الإصحَاحُ
الرَّابعُ

 

1
مِنْ أَيْنَ ٱلْحُرُوبُ وَٱلْخُصُومَاتُ بَيْنَكُمْ؟ أَلَيْسَتْ مِنْ
هُنَا: مِنْ لَذَّاتِكُمُ ٱلْمُحَارِبَةِ فِي أَعْضَائِكُمْ؟ 2 تَشْتَهُونَ
وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ. تَقْتُلُونَ وَتَحْسِدُونَ وَلَسْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ
تَنَالُوا. تُخَاصِمُونَ وَتُحَارِبُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لأَنَّكُمْ لا
تَطْلُبُونَ. 3 تَطْلُبُونَ وَلَسْتُمْ تَأْخُذُونَ، لأَنَّكُمْ تَطْلُبُونَ
رَدِيّاً لِكَيْ تُنْفِقُوا فِي لَذَّاتِكُمْ.

«اطلبوا
تجدوا» هذا ما قاله يسوع. ولكن مراراً نطلب ولا نجد. أما يعقوب فيقول «تطلبون،
ولستم تأخذون» وبعدئذ يصرح لنا بالعلة. أجل علينا أن نطلب باسم يسوع، وعلينا أن
نطلب حسب مشيئة الله. وإذا أنجزنا هذين الشرطين، نسأل فنعطى. نطلب فنجد. نقرع
فيفتح لنا.

لقد
وصل يعقوب في الأصحاح السابق إلى النتيجة أن الخير الأسمى بالنسبة للحياة الاجتماعية
هو السلام. سلام عمودي. أي المصالحة مع الله. وسلام أفقي، أي المسالمة مع الناس.
ولكن ماذا نرى عندما نراقب مجتمعنا وبلادنا وعالمنا؟ فمن أجلى الظواهر العائلية
والاجتماعية والسياسية، هي الخصومات والحروب. إن الأطوار الخيالية من الحروب جد
نادرة. بالنسبة لمجرى التاريخ. وفضلاً عن ذلك فأخبار المنازاعات العائلية
والطائفية في جميع أنحاء المسكونة، تملأ الصحف والمجلات. وباطلاً يحاول علماء
النفس أن يحللوها ويعالجوها. فكل هذا يدل على صحة العقيدة القائلة بالخطيئة
الأصلية، كما نستنتجها من الكتاب المقدس.

تحطم
هذه الخصومات نفس الإنسان. وبالتالي يتفسخ المجتمع، الذي يقوم على أفراد. وللأسف
تظهر هذه النزاعات حتى بين المؤمنين، فيبدي الرسول اهتماماً جدياً بهذه الحالة
المؤلمة. ويشير إلى أن العلة هي في الشهوة – شهوة الإنسان، التي تقوده إلى الحسد
والبغض والقتل. فلا غرابة أن الرب يمنع بركاته عنا، إذ أن هذه الشهوات تسيطر على
حياتنا، و تجري بنا إلى الفشل والمرارة والارتداد.

هذا
ما يحدث حينما يختار المرء ملذات الدنيا، مفضلاً ذلك على الابتهاج بالله. حقاً أن
هذه الفقرة لصارمة، تدفعنا إلى التأمل والتوبة «امتحن نفسك» هل أنت في الإيمان وفي
مشيئة الله؟ ولم لا يستجيب الرب إلى صلواتك؟ هل تطلب منه،لكي تنفق على أهوائك، أو
للبركة العامة وامتداد ملكوته؟

هل تبحث عن  كتب أبوكريفا عهد قديم وصايا الآباء وصية إبراهيم 07

للحفظ:
«تَحْسِدُونَ وَلَسْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنَالُوا» (يعقوب 4: 2).

الصلاة:
خذ بيدي وقدني، أيها الراعي الصالح. ولا تسمح لي أن أضل عن طريق النور. اغفر لي يا
رب خطيتي، وامح دجاها من أمام عيني، لكي أراك وأقترب.

 

4: 4
أَيُّهَا ٱلزُّنَاةُ وَٱلزَّوَانِي، أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ
مَحَبَّةَ ٱلْعَالَمِ عَدَاوَةٌ لِلّٰهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ
مُحِبّاً لِلْعَالَمِ فَقَدْ صَارَ عَدُوّاً لِلّٰهِ. 5 أَمْ تَظُنُّونَ
أَنَّ ٱلْكِتَابَ يَقُولُ بَاطِلا: ٱلرُّوحُ ٱلَّذِي حَلَّ
فِينَا يَشْتَاقُ إِلَى ٱلْحَسَدِ؟ 6 وَلٰكِنَّهُ يُعْطِي نِعْمَةً
أَعْظَمَ. لِذٰلِكَ يَقُولُ: «يُقَاوِمُ ٱللّٰهُ
ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا ٱلْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ
نِعْمَةً». 7 فَٱخْضَعُوا لِلّٰهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ
مِنْكُمْ. 8 اِقْتَرِبُوا إِلَى ٱللّٰهِ فَيَقْتَرِبَ إِلَيْكُمْ.
نَقُّوا أَيْدِيَكُمْ أَيُّهَا ٱلْخُطَاةُ، وَطَهِّرُوا قُلُوبَكُمْ يَا
ذَوِي ٱلرَّأْيَيْنِ. 9 ٱكْتَئِبُوا وَنُوحُوا وَٱبْكُوا.
لِيَتَحَوَّلْ ضِحْكُكُمْ إِلَى نَوْحٍ وَفَرَحُكُمْ إِلَى غَمٍّ. 10
ٱتَّضِعُوا قُدَّامَ ٱلرَّبِّ فَيَرْفَعَكُمْ.

11 لا
يَذُمَّ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ. ٱلَّذِي يَذُمُّ
أَخَاهُ وَيَدِينُ أَخَاهُ يَذُمُّ ٱلنَّامُوسَ وَيَدِينُ
ٱلنَّامُوسَ. وَإِنْ كُنْتَ تَدِينُ ٱلنَّامُوسَ فَلَسْتَ عَامِلا
بِٱلنَّامُوسِ، بَلْ دَيَّاناً لَهُ. 12 وَاحِدٌ هُوَ وَاضِعُ
ٱلنَّامُوسِ، ٱلْقَادِرُ أَنْ يُخَلِّصَ وَيُهْلِكَ. فَمَنْ أَنْتَ
يَا مَنْ تَدِينُ غَيْرَكَ؟

لقب
الرب يسوع الجيل الذي جاء لكي يبشره بجيل شرير فاسق. وهنا يلقب يعقوب جيله
الشهواني بالزناة والزواني. والزنى حسب المفهوم الكتابي، قد يكون مجازياً أو
فعلياً. وكلما يبدي المؤمن حباً للعالم وشهواته يبرهن بذلك عن عدم الولاء الرب.
وكلما يفعل ذلك يستحق التسمية «زان».

العدد
الخامس من هذا الأصحاح هو حسب النص اليوناني «الروح يشتاق إلينا بغيرة» أي أنه
يغار علينا ولا يريد أن ينفصل عن الله، كما أن الزوج يغار على زوجته ويشتاق إليها
إذا كان رجلاً ذا كرامة.

يفترض
يعقوب أن المؤمن يتواضع نتيجة الفشل. وبعدئذ يعطي الله نعمة متزايدة لمن يحتاج
إليها، ويرغب فيها ويقبلها بروح التواضع: «نعمتي تكفيك» ولكن النعمة يجب أن تعبأ
لمقاومة إبليس عدونا الأكبر، الذي يحتال علينا، حتى نمسي نحن أعداء الله.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ش شُفِّيم م

إن
كنت أنت مؤمناً مرتداً من حضرة الرب، يدعوك يعقوب إلى التوبة. وبهذا الخصوص يستعمل
عدة أفعال شديدة لائقة، تتجاوب مع احتياجنا: اخضعوا، قاوموا، اقتربوا، نقوا
أيديكم، طهروا قلوبكم. ثم يفصل معنى «اخضعوا» بفعلين آخرين: اكتئبوا ونوحوا. تأمل
بخطاياك المتعددة المترددة، واقترب إلى الرب بالصلاة، وطهر يديك. ابتعد عن كل عمل
شرير، وطهر قلبك. أي لا تفكر في الشر، وستكون النتيجة أنك من خلال التواضع تنال
الارتفاع.

المقربون
من الله هم المؤهلون لمقاومة إبليس. إن الحزن والدموع لهما محلهما في الحياة
المسيحية. فنحن نسمع بكاء الرب يسوع ولكن لا نقرأ أنه ضحك. ويدعى هو في العهد
القديم «رجل الأوجاع ومختبر الحزن».

وأخيراً
يحثنا الرسول ألا ندين، لكي لا ندان. فإن الديان الشرعي الوحيد، هو الذي وضع
الشريعة الأخلاقية وناموس الطبيعة، القادر أن يخلص ويهلك. فاترك الدينونة له
والنقمة لعدالته.

للحفظ:
«يُقَاوِمُ ٱللّٰهُ ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا
ٱلْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً» (يعقوب 4: 6).

الصلاة:
امنحنا يا رب نعمتك الوافية الكافية الشافية، لكي نطمئن بك وننجو من الشرور التي
تعترض سبيلنا، اعطنا روح التواضع واجعلنا نلجأ على الدوام إليك.

 

4: 13
هَلُمَّ ٱلآنَ أَيُّهَا ٱلْقَائِلُونَ: «نَذْهَبُ ٱلْيَوْمَ
أَوْ غَداً إِلَى هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةِ أَوْ تِلْكَ، وَهُنَاكَ
نَصْرِفُ سَنَةً وَاحِدَةً وَنَتَّجِرُ وَنَرْبَحُ». 14 أَنْتُمُ ٱلَّذِينَ
لا تَعْرِفُونَ أَمْرَ ٱلْغَدِ! لأَنَّهُ مَا هِيَ حَيَاتُكُمْ؟ إِنَّهَا
بُخَارٌ، يَظْهَرُ قَلِيلا ثُمَّ يَضْمَحِلُّ. 15 عِوَضَ أَنْ تَقُولُوا: «إِنْ
شَاءَ ٱلرَّبُّ وَعِشْنَا نَفْعَلُ هٰذَا أَوْ ذَاكَ». 16 وَأَمَّا
ٱلآنَ فَإِنَّكُمْ تَفْتَخِرُونَ فِي تَعَظُّمِكُمْ. كُلُّ ٱفْتِخَارٍ
مِثْلُ هٰذَا رَدِيءٌ. 17 فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَناً وَلا
يَعْمَلُ، فَذٰلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ.

«إن
شاء الله» قول مألوف. نسمعه من كل وجه وكل يوم. بيد أن ذلك القول يعبر عن موقف
جبري. كمن يقول كل شيء مقدر فلا أقدر أن أفعل شيئاَ. فتأخذ الحوادث مجراها
الطبيعي، وأنا مستسلم وغير مبال ولكن هذا موقف منحرف انهزامي، يتجاهل الواجب
والنشاط اللازم، ليست مشيئة الله أن نجلس بأيادي مطوية. بلا رجاء ولا حماس.

هل تبحث عن  هوت مقارن المطهر 06

غير
أن هناك موقفاً معاكساً، يميل إلى الإلحاد كمن يقول: اليوم أو غداً ننطلق إلى
الميدان، ميدان التجارة، أو الصناعة، أو الزراعة، أو الثقافة. ونقيم سنة، أو سنتين
أو ثلاث سنين، ونجد ونكد، ونكتسب العلم والأموال والنفوذ. أما الله فلا نهتم به،
ولا يهتم هو بأمرنا. إياك أن تتكلم أو تفكر على هذا النحو، وتتكل على جهودك بل قل:
«يا عالماً بحالي عليك اتكالي» قد حذرنا يسوع من هذا الموقف في مثله الأكثر صرامة
«مثل الغني الغبي» (لوقا 12: 16-21) إننا بشر. وليس أكثر. وحياتنا على زوال كبخار
يبدو هنيهة، ثم يضمحل. ولمثل هؤلاء يقول الرسول «استهل كل مشروع بالإقرار إن شاء
الله – وبعد ذلك انطلق واجتهد وثابر».

فمن
افتخر فليفتخر بالله. فكل افتخار آخر يؤدي إلى الكبرياء. وهو أول الآثام وأشنعها.
ولكن عندما تتذلل، اذكر أن الرب قادر أن يقويك، ويستخدم حياتك له القوة والمجد.

وأخيراً
لا يخطئ المرء بالأعمال فحسب، بل الإهمال أيضاً. فأحياناً تؤذي جارك عمداً
وأحياناً تسيء إليه بعدم المبالاة. أو تمسك عن نصيحة، أو عطية وجب عليك أن تقدمها.
فهذه أيضاً خطيئة. لا تنس مثل «الغني ولعازر» فلم يرد في الكتاب المقدس أي إشارة
إلى إثم الغني. ولكنه تغافل عن حاجة الفقير. وانتهى إلى الجحيم. فخطايا الإهمال،
أكثر عدداً بكثير من خطايا الارتكاب.

للحفظ:
«فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَناً وَلا يَعْمَلُ، فَذٰلِكَ خَطِيَّةٌ
لَهُ» (يعقوب 4: 17).

الصلاة:
أيها الآب القدير لقد تركنا أعمالاً وجب علينا عملها. وعملنا أعمالاً كان يجب
علينا أن لا نعملها. أما أنت يا رب فارحمنا، وأشفق علينا لنحيا فيما بعد حياة البر
والعفة.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي