الإصحَاحُ
الثَّانِي عَشَرَ

 

11 – اضطهاد
الملك أغريبا للكنائس في أورشليم (12: 1 – 6)

اَلأَصْحَاحُ
ٱلثَّانِي عَشَرَ : 1 وَفِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ مَدَّ هِيرُودُسُ
ٱلْمَلِكُ يَدَيْهِ لِيُسِيئَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ ٱلْكَنِيسَةِ، 2
فَقَتَلَ يَعْقُوبَ أَخَا يُوحَنَّا بِٱلسَّيْفِ. 3 وَإِذْ رَأَىأَنَّ
ذٰلِكَ يُرْضِي ٱلْيَهُودَ، عَادَ فَقَبَضَ عَلَى بُطْرُسَ أَيْضاً.
وَكَانَتْ أَيَّامُ ٱلْفَطِيرِ. 4 وَلَمَّا أَمْسَكَهُ وَضَعَهُ فِي
ٱلسِّجْنِ، مُسَلِّماً إِيَّاهُ إِلَى أَرْبَعَةِ أَرَابِعَ مِنَ
ٱلْعَسْكَرِ لِيَحْرُسُوهُ نَاوِياً أَنْ يُقَدِّمَهُ بَعْدَ
ٱلْفِصْحِ إِلَى ٱلشَّعْبِ. 5 فَكَانَ بُطْرُسُ مَحْرُوساً فِي
ٱلسِّجْنِ، وَأَمَّا ٱلْكَنِيسَةُ فَكَانَتْ تَصِيرُ مِنْهَا صَلاةٌ
بِلَجَاجَةٍ إِلَى ٱللّٰهِ مِنْ أَجْلِهِ. 6 وَلَمَّا كَانَ هِيرُودُسُ
مُزْمِعاً أَنْ يُقَدِّمَهُ، كَانَ بُطْرُسُ فِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ
نَائِماً بَيْنَ عَسْكَرِيَّيْنِ مَرْبُوطاً بِسِلْسِلَتَيْنِ، وَكَانَ قُدَّامَ
ٱلْبَابِ حُرَّاسٌ يَحْرُسُونَ ٱلسِّجْنَ.

تغيرت
الحالة في أورشليم وفلسطين سنة 41 للميلاد تغييراً كبيراً. فلما تقدم كلوديوس
ليصير قيصراً في روما، توسط أغريبا حفيد هيرودس الكبير بينه وبين المجلس الروماني
الأعلى ليرضوا بقائد الجيش كلوديوس هذا ليتسنم سدة السلطة. وجزاء لهذه الدمة منح
القيصر لصديقه أغريبا الحكم على كل فلسطين. وبهذه المناسبة انتهت سلطة الوالي
الروماني على اليهود وابتدأ تسلط دكتاتور شرقي. فحلت محل النظام والحق الروماني
الفوضى والاغتصاب واستبداد أغريبا الطاغية.

وهذا الملك
الجديد حاول أولاً أن يربح ثقة المجلس اليهودي الأعلى بنوابه السبعين. فقبل مشورة
بعضهم، وقبض على بعض الشيوخ والرسل المسيحيين، وأودعهم السجن، ليكسب بريائه
بالتقوى عامة الشعب اليهودي. ولما لاحظ ألا معارضة من الجماهير لتصرفه بل أن بعضهم
صفق له استحساناً، قطع رأس يعقوب بن زبدي بالسيف، مقلداً الرومان في أحكامهم. ولم
يعقد أي جلسة محاكمة متصرفاً بهواه وعلى كيفه.

ويعقوب كان
من أتباع المعمدان. فترك المنادي للتوبة لابس الوبر، وتبع يسوع إلى فرح العرس في
قانا. ورأى بعدئذ عجائب ربه، وآمن بالملكوت الآتي قريباً، حتى طلبت أمه من يسوع،
أن يجلس ابنيها يعقوب ويوحنا عن يمينه وشماله كوزراء. فسأل يسوع آذاك الشابين، إن
كانا قادرين أن يشربا كأس غضب الله، المزمع أن يشربها هو. ولما وافقا على ذلك بجهالتهما،
أثبت لهما أنهما سيشربان هذه الكأس المرة. ولكن الجلوس عن يمينه وشماله لا يحق إلا
للآب السماوي أن يعينه.

فمات يعقوب
مظلوماً وصار شهيداً ليسوع، لأنه لم يمت لذاته بل لكونه رسولاً، ولنقمة اليهود على
روحه الفعال. وابتدأت موجة الاضطهاد الثانية على المسيحيين بسفك هذا الدم البريء.
ولم يثر الاضطهاد غيور للناموس مثلما كان شاول بل الملك اللامبلي المداهن للشعب.

إن ارشادات
الرب في ملكوته تختلف. ففي الأول كانت في أورشليم نهضة روحية وحب للكنيسة من
الشعب، حتى أن المجمع الأعلى ما استطاع قتل الرسل. ولكننا نرى في زمن استفانوس
ازدياد البغضة، لأنه ظهر ابتعاد المسيحيين عن الفكر اليهودي وتركهم للعهد القديم.
ولعله قد انتشرت في أورشليم الدعاية، أن المسيحيين قد قبلوا للعهد مع الله وثنيين
بدون ختان، وهذا ما يحسبه اليهود تجديفاً شنيعاً.

ففرح الشعب
بسفك الدم على يد الملك. فتشجع الظالم لهذا التجاوب الشعبي، وقصد أن يقطع الرأس من
الحركة المسيحية، فسجن مقدام الرسل بطرس، واراد أن يباشر محاكمته في أيام الفصح،
ليحكم عليه أمام جميع الشعب ويقتله ويعطيهم بهذا حقاً لإبادة كل المسيحيين. فأمر
الملك بحراسة بطرس حراسة مشددة بأربعة رجال كل ثماني ساعات على التناوب ليلاً
نهاراً، لأن المجمع الأعلى ذكره بتحرير ملاكا لله للرسل الاثني عشر. فأراد الملك
أن يغلب كل الملائكة والأرواح بمكره وتشديده، فأمر بربط بطرس مع جنديي من اليمين
والشمال، لكيلا ينفرد ثانية واحدة طول النهار.

وأدركت
الكنيسة معنى القبض على بطرس، أنه الحد الفاضل بين البقاء والعدم لكنيسة المسيح في
فلسطين. فاجتمعوا لصلوات مستمرة ليلاً نهاراً. إن سلاح المسيحي ليس السيف ولا
الرشوة ولا الحيلة، بل الصلاة وحدها. فذراع الرب هي حمايتهم وقوتهم ونصهم. والصلاة
بالمواظبة ليست إيماناً متحمساً متمرداً، بل ثقة متواضعة بالاستجابة الأكيدة لكل
كلمة. ولا توجد قوة على الأرض أقوى من صلاة المسيحيين المشتركة.

وعلم بطرس
أن الموت ينتظره، ولكنه نام مطمئناً، لأنه عاش في المسيح، وعلم أن حياته مستترة مع
المسيح في الله. فقد قام من الأموات، لما حصل على الروح القدس يوم الخمسين، وعاش
مؤمناً ثابتاً في المسيح. فمحبة ربه منحته راحة حتى حين الموت.

الصلاة: نشكرك أيها
الرب الحي، لأنك منحتنا حياتك الأبدية وطهرت ضمائرنا، لنطمئن في ساعة الموت أيضاً.
فاحفظنا من كل ضرر، وارشدنا حسب مشيئتك وبارك على أعدائنا، ليتغيروا ويتجددوا
ويتوبوا وينالوا الحياة الأبدية.

12 – خلاص
بطرس على يد الملاك (12: 6 – 17)

12: 7
وَإِذَا مَلاكُ ٱلرَّبِّ أَقْبَلَ، وَنُورٌ أَضَاءَ فِي ٱلْبَيْتِ،
فَضَرَبَ جَنْبَ بُطْرُسَ وَأَيْقَظَهُ قَائِلاً: «قُمْ عَاجِلاً». فَسَقَطَتِ
ٱلسِّلْسِلَتَانِ مِنْ يَدَيْهِ. 8 وَقَالَ لَهُ ٱلْمَلاكُ:
«تَمَنْطَق وَٱلْبَسْ نَعْلَيْكَ». فَفَعَلَ هٰكَذَا. فَقَالَ لَهُ:
«ٱلْبَسْ رِدَاءَكَ وَٱتْبَعْنِي». 9 فَخَرَجَ يَتْبَعُهُ – وَكَانَ
لا يَعْلَمُ أَنَّ ٱلَّذِي جَرَى بِوَاسِطَةِ ٱلْمَلاكِ هُوَ
حَقِيقِيٌّ، بَلْ يَظُنُّ أَنَّهُ يَنْظُرُرُؤْيَا. 10 فَجَازَا ٱلْمَحْرَسَ
ٱلأَّوَلَ وَٱلثَّانِيَ، وَأَتَيَا إِلَى بَابِ ٱلْحَدِيدِ
ٱلَّذِي يُؤَدِّي إِلَى ٱلْمَدِينَةِ، فَٱنْفَتَحَ لَهُمَا مِنْ
ذَاتِهِ، فَخَرَجَا وَتَقَدَّمَا زُقَاقاً وَاحِداً، وَلِلْوَقْتِ فَارَقهُ ٱلْمَلاكُ.

11 فَقَالَ
بُطْرُسُ، وَهُوَ قَدْ رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ: «ٱلآنَ عَلِمْتُ يَقِيناً
أَنَّ ٱلرَّبَّ أَرْسَلَ مَلاكَهُ وَأَنْقَذَنِي مِنْ يَدِ هِيرُودُسَ،
وَمِنْ كُلِّ ٱنْتِظَارِ شَعْبِ ٱلْيَهُودِ». 12 ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ
مُنْتَبِهٌ إِلَى بَيْتِ مَرْيَمَ أُمِّ يُوحَنَّا ٱلْمُلَقَّبِ مَرْقُسَ، حَيْثُ
كَانَ كَثِيرُونَ مُجْتَمِعِينَ وَهُمْ يُصَلُّونَ. 13 فَلَمَّا قَرَعَ بُطْرُسُ
بَابَ ٱلدِّهْلِيزِ جَاءَتْ جَارِيَةٌ ٱسْمُهَا رَوْدا لِتَسْمَعَ. 14
فَلَمَّا عَرَفَتْ صَوْتَ بُطْرُسَ لَمْ تَفْتَحِ ٱلْبَابَ مِنَ
ٱلْفَرَحِ، بَلْ رَكَضَتْ إِلَى دَاخِلٍ وَأَخْبَرَتْ أَنَّ بُطْرُسَ
وَاقِفٌ قُدَّامَ ٱلْبَابِ. 15 فَقَالُوا لَهَا: «أَنْتِ تَهْذِينَ!».
وَأَمَّ هِيَ فَكَانَتْ تُؤَكِّدُ أَنَّ هٰكَذَا هُوَ. فَقَالُوا: «إِنَّهُ
مَلاكُهُ!». 16 وَأَمَّا بُطْرُسُ فَلَبِثَ يَقْرَعُ. فَلَمَّا فَتَحُوا وَرَأَوْهُ
ٱنْدَهَشُوا. 17 فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ لِيَسْكُتُوا، وَحَدَّثَهُمْ
كيْفَ أَخْرَجَهُ ٱلرَّبُّ مِنَ ٱلسِّجْنِ. وَقَالَ: «أَخْبِرُوا
يَعْقُوبَ وَٱلإِخْوَةَ بِهٰذَا». ثُمَّ خَرَجَ وَذَهَبَ إِلَى
مَوْضِعٍ آخَرَ.

ازدهرت
الكنيسة في أنطاكية ونمت بينما وقعت كنيسة أورشليم تحت الاضطهاد. ويعقوب أحد
التلاميذ الثلاثة القريبين ليسوع مات، بينما تحرر بطرس بأعجوبة. فطرق الله مستترة
لنا. ولكننا نعلم أن أبانا السماوي هو المحبة بالذات. ونطلب إليه أن يمنحا في كل
أحوال حياتنا ثقة كاملة بلطفه.

وكان بطرس
مستغرقاً في النوم لأجل راحة ضميره ولثقته بعناية أبيه السماوي فيه. ولم يلحظ
السلسلتين اللتين ربطتا في يديه مع الحارسين على جانبيه. ولم يفزع من النور
السماوي في الليل لما جاء الملاك عليه. فنام نوماً عميقاً حتى اضطر الملاك هزه
بقوة ليستيقظ. فرأى كيف سقطت السلاسل من يديه بلا صوت ولبس ثيابه وهو نعسان مترنح.
ولكن الملاك اهتم به كما الأم توقظ ولدها وتساعده ليلبس قطعة قطعة، حتى لا ينسى
شيئاً ويذهب سريعاً مهندماً إلى المدرسة. فالأبواب الحديدية المقفلة الثقيلة افتحت
بلا زيزقة وانطبقت خلفهما بلا صوت. وهكذا لم يلاحظ أحد من الحراس النائمين هذه الحركة
والهرب الهادئ. فقدرة الله غلبت كل المواد. وهو قادر أن يخلص حيث لا إنسان يستطيع
أن يفكر بإمكانية الانقاذ. فسلطان أبينا أعظم مما نعلم.

وقد ترك
الملاك بطرس حالما وصلا إلى أحد الأزقة. والريح الباردة ليلاً أيقظت بطرس تماماً.
فلم يعِ الخطر الواقع فيه رأساً من هروبه وإمكانية اللحاق به والقبض عليه مجدداً،
بل فرح جداً لادراكه عناية الآب السماوي به، فما كان إنسان في العام قادراً أن
يحرره من الحراس المتعددين، بل الرب نفسه أبطل خطة هيرودس الملك وخلص كنيسته.

وركض بطرس
ممتلئ السرور إلى بيت أم البشير مرقس حيث اجتمع المؤمنون ليلاً نهاراً مصلين ليخلص
الرب مقدام الرسل. ولما قرع بطرس ليلاً الباب جاءت الجارية لتسمع وميزت صوته فركضت
فرحة تخبرهم بسرعة ولهث فلم يصدقها أحد. وقالوا لها لعلك رأيت بحاً أو سمعت وهماً.
وآخر قال لعلك مريضة بعقلك. وغيره أضاف ربما ظهر لها الملاك الحارس لبطرس. لقد
صلوا لإنقاذه لكنهم لم يتأكدوا أن الله سيستجيب صلواتهم. لأن يعقوب كان قد قُطع
رأسه قبل عدة أيام، وقد صلوا من قبل لأجله أيضاً. هكذا ابتهلوا وه بين الرجاء
والشك. ولم يعرفوا ما هي إرادة الله في هذه الساعة. وهكذا ظلوا يقرعون باب السماء
بدون أن يطلبوا بعناد إنقاذ بطرس، إلا أن تكون مشيئة الآب السماوي.

واستمر
الواقف على الباب في البرد يقرع. فأدرك المصلون أن أحداً حقيقة واقف في الدهليز
يريد الدخول، وأن الجارية لم تكن متخيلة. فركضوا جميعاً إلى الباب وفتحوا له
وكانوا متعجبين لأن الله قد استمع صلاتهم. وأظهر قدرته على الملك الخبيث. وما
سمعوا بأعجوبة تخليصه بيد الملاك عظم شكرهم وقويت ثقتهم في عناية أبيهم السماوي.

وبعدئذ طلب
بطرس أن يعلموا يعقوب أخا يسوع الذي صار قوياً بالروح واشترك بقيادة الكنيسة في
القدس، وكان معروفاً كمصل متزمت، ويخبروه بإنقاذه من السجن. وربما كان ليعقوب
قبولاً لدى المجلس الأعلى اليهودي، لأنه كان مسيحياً مخلصاً للناموس وعتبر الإيمان
بدون اعمال صالحة ميت. فتقواه وتسليمه إلى أخيه يسوع المرتفع إلى المجد بدا في
كثير من الصلوات الحية والخدمات العملية.

وفي الأغلب
أن الحاكم أمر بقتل الحراس. وكان فزعاً جداً لأجل إنقاذ بطرس للمرة الثانية. فشعر
أن قوة أعظم من سلطته عاملة، فترك أورشليم متلوماً لأن الشعب كان منتظراً محاكمة
بطرس علانية ولكنه اختفى. فاقشعر كل الذين سمعوا بالحادثة. وهيروس ذهب إلى قيصرية
التي على البحر، لينسى هناك في البحر السلطة والسكر همومه وذنوبه.

الصلاة: أيها الرب
نشكرك لأنك حررت بطرس من السجن الداخلي وحفظت كنيستك في أورشليم من الاضطهادات
المستمرة. أنت الغالب حتى اليوم. املأنا بروحك وعلمنا الإيمان والصلاة والانتظار.
انك تستجيب صلواتنا.

13 – غيظ
هيرودس ونهايته (12: 18 – 24)

12: 18
فَلَمَّا صَارَ ٱلنَّهَارُ حَصَلَ ٱضْطِرَابٌ لَيْسَ بِقَلِيلٍ بَيْنَ
ٱلْعَسْكَرِ: تُرَى مَاذَا جَرَى لِبُطْرُسَ؟ 19 وَأَمَّا هِيرُودُسُ
فَلَمَّا طَلَبَهُ وَلَمْ يَجِدْهُ فَحَصَ ٱلْحُرَّاسَ، وَأَمَرَ أَنْ
يَنْقَدُوا إِلَى ٱلْقَتْلِ. ثُمَّ نَزَلَ مِنَ ٱلْيَهُودِيَّةِ إِلَى
قَيْصَرِيَّةَ وَأَقَامَ هُنَاكَ.

20 وَكَانَ
هِيرُودُسُ سَاخِطاً عَلَى ٱلصُّورِيِّينَ وَٱلصَّيْدَاوِيِّينَ،
فَحَضَرُوا إِلَيْهِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَٱسْتَعْطَفوا بَلاسْتُسَ
ٱلنَّاظِرَ عَلَى مَضْجَعِ ٱلْمَلِكِ، ثُمَّ صَارُوا يَلْتَمِسُونَ
ٱلْمُصَالَحَةَ لأَنَّ كُورَتَهُمْ تَقْتَاتُ مِنْ كُورَةِ ٱلْمَلِكِ.
21 فَفِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ لَبِسَ هِيرُودُسُ ٱلْحُلَّةَ
ٱلْمُلُوكِيَّةَ، وَجلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ ٱلْمُلْكِ وَجَعَلَ
يُخَاطِبُهُمْ. 22 فَصَرَخَ ٱلشَّعْبُ: «هٰذَا صَوْتُ إِلٰهٍ لا
صَوْتُ إِنْسَانٍ!» 23 فَفِي ٱلْحَالِ ضَرَبَهُ مَلاكُ ٱلرَّبِّ
لأَنَّهُ لَمْ يُعْطِ ٱلْمَجْدَ لِلّٰهِ، فَصَارَ يَأكُلُهُ
ٱلدُّودُ وَمَاتَ.

24 وَأَمَّا
كَلِمَةُ ٱللّٰهِ فَكَانَتْ تَنْمُو وَتَزِيدُ. 25 وَرَجَعَ
بَرْنَابَا وَشَاوُلُ مِنْ أُورُشَلِيمَ بَعْدَ مَا كَمَّلا ٱلْخِدْمَةَ،
وَأَخَذَا مَعَهُمَا يُوحَنَّا ٱلْمُلَقَّبَ مَرْقسَ.

الملوك إذا
لم يخافوا الله يصبحوا أشراراً. ويترددون بين التعجرف والخوف وبين الغيظ والشهوة.
ليس لإنسان مخلوق أن يتسلط على الآخرين. ومن لا ينكسر أمام الله ويبقى صغيراً أمام
خالقه لا يستطيع قيادة الآخرين، بل ينتفخ وينتفخ أكثر حتى ينفج.

ونقرأ أن
الملك هيرودس أراد الحرب ضد المدن الفينيقية لأنها لا تعمل إرادته. وهذه البلاد
أيضاً كانت تحت الحماية الرومانية. فلم يستطع أن يعلن الحرب عليها جهراً، فأخذ
يضطهد ويعذب أبناء فينيق المقيمين في بلاده، وصعب الانتقال بين المنطقتن، وألزم
اللبنانيين بضرائب فادحة. ولكن التجار بين الفينيقين عرفوا من أين تؤكل الكتف، فلم
يذهبوا إلى الملك بل إلى وزيره واعطوه رشوة كبيرة، لكي يلين الحاكم ويسترضيه
فيستمر الاتصال ونقل البضاعة والاتجار جارياً.

وأخيراً
وافق الملك على تجديد العلاقة السليمة بين البلدين، لكنه صمم أن يلقن الوفد
الفينيقي درساً لن ينسوه ويعرفوا أنه ملك عظيم. وإذا صادف أنئذ ميلاد القيصر
الروماني كلوديوس. فالملك هيردوس عميله أمر بهذه المناسبة أن تعيد البلاد. وطل
حضور الوفد الفينيقي في اليوم الثاني من الاحتفالات التي دامت أسبوعاً، والتي
اشتملت على ألعاب سفكت فيها دماء السجناء بيد الجنود والأسود. فحضر أفراد الوفد من
صور وصيداء الى سيرك المدينة الرياضية في قيصرية حيث كان الملك حاضراً جالساً على
عشه ولابساً لباساً مفضفضاً يتلألأ في أشعة الشمس، كأنه ملاك بهي نازل من السماء.

ومسحوراً
بهذا المنظر الملوكي، صرخ الشعب هاتفاً لهيرودس. وبعضهم سماه إلهاً. وفجأة ضربت
هذا الملك المستكبر أوجاع شديدة في بطنه، حتى اضطر لحمله من قبل الخدم إلى قصره.
وانفتحت قروح في جسده. ومات بعد ذلك بخمسة أيام وعمره حوالي 54 سنة. نعلم من
الطبيب لوقا أن الديدان أكلته من الداخل وهو حي.

إن الملك
يترك للسلاطين الدنيوية مدة معينة ليتصرفوا كما يريدون. ولكن الذين يتعالون على
الله أيضاً يعجل لهم الوقت سريعاً. فالخلاص لا يأتي من إنسان كما قال هتلر عن نفسه
بل من الله وحده. ومن لا يكرم ربه فهذا شيطان.

ففي الأيام
الأخيرة قبل مجيء المسيح سيقوم حاكم عالمي عظيم، يجلس في الهيكل ويقول عن نفسه أنه
إله والمسيح بنفس الوقت. وتجري من يده عجائب كبيرة ويلزم القارات بالنظام والسلام
بعنف. فتهتف الشعوب له لأنه يظهر غالباً الفوضى والحروب في العلم.

فيا أيها
الأخ لا تستسلم لهذا الجبار المتفوق وانتبه من أقواله، لأنه مجدف الله في كبريائه
ومضطهد أتباع المسيح. فاستيقظ ساهراً واترك المسيح الدجال الكذاب الذي هو سارق مجد
الله.

ورغم هذا
الغليان السفلي في العالم فإن الإنجيل يجري كجدول صاف. والناس يستخرجون منه ماء
الحياة، بينما الآخرون يلقون فيه حجارة. ولكن ليس أحد يقدر أن يمنع أو يعارض سيرة
بشرى الخلاص لأن كلمة الله غير مقيدة.

وبما أن عدد
المؤمنين ينمو في كل حين ويتجسد الإنجيل في سلوكهم وتتكاثر الشهادات في أفواههم
وتكثر صلواتهم وشكرهم، فنستطيع أن نقول مع لوقا البشير أن كلمة الله تنمو كثيراً.
وهذا هو فرحنا أن الخبر عن يسوع ينتشر في كل العالم بواسطة الشهاات والتعليم
والتفسيرات والصلوات وأعمال الصبر والتضحيات العديدة. ونشكر الرب يسوع أنه يسمح
لنا بالمساهمة في هذه النهضة الإنجيلية، بواسطة مطبوعات حديثة وإذاعات الراديو
واتصالات شخصية. فهل تريد أن تشترك بنشر بشرى الخلاص لكي تنمو كلمة الله ايوم في
محيطنا.

ولربما كان
برنابا وشاول حاضرين في فلسطين لما تعجرف الملك هيردوس ومات في دينونة الله،
لأنهما أتيا بهبة المال من أنطاكية في الوقت المناسب إلى أورشليم لما ازداد الضيق
وكثر جداً. فرجعوا شاكرين إلى كنيستهم في انطاكية التي أصبحت منذ ذلكالوقت محور
تبشير العالم.

ورافق الشاب
مرقس الرجلين ليترك منطقة الخطر وليتدرب في مهمة التبشير. وانضم إلى كنيسة انطاكية
وتعلم من شاول وبرنابا كثيراً وأصبح بعدئذ أحد البشيرين الأربعة الذي ضاعف كلمة
الله وملأ العالم بها والتي نعيش حتى اليوم من القوة الجارية فيا.

الصلاة: أيها الرب
يسوع أنت ملك الملوك ورب الأرباب وأنت مستحق الكرامة والحمد والشكر والتسبيح. نسجد
لك ونسلم بين يديك حياتنا خدمة في سبيل مشيئتك. احفظنا واحمنا بالجسد والنفس
والروح لكي نساهم في تضعيف كلمتك في وطننا.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس يسوعية كاثوليكية عهد قديم سفر التكوين 15

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي