الدهور، على الكلمات : "في البدء كان
الكلمة".

فصل
2- ان الابن هو من جوهر الآب نفسه، ولذلك فهو اله في أقنومه مثل الآب تماماً، على
الكلمات : "والكلمة كان عند الله".

فصل
3- ان الابن هو بالطبيعة اله ايضاً وليس أقل من الآب او غير مماثل له، على الكلمات
: "وكان الكلمة الله".

فصل
4- الرد على أولئك الذين يقولون ان الكلمة الطبيعي في الله الآب هو غير الذي يدعى
الابن في الاسفار المقدسة (تعليم اصحاب بدعة اونوميوس)، على الكلمات : "هذا
كان في البدء عند الله".

فصل
5- ان الابن بالطبيعة خالق مع الآب، وهو من جوهر الآب، ولا يعمل مع الآب مثل خادم،
على الكلمات : "كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان".

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ع عضــــب ب

فصل
6- ان الابن بالطبيعة هو الحياة، ولذلك هو غير مخلوق، بل من جوهر الله الآب، على
الكلمات : "فيه كانت الحياة".

فصل
7- ان الابن بالطبيعة هو النور، لذلك ليس هو مخلوقاً، بل من جوهر الله الآب، نور
من نور، على الكلمات : "والحياة كانت نور الناس".

فصل
8- ان ابن الله وحده هو النور، وان الخلائق ليست هي النور بالمرة بل تشترك في
النور، على الكلمات : "كان النور الحقيقي".

فصل
9- ان نفس الانسان لا وجود لها قبل وجود الجسد، وانه ليس وجود النفس في الجسد –
كما يقول البعض – هو بسبب خطايا سابقة، على الكلمات : "كان النور الحقيقي
الذي ينير كل انسان، آتياً الى العالم، كان في العالم".

فصل
10- ان الابن الوحيد هو وحده بالطبيعة الابن من الآب لكونه من الآب وفي الآب، على
الكلمات : "الله لم يره أحد قط".



الملاحظات

 

 

* من النصوص الأساسية في صلوات تقديس مياه المعمودية في كل الكنائس
الشرقية، وكما هو ظاهر هو القضاء على الوحش الأسطوري. التنين، اي القضاء على فساد
تصور عقل الانسان وقبول عبادة الله الواحد.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي