الإصحَاحُ
الْخَامِسُ

 

1
هَلُمَّ ٱلآنَ أَيُّهَا ٱلأَغْنِيَاءُ، ٱبْكُوا مُوَلْوِلِينَ
عَلَى شَقَاوَتِكُمُ ٱلْقَادِمَةِ. 2 غِنَاكُمْ قَدْ تَهَرَّأَ،
وَثِيَابُكُمْ قَدْ أَكَلَهَا ٱلْعُثُّ. 3 ذَهَبُكُمْ وَفِضَّتُكُمْ قَدْ
صَدِئَا، وَصَدَأُهُمَا يَكُونُ شَهَادَةً عَلَيْكُمْ، وَيَأْكُلُ لُحُومَكُمْ
كَنَارٍ! قَدْ كَنَزْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلأَخِيرَةِ. 4 هُوَذَا
أُجْرَةُ ٱلْفَعَلَةِ ٱلَّذِينَ حَصَدُوا حُقُولَكُمُ
ٱلْمَبْخُوسَةُ مِنْكُمْ تَصْرُخُ، وَصِيَاحُ ٱلْحَصَّادِينَ قَدْ دَخَلَ
إِلَى أُذُنَيْ رَبِّ ٱلْجُنُودِ. 5 قَدْ تَرَفَّهْتُمْ عَلَى
ٱلأَرْضِ وَتَنَعَّمْتُمْ وَرَبَّيْتُمْ قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي يَوْمِ
ٱلذَّبْحِ. 6 حَكَمْتُمْ عَلَى ٱلْبَارِّ. قَتَلْتُمُوهُ. لا
يُقَاوِمُكُمْ!

يستأنف
الرسول موضوع الغنى، «حياتنا بخار» فإذن ما هي قيمة غنانا الحقيقية؟ حسب القول الدارج
«الذهب يذهب، والفضة فاضية». إن الكتاب المقدس له جانب اجتماعي. وبه نطبق
الاخلاقيات على الاجتماعيات. لنصل لمجرد كونه أفضل وأعدل. والعهد الجديد، لا
يستنكر الغنى لمجرد كونه غنياً بل يستنكر روحه المتشامخة، واستناده إلى الأباطيل.
فموقف الغني مغلوط في حد ذاته. وخصوصاً إذا أضيفت إليه سجايا أخرى رديئة. يستغل
الغني مواطنه استغلالاً ظالماً، ليبلغ غايته الاحتكارية. وفي الآيات التي نحن في
صددها، يشدد يعقوب بتكديس المال على حساب عمال بخست أجرتهم العادلة. ويهدد
المستغلين المنعمين على حساب الفقير. والله قادر أن ينصف المظلوم، بالحكم على
الظالم. إن خطيئة هؤلاء الأغنياء تقوم على تصرفهم وانصرافهم إلى الملذات، حتى
يتجاهلوا ما يفرضه واجب العدالة والمحبة. أجل أن الغني ينطلق إلى الملاهي، وينسى
إلهه وقريبه. ولكن هل تفعل أنت ذلك، ولو لم تعتبر نفسك غنياً؟

إن
كان سلوكك شبيه ذلك، فينصحك الكتاب أن تبكي مولولاً على شقاوتك القادمة. فلا
تستهزئ – يا لها من فقرة مريعة! والعبارة رب الجنود (في عدد 4) من الأسماء
الكتابية الحسنة. وهي تعبر عن قدرة الله وعظمته فالقدير لا ينسى الفقير.

والخلاصة
إن طمع الغني يؤدي إلى قساوة القلب أولاً، وثانياً إلى استهلاك الأموال في التنعم
والترفه. وقد يؤدي أحياناً إلى العنف والقتل (عدد 6). لذا يقول الرب «يعسر أن يدخل
غني إلى ملكوت السموات».

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ت تل الشيخ حسن ن

للحفظ:
«ٱبْكُوا مُوَلْوِلِينَ عَلَى شَقَاوَتِكُمُ ٱلْقَادِمَةِ» (يعقوب 5:
1).

الصلاة:
اجعلني يا رب أذكر واجبي تجاه القريب والفقير وإلا أظلم الضعيف، ولا أحتقر الحقير.
بل دعني أحترم الجميع، وأشركهم في ما لي من بركات، لأجل المسيح، الذي صار فقيراً
لكي يغنينا.

 

5: 7
فَتَأَنَّوْا أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ إِلَى مَجِيءِ ٱلرَّبِّ. هُوَذَا
ٱلْفَلاحُ يَنْتَظِرُ ثَمَرَ ٱلأَرْضِ ٱلثَّمِينَ مُتَأَنِّياً
عَلَيْهِ حَتَّى يَنَالَ ٱلْمَطَرَ ٱلْمُبَكِّرَ
وَٱلْمُتَأَخِّرَ. 8 فَتَأَنَّوْا أَنْتُمْ وَثَبِّتُوا قُلُوبَكُمْ، لأَنَّ
مَجِيءَ ٱلرَّبِّ قَدِ ٱقْتَرَبَ. 9 لا يَئِنَّ بَعْضُكُمْ عَلَى
بَعْضٍ أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ لِئَلا تُدَانُوا. هُوَذَا ٱلدَّيَّانُ
وَاقِفٌ قُدَّامَ ٱلْبَابِ. 10 خُذُوا يَا إِخْوَتِي مِثَالا لاحْتِمَالِ
ٱلْمَشَقَّاتِ وَٱلأَنَاةِ: ٱلأَنْبِيَاءَ ٱلَّذِينَ
تَكَلَّمُوا بِٱسْمِ ٱلرَّبِّ. 11 هَا نَحْنُ نُطَوِّبُ
ٱلصَّابِرِينَ. قَدْ سَمِعْتُمْ بِصَبْرِ أَيُّوبَ وَرَأَيْتُمْ عَاقِبَةَ
ٱلرَّبِّ. لأَنَّ ٱلرَّبَّ كَثِيرُ ٱلرَّحْمَةِ وَرَؤُوفٌ.

12
وَلٰكِنْ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ يَا إِخْوَتِي لا تَحْلِفُوا لا
بِٱلسَّمَاءِ وَلا بِٱلأَرْضِ وَلا بِقَسَمٍ آخَرَ. بَلْ لِتَكُنْ
نَعَمْكُمْ نَعَمْ وَلاكُمْ لا، لِئَلا تَقَعُوا تَحْتَ دَيْنُونَةٍ.

في
مقدمة الرسالة علمنا يعقوب كيف نعيش الحياة الطاهرة، رغم المحن والتجارب، فهو يوصي
بالصبر (1: 3-4) والصلاة (1: 5). ويعود الآن إلى هذين الأمرين. ويحثنا على الصبر
في 5: 7 وعلى الصلاة في 5: 17. فلا مناص من الاثنين، إذا كنت قد صممت على أن تكافح
ضد صعوبات العالم وشروره.

يستخدم
يعقوب استعارة من تصرف الفلاح، الذي بالصبر ينتظر الأمطار وغلة الأرض. إن الفلاح
يخضع لنواميس الطبيعة، التي وضعها الله لمنفعته. ولكنه يكد هو بدروه. والأمطار في
المجاز ترمز إلى الشدائد التي يصبر عليها المؤمن. ولا ثمر بدون أمطار. هكذا نرى أن
للصبر ثمره الخاص، يجنيه الفلاح بفرح.

إن
الله مع الصابرين – والله نصيب الصابرين، لأننا نحن المؤمنين لا نصبر، لكي نتمتع
بالأرضيات، وإنما نصبر لكي نبتهج بالسماويات «مجي الرب قد اقترب». يا لها من تعزية
لكل متعب منهمك! يسوع آت، ليخلصنا تماماً من هذا العالم الأليم، ويرفعنا إلى عالم
أسمى، حتى نمكث معه على الدوام بالسلام والسرور، هذا نصيب المؤمنين.

هل تبحث عن  قاموس الكتاب المقدس معجم الكتاب المقدس ك كرونيكة ة

تجربة
الصابرين التذمر. أنت تصبر وتحتمل. وفي احتمالك يجربك الشيطان، إذ تتعرض إلى لوم
الآخرين. نلوم فلاناً على هذا الخطأ. ونلوم غيره على عيب آخر. وهكذا نقضي الليالي
في القلق والنهار في التذمر. لا تتذمر على أخيك، بل تعال بشكواك إلى عرش النعمة
والقها هناك. وتضرع إلى الله وهو يحل مشكلتك.

وفي
وصية أخرى يقول يعقوب: لا تحلفوا البتة، مهما كان موضوع القسم. هكذا تتعود على
الصدق. وتكون نعمك نعم، ولاؤك لا. من ثم يستأمنك الناس ويثقون بك. وفي هذه جميعها
لا ننسى أن الرب الحنون الرؤوف هو أيضاً الإله الديان، يدين الأشرار ويعين
الأبرار.

للحفظ:
«ثَبِّتُوا قُلُوبَكُمْ، لأَنَّ مَجِيءَ ٱلرَّبِّ قَدِ ٱقْتَرَبَ»
(يعقوب 5: 8).

الصلاة:
اللهم هبني الصبر والثبات، لكي أصمد حين تهب عاصفة الشدائد، وتضطرب القلوب. ودعني
أنتظر مجيئك ببهجة ورجاء، حتى أكون مستعداً للقائك.

 

5: 13
أَعَلَى أَحَدٍ بَيْنَكُمْ مَشَقَّاتٌ؟ فَلْيُصَلِّ. أَمَسْرُورٌ أَحَدٌ؟
فَلْيُرَتِّلْ. 14 أَمَرِيضٌ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ؟ فَلْيَدْعُ شُيُوخَ
ٱلْكَنِيسَةِ فَيُصَلُّوا عَلَيْهِ وَيَدْهَنُوهُ بِزَيْتٍ بِٱسْمِ
ٱلرَّبِّ، 15 وَصَلاةُ ٱلإِيمَانِ تَشْفِي ٱلْمَرِيضَ
وَٱلرَّبُّ يُقِيمُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ خَطِيَّةً تُغْفَرُ لَهُ.
16 اِعْتَرِفُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ بِٱلزَّلاتِ، وَصَلُّوا بَعْضُكُمْ
لأَجْلِ بَعْضٍ لِكَيْ تُشْفَوْا. طِلْبَةُ ٱلْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيراً
فِي فِعْلِهَا. 17 كَانَ إِيلِيَّا إِنْسَاناً تَحْتَ ٱلآلامِ مِثْلَنَا،
وَصَلَّى صَلاةً أَنْ لا تُمْطِرَ، فَلَمْ تُمْطِرْ عَلَى ٱلأَرْضِ ثَلاثَ
سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ. 18 ثُمَّ صَلَّى أَيْضاً فَأَعْطَتِ ٱلسَّمَاءُ
مَطَراً وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ ثَمَرَهَا.

19
أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ، إِنْ ضَلَّ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ عَنِ ٱلْحَقِّ
فَرَدَّهُ أَحَدٌ، 20 فَلْيَعْلَمْ أَنَّ مَنْ رَدَّ خَاطِئاً عَنْ ضَلالِ
طَرِيقِهِ يُخَلِّصُ نَفْساً مِنَ ٱلْمَوْتِ، وَيَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ
ٱلْخَطَايَا.

إن
الصلاة بداية الحياة المسيحية ونهايتها. وهي مذكورة في وصية الرسول الوداعية،
لقرائه ولجميع المؤمنين. فالفعل «صلى» والكلمة «صلاة» ترد 7 مرات في هذه الفقرة
الختامية الوجيزة. وهذا دليل على أهمية نشاط الصلاة. لقد حذرنا آنفاً من سوء
استعمال اللسان في التجديف والتذمر. والآن يخبرنا ماذا نفعل باللسان. ألعلك حزين،
فصل، أو مسرور فرتل. ما أجمل الصلاة المقترنة بالترتيل! فيا ليتنا نعتاد على
النشاطين المتكاملين ونمارسهما كل يوم! هكذا تبدو المسيحية ديانة لكل أحوال
الحياة. إن نعمة المسيح تكفي في كافة الظروف.

هل تبحث عن  الكتاب المقدس الكتاب الشريف عهد قديم سفر المزامير 62

قد
تكلم يعقوب عن الصلاة بالنسبة للفرد. وهنا يتكلم عن صلوات الجماعة في الكنيسة، أو
في البيوت. وبالتخصيص يذكر صلاة الشيوخ، المعنيين بمصير الكنيسة وصحة أعضائها
الروحية والجسدية. وكما قال المسيح «حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون
في وسطهم» فهو يكون بيننا ليشفي ويفدي. وحتى إن كنت منعزلاً عن زملائك وبعيداً عن
شركة المؤمنين، فبركات الصلاة تبقى مسرة لك: صلاة الإيمان تشفي، وصلاة الإيمان
تأتي بالغفران.

وهناك
شيء آخر يجب أن نعمله حينما نجتمع بعضنا مع بعض، اثنان، ثلاثة أو أكثر. هذا أن
نعترف بعضنا لبعض. ولا سيما إن كنا قد أذنبنا إلى الآخرين. فالاعتراف له تأثير
علاجي، يطهر القلوب ويحسن العلاقات البشرية. وبعد الاعتراف يحثنا الرسول على الصلاة
بعضنا لأجل بعض بلا انقطاع. لان أعظم خدمة يمكنك أن تقوم بها لفائدة الآخرين هي
الصلاة من أجلهم.

أخيراً
يتكلم الرسول عن ذلك الموضوع الخطير. الضلال والخلاص. هل أنت من الضالين أم من
المخلصين. فالرب قادر أن يردك من الهلاك والضلال إلى سبيل الحياة والنور.

للحفظ:
«أَعَلَى أَحَدٍ بَيْنَكُمْ مَشَقَّاتٌ؟ فَلْيُصَلِّ. أَمَسْرُورٌ أَحَدٌ؟
فَلْيُرَتِّلْ » (يعقوب 5: 13).

الصلا:
علمني كيف أصلي صلاة الإيمان، لأنال الشفاء والغفران. يا إلهي القدوس، خذ بيدي
وقدني إلى طريق النجاة والحياة. وحين أكون معرضاً لتيهان في الضلال قدني إلى نورك
البهي.

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي