الإصحَاحُ
السَّابعُ

 

جوابه في شأن الزواج والعزوبة. تفضيلها على الزواج. نصيحته للأرامل
أن يعشن بدون زواج آخر.

بعد أن وبخهم على تلك المساقط ومدارها: الخلاف والبخل والزنى وهداهم
إلى طريق الإصلاح أخذ يجاوبهم عن المسائل التي رفعوها إليه بخصوص الزواج والبتولية
ملطفاً كلامه فقال (1) أما من جهة ما كتبتم به إليّ ) أيصح أن ينفصل الرجل عن
امرأته فأوعز إليهم بادئ ذي بدء أنه من الحسن أن لا يتزوج المرء فقال (فحسن للرجل
أن لا يمس امرأة) ولا ينقض كلامه هنا ما جاء في سفر التكوين قوله: لا يحسن أن يكون
الإنسان وحده (18:2) فقد أوصى الله آدم بالزواج ونوحاً لأنهما كانا أرومة الجنس
البشري فكان الزواج من باب الضرورة ولم تكن تلك الوصية
بأن ملء الأرض مفروض على كل أحد إلا على من كان لا
يحتمل ولذلك قال الرسول مستدركاً (2) (ولكن لسبب الزنى
فلتكن لكل
واحد
امرأة ولكل واحدة رجلها) وكلامه هذا عام
يتناول الجميع من غير
استثناء. ويقتصر على من كان أهلاً للزواج بأن لا يكون عاجزاً أو
مرتبطاً بنذر العفة، ولذلك قد ضل لوثر بقوله إن الرسول يدعو الجميع إلى الزواج
كهنة كانوا أو رهباناً وكيف يصح أن يدعو الجميع إلى دعوة لم يتممها هو نفسه.
وقوله: ولكل واحدة رجلها يتناول من كان له زوجة قبل اهتدائه أو بعده ويشير إلى أن
تكون الزوجة واحدة لا أكثر من واحدة وينهي عن المضارة، لأنها مخالفة لأجل خلـق
الإنسـان، إذ خلقهما الله ذكراً وأنثى ليس غير.

 58- ثم بعد أن نهاهم عن كثرة النساء بين لهم وجه استعمال الزواج وكيف يلتزم كل
واحد منهما بتتميم فعل الزواج، ولما كان الزواج عقداً
سمى فعله حقاً واجباً من
باب العدل لا المحبة فقط فقال (3) (ليقض الرجل
امرأته حقها وكذلك المرأة
أيضاً رجلها) فالحق بينهما متبادل وليس
للواحد أن يمانع في أدائه إلا لداع يجرّ ضرراً
كمن يخشى أن يسرى إليه مـرض
من قرينه كداء الزهرى وسواه ولما ملك كل واحد منهما جسد الآخر بحكم العهد أصبح لا
تسلط له على جسده فيما يتعلق بالزواج ولذلك قال
(4) (إن المرأة لا تتسلط
على جسدها بل رجلها وكذلك الرجل أيضاً
لا يتسلط على جسده بل امرأته) فإذا أباح أحدهما
لغريب التسلط على جسده بأن زنى فإنه يخطئ لا ضد العفة فقط بل ضد العدل أيضاً. وهنا
يقول فم الذهب: إذا حاول الفاسق أيتها المرأة أن يستبيح فعل الزنى فقولي له:
جسدي ليس لي
وكذلك أيها الرجل. وأما إذا كان الطلب من أحد
الفريقين فحذار من الممانعة
ولذلك قال ( 5 ) ( لا يمنع أحدكما الآخر عن ذاته إلا على موافقة إلى حين) وذلك
(لكي تتفرغا للصلاة) إذ كان من عادة المسيحيين في ذلك الوقت أن ينهضوا نصف الليل
أو باكراً للصلاة ثم يعودوا إلى النوم فقال لهم (ثم بعد ذلك عودوا إلى ما كنتم
عليه) وسببه (لئلا يجربكم الشيطان) وذلك
لا للذة بل (لعدم عفتكما) ثم استدرك
وقال (6) (وإنما أنا أقول ذلك على سبيل
الإباحة لا على سبيل الأمر).

59- ثم قال (7) (أودّ) وإن كان ذلك لا يتم
ولا يتوفر (أن
يكون جميع الناس مثلى) فلم يكشف لنا كيف كان أمتزوجاً كان وقد تعفف
تاركاً امرأته جميع أيام حياته أم كان أعزب جميع أيامه فقد اختلف في ذلك، والرأى
العام أنه كان أعزب بتولاً فلما قال ذلك وهو أمر صعب وجه الأفكار إلى الله وإلى ما
يمدّ به الإنسان من المواهب فقال (ولكن كل أحد له من الله موهبة تخصه فبعضهم هكذا
وبعضهم هكذا) قال ذلك كتسلية لهم. وانظر إلى حكمته كيف بيّن لئلا يتقلقلوا أنه يقول
لهم ذلك على سبيل المشورة وذلك من عند نفسه وليس عنده فيه أمر الله مفصّلاً بين ما
يأمره به الله وما هو من عند نفسه. وعليه قس ما أعقبه لقوله: ( 8 ) ( وأقول لغير
المتزوجين وللأرامل ) رجالاً كانوا أم نساء
(إنه حسن لهم أن يبقوا على
هذه الحال)والتي هم عليها (كما أنا) لا
يمسون امرأة ولا النساء يتزوجن
ولكن (9) (فإن لم يتعففوا فليتزوجوا) إن لم
يكونوا مقيدين أو مقيدان
بنذر. وقد أشار الرسول إلى ذلك التقييد في رسالته الأولى إلى تيموتاوس على أنه بعد
أن تكلم عن الأرامل الفتيات ونهى عن أن تكتب وأمر برفضهن لأنهن بعد أن يكرّسن
ذواتهن للمسيح يبغين الزواج إذ يبطرهنّ الترف قال : فالقضاء عليهن لأنهنّ نقضن
العهـد الأول (12:5) وأما إذا لم يكن الواحد منهما أو الفريقان مقيدين (فليتزوجوا
فإن التزوج خير من التحرق) من شدة التهاب الشهوة.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس أخبار سارة عربية مشتركة عهد قديم سفر الأمثال 20

60- ثم انتقل يتكلم عن المتزوجين لا من عند نفسه بل بأمر من الله
فقال (10) (أما المتزوجون فأوصيهم لا أنا بل الرب) كما جاء في متى: أما أنا فأقول
لكم من طلق امرأته إلا لعلة زنى فقد جعلها زانية ومن تزوج مطلقة فقد زنى ( 32:5 )
( أن لا تفارق المرأة رجلها ( 11 ) وإن فارقته ) لعلة زنى قد ارتكبته ( فلتبق غير
متزوجة أو فلتصالح ) محتملة ما يرتكبه ( رجلها ) وكذلك ( يترك الرجل امرأته ) لأن
التعاهد
الذي بينهما لا ينحل رباطه إذ لم يعد الرجل متسلطاً على جسده ولا المرأة على جسدها فلا
يمكنه أن يسلم جسده إلى آخر إذ ليس هو له والمرأة
كذلك لأن جسدها ليس لها
ولكن إذا وقـع بينهمـا تنافـر فالمصالحة ليس
غير ولا سبيل إلى قران آخر
مادام أحدهما حيّاً. هذا مراد الرسول فيما
يتعلق بزواج المؤمنين، ثم
انتقل يتكلم عن زواج الغير المؤمنين.

61- فقال (12) (وللباقين أقول أنا لا الرب إن كان أخ له امرأة غير
مؤمنة وهي ترتضى أن تقيم معه فلا يتركها) ويتزوج غيرها فيكون زواجه هذا الثاني باطلاً (13) والمرأة التي لها
رجل غير مؤمن وهو
يرتضى أن يقيم معها فلا تترك رجلها) وتتزوج آخر، وسبب ذلك
(أن الرجل الغير المؤمن يقدس بالمرأة المؤمنة والمرأة الغير المؤمنة تقدس بالرجل
المؤمن وإلا فيكون أولادكم نجسين والحال أنهم قديسون) يولدون أهلاً لقبول الإيمان
والقداسة معدين بإرادة والدهم المؤمن أو والدتهم إلى قبول سر العماد من دون أن
يمانع الفريق الغير المؤمن إذ يرتضى أن يقيم مع الآخر بدون إهانة الرب ولا خطر
عليه أن يفقد الإيمان. ولكن (15) ( إن
فارق الغير المؤمن فليفارق فليس الأخ أو الأخت
مستعبداً في هذه
الأحوال) وهنا مسألة لابد من النظر فيها.

62- فليفارق: فمآله أن الفريق الغير المؤمن إذا اغتاظ من اعتناق
قرينه للإيمان ففارقه وأبى أن يساكنه أو رضى أن يساكنه ولكن على خطر أن يفقد
المؤمن إيمانه فليفارق فالفراق ولا فقدان الإيمان (فليس الأخ أو الأخت مستعبداً في
مثل هذه الأحوال) وذلك الفراق هو على خلاف ما قد يحدث بين المسيحيين المتزوجين
ويراد به هجر السكنى والفراش لعلة الزنى أو سواه لا حلّ عقد الزواج بل هو فراق
يحلّ به عقد الزواج الأول وإن قد تم فعلاً ويباح للفريق المؤمن أن يتزوج بمن يشاء
وإلا كان ذلك الفراق استعباداً للأخ المؤمن أو الأخت المؤمنة إذا حرم عليهما الزواج. وذلك لا يفرّق ما جمعه الله بل
بحكم
إنعام خصوصي متع به المؤمنين وقد أذاع ذلك على لسان رسوله ولذلك نرى أن الرسول نفسه يقول في رسالته
إلى أهل رومية: إن المرأة التي تحت رجل هي مرتبطة بالناموس برجلها مادام حياً (
2:7 ) ولكنه يعني المؤمنين لا غيـر المؤمنين. غير أن الفريق المؤمن لا يصح أن
يتزوج ما لم يسأل الغير المؤمن هل يرتضي أن يساكن قرينه من غير أن يضيق عليه في
أمر إيمانه أم لا فإن ارتضى كان الزواج الأول صحيحاً ثابتاً، فإن أبى فالفراق،
وإذا كان لغير المؤمن قبل اهتدائه نساء كثيرة فالتي تهتدي معه وتعتمد فهي له وإن
أبـين كلهن الاهتداء فله الأولى إن ارتضيت أن تساكنه بخوف الله من غير
خطر وإلا فليتزوج
من يشاء. وفي ذلك مسائل نجد شرحها في الحق
القانوني. هذا ثم قال (وإنما دعانا الله إلى السلام) دعانا إلى
الإيمان لكي نعيش مسالماً بعضنا لبعض سواء أكان الرجل أم المرأة مؤمناً أو غير
مؤمن ولكن بشرط التراضي.

هل تبحث عن  تفسير الكتاب المقدس القس أنطونيوس فكرى عهد قديم سفر الأمثال 15

63- ثم حذراً من أن يخيّل إلى المرأة أنها تتنجس من الجماع مع الرجل الغير المؤمن قد قال: (إن الغير المؤمن يقدس
بالمرأة المؤمنة)
فتشددي ولا تخافي ( 16 ) ( لأنك كيف تعلمين أيتها المرأة
أنك تخلصين رجلك أو كيف تعلم أيها الرجل أنك تخلص امرأتك) إذ كانت حرارة الإيمان
في
أول
عهد الكنيسة شديدة وكان الكلام مؤثراً (17) (إلا أنه كما
قسم الرب لكل واحد كما دعا
الله كل واحد) إذ لابد لقسمة الرب من أن تكون موافقة لدعوة الله (كذلك فليسلك) كل
واحد حسب ما قسمه الرب (وهكذا أرسم في الكنائس كلها) التي أقمتها وأبشر فيها ثم
أخذ يفصّل ذلك فقال (18) (أدُعىَ أحد وهو مختون فلا يعدْ إلى القلف)
ولكن كيف يعود
إلى القلف وقد ختن وقطعت غرلته؟ إن المراد هنا
بقول الرسول المعنى الروحي أي لا يعود إلى أعمال
القلف والأمم. ولا مانع
من أن يراد به أيضاً المعنى الحرفي بأن يستر حشفته
بجلدة يختزلها من الجلدة المحيطة ليظهر
أنه قد عاد إلى القلف. وقد روى يوسيفوس المؤرخ
اليهودي في كلامه عن قدميات
اليهود (ك 12 ف10) أنه قد كان من العادة
الجارية بين اليهود بأن يغطى
المبارزون المصارعون وهم عراة حشفتهم
بجلدة يجذبونها
من جلدة القضيب بصناعة يعرفها أصحاب التشريح ولذلك
يبعد من أن يكون قد أراد
ذلك الرسول بقوله (فلا يعد إلى القلف) ثم عقب كلامه وقال : ( أدُعى أحد وهو في
القلف فلا يختتن ) وسببه ( ليس الختان بشيء ولا القلف بشيء) وذلك فيما يتعلق
بالإيمان (بل حفظ وصايا الله) فلا تحاجج إذن ولا تضطرب أيها المسيحي فالإيمان يضرب
عن
كل ذلك وعليه (20) (فليستمر كل واحد على الدعوة التي دعى
فيها عبداً كان أو حراً
(أدُعيت وأنت عبد فلا يهمك ذلك ولكن إن أمكنك أن تنال الحرية فعليك أن تغتنمها).

64 – ثم قال ( 22 ) ( قـد اشتريتم بثمن ) وعليه فلستم عبيداً إلا
لذاك الذي اشتراكم وهو المسيح (فلا تصيروا عبيداً للناس) فيما إذا
أمروكم بأمر يخالف ما يأمركم به ذاك الذي اشتراكم بدمه. فأطيعوا رؤساءكم الجسديين وذلك
في كل شيء لا بخدمة العين بل بسلامـة القلب متقين الله بأن لا تأتوا بشيء مخالف لأمره أو نهيه وإن أمروكم به أو نهوكم
عنه. ثم ختم كلامه قائلاً: (ليستمر أيها
الإخوة كل واحد أمام الله على ما
دُعي
فيه). ثم بعد أن أنهض
أفكارهم وأبان لهم ما فضل التعفف وأعدهم إلى
قبول كلامه أخذ يكلمهم عن
البتولية فقال ( 25 ) ( وأما البتولية فليس عندي فيها وصية من الرب لكني أفيدكم
فيها مشورة بما أن الرب رحمني أن أكون أميناً) فيما أشير به (26) (فأظن أن هذا
حسن) أن يستمر الواحد بتولاً. وذلك (لأجل الضرورة الحاضرة) بدليل الموانع التي
تصدّ الإنسان عن الخلاص وعراقيل الحبل وتربية البنين وضيق المعاش ووثوب
الأمراض وما شاكل
ذلك ولذلك قال (إنه حسن للإنسان أن يكون
هكذا) مستمراً على البتولية. غير أن ذلك ليس
أمراً ولا شريعة بل استحسان ولذلك عقب كلامه وقال (27) (أأنت مقيد بامرأة فلا تطلب
الطلاق) وذلك بعد أن تتمم فعل الزواج إذ
لا سبيل والحالة هذه إلى الترك ولا
بوجه
من الوجوه كما يصح ذلك قبل
تتمة فعل الزواج الموافق للإيلاد إما
بدخول الرهبنة أو بتفسيح خصوصي من الحبر الأعظم.
ثم قال : ( أأنت مطلق من امرأة فلا تطلب امرأة ) إن كنت لا تتحرق (28) (لكنك إن
تزوجت لم تخطأ )، إن لم تكن نذرت العفة ولكـن تكـون لمثل هؤلاء الذين يريـدون أن
يتزوجـوا ( مشقة في الجسد ) سواء أكان من جهة الغيرة أم من لوازم المعيشة والتربية.
ثم قـال ( وأمـا أنـا فإني أشفق عليكم) فلا أطيل الكلام في بيان ما يجرّه الزواج
من المتاعب ردعاً لكم عن زواج ترغبون فيه.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ع عمود النار والسحاب ب

65- ثم أخذ يشرح لهم مبيناً ما الذي حمله
أن يوصيهم بذلك
فقال (29) (فأقول هذا أيها الإخوة) في المسيح يسوع (إن الزمان قصير)
في الحياة الدنيا إلى أن نصل إلى اليوم الأخير فلا مشقة تستمـر ولا لذة (فبقى أن يكون الذين لهم نساء كأنهم لا نساء
لهم) لا ينبغي أن
يلازموهن إلا على ما تتقاضاه الضرورة بحكم ضعف أحد
القرينين عندمـا يطلب من الآخر حقه وكذلك (30) (الباكون) من شقاء هذه الدنيا وتقلب
أحوالها (كأنهم لا يبكون) تسلياً بدار الخلد وما فيها من اللذائذ الأبدية.
(والفرحون) الذين هم في أرغد العيش والهناء ( كأنهم لا يفرحون ) لأن ما نظن أنه
يجرّ إلينا الفرح يكون وبـالاً ومشقـة، ( والمشترون كأنهم لا يملكون (31)
والمستعملون هذا العالم كأنهم لا يستعملونه) وسبب كل ذلك (لأن هيئة هذا العالم في
زوال) يوماً فيوماً فلا تبقى على حالة واحدة، فباطلاً إذن تدع قلبك يعلق بها. فهذه
حالة العالم ومـا يجرّه من التعب والهموم وأنا (32) (إنما أريد أن تكونوا بلا همّ)
يجرّه الزواج (فإن الغير المتزوج يهتم فيما للرب كيف يرضى الرب) إن لم يكن فاسقاً
في قلبه فهناك
الشقاء وشدة الاهتمام (33) (وأما المتزوج فيهتم فيما
للعالم كيف يرضى امرأته)
ورضاء المرأة من باب الضرورة فإن المرأة الحزينة آفة العائلة وضربة مؤلمة (فهو)
والحالة هذه (منقسم) بين أن يرضى الله وامرأته، غير أن الرجل الحكيم يوافق بين
الاثنين إذ يوجه كـل شيء لمجد الله سبحانه. وكذلك ( 34 ) ( المرأة الغير المتزوجة
والعذراء تهتم
فيما للرب لتكون مقدسة في الجسد وفي الروح،
وأما المتزوجة فتهتم فيما
للعالم كيف ترضى رجلها) لئلا تجفّ محبته لها.

66- ثم قال مستدركاً (35) ( وإنما أقول ذلك ) محرضاً إياكم على
اعتناق البتولية لا لغرض أبتغيه بل (لإفادتكم لا لألقي عليكم وهقاً) أي شركا (بل
ابتغاء ما يحمل ولأجل المواظبة للرب بغير ارتباك) يقول
البرتستان ويغالطون الرسول
ولا يخجلون: إن البتولية ليست حسنة ولا
جميلة في حدّ نفسها إنما تجمل فقط لأجل
المواظبة للرب بغير ارتباك مع أن الرسول يقول (ابتغاء ما يجمل) وهذا برهانه الأول
في استحسان البتولية ثم أتى بدليل آخر لقوله: ولأجل المواظبة إلخ.. فأضربوا عن
الأول وتمسكوا بالثاني. ولكن (36) ( فإن ظن أحد أنه يُعاب ) في عيون الناس لا أمام الله (في حق عذرائه إذا تجاوزت
الأوان وأنه لابد من
الزواج فليفعل ما يشاء. إنه لا يخطئ فلتتزوج ( 37 )
وأما من جعل في قلبه وهو مصمم ولا اضطرار به بل له سلطان على مشيئته وجزم في قلبه
أن يحفظ عذراءه ) ولا يدعها تتزوج من بعد أخذ رضاها ( فنعما يفعل ) إذا كان ذلك
عائداً إلى خلاصها (38) (فإذن من زوج عذراءه يفعل حسناً ومن لا يزوجها يفعل أحسن). ثم صرح لهم بثبات الزواج إلى
الموت إثباتاً لقوله: ما جمعه الله لا يفرقه إنسان فقال (39) (إن المرأة مقيدة بالناموس ما دام رجلها حياً) فقد يصادف أن
يهجرها أو يطلقها لعلة
زنى أو سواه
أما عقد الزواج فلا ينحل إلا بالموت ولذلك قال (فإن رقد
رجلها فهي معتقة.
فلتتزوج بمن تشاء لكن في الرب فقط) طلباً للبنين أو مجانية للزنى. (40) (غير أنها
تكون أكثر غبطة إن بقيت على ما هي عليه) وذلك ( بحسب مشورتي وأظن أني أنا أيضـاً
فيّ روح الله في إعطـاء هذه المشورة مشيراً إلى أن الله قد ألهمه إليها وإن كان لا
يأمره بها.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي