الإصحَاحُ
التَّاسِعُ

 

حق الرسول في طلب ما يحتاج إليه لمعيشته.
ولكنه ترك ذلك حذراً من المعثرة وعبّد
نفسه
للكل ليربح الكل.

 انظر هنا إلى حكمة القديس ما كان أشده باعاً في طرق الدفاع عن
الحقيقة. فلما قال : لا آكل اللحم إلى الأبد لئلا أشكك أخي استدرك ما قد يؤتي به من الاعتراض فأخذ يسد فم
من قد يمكنه أن
يقول: باطلاً تفتخر بأنك لا تأكل اللحم فإن كان ما تقوله
صحيحاً لا كلام متفلسف فأثبت بالعمل مجانية ما قد يكون معثرة للأخ الضعيف، فأخذ يحجهم مبيناً لهم ذلك بأكثر مما كانوا يطلبون
بأن لا ينقطع عن أكل
اللحم فقط بل عما هو مباح له ولسائر الرسل أن يأخذوه،
وذلك لئلا يشكك الإخوة الضعفاء. وأثبت أنه وإن كان رسولاً كسائر الرسل فإنه يتحاشى
مع ذلك أموراً كثيرة يتعاطاها سائر الرسل وكل ذلك لئلا يكون معثرة للإخوة. فلا
أتحاشى مائدة الأوثان فقط بل كل ما يحق لي أن آخذه وأتعاطاه، ومع ذلك لم آخذ شيئاً منكم ولكن قبل أن يفصح لهم عن
ذلك يبين لهم أولاً ما له من المقام على
أنه وإن لم يقبل منهم شيئاً فمقامه لا
يمسّ فقال (1) (ألست حراً) أن أعيش
من الإنجيل مثل سائر الرسل؟ ماذا (ألست رسولاً؟) أأنا سقط وآخر الرسل لأني لم
أتردد مع المسيح وهو في الجسد. ماذا؟ (أما رأيت يسوع المسيح ربنا؟ ) وأنا ذاهب إلى
دمشق كما جاء في الأعمال (3:9) وقد تراءى لي أيضاً كأنه للسقط (1كور 15 : 8 ) وهذا
ليس قليلاً : فإن كثيرين مـن الأنبياء والصديقين اشتهوا أن يروا ما أنتم راءون ولم
يروا ( متى 17:13 ) ولكن ما هذا كله فأني
لك أن تأخذ وتقبل الجعالة إن كنت لا تعمل عمل الرسول
فقال
(ألستم أنتم عملي
في الرب) نعم نعم لا يكفي الواحد أن يكون حراً
ورسولاً وقد رأى الرب فإن لم يفعل لا يستحق الأجرة وأنا عملت: وأنتم أنتم عملي في الرب، وقد اكتفى أن يشهدهم هم أنفسهم خزياً لهم
ولم يقل أما
تذكرون كيف أجول العالم كله وأبشر (2) (فإن لم أكن رسولاً إلى
آخرين فإني رسول إليكم لأن خاتم رسالتي هو أنتم) ما فعلته عندكم من ردكم إلى
الإيمان ومن الآيات وإيلاد مواهب الروح القدس الثابتة فيكم هو شاهد
لي وخاتم مصدق
لرسالتي كما أن الخاتم يصدق الرسالة أو الكتابة
ويحققها. وذلك بقوة (الرب)
يسوع الذي أيد رسالتي بالآيات والعجائب.

72- (3) (وهذا احتجاجي عند الذين يفحصونني) وهم يسألون من أين صرت
رسولاً. ولماذا أقبل أو لا أقبل دراهم. أو يريدون أن يثبتوا أني لست رسولاً ؟
فاحتجاجي هو أنتم بل ما نلتم من الهداية على يدي ثم ما أبديه لكم وهو: (4) (أما
لنا سلطان أن نأكل ونشرب ) من
الإنجيل مع ذلك لم نستعمله (5) (أما لنا
سلطان أن نجول بامرأة أخت
كسائر الرسل) بل (إخوة الرب) وهم يعقوب الصغير ويهوذا وبوسى وسمعان وهم في الحقيقة
ليسوا إخوته بل أقرباؤه إذ كان من عادة اليهود أن يسموا الأقرباء إخوة كما جاء في
التكوين عن قـول إبراهيم للوط ابن أخيه : إنما نحن رجلان أخوان (8:13) بل (وكيفا)
وهو إمام الرسل وزعيمهم فقد كانت العادة عند اليهود أن يجول الرسول بامرأة تخدمه
في الرسالة ولم يكن من يتشكك في هذا الأمر إذ لم تكن لديه إلا في منزلة الأخت فإن المسيح
نفسه كانت ترافقه نساء يبذلن من أموالهن في خدمته (لوقا 3:8) أما الأمم فكانوا
يتشككون في هذا الأمر، ولما كـان بولس
وبرنابا قد أفرزا
لبشارة الأمم امتنعا من إرادتهما أن يجولا بامرأة لئلا
يشككوهم مع أن ذلك كان
مباحاً لهما مثل سائر الرسل ولذلك قـال ( 6 ) ( أم
أنا وبرنابا وحدنا لا سلطان
لنا أن نفعل هذا) لهما السلطان ولكنهما
امتنعا عن استعماله لئلا يشكك الآخرون. قال
ثوفليكتوس: إن الرسول لم يشأ
أن يستعمل ذلك السلطان الذي له بأن يأكل ويشرب ويجول بامرأة أخت وذلك عند
أهل كورنتس إذ كان في تلك المدينة رسل كذبة أغنياء يفتخرون بأنهم يعيشون على
حسابهم لا على نفقة المؤمنين وكان جلّ قصدهم أن يذلوا الرسل الذين يعيشون على نفقة
المؤمنين، فأراد الرسول أن يبدد أولئك الرسل فأتى بأمثلة بديعة تخزى أولئك
المتغطرسين.

هل تبحث عن  بدع وهرطقات بدع حديثة الأدفنتست السبتيون السبتيون الأدفنتست ومعتقداتهم 02

73- فقال (7) (من يسعى إلى الحرب والنفقة على نفسه) وهذا أعظم مثل
وهو تشبيه الرسل بجنود يقتحمون غمرات الحرب فلا يسعون إليها والنفقة عليهم مهما
كان الملك ظالماً فكيف يصنع ذلك المسيح وهو يرسل
جنوده ولا لمحاربة هذا العالم فقط بل لمحاربة الأبالسة أيضاً ولم
يكتف بهذا
المثل وهو عام يتناول مآله الجميع، بل ثم عقبه بآخر وقال (من يغرس كرماً ولا يأكل
من عنبه) مشيراً إلى ما يقاسيه الغارس من التعب في
استثماره
ما يغرس. ثم أعقبه بمثل ثالث وقال: (أو من يرعى قطيعاً ولا
يأكل من لبن
القطيع) مبيناً هنا ما يترتب على الراعي من بذل الاهتمام. وانظر في هذه الأمثلة
كيف أنه لا ينظر إلى وجه الشبه إلا من جهة ما فيه نفع وإفادة. فلم يقل: من يسعى
إلى الحرب ولا يصير غنياً. ومن يغرس كرماً ولا
يستغنى أو يأكل كل ثمره. ومن يرعى قطيعاً ولا يتاجر بحملانه
وصوفه بل أن يأكل من لبنه لا من لحمه موعزاً إلى أن
الراعي أسقفاً كان أو
كاهناً إنما يترتب عليه أن يكتفي بما هو ضروري للقيام
بمعاشه. لينتبه أولئك الذين يريدون أن يستولوا على كل شيء فإن الفاعل إنما يستحق
طعامه.
هذا ما يريده الرب. ويترتب فوق ذلك على راعي النفوس- وهذا ما يريده الرسول-
أن يكون له قوة الجندي وعناية الغارس واهتمام الراعي. ولا يسأل فوق ذلك إلا ما كان
من باب الضرورة كالطعام والكسوة لا إغناء الأهل والإخوة!

74 – ثم لئلا يخيل إليهم أنه يقول ذلك ويـأتي بتلك الأمثلة على ما هو
جار بين البشر ولم يأمر به الكتاب قال (8) (ألعلني المتكلم بهذا بحسب البشرية أم
ليس الناموس أيضاً يقول هذا ) فلا تظنـوا ذلك لأني لم أذكر بعد شيئاً من الكتاب
فاعلموا (9) (أنه قد كتب في ناموس موسى لا تكمّ الثور في دياسه ) (تكو 4:25 )
وهـذا يثبت مـا نحن فيه ولكن ما قولكم (ألعل الله تهمه الثيران) نعم تهمه لأن
عنايته تتناول الجميع ولكن لا بحيث يرسم لأجلهم شريعة خصوصية ولذلك فإنه يشير
بقوله هذا إشارة خصوصية إلى اليهود حملاً لهم على الشفقة على الرعاة الذين يهدونهم
في طريق الخلاص بأن لا يكموهم إذ يمنعوهم عن الوعظ والتبشير ولذلك أعقب كلامه وقال
(10) (أم قال ذلك من أجلنا على الأحرى) أو على الخصوص. ثم تابع الاستعارة وقال
مبيناً ( بل إنما كتب من أجلنا) وذلك (لأنه ينبغي للحارث أن يحرث على الرجاء) أن
يحصل على الثمرة
وكذلك (للدائس على رجاء أن يكون شريكاً في
الغلة) ثم أتى بحجة أخرى
مبيناً أن ما يأخذ الرسل منهم هو أقل وأخس مما
ينبغي أن يؤدّوه لهم.

75- فقال (11) (إن كنا قد زرعنا لكم
الروحيات أفيكون
عظيماً أن نحصد منكم الجسديات) ففي الأدلة السابقة تبين أن الزرع
جسديّ وكذلك الثمرة أما هنا فأعظم، فالزرع
روحي وهو زرع الإيمان
والخلاص والثمرة جسدية وهي الطعام وهذا أخسّ وأحط
شأناً. ثم زادهم خجلاً وقال: (11) (إن كان آخرون يشتركون في السلطان عليكم أفلسنا
نحن
أولى) فلا يعني بقوله هذا وكيفا وآخرين من الرسل بل
أولئك الرسل
الكذبة الذين يبهرون ويفتخرون عليهم ويغرونهم وهم
مع ذلك يؤدّون لهم
الجعالة، هذا وإن كان لنا من الحق على الأقل ما لغيرنا من الرسل
الكذبة من السلطان عليكم فلا نستعمله ولذلك قال (لكنا لم نستعمل هذا السلطان بل نحتمل
كل شيء) الجوع والعري والتعب ونشتغل بأيدينا وكل ذلك (لئلا نعوق بشارة الإنجيل بشيء) هو ذا الغرض الذي يجعلنا أن لا
نستعمل

السلطان الذي لنا عليكم.

76- ولم يكتف بما قاله مبيناً أنه من المباح له أن يقبل منهم ما ينبغي أن يقدموه
له لا بمثل عدم كمّ الثيران ولا بجعالة الكهنة ولا بوظائف الجندي بل جاء بما هو
أنسب بالمقام فقال ( 13 ) ( أولا تعلمون أن الذين يتولون الأعمال الكهنوتية) وهم
الكهنة (يأكلون من الهيكل) من التقادم التي يقدمها الشعب والأوقاف التي يوقفها إذ
لم تبق له ولم يعد يملكها بل تصير معاشاً للذين يتولون الأعمال الكهنوتية ومدارها
خدمة النفوس وتوزيع الأسرار فهؤلاء يأكلون ولم يقل: يستغنون من التقدمات التي ترفع
إلى الهيكل وكذلك ( الذين يلازمون المذبح يقاسمون المذبح ) إذ
لم
يعد يمكنهم أن يسعوا في معاشهم لملازمتهم المذبح ولذلك كانوا
في العهد القديم
متى قدموا ذبيحة يحرقون جزءاً منها والجزء الآخر يقسمونه بينهم و (14) (هكذا قد
رتب الرب أيضاً) لقوله: إن الفاعل مستحق طعامه (متى 10:10) وقوله: وامكثوا في ذلك
البيت تأكلون وتشربون من عندهم لأن الفاعل مستحق أجرته (لوقا 7:10) وقد رتب ذلك
اقتداء بالناموس القديم كما جاء في سفـر الأحبار ( 31:7 و 32 و 33 ) غير أن المسيح
له المجد لم يأمر بذلك جازماً به إنما يشرك الفاعل مخيراً بين من يستعمل ذلك
السلطان الذي له أو لا يستعمله مع أن المسيح قد أباح ذلك لقول الرسول (أن الذين
يبشرون بالإنجيل يعيشون من الإنجيل) ولكنه لم يشأ أن يستعمل ذلك فقال:

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ل لبانة 1

77- (15) (إلا أني لم أستعمل في ذلك شيئاً) مع أني قد أثبت لكم بأدلة وافية
اختزلتها من شهادة الكتاب وأيدتها بالبراهين العقلية
والأمثلة الوافية بأن لي
السلطان أن أفعل ذلك ولم أفعله (ولا كتبت هذا لكي
يجري لي مثل ذلك) الآن أو
في ما بعد (لأنه خير لي أن أموت جوعاً من أن يعطل أحد فخري) في أن أبشر من غير
نفقة (16) (لأني إذا بشرت فليس لي فخر لأن ذلك ضرورة موضوعة عليّ) وهي ضرورة
الوصية بأن أبشر لا ضرورة تعدمني حرية الاختيار (والويل لي إن لم أبشر) فالعذاب من
وراء الانقطاع عن التبشير أبدي (17) (فإني إن كنت أفعل هذا
طوعاً فلي ثواب)
إذ لا آخذ شيئاً منكم (ولكن إن كرهاً فإنما أنا مؤتمن
على وكالة) أقوم بها
ولي على ذلك أيضاً أجر ولكن أجر من يتم الوصية لا
أجر من بأعماله المجيدة
يتجاوز الوصية، فليس على الوكيل أن يشتغل فإذا اشتغل في أرض سيده كان أجره أعظم.
ولكنه سأل وقـال ( 18 ) (فما ثوابي إذن) وأنا مؤتمن على وكالة فأجاب (هو أني إذا
بشرت أجعل البشارة بغير نفقة) ولما كان مثل هذا الكلام يعاب به الرسل الآخرون
الذين يبشرون على نفقة المؤمنين بين السبب في امتناعه عن أخذ النفقة فقال (حتى لا
أستوفي سلطاني في الإنجيل) هذا شأني في التبشير ولم يكتف بذلك بل زاد على ذلك ما
يقضي العجب من تجرّده عن كل شيء في بشارة الإنجيل فقال:

78- (19) ( لأني إن كنت حراً من الجميع ) وهنا تراه يأتي على

أسلوب الإطراء بكلام يعرب عما كان يسكن في قلبه من نيران الغيرة على خلاص النفوس فلم يكتف أن امتنع عن أخذ
النفقة ولا أنه كان
حراً من الجميع
فقد أراد أن يكون مستعبداً لا لواحد فقط بل للعالم كله
ولذلك قال ( عبّدت
نفسي للجميع ) مـن غير استثناء ( لأربـح الكثيرين ) إن لم يتسنّ لي ان أربح الجميع
لأنه وكل إليّ أن أبشر. ثم أخذ يعدّد
أنواع العبودية التي فرضها على نفسه فقال (20)
(فصرت لليهود
كيهودي لأربح اليهود) أي متشبهاً باليهودي في حفظ رسوم الناموس، فقد
ختن
تيموتاوس من أجل اليهود عندما أراد أن ينطلق معه
للبشارة كما جاء
الأعمال (3:16) وقد حلق هو رأسه وهو
في كنكرية لأنه كان عليه نـذر
(أعمال 18:18)
وقد تطهر مع اليهود وهو في أورشليم (أعمال
21 : 26) وقد صنع كل ذلك لا
بحكم المراوغة بل بحكم الشفقة لأن الناموس وإن كان قد مات فلم يكن بعد مميتاً. ثم
قال أيضاً وقد صرت (21) (للذين تحت الناموس ) والمراد بـه ناموس موسى ( كأني تحت
الناموس مع أني لست تحت الناموس لأربح الذين هـم تحت الناموس ) قال قوم إنه يعيد الكلام السابق بصورة أخرى والأصح ما
ذهب إليه القديس
يوحنا فم الذهب وهو أن المراد بأولئك الذين تحت الناموس:
أولئك الدخلاء وأولئك الذين كانوا قد
اهتدوا إلى الإيمان ولكنهم ليسوا بحكم ضمير
ضالّ متعلقين بالناموس القديم
فلم يسمِّ جميع هؤلاء يهوداً في حد أنفسهم بل تحت ناموس اليهود. ولم يكتف بذلك بل
واصل كلامه وقال وصرت (للذين بلا ناموس) وهم الأمم الذين لا يعرفون موسى (كأني بلا
ناموس مـع أني لست بلا ناموس الله بل أنا تحت ناموس المسيح لأربح الذين بلا ناموس)
أي ناموس موسى كأني فرد من جملتهم لا أعمل بالرسوم الموسوية بل بما يرسمه الناموس
الطبيعي المكتوب في قلوبهم أجادلهم بما أراه
مرسوماً على مذابحهم وأذكرهم
بما قاله شعراؤهم كما جاء في الأعمال
قوله: يا رجال أثينا… صادفت مذبحاً (عند
معاينتي لمناسككم) مكتوباً عليه للإله المجهول فهذا الذي تعبدونه وأنتم تجهلونه
أنا أبشركم به (أعمال 17 : 23 ) وقال أيضاً في الفصل نفسه وهو يحاجج أهل أثينا: إن
الله غير بعيد من كل واحد منا فإنا به نحيا ونتحرك ونوجد كما قال بعض شعرائكم إنا
نحن ذريته (28:17).

هل تبحث عن  الكتاب المقدس يسوعية كاثوليكية عهد قديم سفر اللاويين 14

79- ولم يقف عند ذلك الربح بل قال (22) (وصرت للضعفاء ضعيفاً لأربح
الضعفاء) بالعقل كان أو بالإرادة منعطفاً إليهم وقصاراي أني ( قد صرت كلا للكل
لأخلص الكل ) فهذه رغبتي عندما أبذر بشارة الإنجيل رغبة الزارع في أن ينبت كـل
البـذر الذي يبذره وإن لم ينبت كله. ثم قال ( 23 ) ( وأنا أصنع كل شيء لأجل
الإنجيل لأكون شريكاً فيه) بحيث أظهر أني شاركت المبشرين به فأستحق أن آكل من ثمره
وأن أنال الحياة الأبدية مع أولئك الذين يؤمنون به ويعملون على ما تتقاضاه رسومه.
وقد جاء بكل ذلك لا بحكم المباهاة بل بحكم الشوق والرغبة في خلاص الجميع. فأكرم
بها من رغبة. ولكن هل من الممكن خلاص الجميع ؟ فما المانع لو أراد الإنسان ذلك كأن
لا يزيغ عن جادة الاستقامة فالنعمة كافية وهي تتناول الجميع من غير استثناء وما
على الإنسان إلا أن يجاوبها. يارب يسوع: يا مخلصي ومخلص الجميع ارحمني فأعمل
إرادتك!

80- بعد أن يبين لهم أن التعفف عن الأخذ مفيد وأخذهم على ما يفتخرون
به من العلم الذي لا يشبع بدون المحبة عاد إلى ما كان قد أشار إليه من لزوم العمل
مسترسلاً إليهم على سبيل السؤال الإنكاري فقال (24) (أما تعلمون أن الذين يسابقون
في الميدان كلهم يسابقون ولكن واحداً ينال الجعالة) فلا يريد بقوله هذا أن واحداً
فقط ينال الإكليل والمجازاة إنما الغرض من كلامه أن يحمل الجميع على المسابقة،
ولذلك كلهم
يسابقون ولكن لا يكفي الواحد أن يدهن بالزيت وأن
يسابق إنما عليه أن يستمر في متابعة السباق إلى
النهاية ولذلك قال (فتسابقوا
أنتم حتى تنالوا) فالعلم الذي تزدهون به غير
كاف ما لم تمسكوا أنفسكم عن كل شيء (25). (فإن كل من يجاهد) في السباق كما تعلمون
(يمسك نفسه عن كل شيء) يوهي قواه كالسكر
والزنى وعن كل ما من شأنه
أن يضعفه
ويلهيه عن الاحتمال في السباق. هذا يتحملونه ويتمرنون عليه
لنيل إكليل فانٍ
بخلاف ما تنالونه من الأكاليل الأبدية ولذلك قال (أما أولئك فلينالوا إكليلاً يفنى
وأمـا نحن فإكليلاً لا يفنى ) ثم بعـد أن أخجلهم بمثل الآخرين جاء بمثل نفسه فقال
(26) (فأسابق أنا لا على الارتياب)
بل اطلب غرضاً وهو نصب عيني وإليه أسعى (وألاكم
لا كمن يلاكم
الجو) عبثاً من غير فائدة. بل فوق ها إني أباشر من الأفعال ما لابد
منه لنيل الإكليل ولا أكتفي بما لي من العلم (27) (بل أقمع جسدي وأستعبده حذار أن
أكون أنا نفسي مرذولاً بعد ما وعظت غيري) هذا ما يقوله
القديس بولس الذي اصطفاه
الله وقد قاسى حباً بالمسيح ما لم يقاسه
سواه وهذا قوله وهذا خوفه فكيف
تكون حالتي وأنا لا أكاد أهزّ في خلاصي
ولا أخاف. فالإيمان وحده لا يكفي إن لم تقمع
جسدك أيها المؤمن المسيحي بل إن لم تمسك نفسك عن كل شيء يجعلك تزيغ عن طريق
الاستقامة وحمل الصليب واستبعاد الجسد. فرحماك يارب!

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي