الإصحَاحُ
الأَوَّلُ

 

1 –
التحيات والبركة الرسولية (1: 1 – 2)

1
بُولُسُ وَتِيمُوثَاوُسُ عَبْدَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، إِلَى جَمِيعِ
ٱلْقِدِّيسِينَ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ، ٱلَّذِينَ فِي
فِيلِبِّي، مَعَ أَسَاقِفَةٍ وَشَمَامِسَةٍ.

لم
ينفرد الرسول بكتابة رسالته، بل بحثها قبلاً مع رفيقه الأمين تيموثاوس. وصلى معه
لأجل الفيليبيين، لتصبح رسالتهما مشحونة بقوة اللّه وبركاته. وكان تيموثاوس خليفة
الرسول في رعاية الكنيسة والمسؤول عن مصيرها روحياً وإيمانياً.

وكلاهما
لم يسميا نفسيهما أساقفة أو رعاة، بل عبدي المسيح، لأنهما لم يريدا التكبر
المستعلي ولا الكتابة بأفكارهما الخاصة، بل كتبا بإرشاد روح المسيح، فلم يريدا
الحركة أو الكتابة مستقلين عنه، بل اعتبرا أنفسهما عبديه في كل مراحل حياتهما،
حرين كانا أم سجينين.

وكتبت
هذه الرسالة إلى المؤمنين بالمسيح، الذين حل فيهم الروح القدس فجعلهم قديسين بكل
معنى الكلمة، لا لصلاحهم الشخصي بل لأجل إيمانهم بالحي، الذي تعاهد معهم وشملهم
بلطفه، حتى تغيروا جميعاً إلى صورته.

وهكذا
دخلوا إلى رحابه، وثبتوا في ملكوته. فأصبحوا «في المسيح» واحداً في الروح القدس،
واختبروا يومياً حمايته. فمن يثبت في المسيح يعش كأنه في السماء، رغم المضايقات في
دنيانا التي تحيط به.

ووجد
في كنيسة فيلبي أساقفة متواضعون وخدام للرب، معينين من الروح القدس للخدمات
والأتعاب في تضحية الذات. ولكن أصحاب الرتب لم يعتبروا ذواتهم أعظم وأحسن من بقية
أعضاء الكنيسة، عالمين أن الروح القدس واحد والمغفرة واحدة. أما المسيح فيوزع
الخدمات حسب اختياره، ويعطي المواهب لمن يشاء. والسر في سلطان الأحبار هو التواضع.
كما أن ذكرهم هنا يأتي بعد القديسين، كأن شعب الكنيسة أهم من رعاتها.

وإن
تعمقت في الرسالة لأهل فيلبي، ترى أن كلمتين تتكرران هما «يسوع المسيح». وهذه
العبارة ليست اسماً بل جملة تامة دالة على معنى، أن يسوع هو المسيح. فمن هو يسوع،
وما تعني كلمة المسيح؟ إن الإنسان يسوع مولود من المرأة تحت الناموس. وعاش في
المدينة الصغيرة الناصرة من منطقة الجليل. وتعلم القراءة والكتابة واشتغل نجاراً
إلى أن صار عمره حوالي ثلاثين سنة. وجُرِّب كما نحن، ولكن بقي بلا خطية. فقد كان
الإنسان الوحيد القدوس. وتجلت فيه صورة اللّه. وتوقف كماله على الحقيقة أنه غير
مولود من أب دنيوي، بل من الروح القدس مباشرة. فيستحق الاسم «ابن العلي». وفي قوة
أبيه السماوي قام بمعجزات كثيرة، وغفر الخطايا، وصالح العالم مع اللّه. فيسوع هو
ابن الإنسان، وابن اللّه بنفس الوقت.

أما
لقب المسيح فمعناه الممسوح بملء الروح القدس، حتى أن كل صفات اللّه حلت فيه. وأدرك
اليهود من نبوات العهد القديم أن اللّه سيرسل مسيحه إليهم. إنما فسروا هذا الوحي
بطريقتهم الخاصة، كأن مسيا هو ملك سياسي ينشئ دولة السلام التي مركزها أورشليم،
ويقيم الموتى ويجلب العلماء على الأرض.

ولكن
عندما دعا يسوع اليهود إلى التوبة، ولم ينصرهم على الرومان ولم ينكر بنوته للّه،
سلموه للصلب. أما المسيح فغلب الموت وقام من القبر، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الآب،
وأرسل قوة الروح القدس إلى جميع المؤمنين به.

وهكذا
دعا مختاريه من العالم وعانقهم لكيلا يكونوا منعزلين فيما بعد، بل «في المسيح
يسوع». فاسمه يعني قوة روحية عظيمة تشملنا وتحملنا وتضمننا. ومن يختبر هذا السر في
حفظ المسيح يسجد له. ويعتبر نفسه عبداً لمحبته، كما قال بولس وتيموثاوس عن
نفسيهما. فهل ثبتَّ في المسيح يسوع وجعلت نفسك عبداً لرحمته؟

الصلاة:
أيها الرب يسوع المسيح المقام من بين الأموات المنتصر. نسجد لك، لأنك دعوتنا من
عالم الخطية بواسطة رسلك الكرام، لندخل إلى رحابك. ونثبت في قدرتك. ونختبر حماية
اسمك. اغفر لنا ذنوبنا. واجعلنا قديسين بلا لوم قدامك في المحبة.

 

1: 2
نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلامٌ مِنَ ٱللّٰهِ أَبِينَا وَٱلرَّبِّ
يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ.

بعد
التحية الافتتاحية أفاض الرسول بركته على الرعية كخلاصة تعليمه وقوته. فمن يضع
نفسه تحت هذه البركة الرسولية ويتمسك بها، لا يبقى إنساناً عادياً فيما بعد، بل
يتغير، ويتبرر ويمتلئ نعمة وحقاً. ويثبت في سلام مع اللّه.

فالنعمة
في العهد الجديد تعني محبة اللّه المستمرة الشرعية للدنسين غير المستحقين. فهذه
النعمة تتوقف على الصليب، لأن بدون موت المسيح نيابة عنا لا توجد نعمة حقة، ولا
يحق للّه أن ينعم علينا، بل لمتطلبات قداسته ينبغي أن يهلكنا. ففي المسيح ابتدأ
عصر النعمة. وصارت رحمة اللّه حقاً شرعياً لكل مؤمن به.

وإن
درست الكلمات الافتتاحية لرسالة بولس إلى أهل فيلبي، تكون قد أمسكت المفتاح لرسالة
الفرح كلها.

الصلاة:
أيها الآب، نعظمك لبحر محبتك. فبركتك قرَّبتنا إليك. وموت ابنك كفر عن خطايانا.
وروحك القدوس يقدسنا إلى التمام. فنسجد لك ولابنك. ونلتمس منك الامتياز أن نشترك
في نشر ملكوتك، ليتقدس اسمك الأبوي. ويخلص كثيرون من عالم الفساد.

 

2 –
صلاة الرسول لأجل الكنيسة (1: 3-11)

1: 3
أَشْكُرُ إِلٰهِي عِنْدَ كُلِّ ذِكْرِي إِيَّاكُمْ 4 دَائِماً فِي كُلِّ
أَدْعِيَتِي، مُقَدِّماً ٱلطِّلْبَةَ لأَجْلِ جَمِيعِكُمْ بِفَرَحٍ، 5
لِسَبَبِ مُشَارَكَتِكُمْ فِي ٱلإِنْجِيلِ مِنْ أَّوَلِ يَوْمٍ إِلَى
ٱلآنَ. 6 وَاثِقاً بِهٰذَا عَيْنِهِ أَنَّ ٱلَّذِي
ٱبْتَدَأَ فِيكُمْ عَمَلاً صَالِحاً يُكَمِّلُ إِلَى يَوْمِ يَسُوعَ
ٱلْمَسِيحِ.

كان
بولس إنساناً مصلياً في سلطان الروح القدس. ففاض من فمه الشكر والتسبيح لأجل نعمة
اللّه، المعطاة لأهل فيلبي. إن القدوس نفسه حضر في كنيسته وسط الدنيا المضطربة.
وهذه هي المعجزة الكبرى في زمننا اليائس، إن اللّه العظيم يحل في المؤمنين
الممسوحين بالروح القدس. فهل تحمده لهذا الامتياز. وتقدم له الشكر على الدوام؟

ذكر
بولس في صلاته كل عضو في كنيسة فيلبي. وابتهل لأجلهم فرداً فرداً بالأمانة في
أدعيته اليومية. وسبح الآب السماوي لأجل عمل روحه المتشابك في الجميع. إن الكنيسة
الخالية من الابتهال المتبادل تموت. فأول ما نلاحظ في رسائل الرسول بولس هو دائماً
الصلاة، وبعدئذ التعليم. هذا النظام يغير دروسنا وتقوانا مبدئياً، لأن ليس العلم
والفكر والعقائد أساس الكنيسة، بل الشكر والابتهال والصلاة للرب الحي، لأنه هو
العامل والمعطي. فلا حركة روحية إلا به.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ط طعم استطعم م

وقد
سمع أهل فيلبي بشارة الخلاص وآمنوا بها.. ولم يسترخوا بعدئذ كسولين في أفراحهم
متكلين على معرفة خلاصهم، بل انتعشوا وتحركوا وتقدموا إلى الآخرين وأشركوهم في قوة
الإنجيل. ورافقوا الرسول بولس واجتهاداته بصلواتهم وتبرعاتهم المستمرة. فقوة
الإنجيل تجعلنا عبيد محبة المسيح، لا منتفخين بالعلم الجاف.

كان
أعضاء كنيسة فيلبي مبتدئين في الإيمان والمحبة والرجاء. ولكن حيث يستسلم الأفراد
للمسيح وكلمته، فهو الشفيع ويتم خلاصه فيهم. هل وضعت يدك في يد المسيح لعهد أبدي؟
عندئذ يظل هو أميناً لك ويغيرك إلى صورته في التواضع وإنكار الذات والفرح والسرور.

وعندئذ
تترقب أهم يوم في التاريخ إذ يأتي الفادي المجيد ليجتذب كنيسته إليه. فمجيء المسيح
هو الهدف الواحد لحياتنا. عندئذ يظهر صحة ديننا، ويتجلى الجوهر الموهوب لنا من
أبينا السماوي. علماً أن ذلك اليوم ليس يومنا بل يوم يسوع المسيح، الذي أخلى نفسه
وصار إنساناً لخلاصنا. وصُلب محتقراً فأعطاه اللّه اسماً فوق كل اسم، لتجثو كل
ركبة ليسوع لأنه الرب بالذات.

الصلاة:
أيها الرب يسوع المسيح. نسبحك لأنك اشتريتنا بدمك الثمين من عبودية الخطية في
العالم الشرير. ودعوتنا إليك بكلمتك الخالقة. اغفر لنا بطء قلوبنا وإهمال أذهاننا.
واملأنا بروح محبتك لنسابق بعضنا بعضاً في الإحسان والتبشير والتبرعات، لنشر
ملكوتك، معدين طريقك. تعال أيها الرب يسوع، ليعظم اسمك في يومك المجيد.

 

1: 7
كَمَا يَحِقُّ لِي أَنْ أَفْتَكِرَ هٰذَا مِنْ جِهَةِ جَمِيعِكُمْ، لأَنِّي
حَافِظُكُمْ فِي قَلْبِي، فِي وُثُقِي، وَفِي ٱلْمُحَامَاةِ عَنِ
ٱلإِنْجِيلِ وَتَثْبِيتِهِ، أَنْتُمُ ٱلَّذِينَ جَمِيعُكُمْ
شُرَكَائِي فِي ٱلنِّعْمَةِ. 8 فَإِنَّ ٱللّٰهَ شَاهِدٌ لِي
كَيْفَ أَشْتَاقُ إِلَى جَمِيعِكُمْ فِي أَحْشَاءِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. 9
وَهٰذَا أُصَلِّيهِ: أَنْ تَزْدَادَ مَحَبَّتُكُمْ أَيْضاً أَكْثَرَ
فَأَكْثَرَ فِي ٱلْمَعْرِفَةِ وَفِي كُلِّ فَهْمٍ، 10 حَتَّى تُمَيِّزُوا
ٱلأُمُورَ ٱلْمُتَخَالِفَةَ، لِكَيْ تَكُونُوا مُخْلِصِينَ وَبِلا عَثْرَةٍ
إِلَى يَوْمِ ٱلْمَسِيحِ، 11 مَمْلُوئِينَ مِنْ ثَمَرِ ٱلْبِرِّ
ٱلَّذِي بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ لِمَجْدِ ٱللّٰهِ
وَحَمْدِهِ.

لا
تعني كنيسة المسيح اجتماعات أفراد لإظهار الأزياء الجديدة، ولا مكاناً لعرض الوجوه
المتفاخرة. ولا فرصة لانشغال الأفكار أثناء الوعظ فيما عسى أن تعده الزوجات من الطعام
اللذيذ، أو سائر الأمور الدنيوية التافهة. بل الكنيسة الحية هي شركة القديسين
العاملين في المحبة، المتسابقين في الاحترام والتعاون والتضحية.

وحمل
بولس جميع أعضاء رعيته في أحشاء قلبه، لأن له قلباً واسعاً أبوياً وقوة للاحتمال
المستمر، إذ محبة اللّه قد انسكبت في ذهنه.

ولم
يخجل أعضاء رعيته من إلقاء الرسول في السجن، بل حملوا عوضاً عنه إنجيل الخلاص
بجرأة وجسارة إلى محيطهم، عالمين أن بولس كان محبوساً لأجل الدفاع عن الإنجيل
الصحيح، وللشهادة أمام الملوك وحتى القيصر نفسه. فلم يخافوا رغم الاضطهاد، إنما
اشتركوا جميعاً في الشهادة والصلاة لنشر بشرى السماء. وهكذا برهنوا عن أنفسهم،
أنهم شركاء في النعمة والقوة الإلهية. وكل من ينقل الإنجيل لا يبشر بتعليم فقط، بل
يقدم قوة العلي للآخرين. فمن يؤمن يخلص. ومن يعترف بيسوع، يسر في مسرته.

واشتاق
الأسير بولس إلى شركائه الأحباء ليراهم، وليساهم معهم في خدمة الرب، لأنه وجد فيه
نفس الشعور والدوافع، التي أنزلها المسيح سابقاً من السماء. ألا وهي المحبة
الإلهية والرثاء والرحمة. فكأنه وهو داخل المسيح وبأحشاء رأفته أحب زملاءه.

وبولس
في عزلته التي لم تسمح له بالإشتراك في الجهاد الروحي، ناب عن شهود الخلاص، مصلياً
لأجلهم أمام عرش النعمة بحرارة وقوة، ليمنحهم الآب السماوي أهم شيء في التبشير:
وهو الامتلاء بالمحبة المقدسة. فينموا في قوة معرفة اللّه، ويحصلوا على موهبة
تمييز الأرواح والأحوال، ويستطيعوا كأطباء ماهرين أن يعالجوا أخطاء الضالين
وينشئوا خلاصهم، بلياقة وشعور لطيف.

وكان
لتفكير الرسول هدف واحد كشعار رئيسي لحياته، وهو مجيء الرب، الذي أعطى لكلماته
وصلواته توجيهاً أبدياً. وفي هذا الروح تأكد أن المسيح نفسه سيخلص كنيسته، ويعمل
فيها ويحفظها ويثمرها ويكملها. لأن الفضائل الروحية المطلوبة منا تنضح منه شخصياً.
وكما أن الرأس يحرك أعضاء جسده، هكذا يرشد المسيح مؤمنيه إلى خدمات لطفه. ليعظم
حمد اللّه ويتقدس اسمه الأبوي. فهل أنت عضو في جسد المسيح مجتهد في كنيستك، أو
تضيع وقتك خارج الرحاب المقدسة.

الصلاة:
أيها الرب يسوع المسيح، أنت رأسنا ونحن أعضاؤك. املأنا برقيق محبتك. وأنرنا لمعرفة
مشيئتك في كل أحوال حياتنا لكيلا نخاف من السجون والاضطهادات لأجل إنجيلك، بل
نمتلئ فرحاً ويقيناً أنك تأتي قريباً لخلاص العالم القلق. تعال أيها الرب يسوع.

 

3 –
حالة الرسول في السجن انتشار الإنجيل في روما (1: 12-26)

1:
12ثُمَّ أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ أَنَّ أُمُورِي قَدْ
آلَتْ أَكْثَرَ إِلَى تَقَدُّمِ ٱلإِنْجِيلِ، 13 حَتَّى إِنَّ وُثُقِي
صَارَتْ ظَاهِرَةً فِي ٱلْمَسِيحِ فِي كُلِّ دَارِ ٱلْوِلايَةِ وَفِي
بَاقِي ٱلأَمَاكِنِ أَجْمَعَ. 14 وَأَكْثَرُ ٱلإِخْوَةِ، وَهُمْ
وَاثِقُونَ فِي ٱلرَّبِّ بِوُثُقِي، يَجْتَرِئُونَ أَكْثَرَ عَلَى
ٱلتَّكَلُّمِ بِٱلْكَلِمَةِ بِلا خَوْفٍ. 15 أَمَّا قَوْمٌ فَعَنْ
حَسَدٍ وَخِصَامٍ يَكْرِزُونَ بِٱلْمَسِيحِ، وَأَمَّا قَوْمٌ فَعَنْ
مَسَرَّةٍ. 16 فَهٰؤُلاءِ عَنْ تَحَّزُبٍ يُنَادُونَ بِٱلْمَسِيحِ لا
عَنْ إِخْلاصٍ، ظَانِّينَ أَنَّهُمْ يُضِيفُونَ إِلَى وُثُقِي ضِيقاً. 17
وَأُولٰئِكَ عَنْ مَحَبَّةٍ، عَالِمِينَ أَنِّي مَوْضُوعٌ لِحِمَايَةِ
ٱلإِنْجِيلِ. 18 فَمَاذَا؟ غَيْرَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ سَوَاءٌ كَانَ
بِعِلَّةٍ أَمْ بِحَقٍّ يُنَادَى بِٱلْمَسِيحِ، وَبِهٰذَا أَنَا
أَفْرَحُ.

شكر
الرسول السجين لأجل مؤمني فيلبي، واشتاق إليهم، وصلى لأجلهم بحرارة وأمانة. ورغم
قيوده بقي مبشراً، ولم يهمل الناس في محيطه القريب. فكان شاهداً للمسيح في السجن
داخل المعسكر. وعلم حراسه بتصرفاته وطول أناته اللطيفة صورة المسيح ونوعية البشرية
الجديدة. قد كان تحت ضبط فرقة جنود القيصر المختص بحماية الإمبراطور، فقاد بولس
بعضهم إلى تفكير جديد، أن يسوع المسيح هو المخلص ورب العالمين، أعظم من كل محاكم
الدنيا.

وكان
الشيطان يقصد أن يعزل بولس ويبطل شهادته، عندما أخذه من حريته الجزئية، إذ كان مراقباً
في بيته، وغير مسموح له بالخروج منه، ونقله إلى داخل الثكنة. فانفصل عن أصدقائه
والعالم. ولكن المسيح استخدم وجود بولس في مركز السلطة، شهادة خارقة للكثيرين، حتى
أن بشرى الخلاص وصلت إلى أفراد حاشية القيصر. فتيقنوا من مصدر الإنجيل الإلهي
بواسطة الأسير بولس.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ع عَيدن ن

واعتبر
الرسول نفسه عبد المسيح وأسيره، حراً كان أم محبوساً. وقد سلم نفسه له. وكانت
إرادته مقيدة في مشيئته، ولسانه مربوطاً بروح ربه وأخضع عواطفه لإرشاد رأسه يسوع.
فلم يولول ولم يحزن للضيقات، بل علم أن المسيح كان معه في السجن، لأن الرب حمل
المسؤولية عن حياته.

ورغم
توقيف رسول الأمم أراد المخلص استمرار تبشير العالم الهالك. فاختار الصغار للخدمة.
كما أنه اليوم لا يدعو أساقفة ورعاة ومعلمين للخدمة فقط، إنما يدعو أيضاً إخوة
وشيوخاً وشباناً ممتلئين بمحبة المخلص يندفعون برأفة على الضالين.

هل
دعاك المسيح للخدمة وعيَّنك شاهداً له عند الغوغائيين أو المتعلمين؟ فتقدم إليهم
ولا تسكت، بل أعلن خلاص ربك واسمه بتواضع وحكمة في المحبة.

ولم
يكن في زمن بولس هؤلاء الشهود كاملين بلا خطية بل كانوا محتاجين يومياً إلى التوبة
والغفران. ووجد بينهم الحسد وخطف الخراف والأنانية والكبرياء على الأثمار الموهوبة
لهم. وربما مال البعض إلى أفكار ناموسية، كالختان وحفظ السبوت. والبعض الآخر تأثر
بالبلاغة أو العبقرية الفلسفية الفارغة، التي كافح الرسول ضدها طويلاً. وهؤلاء
المنحرفون فرحوا عندما سجن بولس، لأن الحقل صار لهم مفتوحاً، فقدروا أن يُضلوا
الناس بمبادئهم العوجاء. واستهزأوا على الأسير في القيود، قائلين: انظروا، المسيح
ليس معه. وقد تركه وهو في السجن. أما نحن فالرب معنا. وإنجيلنا هو الصحيح.

فماذا
عمل بولس في هذه الحالة المرهقة المؤلمة؟ لقد وثق بربه، وأعلن خبث الحاقدين. وفرح
رغم تخطيطهم الملتوي، لأنه آمن باسم يسوع، فوثق بالقدرة العاملة في اسم يسوع أكثر
مما خاف من أخطاء حاسديه، الذين لم يصلبوا حياتهم كاملاً مع المسيح، ولم ينكروا
أنفسهم يومياً. وبولس لم يرفض دعوتهم بل كان يصلي لأجلهم لتتقدس حياتهم كلياً
وتأتي بثمر كثير.

أما
أصدقاء بولس فأدركوا أن الرسول لم يسجن لذنب خاص، بل المسيح أوقفه في هذا المكان
العاري ليدافع عن حق الإنجيل. فأدركوا إرشاد اللّه وتقدم ملكوته حتى في السجن وبيت
القيصر. وتشجعوا بهذه البصيرة وبشروا بجرأة كل الناس حولهم. ففرح الرسول مرتين.
أولاً لغيرة أعدائه، وثانياً لمحبة أصدقائه. اللذين خدما هدفاً واحداً، ليعلنوا
المسيح ملك الملوك ورب الأرباب.

الصلاة:
أيها الرب يسوع المسيح، نشكرك لكل شاب وشابة وشيخ وامرأة، يشهدون باسمك جهراً
ليعترفوا بك ويستسلموا لمحبتك. أرسل كثيرين من المؤمنين في أيامنا إلى الذين لا
يعرفونك وإلى بلدتنا. وأعطهم القوة والصبر والفرح، ليحتملوا الإخوة الذين لا يحبونهم.
وقدسهم جميعاً إلى التمام ليتجلى لطفك في الجميع.

 

1:
18… بَلْ سَأَفْرَحُ أَيْضاً. 19 لأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ هٰذَا يَؤُولُ
لِي إِلَى خَلاصٍ بِطِلْبَتِكُمْ وَمُؤَازَرَةِ رُوحِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ،
20 حَسَبَ ٱنْتِظَارِي وَرَجَائِي أَنِّي لا أُخْزَى فِي شَيْءٍ، بَلْ
بِكُلِّ مُجَاهَرَةٍ كَمَا فِي كُلِّ حِينٍ، كَذٰلِكَ ٱلآنَ،
يَتَعَظَّمُ ٱلْمَسِيحُ فِي جَسَدِي، سَوَاءٌ كَانَ بِحَيَاةٍ أَمْ
بِمَوْتٍ.

فرح
بولس وسط التوتر وتشابك الأفكار قبيل محاكمته النهائية. وتمنى من كل قلبه أن يمثل
أمام القيصر شخصياً ليعلن له اسم الرب يسوع غالب الموت وقاهر الشيطان. وكان بولس
متأكداً أن نتيجة الحكم ستكون لصالحه، لأنه لا يمكن أن ينزل عليه حكم إلا بإرادة
ربه.

وعلم
الرسول أن أهل كنيسة فيلبي صلوا بأمانة لأجله. وتيقن أن الروح القدس شخصياً قواه
وخدمه وأرشده وملأه بمواهب وفرح.

وسمى
بولس الروح الإلهي في هذه المناسبة «روح يسوع المسيح» لأن وحدة الأقانيم الثلاثة
لا ريب فيها. فالروح القدس كان صميم يسوع بالذات. وهو حال في الأسير وسط السجن.
فطمأن الرسول، عالماً أنه لا يحدث شيء بدون علم وإرادة ربه الذي هو عبده المطيع.

ولم
يرج بولس لنفسه التحرر من السجن بالدرجة الأولى، بل ثبات شهادة سلوكه بلا لوم،
وألا يفشل بواسطة الضغط والحيل وإيقاع الآلام عليه، فيقلل من مجد اسم يسوع. فكانت
له أمنية واحدة، أن يعظم المسيح بحياته وموته. وهذا تماماً عكس الاستكبار. فما هي
نيتك: هل تعظم اسمك أم اسم المسيح؟ الروح القدس يشاء أن يقودك وكل المؤمنين إلى
تمجيد المصلوب الحي، لأنه هو الحمل المذبوح المستحق أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة
والقوة والكرامة والمجد والبركة.

وعزم
بولس أن يمجد المسيح بجسده، ليس بإيمانه وأفكاره وعواطفه فقط. فجسده كان محبوساً،
ولكن نفسه وأفكاره كانت حرة في المسيح طاهرة ومقدسة. فلم يعتبر بولس جسده
كالفلاسفة اليونان شيئاً دنساً ضئيلاً، بل وجد فيه وسيلة لتمجيد اللّه، حتى كتب
لأهل رومية الكلمة الشهيرة: أطلب إليكم أيها الإخوة برأفة اللّه أن تقدموا أجسادكم
ذبيحة حية مقدسة مرضية عند اللّه، عبادتكم العقلية.

وقد
رأى بولس طريقتين لتعظيم المسيح بجسده. إما بثمار حياته أو بشهادة موته. فالحياة
تعني لأجل الرسول ملء الثمار بقوة الروح القدس. وموته اعتُبر تتويجاً لسيرة إيمانه
بالمقام من بين الأموات. الذي أقامه معه عندما اتحد مؤمناً به. فديننا دين الحياة
ولا يخيم علينا تشاؤم الموت. المسيح قد أحيانا بحياته ففقد الموت رعبه أمامنا.

الصلاة:
أيها الرب يسوع المسيح، المقام من بين الأموات الحي والحاضر معنا والساكن فينا.
نشكرك لأنك لم تتركنا في ساعات الخطر. ولا تتركنا في ساعة الموت. أو عند هجوم
الاتهامات الكاذبة علينا. ولا يحدث بنا شيء إلا بموافقتك. أنت ربنا وروحك يعزينا.
قد أحييتنا، فالموت لا يجد فينا حقاً وقوة.

 

1:
21لأَنَّ لِيَ ٱلْحَيَاةَ هِيَ ٱلْمَسِيحُ وَٱلْمَوْتُ هُوَ
رِبْحٌ. 22 وَلٰكِنْ إِنْ كَانَتِ ٱلْحَيَاةُ فِي ٱلْجَسَدِ
هِيَ لِي ثَمَرُ عَمَلِي، فَمَاذَا أَخْتَارُ؟ لَسْتُ أَدْرِي! 23 فَإِنِّي
مَحْصُورٌ مِنْ ٱلٱثْنَيْنِ: لِيَ ٱشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ
وَأَكُونَ مَعَ ٱلْمَسِيحِ. ذَاكَ أَفْضَلُ جِدّاً. 24 وَلٰكِنْ أَنْ
أَبْقَى فِي ٱلْجَسَدِ أَلْزَمُ مِنْ أَجْلِكُمْ. 25 فَإِذْ أَنَا وَاثِقٌ
بِهٰذَا أَعْلَمُ أَنِّي أَمْكُثُ وَأَبْقَى مَعَ جَمِيعِكُمْ لأَجْلِ
تَقَدُّمِكُمْ وَفَرَحِكُمْ فِي ٱلإِيمَانِ، 26 لِكَيْ يَزْدَادَ
ٱفْتِخَارُكُمْ فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ فِيَّ، بِوَاسِطَةِ حُضُورِي
أَيْضاً عِنْدَكُمْ.

يحب
بعض الناس سياراتهم أو أمور أخرى في الدنيا. والبعض الآخر يحب إنساناً ويدور حوله
ليلاً نهاراً. وكثيرون يحبون أنفسهم وينتفخون. أما بولس، فأحب يسوع، ونسي ذاته.
فإرادة الرب كانت هي خطة الرسول. وقوة المسيح كملت في ضعف خادمه. فوحدة المحبة بين
المسيح وعبده عظمت بمقدار أنه سكن فيه. فالعهد الجديد ليس عقيدة معقدة، بل تعاهد
وارتباط والتصاق واتحاد مع المسيح. فهل يسوع هو حياتك؟ لقد حمل خطاياك، ومات موتك،
واحتمل الدينونة عنك، وحررك من غضب اللّه. فمحبته لك عظيمة، حتى أنه عاش حياتك
البشرية بضعفاتها، لتبغض وتترك خطيتك في قوته، وتثبت في حياته المقدسة. هل يسكن
المسيح فيك؟ وهل ملئه هو معنى حياتك؟ استطاع الرسول بولس أن يوجز جميع مقاصده
وأفكاره وأمنياته بعبارة موجزة شهيرة، «لي الحياة هي المسيح». فعبد الرب هذا، مات
لنفسه وشهواته. ومحبته للمصلوب أشركته في صلبه. فثبت الروح القدس فيه، ألا وهو
حياة يسوع بالذات. فعمل الرب بواسطته بسلطانه. فهل الحياة لك هي المسيح، أو لا
تزال عائشاً لذاتك، وفي قدرتك المهلهلة؟ كل حياة في عالمنا بدون المسيح، ليست حياة
حقة، بل مسممة بالموت. ولكن الشركة بالمخلص، تجعل حياتك مستحقة أن تسمى حياة.

هل تبحث عن  م المسيح المسيح حياتة 02

إن
الموت هو للمؤمن سبب فرح. لأن بحصوله تظهر وحدتنا بالمسيح بطريقة مجددة. فلا نخاف
من ساعات الوفاة، بل نعرف أننا نثبت في الوحدة مع يسوع بدون انقضاء. وتجرأ بولس
للقول إن الموت لأجله أفضل جداً من الحياة. ولو تجاوب مع عواطفه لفضَّل الموت
حالاً، ليلتقي بالمسيح، ويكون معه في المجد والمسرة والغبطة. ولم يفكر الرسول
بالبرزخ، بل بإظهار وحدته مع الرب، التي هي سر سيرته. أن لنا رجاء عظيماً
ومستقبلاً مجيداً. والموت ارتبط بالحياة الغالبة.

وعلم
بولس أن الأنانية الروحية هي خطية. فاختار الحياة المتعبة في دنيانا، ليس ليُخدَم
بل ليَخدِم، وليعذب نفسه بسفرات وعظات وأشغال يدوية لكسب معيشته، لتنمو جميع
الكنائس في محبة يسوع وتزداد معرفتهم العملية للخدمة بواسطة معرفة اللّه المتزايدة
والمسببة فرحاً فوق فرح وغبطة على غبطة. وكان بولس متيقناً، أن الرب سيوفره لخدمات
جديدة. ورأى في تحريره من السجن انتصاراً ليسوع، الذي سيبين نفسه أقوى من القيصر.
فبقاء وكيان بولس بعد المحاكمة سيكون فخراً ليسوع. فيحق للمؤمنين الافتخار به لأجل
تدخل يسوع، لأن سلطته تفوق سلطة الإمبراطور. والبرهان هو بولس المتحرر.

هل
أدركت كم مرة استخدم الرسول وهو مشرف على الموت إعداماً، كلمة الفرح؟ فضع شحطة تحت
هذه الكلمة في كتابك. فتدرك الخيط الأحمر في رسالة الفرح، لأن الابتهاج في المؤمن
يتفوق رغم السلاسل والسجن والحكم والموت. فحقيقة المسيح تغلب كل الضيق.

الصلاة:
أيها الآب السماوي، نشكرك لأنك غرستنا في ابنك يسوع. ساعدنا لنكرمه دوماً بسلوكنا
وشهاداتنا ونعيش لتعظيمه. وننسى أنفسنا في الخدمات للكثيرين الذين لا يعرفون حياتك
بعد. اغفر لنا اهتمامنا بأنفسنا، وثبتنا في محبتك، لكيلا نخاف من الموت، بل نتمسك
بالرجاء الحي الموضوع أمامنا، ونثبت في المسيح حياتنا.

 

4 –
نصائح للوحدة والتواضع (1: 27-2: 18)

ا –
السلوك حسب الإنجيل (1: 27-30)

1: 27
فَقَطْ عِيشُوا كَمَا يَحِقُّ لإِنْجِيلِ ٱلْمَسِيحِ، حَتَّى إِذَا جِئْتُ
وَرَأَيْتُكُمْ، أَوْ كُنْتُ غَائِباً أَسْمَعُ أُمُورَكُمْ أَنَّكُمْ تَثْبُتُونَ
فِي رُوحٍ وَاحِدٍ، مُجَاهِدِينَ مَعاً بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ لإِيمَانِ
ٱلإِنْجِيلِ، 28غَيْرَ مُخَّوَفِينَ بِشَيْءٍ مِنَ ٱلْمُقَاوِمِينَ،
ٱلأَمْرُ ٱلَّذِي هُوَ لَهُمْ بَيِّنَةٌ لِلْهَلاكِ، وَأَمَّا لَكُمْ
فَلِلْخَلاصِ، وَذٰلِكَ مِنَ ٱللّٰهِ. 29 لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ
لَكُمْ لأَجْلِ ٱلْمَسِيحِ لا أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً
أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ. 30إِذْ لَكُمُ ٱلْجِهَادُ عَيْنُهُ ٱلَّذِي
رَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، وَٱلآنَ تَسْمَعُونَ فِيَّ.

هل
أدركت فداءك في يسوع المسيح، وقبلته بفرح وثبات؟ هل ملأتك حياة اللّه، مشركة إياك
في محبته؟ فعش لمجد ربك، لتصبح سيرتك كلها شكراً لخلاصك. وافتح نفسك لقيادة الروح
القدس في كل نواحي حياتك، لتتقدس في أفكارك وأقوالك وأعمالك. فقوة إيمانك تتحقق في
سلوكك، فتظهر فيك العفة والطهارة واللطف والفرح.

والروح
القدس، لا يتركك وحدك منعزلاً، بل يرشدك إلى شركة الإخوة في كنيستك وجمعيتك، لكيلا
تؤمن منفرداً وتصلي انطوائياً فقط، إنما تنضم لجماعة القديسين، وتكون أصغرهم. هل
تختص بكنيستك كما تخص المسيح؟ هل ربطتك محبته مع المؤمنين الآخرين إلى فرقة الجهاد
الروحي؟

للمؤمنين
سلام في قلوبهم، إذ يثبتون متواضعين ومحتملين بعضهم بعضاً في الكنيسة. ولكن الكفاح
الروحي يعصف حولهم، إما نتيجة لاشتراكهم في الحملات التبشيرية، أو للدفاع بصبر عن
اتهامات كاذبة. فالشرط الأساسي لنجاح الكنيسة، هو الوحدة الروحية والانسجام
الفكري.

ورغم
الصعوبات تستمر الدعوة للخطاة ليتركوا إهمالهم وتعصبهم، ويلتجئوا إلى المسيح وبره.
فلا تتعجبوا إن هاجمتكم جهنم بمكر وتجارب وضيق وسلطة لتسقطكم من وحدة المحبة
والإيمان الصحيح، ولتسقطوا إلى اليأس والشكوك والانشقاقات. اثبتوا في المحبة
الخالية من الرياء ولا تستكبروا، لأننا لا شيء بنسبة قدرة المسيح العاملة في
المتواضعين. ولا تخافوا عدواً أو تقليداً أو جماهير لأن محبتكم البسيطة توحدكم مع
اللّه، فالذي معكم أعظم من الذين ضدكم.

أتعيش
للمسيح كما يعيش هو لك؟ هل تخدمه عملياً، لأنه حمل خطاياك؟ هل تتألم لأجله بفرح،
لأنه تألم بلا تمتمة لأجلك؟ إن يسوع وهب محبته لك، لتستطيع تضحية نفسك في سبيل
رحمته. وهذا الجهاد لا يتم بأقوال وأعمال فحسب، بل بآلام وعذاب أيضاً. فهل تعتبر
آلامك ليسوع امتيازاً وسبباً للفرح والشكر؟

مثل
الرسول بولس للكنيسة حياة التضحية عندما سبح اللّه مع سيلا رفيقه وهما مقيدان في
سجن فيلبي، وظهراهما متمزقان من الجلد. ومرة أخرى مثل فرح يسوع وسط الآلام، وهو في
سجن روما. ففرح الرب، لا يسقط إلى الأبد، لأن حياتنا مستترة في الحي. فهل تعترف
بهذه الحقيقة، أو لا تزال جباناً تنكر محبة ربك؟

الصلاة:
أيها الرب، نشكرك، لأنك دعوتنا إلى شركة القديسين، لنشهد معاً في وحدة الروح القدس
باسمك. أعطنا الجرأة والثبات في أيام الخطر، لكيلا تفتر محبتنا، ولا تنشق وحدتنا
مع الإخوة. فنستطيع محبة أعدائنا ونباركهم باسمك، ونكرمك بالشهادة الواضحة
الفعالة.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي