الإصحَاحُ
الْعَاشِرُ

 

الفصل
السادس: الكنيسة تقبل المؤمنين من الأمم (أعمال الرسل 10، 11)      

كان
الرب يسوع مع كنيسته وأعطاها سلاماً، فكانت تنمو في أورشليم والسّامرة. ولم يسكت
الرسل والتلاميذ عن التبشير باسم المسيح، فكان بطرس يذهب إلى اليهودية والسّامرة
والجليل يبشر اليهود فقط باسم المسيح. وكان على الكنيسة أن تطيع أمر المسيح
«ٱذْهَبُوا إِلَى ٱلْعَالَمِ أَجْمَعَ وَٱكْرِزُوا
بِٱلإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا» (مرقس 16: 15). وهذا ما فعله الرب
بواسطة رسوله بطرس.

كان
الرب يسوع مع كنيسته وأعطاها سلاماً، فكانت تنمو في أورشليم والسّامرة. ولم يسكت
الرسل والتلاميذ عن التبشير باسم المسيح، فكان بطرس يذهب إلى اليهودية والسّامرة
والجليل يبشر اليهود فقط باسم المسيح. وكان على الكنيسة أن تطيع أمر المسيح
«ٱذْهَبُوا إِلَى ٱلْعَالَمِ أَجْمَعَ وَٱكْرِزُوا بِٱلإِنْجِيلِ
لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا» (مرقس 16: 15). وهذا ما فعله الرب بواسطة رسوله بطرس.

رؤيا
كرنيليوس

1
وَكَانَ فِي قَيْصَرِيَّةَ رَجُلٌ اسْمُهُ كَرْنِيلِيُوسُ قَائِدُ مِئَةٍ مِنَ
الْكَتِيبَةِ الَّتِي تُدْعَى الإِيطَالِيَّةَ، 2 وَهُوَ تَقِيٌّ وَخَائِفُ اللهِ
مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ يَصْنَعُ حَسَنَاتٍ كَثِيرَةً لِلشَّعْبِ وَيُصَلِّي إِلَى
اللهِ فِي كُلِّ حِينٍ. 3 فَرَأَى ظَاهِراً فِي رُؤْيَا نَحْوَ السَّاعَةِ
التَّاسِعَةِ مِنَ النَّهَارِ مَلاَكاً مِنَ اللهِ دَاخِلاً إِلَيْهِ وَقَائِلاً
لَهُ: «يَا كَرْنِيلِيُوسُ». 4 فَلَمَّا شَخَصَ إِلَيْهِ وَدَخَلَهُ الْخَوْفُ
قَالَ: «مَاذَا يَا سَيِّدُ؟» فَقَالَ لَهُ: «صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ صَعِدَتْ
تَذْكَاراً أَمَامَ اللهِ. 5 وَالآنَ أَرْسِلْ إِلَى يَافَا رِجَالاً وَاسْتَدْعِ
سِمْعَانَ الْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ. 6 إِنَّهُ نَازِلٌ عِنْدَ سِمْعَانَ رَجُلٍ
دَبَّاغٍ بَيْتُهُ عِنْدَ الْبَحْرِ. هُوَ يَقُولُ لَكَ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ
تَفْعَلَ». 7 فَلَمَّا انْطَلَقَ الْمَلاَكُ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُ
كَرْنِيلِيُوسَ، نَادَى اثْنَيْنِ مِنْ خُدَّامِهِ وَعَسْكَرِيّاً تَقِيّاً مِنَ
الَّذِينَ كَانُوا يُلاَزِمُونَهُ 8 وَأَخْبَرَهُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ وَأَرْسَلَهُمْ
إِلَى يَافَا (أعمال 10: 1-8).

كان
اليهود يعتقدون أنّ الله اختارهم وحدهم شعباً له، ويعتبرون الشعوب الأخرى أمماً
نجسة! وكان في قيصرية رجل روماني اسمه كرنيليوس، ضابط في الجيش الروماني قائداً
لمائة جندي من الكتيبة المكوَّنة من 600 جنديّ إيطالي. وكان كرنيليوس تقيّاً يعبد
الله ولا يعبد الأوثان، ويقوم بالأعمال التي تُرضي الله. ولعله سمع عن وحدانية
الله من اليهود الذين عاش بينهم، فعبده.. ولم يكتفِ كرنيليوس بأن يعبد وحده الله،
لكنّه أثَّر على أهله وعبيده فعبدوا الله الواحد معه. وكان رحيماً بالفقراء، يواظب
على الصلاة في الأوقات المعيّنة عند اليهود، وهي الصباح والظهر والعصر.

وذات
مرّة بينما كان كرنيليوس يصلّي في الساعة الثالثة بعد الظهر (وهو وقت تقديم
الذبيحة المسائية عند اليهود) رأى ملاكاً في صورة بشرية آتياً إليه من عند الله،
كلمه بصوت مسموع، وناداه باسمه، فخاف وسأل الملاك عمّا يريده منه، فأعلن له أنّ
الله قبل صلواته وإحساناته، لكنّها ليست كافية لخلاص نفسه، وطلب منه أن يرسل
رجالاً إلى يافا ليُحضروا بطرس الذي كان يقيم في بيت سمعان الدّباغ.

لم
يكن ممكناً أن يذهب بطرس ليبشر كرنيليوس، لأنّه لم يكن يهوديٌّ يقدر أن يزور
ضابطاً رومانياً. لذلك أرسل الله ملاكه ليخبر كرنيليوس، في رؤيا، أن يدعو بطرس.
وهذا يشبه إرسال حنانيّا ليشرح طريق المسيح لشاول الطرسوسي.. ولا زال الله يوصل
رسالته أولا بالرؤى والإعلانات السّماوية، فينفتح الطريق لمبشرٍ مسيحي يشرح طريق
الخلاص.

وأطاع
كرنيليوس الرؤيا واستدعى اثنين من خدّامه وعسكرياً، وأخبرهم بما حدث، وطلب منهم أن
يذهبوا إلى يافا لإحضار بطرس.

كان
فيلبّس ساكناً في قيصرية حيث وُجد كرنيليوس، وكان يمكن أن يختار الله فيلبّس
ليبشّر كرنيليوس بالمسيح، لكنّ الله اختار بطرس ليقوم بهذا العمل، حتى يعلّمه أنّ
المسيح ليس لليهود فقط بل لكل البشر أيضاً.

 

رؤيا
بطرس

9
ثُمَّ فِي الْغَدِ فِيمَا هُمْ يُسَافِرُونَ وَيَقْتَرِبُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ
صَعِدَ بُطْرُسُ عَلَى السَّطْحِ لِيُصَلِّيَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. 10
فَجَاعَ كَثِيراً وَاشْتَهَى أَنْ يَأْكُلَ. وَبَيْنَمَا هُمْ يُهَيِّئُونَ لَهُ
وَقَعَتْ عَلَيْهِ غَيْبَةٌ 11 فَرَأَى السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً وَإِنَاءً نَازِلاً
عَلَيْهِ مِثْلَ مُلاَءةٍ عَظِيمَةٍ مَرْبُوطَةٍ بِأَرْبَعَةِ أَطْرَافٍ
وَمُدَلاَّةٍ عَلَى الأَرْضِ. 12 وَكَانَ فِيهَا كُلُّ دَوَابِّ الأَرْضِ
وَالْوُحُوشِ وَالزَّحَّافَاتِ وَطُيُورِ السَّمَاءِ. 13 وَصَارَ إِلَيْهِ صَوْتٌ:
«قُمْ يَا بُطْرُسُ، اذْبَحْ وَكُلْ». 14 فَقَالَ بُطْرُسُ: «كَلاَّ يَا رَبُّ،
لأَنِّي لَمْ آكُلْ قَطُّ شَيْئاً دَنِساً أَوْ نَجِساً». 15 فَصَارَ إِلَيْهِ
أَيْضاً صَوْتٌ ثَانِيَةً «مَا طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُدَنِّسْهُ أَنْتَ!» 16
وَكَانَ هَذَا عَلَى ثَلاَثِ مَرَّاتٍ ثُمَّ ارْتَفَعَ الإِنَاءُ أَيْضاً إِلَى
السَّمَاءِ (أعمال 10: 9-16).

هل تبحث عن  كتب أبوكريفا عهد جديد رسالة بيلاطس إلى طيباريوس س

سافر
رسل كرنيليوس إلى يافا لإحضار بطرس، والمسافة بين قيصرية ويافا 35 ميلاً، يستغرق
قطعها اثنتي عشرة ساعة. وصعد بطرس على سطح بيت سمعان الدبّاغ ليصلّي نحو الساعة
السادسة من النهار (أي نحو وقت الظهر). وكان المفروض على اليهود أن يٌصلّوا يومياً
في الساعة الثالثة والساعة التاسعة، وزاد الأتقياء منهم صلاة الساعة السادسة.

كان
بطرس يصلّي عندما جاء موعد تناوله الطعام، فجاع كثيراً. وبينما كان أهل بيت سمعان
يُهيّئون له الغداء وقعت عليه غيبة، شبيهة بالرؤيا، حيث تدرك النفس أموراً لا
تدركها بحواسها الطبيعية. فرأى بطرس في هذه الغيبة كأنّ الجوّ انشقّ والسماء
انفتحت، ونزلت ملاءة من السماء مربوطة من أطرافها الأربعة بحبال، فأصبحت كأنّها
إناء. ولمّا اقتربت منه رأى ما فيها، فإذ هي تحوي كل أنواع الدوابّ والوحوش
والزحافات والطيور، بعضها طاهر (أي يجوز أكله)، والبعض الآخر نجس (حرَّمته الشريعة
اليهودية) كما في تثنية 14: 3-30. وسمع بطرس صوتاً يقول له: «اذْبَحْ وَكُلْ»
فتعجّب من أمر سماوي يُعارض الشريعة، وقال: «كَلاَّ يَا رَبُّ، لأَنِّي لَمْ آكُلْ
قَطُّ شَيْئاً دَنِساً أَوْ نَجِساً». فجاءه الصّوت السماوي مرة ثانية: «مَا
طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُدَنِّسْهُ أَنْتَ!». فقد كانت الرسالة من عند الله ليلغي
التمييز بين الطاهر والنجس من الحيوانات، وأهمّ من ذلك أنّه لا تمييز عند الله بين
اليهود والأمم، فقد اعتقد اليهود أنّهم وحدهم الطاهرون، وباقي الناس نجسون. وكان
الله يجهِّز بطرس ليقبل دعوة كرنيليوس ويذهب إلى بيته.

ومن
ذلك نفهم أنّ المسيح الذي مات عن كل البشر لا يميِّز بين اليهود والأمم، وقد أعطى
للأمم كل الحقوق الروحية والبركات السماوية التي ظنّها اليهود لهم وحدهم. وهذا
يعني أنّه يجب تبشير الأمم بالإنجيل في قيصرية وأورشليم سواءً بسواء.

تكرّر
الأمر لبطرس ثلاث مرات ليؤكد له الرؤيا، وبعد ذلك ارتفع الإناء إلى السماء.

 

رجال
كرنيليوس يطلبون بطرس

17وَإِذْ
كَانَ بُطْرُسُ يَرْتَابُ فِي نَفْسِهِ: مَاذَا عَسَى أَنْ تَكُونَ الرُّؤْيَا
الَّتِي رَآهَا؟ إِذَا الرِّجَالُ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ كَرْنِيلِيُوسُ كَانُوا
قَدْ سَأَلُوا عَنْ بَيْتِ سِمْعَانَ وَوَقَفُوا عَلَى الْبَابِ 18وَنَادَوْا
يَسْتَخْبِرُونَ: هَلْ سِمْعَانُ الْمُلَقَّبُ بُطْرُسَ نَازِلٌ هُنَاكَ؟
19وَبَيْنَمَا بُطْرُسُ مُتَفَكِّرٌ فِي الرُّؤْيَا قَالَ لَهُ الرُّوحُ: «هُوَذَا
ثَلاَثَةُ رِجَالٍ يَطْلُبُونَكَ. 20لَكِنْ قُمْ وَانْزِلْ وَاذْهَبْ مَعَهُمْ غَيْرَ
مُرْتَابٍ فِي شَيْءٍ، لأَنِّي أَنَا قَدْ أَرْسَلْتُهُمْ». 21فَنَزَلَ بُطْرُسُ
إِلَى الرِّجَالِ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ إِلَيْهِ كَرْنِيلِيُوسُ وَقَالَ: «هَا
أَنَا الَّذِي تَطْلُبُونَهُ. مَا هُوَ السَّبَبُ الَّذِي حَضَرْتُمْ لأَجْلِهِ؟»
22فَقَالُوا: «إِنَّ كَرْنِيلِيُوسَ قَائِدَ مِئَةٍ رَجُلاً بَارّاً وَخَائِفَ
اللهِ وَمَشْهُوداً لَهُ مِنْ كُلِّ أُمَّةِ الْيَهُودِ، أُوحِيَ إِلَيْهِ
بِمَلاَكٍ مُقَدَّسٍ أَنْ يَسْتَدْعِيَكَ إِلَى بَيْتِهِ وَيَسْمَعَ مِنْكَ
كَلاَماً». 23فَدَعَاهُمْ إِلَى دَاخِلٍ وَأَضَافَهُمْ. ثُمَّ فِي الْغَدِ خَرَجَ
بُطْرُسُ مَعَهُمْ وَأُنَاسٌ مِنَ الإِخْوَةِ الَّذِينَ مِنْ يَافَا رَافَقُوهُ
(أعمال 10: 17-23).

أخذ
بطرس يفكّر في الرؤيا، فأخبره روح الرب عن الرجال الثلاثة الذين أرسلهم إليه
كرنيليوس، وطلب منه أن يذهب معهم دون أن يسأل عن المكان. لقد عرف روح الرب أنّ
بطرس سيتعرّض لشكوكٍ ومخاوف، لذلك قال له: «اذْهَبْ مَعَهُمْ غَيْرَ مُرْتَابٍ فِي
شَيْءٍ، لأَنِّي أَنَا قَدْ أَرْسَلْتُهُمْ».

نزل
بطرس من على السطح طاعةً للأمر الإلهي، وقابل رجال كرنيليوس الثلاثة وسألهم عن سبب
مجيئهم، فأخبروه بكل ما حدث مع كرنيليوس، فدعاهم إلى داخل البيت، رغم أنّه عرف
أنهم ليسوا يهوداً، واستضافهم حتى اليوم التالي، ثم ذهب معهم، وصحبه ستة رجال من
اليهود الذين آمنوا بالمسيح (اقرأ أعمال 11: 12). أخذهم بطرس معه ليكونوا شهوداً
بما حدث، وليخبروا كنيسة يافا والكنائس الأخرى بضرورة تبشير الأمم بإنجيل المسيح.

نزل
بطرس من على السطح طاعةً للأمر الإلهي، وقابل رجال كرنيليوس الثلاثة وسألهم عن سبب
مجيئهم، فأخبروه بكل ما حدث مع كرنيليوس، فدعاهم إلى داخل البيت، رغم أنّه عرف
أنهم ليسوا يهوداً، واستضافهم حتى اليوم التالي، ثم ذهب معهم، وصحبه ستة رجال من
اليهود الذين آمنوا بالمسيح (اقرأ أعمال 11: 12). أخذهم بطرس معه ليكونوا شهوداً
بما حدث، وليخبروا كنيسة يافا والكنائس الأخرى بضرورة تبشير الأمم بإنجيل المسيح.

هل تبحث عن  هوت دفاعى الكتاب المقدس هل يعقل تحريفة 47

 

بطرس
في بيت كرنيليوس

24
وَفِي الْغَدِ دَخَلُوا قَيْصَرِيَّةَ. وَأَمَّا كَرْنِيلِيُوسُ فَكَانَ
يَنْتَظِرُهُمْ وَقَدْ دَعَا أَنْسِبَاءهُ وَأَصْدِقَاءهُ الأَقْرَبِينَ. 25
وَلَمَّا دَخَلَ بُطْرُسُ اسْتَقْبَلَهُ كَرْنِيلِيُوسُ وَسَجَدَ وَاقِعاً عَلَى
قَدَمَيْهِ. 26 فَأَقَامَهُ بُطْرُسُ قَائِلاً: «قُمْ أَنَا أَيْضاً إِنْسَانٌ».
27 ثُمَّ دَخَلَ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ مَعَهُ، وَوَجَدَ كَثِيرِينَ مُجْتَمِعِينَ.
28 فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ كَيْفَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى رَجُلٍ
يَهُودِيٍّ أَنْ يَلْتَصِقَ بِأَحَدٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ.
وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَرَانِي اللهُ أَنْ لاَ أَقُولَ عَنْ إِنْسَانٍ مَا
إِنَّهُ دَنِسٌ أَوْ نَجِسٌ. 29 فَلِذَلِكَ جِئْتُ مِنْ دُونِ مُنَاقَضَةٍ إِذِ
اسْتَدْعَيْتُمُونِي. فَأَسْتَخْبِرُكُمْ: لأَيِّ سَبَبٍ اسْتَدْعَيْتُمُونِي؟».
30 فَقَالَ كَرْنِيلِيُوسُ: «مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إِلَى هَذِهِ السَّاعَةِ
كُنْتُ صَائِماً. وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ كُنْتُ أُصَلِّي فِي بَيْتِي،
وَإِذَا رَجُلٌ قَدْ وَقَفَ أَمَامِي بِلِبَاسٍ لاَمِعٍ 31 وَقَالَ: يَا
كَرْنِيلِيُوسُ، سُمِعَتْ صَلاَتُكَ وَذُكِرَتْ صَدَقَاتُكَ أَمَامَ اللهِ. 32
فَأَرْسِلْ إِلَى يَافَا وَاسْتَدْعِ سِمْعَانَ الْمُلَقَّبَ بُطْرُسَ. إِنَّهُ
نَازِلٌ فِي بَيْتِ سِمْعَانَ رَجُلٍ دَبَّاغٍ عِنْدَ الْبَحْرِ. فَهُوَ مَتَى
جَاءَ يُكَلِّمُكَ. 33 فَأَرْسَلْتُ إِلَيْكَ حَالاً. وَأَنْتَ فَعَلْتَ حَسَناً
إِذْ جِئْتَ. وَالآنَ نَحْنُ جَمِيعاً حَاضِرُونَ أَمَامَ اللهِ لِنَسْمَعَ
جَمِيعَ مَا أَمَرَكَ بِهِ اللهُ» (أعمال 10: 24-33).

سافر
الرجال العشرة من يافا إلى قيصرية: بطرس، والثلاثة الذين أرسلهم كرنيليوس، وستة من
اليهود المؤمنين بالمسيح. وكان كرنيليوس في انتظارهم مع بعض أقربائه وأصدقائه
الذين أراد أن يشركهم معه في السّماع عن المسيح. ومن هذا نتعلّم أن الروح القدس
يعمل متّى يشاء في قلوب من يشاء حتى يؤمنوا بالمسيح.

وعندما
دخل بطرس بيت كرنيليوس أراد كرنيليوس أن يكرمه فسجد له، فرفض بطرس أن يطلب مجداً
لنفسه لأنّه إنسان مخلوق مثل باقي الناس ومثل كرنيليوس، كما أنّ السجود ينبغي أن
يكون لله وحده، لذلك أقامه وقال له: «قُمْ أَنَا أَيْضاً إِنْسَانٌ».

كانت
هذه أوّل مرّة يدخل فيها يهوديّ بيت شخص أمميّ من غير اليهود ليبشّره بالمسيح.
وهناك وجد كثيرين من أصدقاء كرنيليوس وأنسبائه وعساكره.

بدأ
بطرس الكلام بمقدّمة قال فيها إنّه خالف عادات اليهود بمجيئه، لأنّ اليهود لا
يخالطون الأمم ويعتبرونهم أجانب عنهم وعن تقاليدهم. ثمّ قال لهم إنّ الله علَّمه
أن لا يرفض أحداً من الناس، لأنّ المسيح ابن الله عندما اتّخذ الطبيعة البشرية ومات
على الصليب أوجد تطهيراً لجميع الناس بدم صليبه. ثم سأل بطرس كرنيليوس عن سبب
استدعائه، فروى له كرنيليوس ما حدث له، وقال: «وَالآنَ نَحْنُ جَمِيعاً حَاضِرُونَ
أَمَامَ اللهِ لِنَسْمَعَ جَمِيعَ مَا أَمَرَكَ بِهِ اللهُ». إنّ الله فاحص القلوب
يخاطب المؤمنين بكتابه المقدّس وصوت خدّامه الأمناء.

 

بطرس
يعظ بالمسيح في بيت كرنيليوس

34
فَقَالَ بُطْرُسُ: «بِالْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ الْوُجُوهَ.
35 بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ الَّذِي يَتَّقِيهِ وَيَصْنَعُ الْبِرَّ مَقْبُولٌ
عِنْدَهُ. 36 الْكَلِمَةُ الَّتِي أَرْسَلَهَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ يُبَشِّرُ
بِالسَّلاَمِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. هَذَا هُوَ رَبُّ الْكُلِّ. 37 أَنْتُمْ
تَعْلَمُونَ الأَمْرَ الَّذِي صَارَ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ مُبْتَدِئاً مِنَ
الْجَلِيلِ بَعْدَ الْمَعْمُودِيَّةِ الَّتِي كَرَزَ بِهَا يُوحَنَّا. 38 يَسُوعُ
الَّذِي مِنَ النَّاصِرَةِ كَيْفَ مَسَحَهُ اللهُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ
وَالْقُوَّةِ، الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْراً وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ
عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ، لأَنَّ اللهَ كَانَ مَعَهُ. 39 وَنَحْنُ شُهُودٌ بِكُلِّ
مَا فَعَلَ فِي كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ وَفِي أُورُشَلِيمَ. الَّذِي أَيْضاً
قَتَلُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ. 40 هَذَا أَقَامَهُ اللهُ فِي
الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَأَعْطَى أَنْ يَصِيرَ ظَاهِراً 41 لَيْسَ لِجَمِيعِ
الشَّعْبِ، بَلْ لِشُهُودٍ سَبَقَ اللهُ فَانْتَخَبَهُمْ. لَنَا نَحْنُ الَّذِينَ
أَكَلْنَا وَشَرِبْنَا مَعَهُ بَعْدَ قِيَامَتِهِ مِنَ الأَمْوَاتِ. 42
وَأَوْصَانَا أَنْ نَكْرِزَ لِلشَّعْبِ وَنَشْهَدَ بِأَنَّ هَذَا هُوَ
الْمُعَيَّنُ مِنَ اللهِ دَيَّاناً لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ. 43 لَهُ يَشْهَدُ
جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ يَنَالُ بِاسْمِهِ
غُفْرَانَ الْخَطَايَا» (أعمال 10: 34-43).

قال
بطرس إنّ الله أعلن له إرادته ببراهين قويّة أزالت شكوكه، لأنّ الله لا يفضّل
إنساناً على آخر بسبب رتبته أو مقامه أو غناه أو انتمائه، لأنّ الله ينظر إلى قلب
الإنسان وليس إلى مظهره. وقول بطرس هذا يخالف اعتقاد اليهود الذين ظنوا أنهم أفضل
من باقي الناس لأنّهم من نسل إبراهيم (لوقا 3: 8).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس تشكيل فاندايك وسميث عهد قديم سفر يشوع بن سيراخ 17

ومن
هذا نتعلّم أنّ المسيح رفع الحاجز بين اليهود والأمم عندما قدّم الخلاص لكل من
يؤمن به تائباً عن شروره، لأنّ جميع البشر خطاة مهما كان جنسهم، وكل الذين يخلصون
إنّما يخلصون من خطاياهم برحمة الله التي ظهرت في المسيح لجميع الناس.

وكما
لم يتبرّر كرنيليوس بتقواه ولا بصدقاته بل بإيمانه بالمسيح، هكذا كل إنسان مهما
كانت جنسيّته لا يمكن أن يخلص إلاّ إن آمن بالمسيح الفادي والمخلِّص. وكل من يريد
الخلاص من خطاياه يمكنه الحصول على ذلك بواسطة الإيمان بالمسيح، الذي يجمع حوله
المؤمنين به من كلّ قبيلة ولسان وشعب وأمّة. فكل إنسان مهما كانت أمّته، إن سلك
بحسب ما وصل إليه من معرفة الله، سينال خلاصه بفضل كفّارة المسيح طريق الخلاص الوحيد.

حَوَت
كلمة الرسول بطرس خبر المصالحة بين الله البار والإنسان الخاطئ، وهي مصالحة تغرس
السلام في قلب المؤمن، كما تغرس السلام بين اليهود والأمم.

وشرح
بطرس لسامعيه أنّ المسيح نادى بكلمته بعد أن تعمد من يوحنّا، وأنّ الله مسحه بقوّة
الروح القدس ملكاً وكاهناً ونبيّاً ليكون وسيطاً بين الله والناس، وأنّه جال يصنع
خيراً ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس. وأكد بطرس لهم أنّه شاهد مع باقي التلاميذ
شخص المسيح بالعيان، وسمع كلامه، ثم ذكر لهم أنّه صُلب وقام في اليوم الثالث،
وأوصى تلاميذه أن يشهدوا لعمله الخلاصي، وأنّه الديان الوحيد لكلّ الأجيال الماضية
والحاضرة والآتية، وكلّ من يؤمن به ينال غفران خطاياه.

وشرح
بطرس لسامعيه أنّ المسيح نادى بكلمته بعد أن تعمد من يوحنّا، وأنّ الله مسحه بقوّة
الروح القدس ملكاً وكاهناً ونبيّاً ليكون وسيطاً بين الله والناس، وأنّه جال يصنع
خيراً ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس. وأكد بطرس لهم أنّه شاهد مع باقي التلاميذ
شخص المسيح بالعيان، وسمع كلامه، ثم ذكر لهم أنّه صُلب وقام في اليوم الثالث،
وأوصى تلاميذه أن يشهدوا لعمله الخلاصي، وأنّه الديان الوحيد لكلّ الأجيال الماضية
والحاضرة والآتية، وكلّ من يؤمن به ينال غفران خطاياه.

 

بطرس
يعمِّد كرنيليوس وأهل بيته

44
فَبَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهَذِهِ الأُمُورِ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ
عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ. 45 فَانْدَهَشَ
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ، كُلُّ مَنْ جَاءَ مَعَ بُطْرُسَ
لأَنَّ مَوْهِبَةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ قَدِ انْسَكَبَتْ عَلَى الأُمَمِ أَيْضاً.
46 لأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ
وَيُعَظِّمُونَ اللهَ. حِينَئِذٍ قَالَ بُطْرُسُ: 47»أَتُرَى يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ
يَمْنَعَ الْمَاءَ حَتَّى لاَ يَعْتَمِدَ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ قَبِلُوا الرُّوحَ
الْقُدُسَ كَمَا نَحْنُ أَيْضاً؟» 48 وَأَمَرَ أَنْ يَعْتَمِدُوا بِاسْمِ
الرَّبِّ. حِينَئِذٍ سَأَلُوهُ أَنْ يَمْكُثَ أَيَّاماً (أعمال 10: 44-48).

قبل
أن تنتهي موعظة بطرس في بيت كرنيليوس حل الروح القدس على كل السامعين وأعطاهم نفس
المواهب الروحية التي أعطاها للتلاميذ واليهود في أورشليم يوم الخمسين. وهذه شهادة
الرّوح القدس لأنّ ما نادى به بطرس موافق لقصد الله، وهو أنّ خلاص المسيح موهوب
لكلّ من يؤمن، سواء أكان يهودياً أم أممياً.

وشاهد
المؤمنون اليهود الستَّة الذين جاءوا مع بطرس حلول الرّوح القدس على المجتمعين في
بيت كرنيليوس، وتكلُّمهم بألسنة غريبة، فاندهشوا. وقال لهم بطرس: لا يمكن أن يمنع
أحد معمودية هؤلاء الناس، فقد كانت العادة أن يحلّ الرّوح القدس على الناس بعد
المعمودية ووضع الأيدي، لكنّهم رأوا الرّوح القدس يحل على غير المعمَّدين، وهذا
يزيل من قلوبهم كل شكّ في حقّ الأمم في الإيمان بالمسيح قبل أن يعتمدوا، لأنّ الذي
يعتمد بالروح القدس يستحق أن يعتمد بالماء، فإن كان الله قد قبله يجب أن يقبله
الإنسان أيضاً.

ولم
يعترض أحد من المؤمنين الستَّة على معمودية كرنيليوس وأهل بيته. ولا بدّ أن بعضهم
كانوا من القادة، فأمرهم بطرس أن يعمّدوهم، لأنّ المعمودية ضرورية، وقد أمر بها
المسيح، وهي ختم العهد المسيحي، وعلامة الدخول إلى الكنيسة المنظورة على الأرض.

ومن
هذا نفهم حقّ الأمم في المعمودية، طالما آمنوا بالمسيح الفادي والمخلِّص.

تعمّد
كرنيليوس وأهل بيته وفرحوا فرحاً عظيماً بنوالهم خلاص المسيح، وطلبوا من بطرس
ورفقائه أن يمكثوا معهم أياماً، فقبلوا واعتبروهم إخوة في المسيح، وخالطوهم غير
خائفين من التدنّس حسب تقاليد اليهود.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي