الإصحَاحُ
الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ

 

التكميل!

[1:2120:28]

 

–   الدخول إلى أُورشليم في موكب النصرة                               (21:
1 11)

–   تطهير الهيكل                                                           (12:21
17)

–   لعن شجرة التين                                                        (21:
1822)

–   بأي سلطان تفعل هذا                                                   (21:
2327)

–   العشَّارون يسبقونكم إلى ملكوت الله                                   (28:2132)

–   محاكمة الكرَّامين الأردياء                                              (33:2146)

 

مقدِّمـة:

في
هذا الأصحاح يبتدئ الجزء الثاني من القسم الأخير من الإنجيل([1]).
وهذا الجزء يشمل ثمانية أصحاحات (2128) يبدأ معها أسبوع الآلام.

والجزء
الأول (16:16 إلى 34:20) اهتم باستعلان المُلك (المسيَّاني) مكرِّساً نفسه
لتلاميذه على ضوء الصليب القادم.

وفي
هذا الجزء من الإنجيل (ابتداءً من أصحاح 21) يغيِّر المسيح أسلوبه في الخدمة
تغييراً جوهرياً، فقد عرفنا قبلاً أنه التزم بالنبوَّة في إشعياء التي تقول:
» لا يصيح ولا يرفعُ ولا
يُسمع في الشارعِ صوتهُ

«
(إش 2:42). وكان يخفي
إعلانه أنه المسيَّا ويُصرّ في تعليمه لتلاميذه أن لا يقولوا لأحد عنه. وكان في كل
معجزة يوصي أن لا يقول صاحبها لأحد. كل هذا الآن انتهى
فالمسيح
ابتدأ من هذا الأصحاح يعلن نفسه أنه الملك الآتي، وبإرادته وتدبيره رتَّب بنفسه
موكب دخوله أُورشليم مدينة الملك العظيم، وحوله تلاميذه والشعب الذي كان يتبعه من
الجليل والذين انضموا إليه من اليهودية وبيرية. وتضخَّم الموكب جداً بعد تدفُّق
الحجاج نحوه خارجين من المدينة من الباب الشرقي المواجه لموكبه وهو نازل من جبل
الزيتون نحوهم. ولم يمنع تلاميذه
كما طلب منه رؤساء
الكهنة
من أن يهتفوا
له:
» أوصنا في
الأعالي يا ابن داود

«
ولا من أن يقولوا: » مبارك الآتي باسم الرب « وكذلك صياح الأولاد داخل الهيكل وقولهم: “أُوصنَّا”. إذن، فقد
خطَّط المسيح بنفسه لإعلان ملوكيته رسمياً وفي الهيكل مع كل الذين له.

لذلك
لا نستغرب أنه أرشد بنفسه إلى مكان الأتان والجحش، وأكَّد أن يقول تلميذاه لمَنْ
يسألهما لماذا تحلاَّن الجحش أن الرب محتاج إليه، فهنا أصبح ظهور المسيح
وإعلانه
ملكاً ظافراً راكباً وهو داخل مدينته وهيكله
حاجة
ملحَّة بالنسبة له، وهكذا خرج المسيح نهائياً عن دور مجرَّد إنسان داخل حدود
البشرية، وكان ذلك بصورة فجائية. فابتدأ التلاميذ يدركون أنه يعرف أشياءَ لا
يعلمون عنها شيئاً؛ وكمثال لذلك عندما أرسل تلميذيه إلى القرية التي أمامهما، وطلب
منهما إحضار الأتان والجحش بسلطان الله. ولكن هذه الأمور الجديدة بمفهومها الملكي
الجديد لم تغب عن ذهن ق. متى، فاستعجل واستشهد بنبوَّة زكريا التي تصرخ ولأول
مرَّة أنه الملك الآتي إلى مدينته «ظافراً منصوراً ووديعاً» بآن
واحد، راكباً على جحش رمز السلام. إذن، فالموكب لم يغب عن ذهن ق. متى أنه
تحوُّل جوهري في رسالة المسيح. ولكن لا نريد أن نذكر نبوَّة زكريا دون توجيه الفكر
بشدَّة إلى موضعها من سفر زكريا. فالنبوَّة
التي اختارها ق. متى من سفر زكريا هي في الأصحاح
التاسع، وهو تابع أصلاً لنبوَّة خاصة تشمل الأصحاحات
(9و10و11) لنبوَّة زكريا عن ملك ممسوح
سيُرفض:

+
» فقلتُ لا
أرعاكُم، مَنْ يَمُتْ فَليَمُتْ ومَنْ يُبَدْ فليُبَدْ والبقية فليأكل بعضُها لحم
بعضٍ. فأخذتُ عصايَ نعمة وقصفتُها لأنقُضَ عهدي الذي قطعته مع كُلِّ الأسباط.
فنُقِضَ في ذلك اليوم
وهكذا عَلِمَ أَذَلُّ
الغنم (أضعف الغنم أي التلاميذ) المنتظرون لي أنها كلمة الرب
فقلت لهم:
إن حَسُنَ في أعينكم فأعطوني أُجرتي (عن ثلاث سنين خدمة) وإلاَّ فامتنعوا، فوزنوا
أُجرتي ثلاثين من الفضة (استلمها التلميذ الخائن نيابة عن المسيح). فقال لي الرب:
ألقها إلى الفخاري الثمن الكريم الذي ثمَّنوني به. فأخذت الثلاثين من الفضة
وألقيتها إلى الفخَّاري في بيت الرب. ثم قصفت عصاي الأُخرى حبالاً لأنقض الإخاء
بين يهوذا وإسرائيل.

«
(زك 11: 914)

ثم
بعدها مباشرة جاء في زكريا
» وحي كلام الرب على إسرائيل «
وتستمر النبوَّة من الأصحاحات (12و13و14) وتنص نصاً على أن بعد خراب أُورشليم
وتكميل الصليب وظهور الرب والجروح في يديه بعدها يأتي الرب وجميع القديسين معه:

+
» وحيُ كلام
الرب على إسرائيل: يقول الرب باسط السموات ومؤسِّس الأرض وجابل روح الإنسان في
داخله: هأنذا أجعل أُورشليم كأس ترنُّحٍ لجميع الشعوب حولها، وأيضاً على يهوذا
تكون في حصار أُورشليم. ويكون في ذلك اليوم أني أجعل أُورشليم حجراً مُداساً([2])
لجميع الشعوب وكل مَنْ يدوسها يستهزئ ويسخر منها. ويجتمع عليها كل أُمم الأرض …
وأفيض على بيت داود وعلى سكَّان أُورشليم روح النعمة والتضرُّعات فينظرون إليَّ
(أنا) الذي طعنوه. وينوحون عليه كنائحٍ على وحيدٍ له … فيقول له: ما هذه الجروح
في يديك؟ فيقول: هي التي جُرحت بها في بيت أحبائي … ويأتي الرب إلهي وجميع
القديسين معك.
«(زك 12: 13، 10، 6:13، 5:14)

واضح
هنا أن القديس متى اكتفى ببداية نبوَّة زكريا الأُولى عن رفض الملك الممسوح
واستخدم آياتها بمهارة كما سيأتي بعد. وأنه هنا سخَّر النبوَّة لتكون قائداً لنا
فيما أضمره المسيح في نفسه وصنعه عن معرفة بالآتي. فالمسيح لثلاث مرَّات في إنجيل
ق. متى يكشف عن آلامه ورفضه وصلبه وموته وقيامته. ولأنه كان يعرف تماماً الميعاد
المحدَّد والمكان والزمان وكل الظروف المحيطة، خطَّط أن يدخل أُورشليم في أسبوع
عيد الفصح في موكبه الملكي ويرغم السنهدرين وكل أعدائه الذين قرروا تحديد ميعاد
الصلب!!

وبهذا
تبدأ الخطة تتكشَّف أمامنا منذ فجر الأحد بإرسالية التلاميذ لإحضار أدوات الموكب
الملكي. والإنسان يكاد يحبس أنفاسه إذ انكشفت لنا بوضوح كل الخطوات التي سار فيها
المسيح، وكل إجاباته التي أجاب بها معانديه، بل ومن الآن نفهم لماذا مدَّ يديه
للقبض عليه، لماذا وقف صامتاً أمام الذين حاكموه من رؤساء الكهنة وهيرودس وبيلاطس
ولم يشأ على الإطلاق أن يدافع عن نفسه بكلمة، ووقف صامتاً كمن هو موافق على كل
التهم والادعاءات، لأنه كان يعلم الساعة التي سيُصلب فيها، ومتى يموت ومتى يقوم!!
وهكذا دفع المسيح كل الظروف أمامه وكأنه يُملي على رؤساء الكهنة كيف يتصرَّفون
بسرعة ويقبضون عليه رغم أنفهم وفي العيد، ويتم الصلب وقت ذبح الخروف ليكون هو فصح
إسرائيل الحقيقي، بل فصح العالم كله.

والآن وبهذه المقدِّمة أعتقد عزيزي القارئ أنك ستدرك كل
دقائق مُجريات الأمور وتستوعبها بسهولة.

 

أسبوع الآلام

 

يبتدئ
أسبوع الآلام بدخول المسيح أُورشليم يوم الأحد وينتهي بالقيامة.

وقد
علمنا من ق. متى أن المسيح أنهى رحلته إلى اليهودية بعد أن ترك بيرية وعبر الأُردن
واتجه إلى أريحا وهناك شفى الأعميين، ومن أريحا اتخذ المسيح الطريق الصاعد إلى
أُورشليم، ومعه جماعتان: الأُولى التي رافقته من الجليل وفيها النسوة القديسات
المكرَّمات وأقارب يسوع وتلاميذه، والجماعة التي تجمَّعت من اليهودية وبيرية،
ورافقهم الأعميان بعد أن شُفيا وهما يمجِّدان الله، وقد ألهبا حماس الجماعة حتى
أُورشليم. وبهذه المجموعة بلغ قبل غروب شمس الجمعة مشارف بيت عنيا القرية المحبوبة
لدى يسوع جدًّا، والتي نعرف عنها الكثير من إنجيل ق. يوحنا، والتي فيها لعازر
حبيبه ومرثا ومريم اللتان كانتا موضع محبة المسيح وتكريمه، والتي أقام فيها لعازر
من بين الأموات بعد أربعة أيام من الدفن. كذلك من إنجيل ق. متى وق. مرقس نعلم أنه
قد استضافه سمعان الأبرص حيث جاءت المرأة حاملة الطيب الناردين وسكبته على رأسه.
ومن رواية ق. يوحنا نعلم أن لعازر كان أحد المتكئين معه وأن المرأة صاحبة الناردين
الكثير الثمن هي مريم التي أقام أخاها من الموت. وقد استراح هو وتلاميذه في بيت
عنيا يوم السبت بكامله حيث عُملت الوليمة بعد غروب شمس السبت. وفي باكر الأحد
رتَّب موكب دخوله أُورشليم وسط تلاميذه وجموع محتشدة كثيرة.

ودخول
المسيح إلى أُورشليم في موكبه كان حدثاً كبيراً ويمكن أن نستخرج منه ملاحظات هامة:

أولاً: كان المسيح
على علم تام بأن دخوله بموكبه الظافر في وسط الشعب الغفير وهو يهتف بابن داود،
سيثير الفزع في قلوب السنهدرين والفريسيِّين والكتبة وشيوخ الشعب، الذين خطَّطوا
سابقاً أن لا يكون القبض في العيد خوفاً من الشعب. فزاد إصراره هو أن يجبرهم على
أن يتمِّموا خططهم في العيد، لأنه كان قد نوى أن يكون هو الفصح الحقيقي لإسرائيل
ويكمِّل فداءه يوم العيد. وهكذا يُعتبر أن المسيح عن تخطيط ماهر سماوي غيَّر خطط
رؤساء الكهنة ليجعل ذبيحته يوم العيد وليس بعده.

ثانياً: وبهذا
الدخول الظافر جالساً على ابن أتان بين تلاميذه قصد المسيح قصداً أن يكمِّل نبوَّة
زكرياً، فرتَّب بنفسه ابن الأتان الذي ركبه وترك للأولاد ولتلاميذه العنان للهتاف
باسم ابن داود ومملكة أبينا داود. ولمَّا أراد الكهنة والفريسيُّون أن يمنعوا
الأولاد وراجعوه بشدَّة أن يسكتهم، كان ردُّه لو سكت هؤلاء لصرخت الحجارة، إمعاناً
في الإعلان عن مسيَّانيته ومملكة داود.

ثالثاً: وإمعان
المسيح في ركوبه ابن الأتان هو استعلانه للسلام الذي جاء ليعلنه بملوكيته وليس
الحرب ضد الرومان. كما أكَّد بالفعل أنه وديع ومتواضع القلب، كما نطقت النبوَّة
بفم زكريا النبي:
»
هوذا
ملكك يأتي إليك هو عادل ومنصور، وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان.
«(زك 9:9)

ولكن للأسف فإن الجميع حتى التلاميذ لم يقفوا ولا لحظة إزاء
هذا التخطيط ليدركوا منه قصد المسيح؛ بل ظنوا أيضاً أنه يختص بإعلان ملوكيته
الأرضية. الأمر الذي فوَّت بالتالي على
رؤساء الكهنة والفريسيِّين والكتبة مفهوم
هذا الموكب النبوي الواضح. فالذين كانوا يهتفون لم يدركوا قط أنهم كانوا يهتفون لمسيَّا السلام، ولا الرؤساء أدركوا
ذلك فأرادوا أن يسكتوهم. وهكذا ضاع
مفهوم المسيَّا الحقيقي بين الأخصاء والأعداء على السواء. ولكن على أي حال عجَّل المسيح السنهدرين مجبراً بالقبض عليه وفي العيد
رغماً عن
أنفهم.

ولم
يلتفت أحد قط كيف بكى الملك وهو داخل على المدينة في وسط موكب الهتاف، بكى على
مصيرها المحتوم وخرابها المعجَّل بسبب رفض الكهنة. دخل ليموت ويفدي أُورشليم
وإسرائيل، وليس ليملك (لو 19: 41و42). وبسبب عمى قلوب الشعب الذي لم يعرف مسيَّا
السلام ويوم خلاصه ولا يوم افتقاده، وظنوه مسيَّا الحرب فرحَّبوا به وهلَّلوا،
فالذين هتفوا بقدومه مهلِّلين لمَّا أدركوا أنه ليس ملك الحرب هتفوا بعد خمسة أيام
بصلبه!!

دقائق الخطوات التي سارت يوم الأحد:

1
(مت 21: 13و6و7)، (مر
11: 1
7)، (لو 19:
28
35)، (يو
12: 2و12):

بعد ما
ترك المسيح بيت عنيا أرسل تلميذيه لقرية بيت فاجي (حقل التين) بتوصية لإحضار حمار
صغير (ابن أتان كان مربوطاً مع أُمه) قاصداً أن يركبه في دخوله أُورشليم تتميماً
لنبوَّة زكريا. والقديس متى يذكر أنهما كانا معاً الحمار الصغير وأُمه، ولكن
المسيح استخدم الجحش أي الحمار الصغير، ونفَّذ التلاميذ أمر المسيح.

2
(مت 21:
4و5و7)، (مر 7:11)، (لو 35:19)، (يو 12: 14و15):

فرش
التلاميذ قمصانهم على الجحش وأُمه وساعد التلاميذ المسيح في ركوبه الجحش، واتجه
المسيح بالموكب صوب أُورشليم. هنا يذكر القديس متى والقديس يوحنا أن هنا تمَّت
نبوَّة زكريا (9:9).

3
(مت 8:21)،
(مر 8:11)، (لو 36:19):

ومعظم
الشعب الذي سار خلف موكب المسيح كانوا يفرشون ثيابهم على الطريق ليعبر عليها
المسيح راكباً الجحش، وآخرون قطعوا الأغصان وحملوها مهلِّلين.

4
(يو 12:
1و12و13و18):

تجمَّعت
جماعات الحجّاج التي بلغها خبر إقامة المسيح للعازر من الموت، وكانت أُورشليم
مكتظَّة بها بسبب الفصح، أسرعوا وخرجوا من الباب الشرقي ليستقبلوا المسيح وينضموا
إلى الموكب الظافر للملك القادم، وحملوا سعف النخل في أيديهم رمز النصرة في
استقبال الملوك. مرحِّبين بالمسيَّا.

5
(مت 9:21)،
(مر 9:11و10)، (لو 37:19و38)، (يو 13:12):

وحالما
التقى الجمعان، واحد من أمام والآخر من الخلف، تمَّت الأنتيفونا التي تنبَّأ عنها
داود في المزمور (مز 118: 19
28)([3]).
وكان تقابلهما على منحدر جبل الزيتون في مقابل الباب الشرقي للمدينة. واقتربوا من
المدينة وخرج الهتاف مدوياً حتى عنان السماء:
» أوصنا يا ابن داود «بمعنى: “خلِّصنا يا ابن داود”، باعتباره الملك
المسيَّا القادم للخلاص. ولكن للأسف أضمروا الخلاص من عبودية الرومان وليس من
عبودية الناموس والخطية والموت الأبدي.

6
(يو
17:12):

أمَّا
الذين عاينوا قيامة لعازر من الموت وتفتيح أعين الأعميين
فكان صراخهم بحماس شديد.

7
(لو 19:
39و40):

لم
يحتمل جماعة الفريسيِّين هذا الهتاف للمسيَّا فأسرعوا يطلبون من المسيح أن يسكت
التلاميذ. ولكن كان المسيح راضياً بهتافهم، ليس لأنه كان محتاجاً إليه، ولكن لكي
يُحرج الفريسيِّين والسنهدرين معهم ليكمِّلوا جريمتهم. لأنه كان قد نوي منذ اليوم
الأول الذي تحرَّك فيه من الجليل أن يُصلب يوم
الفصح! فقال لهم:
» إن
سكت هؤلاء فالحجارة
تصرخ
«

8
(لو 19: 4144):

وحينما
تراءت المدينة أمام المسيح وهو في وسط هذه الضجَّة العظمى بغير فهم ولا معرفة،
وكأنه ملك قادم لتخليص المدينة من الرومان، بكى عليها لأنها لم تعرف زمان
افتقادها، ولا استطاعت أن تتعرَّف على مخلِّصها الحقيقي وفاديها. بكى بكاءً عالياً
ومسموعاً لأنه رآها وهي محاطة بمترسة وجيوش تيطس تقطع بالسيف رقاب شعبها وتبقر بالسيف
بطون نسائها، وتُعلِّق أطفالها على أسنَّة الرماح وهي تتلوَّى. فلمَّا رفضت سلامها
حلَّ خرابها:
» وبكى عليها
قائلاً: إنكِ لو علمتِ أنتِ أيضاً حتى في يومكِ هذا ما هو لسلامكِ؟ ولكن الآن قد
أُخفي عن عينيكِ (ما كان يراه هو). فإنه ستأتي أيام ويحيط بكِ أعداؤكِ بمترسة
ويحدقون بكِ ويحاصرونكِ من كل جهة، ويهدمونكِ وبنيكِ فيكِ، ولا يتركون فيكِ حجراً
على حجر لأنكِ لم تعرفي زمان افتقادكِ
«(لو 19: 4144)

9
(مت 21:
10و11)، (مر 11: 11و12):

وعندما
دخل المسيح المدينة اهتزَّت المدينة كلها، والكل يتساءل مَنْ هذا؟ إنه النبي يسوع
الذي من ناصرة الجليل
وفي المساء عاد المسيح
إلى بيت عنيا.

دقائق الخطوات التي صارت يوم الاثنين:

10
(مت 21: 1214)، (مر
11: 15
17)، (لو
19: 45
47):

دخل
المسيح الهيكل وقام بطرد الذين كانوا يبيعون ويشترون، وبحسب القديس متى تقدَّم
إليه عُميٌ وعرجٌ فشفاهم.

11
(مت 21:
15و16):

الأولاد
في الهيكل بدأوا يصيحون هوشعنا
خلِّصنا يا ابن داود.
ورؤساء الكهنة والكتبة في غيظهم قالوا له:
» أتسمع ما يقول هؤلاء. فقال لهم يسوع: نعم! أما
قرأتم قط: من أفواه الأطفال والرضَّع هيأت تسبيحاً
«

12
(يو
19:12):

» فقال
الفريسيُّون بعضهم لبعض: انظروا إنكم لا تنفعون شيئاً، هوذا العالم قد ذهب وراءه
« وهذا مما جعلهم يتعجَّلون القبض عليه وفي العيد بالرغم من
احتراسهم السابق أن لا يقبضوا عليه في العيد. وهكذا نجحت خطة المسيح في إجبارهم
لتقديم ميعاد جريمتهم ليكمِّل رسالته التي جاء من أجلها في الميعاد.

13
(مت
17:21):

حينما
حلَّ المساء تركهم هو وتلاميذه وخرج وبات في بيت عنيا.

14
(يو
16:12):

الختام
الإجمالي لكل هذا الذي حدث في هذين اليومين:
» وهذه الأمور لم يفهمها تلاميذه أولاً، ولكن
لمَّا تمجَّد يسوع حينئذ تذكَّروا أن هذه كانت مكتوبة عنه وأنهم صنعوا هذه له
« طبعاً بخصوص موكب الدخول والهتاف والأنتيفونا التي رجَّت أُورشليم
والتي أخطأوا فهمها ومعناها. وكانوا مجرَّد ممثلين لأدوار لم يفهموها.

أسبوع الآلام بحسب القديس متى:

انتبهت
الكنيسة مبكِّراً جداً إلى الترتيب الذي صنعه القديس متى واتخذوه أساساً لليتورجية
أسبوع الآلام. وهكذا صار هذا الجزء من الإنجيل داخلاً في صميم ليتورجية العبادة؛
بل صار قطعة حيَّة من عبادة المسيحيين في كل أنحاء المسكونة وكل الكنائس بكل
اللغات. وصارت قراءات أسبوع الآلام من أشهر ما حفظت الشعوب من الإنجيل وانطبعت
بألحانها في ذاكرة الأطفال والكبار، وصار ينتظرها المسيحيون كل سنة ويحتفلون بها
بحسب خطواتها وأغصان الزيتون والنخيل والألحان بأُوصنَّا في مواكب يحتلّها الأطفال
مع الكبار، وكأن الكنيسة تحيا كلها في حقائق هذا الأسبوع المجيد. على أن كبار
الوعاظ والكُتَّاب أفاضوا بالكتابات والوعظات في هذا الأسبوع وخصُّوه بالمعاني
اللاهوتية وخاصة الفداء والخلاص الذي تمَّ بالآلام والصلب، فأصبحت قراءات وشروحات
هذا الأسبوع مفتاحاً لفهم اللاهوت وأعمال الفداء والخلاص.

 

الدخول إلى أُورشليم في موكب النصرة

[1:2111]                     (مر 1:1111)، (لو 28:1938)، (يو 12:1219)

 

1:215 «وَلَمَّا
قَرُبُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ فَاجِي عِنْدَ جَبَلِ
الزَّيْتُونِ، حِينَئِذٍ أَرْسَلَ يَسُوعُ تِلْمِيذَيْنِ قَائِلاً لَهُمَا:
اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ
أَتَاناً مَرْبُوطَةً وَجَحْشاً مَعَهَا، فَحُّلاَهُمَا وَأْتِيَانِي بِهِمَا.
وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ شَيْئاً، فَقُولاَ: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا.
فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُمَا. فَكَانَ هذَا كُلُّهُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ
بِالنَّبِيِّ القَائِلِ: قُولُوا لاِبْنَةِ صِهْيَوْنَ: هُوَذَا مَلِكُكِ
يَأْتِيكِ وَدِيعاً، رَاكِباً عَلَى أَتَانٍ وَجَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ».

نحن
هنا يوم الأحد بعد أن بات المسيح الأمس في بيت عنيا، وحضر الوليمة التي تمَّ فيها
دهنه بناردين مريم، رمزاً لتكفينه قبل الأوان وتذكاراً لمحبة هذه المرأة. وفي
الصباح أرسل المسيح تلميذيه إلى القرية الصغيرة بيت فاجي. وكلمة فاجي تعني التين
وأُخذت منها الكلمة الإنجليزية
Fig. كذلك بيت عنيا تعني مكان البلح. وأحضرا له كما قال لهما الأتان
وجحشها وراءها. أمَّا لماذا ضرورة الركوب، فجبل الزيتون الذي سيصعدون عليه من شرق
إلى غرب يرتفع شرقاً حتى يبلغ ارتفاعه 2600 قدم فوق البحر، فصعوده صعب. أمَّا
الهيكل فعلى هضبة يقل ارتفاعها 250 قدماً عن جبل الزيتون. أمَّا بين منحدر جبل
الزيتون الغربي وبين الهيكل فيوجد وادٍ يُسمَّى قدرون. والقديس مرقس يدقِّق في
تعيين موضع الأتان والجحش إذ كانا في مدخل القرية مباشرة:
» اذهبا إلى القرية التي أمامكما «وكأن المسيح يشاور
بأصبعه والقرية ظاهرة لأنها قريبة جداً من بيت عنيا،
» فللوقت وأنتما داخلان إليها تجدان جحشاً مربوطاً
لم يجلس عليه أحد من الناس، فحلاَّه وأتيا به
«(مر
2:11). وهنا نتعجَّب هل سبق المسيح وعرف المكان وأصحاب الجحش؟ أم كان يرى بروحه
ويصف ما يراه لأن ما قاله وجده التلميذان وأكملا المهمة تماماً. ثم يمتاز ق. مرقس
بالقول إن الجحش لم يركبه أحد من الناس، وهذا أمر محال، إذ يتحتَّم تمرين الجحش
على أحد يركبه في السابق وإلاَّ استحال ركوبه، فما هذا الأمر؟ أجحش هو أم شاروبيم؟
أم سبق وأعدَّه زكريا النبي (منذ 520 سنة ق. م) وهو نبي أُورشليمي؟ علماً بأن
كلاًّ من ق. مرقس وق. لوقا يذكران الجحش فقط إلاَّ أن ق. متى هو الذي انفرد بوجود
الجحش مع الأتان.

وذهب
التلميذان بالفعل وما قاله لهما تمَّ بالحرف الواحد. ومرَّة أخرى نحن أمام الحقيقة
الإلهية:
» هو أمر فكان «وبعد ذلك يكون الفحص
والسؤال خارجاً عن الموضوع!! ولكن لم يتركنا المسيح حيارى في سر هذا الجحش الغريب
الأطوار، لأن المسيح أضاف على الأمر قوله:
» وإن قال لكما أحد شيئاً فقولا الرب محتاج إليهما «فما حاجتنا بعد إلى
سؤال، كيف تمَّ توفير الجحش، إذ كان مُعدًّا للرب، لذلك لم يركبه أحد من الناس.
على أن الرب لا يحتاج إلى شيء فهي مجرَّد تغطية حتى لا يفهم الغريب ما وراء
الكلمات. فهنا الرب تكلَّم وما تكلَّم به صار! ولكي تنتفي كل مماحكة لم يقل
المسيح: المعلِّم محتاج إليهما مع أن هذه لغته، ولكن هنا قال: “الرب” بالصيغة المطلقة، رب الكل. أو بأسلوب الواقع الحي:
الملك محتاج إليه. فالجو كله مشحون بسريَّة الرمز والنبوَّة.

ثم
يأتي كلام ق. متى بخصوص تتميم نبوَّة زكريا. وفي الحقيقة تأتي النبوَّة مع تغيير
في بعض الكلمات عن الأصل السبعيني، ويبدو أنه أخذها من الأصل العبري:

+
» قولوا لابنة
صهيون هوذا ملكك يأتيكِ وديعاً راكباً على أتان وجحش ابن أتان.
«(5)

+
» ابتهجي جداً
يا ابنة صهيون. اهتفي يا بنت أُورشليم هوذا ملككِ يأتي إليكِ هو عادل ومنصور وديع
وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان.
«(زك 9:9 حسب الأصل
العبري)

حيث
ابنة صهيون تشير إلى إسرائيل الجديدة المزمعة أن تكون، وحيث ملككِ تفيد الملك
الخاص بها ومن أبنائها. فهو ليس ملكاً أجنبياً الذي يكون دخوله للبهجة جداً. وإنه
وديع ومنصور وعادل. وحيث الحمار حيوان السلام والفلاح وليس للحرب والقتال. أمَّا قوله
منصوراً فهو قادم ليأخذ مملكته كمنتصر فوق أعدائه.

6:219 «فَذَهَبَ
التِّلْمِيذَانِ وَفَعَلاَ كَمَا أَمَرَهُمَا يَسُوعُ، وَأَتَيَا بِالأَتَانِ
وَالْجَحْشِ، وَوَضَعَا عَلَيْهِمَا ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِمَا.
وَالْجَمْعُ الأَكْثَرُ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. وَآخَرُونَ قَطَعُوا
أَغْصَاناً مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ. وَالْجُمُوعُ الَّذِينَ
تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرَخُونَ قَائِلِينَ: أُوصَنَّا
لاِبْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي!»

كما
قلنا في المقدِّمة كانت إرسالية التلميذين إلى بيت فاجي فيها أمور فائقة عن الفكر
الطبيعي، فمجيء الجحش لم يكن بالوضع العادي ولكن بالوضع الإلهي:
» الرب محتاج إليه « بمعنى أن الأمر صادر من فوق؛ أمَّا الصيغة النبويَّة التي أتت
بالمثنَّى أي أنه جحش وأنه ابن أتان فهي إمعانٌ في أنه حمار وليس حصاناً أو بغلاً،
لأن كلمة جحش هي “حيوان صغير للركوب” وهي تصح للحصان والبغل الصغير. أمَّا ذِكْر
ابن أتان فتأكيداً لتواضعه أنه حمار وهذا بيت القصيد. فهو ملك وديع آتٍ للسلام
وليس بكبرياء الغازين الذين يأتون على حصان والسيف في يدهم. وأمَّا فرش الثياب على
الطريق فهو من مظاهر التكريم للملك القادم، وتفيد منتهى الخضوع لأن الذي يضع
ملابسه تحت أقدام الملك يعني الطاعة والخضوع مع الفرح والتحية الفائقة.

وقد
قسَّم التابعون أنفسهم قسمين: قسم يسبق وقسم يتبع، على هيئة خورسين، الواحد يهتف والثاني يرد. وهو نظام الخوارس بحري وقبلي المتَّبع
في الكنيسة، وكانت هذه طريقة التسبيح
بالمزامير:

الخورس
المتقدِّم: أُوصنَّا لابن داود.

الخورس التابع: مبارك الآتي باسم الرب.

الخورس
المتقدِّم: أُوصنَّا في الأعالي.

أمَّا
المعنى: فدخول الملك “ابن داود” هو للخلاص (أُوصنَّا) الآن، الخلاص من الأعالي
بذراع الرب. والمرد مبارك الآتي باسم الرب، فهو هتاف الصلاة والترحيب بمقْدِم ملك
الخلاص والسلام. وهو مأخوذ من مزمور 118: 19
28:

+
» افتحوا لي
أبواب البر أدخل فيها وأحمد الرب،

هذا
الباب للرب الصديقون يدخلون فيه، …

الحجر
الذي رفضه البنَّاؤون قد صار رأس الزاوية …،

هذا
هو اليوم الذي صنعه الرب نبتهج ونفرح فيه،

آه
يا رب خلِّص
، (أُوصنَّا)، آه يا رب أنقذ (أُوصنَّا)،

مبارك
الآتي باسم الرب،

أوثقوا
الذبيحة بُربط إلى قرون المذبح،

إلهي
أنت فأحمدك.
«(مز 118: 1928)

وهذا
من مزامير التهليل
Hallel psalms وهي مجموعة المزامير من مزمور 113 إلى مزمور 118 ويُسبَّح بها في
عيد الفصح. وقد سبَّح بها المسيح مع تلاميذه بعد عشاء الخميس. ومعروف أنها من المزامير المسيَّانية مع المزامير (2،22،69،89،110)
أمَّا المزمور (118) فهو أكثرهم إشارات
للمسيَّا.

أمَّا
هوشعنا أي خلِّصنا فهي كلمة مسيَّانية شديدة الوقع على نفس اليهود. الذين يترجون
بها مجيء المسيَّا. وما عيد المظال إلاَّ نوع من الأعياد التي فيها يترجون مجيء
المخلِّص كما من مصر ويقطعون فيه سعوف النخل ويسمُّونها شعانين أي للخلاص، أو التعبير
عن هوشعنا التي يهتفون بها([4])،
الأمر الذي أخذته الكنيسة باعتبار أن عيد أحد الخوص هو عيد الشعانين بمثابة عيد
المظال
عيد السكنى
إذ فيه
يتحقَّق مجيء المخلِّص إذ أتى وسكن فينا. وهكذا وبنفس الروح النبويَّة قطع
التلاميذ والشعب المحيط بالمسيح سعوف النخل وأغصان الزيتون ورحَّبوا بها دخول
المسيح أُورشليم وكأنه قد تحقَّق مجيء المخلِّص. لذلك كان الفرح كما وصفه النبي
زكريا:
» ابتهجي جداً يا ابنة
صهيون
«لأن فيه
يتحقَّق لها رجاء مجيء المخلِّص. وكأنه قد حضر صاحب عيد المظال (الشعانين) وكمل
الزمان. وكانوا في عيد المظال يطوفون حول المذبح ومعهم سعوف النخل ويصيحون هوشعنا،
وسط صوت الأبواق والطبول يرتِّلون هوشعنا. وفي نهاية العيد يدورون حول المذبح سبع
مرَّات بهتاف هوشعنا وكانت تسمَّى يهوشعنا الكبيرة
ويجيء ق.
يوحنا في رؤياه بمنظر عجيب يمثِّل التحقيق النهائي لعيد المظال أو عيد الشعانين
هكذا:

+
» ونظرت وإذا
جمعٌ كثيرٌ لم يستطع أحد أن يَعُدَّه، من كل الأُمم والقبائل والشعوب والألسنة،
واقفون أمام العرش وأمام الخروف، مُتسربلين بثيابٍ بيضٍ وفي أيديهم سعف النخل وهُم
يصرخون بصوتٍ عظيم قائلين: الخلاص (هوشعنا) لإلهنا الجالس على العرش وللخروف
«(رؤ 7: 9و10)

وقد
أخذتها الكنيسة وتلحِّنها بلحن افلوجيمينوس
eÙloghmšnoj:

“مبارك
الآتي باسم الرب، وأيضاً باسم الرب.

أُوصنَّا
لابن داود، وأيضاً لابن داود.

أُوصنَّا
في الأعالي، وأيضاً في الأعالي.

أُوصنَّا
ملك إسرائيل وأيضاً ملك إسرائيل.

فلنرتِّل
قائلين: الليلويا الليلويا الليلويا

المجد
هو لإلهنا وأيضاً المجد هو لإلهنا.”([5])

10:21و11
«وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً:
مَنْ هذَا؟ فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: هذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ
الْجَلِيلِ».

منظر
الموكب والشعب والهتاف وألوف سعف النخل، منظر مثير لم يعتاده شعب إسرائيل وقد
انزعج رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب جداً. أولاً لأنهم لم يعتادوا رؤية المسيح
راكباً. ثانياً: لأن الغيرة أكلت قلوبهم فهم محرومون من هذا الفرح والهتاف،
ولكن هم الذين حرموا أنفسهم. وفي نفس الوقت كيف يصير هذا كله وأين القيادة
والريادة والرئاسة والنظام والقانون والناموس:
» بأي سلطان تفعل هذا؟ « » فقال الفريسيُّون بعضهم
لبعض: انظروا إنكم لا تنفعون شيئاً هوذا العالم قد ذهب وراءه.
«(يو 19:12)

«ارتجَّت»: ™se…sqh

الكلمة
اليونانية من الزلزال أي تزلزلت. لأن الهتاف كان لجموع غفيرة من الحجاج انضموا إلى
رَكْب المسيح وساروا أمامه بالهتاف الشديد من عظم الفرح. ولمَّا كان السؤال مَنْ
هذا؟ كان الرد عليه جاهزاً فالمسيح كان في العيد يعلِّم والكل تعرَّف عليه، الأمر
الذي صار كالصاعقة على رؤساء الكهنة. وكلمة النبي الذي من ناصرة الجليل، كلمة
لائقة جداً بالمسيح من قوم أُقفلت عيونهم وصُمَّت آذانهم عن استيعاب مسيانيته.

وهكذا
استُقبل المسيح يوم أحد الخوص كابن داود المخلِّص كآخر يوم له على الأرض والذي
بعده دخل إلى آلامه.

 

تطهير الهيكل

[12:21-17]                  (مر 15:11-19)، (لو 45:19-48)، (يو 2 :
13-22)

 

12:21و13
«وَدَخَلَ يَسُوعُ إِلَى هَيْكَلِ اللهِ وَأَخْرَجَ جَمِيعَ الَّذِينَ كَانُوا
يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ
وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ وَقَالَ لَهُمْ: مَكْتُوبٌ: بَيْتِي بَيْتَ
الصَّلاَةِ يُدْعَى. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!».

المكان
الذي دخله المسيح هو رواق الأُمم حيث غُصَّ بالباعة والصيارفة وحيوانات الذبح،
وكأنه سوقٌ بالمعنى الصحيح، ملآنٌ بالصراخ والصياح، ورائحة روث البهائم جعلته أقل
من السوق. والمصيبة أن البائعين لهذه الحيوانات والحمام لا يدخلون الهيكل إلاَّ
بعد أن يدفعوا أتاوة لرؤساء الكهنة حتى تصبح الذبيحة مقبولة. وكأن الشعب يشتريها
على ذمة رؤساء الكهنة. فكانت النقود كلها تصب في جيب حنَّان رئيس الكهنة الذي دفع
أتاوة على ذبيحة المسيح ثلاثين من الفضة. فحينما خاطب المسيح هؤلاء الباعة بأنهم
لصوص “فالكلام لك ولكن إيَّاك أعني يا جَارَة”. أمَّا الصيارفة فكذلك دفعوا
المعلوم لرؤساء الكهنة قبل أن يفرشوا موائدهم التي يحوِّلون فيها النقد الأجنبي
إلى نقود الهيكل، لأن النقد الأجنبي نجس مرفوض. سواء ليشتروا به ذبيحة أو ليضعوه
حسنة في الخزانة. كذلك مفروض على كل إنسان أن يدفع ضريبة الهيكل نصف شاقل [(خر
13:30)، (مت 24:17
27)]. كذلك فإن أي
ممارسات داخل الهيكل للتطهير عليها رسوم تُدفع بالعملة الهيكلية. وكانت السرقة
توزَّع بالعدل على رؤساء الكهنة، والسرقة ليست قليلة ولكن ألوف الألوف من الفضة.
فتصوَّر حسب تحقيق المؤرِّخ اليهودي أدرزهايم أن زوج الحمام كان ثمنه خارج الهيكل نِكْلَة
nickel ولكن تشتريه “طريف” أي قابلاً للذبح بعد أن يكون قد
وافق عليه رئيس

الكهنة
دون موافقة طبعاً
بمبلغ أربعة دولارات؟ نعم استغلال الحجاج([6]). مغارة لصوص!
واستغلال

الدين.

ولكن
على القارئ أن يلاحظ الصلة بين قول الآية:
» بيتي بيت الصلاة يُدعى لجميع الأُمم «(مر 17:11) وبين رواق “الأمم” الذي صار مغارة لصوص.

كان
طرد هذا الجمع كله يحتاج إلى سلطان ليس أقل من عشرة ضباط بوليس وخمسين عسكرياً،
ولكن الرب أظهر بالفعل أنه صاحب الهيكل:
» بيتي بيت الصلاة يُدعى وأنتم جعلتموه مغارة لصوص «ولم يوضِّحها إلاَّ ق.
مرقس:
» وكان يعلِّم
قائلاً لهم: أليس مكتوباً بيتي بيت صلاة يُدعى لجميع الأُمم وأنتم جعلتموه مغارة
لصوص
«مأخوذة من
سفر إرميا النبي (11:7):
» هل صار هذا البيت الذي دُعي باسمي عليه مغارة لصوص في أعينكم «

وسلطان المسيح حينما يريد المسيح أن يعلنه يصبح قاهراً
ومرهباً حتى على رؤساء الكهنة. الذين لمَّا رأوا موكب المسيح وهو داخل المدينة
ارتعبوا ووقفوا صامتين. الأمر الذي استغلَّه المسيح بعد ذلك وألقى عليهم مثله
المشهور بخصوص الكرَّامين الأردياء. ومن فزعهم سألوه بأي سلطان تفعل هذا؟ لأنه
يفوق سلطانهم مئات
المرَّات. ولكن لأنه ملك السلام ورئيسه
لم يهابوه وحينما اطمأنوا أنه وديع ومتواضع القلب صلبوه!!

14:2117 «وَتَقَدَّمَ
إِلَيْهِ عُمْيٌ وَعُرْجٌ فِي الْهَيْكَلِ فَشَفَاهُمْ. فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ
الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ
الْعَجَائِبَ الَّتِي صَنَعَ، وَالأَوْلاَدَ
يَصْرَخُونَ فِي الْهَيْكَلِ وَيَقُولُونَ: أُوصَنَّا لاِبْنِ دَاوُدَ، غَضِبُوا
وَقَالُوا لَهُ: أَتَسْمَعُ مَا يَقُولُ هؤُلاَءِ؟ فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:
نَعَمْ! أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ: مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ
هَيَّأْتَ تَسْبِيحاً؟ ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَخَرَجَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ إِلَى
بَيْتِ عَنْيَا وَبَاتَ هُنَاكَ
».

حينما تقدَّم إليه العمي والعرج فرح بهم المسيح في مقابل
الغضب الذي ألمَّ به من حال الهيكل وأحوال رؤساء الكهنة، فلمَّا جاء إليه العمي
والعرج تحنَّن عليهم في الحال، وكطبيب يكرم مهنته مدَّ يده وأبرأهم وأسعدهم، وكان
رؤساء الكهنة يراقبونه وهو يصنع هذه المعجزات، ولكن لم تكن قلوبهم مستقيمة، فجاءوا
يسألونه عن الأولاد الذين يسبِّحون تسبحة الفصح أوصنَّا لابن داود. واستكثروا أن
يكون سامعاً وساكتاً: أتسمع هؤلاء؟ نعم أسمع. وكأنهم لم يسبِّحوا هم أبداً للفصح.
فالمزمور (2:8) لهم
والتسبحة في ميعادها والله نفسه يسمعها
ويُسر، ولكنهم قد صُدَّت نفوسهم عن رؤية المسيَّا أمامهم إذ
علموا تماماً أن الأولاد يسبِّحون للمسيح باعتباره المسيَّا
الآتي الذي أتى! ولكن ما العمل والعيون لا تبصر والقلب غَلُظ من أن يصدِّق الحق أو
يطيعه!! صاحب الهيكل وبانيه والساكن فيه أتى إلى هيكله، ولكن الكرَّامين الأردياء
ادَّعوا حق الملكية وجاءوا يسائلون صاحب البيت، بأي سلطان تطهِّره، وبأي سلطان
تشفي وتصنع المعجزات، وبأي
سلطان تدع هؤلاء الأولاد يسبِّحون لك؟ يا للفُجر!! وردَّ المسيح وكأنه يؤاخذهم في
مهنتهم: أَمَا قرأتم قط عنِّي؟ وكما صنع بالأمس لما ذهب وبات في بيت عنيا، هكذا
اليوم ذهب وبات في بيت عنيا.

 

لعن شجرة التين

[18:2122]                   (مر
12:1114و2024)

 

نجد
هنا تفاوتاً طفيفاً بين رواية ق. متى ورواية ق. مرقس، إذ يجعلها ق. مرقس على يومين
متتاليين: يوم أمَّها لمَّا رآها فلم يجد فيها التين والمرَّة الثانية رآها
التلاميذ قد جفَّت. أمَّا ق. متى فجعلها في يوم واحد. ولكن المضمون وربما الزمن
واحد لأن في رواية ق. مرقس يعطي الأزمنة في ساعات النهار ولا يعطي اليوم.

18:2122 «وَفِي
الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعاً إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ، فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ
عَلَى الطَّرِيقِ، وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئاً إِلاَّ وَرَقاً
فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ.
فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ. فَلَمَّا رَأَى التَّلاَمِيذُ ذلِكَ
تَعَجَّبُوا قَائِلِينَ: كَيْفَ يَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ؟ فَأَجَابَ
يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: الْحَقَّ أَقَولُ لَكُمْ: إِنْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ
وَلاَ تَشُكُّونَ، فَلاَ تَفْعَلُونَ أَمْرَ التِّينَةِ فَقَطْ، بَلْ إِنْ
قُلْتُمْ أَيْضاً لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ
فَيَكُونُ. وَكُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ فِي الصَّلاَةِ مُؤْمِنِينَ تَنَالُونَهُ.
وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْهَيْكَلِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ
وَشُيُوخُ الشَّعْبِ وَهُوَ يُعَلِّمُ، قَائِلِينَ: بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ
هذَا، وَمَنْ أَعْطَاكَ هذَا السُّلْطَانِ؟».

قصة
في ظاهرها يبدو المسيح بشراً عادياً يجوع في ميعاد الأكل. ولكن في باطنها كالعادة
مستور سر حياته وخدمته ورسالته كلها. فبعد هذه المدة كلها في الكرازة والخدمة
اشتهى أن يأكل من ثمر التينة التي هي دائماً رمز لإسرائيل، فما وجد ثمراً يؤكل بل
ورقاً أخضر كناية عن مظاهر وأعمال بلا فائدة. فقال لها لا يأكل من ثمرك أحد إلى
الأبد، فكان. ثم عاد حينما جلس معهم فكشف عن سر التينة أن في آخر الأيام تزهر
وتثمر من جديد كأنه جاء أوان إثمارها بعد اللعن:
»فمن شجرة التين تعلموا المَثَل، متى صار غصنها
رخصاً وأخرجت أوراقها تعلمون أن الصيف (وقت الحصاد) قريب. هكذا أنتم أيضاً متى
رأيتم هذا كله فاعلموا أنه قريب على الأبواب.
«(مت
24: 32و33)

وسواء
في ذهابه إليها جائعاً أو ازدهارها وإثمارها من جديد جعل سر نفسه مطويًّا داخلها.
والآن إن أزهرت إسرائيل وأخرجت أثمارها فقد صار على الأبواب. ونعلم أن شجرة التين
كانت أول شجرة تُذكر في التوراة في القديم (تك 7:3) حيث استتر الإنسان من عريه
بورقها كناية أيضاً عن إسرائيل، إذ كانت أول دولة في العالم يتعامل معها الله
ويستتر في ظلها إنسان الخطية. ويبدو أن الإنسان في صورته الأُممية المسيحية سيعود
في نهاية الأيام يأكل من ثمرها وينعم بمجدها في آخر الأيام:
» هكذا قال رب الجنود: في تلك الأيام يمسك عشرة رجال
من جميع ألسنة الأُمم يتمسَّكون بذيل رجل يهودي قائلين: نذهب معكم لأننا سمعنا أن
الله معكم.
«(زك 23:8)

والمسيح
سبق ولمَّح على شجرة التين أنها إسرائيل في مثله في إنجيل ق. لوقا:
» كانت لواحد شجرة تين
مغروسة في كرمه فأتى يطلب فيها ثمراً ولم يجد. فقال للكرَّام هوذا ثلاث سنين آتي
أطلب ثمراً في هذه التينة ولم أجد. اقطعها، لماذا تُبطل الأرض أيضاً
«(لو 13: 6و7). وهذا تمَّ بالحرف الواحد، فالمسيح بحسب إنجيل القديس
يوحنا خدم الكرم ثلاث سنين ونيف وبعدها جفَّت الشجرة! وإشعياء النبي يصف نهايتها
وصفاً حزيناً للغاية في أصحاح (5) بأكمله!

ومعروف
أن لعن المسيح للتينة بقوله:
» لا يأكل إنسان ثمراً منكِ إلى الأبد «
تحقَّق للتو، إذ بعدما انتهوا
في ذلك اليوم الاثنين من ترتيب
ذبح المسيح، وتمَّت الذبيحة يوم الجمعة، بطل أن يكون لإسرائيل ذبيحة قط! لأن قابل
الذبائح ذبحوه!!

أمَّا
الإيمان بنقل الجبال فقد استوفيناه في آيات سابقة (انظر شرح
الآية 14:17
18) تحت عنوان: “استجابة الصلاة” صفحة 511514.

 

بأي سلطان تفعل هذا؟

[23:21-27]                  (مر 27:11-33)، (لو 20: 1 – 8)

 

23:2127 «وَلَمَّا
جَاءَ إِلَى الْهَيْكَلِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ
الشَّعْبِ وَهُوَ يُعَلِّمُ، قَائِلِينَ: بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هذَا، وَمَنْ
أَعْطَاكَ هذَا السُّلْطَانِ؟ فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: وَأَنَا أَيْضاً
أَسْأَلُكُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ قُلْتُمْ لِي عَنْهَا أَقُولُ لَكُمْ
أَنَا أَيْضاً بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا: مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا، مِنْ
أَيْنَ كَانَتْ؟ مِنَ السَّمَاءِ أَمْ مِنَ النَّاسِ؟ فَفَكَّرُوا فِي
أَنْفُسِهِمْ قَائِلِينَ: إِنْ قُلْنَا مِنَ السَّمَاءِ، يَقُولُ لُنَا:
فَلِمَاذَا لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ؟ وَإِنْ قُلْنَا: مِنَ النَّاسِ، نَخَافُ مِنَ
الشَّعْبِ، لأَنَّ يُوحَنَّا عِنْدَ الْجَمِيعِ مِثْلُ نَبِيٍّ. فَأَجَابُوا
يَسُوعَ وَقَالُوا: لاَ نَعْلَمُ. فَقَالَ لَهُمْ هُوَ أَيْضاً: وَلاَ أَنَا
أَقُولُ لَكُمْ بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا».

يقول هنا ق. لوقا إن المسيح كان جالساً »
يعلِّم الشعب «(لو 1:20)، ومعروف أنه كان يعلِّم عادة في رواق
سليمان (يو 23:10). هنا ذهب إليه رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ، وهم بهيئاتهم هذه
نفس الذين أتوا إليه والأولاد يصرخون: “أُوصنَّا”، وطلبوا منه أن يسكتهم فلم يسمع
لهم وحوَّلهم إلى النبوَّة التي قيلت لهذا اليوم بالذات:
» من أفواه الأطفال والرضع أسست حمداً «(مز 2:8). ولكن يبدو أنهم هنا جاءوا
رسمياً موفدين من قِبَل السنهدرين مصدر السلطان يسألونه: من أين لك هذا السلطان؟
والموقف حرج للغاية، فالشعب مجتمع مع مئات الحجاج من كل أنحاء العالم، ومهتم أيضاً
يريد أن يعرف من أين له هذا السلطان ومَنْ أعطاه له، خصوصاً وأن رؤساء الكهنة هم
أصحاب السلطان. فمن أين جاء بالسلطان خاصة لتطهير الهيكل بهذه الصورة الملكية،
فإذا لم يجاوب ويفحمهم يفقد ثقتهم! خاصة وهو يتكلَّم بسلطان الله، كيف؟ وقد احتاط
به اليهود مرَّة يسألونه:
» فأجاب
اليهود وقالوا له: أيَّة آية ترينا حتى تفعل هذا؟
«(يو 18:2). والآن الأسئلة كثرت بأي حق
قَبِلَ أن يقول له تلاميذه:
» أُوصنَّا
يا ابن داود أُوصنَّا في الأعالي مبارك الآتي باسم الرب؟
«بجوار تطهيره للهيكل وطرده للصيارف الرسميين وبائعي الذبائح الرسمية؟ ثم
تعليمه رسمياً داخل الهيكل؟ ثم إجراء الأشفية داخل الهيكل؟

ولينتبه
القارئ، فهؤلاء القادمون هم ممثلو أعلى سلطة قانونية في إسرائيل، والهيكل مركزهم
الرسمي، لذلك حضروا وقاطعوه وهو يعلِّم ليستجوبوه بسلطانهم الذي لم يسألهم عنه أحد
قط إلاَّ يسوع!! وألقوا عليه بالتحديد سؤالين:
أولاً: بأي سلطان تفعل هذا؟، ثانياً: مَنْ أعطاك هذا

السلطان؟

أولاً:
أمَّا
السؤال الأول بأي سلطان، فهل هو سلطان سياسي أو هو سلطان ديني؟

ثانياً: أمَّا
السؤال الثاني: فهو الذي أوقفهم وأربكهم وأنهى على مساءلتهم كلها. مَنْ أعطاك هذا
السلطان؟ ومن هذا السؤال بدأ المسيح يرد ولكن بسؤال إزاء سؤال كالعادة.

أمَّا
انتظارهم فكان أنه سيعجز عن الرد لأنهم هم الذين يعطون السلطان حتى لمجرد تواجده
داخل الهيكل، فكانوا واثقين أن من هذا السؤال الثاني بالذات سيقومون بالقبض عليه.
وعلينا الآن أن نلاحظ خطوات إجابة المسيح.

أولاً:
نرى أنه أظهر استعداده للإجابة على استجوابهم، ولكن بشرط أن يجيبوه هم عن سؤاله
بكلمة واحدة، فهو لم يستعفِ من أن يرد على سؤالهم، ولكن لعلمه أنهم لن يقتنعوا ولن
يفهموا ولن يؤمنوا أيضاً بجوابه، لذلك أجَّله حتى يكشف عدم استعدادهم هم وعدم
كفاءتهم هم ليسمعوا أو يفهموا أو يؤمنوا بأي سلطان يفعل ومَنْ أعطاه هذا السلطان.

ثم
عاد بهم إلى يوحنا المعمدان، لماذا؟ لأن الذي أرسل المعمدان أرسله، والمعمدان جاء
ليعدَّ له الطريق، فأصبح الذي يؤمن بالمعمدان ورسالته
إعداد
الطريق للآتي بعده
قادراً بالضرورة
الحتمية أن يؤمن بالذي جاء المعمدان من أجله.

وهنا
طرح المسيح سؤاله عليهم ولكن من مصدر الاستجواب كديَّان الأرض كلها: معمودية يوحنا
من السماء كانت أم من الناس؟ وهنا الشعب واقف على أطراف أصابع رجليه يريد أن يعرف:
لا مَنْ هو المسيح، بل مَنْ هؤلاء رؤساء الكهنة، يريد أن يعرف. وهو الشعب الذي
يؤمن بالمعمدان ومعموديته ومعظمهم اعتمدوا منه. نعم يريد أن يعرف الشعب ماذا سيقول
هؤلاء الرؤساء والشيوخ؟ وهكذا أصبح رد رؤساء الكهنة هو المطلوب وليس رد المسيح
بعد! ووقف الشعب ينظرون إلى رؤساء الكهنة
الذين كان
يُرثى لحالهم لأن سؤال المسيح فضحهم أمام الشعب أنهم ليسوا من السماء وسلطانهم ليس
من الله، لأنهم استعفوا بفضيحة أمام الشعب من أن يردُّوا على سؤال المسيح. وحالهم
كان كحال الخدام الذين أرسلوهم سابقاً فجاءوا بجواب واحد:
» لم يتكلَّم قط إنسان هكذا مثل هذا الإنسان!! «(يو 46:7)

ولكن
لم يدعهم المسيح يفلتون من يديه بل بادرهم في الحال بمَثَل جعل العشَّارين
والزواني أفضل منهم، وقفَّاه بمثل آخر وضعهم موضع القتلة، فأرادوا أن يقبضوا عليه
من شدة حقدهم ولكنهم خافوا الشعب.

 

المَثَل الأول:

العشَّارون يسبقونكم إلى ملكوت الله

[28:2132]                   ذكره
القديس متى وحده

 

28:2132 » مَاذَا تَظُنُّونَ؟
كَانَ لإِنْسَانٍ ابْنَانِ، فَجَاءَ إِلَى الأَوَّلِ وَقَالَ: يَا ابْنِي، اذْهَبِ
الْيَوْمَ اعْمَلْ فِي كَرْمِي. فَأَجَابَ وَقَالَ: مَا أُرِيدُ. وَلكِنَّهُ
نَدِمَ أَخِيراً وَمَضَى. وَجَاءَ إِلَى الثَّانِي وَقَالَ كَذلِكَ. فَأَجَابَ
وَقَالَ: هَا أَنَا يَا سَيِّدُ. وَلَمْ يَمْضِ. فَأَيُّ الاِثْنَيْنِ عَمِلَ
إِرَادَةَ الأَبِ؟ قَالُوا لَهُ: الأَوَّلُ. قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: الْحَقَّ
أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الْعَشَّارِينَ وَالزَّوَانِيَ يَسْبِقُونَكُمْ إِلَى
مَلَكُوتِ اللهِ، لأَنَّ يُوحَنَّا جَاءَكُمْ فِي طَرِيقِ الْحَقِّ فَلَمْ
تُؤْمِنُوا بِهِ، وَأَمَّا الْعَشَّارُونَ وَالزَّوَانِي فَآمَنُوا بِهِ،
وَأَنْتُمْ إِذْ رَأَيْتُمْ لَمْ تَنْدَمُوا أَخِيراً لِتُؤْمِنُوا بِهِ
«

لم
يتركهم المسيح ليذهبوا بسلام بعدما رفضوا أن يعلنوا أن معمودية يوحنا كانت من
السماء لأنهم لم يؤمنوا به ولم يعتمدوا. فأعطاهم مثلاً كان هو الفخ الذي سقطوا فيه
وحكموا على أنفسهم أمام الشعب. والفخ يدور على معمودية يوحنا ولكن أخفى الفخ إلى
النهاية.

ولكن
وقبل أن نخوض في المَثَلين يلزم جداً للقارئ أن نكشف له أوراق المسيح ليكون على
دراية بأدق الظروف ومعاني الأسئلة والأجوبة. فالمسيح هنا وعلى غير عادته لم يكن
على مستوى ما فات من مهادنة ليواجه خراب ذمتهم كلصوص في إدارة الهيكل، وعملية
تطهير الهيكل بمثابة جرد عام وتفتيش على عهدة وأخلاق وسلوك. وأسئلته لهم كانت على
مستوى أسئلة ملك ديَّان يكشف الكذب والرياء، ويدين الخطايا وعدم الإيمان وعدم
الاستحقاق. وفي المَثَل الأول هنا يفضح مستواهم بالنسبة
للعشَّارين والزواني الذين سيسبقونهم إلى الملكوت، أمَّا هُم فسيموتون في خطاياهم.
وأمَّا
المَثَل الثاني فكان أخطر ما
خطَّط المسيح ونسَّق كقاضٍ طويل الأناة وهو يداعب المجرم ويتلاطف معه حتى يبوح
بجريمته، ثم يسأله سؤالاً أخيراً يجعله يحكم على نفسه بالشنق وبدون رحمة!! وإليك

المَثَل الأول.

الأب
أعطى الابن الأول فرصة للطاعة والخدمة في الكرم. وكالعادة بالنسبة لحرية الأولاد
التي حرص عليها الله أيضاً رفض وقال لن أذهب، ثم عاد إلى نفسه ورأى أنها خسارة
لنفسه فندم، أي حزن على نفسه وحاله، واستعاد نفسه وذهب إلى الكرم. وذهب الأب
للثاني وسأله نفس السؤال. وفي الحال أجاب وكأنها عادة: نعم حاضر، ولكن طبيعته لم
تكن على مستوى الطاعة والتكيف والعمل الجاد ولكن طاعة فم فقط
تحت أمرك ولم يذهب.

تصوير
شيِّق جدًّا أنسى رؤساء الكهنة والكتبة أنهم واقفون أمام قاضي المسكونة وديَّان كل
الأرض، وتلذَّذوا بالقصص ونسوا أنفسهم. وفجأة واجههم القاضي بسؤال بسيط لا يحتاج
لأي تفكير أو تحيُّز أو حتى احتياط: فأي الاثنين عمل إرادة الأب؟ لم ينتبهوا أنهم
سيضعون الطوق بيديهم حول رقابهم. فقالوا له الأول. وهنا يصدر الحكم بناءً على
موافقة المتهم دون ضغط أو مساومة!!
»
الحق أقول لكم: إن العشَّارين والزواني يسبقونكم إلى ملكوت
الله!!
«حكم قاطع مانع.

حيثيات الحكم:

» لأن يوحنا
جاءكم في طريق الحق فلم تؤمنوا به، وأمَّا العشارون والزواني فآمنوا به، وأنتم إذ
رأيتم لم تندموا أخيراً لتؤمنوا به
« وهكذا ما أحجم عن
التصريح به هؤلاء الجماعة من رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ في سؤال المسيح السالف:
هل معمودية يوحنا كانت من السماء أم من الأرض
إذ خافوا
من أن يقولوا إنه من الناس
هنا وقعوا في المحظور
لمَّا أجابوا بأن “الأول” هو الابن الذي عمل إرادة الله لأنه اعتمد وتاب وهم
العشارون والزواني. وأمَّا هم فلم يندموا ويتوبوا، وهكذا سبقهم العشارون والزواني
في طاعة الآب ودخول ملكوته!!

 

المَثَل الثاني:

محاكمة الكرَّامين الأردياء

[33:2146]                   (مر
12: 1-12)، (لو 20: 9 -19)

 

33:2139 «اِسْمَعُوا
مَثَلاً آخَرَ: كَانَ إِنْسَانٌ رَبُّ بَيْتٍ غَرَسَ كَرْماً، وَأَحَاطَهُ
بِسِيَاجٍ، وَحَفَرَ فِيهِ مَعْصَرَةً، وَبَنَى بُرْجاً، وَسَلَّمَهُ إِلَى
كَرَّامِينَ وَسَافَرَ. وَلَمَّا قَرُبَ وَقْتُ الأَثْمَارِ أَرْسَلَ عَبِيدَهُ
إَلَى الْكَرَّامِينَ لِيَأْخُذَ أَثْمَارَهُ. فَأَخَذَ الْكَرَّامُونَ عَبِيدَهُ
وَجَلَدُوا بَعْضاً وَقَتَلُوا بَعْضاً وَرَجَمُوا بَعْضاً. ثُمَّ أَرْسَلَ
أَيْضاً عَبِيداً آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنَ الأَوَّلِينَ، فَفَعَلُوا بِهِمْ كَذلِكَ.
فَأَخِيراً أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ قَائِلاً: يَهَابُونَ ابْنِي! وَأَمَّا
الْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا الاِبْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هذَا هُوَ
الْوَارِثُ. هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ! فَأَخَذُوه
وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ
([7])».

إلى
هنا والقصة مشوِّقة وتثير الأحاسيس والغضب ضد هؤلاء الكرَّامين، إذ أخذ المسيح
يكشف أعمالهم الفظَّة غير المعقولة بدرجة تُهيِّج أهدأ الأعصاب. وبعد أن مهَّد
هكذا للنطق بالحكم ترك لهم أن يحكموا هم:

40:21
«فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ، مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ
الْكَرَّامِينَ؟».

هكذا
سهَّل عليهم الحكم حتى اندفعوا بنفس واحدة يحكمون حكماً واحداً، وكان هو الطامة
العظمى التي وقعوا فيها إذ حكموا على أنفسهم وهم لا يدرون إذ بسرعة أجابوا:

41:21
«قَالُوا لَهُ: أُولئكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكاً رَدِيًّا،

(وليتهم
توقفوا عن إصدار الحكم الثاني ولكنهم اندفعوا متأثرين بغيرتهم:)

 وَيُسَلِّمُ
الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا
».

وحينئذ
كشف لهم المسيح أن بحسب نص حكمهم الأول يكونون قد حكموا على أنفسهم بالصلب بدون
رحمة، هذا هو الهلاك الرديء، وبحسب النص الثاني نطق هو مرَّة ثانية بالحكم الذي
نطقوا به:
» إن ملكوت
الله يُنزع منكم ويُعطى لأُمة تعمل أثماره
«

42:2144 «قَالَ
لَهُمْ يَسُوعُ: أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي
رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ
الرَّبِّ كَانَ هذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ:
إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ
أَثْمَارَهُ. وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ، وَمَنْ سَقَطَ هُوَ
عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».

وكان
هذا أقوى حكم نطق به المسيح على رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيِّين ورؤساء الشعب
وهو من واقع تفكيرهم وفهمهم. بل ومن أجل هذا الحكم جاء إلى العيد ورتَّب موكبه
الظافر، ودخل الهيكل بانتظار مجيئهم إليه، فجاءوا وسمعوا نطق الله الذي جلبوه على
أنفسهم دون قضاء من جهة “الملك الوديع الراكب على جحش أتان”.

وصدق
المسيح الذي قال:
»
أمَّا
أنا فلست أدين أحداً

«
(يو 15:8)، وهذا هو أسلوب
الديَّان في العهد الجديد، فحينما يقف الإنسان، أي إنسان، أمام المسيح، يحكم على
نفسه!

أنتم
هنا لتمسكوني وتقبضوا عليَّ، أنتم جئتم لقتلي، أنتم البنَّاؤون الذين رفضتم برفضي
حجر الزاوية الذي أردتم أن ترفعوه من طريقكم الشرير، إذ اعتبرتموني حجر عثرة لكم
وكأنكم لم تقرأوا قط كلام النبوَّة:
» الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية، من قِبَلِ
الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا
« » ومَنْ سقط على هذا الحجر يترضَّض ومَنْ سقط هو
عليه يسحقه
«

واضح
أن العبيد الأولين والآخرين هم الأنبياء الذين رجموهم وقتلوهم ونشروهم. وعلى حد
قول القديس استفانوس:
»
أي
الأنبياء لم يضطهده آباؤكم، وقد قتلوا الذين سبقوا فأنبأوا بمجيء البار
«(أع 52:7). أمَّا الابن الوحيد فهي إشارة ذكية للإعلان عن لاهوته
الأقدس وبنوَّته للآب. أمَّا قوله أخذوه خارج الكرم وقتلوه فكانت قراءة علنية لما
خطَّطوه في ضمائرهم ودفاترهم السريَّة في الظلام.

كل
هذا لم يفت عليهم إذ أدركوه بسرعة.

45:21و46
«وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ،
عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ. وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ
يُمْسِكُوهُ، خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ، لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.».

كان
عدد الجموع يربو على أكثر من مليون من الحجاج الغرباء ما عدا أهل البلاد الذين
ملأوا الهيكل وأحاطوا به. وهكذا استطاع المسيح أن يحكم عليهم بما يستحقونه بحسب
تقديرهم وحكمهم هم. وبآن واحد استطاع بحسن تدبيره الإلهي أن يوقفهم عند حدّهم فلا
يمدُّوا عليه الأيادي لأنه احتمى بالعيد
وبالملايين ضد حماقتهم. لأن الميعاد لم يحن بعد. إذ في الوقت الذي عيَّنه هو سلَّم
نفسه
لهم. أمَّا وقبل أن يحين ميعاد
التسليم فكان كملك يتحدَّى أعداءه وبسلطان كان يسكتهم ويشلّ
تفكيرهم.

وهكذا
وقف الشعب يسمع هذا الحوار المذهل، والمسيح واقف موقف الشموخ كديَّان يستنطق الحكم
من أفواه رؤساء الكهنة ضد أنفسهم، وهو واقف هادئ بينما هم قد فقدوا أعصابهم وظهروا
أمامه مخذولين
ولكن من عظمة المسيح أنه لم يستعدِ الشعب عليهم
ولا سمح لتلاميذه أن يدافعوا عنه لئلاَّ يفسدوا عليه إكليل الصليب!

وهكذا
وبأمثال قليلة كشف المسيح عن أنه:
» رب الكل «و»
الملك
الآتي
«إلى مدينته
والمفتقد لهيكله، وصاحب الكرم وديَّان الأرض، وحجر الزاوية الذي رُفض من البنائين
الحمقى ليضع أساساً مؤسَّساً لهيكله الجديد. والقديس متى يُنهي الأصحاح بشهادة أنه
كان عند الشعب كنبي.

المنظر
كله أمامنا الآن أنه بعد أن كانوا يأتون إليه من أُورشليم ليحاصروه في الجليل وفي
كل مكان، جاء هو أخيراً إليهم ليحاصرهم في عقر دارهم: يطهِّر هيكله ليعطيه هيبته
قبل أن يأمر بهدمه، وليحاكمهم قبل أن يحاكموه ويقضِي عليهم قبل أن يقضوا عليه.
صلبهم برضاهم داخل الهيكل
» بهلاك رديء «ولن تقوم لهم قائمة بعد، قبل أن يصلبوه رغماً عن أنفسهم خارج
أُورشليم ليقوم في اليوم الثالث ويسلِّم
ملكوته لكل مَنْ قَبِلوه. ويسلِّم مدينته وديعة في أيدي العالم إلى أن

يجيء.



([1]) راجع صفحة 566 هامش (4).

([2]) حسب السبعينية: (زك 3:12) حجراً مُداساً l…qon
katapatoÚmenon = trodden stone
=.

([3]) بخصوص “موكب المسيَّا” في التقليد
اليهودي السابق راجع كتاب الإفخارستيا والقداس للمؤلِّف صفحة 214
217.

([4])
Bengel, op. cit., p. 380.

حيث يضيف أيضاً بنجل: أن
“هوشعنا” كانت كلمة طقسية يقولها الكاهن وهو يقدِّم الذبائح.

([5]) كتاب خدمة الشماس صفحة 255.

([6])
W. Hendriksen, op. cit., p. 769.

([7]) من كلام المسيح هنا ينكشف لنا بتحقيق أن المسيح كان كاشفاً لضمائر الكتبة
والفريسيِّين ورؤساء الكهنة، أنهم كانوا قد أدركوا بالفعل أن المسيح هو الوريث
الحقيقي لملوكية وكهنوت وتعليم العهد الجديد بدلاً عنهم. لذلك حقدوا عليه وأضمروا
فعلاً قتله ظنًّا منهم أنه مجرَّد نبي أو رائي كبقية الأنبياء الذين قتلوهم!!

هل تبحث عن  الكتاب المقدس أخبار سارة عربية مشتركة عهد قديم سفر المزامير 61

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي