الإصحَاحُ
الثَّالِثُ

 

الفصل
الثاني: الكنيسة في أورشليم أعمال الرسل 3-5

بعد
حلول الروح القدس على الرسل، ووعظ بطرس في يوم الخمسين، واعتماد نحو ثلاثة آلاف
نفس وانضمامهم إلى الكنيسة، ظهرت قوّة الروح القدس في الكنيسة. إذ كان الرب كل يوم
يضمّ إلى الكنيسة الذين يخلصون.

فرح
الرسل والمؤمنون بمساعدة الرب للكنيسة الناشئة التي تكوَّنت في أورشليم، فقد تمَّ
وعد المسيح بحلول الروح القدس، وخرج الرسل يبشّرون بقوّة المسيح المقام.

شفاء
رجل أعرج

1
وَصَعِدَ بُطْرُسُ وَيُوحَنَّا مَعاً إِلَى الْهَيْكَلِ فِي سَاعَةِ الصَّلاَةِ
التَّاسِعَةِ. 2 وَكَانَ رَجُلٌ أَعْرَجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يُحْمَلُ كَانُوا
يَضَعُونَهُ كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَ بَابِ الْهَيْكَلِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ
«الْجَمِيلُ" لِيَسْأَلَ صَدَقَةً مِنَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْهَيْكَلَ. 3
فَهَذَا لَمَّا رَأَى بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا مُزْمِعَيْنِ أَنْ يَدْخُلاَ
الْهَيْكَلَ سَأَلَ لِيَأْخُذَ صَدَقَةً. 4 فَتَفَرَّسَ فِيهِ بُطْرُسُ مَعَ
يُوحَنَّا وَقَالَ: «انْظُرْ إِلَيْنَا!» 5 فَلاَحَظَهُمَا مُنْتَظِراً أَنْ
يَأْخُذَ مِنْهُمَا شَيْئاً. 6 فَقَالَ بُطْرُسُ: «لَيْسَ لِي فِضَّةٌ وَلاَ ذَهَبٌ،
وَلَكِنِ الَّذِي لِي فَإِيَّاهُ أُعْطِيكَ: بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
النَّاصِرِيِّ قُمْ وَامْشِ». 7 وَأَمْسَكَهُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَأَقَامَهُ.
فَفِي الْحَالِ تَشَدَّدَتْ رِجْلاَهُ وَكَعْبَاهُ، 8 فَوَثَبَ وَوَقَفَ وَصَارَ
يَمْشِي، وَدَخَلَ مَعَهُمَا إِلَى الْهَيْكَلِ وَهُوَ يَمْشِي وَيَطْفُرُ
وَيُسَبِّحُ اللهَ، 9 وَأَبْصَرَهُ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَهُوَ يَمْشِي وَيُسَبِّحُ
اللهَ. 10 وَعَرَفُوهُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي كَانَ يَجْلِسُ لأَجْلِ الصَّدَقَةِ
عَلَى بَابِ الْهَيْكَلِ الْجَمِيلِ، فَامْتَلأُوا دَهْشَةً وَحَيْرَةً مِمَّا
حَدَثَ لَهُ (أعمال 3: 1-10).

ذهب
بطرس ويوحنّا إلى الهيكل في ساعة الصلاة التاسعة، وهي الثالثة بعد الظهر بتوقيتنا،
وهذا وقت تقديم الذّبيحة المسائية (سفر العدد 28: 4، 8).

وهناك
وجدا رجلاً أعرج منذ ولادته، في الأربعين من عمره (أعمال 4: 22) يجلس عند باب
الهيكل المعروف باسم «باب الجميل» يطلب إحساناً ومساعدة من الناس. وكان باب الجميل
في الناحية الشرقية من الهيكل، وكان الناس يدخلون منه للصلاة. ولا بدّ أنّ ذلك
الأعرج كان معروفاً لجميع اليهود الذين كانوا يذهبون للهيكل. ولمّا رأى بطرس ويوحنّا
الأعرج قال له بطرس: «انْظُرْ إِلَيْنَا!» ففرح لأنّه ظنّ أنّه سيأخذ منهما
نقوداً.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ر روممتي عزر ر

ولم
يقل بطرس ولا يوحنّا إنّ وقوفهما مع الأعرج يؤخّرهما عن الصّلاة. ولم يقدّما له
فضة ولا ذهباً، بل أعطياه شيئاً أعظم، فقد قال له بطرس: «بِاسْمِ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ قُمْ وَامْشِ» فقام فوراً وصار يمشي ويقفز ويسبّح الله.

قال
له بطرس: «قُمْ وَامْشِ» ليظهر لنا ضرورة الإيمان الذي يجب أن يملأ القلب قبل حدوث
المعجزة. والإيمان الصحيح يدفع صاحبه إلى العزم والطاعة. وكلّ من يريد أن يخلص من
الخطيّة لا بدّ أن يعزم ويؤمن بقوّة اسم المسيح لخلاصه.

شُفي
الرجل الأعرج ودخل الهيكل مع بطرس ويوحنّا، وأبصره جميع الشعب الذي كان داخل
الهيكل، وهم يعرفونه. فاندهشوا وتعجبوا وعلموا أنَّ قوّة إلهية شفته، وقد تحققت
فيه نبوّة إشعياء النبي عمّا يحدث عند مجيء المسيح «حِينَئِذٍ يَقْفِزُ
اٰلأَعْرَجُ كَاٰلإِيَّلِ» (إشعياء 35: 6).

 

عظة
بطرس الثانية

11
وَبَيْنَمَا كَانَ الرَّجُلُ الأَعْرَجُ الَّذِي شُفِيَ مُتَمَسِّكاً بِبُطْرُسَ
وَيُوحَنَّا تَرَاكَضَ إِلَيْهِمْ جَمِيعُ الشَّعْبِ إِلَى الرِّوَاقِ الَّذِي
يُقَالُ لَهُ «رِوَاقُ سُلَيْمَانَ» وَهُمْ مُنْدَهِشُونَ. 12 فَلَمَّا رَأَى
بُطْرُسُ ذَلِكَ قَالَ لِلْشَّعْبَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ،
مَا بَالُكُمْ تَتَعَجَّبُونَ مِنْ هَذَا؟ وَلِمَاذَا تَشْخَصُونَ إِلَيْنَا
كَأَنَّنَا بِقُوَّتِنَا أَوْ تَقْوَانَا قَدْ جَعَلْنَا هَذَا يَمْشِي؟ 13 إِنَّ
إِلَهَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ إِلَهَ آبَائِنَا مَجَّدَ فَتَاهُ
يَسُوعَ الَّذِي أَسْلَمْتُمُوهُ أَنْتُمْ وَأَنْكَرْتُمُوهُ أَمَامَ وَجْهِ
بِيلاَطُسَ، وَهُوَ حَاكِمٌ بِإِطْلاَقِهِ. 14 وَلَكِنْ أَنْتُمْ أَنْكَرْتُمُ
الْقُدُّوسَ الْبَارَّ، وَطَلَبْتُمْ أَنْ يُوهَبَ لَكُمْ رَجُلٌ قَاتِلٌ. 15
وَرَئِيسُ الْحَيَاةِ قَتَلْتُمُوهُ، الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ،
وَنَحْنُ شُهُودٌ لِذَلِكَ. 16 وَبِالإِيمَانِ بِاسْمِهِ شَدَّدَ اسْمُهُ هَذَا
الَّذِي تَنْظُرُونَهُ وَتَعْرِفُونَهُ، وَالإِيمَانُ الَّذِي بِوَاسِطَتِهِ
أَعْطَاهُ هَذِهِ الصِّحَّةَ أَمَامَ جَمِيعِكُمْ.

17
«وَالآنَ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُمْ بِجَهَالَةٍ عَمِلْتُمْ
كَمَا رُؤَسَاؤُكُمْ أَيْضاً. 18 وَأَمَّا اللهُ فَمَا سَبَقَ وَأَنْبَأَ بِهِ
بِأَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ أَنْ يَتَأَلَّمَ الْمَسِيحُ قَدْ تَمَّمَهُ
هَكَذَا. 19 فَتُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ لِكَيْ تَأْتِيَ
أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ، 20 وَيُرْسِلَ يَسُوعَ الْمَسِيحَ
الْمُبَشَّرَ بِهِ لَكُمْ قَبْلُ. 21 الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ السَّمَاءَ
تَقْبَلُهُ إِلَى أَزْمِنَةِ رَدِّ كُلِّ شَيْءٍ الَّتِي تَكَلَّمَ عَنْهَا اللهُ
بِفَمِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ الْقِدِّيسِينَ مُنْذُ الدَّهْرِ. 22 فَإِنَّ مُوسَى
قَالَ لِلآبَاءِ: إِنَّ نَبِيّاً مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلَهُكُمْ
مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ فِي كُلِّ مَا يُكَلِّمُكُمْ بِهِ. 23
وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ نَفْسٍ لاَ تَسْمَعُ لِذَلِكَ النَّبِيِّ تُبَادُ مِنَ
الشَّعْبِ. 24 وَجَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَيْضاً مِنْ صَمُوئِيلَ فَمَا بَعْدَهُ،
جَمِيعُ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا، سَبَقُوا وَأَنْبَأُوا بِهَذِهِ الأَيَّامِ. 25
أَنْتُمْ أَبْنَاءُ الأَنْبِيَاءِ وَالْعَهْدِ الَّذِي عَاهَدَ بِهِ اللهُ
آبَاءَنَا قَائِلاً لإِبْراهِيمَ: وَبِنَسْلِكَ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ قَبَائِلِ
الأَرْضِ. 26 إِلَيْكُمْ أَوَّلاً إِذْ أَقَامَ اللهُ فَتَاهُ يَسُوعَ أَرْسَلَهُ
يُبَارِكُكُمْ بِرَدِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَنْ شُرُورِهِ» (أعمال 3: 11-26).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس يسوعية كاثوليكية عهد قديم سفر أيوب 37

شاهد
الناس بأنفسهم المعجزة التي جرت على يديْ بطرس ويوحنّا، وكيف أنّ الأعرج بدأ يمشي
ويقفز ويسبّح الله، وتعجّبوا كثيراً واحتاروا في فهم القوّة التي شفت الأعرج،
فانتهز بطرس هذه الفرصة ليبشّر بقوّة المسيح، وأجاب عن الأسئلة التي شغلتهم ولم
ينطقوا بها، فقال لهم إنّ يسوع المسيح هو الذي شفى الأعرج وأعطاه الصحة.. وإنهم
أنكروا يسوع أمام بيلاطس وطلبوا إطلاق باراباس اللص.. ومع أنّ المسيح هو رئيس
الحياة إلاّ أنهم تسبّبوا في قتله. لكنّ الله الآب أقامه من الأموات، و»نحن شهود
لذلك». ولا بدّ أنّ بعض السامعين كانوا قد شاهدوا يسوع وعرفوا عن معجزاته وصلبه،
كما سمعوا بقيامته أيضاً.

وأوضح
بطرس لهم جهلهم بالمسيح الحقيقي، فقد ظنّوا أنّ المسيح الآتي يملك عليهم ملكاً
أرضياً، لكن المسيح الحقيقي الذي ينتظرونه قد جاء، وهو نفسه الذي تنبّأت النبوّات
عنه وعن موته وقيامته. وكلّ من يؤمن بالمصلوب المقام ينال الخلاص من خطاياه.

وقال
بطرس: عندما صلبتم المسيح أخطأتم، لذلك توبوا عن جهلكم، وارجعوا عن عدم إيمانكم،
حتى يغفر الله ذنوبكم فتشتركوا في فوائد ملكوت المسيح، وتنالوا راحة الضمير،
والمصالحة مع الله الآب، وفرح الروح القدس، وهذه هي أوقات الفرج.

كان
اليهود ينتظرون الفرج بمجيء المسيح لينجيهم من عبوديّة الرّومان، فقال الرسول بطرس
إنّ أوقات الفرج قد جاءت في يسوع المسيح الناصري، وإن ذلك الفرج فرج روحي، يمكن
نواله بالتّوبة والإيمان بالمسيح. وقد بدأ بمجيء يسوع المسيح ليعلن الله للناس،
ويعلمهم الأمور السماوية. وتبقى أوقات الفرج هذه حتى مجيء المسيح ثانيةً في نهاية
العالم، وذلك للدينونة.. لأنَّ المسيح قد جاء وأكمل الفداء، وصعد إلى السّماء
ودُفع له كل سلطان في السّماء وعلى الأرض (متّى 28: 18) وسيظل في السّماء يشفع في
المؤمنين حتى يتمّ قصد الله بعمل الفداء العظيم، ويتمّ انتصار الإنجيل بقوّة عمل
الرّوح القدس، فيرجع الناس إلى حالة الطهارة التي كانوا عليها قبل دخول الخطية.
وهذا معنى «أَزْمِنَةِ رَدِّ كُلِّ شَيْءٍ». وهو ما تنبأ به الأنبياء من موسى
وصموئيل ومن جاء بعدهما (تثنية 18: 15، 18، 19).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس كينج جيمس إنجليزى KJV عهد قديم سفر يشوع Joshua 02

وختم
بطرس عظته الثانية بتشجيع سامعيه من اليهود على التوبة رغم أنّهم أبناء الأنبياء،
وأبناء العهد الذي أعطاه الله لأبيهم إبراهيم (تكوين 12: 1-3) وقد أظهر لهم الله
رحمته بعهده مع آبائهم عندما أرسل لهم المخلِّص الروحي ليباركهم. وليست البركة
التي لهم في المسيح كشعب، بل هي لكل واحدٍ منهم كفردٍ يرجع عن شروره.

في
هذه العظة نبَّر الرسول بطرس على عمل يسوع المسيح في الخلاص، وكان قد نبَّر في
العظة الأولى (أعمال 2: 14-36) على عمل الرّوح القدس في الخلاص. ولكن هناك أوجه
شبه بين عظته الأولى وهذه العظة:

في
تقديم البراهين من الأسفار المقدّسة أنَّ يسوع هو المسيح.

في
خطيّة اليهود برفضهم المسيح وصلبهم إيّاه.

في
أنَّ الرحمة هي بواسطة المسيح وحده.

في
دعوتهم إلى التوبة والإيمان بالمسيح.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي