الإصحَاحُ
الرَّابعُ عَشَرَ

 

بُنيانُ
الكَنيسة

(1كُورنثُوس
14: 1- 5)

في
الإصحاح 14، يُعالِجُ بُولُس مُجدَّداً موضُوعَ موهِبَةِ الألسِنة. عندما
تتَأمَّلُونَ بهذا المَوضُوع في سفرِ الأعمال ورسالة بُولُس هذه، لا بُدَّ أن
تَصِلُوا إلى النتيجَة التي وصَفتُها لكُم عندما أعطَيتُ تَعليقي على الطريقة التي
ذكرَ بها بُولُس الألسنَة في الإصحاحِ الثَّاني عشَر من هذه الرِّسالة. فالألسنة
التي تُكُلِّمَ بها يومَ الخَمسين ليسَت هي الألسِنَة نفسُها التي تكلَّمَ عنها
بُولُس هُنا في رِسالَتِهِ إلى الكُورنثِيِّين. فالألسِنة التي تُكُلِّمَ بها يومَ
الخمسين كانت تُسمَّى نُبُوَّة، لأنَّ النَّبِي هُوَ الذي يتكلَّمُ بالنِّيابَةِ
عنِ اللهِ للإنسان، وتِلكَ الألسِنة كانت مُوجَّهَةً إلى آذانِ النَّاس. (يُوئيل
2: 28؛ أعمال 2: 17، 18)

 

بدأَ
بُولُس تعليمَهُ عن مَوهِبَةِ الألسِنة هُنا في هذا الإصحاح، بإخبارِنا بأنَّ من
يتَكَلَّمُ بألسنةٍ لا يُكَلِّمُ النَّاسَ بلِ الله. فالألسِنَةُ المَذكُورَةُ
سبعَ عشرةَ مرَّةً في هذا الإصحاح، مُوجَّهَةٌ إلى آذانِ اللهِ وليسَ إلى آذانِ
النَّاس.

 

"لأنَّ
الذي يتكلَّمُ بلِسانٍ لا يُكَلِّمُ النَّاسَ بَل الله لأنْ ليسَ أحدٌ يسمَعُ.
ولكنَّهُ يتكلَّمُ بأسرار." (1كُورنثُوس 14: 2)

 

يُخبِرُنا
الكتابُ المقدَّسُ أنَّ اللهَ أعطانا مُوسيقى، حتَّى عندما نَكُونُ في حضرَةِ
اللهِ للعِبادة، وتكُونُ لدينا حاجَةٌ قُصوى بأن نُعَبِّرَ عمَّا لا يُعَبَّرُ
عنهُ، بإمكانِنا التعبير عمَّا لا يُعَبَّرُ عنهُ أمامَ اللهِ من خلالِ المُوسيقى.
لهذا كانَ شعبُ اللهِ دائماً مُوسيقيَّاً. فداوُد يَحُثُّنا على أن نأتِيَ إلى
محضَرِ الرَّبِّ بِتَرَنُّمٍ (مزمُور 100: 2). كانَ لدى داوُد أربَعَة آلاف كاهن،
لم يكُن لديهم أيُّ عمَلٍ إلا أن يُسَبِّحُوا اللهَ بواسطَةٍ أدواتٍ مُوسيقيَّة،
صَنَعها داوُد بنفسِهِ لِلعبادَةِ الله (1أخبار 23: 5).

 

من
الطريقة التي يُختَتَمُ بها الإصحاحُ الثَّاني عشَر، يتَّضِحُ أنَّهُ ليسَ الجميع
يحصَلُونَ على موهِبَةِ الألسِنة هذه، ولا ينبَغي أن يتوقَّعَ الجميعُ أن يحصَلُوا
عَليها. هذه المَوهِبَة ينبَغي أن لا تُعتَبَرَ موهِبَةً إعتِمادِيَّة، أي كونَها
تُبرهنُ مصداقِيَّةَ إيمانِ الشخص الذي يحُوزُها وأنَّهُ شخصٌ رُوحيّ، ولا أنَّ
الذين لم يحصَلُوا عَلَيها هُم غَيرُ رُوحِيِّين. إن كانَ أيٌّ من المواهِب التي
ذَكَرَها بُولُس الرَّسُول في الإصحاح الثاني عَشَر ينبَغي أن تُعتَبَرَ موهِبَةً
إعتِماديَّة تُبَرهِنُ مصداقِيَّةَ المُؤمن، فستكُونُ موهِبَةَ النُّبوَّة. بعدَ
إخبارِنا أنَّ من يتكلَّمُ بألسِنَةٍ يُكَلِّمُ اللهَ، كتبَ بُولُس يقُول:
"ولكنَّ من يتنبَّأُ فيُكَلِّمُ النَّاس،" وهُناكَ ثلاثُ نتائج لهذا:
"لِلبُنيان، للتَّحريض، وللتَّعزِيَة." فالنَّبِيُّ هُوَ ذلكَ الشخص
الذي من خلالِهِ يتكلَّمُ اللهُ بكلمتِهِ إلى شعبِهِ بهدفِ بُنيانِهم ونُمُوِّهم.
وبما أنَّ هدَفَ هذه المواهِبِ الرُّوحيَّة هو أنَّ كُلَّ الأشياء هي لبُنيانِ
الكنيسة (1كُورنثُوس 14: 26)، فالذي لدَيهِ موهِبَةُ النُّبُوة هُوَ أعظَمُ ممَّن
يتكلَّمُ بألسِنة.

 

يُقدِّمُ
بُولُس تصريحاً واضِحاً في العدد الرَّابِع، عندما يكتُبُ أنَّهُ عندما يتكلَّمُ
أحدٌ بِلِسانٍ مجهُول، فإنَّهُ يبنِي نفسَهُ. ولكنَّ الشخصَ الذي يتنبَّأُ،
والشَّخصُ الذي من خلالِهِ يتكلَّمُ اللهُ بكلامِهِ، فهُوَ يبنِي الكنيسة. لهذا
يكتُبُ بُولُس لاحِقاً: "إنِّي أُريدُ أنَّ جَميعَكُم تتكلَّمُونَ بألسِنة
ولكن بالأولَى أن تتنبَّأُوا. لأنَّ من يتنبَّأُ أعظَمُ مِمَّن يتَكَلَّمُ بألسِنة
إلا إذا ترجَمَ حتَّى تنالَ الكَنيسَةُ بُنياناً."

 

لاحِظُوا
التشديد أنَّ القَصدَ من كُلِّ المواهِبِ الرُّوحيَّة هي أنْ تنالَ الكنيسةُ
بُنياناً. فبِحَسَبِ تعليمِ بُولُس المُوحى بهِ، إذا تمَّ التكلُّم بألسِنة في
الكنيسة، أو في الجماعة، ينبَغي أن يكُونَ هُناكَ مُتَرجِمٌ. لأنَّ كُلَّ ما
يحدُثُ في الجماعَةِ ينبَغي أن ينفَعَ الجماعَةَ بكامِلِها.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس أ أليقا 1

 

"بِلَياقَةٍ
وتَرتِيبٍ"

(1كُورنثُوس
14: 6- 22)

يُحَذِّرُ
بُولُس الرَّسُول بِشِدَّة من مُمارَسَةِ مَوهِبَةِ الألسِنة عندما تجتَمِعُ
الكَنيسةُ معاً. ويضَعُ، مُرغَماً، قواعِدَ أساسيَّة لِمُمَارَسَةِ هذه
المَوهِبَة، عندما يجتَمِعُ كُلُّ الجَسَدِ معاً: لا ينبَغي أن يكُونَ هُناكَ
أكثَر من خِدمَتَينِ أو ثلاث تحدُثُ في إجتِماعٍ مُعَيَّن، وينبَغي أن تجري هذه
الخدمات واحِدَةً تِلوَ الأُخرى، وينبَغي أن تتوفَّرَ التَّرجَمَةُ بإستِمرار.
إنَّ التَّرجَمَة مُوصَىً بهِا لأنَّ كُلَّ من يحضُرُ الإجتِماع ينبَغي أن يُبنَى.
فالألسِنَةُ بدُونِ ترجَمَةٍ تبني فقط الذي يتكلَّمُ بهذه الألسِنة. وهذا أمرٌ
غَيرُ مَقبُول بالنسبَةِ لبُولُس الرَّسُول.

 

في
العدد 6، لاحِظُوا أنَّهُ يكتُبُ: "فالآن أيُّها الإخوة إن جِئتُ إليكُم
مُتَكَلِّماً بألسِنَةٍ فماذا أنفَعُكُم إن لم أُكَلِّمْكُم إمَّا بإعلانٍ أو
بِعِلمٍ أو بِنُبُوَّةٍ أو بِتَعليمٍ؟" بِكَلامٍ آخرَ، ينبَغي أن يكُونَ
هُناكَ إعلانٌ، أو وعظٌ أو تعليمٌ بما تقُولُهُ كلمةُ اللهِ وما تعنيهِ لي، لكي
أبنِيَكُم."

 

ثُمَّ
يستَنتِجُ في العدد 9، "هكذا أنتُم أيضاً إن لم تُعطُوا بِاللِّسانِ كلاماً
يُفهَمُ فكَيفَ يُعرَفُ ما تُكُلِّمَ بهِ؟ فإنَّكُم تكُونُونَ تَتَكَلَّمُونَ في
الهَواء." كتبَ بُولُس في مكانٍ آخر: "فإذ لنا رجاءٌ مثل هذا نَستَعمِلُ
مُجاهَرَةً كَثيرَةً." (أي ينبَغي علينا إستخدامَ كلماتٍ سهلَةِ الفهم)
(2كُورنثُوس 3: 12)

 

فيما
يتعلَّقُ بمَوهِبَةِ الألسِنة، يُتابِعُ بُولُس القَول: "رُبَّما هُناكَ
أنواعُ لُغاتٍ هذا عدَدُها في العالم وليسَ شَيءٌ منها بِلا معنَىً. فإن كُنتُ لا
أعرِفُ قُوَّةَ اللُّغَةِ أكُونُ عندَ المُتَكَلِّمِ أعجَمِيَّاً والمُتَكَلِّمُ
أعجَمِيَّاً عندي." (1كُورنثُوس 14: 10، 11) فإن لم تفهَمْ اللُّغَة، كيفَ
سيَتِمُّ البُنيان؟)

 

"هكذا
أنتُم أيضاً إذ إنَّكُ غَيُورُونَ لِلمَواهِبِ الرُّوحيَّة، أطلُبُوا لأجلِ
بُنيانِ الكَنيسة أن تزدادُوا. لذلكَ من يتكلَّمُ بِلِسانٍ فليُصَلِّ لِكَي
يُتَرجِمَ. لأنَّهُ إن كُنتُ أُصَلِّي بِلِِسانٍ فَرُوحي تُصَلِّي وأمَّا ذِهني
فهُوَ بِلا ثَمَر. فما هُوَ إذاً، أُصَلِّي بالرُّوحِ وأُصَلِّي بالذِّهنِ أيضاً.
أُرَتِّلُ بالرُّوحِ وأُرَتِّلُ بالذِّهنِ أيضاً." (12- 15)

 

يُعَلِّمُ
بُولُس أنَّهُ حتَّى عندما تكُونُ وَحيداً في مخدَعِ صلاتِكَ، فإذا إختَبَرتَ هذه
الظَّاهِرة، عليكَ أن تُصَلِّيَ طلَباً للتَّرجَمة، لكي تُبنَى أنتَ شَخصيَّاً
أيضاً. ثُمَّ يُعيدُ الموضُوعَ إلى إطارِ الجَماعة في العدد 18 و19: "أشكُرُ
إلهي إنِّي أتَكَلَّمُ بألسِنَةٍ أكثَرَ من جَميعِكُم. ولكن في كَنيسةٍ أُريدُ أن أتكَلَّمَ
خمسَ كَلِماتٍ بِذِهني لِكَي أُعَلِّمَ آخَرِينَ أيضاً أكثَرَ من عَشرَة ِآلافِ
كَلِمَةٍ بِلٍِسان."

 

ما
يُتابِعُ التشدِيدَ عليهِ هُوَ أنَّهُ في الجَماعة، كُلُّ الكنيسةِ ينبَغي أن
تُبنَى، بكُلِّ ما يحدُثُ عندما تجتَمِعُ الكَنيسَةُ معاً. ثُمَّ يُلَخِّصُ ما يُريدُ
قولَهُ في العدد 20، "أيُّها الإخوة لا تَكُونُوا أولاداً في أذهانِكُم بل
كُونُوا أولاداً في الشَّرّ. وأمَّا في الأذهانِ فكُونُوا كامِلين."
بِكَلِماتٍ أُخرى، عليكُم أن تَكبُروا وتنضُجُوا. هذا يعني أنَّهُ من الأفضَل أن
تكُونُوا سَاذِجينَ بعضَ الشَّيء، وأطفالاً في براءَتِكُم ونقاوَتِكُم، ممَّا أن
تَكُونُوا إنتِقادِيِّين ساخِرين. ولكن ما يقُولُهُ بشكلٍ أساسِيٍّ هُوَ: أنمُوا
في فهمِكُم. دعا بُولُس هؤلاء الكُورنثِيِّين "أطفالاً" في الإصحاحِ
الثالِث والعدد الأوَّل. في الحركَةِ الثالِثة من سمفونيَّةِ المحبَّة في العدد
13، علَّمَ بالمِثالِ أنَّهُ ينبَغي أن نضعَ جانِباً طُرُقنا الطُّفُوليَّة.
وهُنا، وللمرَّةِ الثَّالِثة، يُخبِرُ هؤُلاء الكُورنثِّيِّين أنَّهُم أطفالٌ رُوحيَّاً
وفكريَّاً.

هل تبحث عن  00

 

نساءٌ
تتكلَّمنَ في الكنيسة

في
الأعدادِ الخِتامِيَّة من هذا الإصحاح، يُوجَدُ مقطَعٌ موضِعَ جدَلٍ، يمنَعُ
النِّساءَ من التكلُّمِ في الكَنيسة. ويذهَبُ بُولُس إلى حَدِّ القَول أنَّهُ من
العارِ على المرأَةِ أن تتكلَّمَ في الكنيسة. قد تُساعِدُنا الخَلفِيَّةُ
الحضارِيَّةُ على فهمِ هذه الأعدادِ الصَّعبة.

 

ففي
كنائِسِ المنزِل في كُورنثُوس، يعتَقِدُ المُفَسِّرُونَ أنَّه قد دَرَجَت عادَةُ
جعلِ النِّساء والرِّجال يجلِسُونَ كُلٌّ منهُم على جانِبٍ مُقابِلَ الآخر من
غُرفَةِ الإجتِماع. وبما أنَّ النِّساءَ كُنَّ على مُستَوى مُتَدَنٍّ جداً
ثقافِيَّاً في حضاراتِ تِلكَ الأيَّام، كانت النِّساءُ غيرَ قادِراتٍ على فهمِ
التعليم. وكُنَّ يُثَرثِرنَ معَ بعضِهِنَّ البَعض. وكُنَّ أيضاً يسألَنَ
أزواجَهُنَّ عن معنى التعليم. قد يكُونُ هذا مُشَتِّتاً للإنتِباه أو مُِشَوِّشاً،
لأنَّهُنَّ كُنَّ يُنادِينَ أزواجهُنَّ من جِهَةٍ من الغُرفَةِ إلى الجهةِ
الأُخرى. هذا يُفَسِّرُ التعليمَ القائِل أنَّهُ عليهِنَّ أن ينتَظِرنَ إلى أن
يَصِلنَ إلى المنزِل لكي يطرحَنَ الأسئِلة على أزواجِهِنَّ.

 

في
الإصحاح 11، أعطى بُولُس تعليماتٍ عن النِّساء اللواتي يُصَلِّينَ أو يتنبَّأنَ في
الكَنيسة. هذا يعني أنَّهُ لم يمنَعْ قَطعيَّاً النِّساءَ من التكلُّمِ في
الكنيسة. بل ما كانَ يمنَعُهُ بُولُس هُوَ ثَرثَرَتُهُنَّ، والأسئِلة التي أردنَ
طرحَها على أزواجِهِنَّ، من جِهَةٍ إلى أُخرى في غُرفَةِ الإجتماع في كنيسةِ
المنزِل، الأمرُ الذي إعتَبَرَهُ بُولُس الرَّسُول عاراً.

 

"ليَكُن
كُلُّ شَيءٍ لِلبُنيان"

(1كُورنثُوس
14: 26- 36)

في
هذه الأحد عشَر عَدَداً، يُلَخِّصُ بُولُس ما علَّمَهُ في الإصحاح الرَّابِع عشر.
حتَّى وَلَو عالَجَ قَضِيَّةَ الألسِنة بعُمقٍ شَديد، وذكرَ الألسِنة سبعَ عشرَةَ
مرَّةً، ولكن وكما سبقَ وأشرتُ، الموضُوع الحقيقي لهذا الإصحاح مذكُورٌ أكثَر من
أربَعينَ مرَّةً. هذا المَوضُوعُ هُوَ أنَّهُ عندما تجتَمِعُ الكَنيسة، كُلُّ
الأشياء ينبَغي أن تُعمَلَ لأجلِ البُنيَان أو لِبُنيانِ كُلِّ الكنيسة.

 

ومُلَخَّصُ
تعليمِهِ هُوَ أيضاً تعليمٌ مُعَمَّقٌ عن كيفَ ينبَغي على المُؤمنينَ أن يعبُدُوا
عندما تجتَمِعُ الكَنيسة. فإن كُنتَ تعيشُ في حضارَةٍ تُوجدُ فيها عدَّة كنائِس،
فإذا حضَرتَ لإثنَي عشرَ أُسبُوعاً كُلَّ مرَّةٍ في كنيسةٍ مُختَلِفَةٍ، سوفَ
تندَهِشُ من كونِ هذه الكنائس لها أشكالٌ مُختَلِفَةٌ جداً في العبادَةِ. إفتَرِضْ
أنَّكَ فتحتَ العهدَ الجديد مُتسائِلاً، "أيٌّ من هذه الكنائِس هي الكنيسةُ
الصَّحيحَةُ في طريقَةِ عبادَتِها للمسيح؟" سوفَ تكتَشِفُ أنَّ التعليمَ
الوحيد الذي أعطاهُ يسُوعُ لكنيستِهِ عنِ العِبادة، كانَ عندما أسَّسَ ما
نُسمِّيهِ "الإشتِراك،" أو "مائدة الرَّب." المَقطَعُ
المُشارُ إليهِ في بدايَةِ هذا الفصلُ من تفسيري، هُوَ التعليمُ الأكثَرُ عُمقاً
في العهدِ الجديد عن كيفَ ينبَغي على الكنيسةِ أن تعبُدَ.

 

بَينَما
نُلَخِّصُ هذا المُوجَز، لاحِظُوا بعضَ المبادِئ التي يُشارِكُ بها بُولُس من
العدد 26 إلى 36. بادِئَ ذِي بدء، ينبَغي أن يكُونَ هُناكَ مُشارَكة من كُلِّ شخصٍ
من الحاضِرين. فعندما نجتَمِعُ معاً، ينبَغي أن يُشارِكَ كُلُّ واحِدٍ مِنَّا بما
لدَيه – مزمُور، تعليم، إعلان، لِسان، أو ترجَمَة (26). ثُمَّ يكتُبُ أنَّ
الأنبِياءَ، الذين أعتَقِدُ أنَّهُم مُعَلِّمُو وَوَاعِظُو الكَلِمة، لا ينبَغي أن
يقُومُوا بذلكَ مُنفَرِدينَ، أي كُلُّ واحِدٍ بِمُفرَدِهِ، بل إثنَين أو ثلاثَة
(29). فبينما يقُومُ الإثنان أو الثلاثة بأخذِ أدوارِهم في مُشارَكَةِ الكلمة، إذا
أُعلِنَ أمرٌ لِشَخصٍ آخر، ينبَغي أن يصمُتَ المُتَكَلِّمُ، وأن يدعَ الآخرينَ
يُشارِكُون (30). الفِكرَةُ هي، إذا جاءَ كُلُّ واحِدٍ بأمرٍ يُريُد أن يُشارِكَ
بهِ، وإن كانت لدى كُلِّ واحِدٍ فُرصَةَ التكلُّمِ بالدَّور، فسيتعلَّمُ الجَميعُ
ويتعزُّونَ ويتشجَّعُونَ ويُبنَون.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس س ساريد 1

 

يَصِفُ
بُولُس أمراً مُشابِهاً لما يُعتَبَرُ المنهَجِيَّة الأكثَر فعالِيَّةً لتعليمِ
صَفٍّ جامِعيٍّ اليوم. وهَذا ما يُسمَّى "حلقة الدِّراسة" أو
Seminar، ويَتِمُّ التَّركيزُ على ذلكَ في
الدِّراساتِ العُليا، أو في الكُلِّياتِ العقلانيَّة الصَّغيرة المتَطَوِّرَة،
حيثُ تكُونُ أعدادُ الطُّلابِ صغيرَةٍ في الصُّفوف، ويكُونُ الطُّلابُ مَوهُوبِين.
يكُونُ المُحاضِرُ مصدراً للمَعلُومات، وكلُّ تلميذٍ يأخُذُ دَورَهُ في تقديمِ،
ومُناقَشَةِ بحثِه الذي كتبَهُ والدِّفاع عنهُ أمامَ الصَّف. تُعتَبَرُ هذه
الطَّريقَةُ هي الأكثَر فعالِيَةً لتعليمِ الطُّلاب، لأنَّ هُناكَ مُناقَشَة
وتفاعُل. بالمبدَأ، هذا بالتحديد هُوَ ما كانَ بُولُس يَصِفُهُ منذُ ألفَي عام،
عندما كتبَ هذه الأعداد الأحد عشر.

 

كيفَ
يكُونُ الوضعُ عندما تجتَمِعُ كنائِسُنا معاً اليوم؟ هل لِكُلِّ واحدٍ ما
يُشارِكُهُ معَ الآخرين؟ إن كُنتَ تنتَمي إلى كنيسةٍ حيثُ تُطَبَّقُ هذه المبادِئ،
لَرُبَّما في مجمُوعَةٍ صَغيرَةٍ سوفَ تَعيشُ في أجواءِ كلمةِ الله. وسوفَ
تُفَتِّشُ عن مزمُور، أو تعليم، أو أمرٍ أعلنَهُ الرَّبُّ لكَ شَخصِيَّاً، عالِماً
أنَّهُ عندما يجتَمِعُ الجسدُ معاً، سوفَ تكُونُ لكَ فُرصَةُ المُشارَكة. ولكن إن
لم تُعطَ لكَ أيَّةُ فُرصَةٍ للمُشارَكة، فلَرُبَّما لن تأتي وبحَوزَتِكَ أيُّ
شَيءٍ لتُِشارِكَ بهِ. ولكن لكي ينجَحَ هذا الترتيبُ في العبادَة، ينبَغي على
كُلِّ واحِدٍ أن يأتِيَ بشَيءٍ عندما يحضُر، وينبَغي أن يكُوتَ لكُلِّ واحِدٍ
فرُصَةَ المُشارَكَةِ بما أتى بهِ. في هذا الترتيبِ الكَنَسيّ للعِبادَة، ستكُونُ
لدى النَّاس فُرصَةُ مُمارَسَةِ مواهِبِهم، وهذه المواهِبُ سوفَ تنمُو وتزدَهِرُ.

 

هذا
تعليمٌ مُشابِهٌ لِلعِبادَة التي تمَّ التعليمُ عنها في سفرِ العبرانِيِّين (10:
21- 25).

 

إنَّ
كُلاً من هذين المقطَعَين اللَّذَين يُخبِرانِنا كيفَ ينبَغي أن نعبُدَ، لديهما
مبدَأٌ مُشتَرَك. هذا المبدَأُ هُوَ أنَّنا عندَما نجتَمِعُ بأنفُسِنا معَ
مُؤمنينَ آخَرين، هدَفُنا ينبَغي أن يكُونَ أن نعتَبِرَ بعضُنا بعضاً، ونرى كيفَ
يُمكِنُنا أن نبنِيَ بعضُنا بعضاً ونُبارِكَ المُؤمِنينَ الآخرينَ الذين يلتَقُونَ
بنا.

 

هل
بإمكانِي أن أسألَكَ سُؤالاً شَخصيَّاً؟ لماذا تذهَبُ إلى الكنيسة؟ مُؤمنُونَ
كَثيرُونَ يحضُرُونَ الكَنيسة، بسبب ما يحصَلُونَ عليهِ من الإجتماع. لاحِظْ في
هذين المقطَعَين، أنَّ ما يذهَبُ مُعظَمُ المُؤمنين من أجلِهِ إلى الكنيسة،
يُعَلِّمُ هذان المَقطَعانِ المُؤمنينَ أن يأخُذُوهُ من الرَّبِّ قبلَ أن يذهَبُوا
إلى الإجتِماع. وعندما يُصبِحُونَ جزءاً من إختِبارِ العبادَة، ينبَغي أن يكُونَ
هدَفُهُم، "مُلاحِظينَ بعضُهم بعضاً للتَّحريض على المحبَّة والأعمال
الحَسَنة."

 

رُغمَّ
أنَّ الإصحاح الرَّابِع عشَر من كُورنثُوس الأُولى يُعتَبَرُ بالنسبَةِ للكثيرينَ
أنَّهُ إصحاحُ الألسِنة، ولكنَّ التشديدَ الحَقيقيَّ في هذا الإصحاح نجِدُهُ في
كلماتِ بُولُس الرَّسُول التالية: "لِيكُن كُلُّ شَيءٍ للبُنيان."

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي