الإصحَاحُ
الثَّامِنُ

 

2 –
أسئلة عن الاحتفالات الوثنية (1كورنثوس 8 : 1 – 11: 1)

السؤال
الثاني الذي وجّهه أهل كورنثوس الى الرسول بولس يتعلّق بموقفهم تجاه جيرانهم
الوثنيين: هل يجوز لهم أن يشاركوهم في أعيادهم التي يقيمونها في الهياكل الوثنية؟
هل يجوز لهم أن يأكلوا من اللحوم التي تُقدَّم للأوثان؟ إلى أي حد يمكن أن يوجد
هناك ائتلاف بين المسيحي وبين غير المسيحيين؟ انقسم المسيحيون إلى فريقين: فريق
متسع القلب لم يرد أن يضع حداً لهذا الاختلاط، لأنه يؤمن أن الأوثان ليست شيئاً.
هؤلاء حسبوا أنفسهم أقوياء. لكن فريقاً آخر لم يقدر أن يتخلص من ممارسة الحياة
الوثنية، وأحس أن في الوثن قوة شيطانية لا تسمح له أن يشترك في الولائم، ولا أن
يأكل مما ذُبح للأوثان، وقد سَمَُّى هؤلاء ضعفاء.

ويقدم
لهم الرسول بولس ثلاثة مباديء يطبقونها عندما يسألون أنفسهم: هل يشتركون في
الأعياد الوثنية أو لا يشتركون فيها؟

1. مبدأ
المحبة (أصحاح 8) ويقدم الرسول بولس نفسه مثالاً لهذه المحبة (9: 1 – 23).

2. مبدأ
ضبط النفس (9: 24 – 10: 13).

3. مبدأ
الإخلاص للمسيح (10: 14 – 22). ثم يقدم الرسول بولس ملخصاً لما قاله (10: 23 – 11
: 1).

(أ)
مبدأ المحبة

1
وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ فَنَعْلَمُ أَنَّ لِجَمِيعِنَا
عِلْماً. ٱلْعِلْمُ يَنْفُخُ، وَلٰكِنَّ ٱلْمَحَبَّةَ تَبْنِي.
2 فَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ يَعْرِفُ شَيْئاً، فَإِنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ
شَيْئاً بَعْدُ كَمَا يَجِبُ أَنْ يَعْرِفَ! 3 وَلٰكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ
يُحِبُّ ٱللّٰهَ، فَهٰذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَهُ. 4 فَمِنْ جِهَةِ
أَكْلِ مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ، نَعْلَمُ أَنْ لَيْسَ وَثَنٌ فِي
ٱلْعَالَمِ، وَأَنْ لَيْسَ إِلٰهٌ آخَرُ إِلا وَاحِداً. 5 لأَنَّهُ
وَإِنْ وُجِدَ مَا يُسَمَّى آلِهَةً، سِوَاءٌ كَانَ فِي ٱلسَّمَاءِ أَوْ
عَلَى ٱلأَرْضِ، كَمَا يُوجَدُ آلِهَةٌ كَثِيرُونَ وَأَرْبَابٌ كَثِيرُونَ.
6 لٰكِنْ لَنَا إِلٰهٌ وَاحِدٌ: ٱلآبُ ٱلَّذِي مِنْهُ
جَمِيعُ ٱلأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ،
ٱلَّذِي بِهِ جَمِيعُ ٱلأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ بِهِ. 7 وَلٰكِنْ
لَيْسَ ٱلْعِلْمُ فِي ٱلْجَمِيعِ. بَلْ أُنَاسٌ بِٱلضَّمِيرِ
نَحْوَ ٱلْوَثَنِ إِلَى ٱلآنَ يَأْكُلُونَ كَأَنَّهُ مِمَّا ذُبِحَ
لِوَثَنٍ. فَضَمِيرُهُمْ إِذْ هُوَ ضَعِيفٌ يَتَنَجَّسُ. 8 وَلٰكِنَّ
ٱلطَّعَامَ لا يُقَدِّمُنَا إِلَى ٱللّٰهِ، لأَنَّنَا إِنْ
أَكَلْنَا لا نَزِيدُ وَإِنْ لَمْ نَأْكُلْ لا نَنْقُصُ. 9 وَلٰكِنِ
ٱنْظُرُوا لِئَلا يَصِيرَ سُلْطَانُكُمْ هٰذَا مَعْثَرَةً
لِلضُّعَفَاءِ. 10 لأَنَّهُ إِنْ رَآكَ أَحَدٌ يَا مَنْ لَهُ عِلْمٌ، مُتَّكِئاً
فِي هَيْكَلِ وَثَنٍ، أَفَلا يَتَقَّوَى ضَمِيرُهُ، إِذْ هُوَ ضَعِيفٌ، حَتَّى
يَأْكُلَ مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ؟ 11 فَيَهْلِكَ بِسَبَبِ عِلْمِكَ ٱلأَخُ
ٱلضَّعِيفُ ٱلَّذِي مَاتَ ٱلْمَسِيحُ مِنْ أَجْلِهِ. 12
وَهٰكَذَا إِذْ تُخْطِئُونَ إِلَى ٱلإِخْوَةِ وَتَجْرَحُونَ
ضَمِيرَهُمُ ٱلضَّعِيفَ، تُخْطِئُونَ إِلَى ٱلْمَسِيحِ. 13
لِذٰلِكَ إِنْ كَانَ طَعَامٌ يُعْثِرُ أَخِي فَلَنْ آكُلَ لَحْماً إِلَى
ٱلأَبَدِ، لِئَلا أُعْثِرَ أَخِي. (1كورنثوس 8: 1 – 13).

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس م ماكيريون ن

واجه
المؤمنون في كورنثوس مشكلة هي أن هناك لحوماً كانت تُذبح للوثن. وقال بعض
المسيحيين إنهم يمكن أن يأكلوا منها لأنه لا يوجد ما يُسمى بالوثن. وقال البعض
الآخر إنهم لا يجب أن يأكلوا منها لأنها مذبوحة باسم الوثن. ودار جدال بين
المسيحيين سبَّب كثيراً من الغضب، وكتب مؤمنو كورنثوس يسألون بولس الرسول في ذلك.
فأوضح لهم أن المبدأ الأول في هذا الموضوع هو أن يُظهر كل واحد منهم المحبة لغيره.
فالشخص القوي يمكن أن يأكل هذه اللحوم، أما الضعيف فيمتنع عنها. وينبغي لكل واحد
من الطرفين أن يحترم الطرف الآخر، سواء أكل أو لم يأكل، فقد قال المسيح إن ما يدخل
جوف الإنسان لا ينجّسه! ولكن ما يخرج منه هو الذي ينجسه. لقد انتقلت المشكلة في
كنيسة كورنثوس من مشكلة أكل لحم أو الامتناع عن أكله إلى مشكلة نقص محبة، لذلك
يقول بولس الرسول إن الجميع يعرفون حكاية اللحم المذبوح للوثن، لكن المعرفة تجعل
صاحبها ينتفخ ويتكبّر، بينما المحبة هي التي تبني. والذي يحب الله هو معروف عند
الله، والذي يحب الله يعرف الله، الإله الواحد، وهو الآب الذي منه كل شيء، والذي
لأجله نحن، ورب واحد هو يسوع المسيح الذي به كل شيء، وبه نحن.

لكن
ليس كل الناس يعرفون هذه الحقيقة، فبعضهم تعّوَدوا على الأوثان حتى أنهم يأكلون
الذبائح كأنها بالفعل ذبائح للأوثان. ولأنهم ضعفاء، فانهم بعد أن يأكلوا يشعرون أن
ضمائرهم قد تدنست. مع أن الحقيقة هي أن الطعام لا يقرّبنا إلى الله. فإننا إن أكلنا
لا نكسب شيئاً وإن لم نأكل لا نخسر شيئاً. ولذلك فإن على المؤمنين أن يتنبَّهوا
لئلا تكون حريتهم هذه حجر عثرة للضعفاء. فالشخص الذي يعتبر أن الوثن غير موجود
ويأكل اللحم المذبوح للأوثان، يضع حجراً في طريق صديقه الضعيف، فيعثر هذا الضعيف.
وله يقول الرسول: إذا رآك أحد، أنت يا صاحب المعرفة، تأكل في هيكل الأوثان، ألا
يتشجع إن كان ضعيف الضمير، فيأكل من ذبائح الأوثان؟ أنت تأكل وأنت تعلم أنه لا
يوجد هناك ما يُسمَّى وثن، وهو يأكل باعتبار أن هذا شيء للوثن، فتكون معرفتك أنت
سبباً في هلاك هذا الضعيف، مع أن هذا الضعيف أخ لك مات المسيح من أجله. وهكذا نخطئ
إلى المسيح حين نخطئ إلى إخوتنا، وحين نجرح ضمائرهم الضعيفة. فاذا كان بعض الطعام
سبباً في تعثُّر أخي وسقوطه، اذاً لن آكل اللحم أبداً لئلا أكون سبباً في سقوط
أخي. إذاً ليست المشكلة في أكل اللحم بل في محبة الآخر وفي الاهتمام بمصلحته.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس تشكيل فاندايك وسميث عهد جديد سفر أعمال الرسل 05

هذه
المشكلة نفسها تتكرر اليوم، فبعض المتنصّرين الهندوسيين في بلاد الهند قضوا حياتهم
كلها نباتيين يفزعون من أكل لحوم البقر، وكذلك يفزع المتنصّرون المسلمون من أكل
لحوم الخنزير. ولا جدال في أن المسيحيين الذين بلغوا درجة من العلم يدركون أن هذه
مسائل تافهة لا يكترثون لها، لكنهم يجب أن يحترموا شكوك إخوتهم الضعفاء، فيمتنعون
عن أكل لحوم البقر، أو يمتنعون عن أكل لحوم الخنزير، بسبب محبتهم لإخوتهم وحرصهم
على راحتهم الروحية، ومنعاً من إيذاء شعورهم. ولا يجوز أن يدين أحد الآخرين أو
ينسب إليهم الخطية في هذه الأمور، فلا يوجد مسيحي يحسب نفسه سيداً متسلّطاً على
الآخرين، فالكل عبيد الله، وعلى كل إنسان أن يتصرف بحسب المعرفة التي نالها كما
يرى هو صواباً ومرضياً. على أنه يجب أن يمتنع عن أكل اللحم في الولائم العامة لئلا
يحتذي الإخوة الضعفاء المتشككون به، فيتأذَّى ضميرهم.

آية
للحفظ

«وَلٰكِنَّ
ٱلطَّعَامَ لا يُقَدِّمُنَا إِلَى ٱللّٰهِ، لأَنَّنَا إِنْ
أَكَلْنَا لا نَزِيدُ وَإِنْ لَمْ نَأْكُلْ لا نَنْقُصُ» (1كورنثوس 8: 8)

صلاة

إلهنا
الصالح، اغفر لنا سوء استعمالنا لحريتنا، واخلق فينا شعور المحبة التي تراعي مشاعر
الآخرين، فنكرم إخوتنا ونساعدهم ونبنيهم. ساعدنا لنمتنع عن كل ملذات هذا العالم،
كما أن المسيح أخلى نفسه ليخلصنا نحن الضعفاء المحتاجين. نشكرك لمحبتك وخلاصك
وفدائك.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي